أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليمان الريسوني - الوعي الالماني الشقي في تصريحات بابا الفاتيكان















المزيد.....

الوعي الالماني الشقي في تصريحات بابا الفاتيكان


سليمان الريسوني

الحوار المتمدن-العدد: 1704 - 2006 / 10 / 15 - 10:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لكي تمتنع ألمانيا ، ولأول مرة منذ 1945، عن خوض الحرب (على العراق 2003 ) إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية ، فقد تطلب ذلك وجود شخص غير متأثر بشكل مباشر بالحرب العالمية الثانية كالمستشار غرهارد شرودر ( ولد سنة 1944) شخص ليس مهجوسا بوعي يجعله ازدواجيا ومتناقضا . وعي شرودر منذ البداية ظل محكوما بحاضره .

مؤخرا اعترف الروائي الألماني غونترغراس بماضيه النازي ، الشيء الذي قلب عليه مواجع . كاتب بقيمة غراس يعي أن قتل الماضي يجلب كوابيس ( لمن يحلمون ، طبعا ) لذلك اختار نشر ماضيه تحت ضوء الحاضر حتى يبدو ، بالفعل ، ماضيا .
أهم رسالة وجهها الروائي إلى مهاجميه وعدد لا يستهان به من "مناصريه" هي الاعتراف نفسه . اعتراف غونترغراس جاء تتويجا لاختياره السياسي- العضوي والذهني – الحافل بالاصطفاف إلى جانب قضايا عادلة أو،على الأقل ، بدت له كذلك.
اعتراف غراس يقول أنه من الممكن أن يكون (للطيبين) (ماضي شرير) .

تصريحات البابا بنديكيت السادس عشر عن العنف في الإسلام ، فضلا عن موجات العنف المادي والرمزي التي ألحقتها بالمسيحية دينا وديرا، لم تعف صاحبها من تبعات الإساءة للمسلمين ، رغم إصراره على أن ما قاله لم يكن إلا حكيا عن إمبراطور بيزنطي عاش في القرن الرابع عشر ، وأن (حاكي الكفر ليس بكافر) .
البابا - أي بابا – باعتباره رئيسا للكنيسة ، وبمعزل عن طريقة عرضه للأفكار والمواقف ، يكون محكوما بثلاثة محددات/ مرجعيات :
أ - قيمية ( مجموع القيم المنتجة داخل الكنيسة )
ب - اديولوجية ( تحيين مجموع القيم )
ج – ذاتية ( يدخل فيها ،أساسا ، ما هو تربوي نفسي)
لذلك فإن تصريحات البابا هذه حتى إذا ما نسبت إلى ضعف في الدبلوماسية ( وهي اقل النعوت قدحية لحقت به إلى جانب النبش في "ماضيه النازي " ) أو اعتبرت مجرد استدلال سيق للاستئناس فهي لا تعدم قصدية صاحبها. فالتوليف الدبلوماسي لموقف لا يلغيه ، فقط يوسع مجال المناورة والتأويل فيه ،كما أن الواحد لا يستأنس إلا بما يطمئن إليه.

في خطاب تنصيبه ؛ أكد البابا بندكيت السادس عشر ( الكاردينال جوزيف راتزنجر) على" الإرث الروحي العظيم المشترك بين الديانتين المسيحية واليهودية ، دون أن يذكر أي دين آخر. كما وصف في لقاء في نوفمبر 2005 الإبادات الجماعية لليهود في معسكرات النازية بأنها سبة لا تمحى من جبين التاريخ وعارا في تاريخ الانسانية .. "
منظور البابا للتقارب المسيحي اليهودي يبدو أكثر إنسانية وبراغماتية ،حتى، من نظيره الاورثودوكسي الصارم في تعليق دم المسيح في رقاب اليهود ، ومنسجما مع ( وثيقة تبرئة اليهود ) التي أصدرها الفاتيكان في اكتو بر 1965 وهي الوثيقة التي تقدم بها الكاردينال الألماني ( بيا ) إلى المؤتمر الثاني للفاتيكان في 1963.
إلا أن انحيازه للطرح ( الصهيوني) لمسألة الهولوكوست يجعله يهوديا أكثر من اليهود ، فحسب الكاتب اليهودي نورمان فنكلشتاين فإن" كل الأدلة تقريبا تدل على أن موضوع الإبادة النازية لليهود لم يصبح أمرا راسخا في حياة اليهود الأمريكان إلا بعد اندلاع حرب اكتوبر1967 بين العرب وإسرائيل ."
كانت الصهيونية ، آن استصدار وثيقة تبرئة اليهود ، تحارب على جبهات متعددة من اجل انتزاع تاريخ للشعب الموعود بعدما انتزعت له الجغرافيا لذلك فقد جاءت (الوثيقة الألمانية ) رضخا للتهديدات الصهيونية بالتشهير بعلاقة البابا بيوس الحادي عشر بالنازية اثناء الحرب العالمية الثانية . وحلقة في تاريخ الشعب المضطهد
* * *

الإرث الروحي المسيحي – اليهودي العظيم هذا، يمثل "العهد القديم"و بعض نصوص العهد الجديد عضده .،(وشأن كل نص ديني معرض للابتزاز الأصولي الباحث عن سند مقدس لتبرير اللجوء إلى العنف المادي والرمزي ) سيلجأ المحافظون الجدد ( يتقاسم معهم البابا بندكيت السادس عشر، والرئيس الأمريكي جورج بوش، مجمل مواقفهم من الزواج والإجهاض والمثلية الجنسية والنقاء الروحي- الكياني...) إلى استقاء مبرر لعودة الحروب الاستعمارية – الاستغلالية من النص المقدس فالحرب على العراق قد تجد مبررها – لدى بعض هؤلاء الغلاة - في رؤيا يوحنا اللاهوتي " ... ثم بوق الملاك السادس فسمعت صوتا واحدا من أربعة قرون مذبح الذهب الذي أمام الله .قائلا للملاك السادس الذي معه البوق فك الأربعة الملائكة المقيدين عند النهر العظيم الفرات ، فانفك الأربعة الملائكة المعدون للساعة واليوم والشهر والسنة لكي يقتلوا ثلث الناس "
* * *



يذهب عدد من المثقفين المسيحيين ، مؤمنين وغير مؤمنين ،ضمنهم البابا بنديكيت السادس عشر ، إلى أن تاريخ العنف المسيحي لا يعدو كونه مجموعة أحداث عرضية ، وإتيان أفراد ومجموعات عاشت على هامش الوعي المسيحي المؤسس على المحبة و التسامح ،وأن هذه المجموعات وذينك الأفراد إنما اضطروا للعنف اضطرارا. هذا القول لا يبدو حقيقيا طالما استعرضنا حروبا وإبادات وقعها أحبار أعظمون وخيضت باسم الرب ثم غيرت التاريخ .فمقولة أن الكنيسة(الكاثوليكية) محض سلطة روحية مهمتها الحصرية "العناية بالنفوس" لا تستقيم والتاريخ الدموي للمسيحية منذ اهتداء الإمبراطور قسطنطين الكبير.فمئات المسيحيين ( الهراطقة) قتلوا ، وما يفوق عشرة ملايين من المؤمنين قضوا في حروب طاحنة بين الكاثوليك والبروتستانت ،دون التذكير إلى أن من أدار رحى هذه الحروب هم الكاثوليك ذودا عن سلطتهم الروحية طبعا، التي لم تنفصل يوما عن سلطتهم المادية والسياسية ، بعد أن امتد لها وعي البروتستانت (= المحتجين ) . نفس الوعي سيحرك النصارى المقدسيين للوقوف جنبا إلى المسلمين لدحر العدوان الصليبي الذي باركه الحبر الأعظم البابا أوربان الثاني حين انبرى من فرنسا يشحذ همم وسيوف المحاربين . كان الجنود الصليبيون يبكون إلى الرب كي يغفر لهم كونهم لم يستطيعوا إبادة المسلمين عن آخرهم بينما أرجلهم تغوص في دماء قتلاهم الذين عدوا بعشرات الآلاف .
محاكم التفتيش في اسبانيا .حروب على التتار .وأخرى على العثمانيين .إبادة الهنود في أمريكا . وتقتيل العبيد وتسليعهم في افر يقيا.ثم الحروب الامبريالية في افر يقيا وأسيا وأمريكا... كل ذلك العنف وتلك الحروب والإبادات التي خيضت باسم الكنيسة ،أو بتواطؤ منها (تواطؤ الصمت،أحيانا ) تعني من بين ما تعنيه أن الرجل الذي قال " لا تقاوموا الشر .من ضربك على خدك الأيمن فحول له الخد الأيسر " لم يترك دينا .
انصراف الكنيسة إلى " العناية بالنفوس " ، هو محض تطمين استباقي - تبريري ، من قبيل ادعاء قائد الجيوش في دولة ما بأنه يخوض هذه الحرب من أجل السلم .
* * *
مجموع مواقف الكاردينال الألماني جوزيف راتزنجر(البابا بندكيت16) المطردة ، منذ وثيقة" تعليمات بخصوص لاهوت التحرير التي كتبها سنة 1984،والتي واكب صدورها حملة الرئيس الأمريكي ريغان ضد الشيوعية ، . مرورا برفضه ،في 2004 انضمام" تركيا غير المسيحية" إلى "أوروبا المسيحية " ووقوفا على الدعوة، العنصرية، للكاثوليك بعدم الزواج من خارج "الجنس المؤمن" عبر وثيقة (دوميلسيوزس) الصادرة عن الفاتيكان في 2004 والتي كان من ورائها البابا الحالي.
مثل هذه المواقف ، و مثيلاتها كموقف / وثيقة تبرئة اليهود- للكاردينال الألماني بيا ، تجد تفسيراتها ، (إذا ما استحضرنا ما تسبب فيه الوعي الكياني الألماني= الرايخ وبالأخص النازي منه ) في ما يسميه هيجل " الوعي الشقي " الوعي الذي يفرز خيارات ومواقف تكون محكومة بثنائية الخطيئة والألم ( لنتخيل مشهد البابا يستصدر قرارا من أمام أيقونة المسيح المصلوب وخلفه شبح هتلر) الوعي الشقي هو وعي فصامي محفوف بالازدواجية والتناقض .
لقد تخلص غونتر غراس من وعيه الشقي في اللحظة التي اختار فيها تبديد ذلك الوعي في وعي العالم ، بدل احتضانه كبيض فاسد . فيما أشهر شرودر عقوقه في وجه ذلك الوعي ؛ واختار الانتماء إلى التاريخ الحديث متعدد الوعي (الفيدرالية كتمثل إجرائي له )
يعرف هيجل الوعي الشقي فى [فينومينولوجيا الروح] بأنه " وعي يختزن حقيقة لا يعيها،غير انه لا بد له من الاعتراف بها "
البابا بندكيت السادس عشر (باختياره ) النظر إلى العالم بمنظار الأصولي – المانوي الذي يعكس العالم بلونين/ فسطاطين : ابيض – اسود ،إنما يتمترس خلف فونطازم النقاء الكياني ( أوروبا المسيحية ) وهو لا يفعل غير الاعتراف بوعيه الشقي الثاوي فيه ( رايخ الرب ) = مملكة الرب ، حيث لا مجال للغرباء .



#سليمان_الريسوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتقام الجهل


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليمان الريسوني - الوعي الالماني الشقي في تصريحات بابا الفاتيكان