أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي مزهر - غب طويلاً














المزيد.....

غب طويلاً


علي مزهر

الحوار المتمدن-العدد: 511 - 2003 / 6 / 7 - 08:39
المحور: الادب والفن
    



(مقاطع ليست شعرية مهداة إلى أحمد)

لم أكتب لك من قبلُ
فلقد كنتُ منشغلاً عن مديح رمادك
برسائل الصمت، ومنشغلاً بي
عنك، لم أكتب عن صعودك،
صاخباً كان ككل الخطب الصاخبة،
صاخباً كان كصوت الرصاص،
لم أكتب عنك
ولكني سأكتب عن هبوطك الباهت،
عن سقوطك الذي لم يكن مدويّاً،
عن غيابك البهي.

باهتٌُ سقوطك
كمعاركك الباهتة التي انتصرتَ
بها علينا، باهتٌ سقوطك
لم يكن مدويّاً
كهزائمك، في كل المعارك
التي انتصر عليك فيها أعداؤك.

بحاجة إلى وقت
لكي ننظف شوارعنا من ظلالك
وملابسنا من خاكيك،
وننفض ظلامك عن أرواحنا،
بحاجة إلى أكثر من وقت
لكي نخرجك من ذكرياتنا،
ومن أحلام أطفالنا،
ولكي نكتبك في كتبنا المدرسية
ونهتفُ بصمتٍ:
لا لنسيانك،
لا لمحوك من تأريخنا،


سنخصص لك قبراً
و شاهدة من رخام
ونكتب عليها بماء الذهب:
لا لنسيانك،
لكي لا ننسى الوطن
لا لمحوك،
لكي نكتب نشيدنا البشري
بعيداً عن خطبك الصاخبة
وعن عدسات كاميراتك التي لاحقتك
في كل مكان إلاّ في المكان الأخير
لهبوطك الباهت. نشكر غيابك
وغيابها عنّا.  سئمنا
أن تكون صورتك هي عنوان
الجمال في كتب أطفالنا المدرسية،
معنى البطولة في أيامنا،
أنت
لم تكن جميلاً
ولم تكن بطلا.

بحاجة إلى وقتٍ
لكي ندفن أمواتنا، وندفنك
سنخّلدكَ
لا لأنك رمزٌ
لا لأننا بحاجة إلى رموز حتى ولو كاذبة، بل لأنك
كنتَ الرمزَ المضاد،
فمن يشتهي أن يكونك؟
أو أن يقيم في متحفك؟.

كان هبوطك
باهتاً
وبهيّاً
كان غيابك.

نستطيع الآن أن نسمع أصوات
قتلاك من
عرب
 وأكراد
وإيرانيين
وكويتين
وآشوريين
وأرمن
وتركمان
وكلدان
وصابئة
ويزيديين
وشيعة
وسنّة
وشيوعيين
وقوميين
وبعثيين
وعدميين
ووجوديين
وحشّاشين.
(أنّث واقرأ ما تقدّم)

بهيّاً كان غيابك
فسجناؤك
- ممن لم يمت منهم-
انكسر قيدهم

 

فغب علينا كثيراً
فلنا شغلٌ هذه الأيام،
لنا أن نمحو أسمائك من سمائنا،
ونقوشك من أحجارنا،
لنا أن نفلّي رؤوس الشوارع من قملكَ
ولنا أن نفري ما في النفوس من دمّلكَ
وأن نمحو أقوالك من دفاتر أطفالنا
ومن جدران منازلنا
ونرفع صورك التي يتساقط منها غبار الخوف
من غرف نومنا.


ولنا أن نحيا ونأمل
بسلامٍ طويلٍ
بعد حروب طويلةٍ
لنا أن نجلس في المقاهي
ونحتسي الشاي بالسكّر لا بالمخبرين
ونقرأ الصحيفة التي لا صورة لك فيها
فلنا شغلٌ عنك
بسواك.

لم يكن غيابك بهيّاً.
لم يكن بهيّاً
تماماً
فلقد أورثتنا تركةً ثقيلة
أورثتنا غرباء لا نعرفهم.
غب علينا
طويلاً
فلنا شغلٌ
بتنظيف بلادنا من تراثك
ومن ميراثك.

غب كثيراً
فنحن نريد أن نتعلم الحريّة
ولنا شغلٌ عنك بسواك
أو بأشباهك
أو بأسيادك السابقين
نحن أنضجنا الألم
وفاضت في أرواحنا
ينابيع جديدة
وأزهرت في نفوسنا
أزهارٌ جديدة

غب عنّا
فلنا شوكٌ
لنقلعه بأصابعنا
لنا نساءٌ نريد أن نحبهّن أكثر
ولنا أطفال نريد أن نلعب معهم في الحدائق
ونريد
أن ننسى
الملوك
 والأمراء
والرؤساء
فهم خلّبٌ ومحض هواء...

لم يكن غيابك بهيّاً
فبغداد أكلتها الحرائق،
وصار تراثها تراباً
صارت حكمتها رماداً
وشوارعها تداس بأحذية غريبة

غب عنّا
فنحن نريد أن نستعيد شواطيء دجلة
وليالي النواسيّ بدون حرّاسك
وبدون " ممنوع المرور من هنا"
أو هناك
فلنا في الليالي شعرٌ
وخمرٌ
وعيشٌ رخيٌ
ودجلة
يجري
كأغنية أبدية
ولنا أن نرشد الغرباء
إلى بلدانهم
فنحن الأحرى
بدجلة
منهم
الأحرى بألواح سومر
ولطميات الحسين
وبكائيات السيّاب
و
و
و

غب طويلاً

 

علي مزهر
أمريكا 2003-04-16


 



#علي_مزهر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل العراقيون قطط؟
- أسئلة
- أمريكا وحق التضحية بالآخر: من الهنود الحمر إلى العراق
- شعرية السياسة الأمريكية


المزيد.....




- مصر: مبادرة حكومية لعلاج كبار الفنانين على نفقة الدولة
- غمكين مراد: الرُّوحُ كمزراب
- مصر: مبادرة حكومية علاج كبار الفنانين على نفقة الدولة
- رحلة العمر
- حماس: تقرير العفو الدولية مغلوط ويتبنى الرواية الإسرائيلية
- مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم هند صبري بالشراكة مع غو ...
- فيلم -الملحد- يُعرض بدور السينما المصرية في ليلة رأس السنة
- كابو نيغرو لعبدالله الطايع: فيلم عن الحب والعيش في عالم يضيق ...
- -طفولتي تلاشت ببساطة-.. عرائس الرياح الموسمية في باكستان
- مسابقة كتابة النشيد الوطني تثير الجدل في سوريا


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي مزهر - غب طويلاً