أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصعب قاسم عزاوي - تلفيقات فلسفة «الأنا الأنانية»














المزيد.....

تلفيقات فلسفة «الأنا الأنانية»


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 7205 - 2022 / 3 / 29 - 10:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: كيف تنظر إلى الاعتقاد السائد شعبياً وحتى ثقافياً بأن طبيعة الإنسان هي وحشية وأنانية كما هو الحال في الكثير من الأدبيات الرائجة منذ عهد كتاب «الأمير» لرائد الذرائعية مكيافيلي في القرن السادس عشر، وصولاً إلى رواد فلسفة «الأنا الأنانية» مثل Ayn Rand في القرن العشرين وغيرها؟

مصعب قاسم عزاوي: جميع تلك الاعتقادات بوحشية وأنانية الإنسان هي اعتقادات وتصورات نظرية ليس هناك ما يدعمها علمياً في أي من كشوفات علم وظائف الدماغ البشري، وما ينتج عنه من سلوكيات سواء قليلاً أو كثيراً؛ وعلى الرغم من ذلك فإن هناك شيوعاً طوفانياً لتلك الاعتقادات، وخاصة في العالم الغربي، الذي قد تكون Ayn Rand عرابته الأولى والتي اسمها الحقيقي Alisa Rosenbaum، والتي يرتكز فكرها على أن أطروحة تنظر إلى الإنسان ككائن وحشي بربري ضالته الوحيدة إشباع أنانيته المنفلتة من كل عقال، و هي الأنانية التي لا يحتاج فيها إلى أي علاقة لصيقة أو سطحية مع أي من الآخرين من حوله في محيطه الاجتماعي، إذ أن الفرد الأناني المعزول قادر بوحشيته وأنانيته وذرائعيته التي لا لجام لها على شكل أي اعتبارات أخلاقية «بائدة» قادر على إدراك كل ما يشبع تلك الأنانية دون الحاجة «لتضييع أي من طاقاته الذاتية» في علاقات لا طائل منها مع أي من الشبكات «المنقرضة» التي اعتاد البشر قبل «تحضرهم الرأسمالي» الانخراط فيها سواء كان ذلك أسرة أو تنظيماً للمجتمع المدني، على شكل نقابة أو جمعية، أو حتى المجتمع بأسره، بعد أن تحول ذلك الأخير وفق مفاعيل «التحضر الرأسمالي» إلى «غابة وحشية» لا بقاء فيها إلا للأكثر بأساً وفتكاً، وأقل تعلقاً بالقيم «البالية» من قبيل ما كان يدعى في سالف الأيام «النواظم الأخلاقية» لبني البشر.
وفي الواقع فإن الجاذبية الشائعة لمثل تلك التفسيرات والتصورات عن طبيعة بني البشر، والتي ليس لها أي سند علمي حقيقي في كشوفات علم وظائف الدماغ البشري والسلوك الإنساني، يكمن أساساً في تبني الفئات المهيمنة على مصادر الثروة والسلطة والإعلام في المجتمع لتلك الطروحات، وذلك حيث أنها تقدم لها حلاً سحرياً لمعضلة شواه ووحشية نسق علاقات هيمنة الأقوياء على المستضعفين في المجتمع، و ممارسة كل الموبقات بحقهم استغلالاً و تنكيلاً، و يفصح ذاك الحل السحري عن نفسه بكونه يقدم تبريراً لوجود ذلك النسق من علاقات الهيمنة المختلة منطقياً و أخلاقياً و يسوغ نتائجها المجافية لكل مبادئ العدالة و المساواة البديهية بين جميع البشر الذين يولدون أحراراً ودون أصفاد من أرحام أمهاتهم؛ و يمكن تكثيف ذلك التبرير العجابي كما يلي: إذا كانت طبيعة البشر بائسة إلى ذلك الحد فذلك يعني أن كل ما يقوم به الفرد من خطايا في سياق انخراطه في شبكات و نظم الهيمنة و مفاعيلها مبرر لكونه نابعاً من طبيعة بني البشر الوحشية والبربرية في جوهرها.
وذلك التبرير التلفيقي لا بد لكل فاسد ومفسد من التمسك بكل تلابيبه والعزف عليه وإعادة إنتاجه وتنسيقه ونشره وتوزيعه على كل الأصعدة بحيث يصبح أمراً واقعاً بحكم الشيوع، حيث أنه يبرر «السلوك الجانح» لأولئك البشر، ويبعدهم عن أي شعور فطري بالذنب عند اقتراف خطيئة ما، خاصةً بحق بشر آخرين من لحم ودم، ويعفيهم من الاجتهاد الذي لا بد منه لتصحيح مفاعيل خطاياهم التي لا بد من النظر إليها وفق ذلك المنظار البائس بأنها سلوك طبيعي ينسجم مع جوهر وآليات عمل الإنسان «الوحشي» في تكوينه البنيوي والوظيفي.
والحقيقة العلمية الراسخة والنابعة من ألوف الأبحاث العلمية في حقل علم وظائف الدماغ البشري تؤكد هرائية ذلك التصور عن طبيعة بني البشر التي جوهرها التحسس اللحظي لكل نتائج سلوك الفرد، والميل العفوي لمحاولة الابتعاد عن إيذاء الأقران بأي شكل كان معنوياً أو جسدياً، وذلك عبر البحث عن الحلول الوسطى التي يمثل القبول بها ميلاً غريزياً لدى بني البشر منذ مراحل الطفولة الأولى.
والحقيقة الراسخة أن ميول بني البشر الأساسية الفطرية تتمحور حول الميل للتعاون والتآزر المعنوي والجسدي، وإغاثة الملهوف والترفق بالضعفاء، والعناية بالمريض، وإطعام الجائع، والتحسس لآلام الآخرين كما لو أنها آلام الشخص نفسه، وهي السمات التي لولا تحلي بني البشر بها لكان مصيرهم الانقراض من مملكة الحيوانات، إذ أنها كانت الدرع الوحيد الذي عاوض به البشر نواقصهم البيولوجية في رحلتهم التطورية الطويلة التي امتدت على سبعة ملايين من السنين، ظلوا فيها من أكثر الحيوانات ضعفاً من الناحية البنيوية، وهم الكائنات البيولوجية التي ليس لها فرو يحميها عسف العصور الجليدية السالفة، ولا أنياب ينازلون بها الكواسر والضواري، وهو ما أدى بقوة الاصطفاء الطبيعي لبقاء بني البشر الذين تحلوا بما قد يسمى «العقل والوعي الجمعيين» الذي تتحول فيه المجموعة البشرية والعقل الجمعي للمنتسبين إليها إلى الدرع الحامي لكل فرد فيها، والذي بدوره يرى بشكل عضوي مبتنى في عمق دارات دماغه بأن مصلحة وسلامة الأفراد الآخرين في تلك المجموعة مدخل لتحقق مصلحته واستدامة سلامته، وهو تصور يخالف بشكل مطلق ذلك التصور البائس التلفيقي عن طبيعة بني البشر بالشكل الذي يتخيل الأقوياء وجوب وقوعها في إطاره الزائف لإعفائهم من الأوزار الأخلاقية وأكداس الذنوب والخطايا التي ارتكبوها بحق بشر آخرين من لحم ودم كان لا بد لهم من تقديم كل عون لهم إن كان أي منهم غير غارق في شواه عقلي عميق يحجب بصره بقوة إبهار الثروة والسلطة عن طبيعته الحقة «كحيوان اجتماعي بامتياز» يستمد قوته من أقرانه، واستمرار وجوده البيولوجي، واستقراره النفسي والعقلي مقرون دائماً و أبداً بتحقق و توطد ذلك في المجموعة البشرية التي ينتسب إليها.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنصرية الوظيفية
- الحلف المقدس ونظام عائلة الأسد
- أس اتفاقيات تحرير التجارة العالمية
- إجهاض الصراع الطبقي
- تخليق الجشع والأنانية
- هل من رأسمالية حقة
- نكوص الرأسمالية إلى العبودية والإقطاع
- نهوض كوريا ونكوص العرب
- هل هناك أزمة رأسمالية سرمدية؟
- المفاعيل الكونية لاتفاقيات تحرير التجارة العالمية
- مراجعات في فكر نيكولو مكيافيلي
- علاجات طبيعية لتحسين مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في ...
- بصدد استبخار ثروات العرب
- مقاربات وعلاجات طبيعية للاكتئاب واضطرابات المزاج
- مراجعات في فكر باروخ سبينوزا
- هشاشة وقصور الفكر القومي
- مراجعات في فكر ميشيل دي مونتين
- في ذكرى محاكمة الطاغية حسين حبري
- مراجعات في فكر أوغسطين
- هل من اختلاف بين أدمغة الذكور والإناث؟


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصعب قاسم عزاوي - تلفيقات فلسفة «الأنا الأنانية»