أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سالم حسون - هل يوقظ المؤتمر الثامن النائمين من أهل الكهف















المزيد.....


هل يوقظ المؤتمر الثامن النائمين من أهل الكهف


سالم حسون

الحوار المتمدن-العدد: 1707 - 2006 / 10 / 18 - 08:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بعث لي أحد الأصدقاء من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي نسخة من مسودة برنامج الحزب ونظامه الداخلي المقدمة للمؤتمر الثامن للحزب لإبداء رأيي فيهما رغم معرفته اني لم أعد عضواً فيه ذاكراً أن الحزب قد تعلم كثيراً من تجاربه الماضية ، واستوعب التطورات العالمية الهائلة ويبغي الإستفادة من آراء الناس فشوقني أكثر لقراءة هاتين الوثيقتين المهمتين، وكنت أتوقع أن أقرأ شيئاً جديداً غير مالوف لكني ما أن بدأت القراءة حتى وجدت أن ما أقرأ لم يكن جديداً بالمرة ، وسبحان الله ، فالكلمات والمصطلحات هي نفسها لم تتغير إلا قليلاً ، وقد قرأتها منذ كنت طالباً صغيراً في المتوسطة ، وبعدها في الثانوية ، وقرأتهما مئات المرات في جلسات التثقيف الحزبية في داخل العراق وفي سنوات المنفى الطويلة ، وأقرؤها الآن هي ذاتها وقد بلغت العقد الخامس من عمري! فشعرت باليأس والإحباط وحتى بالسخط وعدم الرغبة في مواصلة القراءة ، وأدركت بأن شيئاً ما جوهري لم يحدث في ذهنية الحزب وفي خطابه الفكري والسياسي والتنظيمي طيلة تلك السنين ، ولم يستفد الحزب - مثلما قال لي هذا الصديق - من تجاربه الماضية ولم يتعض بدروس التاريخ . وتسائلت مع نفسي بألم: ألم يستطيع الحزب ولجنته المركزية أن تشكل لجنة تضم حزبيين وغير حزبيين أصدقاء ومتعاطفين تكون مهمتها كتابة مسودة جديدة كل الجدة لبرنامج الحزب ونظامه الداخلي بدلاً من تلك الوثيقتين التراثيتين ؟
لقد ولد لدي إنطباع وأنا أقرء نصوص مواد النظام الداخلي وكأنني اقلب البوم تراثي قديم يشبه الى حد كبير ألبومي الشخصي بصوره القديمة ذات اللون الأبيض والأسود التي تعكس الماضي الجميل الذي مازلت أحن إليه في بصرة القلب وفي مناطقها القديمة التي ترعرعت فيها عندما كانت عمارة النقيب وساعة سورين تنتصبان في قلب العشار وقد اختفتا الآن ، لكن الفرق بين الألبومين أن ألبوم الحزب يؤكد لي بأن عمارة النقيب وساعة سورين مازالتا باقيتين أما الثاني فيقول أنهما دخلتا التاريخ فقد تهدمتا منذ زمن بعيد.

ويبدو لي أن من يقود خطاب الحزب السياسي والآيديولوجي اليوم هو جيل من السلف الصالح أو الأحبار الشيوعيين الذين يغطون في نوم هانئ عميق في معابد او "حوزات " الحزب ويترعون من تراثه المقدس لا يريدون تغيير شئ ما في برنامج الحزب الذين ينظرون إليه كمصحف عثمان، فهم لايريدون أن يعترفوا بأن الحرب الباردة انتهت وإن الإتحاد السوفيتي والمعسكر الإشتراكي والإشتراكية وليا الى الأبد ، وإن العراق أضحى بلداً محتلاً شبه مقسم ، وإن تحليلات برنامج الحزب لاتنطبق على واقع اليوم في العراق والعالم ، عدا ذلك كله فأن جميع إنتكاسات الحزب وقياداته منذ عهد المرحوم عبد الكريم قاسم والى اليوم والإنشقاقات والإخفاقات جرت تحت صياغات هذا البرنامج العتيق الذي مايزال التمسك بعروته الوثقى هو أحد شروط الحج والعمرة الى بيت الحزب الحرام ، ولم تـُنجِ الصياغات البلاغية البارعة لهذ البرنامج الحزب من الإنشقاقات والصراعات الحزبية المريرة التي يعرف بها القاصي والداني على امتداد العقود الأربعة أو الخمسة التي مرت.
إن آيات الله من القادة الشيوعيين في حاجة قبل كل شئ الى أن يفيقوا من سبات أهل الكهف ، وأن يطلوا من غرفهم المظلمة على الشارع العام ليعرفوا مايجري حواليهم من تطورات وأحداث جسام كانوا فيها عن صلاتهم " ساهون " ...
وريثما يفيق الرفاق بعد هذه النومة الطويلة ويغسلوا ووجوههم ويفتحوا أرياقهم سأحاول أن أجيز بأختصار وبعجالة - صياغة بعض تلك التطورات السياسية والتاريخية التي حدثت في العراق برؤية شيوعية غير تقليدية تتناسب مع مرحلة العولمة حيث يكون المزج فيها بين النقد والرمز والهزل والجد عناصر مهمة في نسيج هذه الدراما الحداثوية ، ومن شدة تذكري للتراث الحزبي العتيق في الطرح ساقوم بصف الأحداث بنفس الطريقة التي إعتدنا عليها في الإجتماعات الحزبية وهي البدء من المحلي فالعربي فالعالمي...

عندما أصبحت الحرب على نظام صدام حسين وإسقاطه بالقوة مسالة وقت فقط رفع الحزب الشيوعي العراقي شعاراً غامضاً هو لا للحرب لا للدكتاتورية ، وفسر بعض قادة الحزب هذا الشعار بأن الحزب ضد الأمريكان وأحتلالهم للعراق وضد صدام حسين معاً لكنه مع الحل الوطني الذي يأتي من الداخل ، ولكن ما أن سقطت بغداد في 9 نيسان بأبدي الأمريكان توقعنا أن يرفع الحزب شعار الكفاح المسلح ضد المحتلين الإمبرياليين لكننا فوجئنا بموقف جديد وهو المشاركة في التشكيلة السياسية التي أقامها الأمريكان لإدارة العراق والمتمثلة بمجلس الحكم الذي كان بول بريمرالرفيق " المسؤول " عنه. وبغض النظر عن الجدل البيزنطي حول ما إذا كان التواجد الأمريكي إحتلالاً أو تحريراً ، فالولايات المتحدة دولة تعتبر ولفترة طويلة في القاموس الحزبي الشيوعي أم الشرور والإمبريالية الوحيدة التي تتتزعم العالم وقد جاءت للعراق غازية ، فهل كان التعامل الإيجابي مع الإمبريالية الأمريكية خرقاً لمبادئ الحزب العريقة أم أن حركة الحزب هذه كانت تكتيكاً وقتياً و تطبيقاً للمبدأ اللينني القائل بأن الحزب الثوري عليه أن يغير تكتيكه إن تغير الوضع في 24 ساعة ، ولم يكن تنازلاً عن موقفه المبدئي الرافض للإحتلال الأمريكي كما اشار الى ذلك بعض الخبثاء . لكن المسألة لاتتتعلق بمشاركة أعلى رفيق في الحزب او عدمها بل تتعلق بمدى مطابقة هذا القرار مع ما جاء في المادة الخامسة في الفقرة الرابعة من النظام الداخلي والمتعلقة بــواجبات العضو وهي " و الا ... يعمل في السفارات والهيئات الاجنبية دون علم وموافقة الحزب.." ، وهل من قيمة بعد لمثل فقرة كهذه إن قام بذلك نفر من أعضاء الحزب العاديين دون موافقة الحزب أو علمه؟
مازالت في الوضع الداخلي واقول ... ورغم المساعي الحثيثة للأمريكان في فرض سيناريو حكم علماني يتقاسمه الجلبي وعلاوي والأكراد مناصفة جرت الرياح بما لا يشتهون فقد صعد نجم العمامتين الحكيمية والصدرية على غير توقع فطاحل خبراء العولمة ، واصبح الجيش الأمريكي غير قادر على الإمساك بزمام الأمور- إن لم يكن هو المسبب - وتقسم العراق فعلياً الى دويلات تتحكم إحداها بالنفط والأخرى بالنهر وكل منهما تهدد الأخرى بقطع مالديها عن الأخرى، وبمرور الوقت أكتشفنا ايضاً أن شمال العراق ليس الشمال الجغرافي للعراق بل أنه جنوب لمنطقة أخرى تسمى جنوب كردستان ، ويستعد سكانه الأكراد بقيادة زعيمهم القومي الولوع بافتعال الزعلات لمغادرة العراق مع حقائب كبيرة ضمت محافظات السليمانية وأربيل ودهوك ، لكن هذه الحقائب على كبرها لم تتسع بعد لإدخال كل محتويات كردستان الجنوبية التي تحولت خلال عشر سنوات فقط حسب قوانين نيوتن " للجذب القومي" من عراقية الى كردية قحة ، ثم الى كردستانية متعددة القوميات لتضم التركمان في محافظة كركوك فيها وحتى الأقضية التركمانية التي دخلت في كل من محافظتي صلاح الدين وديالى ككفري وطوزخرماتو وغيرها ، وأقضية شيخان وسنجار وبعشيقة وبرطلة وتلعفر في الموصل ومندلي وخانقين وبدرة وجصان في محافظة واسط والعمارة. وهنا لايسعني إلا أن اسأل الحزب الشيوعي العراقي الذي علّم الأكراد منذ الأربعينات من القرن الفائت شعارات كالحكم الذاتي وحق تقرير المصير: هل مازلتم الى اليوم تؤمنون بمبدأ لينين في حق تقرير المصير بما فيه حق الإنفصال رغم أنكم اسقطتم اللينينية ؟ وإذا اسقطتم اللينينية فعلاً فكيف يصح تقسيم العراق بعد ذلك تحت يافطة حق تقرير المصير اللينينية ؟ وقد يجيبني البعض .. لك صدگ أنت زوج ، حق تقرير المصير شعار أخذه لينين من ماركس.
وعلى الصعيد الداخلي أيضاً وبما يتعلق بالحزب الشيوعي العراقي نفسه فقد حدثت تغييرات جذرية فيه فحصلت عام 1984 إصطفافات جديدة إحتج فيه رفاق الجنوب على طغيان الدور الكردي في الحزب وعلى تهميشهم وطالب بعض رفاق المركزية من أهل البصرة دوراً يتناسب مع دور هذه المحافظة العمالية في حياة الحزب والدولة العراقية إلا أن الأمور انتهت بطرد ناصر عبود وعبد الوهاب طاهر وعداهما من الحزب ، وبقى المرحوم عبد الوهاب طاهر يزوبل في شوارع دمشق بلا راتب ولا حماية من مخابرات النظام السوري ، وانتهى به المطاف لأن يعودة بمذلة للعراق ، وخلى الجو تماماً لتنظيف الحزب الشيوعي من رفاق شجعان رفضوا تكريد الحزب وتسليم لحيته بيد اليمين الكردي الملطخة أيديه بدماء الشيوعيين العراقيين ، ومرت سنوات والحزب يترأسه عزيز محمد شكلاً وفخري كريم فعلاً حتى ذلك اليوم الذي گلب فيه فخري بالدخل. وفي أعقاب تلك الفترة بعد تكريد الحزب الشيوعي العراقي شكل الشيوعيون الأكراد حزبهم الشيوعي الكردي الخاص بهم على الضد من مبدأ يوسف سلمان يوسف فهد مؤسس الحزب الذي يقول لا يمكن تأسيس حزب شيوعي على أساس قومي ، لكنهم وجدوا حلاً ذكياً لهذا الإشكال – رغم مايشاع ظلماً عن الأخوة الأكراد من بطء في التفكير والسذاجة- فقالوا أن الحزب الشيوعي الكردي ليس " كردياً " بحتاً بل " كردستانياً" أي ينتمي الى منطقة كردستان ، البلد المجاور للعراق لكنه يجد نفسه مضطراً للبقاء فيه لإعتبارات إقليمية ودولية. وإذا كان الأمر كذلك ، وقبلنا بأن كردستان بلد متعدد الطوائف والقوميات فلماذا لا يطرح الحزب الشيوعي الكردي أو الحزب الشيوعي العراقي ككل على هذا الأساس حق القوميات الصغيرة في كردستان الجنوبية من العرب والتركمان والآشوريين والكلدان واليزيديين في إقامة حكمهم الذاتي او في حرية تقرير مصيرهم بما فيها حق الإنفصال مثلما فعلوا مع الأكراد أنفسهم؟
وإذا إستطاع الأكراد بتأسيسهم لحزبهم الشيوعي أن يثبتوا أن الوحدة العراقية مفتعلة، وإن العراق كيان مصطنع ، فلماذا لايزال الحزب الشيوعي في القسم العربي من العراق ينأى بنفسه عن تسميته القومية العربية ؟ فلماذا يكون الشعور القومي الكردي عند الشيوعيين الأكراد مقدساً ومقبولاً بينما يكون الشعور القومي العربي أو الآشوري أو الكلداني أو التركماني كريهاً وشوفينياً ومنبوذاً ؟
وفي السنين الأخيرة من عمر العراق يلاحظ المتابع الحصيف مظاهر جديدة للتعبير عن الوعي الطبقي للبروليتاريا العراقية وصلت الى ذرى جديدة تتناسب مع معطيات عالم مابعد العولمة فأصبح العراقيون العرب منقمسمين في ولائهم الوطني بين معسكري "علي" و " عمر" كلٌ يقتل بعضه البعض على الهوية إن تم التعرف عليه في مناطق تابعة لأحد المعسكرين ، وأصبح كثير من العراقيين يحمل هويتي أحوال شخصية إحداهما باسم عمر والأخرى بإسم علي يتحايل فيها على نقاط التفتيش كي يتنقل بحرية بين هذه المناطق، وحدث أيضاً تطور آخر على صعيد الحراك الإجتماعي حيث ان ما يحرك جماهير الطبقة العاملة العراقية والفلاحين في معاقل الحزب التقليدية في جنوب العراق والفرات الأوسط ووسط العراق لعدة عقود ليس قوانين الصراع الإجتماعي والطبقي بين العمال والفلاحين وجماهير شغيلة اليد والفكر من جهة وبين كمبرادورية الريف وكبار الملاكين بل شخصتين أو أكثر ، أحدهما يحتل موقعه في معسكر "علي " يسمى المهدي المنتظر وتتبعه ملايين الحفاة والجياع من " حثالة البروليتاريا" من دون أن تراه ، غير أنه في الفترة الأخيرة وإنطلاقاً من مبدأ حق "الأقلية المحقة" في مواجهة " الأغلبية المخطئة " في التراث اللينيني ظهر داعية " ثوري " جديد من بين هؤلاء يسمى الصرخي الحسني ، من أرض كربلاء ، أرض الإنتفاضات الثورية على مدى التاريخ ، قام بحركة إنشقاقية تروتسكية تحريفية في معسكر هؤلاء الشغيلة مدعياً أنه وحده من يرى المهدي، لا بل يجتمع به متى شاء ، وقد زوجه شقيقته تدليلاً على ذلك ، وقد سمعنا بأن الصرخي قد رد على هذه التخرصات مضيفاً بأن حركته التصحيحية موجهة ضد الفرس ونفوذهم في العراق. ونتيجة للتغييرات الإجتماعية التي ظهرت على السطح بعد نيسان 2003 فقد ظهرت شرائح إجتماعية جديدة ليس بالضرورة أن تكون نتيجة للجهد الإقتصادي الإجتماعي المنظم بل كحصيلة لسقوط الصنم وماتبع ذلك من حصول الأحزاب الثورية الدينيية على حقوقها التاريخية المغتصبة بسبب المنفى الطويل من خلال ماأطلق عليه علماء الظواهر الإقتصادية العالمية النادرة وهي الحوسمة ، وليست الخصخصة . فإضافة الى طبقة الروزخونية الرجعية التقليدية التي تبتز زوار المراقد المقدسة نشأت فئة كمبرادورية تابعة للحوزة العلمية توزعت على عمائم الحبربشية من آل الحكيم والصدريين السوداء والبيضاء وما يجري بينهما من صراع ديمقراطي خلاق على أحدث طراز عالمي ولا يضاهيه في ذلك ديمقراطية الغربيين الكفرة لتقديم افضل الخدمات البلدية للشعب الشيعي المحروم ، تشمل تشغيل الطاقة الكهربائية لمدة 24 ساعة يومياً ورفع الزبالة من الشوارع وإحلال الأمن والإزدهار ، وقد حلف الطرفان أمام أهل النجف وجنوب العراق بالعباس بأن جفني عبد العزيز الحكيم وولده الأعز عمار الخليفة المقبل ، وغريمها بالطريقة الديمقراطية شبل الصدر الثاني المجتبى مقتدى سوف لن تعرفا النوم قبل أن تتحول النجف وكربلاء وعموم البلاد الى جنة تجري من تحتها الأنهار ، لتضاهي نيويورك ولندن ودبي أو تتحولان الى قاع بلقع تنعق فيهما الغربان ، وقد عقدا العزم على الوصول الى هذا الهدف آخذين بمبدأ ماأُخذ بالديمقراطية لا يُسترد إلا بالدولار. وإضافة الى الكمبرادورية الحوزوية بشقيها الصامت والمتكلم هناك طبقة الكمبرادورية الحزبية التي يمكن التعرف عليها بلحاها الخفيفة ، ومحابس الشذر ، والسبح التي ترافقهم حتى الى الجلسات التلفزيونية.
وظهر بعد سقوط الصنم حزب آخر فعال على الساحة البروليتارية الشيعية العراقية يحمل إسم التيار الصدري فهو نسبة الى قائد ثوري جديد مايزال عنصراً خاماً على سوح النضال وهو مقتدى الصدر وتياره الصدري ، وهو لا يعرف شيئاً عن نضالات حزبنا وتاريخه في صفوف الشيعة ، والويل لمن يسبح ضد تياره ، وقد ضم كثيرأ من العناصر الخام من مناضلي عصر الحوسمة في مدينة الثورة من أمثال أبو درع أحد القواد البروليتاريين العفويين الذين فرزتهم الأحداث الثورية في سوق مريدي ، وممن تربوا في عنفوان نضال الحواسم بحيث أصبح أحد المطلوبين للقوات الأمبريالية الأمريكية بسبب توجهه الحواسمي المهدد للمصالح الإمبريالية في مدينة الصدر التي تغير إسمها الى مدينة الصدر ليتناسب مع معطيات مرحلة مابعد الحداثة وخصوصاً إبان فترة العنفوان الثوري بعد التاسع من نيسان 2003 . وبعد حرب شعواء فاشلة لهذا الحزب ضد الأمريكان وحكومة علاوي قرر التيار الصدري أن يغير تكتيكاته في اربع وعشرين ساعة عملاً بالمبادئ اللينينية ، وأعلن مشاركته في العملية السياسية ، وتبين أن هذا التيار أكثر جرأةً من الحزب الشيوعي في تطبيق مبدأ الصرامة اللينينية في التشبث في إستقلالية قراراته ومواقفه السياسية أزاء حكومة برجوازية ، فرغم منحه عدة وزراء يسيطرون على الوزارات الخدمية في الحكومة وعدد كبير من النواب في البرلمان فهو لم يسلم لحيته لنوري المالكي مثلما فعل حزبنا عام 1972 عندما سلم مصيره وتاريخه وجماهيره لحزب البعث لقاء وزارة المواصلات - البايسكلات البائسة ، وعدا ذلك ، أي ممارسة مبدأ " النضال من الداخل" فلهذا التيار جيش مسلح كبير يتواجد في محافظات العراقية الشيعية يمارس من خلاله " النضال من الخارج " ، وهو بذلك يبدو أكثر حرية في الأداء والحركة وفي تصعيد سقف مطاليبه من الحزب الشيوعي الذي قيد يديه مرة أخرى مع حركة نصف بعثية ونصف فاشية ونصف امريكية وهي حركة الوفاق لصاحبها أياد علاوي الذي ينظر الحزب إليه ظلماً وبهتاناً أنه يمثل الحركة الوطنية ، ويطيب لبعض الرفاق أحياناً أن يبرروا التعاون معه ذلك إنطلاقاً من مقولة الرفيق فهد القائلة .... قووا تنظيمكم ... قووا تنظيم الحركة الوطنية ، لكن الرفيق فهد منهم براء ، فهو لم يقصد قطعاً التعاون مع من هب ودب ، مع " مرام " أو " حظية الحفافة " التي تدافع بشكل غريب عن المقاومة البعثية السلفية الوهابية الشريفة . ويرفض التيار الصدري باباء طلب الحكومة العراقية بحل جيش المهدي البروليتاري متعذراً بحجة أن جيشاً أسسه المهدي لا يحله إلا المهدي نفسه ، وفي ذلك - لعمري - تطبيق خلاق في التحلي بالصرامة اللينينة مع أنظمة الحكم البرجوازية الصغيرة لأن لينين علمنا أن البرجوازية الصغيرة عاهر، ولا يجوز التعامل معها إلا على هذا الأساس ، على العكس مما فعله الحزب حينما رضخ لمطاليب حزب البعث في حل منظماته الديمقراطية بشكل مجاني وبدون أن يحصل حتى على كتاب شكر لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد . وأتذكر في هذا الصدد كيف كان قادة الحزب آنذاك يجولون كالطواويس على المنظمات الديمقراطية في الداخل والخارج ليطلبوا منها أن تقبل بحل نفسها مبشرين بقرب قدوم الإشتراكية ، فما قيمة المنظمات الديمقراطية مقارنة بالإشتراكية ، وأتذكر جيداً إحدى الإجتماعات التي حضرتها وحضرها عدد من صماخات الحزب الكبيرة آنذاك لتبشير جمع من الرفاق بهذا القرار ، وكان رفاق القاعدة المساكين متذمرين حائرين لا يدرون ماذا يفعلون عدا إحدى الرفيقات المتحمسات وكانت كبيرة السن لكنها لم تر أي ضير فيه ، وكانت تؤكد لنا بكل حنية وحرص باعتبارنا جهال الحزب قائلة : " ... يـُمّة ، ليش لا ، يعني إلا منظمات ديمقراطية ؟ إحنا يمكن نشتغل حتى بالقرايات.." ، لكن هذه الرفيقة الطيبة الساذجة لم تكن تدري بأن هناك من كان يتنصت على تحليلاتها العبقرية وينقلها الى صدام حسين مباشرة ليقوم هذا بعد فترة وجيزة من حل المنظمات الديمقراطية بمنع القرايات الحسينية كلها في العراق بدءاً من عام 1974 ويقطع الطريق بذلك على شبيبة الحزب من العمل في إطارات إجتماعية جديدة .
أما التقاليد النضالية العريقة للطبقة العاملة العراقية بالإحتفال بالأول من آيار عيد العمال العالمي فقد تغيرت في الشكل فقط أما المضمون فقد بقى ، واستعيض عنها بمواكب المسيرة الشعبانية المليونية ، وركضة طويريج التي تنضم إليها الشبيبة الديمقراطية الشيعية بشعارات مثل " ..إسمك مقتدى هز أمريكا و " من رخصتك ياعلي.. مقتدى من بعدك ولي" وغيرها من شعارات واهازيج طغى صوتها على أغانينا التقليدية الجميلة كأغنية " سالم حزبنا ... ".. وشيلي تمر بالليل " و "... حصنُ حزبٍ أشادهُ فهدُ أتهزمه قـِرَد ُ ؟ " يا شبيبة توحدي لأجل النضال .." ، وتحولت دراسة مواد التثقيف السياسي " وشحذ الهمة الطبقية " من رأس المال والبيان الشيوعي لكارل ماركس ، ومرض اليسارية الطفولي في الشيوعية للينين الى كتب اقل طبقية لكنها غزيرة المعنى والمضمون مثل " رياض الصالحين " و" دعاء كميل " الضرورين للثقافة الروحية لجموع البروليتاريا الشيعية خصوصاً ليالي الجمع المباركة، وانتقل التثقيف من موضوع " فائض القيمة" " والدولة الريعية " الى واجب " ضريبة الخمس " وفريضة "عطوة السيد " .
أما على صعيد الحركة الشيوعية العالمية وعلى رأسها الحزب الشيوعي السوفيتي فقد ذهب البريق الذهبي الأممي للحزب الشيوعي السوفيتي الروسي الحالي وبقى منه التنك القومي فقط يتنافس به مع غيره من أحزاب عودة روسيا لمجتمع الرأسمالية البدائي ، ولم يجد زِگــّان وف قائد هذا الحزب اللامع في نضاله ضد الإمبريالية الأمريكية الساعية الى أستبعاد روسيا بداً من أن يعقد صداقة مع رفيق قديم في النضال الأممي وهو صدام حسين ويستلم منه مساعدة أممية من كوبونات النفط تشد من أزره في نضاله المستميت ضد الإمبريالية العالمية وعولمتها ، ولماذا لا فالإثنان لهما تاريخ عريق في العلاقات الرفاقية وفي طرق بناء الإشتراكية.
وفيما مايتعلق بالمؤتمر الثامن ومكان إنعقاده فإن أنظار المخلصين تتوجه الى جعل بغداد المكان الطبيعي له ، وبذلك يستطيع الحزب التخلص ولو لعدة أيام من هيمنة وابتزاز الأحزاب الكردية ، لكن الوضع الأمني قد يجعل من الصعب عقده بدون دعم الأحزاب النضالية الدينية ومنها المجلس الأعلى وفيلق بدر وقائده عبد العزيز الحكيم الذي ولاشك ينظر باحترام الى موقف الرفيق حميد مجيد بالتصويت الإيجابي على قانون الأقاليم وسوف لن ينسى له ذلك ، وأعتقد أنه سوف يعرض عليه أن يعقد المؤتمر في ساحة الصلاة في جامع براثا المقدس المحمي جيداً من قبل الشيخ جلال الدين الصغير الذي سوف يعير الرفيق حميد مجيد كشيعي منبره بطيبة خاطر ليلقي منه تقرير اللجنة المركزية ونجاحاتها على جميع الأصعدة ، وإذا قبل الحزب فعلا بهذا العرض فعلى الرفاق أن يختاروا بعناية يوماً محدداً لعقد المؤتمر تنشَّد نحوه القلوب كيوم ميلاد أحد الأئمة المعصمومين أو يوم فرحة الزهراء كي يبرهنوا لأصدقائهم وخصومهم على حد سواء على مرونة الشيوعيين العالية في التعامل مع التراث الشعبي الديني كما كانوا طوال تاريخهم. ومن قبيل الأصول الدبلوماسية نتمنى أن يوعز الرفيق حميد مجيد للرفاق المشاركين بأن يغيروا بعضاً من تقاليد الحزب المتبعة في إفتتاح المؤتمرات حرمة لهذا لمكان كأن تلتزم الرفيقات بالحجاب ، ويمتنع الرفاق عن غناء نشيد الأممية والإستعاضة عن ذلك بترديد إحدى الردات الحسينية ، وأقترح الردة التالية وهي ذات معاني نضالية شيوعية:

لو إجه الجيل الورانه وقدمنه جم سؤال
الأراضي العراقية ليش تحت الإحتلال
شلون يقبل عقلنه تصير أمريكه أملنه
هاي خطة أجنبية تقودنا للإنهزام
هالشعب يدنية باسمج يمشي بدروب النضال
وبعد قراءة الرفيق حميد مجيد تقرير اللجنة المركزية يحبذ عدم التصفيق والإستعاضة عن ذلك برفع الأصوات قائلين " اللهم صلي على محمد وأل بيت محمد" تحبباً...



#سالم_حسون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعيون رؤية غير تقليدية 3
- 1الحزب الشيوعي العراقي ، رؤية غير تقليدية
- مشروع رد من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على الرفيق ...


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سالم حسون - هل يوقظ المؤتمر الثامن النائمين من أهل الكهف