إدارة التغيير

محمد وائل البيطار

الحوار المتمدن-العدد: 523 - 2003 / 6 / 24 - 17:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    

 بعد التصريحات الإيجابية حول ضرورات الحوار والإصلاح الشامل المستمر التي أدلى بها السيد رئيس الجمهورية إلى الصحافة العربية ، وبعد التلميحات الصريحة التي نوهت إليها السيدة بثينة شعبان حول ضرورات الديمقراطية والإصلاح السياسي والاعتراف بالآخر
  كتب الدكتور خلف الجراد في افتتاحية تشيرن بتاريخ 16/6/ 2003 ما يعتبر ذو معنى ومغزى عميق  قد يعبر عن رؤية مستقبلية في ما يتعلق بالإصلاح والتغير المأمول .
  يبدأ الدكتور خلف بالاعتراف ( الآمال والطموحات الوطنية العامة مع التطلعات والأحلام الإنسانية المشروعة )  للشعب السوري ثم يستعين بالعلم وبالأدبيات المتخصصة بإدارة التنمية ليدخل الإصلاح السياسي إلى جانب بقية التحولات بل ويتحدث عن تحولات هيكلية  بأن  إدارة التغيير( الهادف إلى تحقيق غايات المجتمع عبر تحولات هيكلية اجتماعية سياسية- اقتصادية - تقنية ) ، بعدها يعترف بالواقع المتخلف ( يجب أن تتوافر القدرات اللازمة لمواجهة تحديات التخلف ... وتغيير الظروف التي عملت على تكريسه ) ثم ينتقل إلى أهمية خلق حالة تعبوية ( إن إدارة التنمية ... منوط بها صياغة الأهداف، وتعبئة الإمكانيات ، وإطلاق الطاقات ، وتهيئة البيئة اللازمة لخلق آلية التغيير المنتظم ) ويستعين الدكتور خلف بخبير عربي يقتبس منه أن إدارة التنمية (( هي الإدارة التي تملك القدرة على ... الانصهار والتفاعل مع القاعدة العريضة للمجتمع ، والقدرة على تحريكه ،  وتطوير رأسماله البشري والمادي ...الذي يحقق المستوى الحضاري المتطور ذاتيا في كل القطاعات الاقتصادية والسياسية والثقافية )) ثم يستنتج ( إن الإدارة التنموية الفاعلة تتطلب خلق مناخ إيجابي يدفع الأفراد للانخراط طوعا في العمل بسبب العلاقات الإنسانية ، وبسبب وجود حوافز تشجيعية مجزية ماديا ،ومشبعة نفسيا ومعنويا ) ثم يسترسل في الشرح فيقول ( أن عملية الإبداع الخلاق واستنباط الحلول يجب ألا تقتصر على شريحة معينة ... أو إلقاء عبء التفكير والتطوير والتجديد والتدبير على عاتق القيادات وحدها ، وحصر مهمة بقية البشر بالعمل والتنفيذ وهو ما يفضي إلى ... تحويل فئات اجتماعية بأكملها إلى آلات فاقدة للروح والمبادرة والأمل ) ويتحدث عن الحاجة إلى توفير ( المتطلبات القانونية والمؤسساتية التي تصون كرامة الإنسان ، وتضمن أمنه وشعوره بالانتماء والأهمية الفردية في مجتمعه ) ثم يتحدث أن سلامة الخطط والتنفيذ ( تتوقفان إلى حد كبير على ... حجم المشاركة الشعبية ونوعيتها ) ويحذر ( ما لم تتكيف المؤسسات القائمة ، وما لم تستجب لمقتضيات ...التطوير الحضاري فإنها ستصبح معوقات لعملية التنمية الشاملة وهو أمر يحتاج إلى التعمق والاستقصاء... والى الشفافية والموضوعية والقدرة على مواجهة المشكلات والأزمات ، وتسمية الأشياء ... بأسمائها ) .
  يتضح مما تقدم أهمية المشاركة الشعبية في إدارة التغيير وإنجاحها ، ولكن المشاركة الشعبية ما تزال بعيدة المنال  فحتى اللحظة لم تجسر بعد الهوة بين السلطة والشعب ويأبى الناس التعبير عما يكنون في نفوسهم ويرفضون المشاركة في أي حوار بسبب الخوف ، كما أن المشاركة تتطلب العدل والمساواة والشعور بالاطمئنان والشعور بالحرية وبأن المواطن سيد في بلده غير خائف وغير محبط .
  الإصلاح يتطلب المصارحة والشفافية وحرية التعبير والنشر وصحافة حرة جريئة في طرحها ، بعيدة عن المزايدة . إن الإصلاح في سورية كالنحت في الحجر عملية طويلة ومعقدة وتحتاج إلى صبر وإصرار وتضحية ومسابرة فائقة وحب ، لا يمكنك أن تترك منها جانب دون تشذيب ونحت فالصورة يجب أن تكتمل من جميع الوجوه مهما طال الوقت ، ولكن يجب أن لا يغيب عن الفنان – الشعب- إلهامه واندفاعه ، فالإصلاح في النهاية لا يتم إلا بانحياز الغالبية المطلقة من الشعب إليه والمطالبة العلنية به ، الإصلاح هو التغلب على التشوهات التي أصابت الشعب السوري وأخلت بولاءاته وقيمه . الإصلاح هو التغلب على الدولة الأمنية لصالح دولة القانون والمؤسسات الدستورية وفصل السلطات وعودة الشعب لممارسة دوره  . فإذا تمت بهذه الطريقة الجمالية فالنتيجة سوف تكون رائعة
 الإصلاح يتطلب إقناع الناس بأنهم أصبحوا خارج أبواب السجن وأنهم إذا عادوا إلى حريتهم وعبروا عن ما يجيش في صدورهم ، لن يزج بهم احد في السجون .

   طرطوس في 19/6/2003        د. محمد وائل البيطار
  
 

 

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل