الحل الإسلامي لطريقة انتخاب رئيس الجمهورية

جمال البنا

الحوار المتمدن-العدد: 1762 - 2006 / 12 / 12 - 11:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

قرأت مقالا مسهبا لأستاذ جليل نكن له التقدير هو الدكتور يحيي الجمل نشره في مجلة "سطور" في عددها الأخير تحت عنوان "كيف تختار مصر رئيسها؟". وبعد أن استبعد طريقة الاستفتاء وأخذ بطريقة الانتخاب فإنه ارتأى بالنسبة لما أدت إليه التخبطات في السياسة من تدهور في المستويات ـ ضرورة وضع ضوابط لضمان جدية الترشيح ووجود احتمال فوز المرشح. والمقصود بجدية الترشيح أبعاد الهازلين والعابثين والباحثين عن الشهرة وكان من الوسائل المتبعة في الماضي لمن يرشح نفسه لانتخابات مجلس النواب دفع تأمين يفقده المرشح إذا لم يحصل على نسبة معينة من الأصوات ولكن هذا التأمين لا يليق بمنصب رئاسة الجمهورية وارتأى أن يحصل المرشح على توقيع عدد من المواطنين الذين لهم حق الانتخاب في عدد من المحافظات وليكن من خمسين ألفا من خمس محافظات أو أكثر ويكون الموقعون ممن يتمتعون بحقوقهم السياسية، وأن يجري التصديق على توقيعاتهم.



وهناك رأي آخر هو أن يحصل من يرشح نفسه على تزكية عدد ممن لهم صفة تمثيلية، وهذا أيضا ـ كما يقول الدكتور يحيي الجمل ـ ضمان معقول ويستطرد فيقول في فرنسا يطلب القانون تزكية خمسمائة ممن لهم صفة تمثيلية سواء في المجالس النيابية العامة ـ الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ أو في المقاطعات والمحليات. ويري الدكتور الجمل أن عدد الخمسمائة يمثل 1% وهي نسبة معقولة ومن يحصل عليها لا يمكن أن يكون هازلا أو مغامرا.



وقال الدكتور الجمل إنه كان يفضل الحل الأول حل الحصول على توقيع خمسين ألف ناخب لولا الخشية من التأثيرات المالية وأنه لهذا يرجح المعيار المأخوذ من فرنسا.



وينتقل الدكتور الجمل إلي طريقة إجراء العملية الانتخابية بعد تقديم أوراق الترشيح، واقترح إنشاء لجنة عليا للانتخابات على غرار ما هو حادث في كثير من الدول منها فرنسا والهند.



وبالطبع فإن هذه اللجنة تكون مستقلة تماما عن جهاز السلطة، ويمكن أن تتبع المحكمة الدستورية العليا.. وبالطبع فإن المحكمة الدستورية العليا ستضع الجهاز الذي يعاونها في هذه المهمة الضخمة تحت إشرافها الكامل وتتم الانتخابات تحت الإشراف القضائي الكامل.



كما تعرض الدكتور الجمل للمادة التي تجعل من حق رئيس الجمهورية أن يلي المنصب مرات، بمقتضي التعديل الذي أجري في دستور 71 والذي وضع في مقابل النص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي الأصل في التشريع، وبهذه الإضافة تقبل الشعب تعديل، وعندما ثار التهليل حول تعديل المادة 76 قلت إن تعديل المادة 77 أولي لأننا لو عدلناها بعدم جواز امتداد ولاية رئيس الجمهورية لأكثر من مرة ثانية متصلة لحسم الأمر أصلا ولما استطاع الرئيس مبارك أن يتقدم لمدة خامسة!



هذا هو ملخص رأي الدكتور يحيي الجمل ـ باستثناء الفقرة الأخيرة الخاصة ـ بالمادة77 والإضافة التي نريد أن نقدمها هو أن في الفقه الإسلامي حلا لهذه المشكلة أكثر تحديدا ويخلو من المآزق التي لابد وأن يتعرض لها المرشح عندما يطلب إليه الحصول على خمسين ألف توقيع من خمس محافظات على الأقل ويصدق عليها، فإذا كان المراد التصديق على التوقيعات أمام الشهر العقاري أو غيره فتلك طامة كبري لا يمكن لأحد أن يتحملها، كما أن اشتراط نسبة 1% من هيئات تمثيلية أو أربعين أو خمسين من أعضاء مجلس الشعب تتعرض لتحيزات تجني على موضوعية العملية.



الفقه الإسلامي يقرر أولا: طالب الولاية لا يولي وهذا المبدأ يقتضي أن يقوم بالترشيح هيئة ومجموعة هي التي ترشح فردا، وقد انتقد الدكتور عبد الحميد متولي هذا المبدأ، وأظهرت التجربة أن له ما يبرره لأن طالب الولاية عندما يتقدم لطلبها فأغلب الظن أنه يرى في الحكم مغنما، وليس رسالة ولكن عندما يرشحه آخرون فهذا يشفع له أن غرضه ليس المغنم ولكن الخدمة.



وقد توصل الفقه الإسلامي إلي تحديد المجموعة التي يمكن أن يؤخذ منها العدد اللازم لمن يريد الترشيح. وأطلق على هذه المجموعة أهل الحل والعقد، وفسر الفقهاء ذلك بأنهم الفقهاء ورؤساء القبائل، والشخصيات البارزة أو المشهورة في المجتمع.



فإذا أريد ترجمة هذا إلى لغة العصر فيمكن أن يضم "أهل الحل والعقد" ألفي "2000" شخص مثلا يضمون "بحكم الصفة لا

بحكم أشخاصهم".

1 ـ رؤساء النقابات العمالية والمهنية "مع إعطاء أهمية خاصة لنقابتي الصحفيين والمحامين".

2 ـ ممثلو منظمات المجتمع المدني.

3 ـ ممثلو هيئات التدريس بالجامعات.

4 ـ ممثلو الجمعيات التعاونية الريفية.

5 ـ ممثلون لاتحادات الشباب والطلبة.

6 ـ أعضاء هيئة كبار العلماء من الأزهر أو غيره.

7 ـ ممثلون عن الكنائس.

8 ـ ممثلون لاتحادات رجال الأعمال في مختلف القطاعات الصناعية، والتجارية والمصرفية.

9 ـ ممثلون للهيئات الفنية والأدبية.

10 ـ ممثلون للنوادي الرياضية.

11 ـ ممثلو الهيئة القضائية.

ويمكن أن يكون عدد أعضاء لجنة "أهل الحل والعقد" ألفي عضو بالتقريب.

ويكون على الذي يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية أن يحصل على توقيع 1% من عددهم.



إن ميزة هذه الطريقة أنها تمثيلية شعبية صادقة فيغلب ألا يصل إلى عضوية هذه الهيئات إلا الذي تمتع بتأييد انتخابي سابق انتخبه في النقابة أو الجمعية أو الهيئة إلخ.. وأن التوصل إليهم سهل. فالنقابات معروفة، واتحادات هيئات التدريس ـ وجماعات رجال الأعمال إلخ.. كلها معروفة ولا يتطلب الأمر سوى إثبات أسماء روسائها.



وتعلن قائمة أهل الحل والعقد للشعب قبل اعتمادها نهائيا للتعرف على آراء الجمهور وما قد يقترحه من زيادة أو حذف حتى تعتمد في النهاية.



ولا يتم فيها تغيير إلا عند تغيير أسماء من يشغلون المناصب فيها لأن العضوية فيها هي بالصفة وليس بالشخص. أعتقد أن هذه الطريقة سايرت المبدأ الفقهي الإسلامي في أن الترشيح لا يتم بالشخص نفسه ولكن من مجموعة تثق في هذا الشخص وترشحه وأن يكون الاختيار من قائمة أهل الحل والعقد.



أما إتمام عملية الانتخاب فنحن نؤيد أن تتولاها كاملة المحكمة الدستورية العليا وبقية قضاة المحاكم دون أن يدخل فيها وكلاء النيابة أو الذين يعملون في وزارة العدل.

#جمال_البنا (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات