أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حاب حسين الصائغ - شذرات.. تشخيصية














المزيد.....

شذرات.. تشخيصية


حاب حسين الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 1713 - 2006 / 10 / 24 - 06:40
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الجواهري في قصيدة حبيبتي يناجي دواخل الإحساس يبحث عن مكنونات يتمناها أن تصبح إلى أكثر من ذات، ويعاني في طرح فضاؤه الوصفي، منطلقاً من مجتمع جغرافيته مقدسة تعمل بأفق الإنسان الذي يكتنز تحت ضغوط يصعب فتح مغاليقها بصور تشخيصية إلى مفهوم جديد مرتبط بالمجاورة، مما يجعله غير متصالح مع ما يلامس الروح الخلاقة بلا المواربة، وهو يعمل باحتراس دون تعصب لينشط ما يخاطب في ذهنه وما يجدهُ على واقع يلبس ثوب شحنته شذرات مرجعية ملتفة بنظام طقوسي لا يمكن التلاعب به إذ يردد:
حبيبتي والهوى، كالناس، خلقته تمل ما لم تغاير عنده الخلق
ما لذ وصل لم يلو الصدود به والحب لم يختلس من أمنه الفرق
بئست رتابة لحنٍ عوده وتر وبئس طعم حياة لونه نسق
يريد إزاحة الضبابية الموجودة على الشكل اليومي ليوسع المحتشد محاولاً حرث الشحنات الواقفة عند زوايا لا تريد التغيير أو التبدل أو تقبل السير نحو الأيام الآتية، وتتناسل الشهقات من حنجرته، فيعود لمخاطبة مل يعتلج في ذهنه من طيات ينظرها عبر البعيد لمستقبل قادم يراه ينفعل مع جديدة ولا يقف أمام أو عند سحب شتائية كثيفة مثقلة بما تحمل من قيود، وشاؤا أم أبوا سوف تهطل وتأتي غيرها في ربيع أيامه مختلفة. فيردد:
تلك الثلاثون والتسع التي دلفت تستاقنا عنتاً طوراً وترتفق
للآن نعجب من الواح سيرتها مما تشابك فيها الحلم والخرق
جعنا بها وشبعنا، لا الغنى بطرَّ ولا الطوى برم يجتره الأرق
* * *
وفي مقطع آخر يقول:
ولا اصطفى القدر المظنون رحلتنا كنا لها قدراً يمضي ويستبق
سرنا على الشوك يدمينا ونألفه وفي مفاوز َ ترمينا ونلتصق
كنا نرى الجمر مشبوباً ونحترق ومغرِسَ الرجلِ ملغوماً ونخترق
يتنفس الجواهري شعراً ومعرفة خارج حدود القبيلة ماساً دولاب الزمن المستمر دورانه لا ينفك يبتلع المنساب ويأتي برئة زفيرها قد يكون أنقى وأبلغ فيما يتوافق مع العصر المتجدد، متسائلاً: كيف يتصالح ذاتياً مع جوارحه؟. في قصيدة حبيبتي لا يخاطب أحد!!! . لأنه يكتب تاريخ قابل للعودة إليه ومشاهدة قفزات لم تعطي كل الفرص كما يحلو للجميع أن يحلموا، تتبلور الخرافات وخطوط قد تموت مع لحظاتها.. أقول لحظاتها لأنها قد فرضت فترة من الزمن، ولكنها تنسحق بفعل الزمن أيضاً فيكتب:
حبيبتي مسنا ضُرُ بمجتمع كلُّ الذي فوقه في ضده شرق
تسد فيه فراغ الروح وحشتها كما سيشوه فتق الريطة الرتق
كأن ما يتخطى من حواجزه حواجز الموت تخطوها فتنصعق
نشوى بأحكامه يوماً ونرفضها ونسترق له يوماً ونتعتق
والجواهري يحاول القبض على حالة الانفصال عالماُ أنه لا بد من تشكيل آخر سيتم وجوده على مركز المجتمع وحقوله، وان لم يضاف لمسات جديدة سيجف بفعل استبداد بعض العقول التي تخاف التقنيات الواردة والمنبثقة بفعل تناسل جديد يريد أن يكون له عالم جنس فكرهِ يتلاءم مع ما يعيش عمودياً وليس أفقياً كما عاش السابقون ضد الشكل المولود ضمن ضروف مختلفة وجيل لا يحب التبعية و تريد التخلص من التعسف بتجاوب غير مسبوق، حتى هو نفسهُ في قراره يخاف منها، ولكنه كشاعر لابد من تذييل المجهول بمعرفة حسية يدركها، كالحنين داخله لا ينفك عن التجلي والظهور بين الفنية والفنية، ويمتد داخله الإحساس بالتكبيل، لذا يحاول فتح الأبواب في قعر أفكاره المعتمدة من روح الحياة ضمن خلاصة الجديد، لأن الموجود جنائن قد تزول خضرتها في يومٍ ما، والعودة ضرورة إلى الشامل من حركة الحياة وبقوة زاخرة، أدخل أسلوبه البلاغي في مشاعات التنوع وتطرق إلى المتعايش والمحدث القادم لكي لا يدفن الفكر مع الجسد، فجاب بمركبته الشعرية صروح متنوعة وخاطب المجتمع والدين والسياسة وخصَّ المرأة والوطن، في نظره هما الشيئان اللأمتناهيان مهما حصل من تطرف أو تطور أو تقدم في كل العصور لا يستطيع الإنسان تجاوزهما والمرأة هي رمز للوطن الذي يوصف بالحبيبة /الأم / زوجة/ إبنة/ بالحبي/ والنفس التي أغلى ما يملك الإنسان توصف بالحبيبة.
والحبيبة بحضورها أكبر جزء منشطر ومتواجد في كل التناقضات الاجتماعية في أغلب المجتمعات وهي من الداخل كل (المشكل) بطريقة خلاقة وفق تداعيات وأغوار الحياة العادية والعامة فنجده في أكثر من مكان يتحدث للحبيبة الرمز:
حبيبتي يقص الدهر قصتنا حتى ليُكَذَبُ أقوامٌ وإن صدقوا
وكيف لا وخفايا أمرها عجب به علينا ضحايا سرِّهِ غَلق
وفي مقطع آخر :
حبيبتي والخطايا في الورى نسب وللخطاة،على ما اضمروا، فرق
وفي مقطع آخر:
حبيبتي ما يزال السر في عمه على أساري بأنياب الردى علقوا
تفحموا عالماً غمت مصائره كأنهم من مصير غيره سرقوا
لا يستطيعون فكاً من محاوره إلاّ إذا استطاع فكَ المحجر الحدق
وهكذا نواة الروح في الحبيبة النفس والحبيبة المرأة والحبيبة الأرض، وحدودهما من التأمل الشامل في موجات الحزن والفرح وأيُّ مأزق يعيشه الرجل، والرجل الظل المفتوح في تاريخ الزمن ودورة الحياة في المجتمع كمفهوم مازال يعتبر لغز.
ما دام هناك خط يفرق وجود الإنسان، ويعمل على فصل المرأة عن الرجل، ويضع مفاهيم شائكة حول عملية سير الحياة، وجعلَ لمعناها شظايا متناثرة صغيرة التراكيب.. بدل أن تكون المعاني متكاملة في بناء المجتمع وقد لا تأول العلاقات هذا التأويل الخاطئ فيعود الجواهري للتحسرمنهي القصيدة:
وأصاعد الفكر حتى الكون في زهجٍ به، وحتى نسيج الكون منخرق
وما يزال الأذى، والبؤس مرتهن والحقد والخبث والإدقاع والقلق
وما تزال حضارات مشعشة في قبضة الذر وحشاً يوم بنطلق
في لغة صارمة لكبح آليات الكلام ومدلولاته يكون قد حرر القصيدة بتفاعل عقلي ونفسي بروح إنسانية.
المصدر: دار المدى للثقافة والنشر/ سعدي يوسف/ محمد مهدي الجواهري/ قصيدة: حبيبتي ص- 199 / طبع 2001



#حاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حاب حسين الصائغ - شذرات.. تشخيصية