أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - هل تتغير معادلات الصراع في فلسطين؟















المزيد.....

هل تتغير معادلات الصراع في فلسطين؟


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 7580 - 2023 / 4 / 13 - 14:21
المحور: القضية الفلسطينية
    


رزحت القضية الفلسطينية على مدار عقود تحت وطأة اعتبارات سياسية تحكمت بشكل مباشر في توازن ميزان القوى في المنطقة لصالح إسرائيل، وساهمت في عدم حل القضية الفلسطينية. ولا يرتبط حل قضية فلسطين بالفلسطينيين فقط في منطقة مهمة وخطيرة كمنطقة الشرق الأوسط، وإنما يتعلق حلها بعوامل دولية وإقليمية ترتبط بالقوى الدولية الرئيسة، بالإضافة إلى عوامل محلية فلسطينية وداخلية إسرائيلية. ولا يمكن إغفال دور الولايات المتحدة في صقل ميزان القوى لصالح إسرائيل ليس فقط في إطار القضية الفلسطينية، وإنما أيضاً في المنطقة كلها. فخلال فترة الحرب الباردة، وعهد ثنائية القطبية، تبنت الولايات المتحدة إسرائيل، بعد احتلالها للأرض المتبقية من فلسطين عام 1967، والذي جاء دون محاسب أو رادع في ظل دعم مفتوح سياسي ودبلوماسي وعسكري واقتصادي لإسرائيل من قبل القطب الأميركي. وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وتحوّل الولايات المتحدة للقطب العالمي الأوحد، تبنت الولايات المتحدة عملية سلمية لصالح إسرائيل، حليفتها الأولى في العالم. فأقحمت الفلسطينيين في عملية سلمية مطاطة، تقوم على أساس إدارة للصراع وليس الحل، وتقييد وتجريم النضال الفلسطيني. ومن جهة أخرى، حمت ودعمت ودافعت عن حكومات الاحتلال المختلفة، الأمر الذي قوّى من مكانة الكيان المحتل واستمراره وتمكينه من تحقيق أهدافه في الأراضي المحتلة، وحيّدت كذلك جميع عناصر القوة الإقليمية التي يمكن أن تساهم في دعم الفلسطينيين في معركتهم مع الاحتلال من جانب ثالث. اليوم تشهد المنطقة العديد من التطورات الميدانية لصالح الفلسطينيين، تأتي من جبهات مختلفة، فهل تأتي هذه التطورات الميدانية في ظل تغيرات سياسية ترتبط بمعادلات الصراع الكبرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أم هي تطورات ميدانية عابرة؟

حدث في فلسطين وأكنافها العديد من التطورات الميدانية التي تستدعي المرور عليها لقراءتها في ظل معطيات سياسية أوسع. تشهد فلسطين انتفاضة حقيقية بمعطيات مختلفة عن المعهود. وتعمّ أراضي الضفة الغربية منذ العام الماضي مقاومة شرسة تنتشر في جميع أراضي الضفة الغربية، تتركز في شمالها، ويواجه الاحتلال صعوبة في دحرها، بل على العكس هي في تزايد مطّرد، رغم ممارسات الاحتلال الخارجة عن نطاق القانون لمواجهتها. وتستمر العمليات الفردية الفلسطينية غير المسلحة، والتي بدأت منذ سنوات، ويصعب التنبؤ بها، ليس في الضفة الغربية وحدها، وإنما أيضاً في أراضي العام 48. ويطوّر الفلسطينيون مقاومتهم السلمية في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، في صمود وتحدٍ لافت، منذ رفضهم لوضع البوابات الإلكترونية عام 2017، وفرض تواجدهم على المدرجات المقابلة لباب العامود خلال شهر رمضان في العام 2021، وفي فرض وجودهم مرابطين في المسجد الأقصى في ليالي شهر رمضان الحالي. وتلتحم غزة في ملحمة متناغمة مع الضفة الغربية بصواريخها للدفاع عن أبناء شعبها ومقدسات وطنها. هذا العام لم يتحد الفلسطينيون في الضفة وغزة والقدس وفي أراضي العام 48 فقط، بل جاء الالتحام من لبنان أيضاً، بإطلاق 35 صاروخاً، فكسروا معادلة الهدوء بين إسرائيل و"حزب الله" القائمة منذ العام 2006، وكذلك من سورية بإطلاق 6 صواريخ، في خطوة لم تأت منذ سنوات. وقد يكون التطور الأهم في رد الاحتلال، الذي قرر عدم التصادم مع الفلسطينيين في القدس، بعد فضيحة إخلاء المسجد الأقصى بالقوة قبل أيام، والتي أعقبتها صواريخ المقاومة القادمة من الجبهات الثلاث، وعدم خوض حرب مع لبنان وغزة، كما كان معهوداً، والاكتفاء بضربات محسوبة الشدة، تميز بين مطلقي الصواريخ وسلطة الواقع.

هذه التطورات الميدانية في فلسطين ومن حولها قد تكون عادية أو غير أهل للتحليل إن جاءت بمعزل عن تبدلات دولية وإقليمية ومحلية تراكمية، من الواجب النظر إليها، لوضعها في سياق سليم. كشفت الحرب الروسية الأوكرانية التي انفجرت قبل أكثر من عام عن تبدل لنظام القوى الدولي باتجاه القطبية المتعددة، وارتفاع أسهم القطبين الصيني والروسي وبقاء الأميركي، ناهيك عن وجود قوى دولية أخرى لا يمكن إغفال مكانتها أيضاً. أرسى ذلك التطور في معادلة القوى الدولية مجموعة من السياسات المتغيرة والمتفاعلة في منطقة الشرق الأوسط. تحسن الوضع العام الإيراني في أعقاب تطور علاقاتها الإستراتيجية مع روسيا والصين، في ظل يأسها من سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع قضية الملف النووي الإيراني والعقوبات المستمرة عليها. شكل الاقتراب الصيني والروسي من دول المنطقة، على رأسها دول الخليج العربي، نقطة تحول مهمة في علاقات تلك الدول العربية بالنظر إلى مصالحها والابتعاد قليلاً عن الهيمنة والسيطرة الأميركية المكلفة، والتي فشلت في تقديم الحماية والاستقرار في المنطقة خلال السنوات الأخيرة. جاء ذلك في إطار توجه الولايات المتحدة للانسحاب من المنطقة منذ عهد أوباما، للالتفاف نحو آسيا، في سبيل تطويق صعود المارد الصيني المنافس، وازدادت أهمية ذلك التوجه بالانسحاب من المنطقة في ظل تصاعد لظى الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تتبناها الولايات المتحدة بهدف ترويض روسيا. إن هذه التطورات قد تجيب صراحة عن أسباب الصلح الإيراني العربي الذي شهدناه مؤخراً، وجاء بمبادرة ووساطة صينية، وبدأ يحمل حلولاً للصراعات والحروب المتأججة في المنطقة، والتي جاءت أغلبها بالوكالة عن الطرفين، في لبنان واليمن وسورية والعراق. ولا تخرج مفاوضات اليمن اليوم وبلورة مسودة اتفاق تجديد وقف إطلاق النار، الذي انتهى منذ شهر تشرين الأول الماضي، ومبادرات إعادة سورية إلى حضن الجامعة العربية في أيار المقبل عن تلك التطورات. ولا يمكن فصل التطور الميداني في سورية ولبنان والتنبؤ بإمكانية تصاعده في مواجهة إسرائيل عن تلك التطورات.

على الصعيد الداخلي الفلسطيني، بلور الشعب الفلسطيني مقاربة سياسية مختلفة، بعد تجربة عقيمة مع عملية سلمية مضللة، استنزفت طاقاته على مدار ثلاثة عقود، بانتفاضة بمعاير مختلفة. فالانتفاضة الفلسطينية يحتضنها الشعب وغير فصائلية بما يعقد قراءة تطوراتها، ليس لها قيادة مركزية يعطل استهدافها مسارها وتطورها، كما تعمدت عمليات الاغتيال المنظمة من قبل قوات الاحتلال في الماضي ذلك، تلتحم فيها جميع الطاقات بشكل تكاملي، ودون اتفاق مبرم، وتتفق فيها جميع الجبهات، حتى وإن كان الانقسام قائماً. على الجانب الآخر، يحكم كيان الاحتلال اليوم بحكومة، ما هي إلا نتاج سياسة عنصرية طويلة، بنيت عبر السنوات لترسيخ نظام احتلال عنصري ديني إرهابي ضد الفلسطينيين، فانقلب السحر على الساحر، وها هو الانقسام المجتمعي الإسرائيلي يقصم ظهر اسرائيل، وقد يكون ذلك الانقسام من أهم عناصر إضعاف هذا الكيان. وما يزيد الأمر تعقيداً على إسرائيل، في ظل تلك التطورات الداخلية، علاقتها مع الولايات المتحدة، فبعد أن كانت الولايات المتحدة تعتمد عليها في المنطقة، انطلاقاً من قوتها ومكانتها السياسية، التي رسختها بيدها، باتت إسرائيل اليوم تشكل عبئاً حقيقياً عليها. وهو أمر يمكن قراءته من خلال تعليقات المحللين في كبرى الصحف الأميركية، واعتراض الكثير من المشرعين الأميركيين على سياسات إسرائيل الدموية تجاه الفلسطينيين، وعلى سكوت بلادهم عن تلك السياسات، بل بات هناك تعاطف واضح لدى الأميركيين من شريحة الشباب ومن أتباع الحزب الديمقراطي مع الفلسطينيين وقضيتهم.

من مصلحة الفلسطينيين اليوم اعتماد سياساتهم المقاومة الجديدة، بتطوير وتنسيق واعٍ على جميع الجبهات. ومن مصلحة القضية الفلسطينية أن تتطور معادلة تنسيق العلاقات العربية الإيرانية في المنطقة، واختفاء المعادلة التي عملت الولايات المتحدة على إرسائها عبر السنوات الماضية، والقائمة على التعاون بين دول الاعتدال العربي مع "إسرائيل" ضد دول "محور الشر" بقيادة إيران وحليفتها، والتي حكمت على المنطقة بالصراع الدامي المدمر على حساب شعوبها. ومن مصلحة مستقبل قضيتنا أن يترسخ نظام متعدد الأقطاب، يخلق التوازن في السياسات الدولية، بدل احتكارها من قبل قطب واحد، يعتبر الحليف الأهم في العالم لعدونا.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعديلات القضائية ونذير الانقسام في بنيان كيان الاحتلال
- قراءة في وقائع مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي
- في ذكرى الغزو الأميركي للعراق: دروس لو نتعلم منها
- عن فرص نجاح الاتفاق السعودي - الإيراني
- الواقع الذي يجب أن يقف أمامه الفلسطينيون اليوم
- مستقبل مبادرات التهدئة في الأراضي الفلسطينية
- مستقبل التحالف الأميركي الأوروبي
- الاستيطان وخدعة الدولة الفلسطينية
- بلينكن… غير مرحب بك عندنا
- الإسرائيليون: في ما بينهم الخطر الوجودي
- الاتحاد الاوروبي والكيل بمكيالين
- حكومة نتنياهو الجديدة وحسم الصراع
- عن الحروب والهجمات الالكترونية
- عن الطائرات المسيّرة وتبدل توازنات الصراع
- القمة العربية الصينية الأخيرة .. دلالات هامة
- عن السياسة التركية المتحولة تجاه المنطقة
- الأطفال في فلسطين أيضاً يعانون
- حقبة إستراتيجية جديدة قد بدأت
- فتوى محكمة العدل الدولية: ما الذي يقلق إسرائيل؟
- ملاحظات حول الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة


المزيد.....




- البرتغال: بعد 50 عاما على سقوط الدكتاتورية.. ماذا بقي من -ثو ...
- فرنسا: السجن مدى الحياة لثلاثة مسؤولين في النظام السوري إثر ...
- السيسي وبايدن يتفقان على إدخال المساعدات الإنسانية والوقود إ ...
- جدعون ليفي لـCNN: قرار محكمة العدل الدولية يجعل إسرائيل -دول ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: كيف سيُمكن العالم ...
- إسرائيل ترفض في بيان قرار محكمة العدل وتصف اتهامات جنوب إفري ...
- محكمة باريس تقضي بالسجن المؤبد على مسؤولين أمنيين كبار بالنظ ...
- الناتو لا ينوي دعوة أوكرانيا للانضمام للحلف خلال قمة يونيو
- غوتيريش قرارات محكمة العدل الدولية بشأن رفح ملزمة
- نصر الله يسخر من نتنياهو عقب تصريحاته بخصوص -خطط للشمال- (في ...


المزيد.....

- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - هل تتغير معادلات الصراع في فلسطين؟