أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عثمان أبراهيم - في تآكل المنسأة ، أو عن كيف خسر التجمع الوطني السوداني المعارض ذاته و العالم 2















المزيد.....

في تآكل المنسأة ، أو عن كيف خسر التجمع الوطني السوداني المعارض ذاته و العالم 2


محمد عثمان أبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1762 - 2006 / 12 / 12 - 11:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


توقفنا المرة السابقة عند فشل قادة دارفور في الحصول علي مساندة التجمع وضياع قضيتهم من ثم بين أرجل المتبارين في لعبة (الدافوري) السياسي التي كانت بعض الأطراف داخل التجمع تمارسها حرصآ علي البقاء ضمن الخطوط الحمر و عدم أغضاب العدو (الأنقاذ) للنهاية حفاظآ علي متاجر هناك ومفاوضات طعن في الظهر لن تفضي الي شيء هنا وهناك- و تمسكآ بسياسة الأمساك بالعصا من المنتصف و التي تحولت بالتجمع من كيان خصم لحكومة الأنقاذ الي مسخ مشوه يتوسط بين الحكومة و الحركة الشعبية (!!!)0
و ليس من حاجة الي توسطه فقد كان هناك الجنرال لازاراس سمبيويو والمبعوث الأميركي جون دانفورث و مجلس الأمن نفسه، الذي ترك نيويورك ليعقد أجتماعاته في نيروبي 0
و بينما لايستح بعض قادة التجمع من تذكيرنا بدورهم في التوسط بين طرفي أتفاقية السلام الشامل ، ينسون أن اقدامهم حفيت أملا في دخول ملكوت نيفاشا فلم يجدوا ترحيبا حتي كلجان فنية و قضوا أسابيعآ وهم يستمتعون بالشمس الساطعة و(بدل المأمورية ) وتلك كانت ضربة معلم من الوسطاء وطرفي التفاوض فالملل وارد و رب شخص ملول يطلع علي الصحف بتصريح ضار فيؤثر سلبآ علي مسار التفاوض0

التجمع البائس ظل يقول لنا انه ساهم في انجاز السلام هنا او هناك دون أن يقول لنا كيف ولماذا، ويتحفنا كل حين بأنه يسهم في تحسي العلاقات بين السودان والدولة الفلانية وفي هذا ظل مثل طائفة الرائيليين التي ظلت حينآ تعقد مؤتمرات صحفية تبشرنا فيها بأنجازها لأول تجربةلأستنساخ كائن بشري دون ان نري هذا الكائن مرة0

ألمحنا إلي ان بداية دخولنا لما أسميناه بعصر الزلط كانت محبطة وكان بّينآ إن إجتماعآ مثل ذاك لن يخرج بأي نتائج محفزة للدفع بالنضال والمقاومة ، و ربما كان مفيدآ أن نضيف أن كل الأجتماعات التالية لم تخرج عن هذا الأطار ماعدا أجتماع طرابلس الذي تبني المبادرة المصرية الليبية المشتركة والتي أقعدت التجمع علي ماكان يشكو من علات و قعود و أجتماع كمبالا و الذي شكل منعطفآ مهمآ في مسار التجمع لجهة عدم طلب الدولة المضيفة لأي تنازلات من الأجتماع و عدم تلويحها في المقابل بأي مساعدات مالية وهذه كانت جزرة يسعي اليها التجمع كلما أحتقب قادته متاعهم يبحثون عن قاعة للأجتماع في بلد أجنبي ويحملون معهم بيانآ ختاميآ يحمل أسم (أعلان00000) تاركين المساحة خالية لوضع أسم المدينة الأجنبية اسمرا كانت أم القاهرة ام طرابلس أم كمبالا لكنها قطعا لن تكون همشكوريب أو رومبيك أو الكرمك رغم ان الحركة الشعبية بح صوتها وهي تدعو الناس لأجتماع واحد فقط يعقد في الأراضي المحررة0

هكذا كانت الأجتماعات تُجَرُ من خلال التكرار والتأجيل و تغيير المواعيد وعدم الأنضباط فيها لتكون اشبه بالحوار الذي كان يجري بين فلاديمير و أستراغون في ( في انتظار غودو )، و حوار مثل هذا لن يفض بالقطع الي نتائج رغم جهود لجنة الصياغة التي تعكف علي الدوام علي عقد أجتماعات موازية كما أشرنا سابقآ حتي صارت الفصائل تفكر في أدخال ممثلين لها في تلك اللجنة الهامة عوضا عن تضييع الوقت في أجتماعات القاعة الكبيرة لكن سنتعلم لاحقآ أن دخول هيئة القيادة أو المكتب التنفيذي كان أسهل من الولوج الي تلك اللجنة وكان هذا بالطبع أحسن للجميع0 لن يضرهنا أن نذكر مثالآ علي القطيعة بين لجنة الصياغة وهيئة القيادة في الرؤية و التفكير ،ففي جلسة ختامية خصصت لأجازة القرارات والتوصيات والبيان الختامي كان الكثيرون يطلبون تغيير بعض الكلمات او العبارات هنا وهناك ، لكن أحدهم طالب مرة بتغيير كلمة المتسلط التي وردت في سياق وصف نظام الخرطوم و أحلال كلمة كلمة المتجبرعوضا عنها و حين رأي الحيرة في عيون الجميع برر لمساهمته - غير المفيدة بالطبع – بعبارة ( لأنه فعلا نظام متجبر) !!

كان كثيرآ مايساورني الشك في أن القائمين علي التجمع يريدون أستخدامه كأداة غير فاعلة في النضال ضد النظام في الخرطوم اي باعتباره آلة لهز الشجرة لا قطعها و إلا فكيف نفسر عدم أتاحة الفرصة للمكتب التنفيذي للأجتماع بمعزل عن هيئة القيادة خاصة وانه الجهاز المنوط به تنفيذ قراراتها وسياساتها و إلا فأي جيش من الجان سينفذ تلك القرارات؟ لماذا حرمت حركة حق من دخول التجمع رغم وجود قادتها في مقدمة المواجهة حينذاك و رغم موافقة اللجنة المكلفة بفحص طلبها و التي رأسها الفريق / عبدالرحمن سعيد بينما دخلت التجمع قوي اخري دونما طلبات أو لجان فحص ؟ لماذا فشلت كل مشاريع أستقطاب الدعم التي كان يقترحها بلا كلل الأمين المالي الأول المهندس /هاشم محمدأحمد و الأقتراحات الثمينة والمبتكرة الأخري التي قدمت لجمع التبرعات من السودانيين؟ و غير ذلك لانحتاج الي اجابة عنها فالكل يعرف ذلك0

كان التجمع هيكلا فضفاضآ يحمل جينات الخلل في كل جسده المترهل لهذا انعدم التنسيق بين و سائل النضال التي اعتمدها وسارت جميعها في خطوط متوازية لا تلتقي0 فالذين كانوا يتولون العمل السياسي لم يكن بمقدورهم معرفة ما يدور في الساحة العسكرية و كانوا يتحصلون علي أخبار المعارك مثلهم مثل بقية خلق الله من وسائل الأعلام مما أقعد الجميع عن أستخدام الأنتصارات العسكرية و تحويلها الي مكاسب سياسية و حرم التجمع في تجليه السياسي من العمل حتي كمكتب علاقات عامة للكفاح المسلح الذي كان يتم بأسمه0 القوي التي كانت متواجدة بكثافة في الساحة السياسية كانت غائبة تمامآ عن الساحة العسكرية و العكس صحيح بشكل مطلق0
وجود بعض القادة السياسيين بشكل موسمي في وسائل الأعلام كان مرتبط تمامآ بدرجة حرارة الجبهة العسكرية فكلما ارتفعت تلك الحرارة صاروا مطلوبين في الفضائيات و علي صفحات الصحف خاصة و أن بعضهم كان متوافرآ للصحفيين و كيف لا وهم لايجتمعون سوي مرتين أو ثلاث في العام؟ الصحفيون يحبون بالطبع هذا النوع من المصادر التي يسهل الأتصال بها او ال (contacts) فهم ( أي الصحفيون) يعملون في ظروف مزدحمة ويحتاجون للعمل بسرعة و هؤلاء( اي الcontacts (موجودون و يملكون نصف الحقيقة لأنهم حصلوا علي المعلومات أيضآ مثلهم مثل الصحافة بأتصالهم بالجبهة العسكرية 0 نخلص من هذه المعلومة إلي فرضية واحدة أنه لو توافر للصحافة أتصال فعال بالجناح العسكري لذهبت تلك الوجوه الي النسيان0

الغريب إن البعض و هو يدين بوجوده في وسائل الأعلام لمناضلي الكفاح المسلح ،يخفي بزته العسكرية و يرمي برتبته العبثية لينكر وجودهم تمامآ أو يتنصل عن كل صلة بهم ، و بلا خجل، في بلاد لا تسمح بمثل هذا الكلام و تقطع بأسبابه أجريتها0

علي جانب جبهة الأنتفاضة ظل التجمع آخر من يعلم بالتظاهرات التي تنظم في السودان و بدلآ من قيادتها فأنه لا يستح من اصدار بيان يرحب بها ويحيي قادتها و أبطالها ثم ينساهم أذا ذهبوا الي السجن0مرة طالب أحد قادة التجمع بتضمين (الشماسة) في خطة للأنتفاض و أسقاط الحكومة ، أي بمعني آخر بوضعهم في مواجهة نيران الحكومة ليموتوا بينما نذهب كلنا للحكم، و علي كل فلن يحزن علي هؤلاء أحد لأنه في الأصل ليس لهؤلاء أهل0

وكان العمل الدبلوماسي غابة أخري تعددت فيها السيقان فمع التامين علي القدرات الهائلة التي كان يتمتع بها مسئول العلاقات الخارجية و هو واحد من قلة كانت تتحدث فيما تعرف و تقول ماخبرت و تفعل ما خططت له فأن التجمع لم يبلور أي خطة جماعية للعمل الدبلوماسي اللهم إلا من زيارات و أسفار كان يقوم بها قادته الي الخارج للأستشفاء أو الأستجمام أو التجارة أو اللجوء و حين يقضون اغراضهم الأساسية و يتبقي بعض الوقت فلابأس من ملاقاة دبلوماسي من الدرجة العاشرة في دائرة الشئون الأفريقية بوزارة الخارجية للدولة أياها و أصدار بيان للشعب السوداني يزف خبر اللقاء التاريخي0

مظهر آخر للخلل التنظيمي تبين في أفتراض التجمع - وهو أفتراض ثبتت الحكمة من وراءه لاحقآ- أنه جسد خارجي لايستمد جذوره من الوطن لذلك فأنه في حاجة الي ذراع داخلية موازية له وكان هذا أقتراحآ كسولآ لم يسبر أية صيغة أخري و هكذا صار للشعب السوداني (!) تجمعين اثنين بدلآ عن تجمع واحد0 و لحكمة لانعلمها مازال الجسدان قائمان علي الأقل في مشهد الحروب التي تقوم للحصول علي العضوية في أي منهما كما رأينا في المعركة التي دارت بين الأستاذ/ علي السيد المحامي تسانده قوي خفية وبين الأستاذ /حسن عبدالقادر هلال مسنودا بالأستاذ / علي محمود حسنين0

والحديث عن تجمع الداخل والخارج ذو شجن لاينقطع فقد قررت الحكومة مرة سجن قادة الداخل و توجيه تهم مفزعة لهم وفيما تململ الكثيرون من قادة الخارج المستنيرون يطالبون بتدشين حملة حقوقية و أعلامية للضغط علي الحكومة للأفراج عنهم باعتبارهم قادة رأي و سجناء ضمير ، فإن جناح الكسل الذهني كان سعيدآ بسجنهم و روي لي واحد عن آخر أن هؤلاء يستحقون السجن فقد طلبوا من الأمريكان توجيه الدعم المالي لهم مباشرة و عبروا لدبلوماسي اميركي رفيع عن قدرتهم علي تنظيم الأنتفاضة وأسقاط النظام دون مساعدة من تجمع الخارج0هكذا لن يحصل هؤلآء علي دعم فصائل التجمع كافة لأطلاق سراحهم وسيبقون في الجب حينآ من الدهر0

و مرة أخري قررت الحكومة منع هؤلاء ( قادة الداخل) من حضور أحد الأجتماعات بالخارج وتم توسيط ليبيا ومصر(دولتا المبادرة ) للضغط علي الخرطوم للعدول عن قرارها لكن عبثآ حاولت الدولتان فقد تمسكت الخرطوم بأن هؤلاء يعملون مع الحركة الشعبية ويقدمون لها معلومات دقيقة وحيوية لذلك فأن خروجهم مرفوض مرفوض0 لكن نفس الخرطوم العنيدة التي كسرت خاطر الدولتين الشقيقتين وافقت حين طلب اليها ذلك التجمع (عدوها المفترض) و بما أن البروفيسور / إبراهيم أحمد عمر الذي تولي الأستجابة لطلب التجمع لم يخضع لتحقيق و لم توجه نحوه شبهة خيانة حكومته ومساعدة التجمع فلابد أن الحكومة كانت سعيدة بمافعل ، و بالطبع لايمكن أن يكون الطرفان سعيدان وهما يحتربان ويقتتلان في ساحة أخري0


هكذا واصل أعضاء مؤسسات التجمع و الشعب السوداني عدم التعاطي بجدية مع هذا الكيان فطبع عضو هيئة القيادة الأستاذ / بونا ملوال مشاركته في التجمع بالغياب و لم يكلف السلطان مدوت نفسه بالحضور،مثله في ذلك مثل الدكتور برنابا بنيامين وزير التعاون الدولي الحالي في حكومة الجنوب و غادر البعض دون ضجة مثل الأساتذة فتحي شيلا ، الرشيد عبدالله ، هاشم محمد أحمد ، أمين بشير فلين ، أزرق زكريا خريف ، الأمين شنقراي، سيف اليزل محمد أحمد ، الصادق اسماعيل ، عبدالباري العجيل ،بكري الجاك و محمد خليل والقائمة لا تنقطع0

و إذ نحن بصدد المرور علي التأثير والحضور الأجنبي في عمل التجمع فلن نزعم بوجود جيوش أجنبية قاتلت أكثر من العديد من فصائل التجمع ، فقد نفت هذا الزعم جهات عديدة من داخل التجمع ومن خارجه ولسنا أكثر معرفة من جميع هؤلاء0
في هذ السياق مستحق للشهداء الذين قدموا ارواحهم في سبيل وطن ديمقراطي وحر أن نذكرهم بالدعاء بالرحمة وننادي بأن المجد و الخلود لأرواحهم و دوام الذكر لأسمائهم0
مالم ينكره أحد وبالتالي ليس محل جدل وجود مال أميركي بلغ العشرة ملايين دولارآ جاءت تحت عنوان بناء القدرات 0 الولايات المتحدة لا تخشي حكومة السودان وتدعم أعداء تلك الحكومة في التجمع علنآ أضافة الي ضرورة ان تُملّك الحكومة دافع الضرائب الأميركي المعلومات حول أوجه تصرفها وأدارتها لأمواله 0 التجمع من جانبه لا يستح من شعبه الذي يدعي أنه يمثله و يعلن قبوله لأموال الأمريكان لكنه يرفض أستخدام تلك الأموال لرفع قدراته كجهاز و آلية مقاومة و يوجه تلك الأموال لرفع قدرات اعضائه و منسوبيه و حملة الأختام
فترتفع قدراتهم المالية الخاصة علي نحو ملحوظ و تظهر فيهم طبقة جديدة من الكليبوقراطيين الجدد (klepocrats) المرضي عنهم و غير الخاضعين للمحاسبة من ذوي الجلد السميك، أضافة الي العديد من اصحاب التوكيلات الحزبية الذين أفتتحوا لأنفسهم أحزابآ صغيرة وعلي عجل كفروع لأحزاب أخري لضمان أكبر قدر من (الكوار عدو الحساب ) لتلك الأموال و تخفيف العبء عن الأحزاب الأصلية0
هكذا تم أختراع النضال المدفوع الأجر مع الأحتفاظ بالنضال المجاني الذي يهدف لتحقيق الأهداف السامية فكل يبحث عن ما ينقصه0

و حتي لا نقول الكثير عن المال و هو جانب يعف السودانيون عن الخوض فيه أصلآ ناهيك عن الجدل نحيل القاري الكريم الي بيان صدر في 31/يناير /2006 اي مطلع العام الحالي و وقعت عليه أحزاب ؛ حركة تحرير السودان ، التحالف الفيدرالي ، الأسود الحرة ،النقابات ، التجمع النسوي ، مؤتمر البجا وادارة المكتب التنفيذي للتجمع و يطالب البيان بمواجهة الفساد و حصر الممتلكات و لا نعتقد أن هذا العدد من الأحزاب والقوي الوطنية يمكن ان يتفق علي باطل دون أن يكون فيهم رجل رشيد 0 و نمسك عن صحف و مقالات وقصص كثيرة تناولت الأمر0

كعادته لم يكف التجمع عن ضخ مصطلحات بلا معني في فضائنا السياسي فمقولة سلم تسلم التي سادت المرحلة الأولي لم تكن قادرة بالطبع علي تلبية مطالب الشعب إذا قيض لها أن تتحقق فقد كانت المقولة تستبطن أن الصراع هو أقتتال حول السلطة و متي ما قام المغتصبون بتسليمها فلهم الأمان و بالتالي العفو ، و هو تجاوز سياسي غير حصيف لحق الشعب القانوني في المحاسبة و الأقتصاص من المجرمين و رحم الله كمال سبتي القائل مرة (من يملك الوطن ليمنع عنه اصحابه ؟ ) أذن من يملك الوطن ليعفو عن من اجرموا في حقه؟

لم يكن الحل السياسي الشامل يملك أي تعريف كمفهوم في ذهن الكثير من قادة التجمع وأذا قيل لهم الحكومة موافقة علي حل سياسي شامل فانهم لن يتجاوزوا كثيرآ ماتم التوصل اليه في نيفاشا و القاهرة لكن ليس هذا مايريده هذا البعض فالمطلوب هو السلطة في ايدي الرجال الخطأ و هذا امر يصعب شق الدروب اليه فالسودان تغير و الأتفاق في حده الأدني الآن أن يحتكم الناس الي الصناديق التي ستحتاج لملئها الي صيغ جديدة من التحالفات و الطروحات ليس بينها أمساك العصا من المنتصف و التضحية بالحاضر مقابل الخوف من التاريخ0

أستخدم التجمع وبعض قادته مصطلح تفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن الديمقراطية ( المقصود بالطبع وطن ديمقراطي و إلا فكيف تكون الدولة كأجهزة او جهاز Apparatus ديمقراطية و هي قائمة علي نسق من القوانين واللوائح ينبغي تطبيقها بحياد لا الحوار بشأنها) وفيما لم ينظّر التجمع لكيفية كون الوطن ديمقراطيآ فإنه لم يكلف نفسه بالنظر لكيفية تحقيق ذلك سوي الشعار الساخر الذي قال به مرة احد قادة التجمع نفسه وهو ( القتال حتي آخر جندي من جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان) والذي تحول بعد التأكد من فطنة الجيش الشعبي و الحركة الشعبية لهذا المخطط الي ( القتال حتي آخر جندي من ثوار دارفور ) و ثوار دارفور هو الأسم الذي منحه التجمع في صيغة استعلائية لحركتي تحرير السودان والعدل والمساواة بعد حرمانهما من حق تعريف الذات (Right of Self identification )0

و إذ نحن لسنا بصدد قضاء الوقت كله في مجادلة التجمع في كل ما قال به منسوبيه فأننا نشير فقط الي عبارة غامضة ذكرت كثيرآ في بيانات وتصريحات و هي عبارة ( الكيان المرشد للحياة السياسية في السودان حاضرآ ومستقبلآ) و أذا محونا كلمتي حاضرا ومستقبلا اللتان ذكرتا فينا نحسب أنه من قبيل الأطناب غير المطلوب او التزيد اللفظي ، فأن كلمة المرشد تحتاج الي شروح فهل هي مرشد بسكون الراء و مصدرها الأرشاد أم هي مَُرَشّد بفتح الراء و مصدرها الترشيد ؟ في الحالتين فأن الحياة ليست بحاجة الي أي من الأمرين أرشادا او ترشيدا ، يمكن اسقاط مصطلح الترشيد كونه غير ملائم لمقتضي الحال ( Irrelevant) أما الأرشاد فهو صيغة ابوية لا يسعي أي من الأحزاب اليها في الأمل ب و العمل ل وطن ديمقراطي حر الأرادة السلطة فيه كل السلطة للشعب دون مجلس لتشخيص مصلحة النظام علي ما جري به الحال في إيران0

و نختتم هذه الحلقة بالقول انه في بداية دخولنا عصر الزلط كان الكثيرون من منسوبي التجمع يضعون بيضهم كله في سلة هذا الكيان و يؤمنون مخلصين بأن هذا التجمع قادر علي العبور بطموحات الشعب السوداني في السلام و الديمقراطية و قال لي أحد الشبان المتحمسين في اسمرا قبل سنوات أنني يجب أن اساهم في لجنة ترتيبات الفترة الأنتقالية لأنها ستحدد الصيغة الأولية لمستقبل هذا البلد و شرع يحفزني لهذا و هو يتناول أفطاره في أحد المطاعم حتي وصل الي انه ضمن ستة عشر شخصا فقط يصيغون مستقبل السودان و المر من بعد متروك للتاريخ ،قال هذا بتهلل واضح و وضع بيضة مسلوقة كاملة في الفم الفصيح 0 و نواصل




#محمد_عثمان_أبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع ...
- -البعض يهتف لحماس.. ماذا بحق العالم يعني هذا؟-.. بلينكن يعلق ...
- مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (صور+ ...
- سماء غزة بين طرود المساعدات الإنسانية وتصاعد الدخان الناتج ع ...
- الناشطون المؤيدون للفلسطينيين يواصلون الاحتجاجات في جامعة كو ...
- حرب غزة في يومها الـ 204: لا بوادر تهدئة تلوح في الأفق وقصف ...
- تدريبات عسكرية على طول الحدود المشتركة بين بولندا وليتوانيا ...
- بعد أن اجتاحها السياح.. مدينة يابانية تحجب رؤية جبل فوجي الش ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن عدد الضحايا الفرنسيين المرتزقة ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط 68 مسيرة أوكرانية جنوبي البلاد


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عثمان أبراهيم - في تآكل المنسأة ، أو عن كيف خسر التجمع الوطني السوداني المعارض ذاته و العالم 2