مناشدة للتضامن وطن بلا ملامح وعراقيون بلا مصير

عراقيون بلا وطن

الحوار المتمدن-العدد: 491 - 2003 / 5 / 18 - 03:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

                       
لأن أحلامنا بلا حدّ تأبى مأساتنا إلا أن تكون بلا حدّ أيضا .
أكثر من خمسمائة عائلة عراقية مهددة بالضياع والتشرّد ، موجودة الآن في الأردن ، عوائل بلا وطن ، تعيش في دوّامة من الرعب والقلق والإضطراب النفسي ، تحت سماء بلا ملامح ، عوائل أحرقت كلّ سفنها قبل أن تغادر أرض العراق بحثا عن موطئ قدم آمن وكريم ، عوائل خرجت بأطفالها وأحلامها سرّا وعلانية يوم كان الطاغية يفترش جسد العراق عرضا وطولا ، خرجت لتقرع أبواب الأمم المتحدة والقانون الدولي ، وكلّها أمل في لجوء إنساني يوفّر لها كرامتها وإنسانيتها .
وقد احتضنت المفوضية السامية في الأردن هذه العوائل بأن منحتها حق الحماية ، على أمل أن تفتح دول العالم المتحضّر أبوابها لاسقبال اللاجئين .
لكن ..
ها هو العراق يخرج من حرب أخرى ، تعلن فيها أمريكا إنتصارها على الطاغية ، لكنها في نفس الوقت تؤكد وبشكل مستمر أن الطاغية لا يزال على قيد الحياة ، وإنه لا يزال موجودا في داخل العراق ، وإنه يمثل تهديدا مستمرا للطمأنينة في العالم .
لقد خرج العراق من الحرب مدمّى ، بجروح طائفية وحزبية ، لن تنتهي ثاراتها حتى زمن يطول . لقد فقد طائر الأمان أجنحته ، وتساقطت أوراق الطمأنينة في الداخل ، تلوث الهواء والماء والتراب ، أصبح العراق كمكان أرضا خصبة لأمراض وأوبئة خطيرة ، ولا ننسى هنا استفحال أمراض السرطان بعد حرب الخليج الثانية ، وها هو وباء الكوليرا يلتهم أبناء الجنوب صاعدا نحو الشمال ، كلّ ما في المشهد ينذر بكوارث على أهبة الوقوع إن لم تقع فعلا . لقد تحوّل العراق إلى لغم قابل للإنفجار في أية لحظة ، وفي اتجاهات كثيرة ، لم يعد مأوى نقيا لطفولة حالمة بحياة آمنة ، كلّ هذا يجعل من مستقبله غامضا ومقلقا .
والآن فان مصير هذه العوائل تتلاعب به رياح كثيرة ، كالخوف والقلق والإحباط ، أصبح رجوعها الى العراق أمرا مستحيلا ، كما أن بقاءها في الأردن بلا أجنحة للتحليق يجعلها فريسة لليأس والتيهان .

عوائل لا تملك من الأمم المتحدة سوى حق الحماية ، ومساعدات صورية لا تكفل لها قوت يومها ، كما إن هذه المساعدات في تناقص مستمر ، في بلد – كأنه في مقلاة ، فكل ملامحه تشير الى أزمة اقتصادية ، من سماتها ارتفاع مستمر في غلاء المعيشة - لا يسمح دستوره لهذه العوائل العراقية أن تزاول أي عمل ، إنه المأزق الذي يلتّف على رقاب العوائل وأطفالها .
لذا نأمل من لجان وجمعيات ومكاتب حقوق الإنسان في العالم أن تعلن تضامنها الإنساني بالضغط على أصحاب القرار سواء في جنيف ، أو في أيّ مكان هنا أو هناك ، من أجل الإسراع بفتح نوافذ في جدران هذا السجن الكبير حياتنا ، ومن أجل وضع خطوط واضحة لمستقبل أصبحنا نراه معتما ومقلقا وباعثا على اليأس والإحباط .
                         
                                                      

                                                              عراقيون بلا وطن

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل