أحمد النهير
الحوار المتمدن-العدد: 1671 - 2006 / 9 / 12 - 10:16
المحور:
ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001
11 أيلول ، هل غير وجه العالم ... ؟
لاشك أن 11 أيلول الحدث الأكثر دموية في تاريخ الولايات الأمريكية في العصر الحديث ، تكبدت فيه خسائر بشرية ، واقتصادية هائلة ، لم يشهد تاريخ الولايات المتحدة مثيل له ، منذ عهد الاستقلال , فلأول مرة تعرضت لغزو مباشر أصابها في الصميم ، استهدف أرضها ومنشآتها وسكانها ، ورموزها الأمنية والاقتصادية ، ويمكن القول أنها تعرضت لكارثة حقيقية ، هزّت أمنها القومي ،واستباحت هيبتها ، التي يخشاها العالم كله ولم يجرؤ أحدا ـ قبل ذلك ـ على أن يفكر بالمساس بها ، وتحمل أيضاً أكثر من رسالة ، وأكثر من معنى . وتولدت عنها، ولا تزال ، سلسلة من التداعيات والمخاطر ، ومزيداً من الرعب ، والإذلال ، والتدمير ، وسفك الدماء ... !!!
ومنذ تلك لحظة ، حتى اليوم ، حدث الكثير ، ومن المتوقع أن يحدث الأكثر ، فهي الذريعة الأقوى في التاريخ الحديث ، قسمت العالم إلى أشرار وأخيار ، وفرضت على الأخيار الانخراط في حروب لا حدود لها ، ولا أهداف واضحة لها ، كانت في البدء حرب على الإرهاب ، ثم محاربة الدول المارقة ، وتصدير الديموقراطية , وتشكيل شرق أوسط جديد، ثم شرق أوسط كبير ، ولهث كثيرون وراء هذه العناوين الكبيرة ، التي تبينت فيما بعد أن لها أهداف أخري أبعد بكثير عما هو معلن ... !
تم ضرب أفغانستان بشدة ، واحتلالها ، بمغبة وجود القاعدة ، وطالبان فيها ، ولا تزال المطاردة في الجبال والكهوف مستمرة ، ولا يزال بن لادن يقاتل ، ولا تزال القاعدة تشكل تهديداً بحسب تصريحات بوش الابن ، رئيس الولايات المتحدة ، تتطلب إرسال المزيد من الجيوش ، والمزيد من الأسلحة الفتاكة ، وهدر المزيد من الأموال ، والوضع في أفغانستان يزداد سوءاً ، ولا دلائل على الانتصار المزعوم ، تلوح في الأفق ... !
ثم احتلال العراق ، في أبشع صورة لاحتلال في التاريخ ، دمر نظام الحكم ، والجيش ، وأجهزة الأمن ، والبنية التحتية ، ودمر التاريخ والهوية ، وحرض اللصوص والفاسدين والقتلة ، على السلب والنهب ، وسفك دماء الأبرياء ، وارتكاب المجازر بوحشية ، تجاوزت وحشية الذئاب المسعورة ، وتقطيع أوصال البلد ، وتمزيق جغرافية الوطن الواحد ، وبث الفتنة والعداوة بين أطياف الشعب ، وتأجيج النزعة الطائفية ، كل ذلك تم باسم نشر الديموقراطية ، والبحث عن كذبة أسلحة التدمير الشامل ... !!!
أي ديموقراطية يريدون .. ؟ ديموقراطية أبو غريب ، أم ديموقراطية غوانتنامو ، أم ديموقراطية السجون السرية الأخرى ، وما سيتكشف عنها من فضائع ... ؟ ليس هناك إلا حقيقة واحدة هي زيف ما يدعون . وما يروجون ،أنهم يباركون ديمقراطية الاغتيالات الصهيونية ، التي تخطف أرواح الأبرياء ، وتصطاد الآمنين بطائرات أل F 16 ، ومن الواضح تماما أن وئد الديموقراطية في العالم العربي بات من أولويات الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ، والدليل الذي لا يقبل النقض ، موافقة الولايات المتحدة الأمريكية ، على حصار الشعب العربي الفلسطيني ، وتجويعه ، وإذلاله ، لأنه اختار ممثليه عبر انتخابات ديموقراطية ، حرة ونزيهة ، وحتى تكتمل كذبة الديموقراطية التي يروجون لها أقدمت إسرائيل على خطف رئيس وأعضاء المجلس التشريعي المنتخب ، وعلى أعضاء من الحكومة ، وألقت بهم في زنزانات سجونها ، دون أن يعترض عليها أحد . بينما تدخلت معظم دول العالم تطالب بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الذي تم أسره في معركة عسكرية ...!
لم تكتمل تداعيت 11 أيلول بعد ، فلا يزال العقل الأمريكي الذي يسيطر على البنتاغون ، يبحث عن ضحايا جدد ، والعدوان الصهيوني على القطر اللبناني الشقيق ، هو جزء من الحملة المتوحشة ، التي يسمونها الحرب على الإرهاب ، بينما التهديدات لإيران ، ولسورية مستمرة ، وقد لا تكاد لحظة الانقضاض ليست بعيدة ,
لقد تغير وجه العالم بعد 11أيلول ، هذه حقيقة لا جدال فيها ، فقد أصبح أقل أمناً ، وزاد طغيان القوى الباغية ، وأسفرت عن وجهها الدموي البشع ، وأدركت الشعوب المستضعفة ، أن خياراتها معدودة . إما المقاومة وإما الاستسلام , ولقد اختارت المقاومة ... وهاهي لا تزال تقاوم في فلسطين ، وفي أفغانستان ، وفي العراق ، وفي لبنان ...
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟