أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيلا إلياس - نظرية الوحدة العربية حديثاً















المزيد.....



نظرية الوحدة العربية حديثاً


سيلا إلياس

الحوار المتمدن-العدد: 7668 - 2023 / 7 / 10 - 22:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نحو بناء دولة الوحدة:

جاء استكمال الوحدة القومية وبناء الدولة – الأمة في الشرق والغرب،، أو الحفاظ عليها إن كانت موجودة أساساً، خطوةً أساسيةً في نهضتها الحديثة، في حين حيل بين العرب وبناء دولتهم القومية لأسباب عديدة، ذاتية وموضوعية، داخلية وخارجية، وتلك هي المهمة الكبرى المطروحة أمام العرب منذ قرن ونصف، ولم يتمكنوا من إنجازها، وتبقى هي المفتاح الأساسي لرسم مسار التطور اللاحق لأمتنا. ولابد من الإشارة هنا إلى التجربة الرائدة التي خاضتها مصر وسورية (1958 ـ 1961)، وألهبت حماسة الجماهير العربية، حتى أصبح التيار القومي العربي – في ذلك الحين- تياراً جارفاً قوياً، لقد كانت تجربة الوحدة منعطفاً حاسماً، قاطعاً، لن تعود أوضاع الأمة بعده إلى ما كانت عليه قبله أبداً، لكنّ الكثيرين لم يلاحظوا أيضاً، كما يبدو، عمق التغييرات الاجتماعية والسياسية التي نجمت عن التجربة، والأهمّ أنّ تلك التجربة التاريخية، بنهوضها وسقوطها، وبنواقصها الفادحة وظروفها المعقّدة، أحدثت صدمة مزلزلة كشفت دفعة واحدة مقدار اتساع الهوّة بين الواقع والغايات، فإن تلك التجربة التاريخية، بغضّ النظر عن الحماسة الشعبية العارمة المنقطعة النظير التي احتضنت انطلاقتها، كشفت مقدار ضعف قواها السياسية والاجتماعية في مواجهة قوى الأعداء، وكشفت بدائية أدواتها وفقر وسائلها بالقياس إلى الأهداف الوطنية والقومية العظمى التي أخذت على عاتقها مهمة إنجازها، وكشفت أنها لم تأخذ بالحسبان على نحو كافٍ وعملي أنّ كلّ محاولة بسيطة باتجاه المقاومة والتوحيد تتجلَّى أصداؤها إجراءات عمليّة فورية مضادّة في العواصم الاستعمارية. إن الكثيرين ممّن خاضوا تجربة الوحدة المصرية السورية لم يذهبوا في تقديرهم لذلك الحدث التاريخي إلى هذا الحدّ، بينما العدو رآه كذلك، فقد كان هذا الحدث على هذا المستوى حقاً، سواء من حيث عوامل نهوضه ومعاني هذا النهوض، أم من حيث عوامل انهياره ومعانيه.

إن بناء الدولة – الأمة لا يمكن أن يتحقق ببذل الجهود النظرية، والعمل على زيادة الوعي بأهمية الوحدة العربية فقط، فدولة الوحدة لها وظيفة محددة، ولا يمكن أن نتجاهل الشروط الضرورية للانتقال إلى دولة الوحدة. وبكلمة أوضح نقول إن دولة الوحدة لا يمكن أن تقوم إلا إذا أيدتها وسعت إليها الأكثرية العظمى من القوى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في بلدين أو أكثر، وهذا يتطلب وجود مصالح مشتركة لهذه القوى في بناء دولة الوحدة، والواقع الحالي يقول إن القوى المسيطرة اجتماعياً في البلدان العربية هي القوى العشائرية والقبلية، واقتصادياً هي الفئات الطفيلية المستفيدة من الاقتصاد الريعي لارتباطها بسلطة الدولة القطرية، والمسيطرة سياسياً هي جماعات من التقنيين ومحترفي السياسة بمعناها الأسوأ، وهذه القوى ليس لها أدنى مصلحة في التخلي عن امتيازاتها التي توفرها لها سلطة الدولة القطرية، وللأسف الشديد استطاعت هذه المجموعات أن تهمش جميع فئات الشعب الأخرى وأن تحولها إلى كم مهمل.

وحتى نجعل بناء دولة الوحدة أمراً ممكناً، لا بد لنا من تهيئة الشروط المطلوبة لبنائها، وذلك يقتضي بدايةً الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي، فقد استطاع الاقتصاد الريعي عبر سيطرته على البلدان العربية عقوداً من الزمن، أن يجعل من البلدان العربية أمثولة عالمية للفشل في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والروحية والسياسية والأمنية، وجعلها مثالاً يشار إليه في أفضل الطرق لهدر الموارد المادية والمعنوية، ولذلك نقول إن الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي ليس مطلوباً فقط من أجل بناء دولة الوحدة بل من أجل التنمية والتقدم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في كل بلد عربي على حدة، وفي الوطن العربي بصفة عامة. فإذا أردنا الوحدة علينا أن نعمل على بناء الشروط الضرورية للتقدم في هذا المشروع.

التفتت العربي في مواجهة عالم التكتلات الكبرى:

يشهد عالمنا اتجاهاً ثابتاً ومتنامياً نحو التوسع في التعاون الإقليمي والدولي، فالاتحاد الأوربي يسعى لانتزاع موقع القوة العالمية الثانية، وتنظر أمريكا إلى هذه المحاولة بعين الترقب والتشكك في الهدف النهائي لهذا التكتل، فتحاول أن تزيد من قوتها، ببسط نفوذها على نحو أقوى على الأمريكيتين بالاعتماد على اتفاقية المنطقة الحرة الأمريكية، كما تحاول تعزيز نفوذها في شرقي آسيا وأستراليا بالاعتماد على اتفاقية المحيط الهادي، ومع هذا كله فإن جميع البلدان الصناعية الكبرى، على ما بينها من تنافس شديد، تنسق فيما بينها سواء في قمة الدول السبع، أو في منظمة التجارة العالمية، كما تنسق فيما بينها في إطار متقدم للتعاون هو منظمة OECD التي تضم 28 دولة، وتشمل جميع التكتلات العالمية بدءاً من أقصى الغرب (أمريكا) مروراً بأوروبا ووصولاً إلى أقصى الشرق (اليابان) وأقصى الجنوب (أستراليا)، وبالمقابل كيف يواجه العرب هذه التكتلات الكبرى المتراكبة المتداخلة في سلسلة جدلية من التعاون والمنافسة؟

يواجه العرب هذه التكتلات بالتفتت، وبمزيد من التباعد بين الدول العربية، وبالتفتت والانهيار على المستوى الداخلي في عدد من البلدان المنتسبة إلى الجامعة العربية لعل الصومال أوضحها مثالاً.

بدأ ظهور بوادر تقسيم الوطن العربي، مع الاستعمار الغربي الأوروبي للبلدان العربية، فمع اقتسام المصالح بين الدول الأوربية (فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا) قُسِّمَت الدول العربية، وجاءت اتفاقية سايكس بيكو في أثناء الحرب العالمية الأولى فعزّزت هذا الاتجاه، فسورية الطبيعية التي حافظت على نفسها عبر التاريخ، وحدةً سياسية جغرافية اقتصادية، قُسِّمَت إلى أربع دول، دون أي مبرر سوى اقتسام المصالح أولاً ثم الهوس الذي أصاب فرنسا وبريطانيا في مزيد من التقسيم، فقد حاولت فرنسا تقسيم سورية إلى دويلات صغيرة، والمضحك المبكي أن بريطانيا حاولت تقسيم إمارة شرق الأردن حديثة الولادة إلى عدة دويلات صغيرة، ولم تكن هذه التوجهات مفهومة ومسوغة إلا إذا افترضنا وجود هوس لدى السياسيين الأوربيين في تفتيت العرب، وقد تُوِّج هذا الهوس أخيراً بزرع جسم غريب في قلب الوطن العربي، في فلسطين، لقد خطط الأوربيون لتفتيت العرب، واليوم يرى أبناؤهم في الاتحاد الأوربي أن مصلحتهم تقتضي تعزيز اتجاه التعاون العربي الأوربي، وهو اتجاه يعزز التعاون العربي الداخلي، وإن الساسة الأوربيين المتنورين اليوم ينظرون إلى وجود منطقة عربية موحدة ومزدهرة إلى جانب الاتحاد الأوربي، باعتباره عاملاً مساعداً لأوروبا في معاركها الاقتصادية لمواجهة المنافسة الدولية الحامية. فما أشد ما ألحقته أوروبا بالعرب من أذى على أيدي ساستها في القرن التاسع عشر، الذين لم يكونوا يرون أبعد من أنوفهم، بسبب ضيق أفقهم الاستراتيجي.

وقد تفاءل العرب بعد الحرب العالمية الثانية، بظهور تباشير احتمال تحررهم من الاستعمار، ولكن هذا التحرر لم يكن سهلاً وتطلب نضالاً قاسياً وقوافل من الشهداء، استمرت في التدفق إلى ساحات النضال والشهادة لفترة تزيد على عشرين عاماً بعد الحرب العالمية الثانية.

وقد حاول العرب بعد تحررهم زيادة التعاون الداخلي فيما بينهم، وخاصة مع وجود خطر مشترك عليهم وهو التوجه العنصري التوسعي لدولة الكيان الصهيوني، فجاءت الجامعة العربية لتحتضن الاتجاه التعاوني العربي، ولتمثل النظام الإقليمي العربي بعد الحرب العالمية الثانية، واليوم وبعد مضي أكثر من نصف قرن على ولادة الجامعة العربية نرى أنها اليوم لم تتطور على النحو المطلوب الذي يلبي حاجات الأمة ومتطلبات نضالها لتحقيق أهدافها القومية، فهي تمثل نظاماً ضعيفاً بالقياس إلى الاتحاد الأوروبي، لا بل بالقياس إلى منظمة الوحدة الأفريقية، وبالقياس إلى منظمة دول أمريكا اللاتينية، أو منظمة دول جنوب شرقي آسيا، وهي اليوم تشهد عجزاً واضحاً في قدراتها التمويلية والتنظيمية والإدارية.

إن التجارة العربية البينية لا تكاد تذكر بالمقارنة مع مجمل تجارة العرب مع سائر دول العالم، إلا أن التبادل التجاري ليس هو المقياس الأهم، فالتعاون في المجال الاقتصادي الصناعي وفي المجال التقاني هو الأساس في وجود تكتل اقتصادي عربي، وللأسف لا يوجد أي إنجاز عربي في هذا المجال، وبعبارة أدق لا يوجد تعاون بين بلدين عربيين أو أكثر، نتج عنه مشروع اقتصادي ناجح مشترك في مجال الإنتاج الصناعي والتقاني.

إن الأوروبيين الذين يشعرون بحاجتهم للوحدة على ما بينهم من الفواصل العرقية والقومية وأحقاد مئات السنين التي تفرق بينهم، يفعلون ذلك بهدف بناء موقع تنافسي متقدم في عالم المستقبل، لقد تجاوبوا بسرعة مع ظاهرة انحسار الاستعمار القديم، وبنوا لأنفسهم موقعاً تنافسياً يمكنهم مع استمرار موقع القارة الأوروبية المتميز عالمياً، وما يزال العرب يترددون في الإقدام على خطوات حقيقية في ميدان التعاون الاقتصادي العربي، وفي ميدان تطوير إمكاناتهم الاقتصادية الفعلية التي لا تنبع من موادهم الأولية وثرواتهم الباطنية، بل من كد يدهم وإبداع عقلهم، فهذا هو الأسلوب الوحيد لتنمية القدرة الاقتصادية، وإن استمرار تجاهلنا لهذه الحقيقة سيودي بنا إلى الهاوية مع الوقت، ولو وضع العرب نصب أعينهم هذه الحقائق منذ عام 1950م لاستطاعوا بسهولة أن يصلوا إلى نتائج جيدة ، أما اليوم فالوضع أصعب بكثير وإذا انتظرنا حتى عام 2050م فقد نفقد كل فرصة في الحصول على موقع ما في عالم المستقبل.

ولا ننسى أن دولة الكيان الصهيوني تشترك في كثير من النشاطات العلنية والسرية التي تهدف إلى تفتيت القدرة العربية، عبر تفتيت هذه البلدان وتحطيم قدرتها، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والفئوية داخل كل دولة، وقد شجعت دولة الكيان الصهيوني احتلال العراق لتدمير قدراته الوطنية، وخططت لتفتيت الدول العربية بدعم مشروع الشرق الأوسط الكبير ثم مشروع خارطة الشرق الأوسط الجديد التي رسمها فريق المحافظين الجدد، إذ كان من المفترض تقسيم معظم الدول العربية إلى كيانات متناحرة فيما بينها، وقد حاولت دولة الكيان الصهيوني رسمياً تقسيم لبنان بتأسيس جيش لبنان الجنوبي، وتشجيع أكثر من طرف للمضي باتجاه تقسيم لبنان، ولكن ربع قرن من التدخل في حياة لبنان السياسية، وثمانية عشر عاماً من الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان باءت جميعها بأسوأ أنواع الفشل، وزادت من الوحدة الوطنية اللبنانية، أما النشاطات السرية لدولة الكيان الصهيوني فهي تنحو المنحى نفسه وهي تتعامل مع العرب تعاملها مع قوة استراتيجية واحدة وهي لذلك تسعى لضرب أبعد نقطة في الوطن العربي تماماً كما سعت لضرب الوحدة الوطنية اللبنانية.

لذلك كله نجد أن التفتت العربي والانقسام هو أسوأ ما يهدد الأمن القومي العربي، فهو يهدد هذا الأمن سياسياً وتفاوضياً واقتصادياً، وهو يهدد أدنى محاولة لخلق قاعدة تنمية حقيقية في أي بلد عربي، فالتنمية في عصرنا تتألف من مكونات النهضة المعرفية التقانية ومواجهة التنافس الدولي ومواجهة التكتلات الكبرى، وجميع هذه العناصر يستحيل الوصول إليها دون وجود تعاون حقيقي عربي، تعاون يبتعد عن لغة الخطابات والأناشيد والأمنيات الساذجة، ويخاطب العرب بمنطق المصلحة بما في ذلك مصلحة الطبقات الشعبية الفقيرة ومصلحة المستثمرين العرب بل ومصلحة الطبقات والأنظمة الحاكمة في البلدان العربية نفسها، فجميع العرب دون تمييز ودون استثناء سيربحون من تجربة التعاون العربي، فقد وصل العرب إلى نقطة لا يخسرون معها شيئاً من التعاون، بل على العكس تماماً يربحون جميعاً معاً بفضل القدرات التي توفرها عملية توحيد الإمكانات وهنا نتذكر جميعاً، ذلك المثال البسيط الذي كنا نسمعه دائماً عن العصي المجتمعة التي لا تنكسر مجتمعة ويمكن كسرها فرادى، بمعنى أن قوة المجموعة تنشأ عن جمع قوى الأفراد، وهنا لا بد لنا من الإشارة إلى أن هذا المثال لا يعبر عن واقع التعاون بدقة، فالنظريات الحديثة في علم الإدارة تؤكد دائماً أن روح الفريق التعاونية هي الأساس في أي عمل ناجح اقتصادياً، وأن قوة الفريق هي أكبر بكثير من المجموع الحسابي البسيط لمجموع أفراده لأن مجموعة عناصر الفريق عندما تصبح كلاً متكاملاً، تفجر طاقات كامنة لم تكن ظاهرة قبل التكامل، وتحرض مبادرات لم تكن ممكنة لولا وجود هذا الإطار الواسع من الإمكانات الإبداعية والتمويلية المشتركة، ولولا وجود سوق واسعة تتيح الإقدام على مبادرات كان التفكير فيها وحده يعدّ نوعاً من الخيال إن لم نقل نوعاً من الحماقة.

المسألة المطروحة اليوم أمام الحركات القومية العربية هي كيفية بناء دولة الأمة، فمن المعروف أن العالم لا يعبأ بكيانات لم تحقق ذاتها ولم توحد أرضها ضمن إطار سلطة منظمة موحدة بغض النظر عن شكل هذه السلطة، أو عن طرق الوصول إليها، أي أن المسألة الأهم اليوم هي الانتقال من حالة وجود الأمة بالقوة إلى حالة وجودها بالفعل، وهو عمل يستوجب جهوداً دؤوبة على مدى طويل، جهوداً على صعيد الاقتصاد والثقافة والعلم وجهوداً على صعيد السياسة والدفاع والأمن.

فهل ما زالت الوحدة العربية ممكنة؟

لن نجيب هنا جواباً رومنسياً، ولن ننجرف مع العواطف والشعارات، بل يجب أن نجيب جواباً موضوعياً، فنقول إنها ضمن المعطيات الحالية من ظروف سياسية وأوضاع اقتصادية واجتماعية غير ممكنة، ولكنها ستصبح ممكنة حين تتوافر شروط بناء دولة الوحدة، وأهم هذه الشروط هو تجذر الوعي الفكري بأهمية الوحدة العربية سواء على صعيد الجماهير أو النخب الفكرية أو الحركات السياسية أو الحكومات العربية، ومن أهم هذه الشروط أيضاً انتقال بعض الأقطار العربية على الأقل من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي الصناعي، وإلى اقتصاد المعرفة، على نحو تكون هذه البلدان فيه نواةً للاقتصاد العربي المشترك، والتحقق من أن هذا المسار يمثل مصلحة مشتركة لجميع البلدان وجميع الشرائح الاجتماعية، وسنستعرض لاحقاً هذه الشروط تفصيلياً.

وهل ما زالت الوحدة العربية اليوم ضرورة تاريخية؟

لعلها اليوم ضرورة تاريخية أكثر من أي وقت مضى، فالعرب اليوم مهمشون في مجموعهم وعلى صعيد كل بلد على حدة، والحكام العرب اليوم يشعرون بضغوط هائلة من كل حدبٍ وصوب، فكل قوة عالمية ترغب في فرض شروطها عليهم، وبدلاً من أن يكون دور العرب فاعلاً في رسم مستقبل العالم، وهم يستحقون ذلك من حيث عددهم وموقعهم ومكانتهم الاستراتيجية، فإن الحكومات العربية محتارة اليوم، فلا تعرف كيف توفق بين ظروف وشروط متناقضة مفروضة عليها داخلياً وخارجياً، كي تظفر بحق الاستمرار في الحياة، وهذه مهانة كبيرة لم يعد من الممكن قبولها رسمياً أو شعبياً.

ومن المهين أن تتحدث الدول الأوربية اليوم في دوائرها البحثية المغلقة، وكذلك أن تتحدث مراكز الأبحاث الأمريكية عن الدول الفاشلة سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وأن تضع قائمة بهذه الدول الفاشلة تضم ستين دولة، وأن تكون معظم الدول العربية مصنفة بين هذه الدول الفاشلة التي تحتاج إلى "رعاية خاصة" من الأوربيين والأمريكيين، وتشمل هذه "الرعاية الخاصة" إجراءات عديدة وفقاً لدرجة توافق كل دولة على حدة مع الاستراتيجيات الأوربية أو الأمريكية، وصولاً إلى مرحلة "تغيير النظام" في حالات معينة من التباعد وعدم الانسجام، ولا يستثنى من ذلك بعض الدول المصنفة حليفةً للولايات المتحدة.

وتقول الدول الأوربية إن هذا الفشل المثلث (السياسي ـ الاقتصادي ـ الأمني)، جعل هذه الدول منبعاً للمهاجرين غير الشرعيين إلى أوربا، ومنبعاً للإرهاب، ومنبعاً لعدم الاستقرار في العالم، وهو ما فرض على العالم "المتمدن" (أي أوربا والولايات المتحدة) ضبط هذه الظاهرة والتحكم بها، ومساعدة بعض هذه الدول على الارتقاء وتحسين ظروفها، وإخضاع دول أخرى للشروط التي يراها حكام العالم مناسبة، وتطويق دول الممانعة والعمل على تغيير نظامها السياسي.

ونحن نعلم أن صورة الدول الفاشلة (إن كان هنالك مبرر لاستخدام مثل هذا المصطلح)، إنما هو النتيجة المنطقية لسياسات الدول الناجحة (اقرأ: الدول الإمبريالية)، فلولا النهب المنظم لدول الاستعمار القديم، الذي تبعه نهب العالم الثالث بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية اعتماداً على نظام تقسيم عمل عالمي ظالم، لما أمكن للولايات المتحدة أن تزدهر، وأن تتمتع بتطوير اقتصادها بفضل عصر النفط الرخيص، الذي أنشأته وحمته بإحداث سلسلة من الأزمات والحروب كان آخرها الحرب على سورية.

ولن تستطيع البلدان العربية (النفطية منها وغير النفطية) أن تتخلص من واقعها الراهن وأن تكسر حلقة التخلف، ما لم تطور اقتصادها وتلجأ إلى حماية موقعها الاقتصادي التنافسي بتأسيس تكتل اقتصادي ـ سياسي قوي وفاعل ضمن الإطار العربي.

إن الولايات المتحدة الأمريكية، بعد وصولها إلى قمة التحكم بالعالم، تشعر وكأن هذا الموقع ينزلق منها بسرعة، وهي لهذا تعمل على تصدير أزماتها السياسية والاقتصادية إلى الخارج للحفاظ أطول مدة ممكنة على موقعها في قمة القرار العالمي، وهي تحاول أن تضرب أي تطور في الشرق الأقصى أو في الغرب الأوربي ما لم يكن منسجماً مع متطلباتها وشروطها، وتعمل على ضرب أي تحالف بين هاتين القوتين الصاعدتين، أو حتى أي تفاهم يمكن أن يترتب عليه إزاحتها عن موقع التحكم بالعالم، ولكي تحقق ذلك كله، لا بد لها من السيطرة على منطقتين هما منطقة بحر قزوين والمنطقة العربية لكي تسيطر على مفاتيح تدفق النفط إلى العالم.

ولذلك لم يعد من الممكن تحت كل هذه الضغوط، أن تستمر الدول العربية بالحياة وفق الشروط الراهنة، فإما أن تتراجع وتتفتت أو تتقدم وتتحد.

الحامل الاجتماعي لهدف الوحدة:

لا بد لكل هدف تاريخي كبير من حامل اجتماعي أي مجموعة من القوى الاقتصادية الاجتماعية التي تأخذ على عاتقها إنجاز هذا الهدف التاريخي، لا بد إذاً من رافعة تاريخية تتألف من القوى الاجتماعية والاقتصادية التي تستطيع أن ترفع بناء الدولة القومية.

وهذه الفكرة حول الحامل الاجتماعي أو الرافعة التاريخية ليست حديثة أو مبتكرة، فقد خصصت لها الحركات القومية العربية جانباً من جهدها النظري، لقد أكد التيار القومي العربي أن هذه المجموعة من القوى، المعنية ببناء دولة الوحدة، تتألف من العمال والفلاحين والرأسمالية الوطنية وصغار الكسبة والحرفيين (أي البرجوازية الصغيرة).

وإذا أعدنا النظر في التعريف السابق، فإننا سنرى أن الطبقة العاملة العربية لا تزال ضعيفة بالقياس إلى مثيلاتها في أوربا وأمريكا وحتى إلى مثيلاتها في بلدان الشرق الآسيوي، فالاقتصاد في البلدان العربية يعتمد أساساً على نمط الاقتصاد الريعي ويرتكز على الصناعات التحويلية البسيطة، وفي البلدان المنتجة للنفط نجد أن قسماً كبيراً من أفراد الطبقة العاملة هم من الوافدين من بلدان أخرى وليس لهم ارتباط قوي بالبلد الذي يعملون فيه، حتى لو كانوا من الوافدين العرب، فضلاً عن أن عدداً كبيراً من البلدان العربية لا يسمح بالعمل النقابي العمالي، أما البلدان التي تسمح به فقد أخذت السلطة فيها جميع احتياطاتها وتوصلت إلى تدجين النقابات العمالية، ودمجها بالبنى القطرية وبالاقتصاد الريعي.

وكذلك فإن ظاهرة هجرة الريف إلى المدينة قللت من أهمية طبقة الفلاحين، فقد انخفضت نسبة العاملين في حقل الزراعة في معظم الدول العربية، وإذا أخذنا بالحسبان التباعد الطبيعي في مجال عمل المزارعين الذين يعملون في ملكيات زراعية صغيرة ومنفصلة، والنزوع الطبيعي الفردي لدى الفلاحين، نجد أن القوة الاقتصادية الاجتماعية السياسية لهذه الطبقة انخفضت كثيراً بالقياس إلى ما كانت عليه في أواسط القرن العشرين.

أما الرأسمالية الوطنية، أي الرأسمالية التي تعمل في مجال الإنتاج الصناعي، فإنها لا تكوِّن قوة كبيرة، نظراً لحجم إنتاجها ونسبته من الاقتصاد الوطني الذي يغلب عليه الطابع الريعي.

وأخيراً فإننا نجد أن دور النخب الفكرية العربية اجتماعياً وثقافياً وسياسياً، أخذ بالتراجع في معظم البلدان العربية منذ ثمانينات القرن الماضي، وهي فترة شهدت صعوداً لهيمنة النخب السياسية الاقتصادية القطرية الحاكمة في البلدان العربية.

ولا نستطيع اليوم حين نفكر بهذه القوى الاجتماعية التي يفترض بها أن تكون الرافعة التاريخية للنهوض القومي، إلا أن نعترف أنها بوضعها الراهن غير قادرة على إنجاز هذه المهمة التاريخية، ومع ذلك فإننا نعتقد أن الظروف الراهنة ستساعد في بدء البلدان العربية بالتحرك نحو أنماطٍ جديدة من الاقتصاد تختلف عن الاقتصاد الريعي، فالمخزون النفطي العالمي لن يستطيع أن يصمد طويلاً أمام تزايد الطلب ومحدودية الإنتاج، وستشهد العقود القريبة القادمة ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط بسبب العجز عن تلبية الطلب المتزايد.

وأمام الخطر الداهم المتمثل في اقتراب ظاهرة نضوب النفط، ستضطر البلدان المنتجة للنفط والبلدان المحيطة بها والمعتمدة عليها، إلى الانخراط في تجارب اقتصادية جديدة تنقل اقتصاد بلدانها إلى مرحلة الاقتصاد الصناعي وربما استطاعت بعض الدول العربية الوصول إلى اقتصاد المعرفة.

إن هذه التطورات، إن حصلت، واحتمال حصولها كبير، وعلينا أن نسهم في تحقيقها، ستؤثر في حجم نفوذ هذه القوى الاجتماعية التي ذكرناها سابقاً، بل وستدفع إلى الواجهة قوة اقتصادية جديدة هي البرجوازية الوطنية العاملة في حقل الإنتاج الصناعي، والتي سيكون في مصلحتها، ليس فقط توسيع الأسواق العربية وتوحيدها، بل إقامة سلاسل إنتاج في عدة دول عربية، تستفيد من التكامل العربي وتوظفه لمصلحتها.

لذلك نقول إن الحامل الاجتماعي أو الرافعة التاريخية للنهوض القومي العربي ستكون مؤلفة من كتلة تاريخية واسعة تضم إلى جانب العمال والفلاحين والمثقفين الطبقة البرجوازية العربية المنتجة الصاعدة والتي ستتنامى قوتها مع تراجع طابع الاقتصاد الريعي في البلدان العربية.

وإذا أُريد للنهوض القومي العربي النجاح فإن علينا جميعاً أن نسعى إلى الاستفادة من جميع الأطر الممكنة لرفع سوية الوعي القومي و لرفع سوية الثقافة الجماهيرية عموماً، بما في ذلك الاستفادة من جميع المنظمات غير الحكومية والجمعيات والاتحادات والنوادي لتكوين إطار عمل فعلي لرفع الفرد والجمهور فكرياً وثقافياً، ودمج هذه الطاقات المهدورة في حركة تاريخية صاعدة، تؤدي إلى تنشيط المشاركة الشعبية ورفع الوعي القومي.

وإذا أريد للنهوض القومي العربي النجاح في إنجاز مهامه، فإن على الحركات القومية العربية أن تسعى منذ الآن إلى زيادة حجم نفوذ القوى التي يفترض بها أن تدخل ضمن الكتلة التاريخية التي تستطيع إنجاز هذه المهمة، وزيادة أثر هذه القوى في حركة هذه الكتلة.

إن على الحركات القومية العربية أن تسعى ضمن هذا الإطار إلى زيادة الوعي الجماهيري لأهمية الانتقال من الاقتصاد الريعي الذي يضع التنمية العربية في مأزق حقيقي، ويجعل من البلدان العربية أمثولة عالمية لكيفية هدر مصادر القوة الاقتصادية والاستراتيجية، وتوضيح أهمية الانتقال إلى الاقتصاد الصناعي واقتصاد المعرفة في بعض البلدان العربية على الأقل، وهو ما يسمح بالانطلاق في مسيرة جديدة للتنمية والنهضة العربية، ويسمح بتعزيز مواقع القوى الاقتصادية والاجتماعية التي لها مصلحة حقيقية في إنجاز النهوض القومي.

وأخيراً ينبغي أن نؤكد مرة أخرى أن العنصر الأول والأهم في انطلاق الرافعة التاريخية للنهوض القومي، إنما هو الوعي، وهو أمر تتحمل مسؤولية نشره الحركات القومية، ببناء نخب فكرية جديدة، وإعادة نشر أفكار النهضة بين الجماهير. فلا يمكن استعادة دور العناصر المكونة للحامل الاجتماعي والرافعة التاريخية للنهوض القومي إلا بالتركيز على دور الوعي، أي بتفعيل العامل الذاتي إلى أقصى حد ممكن، ذلك أن الظروف الموضوعية تظهر حالة من عدم التوازن لا تصلح لتكون بيئة إيجابية حاضنة للنهوض القومي. وإننا نعتقد أن مفاهيم التقدم والنهضة وأفكار التنوير والتنمية والوحدة العربية تتداخل هنا إلى درجة كبيرة تماماً كما كان الحال في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ومن المهم جداً اليوم تعزيز التيار الفكري الداعم لنهضة عربية تستند إلى العلم والتنمية والتقدم، تجد فيها كل شريحة اجتماعية مصلحةً لها ولرؤيتها، ويجد فيها كل فريق عربي مصلحة له ولمجموع أبناء شعبه.

شكل دولة الوحدة:

لا نستطيع أن نحدد سلفاً الشكل الأنسب لدولة الوحدة، غير أننا نعتقد أن سنوات طويلة من تكريس الدولة القطرية أنتجت تبايناً في طبيعة الأنظمة السياسية ومستوى التطور بين الدول العربية، كما أنتجت حالات وحساسيات بل ومخاوف مختلفة، من طغيان دولة على أخرى في إطار دولة الوحدة، لذلك فإن الشكل الأمثل لدولة الوحدة هو شكل الدولة الاتحادية (الفدرالية) التي تراعي هذه الظروف والمخاوف كلها، وذلك في المرحلة الأولى، ويمكن فيما بعد تطوير هذا الشكل وفقاً لدرجة تطور الحالة الاجتماعية السياسية الاقتصادية في كل دولة منتمية إلى الدولة الموحدة على حدة، وفي مجموع هذه الدول، وعلينا ألا نستبعد أي شكل يحقق خطوة إلى الأمام باتجاه دولة الوحدة، فلدينا شواهد غنية جداً من التاريخ، تجعلنا نرى أن لكل أمة تجربتها الخاصة في بناء دولة الوحدة، فتجربة فرنسا كانت مختلفة عن تجربة ألمانيا أو إيطاليا، كما أن العصر الحديث يمدنا بأمثلة أكثر تميزاً مثل وحدة هونغ كونغ مع الصين الأم، وهي وحدة تحققت دون المساس بأي عنصر من عناصر الحياة الاقتصادية والسياسية التي كانت سائدة في هونغ كونغ قبل الوحدة، ومع ذلك فقد تحقق للطرفين فوائد عظيمة بعد تحقيق الوحدة على غرابة شكل الاتحاد، وعلى ما كان يبدو لأول وهلة من ضعف في درجة الارتباط، ولذلك فإننا نقول إن الظروف التاريخية السياسية الاقتصادية تفرض حلولاً مبتكرة للمشكلات التي تترافق مع عملية بناء دولة الوحدة، كما يجب ألا ننسى تجربة الوحدة الأوربية التي قامت على توحيد كيانات قومية مختلفة في دولة واحدة وهي عملية بدأت في منتصف القرن العشرين، وما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، ولو أن العرب تعاملوا بجدية مع اتفاقية السوق العربية المشتركة، التي بدأت في الوقت نفسه تقريباً، لكنا اليوم نتحدث عن تجربة وحدوية موجودة فعلاً، لا عن احتمالات وأهداف. إننا نؤكد ختاماً أهمية التدرج في الوصول إلى دولة الوحدة، عبر التضامن ومختلف أشكال التنسيق، وتوحيد السياسات الثقافية والاقتصادية بين الأقطار المختلفة.



#سيلا_إلياس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزير الدفاع الإسرائيلي ردا على تصريحات بايدن: لا يمكن إخضاعن ...
- مطالبات بالتحقيق في واقعة الجدة نايفة
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج برامج تلفزيونية ناجحة في ال ...
- سويسرا: الحوار بدل القمع... الجامعات تتخذ نهجًا مختلفًا في ا ...
- ردًا على بايدن وفي رسالة إلى -الأعداء والأصدقاء-.. غالانت: س ...
- ألمانيا ـ تنديد بدعم أساتذة محاضرين لاحتجاجات طلابية ضد حرب ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة هندسية إسرائيلية في رفح (فيد ...
- موسكو: مسار واشنطن والغرب التصعيدي يدفع روسيا لتعزيز قدراتها ...
- مخاطر تناول الأطعمة النيئة وغير المطبوخة جيدا
- بوتين: نعمل لمنع وقوع صدام عالمي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيلا إلياس - نظرية الوحدة العربية حديثاً