أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديعة النعيمي - قراءة في رواية صيادون في شارع ضيق














المزيد.....

قراءة في رواية صيادون في شارع ضيق


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 7276 - 2022 / 6 / 11 - 19:28
المحور: الادب والفن
    


الحنين في رواية صيادون في شارع ضيق
جبرا إبراهيم جبرا

جبرا إبراهيم جبرا هو كاتب ورسام وناقد تشكيلي فلسطيني ولد في بيت لحم عام 1919..
كتب جبرا هذه الرواية باللغة الإنجليزية عام 1955 وتم نشرها عام 1960 في لندن. وبعد سبع سنوات على نشرها باللغة الإنجليزية قام تلميذ جبرا في الجامعة الدكتور محمد عصفور على ترجمتها إلى اللغة العربية.وحبذا لو أن جبرا كتب هذه الرواية باللغة العربية لكانت حملت أسلوبه بين طياتها.

يقول المفكر الفرنسي بيير نورا (ما ندعوه اليوم باسم الذاكرة هو ليس ذاكرة لكنه تاريخ. وما نقول عنه جدلا إحياء الذاكرة هو في الواقع رعشتها الأخيرة حينما تستهلكها الموضوعات التاريخية.والحاجة للذاكرة هي حاجة للتاريخ)

عندما يعيش الكاتب حالة الغربة الإجبارية فلا بد بأن المكان سيشكل في الذاكرة حالة حنينية من الصعب التخلص منها.فكيف عندما يكون المكان هو القدس؟
وظروف بطل الرواية جميل فران تكاد تكون النسخة الأصلية لظروف الكاتب جبرا إبراهيم جبرا حتى أن بعض النقاد قالوا بأنها تصلح في كثير من جوانبها أن تكون سيرة ذاتية للكاتب نفسه.

تتحرك أحداث هذه الرواية في شارع ضيق وهو شارع الرشيد في العاصمة بغداد. وتعكس لنا أحداث الرواية الحالة السياسية والاجتماعية والثقافية التي كانت تعيشها بغداد. كما ويكشف لنا الكاتب من خلال المظاهرات المتكررة في تلك الفترة عن الوعي الثقافي الذي كان يتمتع به طلاب الجامعة وسط القمع والسجن الذي يتعرضون له من قبل الأمن. طلاب مشاغبين يعشقون ،يكتبون القصائد للحبيبات ويمارسون السياسة كمواجهة فهم لحقيقة الزمن والحياة التي كانوا يحاولون عيشها كما يريدون لا كما يريدها لهم الساسة.

تبدأ الرواية بوصول جميل فران إلى بغداد للعمل كأستاذ للغة الإنجليزية في إحدى كليات بغداد ،بعد أن يضطره ما حدث في فلسطين عام 1948 من ضيق الأحوال المادية إلى هذا السفر.
يصل إلى بغداد بستة عشر دينارا قاطعا شعث الصحراء باحثا عن فندق تتناسب أجرته ودنانيره. يتنقل من فندق إلى آخر وأثناء تجواله هذا يقدم لنا وصفا لمدينة بغداد ،مقاهيها ،فنادقها،مكتباتها والأهم شوارعها وخصوصا الشارع الذي ستدور به معظم أحداث الرواية وهو شارع الرشيد ويصفه بجوهر مدن التاريخ وهو نفسه الشارع الذي تتوحد به القوى الزاحفة في المظاهرات وتحدث به الاعتقالات وقمع الحريات وقتل الآمال. كما يصف نهر دجلة الذي يشطر المدينة إلى شطرين متناسقين ويحمل في جريانه الوئيد ذكرى حضارات عمرها آلاف السنين.

وبعد استقرار جميل فران في أحد الفنادق يبدأ أبطال العمل من الصيادين بالتسلل الواحد تلو الآخر للمشاركة في رسم حبكة مكتملة للرواية
فيكون أول المتسللين حسين عبد الأمير الذي يلتقي به جميل فران في شارع المقاهي والبغاء ،وحسين هذا يكتب الشعر. يعرف جميل فران بصديق له يدعى عدنان طالب.
ولن يخفى على جميل المثقف أن يلاحظ الفكر الذي يحمله كل من الشابين اللذين سيصبحا من أعز أصدقائه.
يتسلل فيما بعد برايان الشاب الإنجليزي الشاذ جنسيا، يعمل في أحد البنوك ويدرس اللغة العربية وينتظر اليوم الذي يستطيع فيه قراءة القرآن الكريم بطلاقة العربي.وكانت بغداد وقتها ترزح تحت الحكم البريطاني الطامع بنفط الموصل.

برايان الذي لديه دراية بالآثار كأي مستشرق جاء إلى بلادنا ليعرف ويحفظ كل تفصيلة عندما يسافر إلى إنجلترا ستكون بغداد بالنسبة له كتجربة أو استكشاف أما أهل البلاد فلن ينسوها لأنها ترسخت هناك في الذاكرة كتاريخ متين.
يصطحبه عدنان ليعرفه على بغداد لا من الخارج كما يراها برايان بل من الداخل حيث المدينة الفقيرة المليئة بالمتناقضات. يشرح له معاناة الشعب الذي عاش على مدى قرون وأنه شعب قبل بالعبودية حيث جاءهم حكام من الخارج واكتسحوا البلد حتى أوشكت آثار المفاخر التاريخية أن تمحى...
تتطور أحداث الرواية فتدخل بقية الشخوص، سلمى العشرينية زعيمة اجتماعية وزوجها الستيني الثري الذي يمتلك آلاف الدونمات وعضو في مجلس الأعيان،صديق للإنجليز ،اشتغل بالسياسة ولم يقرأ كتابين في حياته أحمد الربيضي، وابنة أختها سلافة ووالدها عماد النفوس الثري البدوي المتشدد الذي يرفض ذهاب ابته إلى الكلية فتضطر خالتها سلمى إلى جلب الأساتذة الخصوصيين لتدريسها ومن ضمنهم جميل فران الذي يقع في حب سلافة، ثم يدخل توفيق الخلف أحد أبناء الأغنياء ،بدوي يمتلك مبدأ ويرفض زواجه من سلافة لأنه يكره مجتمعاتهم.

تفيض لواعج جميل فران باستحضاره للماضي وذكريات القدس حينما يقع في حبه الجديد سلافة فيحضر حبه الأول ليلى التي قتلتها العصابات الصهيونية عندما دخلوا القدس،إلى حب الجسد وحاجته للشهوة والمتمثل بسلمى. حيث كان يغالبه الحنين لحبيبته ليلى كلما حاول لمس امرأة.

عاش جميل فران ألم الغربة ،الغياب. المنفى والعشق..الحب المقتول حتى حبه الجديد لسلافة كان مبتورا ولم ينتهي بزواج كما كان يحلم بل انتهى بقبلة طويلة وعناق حار وسط حضور ليلى والقدس...بهذا المشهد يقفل الكاتب جبرا إبراهيم جبرا الرواية. رواية الحنين والحرب الحب والخيانة الثراء والفقر الأكواخ الرديئة والقصور الباذخة رواية الخروج والعودة بغداد والقدس...

ما حدث للصيادين في رواية جبرا إبراهيم جبرا في ذلك الشارع الضيق يحدث الآن في شوارع القدس الضيقة وساحات المسجد الأقصى من اقتحامات بمناسبة ما يسمى ذكرى نزول التوراة العبري توطئة لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا بهدف جعله مكانا مشتركا تحت شعار حرية ممارسة الشعائر الدينية.
فالتاريخ يسير بشكل دائري ويعيد نفسه..



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديعة النعيمي - قراءة في رواية صيادون في شارع ضيق