|
حتمية الخيار الثالث
ناجي الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 1674 - 2006 / 9 / 15 - 08:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تمر جل الشوارع العربية في هذه الحقبة من التاريخ الإنساني بحالة من التخبط و السلبية و قلة الحيلة و الإبحار في وسط المحيط دون معرفة المآب أو رؤية نورسا يحلق ليبشر بشاطىء على مرمى البصر ، هذا التيه رافقه إنحدار منطقي في معظم جوانب الحياة : إنحدار في المجتمع و الأد ب و الفن و العلم و الإقتصاد و حدث و لا حرج . و لعل أحد أهم أسباب هذه الحالة العامة من الإبهام هو مفترق الطرق الذي تصطف عنده الجماهير العربية لتجبر على اختيار أحد طريقين : إما القبول بالأنظمة الحاكمة الحالية و ما يترافق معها من حرص على العروش و حدها مع إهمال المتطلبات الثقافية و الإجتماعية و الحياتية لاسيما المقهور ، و إما اختيار الحركات الدينية النشطة بين الصفوف لتقديم نفسها كبديل للأنظمة القائمة مستغلة في انحسار دور الدولة و الجمهور في تحديد ملامح البنيان الاجتماعي و مستغلة أيضا عاطفة اللجوء إلى الكتب المقدسة أوقات المحن ، فأضحت تعمل بكد على إلتقاط أصغر الأخطاء و أكبرها للأنظمة الحاكمة لتحشد المزيد من الشعبية المكتسبة من أخطاء الغير ، إلا أن قدرة هذه الحركات الفائقة على التأويل و الاستعداد للتحالف مع أي كان للوصول إلى سدة الحكم بدأت تثير علامات استفهام لدى المواطن العربي القادر على التحرر من قيد حرمانية السؤال عن شرعية هذه الحركات ، أو القادر على الفصل بين الدين و السياسة . الوضع الراهن من إضطهاد و اضمحلال جعل المواطن العربي يفقد الثقة جملة و تفصيلا في أنظمته و يقتنع بأن عدد المعتقلات المنشأة في يزيد على عدد المشاريع الاقتصادية لدولته مما جعله يؤثر الصمت و الإكتفاء بدور المشاهد فأمسى السير بجانجب الحائط و النأي عن الحياة السياسية سمة الكثيرين مع الدعاء سراَ بتلاشي هذه الأنظمة و قدوم الحركات الدينية بديلا عنها لأنه يرى أنها الأنشط و الأكثر جماهيرية و الأقدر على مقارعة النظام ، أما القناعة الأيديولوجية أو الإجتماعية الإقتصادية فهي لا تزال بعيدة عن إدراكه في ظل غياب الثقاة العامة و و تلاشي القناعة بدور الفرد كنواة للمجتمع . هذا الجدل الدائر بين خيارين – أرى كليهما غير مجد للجمهور العربي – أنتج ضرورة صعود بديل حقيقي و مخلص و قادر على تحقيق التوازن بين النهضة الإقتصادية داخليا و و التفاعل مع المجتمع الدولي غير النتمثل في الولايات المتحدة على المستوى الخارجي ، لا بد من بديل يعمل على إعادة مردود موارد الدولة إلى مستحقيها ، بديل يعمل على حث المقهور و الفقير و العاطل على العمل بإخلاص ليكافىء بإخلاص ، بديل ينحر الفساد و العمالة و الإستغلال و ينحاز للمهمشين لا لرؤوس الأموال ، بديل تقدمي لا يعيدنا ألفا و خمسمائة عاما إلى الوراء ، بديل ينمو بين بين صفوف الجماهير و يعمل لنصرتهم بشفافية محضة ، بديل يبني مجتمعا متماسكا قادرا على الوقوف أمام المتربصين بأوطاننا و المراهنين على جهلنا و أساطيرنا . لا بد للمثقف العربي أن يغادر برجه العاجي و يقف بين صفوف الجماهير يفتح مداركهم و يحثهم على اجتثاث الموت القابع بين صدرورهم إن أردنا الحياة فلابد أن نقتل الردى الرابض في أزقتنا و لابد أم نكسر أصنامنا و نقف مالمتاريس في و جه الشعارات المقدسة ، لنبدأ عملنا بالوصول إلى المقهورين ثانية ، بالمزمار و القلم و البندقية و ريشة الفنان .
#ناجي_الناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دروس كراكاس في الاستقلال السياسي
المزيد.....
-
تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو
...
-
ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض
...
-
المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
-
هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
-
ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
-
5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
-
واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
-
الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
-
ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع
...
-
هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|