أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - بيمان جعفري - الانتفاضة الإيرانية من أجل الكرامة والحرية















المزيد.....



الانتفاضة الإيرانية من أجل الكرامة والحرية


بيمان جعفري

الحوار المتمدن-العدد: 7491 - 2023 / 1 / 14 - 14:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نحرق النار- لقطة من أغنية الموت للظالم
نشرت المقابلة باللغة الانكليزية في العدد 177 من مجلة الاشتراكية الأممية بتاريخ 6 كانون الثاني/يناير 2023



باتت موجة الاحتجاجات في إيران أكبر تحدٍ قاعدي لنظام الجمهورية الإسلامية منذ أكثر من عقد. بدأت الاحتجاجات ضد قانون يرغم النساء على وضع الحجاب في الأماكن العامة، سرعان ما تطورت الأمور إلى حركة تطالب بتغيير جوهري- وصولاً إلى الإطاحة بالنظام نفسه.

بدخولها شهرها الثالث مع إرسال هذه المجلة إلى المطبعة، أثبتت الحركة قدرتها المدهشة على الصمود. في كل أسبوع، يخرج الشباب إلى الشوارع والجامعات في كل مدينة أساسية بإيران، مواجهين رصاص النظام، والغاز المسيل للدموع، والشبيحة، والسجن والإعدام. في بعض الأوقات، انضم عشرات الآلاف من الأشخاص إلى التظاهرات في تواريخ رمزية، مثل ذكرى أربعين استشهاد الطالبة الكوردية جينا مهسا أميني في الاعتقال، ما أشعل الانتفاضة.

أظهرت الحركة بعض بوادر جذب للعمال المنظمين، مع أمثلة محدودة من الإضرابات المتعاطفة مع أهداف الانتفاضة، مجبرة النظام على تقديم تنازلات بشأن تطبيق قانون الحجاب. ولكنها تواجه في الوقت عينه عقبات ونقاط ضعف. ما زال عليها جذب كتلة مترددة من الناس إليها، وما زال عنصر التحرك العمالي داخل الانتفاضة خجولاً. أكثر من ذلك، ما زالت ردة فعل النظام متسمة بشدة القمع- فقد أعدم مناضلين في منتصف كانون الأول/ديسمبر ويخطط في الوقت عينه لإعدام 25 مناضلاً. إضافة إلى ذلك، على الحركة مواجهة الجهات الغربية، وفي المرتبة الأولى الولايات المتحدة، الراغبة بالتلاعب بها لتحقيق أهدافها الخاصة.





تحدث المؤرخ والاشتراكي بيمان جعفري إلى نعيمة عمر ونيك كلارك عن التناقضات في المجتمع الإيراني الكامنة وراء الثورة وتشكل أهميتها وآفاق نجاحها.

نعيمة: نتحدث بعد أيام قليلة على الكلام عن وقف عمل شرطة الأخلاق؟ هل هذا الأمر يدل على أن الحركة ستنتصر؟ لماذا قرر النظام ذلك الآن؟ ماذا يخبرنا ذلك عن قدرته على تقديم التنازلات، وهل يمكننا توقع المزيد في المستقبل؟

بيمان: يمكننا رؤية أن هذه الحركة قد حققت بعض النجاح والتغيير. أولها وضعت الانتفاضة مسألة حقوق النساء بالمقدمة. لم تعد صورة المرأة صورة الضحية إنما هي عامل تغيير جذري. لقد تغيرت فعلياً عقلية ووعي الآلاف من الناس بإيران.

لكن بما خص استراتيجية الدولة، فهي تسعى إلى الاستمرار بالقمع وتقديم التنازلات- على الرغم من أن الأول هو أكثر بكثير. في وقت حديثنا، سقط 470 شخصاً، واعتقل 18000. رغم ذلك، بعد مرور 3 أشهر على الاحتجاجات، انتشرت النقاشات على مستوى قيادات في النظام حول ما إذا كان يجب تقديم بعض التنازلات. في الحقيقة، سحبت شرطة الأخلاق فعلياً من الشوارع. والآن يجرب النظام فكرة إلغاء شرطة الأخلاق أو استبدالها بوسائل أخرى لتطبيق قانون الحجاب. هذا الأمر هو اختبار للحركة ولرؤية ما إذا كان الناس سيعتبرون هذا الامتياز كافياً. كما أنه اختبار لمعرفة المدى الذي سيتيح “صقور” النظام تحقيقه.

جعل النظام الحجاب الإلزامي هويته. وربط الجناح المحافظ مصيره بقانون الحجاب بالقول إنه يمثل جوهر النظام. ويدعون أنه إذا تراجعوا عن ذلك، فإنه يعني التراجع عن أسس النظام. مع ذلك، هذا النظام مرن جداً، مثل أي دولة استبدادية، إنه يريد البقاء في السلطة. إذاً، إن أهم امتياز هو إلغاء إلزامية الحجاب. وذلك سيكون انتصاراً كبيراً للحركة، خاصة وأن البرلمان والقضاء يناقشان ذلك في الوقت الحالي. لا أعتقد أنهم سيلغون الحجاب رسمياً، لكنهم قد يتوصلون إلى تطبيق أكثر مرونة.

هناك انقسامات داخل النظام. فالقسم الإصلاحي يريد فعلياً إلغاء الحجاب الإجباري. في حين قال المحافظون “لا، لا نريد التراجع عن ذلك مطلقاً”. لذا هم يريدون اتخاذ مواقف أكثر براغماتية. أعتقد أن النظام لديه المرونة للتخلي عن هذا القانون في الوقت المناسب. إذا استمرت الاحتجاجات وباتت تهدد النظام، فسوف يلغيه من أجل الحفاظ على نفسه، وهذا ما يحصل مناقشته فعلياً. لكن الحركة قد ردت بتشكيك كبير، قائلة إن الأمر لم يعد يتعلق بالحجاب فقط. اليوم جزء كبير من المجتمع يقول إن النظام بأكمله ينبغي تغييره.

نعيمة: هل يمكنك إخبارنا المزيد عن تاريخ مقاومة النساء للحجاب الإجباري في إيران؟

بيمان: من المهم رؤية أشكال المقاومة على أنها سلسلة متواصلة. إحداها هي المقاومة على مستوى يومي، والثانية هي المقاومة من خلال النضال الجماعي من أجل التحرر.





يرجع قانون الحجاب الإلزامي إلى الثورة الإيرانية التي حصلت عامي 78-79، كانت المشاركة الجماهيرية النسائية من كل قطاعات المجتمع وازنة خلال الثورة. شاركت النساء غير المتدينات إلى جانب النساء المتدينات المحجبات، وكان حضورهن كبيراً في التظاهرات. بعد الثورة، عزز الخميني والقوى المحافظة سلطتهم، وبدأوا كذلك بالسيطرة على أجساد النساء. إحدى التعبيرات عن ذلك هو فرض الحجاب الإلزامي. لقد حاولوا تطبيق ذلك عام 80، فوراً بعد الثورة، ولكن حصلت مقاومة أفشلت مخططاتهم. رغم ذلك، بدأت الحرب الإيرانية-العراقية. وطالب النظام بالوحدة الوطنية الأمر الذي قوّض المقاومة، فطبق الحجاب الإلزامي منذ عام 83. حتى وقتها، خرجت النساء إلى الشوارع احتجاجاً على قانون الحجاب. انضم إليهن بعض اليسار، ولكن لسوء حظهن لم تنضم أعداد كبيرة منه، وبدلاً من ذلك قالوا “علينا دعم النظام ضد الامبريالية”. وقد كان ذلك درساً مهماً- على اليسار أن يكون في طليعة النضال من أجل تحرر النساء والنضال من أجل الحقوق الفردية.

عندما انتهت الحرب، ازدادت المساحة العامة للنساء فعلياً. هذه هي إحدى المفارقات التي أود التشديد عليها. قبل ذلك، لم تكن العديد من العائلات المتدينة ترسل بناتها للدراسة أو العمل. اليوم، وبسبب وجود مساحة عامة ذات طابع إسلامي، فأصبحوا يرسلون بناتهن إلى الخارج [البيت]. فبدأ توسع الجامعات، وشاركت المزيد من النساء في التعليم. انخفضت الأمية بين النساء، وتوجه المزيد منهن إلى الجامعات. اليوم، ما بين 55-60 بالمئة من الطلاب هم/ن من النساء. وبالتالي، بدأت النساء بالمشاركة في سوق العمل. وعندما فعلن ذلك، فإنهن بدأن يواجهن التمييز: التمييز في الأجور، عدم تمتعهن بحرية ارتداء الثياب التي يردنها في الأماكن العامة، وعدم إتاحة الفرصة لهن لاختيار وظائف معينة.

لذلك بدأت النساء بتحدي هذه القواعد في حياتهن اليومية. فبدأن بارتداء الحجاب الملون أو دون الالتزام بقواعده، ولأنهن فعلن ذلك بأعداد هائلة، لم تستطع شرطة الأخلاق السيطرة عليهن كلهن. وبالتالي، خلال العقود الماضية، خفتت قوة هذا القانون أكثر فأكثر. مع ذلك، إن هذا الشكل من المقاومة الفردية له حدوده، لأن شرطة الأخلاق بين وقت وآخر تخرج وتعيد فرض سيطرتها، وتؤدب النساء وترهبها ليكون ذلك عبرة للأخريات. هذه المقاومة اليومية ليست غير مهمة- ففي نهاية الأمر ساهمت في زيادة ثقة النساء. رغم ذلك، المهم انها تطورت اليوم لتصبح مقاومة جماعية.

نيك: في مقال سابق لهذه المجلة وصفت التناقضات على مستوى قيادة النظام والمقاومة القاعدية. هل يمكنك إخبارنا عن تطور ذلك منذ آخر مرة كتبت فيها عام 2009؟ هل الحركة اليوم تشكل استمراراً لتلك؟

بيمان: أعتقد أن التناقضات داخل قيادة النظام تعود، من جديد، إلى زمن الثورة، كما تفعل الثورة القاعدية. تحققت الثورة الإيرانية بفضل عدة قوى: الحركة العمالية، الحركة النسائية، اليسار، القوميين العلمانيين والإسلاميين. كان الإسلاميون القوة المهيمنة، ولكن كل تلك التيارات حققت الثورة. رغم ذلك، قمع الإسلاميون المحيطون بالخميني بقية القوى وركزوا السلطة بين أيديهم. وقد خلق ذلك تناقضاً بين المجتمع والدولة.





ما أقصده هنا، أن الثورة كانت شعبية جداً، وكان عليهم تقديم تنازلات لها. لو كان الأمر يعود للخميني، لكان ركز السلطة بين أيدي رجال الدين وأنصاره فقط، لكنه لم يستطع القيام بذلك. لذلك أسس سلطة العلماء- التي يعبر عنها المرشد الأعلى، وهو موقع يشغله اليوم خامنئي، والحرس الثوري- ولكن هناك في الوقت عينه تجرى انتخابات نيابية ورئاسية وبلدية. كما تنتشر كل أنواع المنظمات الشعبية على مستوى الأحياء السكنية، والنقابات الطلابية والنقابية. إذاً، يوجد تناقض بين القوة المتركزة بين أيدي علماء الدين والنفوذ المستمر لهذه التنظيمات الشعبية.

ظهر صدام بين هاتين القوتين في التسعينيات بعد الحرب الإيرانية-العراقية، وبدأت الانقسامات على مستوى القمة. اندمج قسم حول علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي أراد دمج إيران في السوق العالمي والدفع نحو سياسات السوق الحرة على المستوى المحلي. بالمقابل أراد المحافظون أن تبقى إيران مغلقة. انتخب الإصلاحي محمد خاتمي رئيساً عام 97 محققاً نصراً كبيراً، وأعيد انتخابه عام 2001. طبق الإصلاحيون الكثير من التغييرات: المزيد من الإصلاحات السياسية، وتخفيف القيود الاجتماعية وغيرها.

لكنني أريد التأكيد على وجود ديالكتيكية بين هذه الانقسامات على مستوى السلطة السياسية وبين ما حصل في بقية المجتمع. كما استمرت التناقضات بين الدولة والقوى الاجتماعية. عام 82، حُلت المجالس العمالية التي تأسست مع ثورة 79 و80. كما قمعت المنظمات العمالية المستقلة والمنظمات النسائية والطلابية… مع ذلك صمدت الشبكات. في التسعينيات، عادت إلى الظهور من جديد. بدأ العمال بإعادة التنظم. كما اتحدت النسويات الإسلاميات والعلمانيات في التسعينيات، وأصدرن نشراتهن. وأعاد الطلاب تنظيم أنفسهم. أدت هذه الضغوط في تلك السنوات إلى حصول انقسامات على مستوى القمة.

كانت مفارقة الجمهورية الإسلامية أنها حركة إسلامية، ولكنها كانت كذلك حركة حديثة. أشرف النظام على توسيع التعليم، وزيادة التمدين وسوى ذلك. تغيرت حياة الناس، الذين كانوا يطالبون بذلك على هذا الأساس. لذلك، كان الناس على مستوى القيادة يفكرون في طريقة إدارة هذه التغييرات. أراد رفسنجاني إدارة التغيير من خلال إنشاء عقد اجتماعي مبقياً النظام مغلقاً سياسياً، مانعاً أي تحرير سياسي كبير، لكنه أجرى تحريراً اقتصادياً كبيراً. كان الناس قد خرجوا من الحرب العراقية-الإيرانية حيث كان الفقر والقلة شديدين. اعتقد رفسنجاني أنه عن طريق السماح بالاستهلاك الجماعي مع تحرير الأسواق، سيستطيع شراء السكان وإدارة التغيير.

رغم ذلك، زاد النظام من الفروقات في المجتمع عن طريق تطبيق هذه السياسات. زاد مستوى التضخم وتزايدت الفروقات، ما ادى إلى اندلاع انتفاضات شعبية في أعوام 92 و93 و95. وهذا ما خلق المزيد من الضغوط فتحت المجال أمام وصول الإصلاحيين عام 97. فقد قالوا: “بهدف إدارة التغييرات، لا يكفي حصول تحرير اقتصادي. نحن بحاجة إلى المزيد من الحريات الثقافية مثل قدرة النساء والرجال على الاختلاط في الأماكن العامة والحدائق. يجب عدم فرض الحجاب على النساء”. تزايد عدد المنشورات في إيران. كما بدأت الأفلام بالظهور في المسارح. تزايدت المساحة العامة.





في الوقت عينه، استمر الإصلاحيون كذلك بإصلاحات السوق الحرة الاقتصادية. ما زاد من تذمر الطبقات الدنيا وزيادة الفروقات الطبقية. على سبيل المثال، قال الإصلاحيون إن قانون العمل الذي يحمي حقوق العمال، والذي نتج عن الثورة، لن يطبق بعد الآن على أماكن العمل التي تضم أقل من 10 عمال. ولكن غالبية أماكن العمل في إيران تشغل أقل من 10 عمال، لذلك انعزلت الطبقات الدنيا عن الإصلاحيين، واعتقدت أنهم معنيون فقط بالدفاع عن حقوق الطبقات الوسطى.

إضافة إلى ذلك، بدأ المحافظون بتقويض الإصلاحيين واعتقال الأكاديميين والكتاب والسياسيين الإصلاحيين. كان بإمكان الإصلاحيين تعبئة الطبقات الدنيا للاحتجاج في الشوارع، ولكنهم فشلوا بذلك- لأنهم كانوا يشكلون جزءا من النظام السياسي. وهذا قاد إلى نوعين من خيبة الأمل من الإصلاحيين. فمن ناحية، لم يقفوا بوجه المحافظين. ومن ثانية، استمروا باتباع سياسات رفسنجاني.

كما حصل عامل دولي أضعف الإصلاحيين. اجتاحت الولايات المتحدة أفغانستان والعراق، وحاصرت إيران، وكانت تقول إن الأخيرة ستكون التالية. قال جورج بوش إن إيران جزء من “محور الشر” عام 2002. كان الرئيس خاتمي، الإصلاحي، يحاول الانفتاح على الغرب، ليصبح جزءاً من البنك الدولي وصندوق النقد وتحدث عن الحوار. قال المحافظون: “الغرب لا يمكن الاتكال عليه. أنت تمد يد الحوار إليهم وهم يتحضرون للهجوم علينا. لذا، لن نتسامح مع أي تجربة إصلاحية طالما نحن تحت التهديد”. وقد زادوا من منسوب قمعهم للإصلاحيين والمعارضة. واكتسب الحرس الثوري المزيد من السلطة.

أفادت بعض العقوبات التي فرضت على إيران فعلياً النظام، لأنها زادت من حجم السوق السوداء التي يهيمن عليها رجال حلفاء مع الدولة ولديهم القدرة على استيراد المنتجات وبيعها بشكل غير شرعي. أثرى الحرس الثوري لأنه يسيطر على الحدود. وفي الوقت عينه، أدى الإفقار إلى تفكك عدد كبير من المنظمات غير الحكومية الموجودة في إيران، والتي تأسست خلال الانفتاح النسبي الذي حصل في أواخر التسعينيات وأوائل الألفينات. ركزت الآلاف من المنظمات غير الحكومية على البيئة والطلاب وحقوق النساء على مستوى الأحياء. مع ذلك، عندما يحصل الإفقار، يبدأ الجميع بالتفكير بالنجاة بدلاً من التنظيم. أكثر من ذلك، أعطى التهديد الخارجي ذريعة للحرس الثوري لقمع أي نوع من التنظيم. حيث ادعى “أنتم الآن حلفاء للدول الأجنبية”. يمكن للحرس الثوري كذلك المطالبة بالمزيد من المال لأنه يمكنه القول: “نحن تحت تهديد عسكري”. لذلك زادت العقوبات من الفروقات وقوضت المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في إيران. وعززت أكثر العناصر قمعية في المجتمع الإيراني.

وهذا ما فتح المجال أمام محمود أحمدي نجاد للوصول إلى سدة الرئاسة عام 2005. مثّل أحمدي نجاد استراتيجية ثالثة تتجاوز الإصلاحيين والمحافظين. وقد استعمل نوعاً من السردية الشعبوية حول حماية الفقراء وضمان أن تكون عائدات النفط لمصلحة الشعب، ولكنه قمع أي حريات اجتماعية وسياسية مكتسبة. لذلك، حصل على بعض الأصوات من الطبقات الدنيا، وفاز من جديد عام 2009، ولكن أدت سياساته إلى خيبة أمل. على سبيل المثال، بدأ عملية خصخصة واسعة في الصناعة، التي أفادت رجالات النظام. بدأ رجال الحرس الثوري والبيروقراطية بشراء هذه المؤسسات التي خصخصت. أعتقد أنه أراد بناء أساس اجتماعي جديد للدولة ضمن هذا القسم الجديد من القطاع الخاص- رأسمالية خاصة متماشية مع الدولة. وعندما فاز في انتخابات عام 2009، نزل الناس إلى الشوارع بسبب وجود أدلة على حصول تزوير انتخابي. أدى ذلك إلى الحركة الخضراء، التي حصلت بين حزيران/يونيو 2009 وكانون الثاني/يناير 2010. وتظاهر حوالي 3 مليون شخص في طهران، قتل واعتقل العديد منهم.





هذا يقودنا إلى التصدع على مستوى القمة. استبعدت الحكومة الإصلاحيين، وصغرت دائرة السلطة. جرى قمع الاحتجاجات، وزادت شدته. ومن ثم وصلنا إلى الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة عام 2015. حيث فاز حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية عام 2013. حيث قال إن توقيع الاتفاق النووي سيحسن من الظروف الاجتماعية والاقتصادية للشعب الإيراني، كما قال إنه سيعطي المزيد من الحريات الاجتماعية للنساء، والشباب وسوى ذلك. وقد أنهى الاتفاق النووي العقوبات لفترة من الوقت، لكن روحاني خيب الآمال لأنه لم يقف في وجه المحافظين. أكثر من ذلك، كانت مواجهته للقيود الاجتماعية محدودة لأن المحافظين رفضوا ذلك.

اود القول إن أهم عنصر في تقويض المعتدلين المرتبطين بروحاني كان انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة عام 2006. تخلى ترامب عن الاتفاق النووي وعاد إلى العقوبات. انسحبت الشركات الأوروبية من إيران لأنها خافت من العقوبات. لذلك، لم يستفد روحاني من الصفقة، وقوضت الامبريالية القوى المعتدلة في إيران من جديد. استمر الانقسام على مستوى القمة، وانتهى بنا الأمر بدائرة أصغر من المتشددين المحافظين في إيران.

نعيمة: هل بإمكانك التوسع بمسألة تطور المقاومة القاعدية، وكيف جرى تنظيم التظاهرات؟

بيمان: تذكري أن الثورة الإيرانية كانت ثورة شعبية جداً وحظيت بتأييد كبير. بعد الثمانينات، شهدنا عودة التظاهرات. في التسعينيات عادت الحركة الطلابية والنسائية والعمالية.

لعب العمال دوراً مهماً جداً في الثورة الإيرانية، لكنهم تعرضوا للقمع لاحقاً. مع ذلك، بدأوا بتنظيم أنفسهم ضد الإصلاحات التي جعلت من عملهم هشاً أكثر. حصل إضرابان عام 1997 قمعا بشدة، ولكنهما كانا ملهمين لإعادة ظهور الحركة العمالية. بدأ المناضلون العماليون بتنظيم أنفسهم. عام 2003، نظم سائقو الباصات نقابة مستقلة. بعد ذلك بعامين، نظم عمال مصنع قصب السكر في جنوبي إيران نقابة مستقلة. وبات عيد العمال في الألفينات تاريخاً لتعبئة العمال وتنظيم الاحتجاجات. وقد استمر ذلك طوال السنوات العشرين الماضية، على الرغم من القمع، خاصة بعد عام 2009. في السنوات الماضية، ارتفع عدد الإضرابات العمالية بسبب سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية.

كما حصلت موجتان من الاحتجاجات الجماهيرية في السنوات الماضية. إحداها ضد زيادة التضخم بين كانون الأول/ديسمبر 2017 وكانون الثاني/يناير 2018. كما حصلت احتجاجات جماهيرية في المدن، والتي قمعت. لاحقاً، في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، حاولت الحكومة وقف دعم الوقود. فارتفعت الأسعار، وهذا ما أدى إلى هبة شعبية طاولت عشرات المدن. كان التكوين الاجتماعي المتغير للاحتجاجات مهماً جداً. عام 2009، خرجت الطبقات الوسطى بشكل رئيسي إلى الشوارع بمطالب سياسي. مع ذلك، خلال احتجاجات عامي 2017 و2019، كانت الطبقة العاملة فعلياً، المتشكلة من العاطلين عن العمل والقطاعات الفقيرة من الطبقة العاملة والمطالب الاجتماعية والاقتصادية للطبقة العاملة هي القوة الدافعة الحقيقية.





الأهم من ذلك، اليوم هناك تحالف بين الطبقة العاملة وشباب الطبقة الوسطى الذين يحتشدون على مستوى الأحياء، بالتالي هناك اندماج بين المطالب الاجتماعية والسياسية. لذلك، هم يريدون إلغاء قانون الحجاب والمزيد من الحريات السياسية، ولكن أيضاً يريدون ظروفاً اجتماعية واقتصادية أفضل: أجور أعلى…

نيك ما هي العلاقة بين الاحتجاجات وبين الحركة العمالية؟

بيمان: من المهم لنجاح هذه الحركة إشراك المزيد من الناس فيها. حالياً، نحن نرى آلاف الأشخاص في الشوارع، ولكن لم نصل بعد إلى مئات الآلاف أو الملايين. الجانب الهام هو انضمام العمال إلى الحركة، ما من شأنه زيادة الأعداد في الشوارع ودمج الاحتجاجات بالإضرابات.

الإضرابات مهمة. تمكنت الثورة الإيرانية من قلب النظام الملكي القديم بسبب انضمام العمال إلى الحركة في خريف عام 1978 كما أضربوا في قطاع النفط وقطاعات أخرى. في كانون الأول/ديسمبر عام 78، نظم إضراب عام شل وأسقط الملكية. وبذات الطريقة، إن الإضراب العام سيغير من قواعد اللعبة في الحركة الحالية. لن يؤذي اقتصادياً فقط إنما سيتغلب أيضاً على بعض مخاطر القمع لأنه سيتيح للعمال بالانضمام إلى الحركة بالملايين. بعد كل شيء، لا يمكن للدولة بكل بساطة إرسال جنودها وشرطتها إلى آلاف أماكن العمل. كما ان الإضراب العام سيظهر قابلية الحركة على البقاء- وأن هذه الحركة يمكنها تعبئة الجماهير والانتصار.

لكن أعتقد بأنه يوجد عقبات جدية في سبيل حصول ذلك. الأولى هو الافتقار للتنظيم بين العمال، والذي يعود إلى القمع. رغم ذلك، مع استمرار الإضرابات، يبني العمال الشبكات القائمة بين سائقي الشاحنات والمعلمين وسائقي الباصات في طهران. مع ذلك، هناك عقبة ثانية تتمثل بأن اللبرلة الجديدة للقوى العاملة قد خلق أعداداً هائلة من العمال غير المستقرين. لذلك، يعمل حوالي 200 ألف عامل في صناعة النفط، ولكن نصفهم عقودهم من الباطن أو يعملون بموجب عقود مؤقتة. يشعر هؤلاء العمال بالضعف الكبير حيال الإضراب. رغم ذلك، مع استمرار الاحتجاجات، يمكن أن يكتسب هؤلاء العمال المزيد من الثقة.

هناك مشكلة أخرى، هي أن الحركة الحالية تفتقر إلى برنامج اجتماعي-اقتصادي واضح. مازال التحالف الناشئ بين الطبقة العمالية ومناضلي الطبقة الوسطى هشاً جدا، والطبقة الوسطى مهيمنة. من الضروري، إلى جانب الشعارات المناهضة للاستبداد والحريات الثقافية، أن تثير الحركة كذلك مطالب اجتماعية واقتصادية بشكل واضح ضد الخصخصة، والعمل غير المستقر، وضد اللبرلة وضد التعهيد (Outsourcing) وفرض الحد الأقصى لمداخيل المدراء التنفيذيين. لماذا ينضم العمال إلى الحركة إذا كان المطلب الوحيد الذي تريده هو استبدال النخبة الحالية، المنظّمة وفق نموذج من الإسلام السياسي، بنخبة علمانية ستستكمل بشكل أساسي ذات السياسة القديمة؟

نعيمة: لقد تكلمت عن العمال في قطاع النفط، ما هي أهمية هذا القطاع للنظام؟ وما هي أهمية عمال النفط للحركة؟





بيمان: أهمية عمال النفط رمزية واستراتيجية. رمزية لأن عمال النفط يذكرون بفكرة الثورة الإيرانية وبالحركات السابقة التي دافعت عن محمد مصدق، الرئيس الذي أطاحت به الولايات المتحدة وبريطانيا عام 53 لأنه أمم قطاع النفط. لذا، إن انضمام هؤلاء العمال إلى الحركة سيكون له تأثير رمزي كبير. سينظر إليه على أنه استمرار للنضال الإيراني ضد التعسف الداخلي والخارجي. ولكن سيكون له أهمية استراتيجية. النفط شديد الأهمية في إيران، سواء للاستهلاك الداخلي أو للتصدير.

رغم ذلك، أود الإشارة إلى أن أهمية عمال قطاع النفط قد تراجعت مقارنة مع زمن الثورة عامي 78-79. ما زال عمال النفط مهمين جداً، ولا أريد التقليل من أهميتهم، ولكن تكوين الطبقة العاملة قد تغير مع الوقت. فقد تنوع الاقتصاد الإيراني، ولم يعد يعتمد حصراً على النفط كما كان هو الحال منذ 40 عاماً. كما تراجع دور عمال النفط بسبب العقوبات. باتت الحكومة الإيرانية أقل اعتماداً على المدخول النفطي لأنها لا تستطيع التصدير كما كان هو الحال في السابق، وهذا يعني أنها تستطيع تجميع احتياطيات يمكن أن تستمر لعدة أشهر.

لذلك، علينا كذلك النظر إلى قطاعات أخرى في الاقتصاد. أعتقد أن عمال النقل مهمون لأن توزيع المشتقات النفطية يعتمد عليهم. إذا نظموا إضرابات، يمكنهم إلحاق الضرر الفعلي بالنظام. كما ظهرت إحدى الصناعات من التطورات التي حصلت طوال العقود الماضية وهي قطاع تجهيز المأكولات. تعتبر الصناعات المعدنية والسيارات في إيران الأكبر في الشرق الأوسط، وبالتالي هي مهمة جداً. إضافة إلى ذلك، هناك عدد كبير من أماكن العمل الصغيرة حول المدن.

كما أود التشديد على أهمية قطاع الخدمات المتنامي في إيران. على سبيل المثال، بات دور المعلمين والعمال في القطاع الصحي أكثر أهمية بكثير. نظمت نقابة المعلمين عدداً من الإضرابات طوال سنوات. أعتقد أن المعلمين قد لعبوا دوراً حيوياً لأنهم يستطيعون ربط الطبقة الوسطى بتلك العاملة. كان ينظر إليهم تقليدياً على أنهم جزء من الطبقة الوسطى، لكن ظروف عملهم باتت قريبة جداً من بقية العمال. رغم ذلك، من الناحية الثقافية، ما زال ينظر إليهم على أنهم جزء من الطبقة الوسطى، وأعتقد أنهم سيلعبون دوراً مهماً بالتواصل [بين الطبقات] لهذا السبب.

كما هناك جانب حيوي آخر للتحولات داخل الطبقة العاملة أود ذكره: تأنيث الطبقة العاملة. التحقت النساء بالمدارس، كما ذكرت سابقاً، ولكنهن يجدن صعوبة في العثور على عمل بعد تخرجهن. وإذا وجدن عملاً، فسيتعرضن إلى التمييز. بعض المهن ما زالت مغلقة بأوجههن. ويتعرضن للتمييز الجنسي في أماكن العمل، وعدم مساواة في الأجور وعدم وجود رعاية للأطفال. هذا العبء الملقى عليهن كبير جداً. تبلغ نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 18 بالمئة، والتي هي الأدنى في العالم. الكثير من الغضب الذي نشهده بين النساء هو كذلك نوع من الغضب الطبقي- إحباط ناجم عن رغبتهن بأن يصبحن جزءاً من سوق العمل دون التمكن من ذلك.





نيك: لقد تكلمت عن كيف أدت العقوبات والامبريالية إلى إضعاف الثورة القاعدية وتقوية القوى القمعية. هل يمكنك التحدث عن موقف الغرب من الحركة الحالية؟ كيف يجب أن يكون موقف اليسار في الغرب؟

بيمان: من الإيجابي أن غالبية المنظمات اليسارية في الغرب تدعم الحركة. على اليسار أن يقف إلى جانب الاحتجاجات في إيران دون أي شرط، ولكن ضمن نفس السياق نحتاج إلى إجراء نقاش حول الامبريالية. فموقف النخب الغربية منافق تماماً. تدعم الدول الغربية كل أنواع الحكومات الاستبدادية في المنطقة مثل مصر والسعودية ودول الخليج الأخرى. الحكومات الغربية غير معنية بالديمقراطية. ستسعد بإلقاء الحركة الديمقراطية الإيرانية في الهاوية إذا أتيح لها عقد اتفاق مع النظام. لذلك، يتعين على الحركة الإيرانية العودة إلى تقليدها العريق المتجسد بالجمع بين مناهضة القمع الداخلي والهيمنة الخارجية.

بعض المعارضة، خاصة خارج البلاد، تبحث عن طرق مختصرة للثورة. ما يجري في إيران هو انتفاضة جماهيرية من منظور ثوري، ولكن لا يمكننا التحدث عن أنها ثورة لأن الحركة الجماهيرية ليست قوية بما فيه الكفاية. فهي لم تحرك بعد الملايين من الناس، والتصدعات على مستوى القيادة ليست كافية. بعض القوى لديها حسن نية، وتتطلع إلى ما هو مطلوب لتغيير الأمور فتقول: “لو أن الولايات المتحدة تدعمنا! لو فرضت العقوبات على إيران ستتغير الأحوال” هذا خطأ، لا يوجد طريق مختصر للتغيير- لأنه يأتي فقط من القاعدة.

أعتقد أن المناضلين على الأرض هم في الواقع إلى يسار الأصوات التي تضخم الحركة في الخارج. أنا أتكلم هنا عن المعارضة الخارجية التي يروج لها من العواصم الأوروبية والأميركية على أنها قائدة للحركة. على سبيل المثال، التقى إيمانويل ماكرون ببعض الشخصيات وروج لها لأنه لديها سياسات نيوليبرالية. ما يريدون فعله بإيران هو نفسه الذي حصل في دول أخرى من عالم الجنوب. في الأساس، يريدون مستوى محدد من الحرية السياسية والاجتماعية، ولكنهم يريدون تكثيف الإصلاحات النيوليبرالية التي ستسبب الضرر بالعمال الإيرانيين.

هناك مجموعة أخرى تريد فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران. ستؤدي هذه العقوبات إلى عزل إيران وإضعاف المجتمع المدني، ما يمهد الطريق أمام المزيد من التوترات التي يمكن أن تتدحرج إلى نزاع عسكري. حتى أن بعض المعارضين يتحدثون عن ضرب الاحتلال الإسرائيلي، على سبيل المثال، للمنشآت النووية في إيران. هذه الآراء إجرامية- يوجد في إيران 85 مليون نسمة، والنتائج ستكون مدمرة للكثير من الناس. إضافة إلى ذلك، سينسحب النظام من معاهدة حظر الانتشار ويبدأ بصناعة سلاح نووي، لأنه ليس لديه برنامج أسلحة نووية حالياً. سيعبئ ذلك الحرس الثوري. وسيؤدي إلى خروجهم بكل قوة “نحن تحت تهديد خارجي”. وسيقمعون أي نوع من المعارضة ويحصرون السلطة بين أيديهم [أكثر].

كما شرحت سابقاً، إن العقوبات ستضر بالحركة بشكل فعلي، وتضعف القوة التعطيلية للعمال في إيران. بات العمال فقراء، لأنهم لا يملكون احتياطات، ولا توجد صناديق إضراب. لذا، ليس لديهم المال للإضراب لمدة أيام أو بضعة أسابيع، ما يعني أنه من الصعب تنفيذ إضراب. يخطئ البعض عندما يعتقدون أن العمال الأفقر هم الأكثر استعداداً على الإضراب، في الحقيقة تنظيم الإضرابات يرتبط بثقة العمال. عندما تزداد ثقة العمال، عندها سيضربون عن العمل.





نعيمة: يريد الكثير من المعلقين رؤية الحركة مجرد انتفاضة ضد الإسلاميين. مع ذلك، وفي كل انحاء العالم، تعتبر أجسام النساء ساحة معركة سياسية، سواء كانت قوانين فرض الحجاب في إيران، أو النضال من اجل الحق بارتداء الحجاب في أوروبا، والنضال من أجل الحق بالإجهاض في الغرب. ماذا يعني هذا بالنسبة لأولئك الذين يريدون الهيمنة على الحركة؟

بيمان: أعتقد أن أكبر تدخل للغرب هو أيديولوجي. تحاول النخب الغربية القول إن الصراع استثنائي بالنسبة لإيران والحجاب. حتى على هذا المستوى، ليس هذا هو الحال. هناك قيود على ملابس النساء في عدد من الدول في المنطقة، كما في السعودية، حليفة الدول الغربية. هناك قيود اجتماعية وفصل جندري في المساحات العامة في هذه الدول. يوجد العديد من المناضلات من اجل حقوق النساء في سجون السعودية. بالتالي، ما يحصل في إيران، حتى بما خص ما يتعلق قضية قواعد اللباس، هو أوسع من كونه مجرد قضية إيرانية.

كما ان النضال هو أوسع بكثير لأنه يمس بحريات النساء اللواتي يتعرضن للهجوم في كل مكان. لذلك، السياسيون الجمهوريون الذين خرجوا في الولايات المتحدة دعماً لنساء الإيرانيات هم أكثر المنافقين على وجه الأرض، لأنهم مارسوا هجمات على الحق بالإجهاض.

كما على المستوى السياسي، نعم إيران هي دولة استبدادية، لكنها واقعياً أقل استبداداً بكثير من الدول الحليفة للولايات المتحدة. لذلك، وعلى الرغم من وجود احتجاجات حاشدة في إيران طوال العقود الماضية، فإن مثل هذه الحركات غائبة إلى حد ما في دول مثل السعودية والإمارات. في الواقع، عندما حصلت احتجاجات وثورات في دول الشرق الأوسط، كما مصر، عملت الولايات المتحدة والسعودية على تنظيم تدخلات ضد هذه الحركات من أجل التغيير. تريد القوى الغربية توجيه الحركة الإيرانية بشكل تعيد إنتاج حلفائها في المنطقة. أفضل نتيجة يرونها حالياً هي حالة كما في مصر- ديكتاتورية عسكرية مقيدة للحريات السياسية والاجتماعية، ولكن حليفة للولايات المتحدة وسياساتها النيوليبرالية.

لذلك، نعم يجب توفر الحرية في إيران، ولكن النضال الإيراني هو جزء من معركة أكبر من أجل حرياتنا السياسية في كل المنطقة وفي العالم. على المستوى الاقتصادي-الاجتماعي كذلك، إن ما تفعله الدولة الإيرانية شبيه لما تشجع على الولايات المتحدة وأوروبا تطبيقه في العالم: إعادة الهيكلة النيوليبرالية للاقتصاد. الخصخصة وتزايد هشاشة ظروف العمال وما نشاهده يحصل في إيران حصل مثله في بقية العالم، من ضمنه الغرب نفسه.

كانت الثورة الإيرانية عامي 78-79 آخر ثورة عظيمة في القرن العشرين. اليوم قد تكون ثورة إيران هي الأولى ضمن موجة جديدة من الانتفاضات في المنطقة والعالم، والتي من شأنها رفع قضايا الحريات الثقافية والاجتماعية والتغيير السياسي والاقتصادي. كل هذه الأسباب التقت في إيران. والمعركة بدأت فعلياً.



#بيمان_جعفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المراوحة في إيران: عمال بمواجهة نيوليبرالية تسلطية


المزيد.....




- سمير لزعر// الموقوفون، عنوان تضحية الذات الأستاذية وجريمة ا ...
- حاكم تكساس يهدد المتظاهرين في جامعة الولاية بالاعتقال
- حزب النهج الديمقراطي العمالي: بيان فاتح ماي 2024
- تفريق متظاهرين في -السوربون- أرادوا نصب خيام احتجاجاً على حر ...
- بيان مشترك: الاحزاب والمنظمات تؤكد فخرها بنضالات الحركة الطل ...
- رحل النبيل سامي ميخائيل يا ليتني كنت أمتلك قدرة سحرية على إع ...
- رحل النبيل سامي ميخائيل يا ليتني كنت أمتلك قدرة سحرية على إع ...
- الانتخابات الأوروبية: هل اليمين المتطرف على موعد مع اختراق ت ...
- صدور العدد 82 من جريدة المناضل-ة/الافتتاحية والمحتويات: لا غ ...
- طلاب وأطفال في غزة يوجهون رسائل شكر للمتظاهرين المؤيدين للفل ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - بيمان جعفري - الانتفاضة الإيرانية من أجل الكرامة والحرية