أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - هل رفيق الحريري أهم من لبنان؟














المزيد.....

هل رفيق الحريري أهم من لبنان؟


فيصل القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1698 - 2006 / 10 / 9 - 11:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من حق الطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة، وفي مقدمتها تيار المستقبل بزعامة الشيخ سعد الحريري، أن تمضي إلى آخر الدرب بحثاً عن "الحئيئة". ومن حقهم أن يعدّوا، على شاشة تلفزيون المستقبل، الأيام التي مرت منذ استشهاد رفيق الحريري، حتى لو بدوا وكأنهم يريدون من اللبنانيين والعرب أن يتخذوا من ذلك اليوم بداية روزنامة جديدة للتاريخ، تحل محل التاريخين الهجري والميلادي. ومن حق جماعة الرابع عشر من آذار أن تطالب بأعلى صوتها بملاحقة المجرمين الذين سفكوا دم رئيس الوزراء الراحل وإقامة محكمة دولية لمحاكمتهم أمام العالم، ومن ثم القصاص منهم بالطريقة المثلى. ومن حق وليد جنبلاط أن يذكــّر العالم بجريمة اغتيال الحريري في كل مرة يظهر فيها على شاشات التلفزيون، حتى لو كان يتكلم عن ثقب الأوزون أوغابات الأمازون. لا غبار أبداً على هذه المطالب العادلة جداً، لا بل علينا أن نشد على أيدي أصحابها كونهم ناشدي عدالة وطالبي حق.

لكن عقل المراقب يكاد يطير من رأسه عندما يرى أن هذا الهوس الزائد عن حده لدى أتباع الحريري وأزلامه في المطالبة بملاحقة قتلة سيدهم يقابله صمت مريب وتعام فاضح عما قامت به آلة الحرب الصهيونية الفاشية بحق لبنان خلال عدوانها الأخير على البشر والشجر والحجر في بلاد الأرز الجميلة. لقد ظن البعض أن العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان وما خلفه من دمار وخراب وإبادة وأهوال قد يقلل من هوس جماعة الحريري بقضية الاغتيال الشخصي، ويحول أنظارهم إلى ما هو أهم وأخطر بمئات المرات، ألا وهو اغتيال لبنان وتحويل قراه وجسوره ومشافيه وطرقه وضواحيه ومطاراته إلى "أكياس من الرمل" وحصد أرواح وتشويه الألوف من مواطنيه الأبرياء، كما توعد حاخامات إسرائيل وأوفوا بوعيدهم.

لكن حليمة عادت، وبسرعة مذهلة، إلى عادتها القديمة، كما لو أن شيئاً لم يحدث في لبنان، فعادت الجوقة ذاتها للتركيز على مقتل الحريري بشكل مكثف ومريب، مما يجعل حتى الأغبياء يأخذون الانطباع بأن هؤلاء يريدون التستر والتغطية على جرائم إسرائيل وتحويل الأنظار عنها. وأرجو أن لا يكون الأمر كذلك فعلاً. وإذا كانوا غير منتبهين إلى تلك الحقيقة، عليهم إذن أن يصححوا الوضع فوراً، كي لا يبدوا وكأنهم متورطون في تدمير بلدهم والتآمر على شعبهم الذي يدّعون تمثيله في مجلس النواب والحكومة.

لا نريد من جماعة الرابع عشر من آذار أن يهملوا قضية الحريري بأي حال من الأحوال لحساب قضية التدمير الصهيوني للبنان، بل نريد منهم فقط أن يوازنوا بين حماسهم الجنوني للمحكمة الدولية وبين ضرورة الاهتمام بملاحقة التتار والمغول الصهاينة الذين يتوارى هولاكو خجلاً من فظائعهم في لبنان. وكي نسهــّل المهمة على جماعة الحريري نقول لهم: إن المجرمين الذين تسببوا في خراب بلد بأكمله، بما فيها منجزات الشهيد رفيق الحريري العظيمة، معروفون للقاصي والداني، وهم يقبعون في مقر الحكومة الإسرائيلية ووزراة الدفاع تحديداً. ولستم بحاجة للتنجيم والتحقيق مطولاً للتعرف على هوياتهم وعناوينهم ودوافعهم، كما هوالحال في قضية اغتيال الحريري. فلماذا الاهتمام أكثر بجريمة لم يُعرف حتى الآن، حسب تقارير التحقيق الدولي، هوية منفذيها أو حتى دوافعهم التي تتغير من تقرير دولي إلى آخر، بينما يتم التغاضي تماماً عن ألوف الجرائم الإسرائيلية، التي لم تجف دماء ضحاياها بعد، والتي تحتاج التحريك القضائي فقط لاغير.

في حرب لبنان لجأ الجيش الاسرئيلي الى مطاردة أهداف مدنية عن سابق عمد وإصرار باعتراف الإسرائيليين أنفسهم. لقد ارتكب ستاً وثلاثين مجزرة ضد المدنيين في بلدات: الدوير، ومروحين، وعيترون، وصور، وعبّا، والرميلة، والنبي شيت، ومعربون، وصريفا، والنبطية الفوقا، وحّداثا، والنميرية، وعين عرب، وقانا، ويارون، وحاريص، والحلوسية، والقليلة، والجبّين، وبعلبك، والقاع، والطيبة، وعيتا الشعب، وأنصار، وحولا، والغسانية، والغازية، والشياح، وبريتال، ومشغرة، والحيصة (عكار). وكيف إذا أضفنا الى هذا السجل الأسود ضرب الجسور، ومحطات الكهرباء والمياه، والمصانع، والمزارع، والمدارس، والمستشفيات، والطرق الدولية؟

إن دراسة دولية مسؤولة عن حرب لبنان، كما يقول البروفسور اللبناني المخضرم عدنان حسين، تظهر كيف أنها كانت حرباً على المدنيين اللبنانيين. هناك جرائم حرب (استناداً الى اتفاقيات جنيف)، وجرائم ضد الانسانية (استناداً الى نظام المحكمة الجنائية الدولية)، وجرائم إرهابية (استناداً الى ميثاق الامم المتحدة)... وعليه فإن محاكمة اسرائيل على جرائمها ممكنة من الناحية القانونية، من خلال تشكيل محكمة دولية خاصة على غرار المحاكم الخاصة التي شكّلها مجلس الامن للنظر في جرائم مماثلة في رواندا والبوسنة والهرسك وسيراليون.

وهناك طريق آخر لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين من خلال محاكم بعض الدول التي تسمح قوانينها بالمحاكمة إذا ما ادعى الطرف المتضرر، أي اللبنانيون، أمامها. وهذا النوع من المحاكم قد ينظر في الجرائم ضد الانسانية، وجرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الارهاب، وجريمة العدوان، والجرائم ضد حقوق الانسان وقواعد القانون الدولي الانساني.

أين جماعة الحريري الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها من أجل مقتل شخص واحد، ويعيــّشون بلاد الأرز في مأتم ماراثوني منذ أكثر من عام حداداً على حادثة اغتيال فردية، أين هم من الجرائم الإسرائيلية الجماعية المفضوحة كعين الشمس بحق بلدهم وشعبهم الأعزل؟ هل رفيق الحريري أكبر وأهم من لبنان كله؟ أعتقد أن الشهيد المرحوم سيتململ في قبره احتجاجاً وسخطاً لو عرف أن "جماعته" تعتبر قضية اغتياله أولى بالعدالة من قضية وطن بأكمله.



#فيصل_القاسم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تنصرون دينكم إذا لم تنصروا أنفسكم؟
- اللهم نجّنا من نار الديمقراطية
- لا تلوموا بابا الفاتيكان
- الإرهاب الإعلامي
- اطلبوا الكرامة ولو في فنزويلا
- هل سندعو يوماً لليهود بالنصر على المذاهب الإسلامية الأخرى؟
- ثقافة الهزيمة إلى مزبلة التاريخ
- عندما يتآمر الثور الأحمر على نفسه!
- هل نحن أولاد شوارع؟
- طوبى للغوغائيين والمغامرين
- وهم إسرائيل المتبدد
- عروبة في المزاد
- لسنا بحاجة إلى الوحدة العربية
- الإعلام العربي بين العوربة والعولمة
- العولمة الغربية أقوى من كل العولمات السابقة
- خذوا ما في عقولهم واتركوا ما في قلوبهم
- انتهى التاريخ... شئنا أم أبينا
- كان الله في عون الأجيال القادمة
- لماذا فسدت البلاد والعباد ؟
- العمالة شقيقة الاستبداد


المزيد.....




- ريانا تتألق بإطلالة زرقاء ناعمة في فستان مستوحى من أزياء الس ...
- لماذا قد يُلوث هاتفك المحمول القديم تايلاند؟
- إسرائيل تريد التطبيع مع سوريا ولبنان لكنها -لن تتفاوض- بشأن ...
- رواية -نديم البحر- لحكيم بن رمضان: رحلة في أعماق الذات الإنس ...
- مصر.. تحذير السطات من ترند -الكركم- يثير الانتقادات!
- شاهد.. ملاكم يتعرض لصعقة كهربائية أثناء احتفاله بالفوز
- غزة وتشكيل لوبي عربي في سلم أولويات مؤتمر الجاليات العربية ب ...
- قصف هستيري على غزة يعيد مشاهد بداية العدوان الإسرائيلي
- ترامب: الولايات المتحدة لا تعرض على إيران شيئا
- إذاعة صوت أميركا.. من الحرب العالمية الثانية إلى عهد ترامب


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - هل رفيق الحريري أهم من لبنان؟