أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وديع بتي حنا - العراق – ملايين الضحايا والسبب قَدْري قادَ بَقَرنا















المزيد.....

العراق – ملايين الضحايا والسبب قَدْري قادَ بَقَرنا


وديع بتي حنا

الحوار المتمدن-العدد: 1709 - 2006 / 10 / 20 - 06:18
المحور: كتابات ساخرة
    


كان كل هدف الاساتذة الاجلاء, واضعوا منهج كتاب القراءة للصف الاول الابتدائي , من عبارة ( قَدري قادَ بَقرنا ) هو محاولة ذكية اثبتت نجاحها في ادخال حرف القاف الذي تتميز به اللغة العربية عن كثيرغيرها من اللغات الى ذهن ذلك البرعم الناشئ الذي ابتدأ مشواره الطويل مع لغة الضاد, ويقينا لم يكن يدرفي بال مشاعل النور ان تكون هذه الجملة كما هو حال شقيقاتها وصفا رائعا للحال السياسي الذي يعيشه البلد منذ زمن طويل حيث كان ( قدري ) في كل حقبة سببا لادخاله في غابات موحشة تكثرفيها بنات اوى فتنهش منه ما استطاعت الى ذلك , الى ان جاء الزمن الاغبر فاجتمعت مجموعة من ( قدري) وقررت ان تتبرع فيما تبقى في مزاد بخس وكصفقة واحدة للوحش الامريكي المعتوه .

مشكلة كل (قدري ) عرفه العراق انه يهوى السباحة في برك الدم بل يتلذذ بذلك ويعتبره صكا للوصول الى( شاطئ المجد ) , واقسى ما في المشكلة ان ( قدري ) يتغاضى في البداية بل و يرفض الاعتراف او التصريح بالثمن الباهض الذي دفعه الشعب على ( طريق المجد ) ذلك , حتى تحين الساعة ويصبح الاعلان والتفاخر بحجم التضحيات يصب في خدمة المشروع السياسي الذي بدأه ( قدري ). اتذكر جيدا كيف تحدث الناس عن المسؤول في الشركة العامة للسيارات العراقية الذي عوقب بسبب اعلانه عن عدد السيارات التي تم توزيعها, حتى وقت تصريحه , على عوائل الشهداء في الحرب العراقية الايرانية , كان الرجل يريد ان يفتخر بانجازاته ولم يكن يعلم ان ذلك مس بالمحرمات فليس مسموحا للشعب ان يعرف تضحياته لكي لاتصاب عزيمته بالاحباط والطريق طويل طويل, وهكذا في كل الحروب كانت النعوش تتوالى على المدن والقرى مع صمت عجيب او شحن مقصود باتجاه التقليل من حجم وكم الضحايا. ثم جاء الحصار وأكل في عظم الطفل قبل الكبير لكن شروط و قوانين الحرب النفسية استوجبت ان تتلقى اجساد الضحايا قدرها الاحمق بصمت وخشوع الى ان تراكمت الاجساد البريئة فوق الاجساد البريئة وجاوز الرقم المليون طفل عراقي , وعندذاك فقط سمح النظام بالحديث جهارا عن هذا الثمن المروع في محاولة مفضوحة لوخز الضمير الانساني بقصد الوصول الى ربح سياسي .

واليوم يتكرر المشهد نفسه ويخرج علينا الناطق باسم الحكومة العراقية وبايعاز من ( القدري ) الجديد ليطعن في مصداقية الدراسة التي اجرتها احدى المؤسسات الامريكية الرصينة بالتعاون مع جامعة بغداد والتي خرجت بنتائج رهيبة, حيث اشارت الى ان اكثر من 650 الف عراقي قد تم الحكم عليهم بالاعدام من جهات شتى وتم تنفيذ الحكم بطرق شتى منذ الاحتلال الامريكي للعراق قبل اكثر من ثلاث سنوات . لقد اكتفى الناطق باسم الحكومة العراقية بالقول ان الرقم مبالغ فيه دون ان يعطي سيادته اية اضاءة حول الرقم الذي يعتقد بصحته , كما لم يعلق بكلمة واحدة عن احدىالنتائج العرضية المروعة التي اشارت اليها هذه الدراسة وهي ان اكثر من 60 % من الذين قتلواهم من الرجال الذين تتراوح اعمارهم بين 15 – 44 سنة مما يعني ضربة قاصمة ستكون لها عواقب وخيمة على البناء الاجتماعي والاقتصادي للبلد. في الوقت الذي يعلن قائد القوات الامريكية في العراق باعصاب باردة بانه يعتقد ان الرقم الصحيح قد يكون في حدود الخمسين الف قتيل وكأن الخمسين الف عراقي رقم تافه لايستحق كثير من الضجة ولايرقى الى درجة الاهتمام التي يجب ان يلقاها الامريكيان اللذان قتلا في حادث اصطدام احدى المروحيات ببناية في نيويورك قبل عدة ايام.

ان الحياء قطرة اذا سقطت يطلب المرء من الباري عز وجل الستر من عاقبتها , ولذلك يصاب الانسان بالاحباط وهو يشاهد مجموعة ( قدري ) التجارية الجديدة التي جاءت بعد الاحتلال وهي تتصارع فيما بينها على المناصب و الامتيازات وتقاسم الكعكة في الوقت الذي اصبح اعلان العثور على عشرات الجثث خبرا عاديا يوميا يضاف كسطر او سطرين الى نشرات الاخبار يختصر مأساة عوائل كثيرة بالاشارة الى مكان العثور على الجثث ملحقة بعبارة ( وقد بدت عليها اثار تعذيب ). يخرج القادة السياسيون في كل مساء بعد فطورشهي في مهرجانات المجاملات وتبويس اللحى على القنوات الفضائية يشيدون بالانجازات في الوقت الذي يدفع الثمن كاهن مسيحي فُصل رأسه عن جسده وهو لم يحمل السلاح ابدا ولم ينافس احدا على امتياز بل كان يدعو للجميع بالسلام , او امراة في الثلاثين أُدخلت عنوة الى كابوس الاختطاف وتركت زوجا واربعة اطفال في ذهول رهيب , او طبيبا يكره السياسة كما يكره الشر ويشهد له الجميع انه كان نصير الفقراء فنزل قرار الظلام بانهاء حياته بحفنة من الاطلاقات وكثير كثير لاتعد ولاتحصى , فتشير الدراسات الجديدة ان العراق اصبح بعد الاحتلال يملك الاحتياطي الاول في العالم من سيناريوهات الرعب حيث من المؤمل ان تنافس صادراته في هذا المجال ما يصدره من البترول!. لقد كان البعض وبعد سقوط النظام السابق يتجنب الحديث عن عدم قناعته في اهلية الاسماء التي اصبح الشارع العراقي يتداولها كمجموعة ( قدري ) جديدة تقع على عاتقها مهمة قيادة البلد وايصاله الى شاطئ الامان, لقد كان حقا صعبا على حديث الواقع المنطلق من الغيرة الصادقة على الوطن ان يشق طريقه وسط ذلك الصخب الهائل لاصحاب الابواق الصفراء التي إبتليت حتى النخاع بنار الحقد والانتقام , فأصبحت كل اشارة نقدية تُعلق على شماعة الحنين للدكتاتورية , ولكن احداث السنوات الماضية و حيث تعاقب الايام يزيد في اسوداد النفق وبالتالي حدا في ضجيج الابواق فبدأت بعض الاصوات تتعالى بشجاعة , غير ابهة بما تُرمى من تهم , تدعو لانقاذ مايمكن انقاذه قبل ان يعلن موت الوطن محليا واقليميا ودوليا.

لقد بات الاخفاق واضح جدا في المشروع الامريكي للديموقراطية في العراق واصبحت الجرعات المخدرة التي تطرحها بعض الكتل السياسية العراقية مثل مشروع المصالحة ووثائق العهد محدودة في فعاليتها لاتتجاوز في زمنها مراسيم التسويق الاعلامي كما ان الفساد المستشري وانعدام ابسط معايير الاخلاق الوطنية ترك فجوة كبيرة من انعدام الثقة بين الجمهور والسياسيين الجدد فمثلا صدم المجتمع العراقي قبل ايام باحد الوزراء السابقين الذي كان يتحدث عن الوطنية اكثر من حديثه عن الكهرباء وهو يتجه الى السفارة الامريكية طلبا للحماية بحجة انه مواطن يحمل الجنسية الامريكية بعد ان صدر حكما عليه في قضايا الفساد بالرغم من ان البعض يشك في دوافع الحكم ونزاهة كثيرين كانوا وراءه. ان الواقع يؤكد الاحتراق السياسي لثقل كبير من رجالات المعارضة العراقية السابقة , مجموعة ( قدري ) التي دخلت مع الدبابات الامريكية كونها قد قدمت نفسها من موقع السلطة في صورة اثارت خيبة امل كبيرة لدى الكثيرين ناهيكم عن ان شريحة كبيرة لاتغفر لهؤلاء انهم كانوا بشكل من الاشكال سببا في الهدية ( المعلبة المسلفنة) التي تلقاها العراق وهي الاحتلال.

عقود طويلة مرت والعراق يلد في كل مرة ( قدري ) معاق يقود الوطن والناس والحلال الى متاهات جديدة. ترى هل وصلت المعاناة الى حدود الاشباع فتسمح بناتج عظيم ويدخل الوطن في مخاض صحيح يعطي لنا مجموعة من (قدري ) النزيهة في السلطة والحياة و التي تهب نفسها حقا وحقيقة لله والعراق.



#وديع_بتي_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع المصالحة – غاز عديم اللون والطعم والرائحة
- برطلة حزينة , وداعا - ايها المطران المحبوب
- لوتو العلم – الوحدة أم الانفصال
- المشهد العراقي – الدال والنقطة في سوق الخردة
- في ذكرى جون قرنق – سلام على الفقراء
- اشوروعشتار ملكتان لشعب واحد
- أنتي بايْتِكْ - إكسْ بايَرْ أو مضادات حيوية عقيمة
- قيثارة يوسف عزيز – عشاء السبت الشهي
- حزب الله وسياسة الكل فداء للجزء
- المفطوم على ( التشريب ) لايتلذذ بالهامبركر
- بكاء جدَي وبكاء الملايين
- ابناء الاحتلال - هل اقتربت ساعة حزم الامتعة؟
- موقع عنكاوة وجهاز التقييس والسيطرة النوعية
- انجازات الجعفري – الطالباني رئيسا والمالكي مشلولا
- عندما يصبح القتل لعبة وبزنس إقرأ على الدنيا السلام
- الاشوريون والكلدان والسريان
- الرئيس الايراني وسياسة اعلان( الاخبار السارة ) بالتقسيط
- الدكتور الجعفري والصفحة الثانية من - الحواسم
- نداء لتشكيل محكمة العدل المسيحية في العراق
- صدام / الجعفري / ليلى فريفالدس وعقدة المفاتيح


المزيد.....




- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وديع بتي حنا - العراق – ملايين الضحايا والسبب قَدْري قادَ بَقَرنا