أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أمل زاهد - الخميائي وبيع الأحلام !!















المزيد.....

الخميائي وبيع الأحلام !!


أمل زاهد

الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 11:00
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


خيل لي وأنا أقرأ رواية (باولو كويليو) الذائعة الصيت ( الخيمائي ) أو الكيمائي أني اقرأ احدى كتب التحفيز التي تعج بها أرفف المكتبات في المملكة العربية السعودية من شاكلة ( أيقظ قواك الخفية ) أو ( قوة عقلك الباطن ) أو ( كيف تعتني بحياتك ) . فالرواية كما هذه الكتب تزعم أنها تقدم حلولا سحرية لأكثر المواضيع إشكالية وأشدها تعقيدا وتوحي لك بأن أعقد المشكلات يكمن حلها ببساطة شديدة في أن تؤمن بأحلامك وحينها سيتواطأ معك العالم كله على تحقيقها !! ولذلك لم أستطع أن أرى فيها إلا محاولات بائسة لاجتراح المستحيل أو مقاربة لخيالات وتهويمات يريد منها الكاتب أن تلبس ثوب الحقيقة ولا بأس أن تبتلع معها جرعة من الأحلام الكاذبة التي ستشحنك بقوة دافعة كي توقظ ذلك المارد الموجود داخلك والقادر دوما وأبدا على انتزاع النجاح وتحقيق الأمنيات محطما معه كل العوائق والعقبات التي يصطدم بها الإنسان دوما في حياته !! ثم لا تلبث أن تستيقظ على الحقائق القاسية والمرارت المتدفقة عليك من أحداث الحياة ومن خطوبها ، فتكتشف أن أرتال الهموم لا تزال متكومة أمام ناظريك وأن أجنحة الأزمات والأسئلة الشائكة لا تزال تظلل حياتك وأنك ازدردت أحلاما كاذبة وأوهاما لا تقارب الحقيقة ولا تتمكن من طرق أبوابها .
وكنت قد قرأت هذه الرواية بعد أن امتلأت حتى الثمالة برواية ( زوربا الاغريقي ) وبقيت أسئلتها وأزمة كاتبها الذاتية وإشكالايتها الوجودية تصول وتجول داخل نفسي حتى أن حوارت الكاتب مع زوربا بقيت أصدائها تتردد داخلي بعد أن فرغت من قراءة الرواية ردحا من الزمن ، فلم أستطع أن اتجرع سطحية أحداث رواية الخيمائي ، و ضحالة طرحها ، وعدم قدرتها على الغوص في النفس البشرية وتعجبت من النجاح الكبير الذي حصدته والذي ملأت أصداؤه الآفاق !! ويبدو أن البشر في وقتنا الحالي وما يعج به من أزمات ومشكلات وصراعات -أدناها الصراع على التسبب المعيشي وأعلاها الصراعات الناشبة بسبب الحروب والتكالب على السلطة والهيمنة - في أمس الحاجة لمن يبيعهم الأحلام أو يوهمهم بأنه سيوصلهم إلى تخوم الخلاص ، فيتهافتون على بضاعته آملين أن يجدوا عنده الحلول المخلصّة والاجابات المستعصية أويتخيلون أنه باستطاعته أن ينفحهم جرعة من أمل أو شذرة من رجاء يتمكنون بها من الالتفاف على مصاعب الحياة وتصور أنها غير موجودة وأن حلها لا يكون إلا في الإيمان بالأحلام .
الإيمان بالأحلام دون شك له قدرة عجيبة على تغيير الواقع السيء ولكن الجرع الكبيرة من الأحلام لابد أن تقودنا إلى حواف أحلام اليقظة والتضليل ، فإذا لم تتوفر الشروط اللازمة لتحقيق هذه الأحلام على أرض الواقع فلا رجاء ممكن أن نتحصل عليه أو أمل نستطيع أن نحصده من التحليق في سماء لا نجد فيها إلا الأوهام والتهويمات ، ولكن بطل الخيمائي تتواطأ معه كل الدنيا بل حتى الريح تخضع لرغباته وتعاونه في تحقيق أحلامه !! ورغم الدلالة الرمزية للريح والإشارات التي تحفل بها الرواية ورغم مناخ الرواية الأسطوري إلا أنني لم أستطع أن أبتلع رغبة الكاتب في بيع الأحلام وتنويم المتلقي مغناطيسيا .
وهنا لا بد أن نتسآل عن مهة الأدب فهل من المفترض أن يقدم لنا الحلول ويقترح علينا الإجابات وأن يرسم لنا الطرق التي يتحتم علينا السير فيها ؟! هل وظيفته تتجسد في أن يزين الحقائق ويجمل صورة الحياة ويحسن واقعها البشع ؟! ولا بأس من أن ينسف خلال هذه العملية الحقائق الثابتة والأسئلة المعلقة ويدعي أنه بتصوراته الساذجة وبأوهامه المختلقة قد قدم لنا الإجابات وقادنا إلى فسحة الرضا والقناعة فقد اكتشفنا أننا أطبقنا على الحقيقة وتمكنا من الامساك بأطرافها الزئبقية . وهل وظيفة الأدب نمذجة الحياة وإدعاء مثاليتها وإمكانية تحقق العدالة فيها وكل الحقائق التي تلتف بنا تقول عكس ذلك ؟! أم أن وظيفته تتبلور في أن يصور لنا الحياة كما هي .. بجنونها وتناقضاتها وعبثيتها وواقعيتها وربما ببشاعة تفاصيلها ؟ وهل يصل المتلقي إلى قمة نشوته المستخلصة من استمتاعه بالفنون والآداب بإجابة الأسئلة أم باجتراح المزيد من الأسئلة وتحريك كوامن العقل وتحفيزها على التفكير والتحليق والانطلاق والتنقيب والبحث ؟
ومن زاوية أخرى هل وظيفة الأدب نفعية ويجب أن تحتوي على رسالة أخلاقية ومهمة اجتماعية يكون الاصلاح والرغبة في التغيير هو أساسها ؟ أم أن مجرد تصوير الحياة بما يعتريها من خطوب ونوازل وما تمتلأ به من طموحات وأحلام والآم واحباطات ، وتجسيد شخوصها بما يحفل به تكوينهم البشري من تناقضات ومن نوازع متنافرة كافيا في حد ذاته لتحقيق المهمة التي تناط بالأدب في تعرية الحقائق وتشريح الحياة بكل مافيها من تناقضات وارتفاعات وانخفضات ؟
حقا إن الكثير من الأعمال الأدبية تتضمن رسالة من نوع ما يريد الكاتب إيصالها إلى القاريء ، أو توضح موقفه من إشكالية معينة وتفاعله معها ، وغالبا ما تحتوي على موقف الكاتب من الحياة ومن دور الإنسان فيها وموقعه في الكون ولكننا نستطيع أن نصل إلى أعلى مستويات الوعي بتفاصيل ما يريده الكاتب عن طريق تصوير الحياة كما هي حقا دون الوقوع في فخ الوعظ الصريح أو المباشرة الفجة أو الأحلام الكاذبة . وقد آمن الكثير من الكتاب بدور الأدب في عملية التغيير وقدرته على تمرير أصعب الأفكار وإلباسها شخوص الواقع وفي أنه جزء لا يتجزأ من الفكر لأنه يؤنسنه ويجسده في شخصيات من لحم ودم ، ولكن ذلك يتم عبرالتعرية والفضح لواقع الحياة وعوارها وبشاعتها . و لأننا لا نعرف الأشياء إلا من خلال نقائضها ولا ندركها إلا من تعاكساتها ، فإننا نصل إلى معرفة الخير بإدراكنا لبشاعة الشر ونسعى إلى تغيير حياتنا إذا توصلنا لمعرفة مدى النقص الذي يتعيريها والسوء الذي يتلبسها ، ونحاول أن نخرج من متاهات الظلم والاضطهاد إذا علمنا بذلك الظلم وعرفنا تفاصيله .. رغم ذلك فأتصور أنه يكفينا من الأدب أن يوصلنا إلى حواف الدهشة وأن ينتزع الآه من شفاهنا والدمعة من أعيننا و يصور لنا حيرة الإنسان وتساؤلاته وقلقه وآلامه دون أن يزعم أنه سيأخذ بأيدينا إلى طريق الخلاص أو يقدم لنا إجابات على أسئلة لا أتصور أنه بالامكان إيجاد إجابات حاسمة وقاطعة لها . اذكر عبارة علقت في ذهني لأحدهم يقول فيها أنه بعد أن فرغ من رواية ( الجريمة والعقاب ) لدستوفيسكي مادت الأرض به واهتزت أمام ناظريه وقام ليفتح النافذة ليتأكد أن الحياة لا تزال تسير كما عهدها من قبل وأن الشمس لا تزال تشرق وتغرب في موعدها المحدد !!



#أمل_زاهد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن قضية المرأة أتحدث
- هكذا تكلمت النساء !!
- فتاوى التمييز الجنسي !!
- رجال ونساء وعلاقات غير سوية
- عذرا معشر الليبراليين العرب ..!!
- أنتم ملح الأرض !!
- بيروت عم تبكي !!
- من المسؤول عن تشوية الصورة ؟!!
- وهم الخصوصية !!!


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أمل زاهد - الخميائي وبيع الأحلام !!