المجرمون يكسبون.. والأبرياء يدفعون الثمن

محمد الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 1746 - 2006 / 11 / 26 - 10:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

بعد جريمة التفجيرات الإرهابية التي طالت الأبرياء في مدينة (الثورة) وكذلك الأوضاع الأمنية والخدمية المترديّة في مدن الوسط والجنوب، آن الأوان لشعبنا أن يحتكم إلى المنطق ويدقق جيداً في أسباب ما وصلنا إليه من هذا الحال البائس، الذي قادنا إليه اصطفافنا الأعمى وراء دعوات تجار الطائفية، وأصحاب الأجندات المشبوهة.
آن الأوان لكي يراجع شعبنا مواقفه بعيداً عن مشاهد العمائم واللحى الكاذبة، بعيداً عن ما تدعيه ملصقاتهم وجدارياتهم وصورهم المليونية، التي لم تترك جداراً نظيفاً في هذه المدن إلا وتجاوزت على حرمته وأناقته، هؤلاء الذين أحالوا مدننا إلى مأتم منصوب على مدار السنة لا تسمع فيها إلا مكبرات الصوت تندب وتلطم ليل نهار، بعدما استبدلوا أسماء أحياءها وشوارعها من أسماء "القائد" المهزوم وتفرعاته إلى أسماء "مجاهديهم" وتفرعاتها. كأن هذه المدن لم تنجب شعراء وأدباء، وفنانين وعلماء ومبدعين يستحقون تخليداً مناسباً في مدنهم.
آن الأوان ليصحو شعبنا على هذا الخراب ويحاسب المسوؤلون عنه ويدركوا إلى أين أوصلتهم دعوات الطائفيون التي غرروا بها الملايين وهل جنت هذه الملايين غير القتل والخطف الجماعي والفساد الحكومي ومظاهر العزاء اليومي الذي لا تنقطع مواكبه حتى أيام الأعياد.
وليت الأمر توقف عند هذا الحال، ولكن يبدو إن من تسلم ّ إدارة هذا البلد بطرق التضليل ودعاوى الفتاوى الكاذبة والإرهاب الفكري، لم يكتف بهذا لجعل أبناء الطائفة يلوذون بخيمته أكثر، بل لجأ إلى وسيلة القتل على الهوية والتخويف من سلطة وعبودية الآخر، ووصل الأمر لتحقيق ذلك إلى اقتراف أبشع الجرائم بحق الأبرياء لتمزيق البلد وتعميق الشعور عند المواطن البسيط والمغفل بأن لا خيار له إلا الاحتماء بعباءات "المرجعيات " و"المجاهدين".
فعندما يرتكب أشرار وعصابة هذه الطائفة جريمة بحق أبناء الطائفة الأخرى - الآمنين في مساكنهم وأسواقهم - فسرعان ما يبادر مجرمي الطائفة الأخرى بالرد الأعمى والعشوائي بحق الآمنين من أبناء الطرف الآخر، وهكذا يدفع الأبرياء من الطائفتين ثمن حماقة وجرائم عصاباتها التي لا تخجل من الاجتماع صباحاً تحت قبة البرلمان وتدفع بمجرميها ليلاً لقتل الأبرياء بهجومات بربرية معاكسة.
إنها دعوة مخلصة - غير مسـيسـة - لأبناء شعبنا أن تستفيد من غفلتها وتفكر بمستقبلها في خياراتها القادمة دون الانجرار وراء عواطفها الجامحة وان تضع مسألة بناء الوطن على أسس سليمة في مقدمة مهامها بعيداً عن تغرير ودعوات الدجالين والمنافقين أصحاب دعوات الطائفية المقيتة والمشبوهة.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل