أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسان الزين - كريم مروة: التفاؤل التاريخي والتغيير الإرادوي















المزيد.....

كريم مروة: التفاؤل التاريخي والتغيير الإرادوي


حسان الزين

الحوار المتمدن-العدد: 40 - 2002 / 1 / 20 - 10:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    




يطلق كريم مروة في كتابه ((نحو جمهورية ثالثة)) الصادر حديثا (دار الفارابي) دعوة جديدة الى الحوار. الا انها تمتاز عن سابقاتها بكونها دعوة الى ((التغيير الذي تحتاج اليه البلاد للخروج من أزماتها المتعددة))، بينما كانت الدعوات السابقة الى حوار الايديولوجيات او التيارات القومية والاسلامية، وبالطبع الشيوعية والاشتراكية.
فالكتاب، اذاً، يسجل عودة مروة الى استقراره الايديولوجي، اذا جاز القول، والى قواعده من فهم الماركسية ومن الالتزام بمنهجها، من دون ان يعني ذلك ان ثمة تخليا عن ذلك قد حصل في الاعوام السابقة التي شهدت انهيار التجربة السوفياتية الاشتراكية وانحسار الماركسية وقلة الثقة بها. فكريم مروة، في كتابه الجديد، هو هو في مؤلفاته السابقة، مفكر ماركسي، مناضل عربي وسياسي لبناني، أقانيم لا تنفك عن بعضها بعضا، انما تختلف الاولويات بين حين وآخر. والاولوية اليوم، كما يُستخلص من الكتاب، هي التغيير.
وهنا مربط الفرس. فكريم مروة المتفائل، تفاؤلا تاريخيا ماركسيا، يبدو انه على عجلة من أمره. القلق على البلاد والعباد يدفعه الى ذلك، يورطه بقدر عال من الارادوية، فيبالغ بها، كأنه يقول كلمته ويمشي، يعمم رؤيته ويطلقها سنارة في بحر على أمل ان تلتقط ((القوى الوطنية والديموقراطية اليسارية منها خصوصا))، علما بأنه هو نفسه لا يرى ان لتلك القوى هوية اجتماعية واضحة ((وطبيعي ان يجري البحث عن هذه الهوية لهذه القوى على قاعدة ما هو قائم في بلادنا، وليس على ما هو قائم في الفكر المجرد، او ما هو سائد ومسلّم به في بلدان اخرى)) (صفحة 134).
وعلى الرغم من القلق والارادوية العالية، لا يرى مروة مهربا من النقاش، على مستويين، او ضمن اطارين، ((القوى ذات المصلحة في إحداث التغيير))، واللبنانيين جميعا. واذ كانت القوى تلك معنية ((بالمبادرة الى تحديد نقاط اتفاقاتها ونطاق اختلافاتها، كي لا يبقى أي تمايز في أصغر الامور مصدرا لخلاف او اختلاف او نزاع)) فإن ((المسألة الجوهرية التي ينبغي ان تكون موضوع النقاش والاهتمام لدى اللبنانيين، وان تتمحور حولها الابحاث كلها في هذا المنعطف من تاريخ لبنان، هي مستقبل لبنان الوطن والشعب)) (65).
((وغني عن التأكيد أن الحرب وممهداتها هي، اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة ماسة الى تقييم شامل من اللبنانيين جميعهم)) (60).
التعامل بالمثل
فكريم مروة في كتابه هذا الذي هو امتداد شرعي طبيعي لأعمال مروة، ولا ينفصل عن سيرته وتجربته، يحاول ان يقدم رؤية على قدر من الاتساع والشمولية. ولهذا يكتفي بالخلاصات التي يطرحها للحوار. كأنه يحرض القارئ، المتفق معه والمختلف ايضا وعلى حد السواء، الى الحوار. فهو يطرح موقفه ورأيه في الامور والاشياء، ويستعيد ما أمكن من حجج ومنطلقات للوقوف على خشبة الحوار حيث يمكن البدء بورشة البحث في حاضر لبنان ومستقبله. ويتوقع ان يعامل بالمثل.
ومقولته واضحة شفافة لا تربك المحاور بقدر ما ترهقه، لكونها وتلك لعبة او معادلة برع بها مروة ورفاقه مركّبا من الاسئلة والمسلمات في آن واحد. ومصوغ هذه المعادلة قائم في الكتاب، يطرح الاسئلة حيث تقتضي الحاجة، ويتشبث بالمسلمات حيث تقتضي الحاجة ايضا. كان يكتب تحت عنوان ((القضايا التي يجري حولها الاختلاف والخلاف داخل الحزب الشيوعي اللبناني))، ((ان الحزب الشيوعي اللبناني هو حزب اشتراكي. لا جدال في ذلك. وكل ما يدل على صفته هذه يجب ان يعبر عنه اسم الحزب. على ان الاسم الراهن، الحزب الشيوعي، العزيز على قلوب الشيوعيين اللبنانيين، بحكم ارتباطه بتاريخ طويل وبتضحيات جسام، وبرموز كبيرة مضيئة فيه، يجعل الكثيرين منهم يتمسكون بالاسم. ويزيد هؤلاء تمسكا بالاسم حفاظا على الهوية، المشهد السائد في كثير من بلدان العالم، الذي يشير الى انهيار القيم والمثل، وانتقال عدد كبير ممن كانوا رموزا شيوعية معروفة الى النقيض البائس. هذا صحيح. ولكن المتغيرات الكبرى والانهيارات قد خلقت لدى الكثيرين ممن يتشكل منهم جيش الشيوعية الكبير داخل الاحزاب وخارجها نوعا من الشك ونوعا من التردد، حتى لا نقول اليأس من التجربة ومن مرجعياتها الفكرية، ومن الاسم الذي ارتبطت به، بعد الانهيارات الكبرى التي حصلت، وصار ضروريا، في ضوء ذلك، ان يؤخذ في الاعتبار مزاج الناس الذين معهم ومن أجلهم يناضل الحزب الشيوعي تحت شعار التغيير الديموقراطي باسم الاشتراكية. فتجاهل هذه الوقائع والاستمرار في عصبية الانتماء الى التاريخ، الذي لا مجال للتخلي عنه، والتمسك بالاعتزاز به، ان تجاهل هذه الوقائع سيفقد الحزب إمكانات كبيرة، قد تؤدي الى ضموره. ومع ذلك فليس تغيير الاسم هو الاساس، على أهمية الحجج المشار اليها لتغييره. فكل هذه القضايا هي للجدل. واذا لم يكن بالامكان تغيير الاسم اليوم، لهذه الاسباب، فيمكن تأجيل ذلك الى ظروف اخرى)) (136). فعلى أهمية هذه الاحاطة التي تتنقل بين التحليل السوسيولوجي (العام) وبين إسقاط العواطف، لا تبدو بريئة من جهود التوفيق وتدوير الزوايا التي يرى البعض ان الحزب الشيوعي اللبناني يفتقد اليها في راهنه، ويرى البعض الآخر انها من أسباب أزمة الحزب الآخذة بالتفاقم.
التصالح مع الذات
لا يطعن ذلك في صدق مروة، سواء أكان في مقولته أو في دعوته الى الحوار، بقدر ما يمثل ذلك دليلا على محاولات التحرر من القوالب والأطر والمفاهيم الثابتة بأقل خسائر ممكنة، أي من دون هدم البنى القائمة، لا سيما المتعلقة بالانسان وقيمه. فكريم مروة يكتب، تتفق معه أم لا، من موقع المتصالح مع سيرته، والقادر على قراءتها ونقدها، بل انه يكتب لإنتاج ذلك، ولإعادة ترميم ما تصدع، وبروح التفاؤل وإرادته، من موقع الملتزم الحريص على الوصول الى الحقيقة وقولها بجرأة وانتماء الى قيمها، بلا خوف وحسابات ومصالح. وهذا ما يمنح الكتاب صدقية وحصانة أخلاقية. وكريم مروة يدرك انه ليس باحثا، انما هو مثقف عضوي، ولهذا يكتب على مستوى الخلاصات نازعا الى بناء نص من مهامه الرئيسة إعادة الثقة للشيوعيين، توخيا لاستعادة المبادرة على المستوى النظري والتطبيقي. ولهذا يفتتح الكتاب، بعد التأمل في مهرجان التحرير، والحديث الصريح، وغير الروتيني، من وحي الحدثين اللبناني والسوري (الانسحاب الاسرائيلي ورحيل الرئيس حافظ الاسد)، يستعيد مروة فصولا قديمة وحديثة من تاريخ المقاومة والمقاومين، البدايات ورموزها، تأسيس منظمة الحزب الشيوعي في الجنوب للحرس الشعبي، وصولا الى إطلاق جبهة المقاومة الوطنية في بيان تأسيسي وقع عليه جورج حاوي ومحسن ابراهيم، في 16 أيلول 1982، ليختم هذا الفصل بتقرير إحصائي حول عمل الشيوعيين في جبهة المقاومة من عام 1982 حتى عام 2000.
ثوابت
وعندما ينتهي من جردة الحساب يدخل موضوع الكتاب ((نحو جمهورية ثالثة))، متحريا شروط الانتقال الى نظام ديموقراطي، محاولا الاجابة عن ((أسئلة لبنانية عادية تبحث عن أجوبة لبنانية غير عادية: كيف نبني وطنا جديدا؟ كيف نقيم نظاما ديموقراطيا صحيحا؟)) ليصطدم مع سؤال بنيوي هام على خلفية ((لا ديموقراطية من دون ديمقراطيين))، ((أين هم الديموقراطيون؟)) يسأل من موقع عضوي، اذ يعيد في هذه الصفحات تظهير صورة الديموقراطي للحزب الشيوعي اللبناني الذي ((بسبب راديكاليته المستندة الى فكر وعلم متقدمين، والى هم اجتماعي أساسي وعميق وشامل، هو مدعو لأن يضع في أساس خطته جملة من الثوابت يفقد من دونها سمته الخاصة، ويفقد مشروعه السياسي جزءا من مشروعيته، وبالانطلاق من الثوابت، التي تحتاج هي ذاتها الى دقة في تظهيرها بحسب الظروف، يمكن تحديد القضايا التفصيلية اليومية، القائمة والمحتمل نشوؤها، وتحديد الموقف منها، الخاضع دائما للتبدل والتغيير.
وهذه الثوابت هي:
1 السيادة والاستقلال بتلازمهما.
2 النظام الديموقراطي البرلماني القائم على التعددية وتداول السلطة.
3 الحريات العامة والفردية.
4 التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية.
5 الخدمات العامة في التعليم والصحة أساسا، والضمانات الاجتماعية وقوانين العمل ومصالح الأجراء على اختلاف مواقعهم وميادين عملهم واختصاصاتهم.
6 الحفاظ على البيئة، في مجالاتها كلها.
7 العلاقات بالبلدان العربية، بدءا بسوريا، القائمة على مبدأ السيادة والاستقلال، وعلى الشراكة في التاريخ والثقافة، وعلى المصالح المشتركة في التطور والتقدم التي يحددها حجم التعاون والتضامن والتكامل)) (138).
ثمة عصب خفي يربط بين فصول الكتاب فيجعله أقرب الى البيان، او المشروع. وهو على قدر من الاتساع الذي يذكر بنصوص الشيوعيين اللبنانيين. ويدعم مروة مشروعه، او كلامه، بوقوفه على جبهة المقاتلين القدامى، المواجهة لمواقع قادة الحرب الذين حلّوا بدلا من أصحاب المشاريع. فقادة الحرب، الذين يقودون البلاد منذ الحرب، ((بدون مشاريع وقليلون منهم بمشاريع من نوع مختلف)) (ص60). ولا يجد مروة حاجة الى تبرير يثبت انه ليس من قادة الحرب، يكتفي بالتفكير والدعوة الى الحوار والتغيير. و((فاقد الشيء، او سارقه من أصحابه، لا يعطيه)) (63).

جريدة السفير



#حسان_الزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أمطار غزيرة وعواصف تجتاح مدينة أمريكية.. ومدير الطوارئ: -لم ...
- إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويخلف أضرارا جسيمة في قوانغتشو بجن ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو وحكومته كالسحرة الذين باعوا للإسرائي ...
- غزة تلقي بظلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- ماسك يصل إلى الصين
- الجزيرة ترصد انتشال جثامين الشهداء من تحت ركام المنازل بمخيم ...
- آبل تجدد محادثاتها مع -أوبن إيه آي- لتوفير ميزات الذكاء الاص ...
- اجتماع الرياض يطالب بفرض عقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير ...
- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسان الزين - كريم مروة: التفاؤل التاريخي والتغيير الإرادوي