أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد احمد الهاشمي - الحرب على لبنان: الدروس المستفادة















المزيد.....

الحرب على لبنان: الدروس المستفادة


محمد احمد الهاشمي

الحوار المتمدن-العدد: 1692 - 2006 / 10 / 3 - 06:57
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الهزيمة النفسية للحكام العرب:
الأكيد ألا احد كان يراهن على التدخل العسكري العربي لنصرة الشعب اللبناني فالجميع يعلم أن الجيوش العربية تخضع للعديد من القيود، فهي إما أنها مقيدة بمعاهدات السلام الانهزامية المعروفة( مصر والأردن) أو أنها امتداد استراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة ( معظم دول الخليج) أو أنها تعتبر نفسها غير معنية بالصراع بسبب بعدها الجغرافي عن المنطقة ( دول المغرب العربي)، وفي جميع الأحوال فالجميع يعلم أن هذه الجيوش موجهة بالأساس لحماية الأنظمة الخائفة إما من الأخطار الداخلية، أي في نهاية المطاف من شعوبها أو لحماية نفسها من مؤامرات بعضها ضد البعض الآخر، أما الخطر الإسرائيلي فهو غير وارد في حسابات الأنظمة مادامت قد اختارت أن تكون جزءا من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تشكل إسرائيل نواته الصلبة.
هذه حقائق معروفة ولم تزدها الحرب على لبنان وقبله على العراق إلا تأكيدا، غير أن الجديد الذي كشفته هذه الحرب هو أن الحكام العرب يعيشون أخطر أنواع الهزيمة وهو الهزيمة النفسية وهو ما يمكن استخلاصه من تحليل الخطاب الذي تبناه العديد من القادة بعد أسر الجنديين الاسرائليين والذي وصف العملية بالمغامرة وهي كلمة تختلف دلالاتها في السياق الثقافي السياسي العربي المحافظ عنها في السياق الثقافي الغربي، فهي اقرب إلى معنى عدم القدرة والعجز عن فعل الشيء والتحكم فيه وبالتالي من الأسلم ترك هذا الشيء من الأساس وبذلك يتبين أن التحالف الأمريكي الصهيوني لم يؤدي إلى هزم الحكومات العربية فحسب بل جعلها تسلم بالهزيمة ,إذ ليس عيبا أن ننهزم لكن العيب كل العيب، بل الكارثة أن نسلم بالهزيمة ونجعل منها واقعا نؤسس عليه علاقتنا بدواتنا وبالآخر حيث يصبح وعينا لذاتنا لا يتحدد بالاستناد على مقومات هذه الذات بقدر ما يتحدد كوعي تابع لوعي الآخر بذاته أي أنه ليس وعيا لذاته بل وعي من أجل وعي الآخر الذي هو الأمريكي الصهيوني.
وبناء على ما تقدم لا يجد المرء كبير عناء في فهم سر التهافت الرسمي العربي على التقارب مع إسرائيل وسلاسة تعاطي الحكومات العربية مع المنظور الأمريكي القائم على تغيير الدهنيات عبر تغيير البرامج الدراسية وكذلك سر عشقها للسلام والشرعية الدولية، كما لا يجد صعوبة في فهم لماذا غزت الولايات المتحدة العراق وتحاصر إيران وسوريا، ولحساب من؟ ولماذا تنازلت ليبيا عن نواياها النووية؟ ولماذا أحيطت اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا بكثير من التكتم على تفاصيلها؟ ولماذا؟ ولماذا؟ ولماذا؟...إلا أن ما لا أفهمه شخصيا هو سر هذا الإجماع تقريبا على معارضة الدور الإيراني في المنطقة وهنا أنتزع لنفسي حق التساؤل: ماذا فعلت الأنظمة من أجل مواجهة الاحتلال الأمريكي الصهيوني حتى تعيب على إيران تدخلها في المنطقة؟ الجواب: لاشيء لأنها لا تملك من أمرها شيئا وفي جميع الأحوال يبدو أن الرسميين العرب لم يستوعبوا بعد المبدأ الفيزيائي الشهير: الطبيعة تخشى الفراغ.


وهم النظام الإقليمي العربي:
الدرس الثاني الذي يمكن استخلاصه من هذه الحرب هو أن ما يسمى بالنظام الإقليمي العربي ليس هشا فحسب وإنما هو مجرد وهم فقد شكل تعاطي جامعة الدول العربية مع هذه الأزمة دليلا قاطعا انه لا يكفي وجود مؤسسات تمثل فيهلا الدول العربية للحديث عن نظام إقليمي عربي. لقد قيل الكثير عن تباطؤ وتقاعس القادة العرب في التحرك لإنقاذ الشعب اللبناني وقيل الكثير كذلك عن وجود غطاء عربي للعدوان على لبنان إلا أن ذلك ليس في الواقع سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد. ذلك أن تحليل السلوك السياسي للدول العربية منذ حرب الخليج الثانية إضافة إلى أداء جامعة الدول العربية التي تشكل المظهر المؤسساتي الأبرز للنظام العربي تبين أن هذا الأخير لم يعد يستجيب حتى لأبسط تعريفات مفهوم النظام باعتباره مجموعة من العناصر المتداخلة فيما بينهما بعلاقات بحيث تشكل كلا موحدا فقد تحول انتماء الدول العربية إلى العروبة مجرد انتماء شكلي بدل أن يكون انتماءا إلى فضاء مؤسس على الوعي المشترك بوحدة المصير والمصلحة المشتركة كما هو الشأن بالنسبة لكل التكتلات الجهوية والإقليمية في العالم وخاصة الاتحاد الأوربي الذي تعلمنا تجربته كيف أن الاختلافات اللغوية والثقافية والدينية أحيانا يمكن أن تنصهر في بوثقة المصلحة المشتركة وهو ما لم يقتنع به العرب بعد، فكل دولة تبحث عن مصلحتها منفردة سواء على مستوى التحالف السياسي أو التبادل الاقتصادي وهكذا اختار النظام الليبي التوجه نحو إفريقيا وإدارة ظهره للعرب واختارت باقي الدول المغاربية الانفتاح على الضفة الشمالية للبحر المتوسط أما دويلات الخليج فقد فضلت الاندماج في تكتل نفطي مغلق ونتيجة كل ذلك أن المبادلات الاقتصادية بين العرب هي الأضعف من بين كل التكتلات الإقليمية في العالم وأن المكائد والمؤامرات والتراشق الإعلامي أصبح لازمة للعلاقات بين القادة العرب وان قيمة قرارات القمم العربية أصبحت لا تساوي حتى قيمة الأوراق التي تكتب عليها، ومع ذلك تجد الرسميين العرب لا يعترفون بموت النظام العربي وأخشى ما أخشاه أن يكون مثلهم مقل عفاريت النبي سليمان التي لم تصدق أنه مات إلا بعد سقوط عصاه التي نخرتها الأرضة واعتقد أن الأزمتين اللبنانية والعراقية تؤشران أن العصا التي يتكئ عليها ما يسمى بالنظام العربي توجد في مرحلة متقدمة من التآكل.
-أولوية المطلب الديمقراطي.
أما ثالث الدروس فيتعلق بالمطلب الديمقراطي فقد كشفت هذه الأزمة أن الهوة السحيقة التي تفصل الشعوب عن القادة لم تزدد إلا اتساعا وأن أجندة الأنظمة العربية بعيدة كل البعد عن ملامسة قضايا الشعوب، فحتى حق التظاهر تمت مصادرته أو في أحسن الأحوال تم تأميمه حتى لا يخرج عن نطاق السيطرة ويبقى في حدود الممكن قمعه وقد تنبه بعض المحللين السياسيين إلى خطورة تزايد الغضب الشعبي من المواقف اللاشعبية و"العقلانية جدا" للأنظمة مؤكدين أن استمرار هذه الحرب قد يؤدي إلى اهتزازات سياسية عنيفة في المنطقة ومع ذلك وجدنا من المسؤولين السامين العرب من وصف جحافل المتظاهرين المنادين بنصرة الشعب اللبناني بالغوغاء والرعاع.
ولذلك فإن الأنظمة العربية تقف اليوم أمام منعطف تاريخي يجعلها أما خيارين لا ثالث لهما فإما أن تتغير أو تغير لأنها تعيش اليوم أزمة مشروعية غير مسبوقة في تاريخها حيث أنها أخفقت في مشروع بناء الدولة الحديثة، دولة المؤسسات ولم يسفر نهجها التحديثي سوى عن كيانات مشوهة وهجينة ابعد ما تكون عن الدولة باستثناء المظاهر الخارجية التي فرضتها ضرورة التحديث القسري والمشوه واقرب ما تكون إلى ظواهر أو كيانات ما قبل الدولة كالعائلة والقبيلة والعشيرة. وقد جاءت الحرب اللبنانية لتسقط ورقة التوت الأخيرة عن ما تبقى من أهم عنصرين مؤسسين لشرعية هذه الأنظمة وهما الدين والفكرة القومية: فلا الإسلام ولا العروبة شفعا للبنان أمام الأنظمة العربية التي لا اعتقد أن أحدا منها سيغامر بعد الآن في ادعاء تبني قضايا الأمة سواء من منطلق قومي أو منطلق إسلامي. وهناك وهم آخر ستزيد هذه الحرب في تعريته وهو المتجلي في فكرة تأجيل الديمقراطية وحقوق الإنسان والإصلاحات السياسية في انتظار تحقيق التنمية الاقتصادية لأن تجربة العقود الماضية أبانت أن القمع والقهر وتكميم الأفواه لا يمكن أبدا أن يؤدي إلى التنمية لأن تلك السياسات لم تؤدي سوى إلى تعطيل قدرات الإبداع والخلق لدى الإنسان الذي هو وسيلة التنمية وهدفها في الوقت ذاته ولعل تقارير التنمية البشرية في العالم العربي خير دليل على فشل هذا الطرح.
السلام والسلاح وجهان لعملة واحدة:
لا شك أن السلام الحقيقي والعادل يكون دائما مشروطا بتوازن في القوة بين الأطراف المتنازعة وقد أسفر التطور التاريخي للصراع العربي الإسرائيلي عن تراجع الإجماع العربي حول استعمال القوة لاسترجاع ما سلب بالقوة لينتهي الأمر إلى انقسام المجتمع العربي إلى تيارين: الأول رسمي نصب نفسه ممثلا للشعوب العربية لينخرط في ما يسمى بمسلسل السلام والثاني شعبي بقي متشبثا بخيار المقاومة.
وقد ساعد على هذا التشظي في الصف العربي ثلاثة عوامل أساسية:
1- تعاظم الهوة بين الشعوب العربية والحكام بسبب الخصاص المهول في الديمقراطية وحقوق الإنسان وقيم الحداثة.
2- نجاح الإعلام الغربي الذي يهيمن عليه اللوبي الصهيوني في اللعب على هذه الانقسام وتغذيته عبر تقديم كل مقاوم أو ممانع في صورة شرير أو إرهابي.
3- نجاح إسرائيل بدعم من رعاة السلام في نزع الطابع القومي عن الصراع عبر فصل المسارات وتحييد معظم الأنظمة عبر إقامة اتصالات مباشرة معها ليتحول الصراع من صراع عربي إسرائيلي إلى صراعات متعددة بشكل أساء إلى التيارين معا حيث تشتتت صفوف المقاومين وانهارت القدرة التفاوضية للمفاوضين / المسالمين.
غير أن أهم وأخطر نتيجة ترتبت على المنحى الذي أتخذه الصراع هو نشوء وهم راسخ لدى الرسميين العرب بإمكانية استرجاع الحقوق المسلوبة بالقوة اعتمادا على التفاوض السلمي مع عدو تقوم شرعية وجوده أساسا على القوة والنتيجة أن إسرائيل نجحت دائما في أن تسترجع باليد اليسرى ما تقدمه باليد اليمنى في الوقت الذي دخل فيه العرب في مسلسل تنازلات لا نهائي. وعليه فإن تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان وفشلها في خيار القوة لتحقيق أهدافها- المعلنة على الأقل – وسعيها لوقف الحرب وقبولها التفاوض غير المباشر مع حزب الله مع ما رافق ذلك من تصدع في الجبهة الداخلية ومطالبات بمحاسبة المسؤولين عن التقصير في الحرب تشكل درسا غني الدلالة لكل من راهن أو يراهن على السلام مع إسرائيل في ظل الاختلال الكبير في ميزان القوة بين طرفي النزاع. لنكن واضحين فلا يوجد عاقل لايريد العيش في سلام كما لا يوجد عاقل يعشق الحرب غير أن الإنسان لا يحتاج إلى القوة من أجل استعمالها فقط بل أيضا وفي أحيان كثيرة من أجل البحث عن السلام والحفاظ عليه ولذلك فإن من يسعى إلى السلام ينبغي عليه أن يكون مستعدا للحرب هذا هو الدرس الرابع الذي لا بد لكل عاقل أن يستخلصه من هذه الحرب وتداعياتها، ولعله أكثر الدروس إحراجا لأنظمة عربية عجزت طوال عقود من المفاوضات أن تحقق ما حققته المقاومة اللبنانية وهو ما يجعل انتصارها الاستراتيجي على إسرائيل انتصارا سياسيا على الأنظمة الرسمية العربية على الأقل في نظر جماهير المقموعين والمقهورين والعاطلين والمسحوقين الذين وجدوا في هذا الانتصار تعويضا سيكولوجيا عن حالة الانكسار المستمرة التي يعيشونها.



#محمد_احمد_الهاشمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يشكل نظام الاحزاب عائقا امام الانتقال الديمقراطي بالمغرب
- قراءة في افق 2007.التحدي المزدوج لاسلاميي العدالة و التنمية ...
- الفصل بين الدولة و المجتمع كمعيار للحداثة السياسية.قراءة في ...
- الوعي التاريخي, هل هو الحلقة المفقودة في تفكير الإنسان العرب ...
- نحو تدقيق مفهوم المواطنة وتشخيص عوائق تكريسه في المغرب


المزيد.....




- حزب أردوغان يرد على وصف رئيس بلدية إسطنبول -حماس- بـ-الجماعة ...
- مظاهرة حاشدة في هامبورغ لوقف موجة الكراهية ضد المسلمين والسل ...
- قبيل توجهه لإسرائيل.. بلينكن يحض حماس على قبول مقترح الهدنة ...
- جورجيا.. القوات الخاصة تستخدم الرصاص المطاطي لتفريق احتجاجات ...
- -هذا لاقانوني ولاأخلاقي ومثير للاشمئزاز-.. محتجة مؤيدة لفلسط ...
- الجيش المالي يعلن قتل قيادي في تنظيم -داعش- هاجم القوات الأم ...
- جامعة السوربون تحاصر طلابا مؤيدين لفلسطين
- -انطلقت ووصلت إلى هدفها-..الحوثيون يعرضون مشاهد من استهداف س ...
- الولايات المتحدة تواصل تشييد رصيف بحري عائم على شاطئ غزة
- الخارجية الأمريكية تصدر بيانا بشأن مباحثات الأمير محمد بن سل ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد احمد الهاشمي - الحرب على لبنان: الدروس المستفادة