أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبدالعظيم محمد أحمد - حول منظمات المجتمع المدنى بالسودان وخطر التبعية















المزيد.....

حول منظمات المجتمع المدنى بالسودان وخطر التبعية


عبدالعظيم محمد أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1711 - 2006 / 10 / 22 - 11:46
المحور: المجتمع المدني
    


صارت المنظمات الطوعية غير الحكومية جزء من حركة دولية ذات تاثير فى صناعة القرار ، ولايمكن انكار أواغفال دورها فى التأثير فهى جزء من علاقات واسعة تتداخل فى مختلف مجالات الحياة ، وصحيح ان نشؤء ها وانتشارها بصورتها الحالية قد تم فى كنف التمويل الاجنبى وبدور حاسم للمنظمات الاوربية والامريكية فى نشاطاتها ، ونحن فى محاولتنا لتناول هذة الحالة نحاول بقدر الامكان تفادى الخطأ المنهجى فى النظر للمسألة فى سياق انها ظاهرة مجردة ترتبط بخصائص عضويتها والقائمون عليها ( طموحاتهم – الاسترزاق - الاجرام – الخيانة ، ... الخ ) فهذا لايعدو أكثر من قفز لاستنتاجات لانفيد عملية نقد التجربة وتطورها ، فالحقيقة ان حكومات العالم الثالث جميعا متورطة فى التمويلات من اجل التنمية ونسبة كبيرة من التمويل تخصص لنشاطات بحثية وعلمية وجامعات ومشاريع مختلفة ، وهناك نشاطات واسعة للمنظمات الدولية والعالمية بالشراكة مع الحكومات ، وهذه ابعاد لابد من النظر اليها عند تناول موضوع التمويل الاجنبى للجمعيات الاهلية الطوعية ، فهى قضية لها عواملها التاريخية متعددة الابعاد ولايمكن اختزالها فى مظاهرها المجردة وربطها بخصائص نفسية او اجتماعية أو حتى اقتصادية للافراد والمجموعات ، بل يجب النظر الى المسالة فى كل جدلى شمولى باعتبارها جزء من مظاهر التبعية ( الاقتصادية – التجارية – المالية – التكنيكية – التقنية – الثقافية – العلمية ) واحدى اليات اعادة انتاج التخلف بالعالم الثالث من ناحية ، ومن ناحية اخرى الدراسة المعمقة للتجربة والعمل على تطويرها من داخلها وبالشروط والظروف القدرات الذاتية والمضوعية للحالة حسب تركيبها الحالى والمستقبلى ، ونعم أن المخاوف من خطر التمويل الأجنبي على تجربة المجتمع الاهلى بالسودان لها مايبررها وتنطلق فى الغالب من مبدأ مناهضة الهيمنة الراسمالية المعاصرة فغالبية الجهات المُمَوِلة إما أوروبية أو أمريكية, وكثير منها مرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بحكومات الدول التي تنتمي إليها، وبالتالي فقيامها بتمويل منظمات غير حكومية في بلد كالسودان ، سواء كانت تنموية أو حقوقية, لا يمكن أن ينفصل تماماً عن المصالح الراسمالية لتلك الدول فى العالم الثالث ، وفي هذا المجال من الصعب الدفاع بالتمييز بين التمويل بشروط الممول والتمويل غير المشروط، وهو التمييز الذي يركز عليه المدافعون عن ضرورة التمويل الأجنبي لتحقيق اهداف المنظمة ، حيث يرون أن التمويل الاجنبى يكون مقبولاً طالما لا يتدخل الممول الأجنبي بأي شكل من الأشكال في القرارات المتعلقة بالنشاط وبمجالات إنفاق الميزانية ، كما انه لازم لتحقيق اهداف الجمعيات فى ظل فشل وصعوبات الحصول على التمويل المحلى ، وفى مقابلات شخصية مع عدد من العاملين بالجمعيات والمنظمات الطوعية بالسودان يمكن ان نلاحظ أن هذه الجمعيات الطوعية بخلاف مايثار عنها هى منظمات فقيرة ومعدمة وتفتقد للبنى التحتية وتنقصها مهارات استقطاب التمويل مقارنة بمثيلاتها فى العالم الاستثناءات حالات متفرقة لاتستحق التركيز عليها وغير قابلة التعميم ، والعاملين بهذه الجمعيات – بتخصصاتهم المختلفة – لهم قضاياهم المهنية فغالبيتهم يعملون بصيغ تطوعية – أقرب للتفرغ السياسى الحزبى – او بصيغ اخرى : موظفين - متعاونيين – خبراء – مستشاريين – ويفتقد العاملون فى وظائف ثابتة للاستقرار الوظيفى ، كما ان ناك تجارب للتمويل المحلى ولكنها لاتفى بمتطلبات وحجم العمل المطلوب - هناك مظاهر شائعة للصرف البذخى على الانشطة ( الفوقية ) وميل لتبديد الاموال فى استهلاك مفرط ضعيف المردود والنتائج - وعن البنية المؤسسية نجد أن مشاركات ومساهمات الاعضاء محدودة ويفتقد العضوية للدور فى معظم تجارب الجمعيات

وعن سياسات التعامل مع الجهات الممولة تفتقد الجمعيات لاستراتيجيات واضحة موثقة تحدد مواقفها نحو الممولين – وتبقى المسألة خاضعة لقانون العرض والطلب
- لم نجد تجربة لرفض عرض تمويل بسبب موقف مبدئى يستند على قرار جمعية عمومية او قيادة الجمعية بسبب راى فى الجهة الممولة وتوجهاتها ، ولم نجد وثائق تناقش موضوع سياسات الجمعيات نحو الممولين من هذه الناحية.. والشاهد أن التمويل ليس مجرد أموال يدفعها الممول ثم يذهب إلى حال سبيله، لكنه عملية مستمرة فى الغالب لفترة طويلة (إستراتيجية) , وللمنظمة صاحبة التمويل بالطبع الحق المطلق في تجديد التمويل أو وقفه وفقاً لتقديرها لما تم إنجازه ولما يتم التخطيط له، واحياناً تمارس ضغوطاً معلنة أومبطنة على المنظمات المحلية بشكل أوباخر، ومن الخطأ بالطبع تصور أن الجهات المُمَوِلة تتخذ قراراتها فقط على أساس معايير الكفاءة والتقييم الموضوعي لأداء المنظمة المتلقية للتمويل ( فهناك شواهد كثيرة على استمرار تمويل منظمات تفتقد لهذه المعايير بشهادة بعض العاملين بها وهنا ليس مجالاً لذكرها ) فمن البديهي أنها تُدخل في حساباتها المساق السياسي والاجتماعي والثقافي لنشاط المتلقي للتمويل ومدى توافق هذا المضمون مع اتجاهات وأهداف الجهة المُمَوِلة أي أن "الشروط" هنا لا تأتي بالضرورة من خلال شروط علنية (غبية) تطرح بشكل مسبق، بل من خلال رقابة ذاتية من قبل المنظمات المتلقية للتمويل والتي تضطر إلى صياغة تقاريرها وكتابة مقترحاتها وخطط عملها وفقاً لما تتصور أنه "مقبول" أو "مطلوب" بالنسبة للجهات المُمَوِلة. وهي رقابة ذاتية يمكن تشبيهها بما يحدث في المؤسسات ذات الطبيعة الاستبدادية فالمرؤوس " كالعامل المضطر" يقدر ما هو مقبول أو غير مقبول لدى رئيسه (صاحب عمله) ويقيس أقواله وافعاله وفقاً لهذه المعرفة, دون أن تكون هناك بالضرورة شروط وقواعد فجة وعلنية.
- لا يمكن أيضاً فصل قضية التمويل الأجنبي عن الواقع السياسى العام فالدور الامريكى / الاوربى يعلن بوضوح أن للمنظمات غير الحكومية دوراً محورياً في مشروع الاصلاح السياسى فى دول افريقيا والعالم العربى – من بينها السودان - وتراقب المخابرات المركزية الأمريكية وغيرها من مخابرات الدول الراسمالية الكبرى المتنافسة عن كثب حركة الأموال المتجهة للمنظمات بحجة الحرب على الإرهاب بالعالم والسؤال الذى يفرض نفسه في ظل هذه المعطيات، هل من الممكن أن يطرح أن التمويل الأجنبي، الأوروبي والأمريكي، يمكن أن يكون منفصلاً عن مخططات الراسمالية ودولها ومطامحها فى بلادنا وافريقيا والعالم العربى ؟ وفى محاولة تناول هذا السؤال سننتطرق لجانب آخر من المسألة وهو ماهى طبيعة علاقة المنظمات غير الحكومية بالمجتمع ؟ ففي حالة المنظمات الخيرية الإسلامية أو المسيحية مثلاً تكون هذه العلاقة واضحة فالعمل الخيري يستهدف تقديم المعونة أو الخدمات للفقراء. وهو عمل ذو طبيعة صفوية وسلبية يساعد على إبقاء الوضع الاجتماعي على ما هو عليه فبدلاً من تحريض الفقراء لنيل حقوقهم أو بالبناء على ما هو موجود فى واقعهم وخبراتهم ، يتم التأكيد على أفكار العجز والضعف وانتظار ما يمن عليهم به الأغنياء سواء من الخارج أو من الداخل. وقد أدى نجاح الحركة الإسلامية بالسودان كما فى غيرها من تجارب الإسلام السياسي في الارتباط بجماهير لايستهان بقدرها من خلال العمل الخيري وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية وغيرهما منذ سبعينيات القرن الماضي، إلى تأثر البعض من أبناء القوى الديمقراطية بهذا المنهج الخدمي الصفوى. وبدأ العديد منهم في تكوين منظمات غير حكومية ذات طابع خدمي أو حقوقي سواء للقيام بدور اصلاحى بالمجتمع أو كمحاولة لقطع الطريق على الجبهة الإسلامية ودعاة الإسلام السياسي فى استغلال المسحوقين من الفقراء باسم الاعمال الخيرية .
ولاشك ان هناك ارتباط عضوي بين الوسائل والأهداف في أي نشاط سياسي أو اجتماعي. فإذا كان الهدف هو تقديم خدمة لشريحة من المجتمع ، تصبح وسيلة التمويل لتحقيق هذا الهدف مسألة ذات طابع تقني. فتقديم خدمة قانونية مجانية (كالعون القانونى ومتابعة انتهاكات حقوق الانسان مثلاً ) يستلزم مكتب وعدد من المحامين المتفرغين وبعض الأجهزة ووسائل الحركة وهذه المستلزمات تحتاج إلى رأسمال أولي وميزانية سنوية ويمكن حساب هذه الأشياء بدقة ويتبقى بعد ذلك البحث عن الممول. ولا يوجد في هذا النموذج أية علاقة بين متلقي الخدمة وبين وسائل جمع التمويل. وهذا الانفصال يؤكد الطبيعة الصفوية لمثل هذا النشاط. فالمتلقي لهذه الخدمة ليس مشاركاً واعياً في النشاط, والذي يشكل التمويل جزءاً حيوياً منه, ولايتم النظر الي المتلقى بالتالى ك"ذات" مشارك بل هو "الموضوع" السلبي للنشاط مهما رفعت المنظمة شعارات المشاركة ، ولكن ماهى البدائل والنماذج الاخرى ؟ وفى مقام آخر سنعمل على البحث عنها وتوفير مساحة لها للتعبير عن نفسها لإعطاء نموذج مختلف يمكننا الاستدلال عليه
و لعل ما يؤكد الطبيعة الصفوية لهذه العلاقة بين كثير من المنظمات غير الحكومية المُمَوَلة وأفراد المجتمع هو ما نراه في أنشطتهم الثقافية , وهو الذي يسمى عادة "التوعية" أو "رفع الوعي" ــ نقتصر في هذا المقال على مناقشة الجانب المتعلق بالتمويل, ولكن أحد الجوانب التي لا تقل خطورة وسلبية هو عالم المصطلحات المترجمة حرفياً من الإنجليزية والتي تشكل منظومة أيديولوجية إصلاحية لا طبقية ، فالاستهلاك يجاوز كل شئ ويحيط حتى بالمعانى المضامين ، ومثال اخر أن المنظمات الطوعية تقوم بنشر ثقافاتها من خلال مطبوعات متنوعة , ولكن ولأنها تحصل على تمويل خارجي لهذا النشر, فهي تقوم بتوزيع منتوجاتها بشكل مجاني ،وعلى سبيل المثال أن إحدى هذه المنظمات تريد نشرة دورية حول حقوق الانسان فكيف تحدد عدد النسخ و حجم ومحتوى وشكل النشرة ؟ والاجابة أن الذي يحدد هذه الأشياء هو حجم التمويل الذي تتلقاه المنظمة من أجل هذا النشاط والقارئ لا يدفع ثمن المجلة ولا يساهم في تنمية مواردها وشبكة توزيعها ، قارن ذلك بمجموعة مهتمة بقضايا متخصصة كتنظيمات الحزب الشيوعي السوداني الجماهيرية (الجباه الديمقراطية على سبيل المثال ) فهى لا تحصل على تمويل خارجي وتريد إصدار مجلتها ومطبوعاتها و لا تستطيع ذلك إلا بجمع الاشتراكات والتبرعات والتي يحدد حجمها حجم دائرة النشطين الملتفين حول هذه المجموعة. ويحدد ذلك بدوره حجم شبكة التوزيع الممكنة وبالتالي حجم جمهور القراء المتوقع. هكذا تكون الإجابة على سؤال كم نسخة وكم صفحة, مرتبطة بشكل مباشر بحجم شبكة النشطين وإمكانياتهم. إذا كانت تلك الإمكانيات لا تسمح إلا بإصدار 500 نسخة من نشرة من أربع صفحات, فهذا ما يجب البدء به. وكلما توسعت دوائر الأصدقاء وجمهور القراء، كلما زادت الإمكانيات وزاد التوزيع وتطور حجم ومضمون المجلة. والقارئ الذي يدفع ثمن الاصدارة وتجمع لها التبرعات وتعرف أن بقائها وتطورها يعتمد بشكل أساسي على دورها الفعال, هل يمكن مقارنته بذلك الذي تصله مجلة مجانية لا يعرف شيئا عن تمويلها ولا يلعب أي دور في بنائها؟ وبالتالى فان التمويل ليس قضية تقنية، بل هو قضية سياسية تحددها علاقة النشطاء بالجمهور( ولنا تجارب يذخر بها تراث النشاط الاهلى بالسودان سنتحدث عنها فى مجال اخر ) ,ونلاحظ من خلال هذا المثال أن التمويل يلعب دوراً الى حد كبير فى تحدبد شكل العلاقة بين المنظمات وافراد المجتمع ، فإما أن يرتبط الهدف والوسيلة بالتمويل الأجنبي والصفوية والانعزال عن الجمهور، أو أن يرتبطا بالتمويل الذاتي بمشاركة النشطين والجمهور وخلق حركة حقيقية قادرة على البقاء والنمو، ولعل ارتباط حركة حقوق الانسان بالسودان مثلاً بالتمويل الاجنبى من ناحية ، اضافة لحالة الحصار المفروضة عليها من السلطة الفاشية يفسر بشكل او باخر مهنيتها المفرطة وضيق حركتها الداخلية وغياب منابرها الشعبية الفاعلة مقارنة مع حركتها الخارجية و فعالية اعمالها المرتبطة بشبكات التاثيروالضغط الدولى منظمات الامم المتحدة، والتى نقدنا لها لايقلل من دورها فى الضغط على نظام الانقاذ فى عهده العباسى الذى شهد ابشع انتهاكات لحقوق الانسان بالسودان فى تاريخه الحديث ، ولكننا نركز على اهمية النظر لمسألة المشاركة فمشاركة الاعضاء والجماهير ليست هى الوسيلة انما الغاية فى خلق مواطنيين واعيين بادوارهم المجتمعية
المهم هو ان التمويل حتى إذا كان قادماً من جهات "مهنية محايدة" فهو يخلق منظمات ذات طابع خدمي وصفوى يتناقض مع مشروع بناء حركات مجتمعية مستقلة وواعية. ولكن هل يعني ذلك ضرورة مهاجمة وادانة كافة هذه المنظمات والنشطين بها؟ وهل يمكننا وضع كافة هذه المنظمات في "سلة واحدة"؟ وللرد على هذه التساؤلات علينا وضع نشأة وتطور هذه المنظمات في سياقها السياسي والاجتماعي. فقد انخرط الكثير من خيرة ابناء الشعب في منظمات حقوقية مُمَوَلة خلال بداية التسعينيات ، ولا يمكن قصر أسباب ذلك الانخراط على الفساد والإغراءات المالية التي كان يقدمها العمل في تلك المنظمات. فقد كانت فترة بداية التسعينيات فترة تراجع حاد لفكرة التغيير الثورى بشكل عام كان من أهم مظاهره انهيار المعسكر الاشتراكى العالمى , والضعف المزمن للحركة السياسية الديمقراطية السودانية , وحالة شبه الاستسلام لمشروع الاسلام السياسى , وهيمنة مشاريع الراسمالية الطفيلية المتأسلمة وضعف المقاومة لها. فكل تلك العوامل لعبت دورا مهما في خلق مناخ من الإحباط والتخبط وأدت إلى فقدان الثقة فى مفاهيم وافكار التغيير الجذرى ومشروع الثورة الوطنية غير المرتبطة بالاستعمار ، وقد تزامن ذلك مع تبلور نظريات اجتماعية إصلاحية تصف نفسها بالواقعية, كنظرية "الحركات الاجتماعية الجديدة" ونظرية "المجتمع المدني". وشكلت هذه النظريات معبراً للتخلي عن مبادئ ومفاهيم العمل من أجل التغيير الثورى ، وفي كثير من الأحوال كان ذلك التخلي بمثابة رد فعل مباشر ليس فقط لما بدا في ذلك الحين انتصارا نهائياً للإمبريالية والرأسمالية عالمياً بل أيضاً للطبيعة المشوهة لوضعية قوى التغيير الوطنى الديمقراطى وحالة التراخى والتراجع السياسى , كل تلك العوامل لعبت دورا مهما في هروب الكثيرين إلى مشاريع إصلاحية تركز على قضايا ملموسة ومحددة و"واقعية" وقابلة للتحقيق من وجهة نظرهم .. ولكن يجب الاشارة الى ان هناك منظمات تطوعية تقدم التمويل وهى لاترتبط بحكومات دولها وبالتالى هى ليست جزء من قوى الهيمنة الراسمالية بل هى جزء من مجتمعات مدنية دولية وتعبر عن سياقات فكرية واجتماعية وثقافية تحمل فى داخلها بذور وامكانية التطوير ، كما هناك تطورات عالمية ومحلية أخرى لها تأثيرها وتتمثل فى فشل سياسات السوق الحر والراسمالية المعاصرة في العديد من دول العالم بما في ذلك دول الكتلة الشرقية السابقة وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وعادت الحروب الإمبريالية للسيطرة على مصادر الطاقة والأسواق والتنافس بين الكتل الرأسمالية الكبرى لتبدد كل الأوهام حول أننا نعيش في عولمة انسانية ، وهناك نهوض الحركات الفلاحية والعمالية المناهضة لسياسات الليبرالية الجديدة في مختلف أنحاء العالم, خاصة في أمريكا اللاتينية وتنشط الحركات العالمية المناهضة للعولمة الرأسمالية والياتها .
والسؤال المحورى هو كيف يمكن العمل على تطور حركة المجتمع المدنى كحركة مستقلة قادرة على البناء فى التربة الحضارية لشعبنا ؟
بلاشك لقد أدت سياسات الخصخصة التي تبناها نظام الانقاذ منذ العام 1989 - وتخلى الدولة عن تقديم الخدمات الاساسية لمواطنيها إلى انهيار اقتصادي شامل فى جميع مناحى الحياة بالسودان - وبلا شك أن كل هذه التغييرات مهمة ولها تأثيرات عميقة في مسار تجربة الناشطين بالمجتمع المدني بالسودان ففي حين ارتبطت الكثير من المنظمات بنشاطات السفارات ومنظماتها التابعة وغيرها من منظمات أمريكية وأوروبية بحجة التشاور حول قضايا المجتمع المدني والتنمية وحقوق الانسان وغيرها فإن أقلية من المجموعات والمنظمات الأخرى تتبلور داخلها رؤى رفض لهذه التوجهات وتعمل للارتباط بالحركات المناهضة للهيمنة الدولية .. ولاشك كذلك أن التحولات على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية تخلق فرزاً حتى في أوساط هذه المنظمات ؟ إذا كان علينا أن نميز داخل هذه الأوساط, بين من يرتبط اليوم بحركة القوى الديمقراطية المناهضة للهيمنة والعولمة الراسمالية وغيرها ممن نجحت صناعة التمويل الاجنبى والعون في استيعابه, فعلينا أيضاً ألا نتغافل عن التناقض الذي تقع فيه هذه الجمعيات بين رغبتها في الارتباط بالحركة والنضال فيها وبين منظومة التمويل التي تظل جزءاً منها .. وستبقى قضية مواقف المنظمات المحلية من التمويل الاجنبى فى حاجة لمزيد من الجهد لسبر غورها وتشجيع وحث الجمعيات على تحديد استراتيجيات وسياسات لتمويلها قائمة على الوعى بالمصالح الوطنية والطبقية لشعوبها وثقافة للإدارة والممارسات الفضلى




#عبدالعظيم_محمد_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة الانتقالية كطريق الى مستقبل أكثر عدالة وديمقراطية.. ...


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبدالعظيم محمد أحمد - حول منظمات المجتمع المدنى بالسودان وخطر التبعية