أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سنية الحسيني - في ذكرى الغزو الأميركي للعراق: دروس لو نتعلم منها















المزيد.....

في ذكرى الغزو الأميركي للعراق: دروس لو نتعلم منها


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 7559 - 2023 / 3 / 23 - 13:37
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


صادف قبل يومين ذكرى غزو الولايات المتحدة للعراق، والذي جاء في العشرين من شهر آذار للعام 2003. عقدان كاملان مرا، عاش العراق خلالهما، ولا يزال، حالة معاناة وألم تؤكدها أعداد القتلى والجرحى والمهاجرين الذين فروا من بلادهم طلباً للأمن وللحياة الإنسانية الكريمة. جاءت حجة إدارة جورج دبليو بوش لغزو العراق في حينه، الإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين، الذي اتهم بعلاقته بالقاعدة، والقضاء على برنامج لأسلحة دمار شامل يفترض وجوده، ووعداً بخلق بلد ديمقراطي. هذه الحرب بكل مآسيها يمكن أن تكون عبرة للعرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً، وذلك من خلال معرفة طريقة تفكير الغرب ببلادنا وأدواته لتحقيقها، ذلك بتحليل بعض تفاصيلها.

أزالت الحرب الأميركية على العراق عدو إسرائيل الرئيس في المنطقة، وهي الدولة العربية الوحيدة التي شكلت تهديداً لإسرائيل في حينه، حيث ضرب العراق أهدافاً إسرائيلية بصواريخ سكود خلال حرب الخليج الثانية، كما أثارت برامج العراق للأسلحة النووية والكيماوية قلق إسرائيل، ما دفعها لقصف مفاعل أوزيراك في العام 1981. وتبلورت نوايا الولايات المتحدة باتجاه الإطاحة بنظام صدام حسين بعد الحرب الباردة مباشرة، فرغم عدم الإطاحة بالنظام العراقي بعد إخراج القوات العراقية من الكويت في العام 1991، إلا أن توجه الإدارة الأميركية تركز على إسقاطه، فشجعت الانتفاضات الشعبية ضده في البداية، وعندما قمع الرئيس صدام تلك الانتفاضات، توجهت السياسة الأميركية لفرض العقوبات الاقتصادية ومناطق حظر الطيران والتفتيش على الأسلحة، ونشرت قواتها في عدد من دول الخليج، معتمدة سياسة الاحتواء المزدوج الموجهة ضد العراق وإيران في المنطقة. في عهد الرئيس بيل كلينتون ركز عدد من مراكز التفكير المؤثرة في صنع القرار العام 1997 على ضرورة تغيير النظام في العراق، وهو ما ظهر في العام التالي كتوجه واضح في أروقة صنع القرار. بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، بدأت مجموعة من المتنفذين في صنع القرار الأميركي أمثال دونالد رامسفيلد وزير الدفاع في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش ونائبه بول وولفويتز أحد أبرز صقورها، بالدعوة لغزو العراق. وعلى الرغم من تأكيد المخابرات الأميركية أن تنظيم القاعدة وراء الهجوم، ومعارضه حلفاء الولايات المتحدة من الدول العربية الرئيسة وتركيا الغزو، شجعت إسرائيل والجماعات الموالية لها في واشنطن ذلك.

بعد الإطاحة بصدام حسين، وتفكيك البنية العسكرية والمدنية في البلاد، فقد تم حل الجيش وسرح أكثر من 40 ألف موظف عمومي من الخدمة المدنية، وتركز الوجود الأميركي على الجانب العسكري، واعتمدت الولايات المتحدة على نخبة عراقية محددة، لإدارة شؤون البلاد. قبل غزو العراق بعقد، مولت الولايات المتحدة مجموعة عراقية معارضة تعيش في المهجر، للعمل على سيناريو "العراق ما بعد صدام". بعد الغزو الأميركي للعراق، أُنشئ مجلس مؤقت لحكم البلاد، لحين ترتيب أوضاعها، تشكل معظمه من قبل قيادات عادت من خارج البلاد، ومن بين جميع رؤساء الوزراء الذين تولوا مهام هذا المنصب منذ العام 2004، الأخير فقط كان من سكان البلاد في العراق قبل الغزو.

قام أعضاء الائتلاف الحاكم بصياغة دستور جديد للعراق، والإعداد لإجراء أول انتخابات بعد رحيل صدام، والذي ركز على إنشاء نظام يقوم على الهوية والمحاصصة، بين الشيعة والسنة العرب والسنة الأكراد، لم يمنح السنة العرب في إطاره النسبة التي تطلعوا إليها، فقاطع الكثير منهم الانتخابات. وركز السياسيون خلال تلك الانتخابات على شعارات تعبوية طائفية. وزاد تأثير تلك السياسات سوءاً توجه النخبة الحاكمة الجديدة نحو العسكرة من خارج الإطار الرسمي. فبعد حل الجيش، شجعت النخب العراقية على عدم نزع سلاح الجماعات المسلحة التابعة لها، واحتفظ كل حزب بمجموعة شبه عسكرية لحمايتها، ما رسخ من ظاهرة انتشار الأسلحة خارج النطاق الرسمي، في ظل عدم وجود توجه واضح لإعادة بناء الجيش. أنتج هذا النظام الجديد والانتخابات التي تمخضت عنه انقساماً طائفياً اجتماعياً وسياسياً واضحاً، فباتت التعيينات الوظيفية محكومة بالهوية، وخلق نوع من العزل بين الأحياء وطرقاتها، التي تلونت طائفياً، فظهرت الفتنة الطائفية التي كانت خامدة لقرون، والتي بلغت ذروتها بحرب أهلية طائفية العام 2006.

لم ينجح العراق في بناء مؤسساته بسبب الطائفية التي زرعت في النظام السياسي الذي أرسته واشنطن في البلاد، وأوصلها بعد ذلك لحرب أهلية، كما لم تنجح في بناء النظام الديمقراطي الذي ادعت نيتها إرساءه، فتغلغل الفساد في مفاصل الدولة وركائزها، ومارست الحكومة العراقية العنف والقمع بحق المواطنين العراقيين. واستشرى الفساد على مدى السنوات العشرين الماضية في منظومة الحكم العراقية، ويدعي مسؤولون عراقيون كبار اختفاء مئات مليارات الدولارات من البلاد بسبب الفساد. ورغم ارتفاع الميزانية السنوية للعراق من عائدات النفط، لا توفر الحكومة أبسط الخدمات البديهية للمواطن مثل توفير الماء والكهرباء، أو تطور البنى التحتية الرئيسة والمرافق في البلاد، وبات العراق لا يختلف كثيراً عن حقبة العقوبات خلال التسعينيات من القرن الماضي. وبات المواطن العراقي لا يثق بمنظومة الحكم القائم، فانخفضت نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات في كل مرة عن السابقة، حتى وصلت لأدنى معدلاتها في الانتخابات الأخيرة العام 2021. وقمعت الحكومة الانتفاضة الشعبية التي قام بها الشباب العراقي في العام 2019، والتي عرفت باسم حركة تشرين، ونددت بالوضع الحياتي القائم وبنظام المحاصصة الطائفي، فقتلت السلطات مئات وجرحت عشرات الآلاف من المتظاهرين.

أشار بايدن الشهر الماضي إلى حرب روسيا ضد أوكرانيا باعتبارها الغزو الواسع النطاق الوحيد الذي شهده العالم منذ ثمانية عقود، دون أن يلاحظ أن تصريحاته جاءت قبل شهر واحد فقط من الذكرى العشرين للغزو الأميركي للعراق، والتي صوت بايدن نفسه لشنها في حينه. المشكلة أن قضية العدالة الدولية غير موجودة اليوم في ظل عالم يكيل بمكيالين. ففي حين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدعوى مسؤوليته عن جرائم حرب، بعد عام واحد فقط من الهجوم الروسي على أوكرانيا، في مهزلة جديدة تلحق بمنظومة العدالة الدولية التي تقودها الدول الغربية، لم تعامل الولايات المتحدة بالمثل عند غزوها لأفغانستان والعراق بعد أحداث الحادي عشر من أيلول. بعد موافقة المحكمة الجنائية الدولية العام 2020 على التحقيق في ما إذا كانت القوات الأميركية قد ارتكبت جرائم حرب في أفغانستان والعراق بعد أكثر من 18 عاماً على الغزو الأميركي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية، بينهم المدعية العامة للمحكمة في حينه فاتو بنسودة، فتم تعليق التحقيق بعد ذلك. وعندما سعى مدعي المحكمة كريم خان العام الماضي لإعادة فتح التحقيق من جانب المحكمة، قال إنه يعتزم التركيز على الجرائم التي ارتكبتها حركة "طالبان" وجماعة أفغانية تابعة لتنظيم "داعش"، أي ليس على جرائم الولايات المتحدة، التي تعتبر إحدى الدول الاثنتي عشرة التي لم تنضم للمحكمة.

قد يكون من أهم الدروس التي علينا تعلمها أن الحفاظ على القرار الوطني الداخلي للدول دون السماح لأي تدخل أجنبي أولوية قصوى، للحفاظ على الوطن وسلامته، لأن كل دولة أعلم بشعابها. وأن وهم الديمقراطية التي تروج لها الولايات المتحدة يأتي في سياق مصالحها فقط، وليس لأنها تسعى للإصلاح وخير الدول الأخرى. كما أن استغلال أو خلق الانقسام داخل المجتمعات، يعد أحد طرق الاختراق الأميركي للدول، لتحقيق مصالحها السياسية أو الاقتصادية على حساب مصلحة شعوبها وسلامتهم. كما أن مفهوم العدالة من خلال المؤسسات القائمة اليوم ليس هو الطريق الأمثل أو الطريق الأساس لتحقيق العدالة الحقيقية، في ظل منظومة دولية غربية.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن فرص نجاح الاتفاق السعودي - الإيراني
- الواقع الذي يجب أن يقف أمامه الفلسطينيون اليوم
- مستقبل مبادرات التهدئة في الأراضي الفلسطينية
- مستقبل التحالف الأميركي الأوروبي
- الاستيطان وخدعة الدولة الفلسطينية
- بلينكن… غير مرحب بك عندنا
- الإسرائيليون: في ما بينهم الخطر الوجودي
- الاتحاد الاوروبي والكيل بمكيالين
- حكومة نتنياهو الجديدة وحسم الصراع
- عن الحروب والهجمات الالكترونية
- عن الطائرات المسيّرة وتبدل توازنات الصراع
- القمة العربية الصينية الأخيرة .. دلالات هامة
- عن السياسة التركية المتحولة تجاه المنطقة
- الأطفال في فلسطين أيضاً يعانون
- حقبة إستراتيجية جديدة قد بدأت
- فتوى محكمة العدل الدولية: ما الذي يقلق إسرائيل؟
- ملاحظات حول الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة
- توتر العلاقات الأميركية السعودية: أميركا تقع في شر أعمالها
- التفاهمات اللبنانية الإسرائيلية: صفقة اقتصادية أم اتفاق ملزم
- لقاء الجزائر … هل من جديد؟


المزيد.....




- خارجية السعودية تعلق على حادثة مروحية الرئيس الإيراني
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي ثالث اليوم في معارك قطاع غزة ...
- تفكيك شبكة إجرامية عابرة للحدود ومصادرة كمية وفيرة من -الأقر ...
- شاهد: مقتل أكثر من 80 شخصا في فيضانات قوية ضربت أفغانستان
- كاليدونيا الجديدة: قوات الأمن الفرنسية تستعيد السيطرة على ال ...
- -رشاوى- وتنديد.. كيف توترت علاقة البرلمان الأوروبي بعدة دول ...
- الرئيس العراقي يعرض تقديم كل مساعدة ممكنة في عمليات البحث عن ...
- من صقور السياسة الخارجية.. دبلوماسية أمريكية بارزة تصف خاركو ...
- الخارجية التركية تصدر بيانا عن آخر التطورات المتعلقة بحادث م ...
- القناة -13- العبرية: إسرائيل تنفي تورطها في حادث مروحية الرئ ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سنية الحسيني - في ذكرى الغزو الأميركي للعراق: دروس لو نتعلم منها