أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربحان رمضان - ياأطفال المنفيين .. مررت عليكم .. لم أجدكم














المزيد.....

ياأطفال المنفيين .. مررت عليكم .. لم أجدكم


ربحان رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 7847 - 2024 / 1 / 5 - 07:37
المحور: الادب والفن
    


في بداية العام 2004 كتبت هذه المقالة ونشرتها في مجلة الخطـوة التي كنت أصدرها في دولة النمسا .. لم يكن الكومبيوتر قد انتشر بعد ... كتبتها على الآلة الكاتبة التي اشتريتها من مدينة درسدن الألمانية بمبلغ 2000 شلنغ نمساوي في تلك الفترة وبالصدفة وجدتها أمس على سيديه كنت قد حفظت عليه بعض مقالاتي تحت عنوان : يا أطفال المنفيين " مررت عليكم ولم أجدكم .


يا أطفال المنفيين في المنافي مررت عليكم في أوطانكم ..
ســـألت عنكم أصدقاؤكم ..
بحثت عنكم في حواريكم ..
لأهديكم هدايا العيد
لم أجدكم ...

أستحلفكم : "هل مرت المناسبة بشكل عادي ؟؟؟؟ .. .

أيها المنفيون :" هل شعرتم بلذة العيد ؟ " هل قضيتم رأس السنة مع أهلكم والجيران والأصدقاء ؟
منذ ثلاثين عاماً استدعيت لأداء خدمة العَلم وقد قضيت الستة أشهر منها في مدينة حمص فترة الدورة التدريبية ..
كان زملائي متنوعوا الأفكار والمشارب ، وقد أتينا جميعاً من مدن وقرى مختلفة .. . اخترت منهم ثلاثة أكراد وهم :" حسن كرو علي من قرية المصطفاوية التابعة لناحية ديريك وله ثلاثة أطفال لأنه وحسب عادات الريف أهله " زوجوه " صغيراً لتكن زوجته بديلاً عنه ، ولتساعد أمه في غيابـه .
ومن عفرين : " حسن بطال ومحمد عبدال و(حمو) الاسم الأول للثالث القادم من قرية الغزاوية جنوب مدينة عفرين ، وواحد أرمني اسمه آرتين ( وهو صاحب نكتة) ، وآخر عربي من حلب أذكر كنيته البهلوان ..

حمص مدينة جميلة ذات هواء عليل يشرح الصدر ويطيل العمر، فكنـّا نرتادها مساء لنشرب فنجان قهوة ، أو كأساً من الجعة في مقهى أعتقد بأنه كان لواحد من آل الدروبي العائلة الحصية الشهيرة .
كانت تقلقني تلك الأغنية الحزينة التي كان يغنيها زميلي حسن (أبو فرهاد) وتلك المواويل التي لاتنتهي عن الحبيبة وعن العشيرة والقرية وعين الماء التي تنبع خلف تل القرية ..

كل يوم كان يروي لي قصصاً جرت حول تلك العين .. ويتنهد ويذكرها بحرقة المحّب .. حتى أنه بكى ذات مرّة وهو يتذكر ماءها العذب .. مما جعلني أشاركه وَجدياته اتمنى أن أرى تلك العين الرقراقة العذبة المذاق .

بعد انتهاء الدورة تسلمنا إجازات الدورة وسافر كل منّا إلى أهله ، وطالت الإجازة بانتظار الفرز فحملت حقيبتي وودعت أهلي متجهاً نح الشمال .. إلى قرية صاحبي أبو فرهاد .
في تلك الأيام لم يكن قد افتتح طريق دمشق – القامشلي بعد فكان علي أن أسافر إلى مدينة حلب ، ومن حلب يتوجب أن أسافر إلى القامشلي ومن القامشلي نحو مدينة ديريك .. كانت فالمصطفاوية تقع بين القامشلي وديريك حيث وصلت مشارفها في اليوم التالي بعد الظهر .
تجمهر أهل القرية قرب بيوتها يتجادلون عن القادم إلى قريتهم .. هل هو غريب أم قريب .. إنه يلبس الكاوبوي الأمريكي ( وهذا الزي كان يعتبر لباس الثوريين أو العمليين) معنى ذلك أنه غريب ، ولما وصلت مشارف القرية تحلق حولي الصغار ، ثم قدم الكبار لإستقبالي باعتباري من خارج القرية ..
سألوني عن المقصود في قريتهم فأخبرتهم عن اسمه وما كان منهم إلا أن أخذوا بيدي وأوصلوني لعتبة باب البيت .. ونادوا على أبو فرهاد الذي حضر حافياً ووراءه زوجته وثلاثة أولاده ، ثم أمه التي كانت في التنور تخبز خبز العائلة ..
أمه التقطت دجاجة وذبحتها فوراً وفي الغرفة التي يسكنها أبو فرهاد مع كل أفراد عائلته وجدت أنهم وضعوا الدجاجة بريشها وبعظمها ولحمها في القدر ، وقامت زوجته لتغلي الشاي ، وأحضر بدوره الفستق والبندق والزبيب …
وفي المساء حضر أخوه وابن أخيه ، وبعضاً من أقاربه والجيران إحتفاء بضيف القرية .
في اليوم التالي دعانا أخوه على طعام الغذاء ، و ابن عمه على طعام العشاء ، وكان من بين المدعوين ابن عمه أبو عثمان الذي دعى الجميع على تناول طعام العشاء بداره الواقعة قرب الطريق العام …

بقيت على هذه الحال من الدعوات والاستقبالات ثلاثة أيام لم يكن بامكاننا خلالها الذهاب إلى النبع الذي أتيت خصيصاً من العاصمة لرؤيته إلى أن فاض الكيل حيث لم يبقى وقت طويل لأن تنهي إجازتي ، لذلك ألححت على مضيفي الذهاب إلى العين التي فاض شوقي إليها إلى أن أجاب لي طلبي في اليوم التالي .

كانت تهطل المطر بغزارة حتى أصبح الطريق الترابي طين تغرز أقدامنا فيه ، رغم ذلك لم أتراجع عن طلبي لزيارتها فوصلناها وراء التلة التي تقبع القرية في جهتها القبلية .
ذهلت لمـّا عثرنا على العين .. لنها مجرد بقعة ماء لاتمتد لأكثر من مترين عرضاَ وطول ..
إلا أن أبو فرهاد استدرك ما أخبرني عنها به فقال .. إنها من الأرض التي عشت عليها .. إنها العين الوحيدة القريبة من القرية ..!!

من يومها عرفت قيمة الوطن وعرفت لماذا الناس تحب أوطانها ، ومن يحّن إلى الوطن لابد أن يذكر أحبائه ، وأهله ، والمناطق التي ترعرع في رباها ..

تبقى ذكرى الناس الذين فارقناهم ذات يوم في عقولنا وادراكنا وشعورنا سيّما أنهم لازلوا رمزاً للصدق والأمانة والمودة التي نفتقدها في بلاد الغرب ..
الغرب الذي صرح عنه الكثيرون وكأنه جنة الدنيا في حين أن الوجه الحقيقي ليس كذلك ، وليت الناس يعكسون الحقيقة المرّة التي يخفيها أولئك الكثيرون الذين يخافون شماتة الصامدين في الوطن في وجه القمع والظلم الذي يواجهونه من أدوات النظام القمعية – المستبدة .
أتمنى أن لايبالغ الكتـّاب ، ولا المهاتفون عن وضعهم في المنافي ، لأن مبالغاتهم وكذبهم يزرع الآمال في نفوس الشباب ويدفعهم للهجرة بحجج شتى ..

الوطن غال ، وأهله طيبون ، والأنظمة القمعية المصادرة لحقوق الناس هي المســـتفيدة من تفريغ الوطن وتهجير المواطن ..
أحبائي في المنافي .. لا تكونوا أداة لظلامكم ومستعبديكم . .. ولا أداة إعلام كاذبة تجمل الغربية لتهجروا " الوطن" .



#ربحان_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - نعم لجبهة معارضة سورية تضم العرب والكورد ولا لعزل حزبه في ...
- جلسة خاصة مع الكاتب والروائي البريطاني جيمس أولدريدج
- نص كلمة ربحان رمضان في لقاء استانبول من أجل سوريا المنعقد بت ...
- الأستاذ جريس الهامس كما عرفته عن قرب
- أحبك حتى .. !! نص من كتابات قديمة
- تســـــامح بلا قيود الجزء الأول
- قراءة في كتاب حول كتاب حي الأكراد في مدينة دمشق للأستاذ عز ا ...
- حرّ ، رغم الحصار ومنع السفر
- مناشدة نشرت في صفحة الحوار المتمدن بتاريخ 30/1/2011 - كي لا ...
- قصة الهروب من الخوف - 1
- من يوميات أحمد المنفي في وطن المنفيين .. !!
- من يوميات أحمد المنفي .. !!
- بطل من حيينا الكردي حاز على لقب بطل العالم لثلاث مرات على ال ...
- قراءة في كتاب عزيز أومري في أروقة الذاكرة - الجزء 2/2 -
- قراءة في كتاب عزيز أومري في أروقة الذاكرة - الجزء 1/2 -
- شاي .. !!
- تحية لمناضلي الخامس من آب تحية للذين قضوا نحبهم وللذين على ا ...
- آسفة الموعد فيه غلط .. !!
- سلاما َ ليلى قاسم في ذكرى استشهادك
- رسالة من ربحان رمضان إلى الاخوة الايزيديين بمناسبة عيدهم


المزيد.....




- “استمتع بمشاهدة كل جديد وحصري” تردد قناة روتانا سينما الجديد ...
- “بطوط هيطير العقول” نزل دلوقتي تردد قناة بطوط الجديد 2024 لم ...
- نائب وزير الثقافة اليمني: إيران الظهر والسند والحاضن لكل حرك ...
- -من أم إلى أم-للمغربية هند برادي رواية عن الأمومة والعالم ال ...
- الناقد رامي أبو شهاب: الخطاب الغربي متواطئ في إنتاج المحرقة ...
- جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2023-2024 “صناعي وتجاري وصناع ...
- مسلسل المتوحش الحلقة 33 مدبلجة على قصة عشق ومترجمة على فوكس ...
- رئيسي : ندعو الكتّاب والفنانين الى تصوير الصراع بين الشرف وا ...
- أغاني حلوة وفيديوهات مضحكة.. تردد قناة وناسه على نايل وعرب س ...
- الإعلان الأول ح 160.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 على قصة ع ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربحان رمضان - ياأطفال المنفيين .. مررت عليكم .. لم أجدكم