أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حنان سعيدان - ما بين الخطاب الواقعي المبني على التشخيص الموضوعي و الخطاب الاستهلاكي الشعبوي















المزيد.....

ما بين الخطاب الواقعي المبني على التشخيص الموضوعي و الخطاب الاستهلاكي الشعبوي


حنان سعيدان

الحوار المتمدن-العدد: 7571 - 2023 / 4 / 4 - 19:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" إن الخطاب السياسي يعكس مستوى منتجه من جهة والمؤسسات التي يمثلها من جهة أخرى "
لعل رسالة حزب التقدم و الاشتراكية المفتوحة و الموجهة لرئيس الحكومة وضعت بما لا يدع مجالا للشك الأصبع على مكمن الجرح ، فما تلى ذلك من ردود فعل بعض من برلمانيي الحزب الحاكم وقيادييه على منصات التواصل الاجتماعي ، قلت قيادييه و ما يعني ذلك كونهم زبدة التنظيم المترجمة لفلسفته و العاكسة لقيمه و تربيته السياستين ، والتي و للأسف الشديد حاولت وهي الموجهة لعموم المواطنات و المواطنين تسطيح فهمهم للسياسة عوض تعميقه ، و دغدغة مشاعرهم عوض إيقاظها ، و كَيل الشتائم لحزب التقدم و الاشتراكية و أطره مع كل ما يمكن ان يتضمنه ذلك من بذاءة اللسان و ابتذال في الطريقة والاسلوب وهو ما يعبر عن انحطاط في مستوى الخطاب السياسي و تدنيه المقرون جدلا بانحطاط فكري و قيمي و اخلاقي غير مسبوق لا لشيء سوى لان حزب الكتاب مارس حقه بكل مسؤولية و وطنية صادقة .
ليعلم هؤلاء أن الفعل السياسي كما تشربناه في مدرسة حزب التقدم و الاشتراكية ، على يد الرعيل الأول يقتضي التعبير عن الافكار و التوجهات و المواقف برصانة الرؤيا ووضوح الفكر في قالب يجمع ما بين القيم الملزمة للحياة الاجتماعية من جهة ، و تلك المكرسة بفتح الكاف في الحياة السياسية بكلمات منتقاة بحرص شديد بغية عدم احتمالية اي تأويل ممكن للفكرة غير ما يراد القصد منها ، إيمانا كون ان الخطاب السياسي هو شكل من اشكال الفعل السياسي ، بل أصعبها حيث يستدعي تملكا لتنشئة و ثقافة سياسية ، وتشبعا بالأخلاق السياسية ، و التزاما بالتواصل الديمقراطي الذي يجب ان يرتقى فيه باللغة السياسية إلى درجة الأناقة اللغوية و تهذيب الذوق اللغوي السياسي ، وهو ما يفسر قمة الوعي التي كانت لدى رفاق مدرسة علي يعتة بسلطة اللغة في مجال السياسة، وقمة المعرفة العميقة بضوابط الخطاب السياسي وقوانينه .
غير أن ما نلاحظ اليوم بسبب ما أثارته الرسالة المفتوحة الموجهة لرئيس الحكومة من طرف حزب التقدم و الاشتراكية من ردود فعل غلبت عليها السطحية و الانفعالية و الارتباك في أحيان كثيرة ، و طبعتها السذاجة و الافتقار الى الحنكة السياسية بل لأبسط أسس العمل السياسي الرصين من طرف الحزب الحاكم و ما تضمن ذاك من اعتماد على تغليط و تزييف و مهاجمة للآخر والالتفاف عن الحقائق ............وصولا حد التطفل عن حق الرد المكفول فقط للجهة التي وجهت لها الرسالة أي رئاسة الحكومة و التي لا أظن أنها قاصر عن التفاعل المسؤول معها أو تفتقر للجرأة الكافية لذلك كما أنها غير مقدسة عن المساءلة ولا منزهة على الانتقاد الهادف و المعارضة البناءة المسؤولة و الوطنية .
فبالرغم من تحمل حزب رئيس الحكومة عبء الخروج بالرد على الرسالة المفتوحة الموجهة من مؤسسة حزبية إلى مؤسسة الحكومة في شخص رئيسها فإن بلاغ الحشو كان بذاته خروجا عن الأعراف الديمقراطية التي لم يجُد بمثلها من قبل ، إذ أن الرسالة موجهة لرئيس الحكومة و ليس لرئيس الحزب الحاكم و لعل هذه " الضلالة " التي ارتكبتها قيادة حزب الحمامة ليس لها في الاعراف الديمقراطية المتعارف عليها أي باب أو منفذ يمكن الاستناد عليه ، بل هو زيغ موغل بكل ما تحمله الكلمة من معنى عن الأفق الديمقراطي الذي يتشدقون به وهو منهم براء .
إن الرسالة الضلالة التي ارتأى من خلالها حزب التجمع الوطني للأحرار الرد على رسالة الجرأة و الإبداع التي وجهها حزب التقدم و الاشتراكية الى رئيس الحكومة عَكَسَ من دون علم رغبته في حصر آليات العمل السياسي ومعه الآليات الديمقراطية بين جدران الغرفتين البرلمانيتين و فقط ، وهما الغرفتين التي ما فتئ نواب الأمة يشتكون من غياب الحكومة و رئيسها عن الجلسات الشهرية الدستورية و الاكتفاء بحضور الجلسات الدورية ضدا على النص الدستوري الواضح في هذا الباب .
إن الرد الضلالة حاول التحدث فيما دبجه بالشرعية الدستورية و السياسية للحكومة المكتسبة من صناديق الاقتراع بناء على مرجعية البرنامج الانتخابي ، و هنا لن أقف عن ما واكب هذه الانتخابات من تسجيل لاستعمال المال بكثافة و في جميع الدوائر ، لكن أدعو الحزب الحاكم الى الالتزام بما تضمنه برنامجه الانتخابي و البرنامج الحكومي الذي تبنته بعد الاستحقاقات الأغلبية الحكومية مع ضرورة المضي في تنزيل مضامين النموذج التنموي و الذي غيبته الحكومة بسبب ارتفاع سقف طموحاته و الآفاق المنشودة بلوغها عبره .
إن الخطاب الذي تبناه الرد يضل بعيدا كل البعد عن خطاب الوضوح والشفافية الذي يأمله المغاربة ، كونه نفسه خطاب الحكومة ، غير أنه معاكس تماما لذاك الذي تحمله مؤسسات دستورية من قبيل المندوبية السامية للتخطيط ، وبنك المغرب، والمجلس الأعلى للحسابات ، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ، ومجلس المنافسة ، فعن معدل التضخم وحسب المندوبية السامية للتخطيط فإن مُعدل التضخم وصل نهاية شهر فبراير المنصرم إلى نحو 10.1 في المائة على أساس سنوي، ليسجل بذلك رقماً غير مسبوق في تاريخ المملكة. وهو الناتج عن تزايد أثمان المواد الغذائية بـ20,1% وأثمان المواد غير الغذائية بـ3,6%؛ فيما تراوحت نسب التغير للمواد غير الغذائية ما بين ارتفاع قدره 0,4% بالنسبة لـ”الصحة” و8,3% بالنسبة لـ”النقل” ، وهو ما تم وصفه من طرف بنك المغرب بالمعدل الاعلى منذ التسعينات ، أما ما يخص نسبة البطالة فالرد وقف على ويل للمصلين حيث ان نسبة 11.8 التي أتى بها تخص الفئة العمرية ما بين 15 و 24 ، غاضا الطرف على معدل البطالة بالنسبة للأشخاص البالغين ما بين 15 و44 سنة و الذي ناهز 12.3 في المائة حسب مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط ، و إذ أستغرب حقا للحديث الرد الضلالة على الحصيلة الإيجابية لبرنامجي أوراش و فرصة و الذي لا زال الحديث عن حصيلته دون الوقوف على نتائجه بناء على تقييم موضوعي بعيدا عن الواقعية ، إذ هو أقرب إلى تلميع صورتيهما أمام الرأي العام كما تم مع المخطط الأخضر الذي اتضح بعد 15 سنة من انطلاقه أن نتائجه كانت مخبية لآمال شعبنا إذ لم يتمكن لا من ضمان الأمن الغذائي و المائي بسبب السياسة التصديرية التي كانت محورا أساسا له ، كما انه لم يقم بأدنى إجراء لتنظيم السوق الداخلي ، بالإضافة للآثار المترتبة عنه و التي أضرت بالفرشة المائية كما ان عائداته من العملة الصعبة لم تصل الى ما كان منتظرا منه
و للإشارة وفقط فحزب التقدم و الاشتراكية من خلال مشاركته في التدبير الحكومي كان يثمن النجاحات التي حققتها الحكومات التي شارك فيها ، كما كان يقر بالإخفاقات و ينتقد بعضا من الإجراءات التي لم يكن موافقا على تطبيقها ، او كان استباقيا من خلال تحليله العميق بالتنبؤ بفشلها ومنها المخطط الأخضر ، إذ لا تزال تقارير لجنته المركزية شاهدة على ذلك ، و هنا لا بد من التذكير كذلك ان حزب التجمع الوطني للأحرار كان مسيطرا على امتداد 24 سنة على تدبير مجموعة من القطاعات الاقتصادية و الإنتاجية ، كالتجارة و الصناعة و الطاقة و المعادن و النقل و الملاحة التجارية و التعليم العالي و البحث العلمي و الوظيفة العمومية و الاصلاح الاداري و السياحة و الصناعة التقليدية و غيرها بالإضافة إلى تدبير قطاع الفلاحة و الصيد البحري و الذي كان على رأسها رئيس الحكومة الحالي على امتداد 16 سنة ، فلا داع لأن يوهمنا هذا الحزب وكأنه تولى المسؤولية الحكومية اليوم فقط .
و ختاما أريد أن أنبه الحزب الذي يسير الحكومة هو أن ما يحتاجه المغاربة اليوم هو خطاب الصراحة والواقعية والوضوح ، و الانكباب على البحث على إجراءات واقعية جريئة مستدامة و ذات وقع ملموس ذو أثر إيجابي على قدرتهم الشرائية ، وإلى مجهود إضافي من طرف الحكومة، إما عن طريق تجميد بعض الضرائب من قبيل الضريبة الداخلية للاستهلاك أو الضريبة على القيمة المضافة، وضخ اعتمادات مالية مهمة لأطر وأعوان المراقبة من أجل الحد من ظاهرة الوسطاء، المضاربين والمحتكرين الذين يغتنون من أزمات المغاربة الذين تأثرت قدراتهم الشرائية بشكل كبير، خصوصاً ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة ، بدل الركمجة على فعل سياسي لحزب معارض وجه رسالة مفتوحة لمؤسسة الحكومة في شخص رئيسها إيمانا منه بدوره السياسي الوطني ، وهي الرسالة التي تم الرد عليها من طرف مكون حزبي لهذه الحكومة بهدف شغل الرأي العام الوطني عن عمق الفعل السياسي النبيل ، و مقصد الرسالة المفتوحة والتي تعكس انتظارات شعبنا ، و تتماهى مع مطالبه الآنية المشروعة و العادلة ، وهو ما يعجل بالدعوة الى الرقي بالخطاب و الفعل السياسيين و الإجابة عن أسئلة المواطنات و المواطنين الحارقة حول ملف الغاز الروسي و أسباب التضخم الذي انتقل من التضخم المستورد الى التضخم المُمَغرب الناتج عن ارتفاع التكلفة الداخلية ، و عن التدابير المستعجلة لحماية الأمن الغذائي و المائي ، وعن ملف الأبقار المستوردة ، و احتكار الغازوال ، و مصفاة لاسامير ، ومآل القانون الجنائي ....... و غيرها كثير
و أخيرا أقول لأصحاب الرد المثير للشفقة السياسية أن “السياسة كلام وليس كل الكلام سياسة "



#حنان_سعيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بسبب حرب غزة.. خطاب مرتقب لبايدن في كلية مورهاوس يثير القلق ...
- السعودية.. فيديو أسلوب و-حشمة- الأميرة هيفاء بتسليم أوراق اع ...
- ألمانيا تغرق.. إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات ...
- صحيفة: قطر أبعدت قادة حماس عن أراضيها لأسابيع بسبب مفاوضات غ ...
- قانون التعبئة العامة الأوكراني يثير مخاوف المغاربة مزدوجي ال ...
- ليبيا.. الداخلية بحكومة حماد تنفي مقتل النائب إبراهيم الدرسي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية -المطلوب المركزي- في مخيم جنين
- -بسبب هؤلاء البلهاء-.. ترامب يحذر من اندلاع حرب عالمية قبل ا ...
- تحذير بوتين للغرب يثير هلع مرشحة للرئاسة الأمريكية
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.05.2024/ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حنان سعيدان - ما بين الخطاب الواقعي المبني على التشخيص الموضوعي و الخطاب الاستهلاكي الشعبوي