ما هو الكومبيوتر الكمي؟

ز.غ

الحوار المتمدن-العدد: 509 - 2003 / 6 / 5 - 14:50
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    

تشكل الحاجة إلى زيادة قدرة استيعاب ذاكرة الكومبيوتر وسرعة إنجازه للعمليات الحسابية الدافع الأساسي وراء تطوير أجهزة الكومبيوتر وقدراتها، وهي حاجة تكبر باستمرار مع التطور الذي يشهده عالم المعلومات والأبحاث وشبكاتها. لكن هل يمكن الوصول إلى الكومبيوتر المثالي الذي يمكنه أن يحقق كل هذه الحاجات؟ ومتى؟ وما هي فعلا حدود حاجاتنا؟ هذه الأسئلة دفعت العلماء إلى البحث في اتجاه جديد يرتكز على الفيزياء الكمية Quantum Physics من أجل تطوير كومبيوتر ينتفي معه الكلام عن سرعة أو قدرة للذاكرة، لأن سرعته وذاكرته تصبحان غير محدودتين. هذا الكومبيوتر المستقبلي هو ما يسمى بالكومبيوتر الكمي أو Quantum Computer.
أول من نظّر لهذا الكومبيوتر كان عالم الفيزياء بول بينيوف الذي حاول تطبيق النظرية الكمية على المعلوماتية في <<مختبر أرغون الوطني>> في شيكاغو قبل عشرين عام تقريبا.
وترتكز أجهزة الكومبيوتر الموجودة حاليا في عملها على <<نظرية تورينغ>> Turing Theory التي وضعها ألان تورينغ في العام 1930. وهي تقوم بتقسيم المعلومات على شريط الذاكرة داخل الكومبيوتر إلى وحدات صغيرة تسمى <<بايت>> Bit وتظهر في حالتين مغناطيسيتين هما صفر أو واحد وتنحصر فيهما. كما أن إجراء العمليات الحسابية داخله تنحصر في الانتقال من حالة الصفر إلى الواحد أو بالعكس في ما يمكن تشبيهه بحالة إضاءة أو إطفاء زر كهربائي.
لكن وبحسب النظرية الكمية فإن المعلومات المحفوظة في ذاكرة الكومبيوتر وآليات العمل فيه لن تنحصر في هاتين الحالتين. فهو يتعامل مع المعلومات بوصف البايت ذي طبيعة كمية أو <<كيوبايت>> Qubit. وهذا يعني أن كل بايت يكون إما بشكل الصفر أو الواحد أو بالشكلين معا في الآن نفسه أو بشكل وسطي بين الشكلين.
فبحسب الفيزياء الكمية، لا يمكن الجزم بأن إحدى الذرات أو العناصر المتناهية الصغر موجودة في مكان ما، بل هناك احتمال بأن تكون في هذا المكان أو لا تكون. وبالتالي فهناك احتمال بأن تكون هذه الذرات في حالة معينة أو في حالة مضادة أو في الحالتين معا. وإذا تم تطبيق هذه النظرية على آليات حفظ المعلومات ومعالجتها داخل الكومبيوتر فإن القدرة الاستيعابية له تزيد وكذلك سرعة عمله.
وفي هذا النوع من الكومبيوتر يفترض أن تتشكل ذاكرة الكومبيوتر ومعالجه Processor من ذرات معينة تتفاعل مع بعضها وتتخذ حالات مغناطيسية معينة، بحيث تتماثل مع حالتي الصفر والواحد. والاعتماد على الذرات في هذه العملية يأتي من قدرتها العالية على تغيير وضع الطاقة فيها بسرعة تزيد آلاف المرات عن أسرع كومبيوتر تقليدي متوفر حاليا، ويعتمد على الترانزيستور والحلقات الكهربائية.
وفي هذا النوع من الكومبيوترات فإن كل <<كيوبايت>> يأخذ مكان معالج كامل من المعالجات التقليدية، مما يعني مثلا أنه في حال اعتمدت ألف ذرة من الباريوم فيه فإنها ستقوم بعمل ألف معالج تقليدي!
إن أبحاث الكومبيوتر الكمي ما زالت حتى الآن في طور النظريات وهي تحتاج لسنوات عدة بعد قبل أن يصبح تطبيقها ممكنا. ويأتي عمل فريق جامعة <<يال>> المعتمد على عمل <<فريق الجزيء والذرة>> اللبناني في إطار البحث عن المركبات أو الذرات المناسبة التي يمكنها أن تشكل أساسا للكومبيوتر الكمي المستقبلي.
وفي العام 2000 أعلن فريق باحثين في شركة <<أي.بي.أم.>> عن تطوير ما اعتبروه الكومبيوتر الكمي الأكثر تطورا حتى الآن والذي تبلغ قدرته 5 كيوبايت معتمدين على ذرات الفلور. وفي العام نفسه أعلن فريق من مختبر <<لوس ألاموس الوطني>> عن تطوير جهاز بقوة 7كيوبايت.
عند التمكن من بناء كومبيوترات كمية فعالة فإن استخداماتها الأساسية ستتركز في معالجة قواعد البيانات الضخمة وفي تشفير وفك شيفرة المعلومات السرية.
غير أن هذا النوع من الأجهزة ما زال في مراحل أبحاثه الأولى، كما أن التكنولوجيا القادرة على بناء كومبيوتر كمي فعال ما زالت تحتاج لسنوات عدة قبل أن تصبح متوفرة.
ولأن الكومبيوتر الكمي يمكنه أن يتضمن هذه الحالات المختلفة في وقت واحد فإن ذلك يزيد قدرته ملايين المرات على معالجة أي عملية من أي سوبر كومبيوتر متوفر حاليا.

  
جريدة السفير
 

 

 

#ز.غ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات