أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وفاء درويش - رواية علبة الحذاء تجسّد قضيّة وطن وشعب














المزيد.....

رواية علبة الحذاء تجسّد قضيّة وطن وشعب


وفاء درويش
كاتب

(Wafa Darwish)


الحوار المتمدن-العدد: 7162 - 2022 / 2 / 14 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


د.وفاء درويش:
لم تكن قراءتي لرواية علبة الحذاء لصونيا خضر اكتشافا لرواية ة-وحسب، بل اكتشافا لروائية فلسطينية تخطت برواياتها حدود المكان والى حد ما الزمان؛ لتدخل
حيز الرواية الإنسانية بالمطلق. أجد صعوبة في الكتابة عن علبة الحذاء
بقدر ما استمتعت بقرائتها. إنها المرة الأولى التي أقرأ فيها رواية
لمرتين خلال شهر واحد، وأشعر في قراءتي الثانية وكأنني أقرأ النص للمرة
الأولى.
تكتب صونيا خضر روايتها بنفس وجوديّ يمكنها من الإنتقال من الخاص الى
العام، بدل العكس اللذي اعتدناه في الرواية الفلسطينية. فتجسد قضية وطن
وفقر وعجز إنساني على كافة الأصعدة من خلال شخوص روايتها، وخاصة فادي
وجواد والخال منير الذي يأخذ حيزا أصغر. تبين الرواية الغربة والاغتراب
التي يشعر بها الثلاثة رغم اختلاف ظروفهم الاقتصدية والاجتماعية، وحتى
أماكن تواجدهم. ومن خلال الأماكن تلك تتعرض الكاتبة الى فلسطين اللجوء
والغربة والاحتلال. ففادي يعيش في مخيمات اللجوء في بقاع لبنان بكل ما
تحتويه هذه التجربة من فقر وحرمان، يتعامل معه فادي بقبول وجودي يدخله في
عزلة وهروب من الحياة بتفاصيلها الى النوم 14 ساعة في اليوم الواحد، في
غرفة واحدة تتناوب العائلة على النوم فيها. ويستمر في حالة الاغتراب تلك
حتى بعد حصولة على كنز هبط عليه من السماء . اذ لم يتغير إحساسه
بالاغتراب والفقر حتى بعد حصوله على الورثة من العجوز الذي تطوع للعناية
به. كما ترمز سلبية والد فادي لسلبية شعب بأكمله حتى تجاه قضيته
الوطنية" أبي الغارق بأحلامه بالعودة لفلسطين المستأنس لفكرة أن ثمة من
سيعيده إليها يومًا ما، وأن العالم برمته موظف لتأمين هذه العودة،
والعاجز عن الإتيان بأيّ فعل للعودة أو للإستسلام والذوبان في واقع
اللجوء. "
أمّا جواد والذي ينحدر من اسرة ميسورة الحال فهو أيضا يعش غربة واغترابا
فرضته عليه أسرته من الطبقة الوسطى بطموحها وتوقعاتها. إذ حرمته من
النضال وفرضت عليه تخصصا لم يرغب به في بلد لم يختر العيش فيه، ورضخ لكل ذلك بسبب سلبيته الوجودية، وعدم قدرته على الرفض والمواجهه خاصة بسبب ضعفه الواضح أمام ابتزاز أمّه العاطفي له، كونه الابن الوحيد للعائلة.
أمّا ذروة اغترابه فتتمثل في قمعه لموهبة الشعر التي يتمتع بها ولحبه
لفتاة إسبانية التي يتركها دون تفسير؛ ليرضخ لرغبة أمّه في تزويجه من
فتاة أحلامها ه!.
أمّا الخال منير خال سلمى حبيبة فادي فيترك عروسه وبلده وعائلته جريا وراء
حب وهمي، وعلاقة قام بعيشها بمخيلته دون وجود حقيقي لها، نتيجة وقوعه في حب فتاة إسبانية من طرف واحد. باختصار فالشخوص الثلاثة يعيشون اغترابا
نتيجة أحلام مرهصة، إمّا بسبب حالة وجودية أو ضغوط خارجية.
وللمراة في "علبة الحذاء" أيضا أدوار لا تقل أهمية، ولكنها أدوار أيضا
تتمثل بالواقعية، فمن جمال الرواية أنها لا تعظم المرأة ولا تعطيها أدوارا
بطولية كما في الأدب النسوي المنافق السائد. فوالدة فادي طحنها الفقر حد
النفاق، وتمثلها بزوجات إخواتها الأوفر منهم حظا. ووالدة جواد كمعظم
النساء تذعن للقواعد الاجتماعية، وتأخذ موقفا سلبيا حيال سفر ابنها الوحيد
الذي يفطر قلبها حزنا. وسلمى التي تحب فادي ولكنها لا تكف عن الضغط عليه
بضرورة التغيير، ولا تقل نفاقا عن الباقي عندما توافيه بعنوان خالها منير
فقط بعد حصوله على المال. الشخصية الوحيدة المتمردة والتي تأخذ قرارا
بالموت كي لا تستلم لضغوط الأهل هي لبنى خالة جواد.
من خلال هذه الشخصيات تتعرض خضر الى قضايا كثيرة وشائكه تعالجها بكل
سلاسة، وتدخلها في نسيج الرواية دون إقحام مصطنع. فمن الوطن فلسطين
المستباح من زمرة أوسلو والمقطعة أوصاله بالمستوطنات، الى الحالة
اللبنانية بتعقيداتها، الى وطن عربي يموت أبناؤؤه في طريق التهجير منه قسرا
أو خيارا. الى الفيروس اللعين اللذي جاء ليكثف إحساس أبطال الرواية
بعجزهم واغترابهم وندمهم على التقاعص عن أخذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح.
ورغم الحلاة الوجودية الثقيلة في الرواية إلا أن الكاتبة تخفف من هذا
الثقل بالعديد من المواقف التي لا تخلو من سخرية أو أحداث خفيفة،
كوجود فادي في المستشفى صدفة أثناء مساعدته للعم أنطون، وتعتقد المرأة
العجوز أنه طبيب وهو يحمل على صدره علبة حذاء يطلب بها المساعدة بالحصول
على عمل؛ لتصبح علبة الحذاء تلك عنوانا خلاقا لرواية مكتنزة. وموقف
الشحاذ الذي يظن أن فادي يود منافسته في العمل ويترك له قطعة نقود. من
اللافت أيضا تنقل الكاتبة بالقراء بالزمان إمّا برحلة الشخوص بالذاكرة، أو
بالأسلوب الأدبي الممتع والسلس دون أي ارباك للقارئ، وباستخدام صور شعرية
تستوقف القارئ، فتصف أمتعة ركاب الطائرة مثلا بالنفايات البشرية " تقلع
الطائرات محمّلة بالكثير من الحقائب والصور، وما أن تحط الى أن تسرع
لإفراغ حمولتها كما لو أنها تتخلص من نفايات بشرية، ليس بوسعها تحمّل ثقل
حكاياتها، ثم تعود لملء مقاعدها بصور أخرى وبطنها المتسع الكبير بحقائب
أخرى، لا تلبث أن تعيد التخلص منها في مكان آخر، لتحدث المفارقات القدرية
التي لا مناص منها"، ومن هذه المفارقات أن يفقد كل من فادي وجواد
حقائبهما، الأوّل لا تعني له حقيبته شيئا، ولا يكترث لضياعها، والثاني تحمل
حقيبته عمره كاملا. ويكون هذا الضياع شيئا من الأشياء التي تجمع بينهما
لتتسبب في تقاربهما القدري في مدينة برشلونة الإسبانية، حيث عقدت الآمال
ودفنت. أمالُ فادي بلقاء سلمى وجواد بالعودة الى فيدا ومنير بالزواج من
ماتيلدا. تبدع صونيا خضر من خلال تركيبة فنية بالتعامل بروايتها
بواقعية صادقة لقضايا وطن مهزوم وإنسان مهزوم ومجمتمع منافق وظالم ونهاية
لروايتها تتوج تلك الواقعية.
14-2-2022



#وفاء_درويش (هاشتاغ)       Wafa_Darwish#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مازن سعادة وغوايات أوسلو
- قراءة في غوايات أوسلو ومازن سعادة


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وفاء درويش - رواية علبة الحذاء تجسّد قضيّة وطن وشعب