أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الرازق أحمد الشاعر - تهافت علماء الدين














المزيد.....

تهافت علماء الدين


عبد الرازق أحمد الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 7042 - 2021 / 10 / 9 - 23:55
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ظل الإسلام حينا من الدهر يقاوم التغريب والعولمة، فكان سدا منيعا في وجه من أرادوا هدم الأخلاق والقيم، وظل علماء الإسلام - على قلتهم - يواجهون وحدهم، وبصدور عارية، خناجر الظلاميين الذين يريدون أن يطفئوا نور الله في قلوب الخلائق بأفواههم. لكن المقاومة الشرسة كانت تزداد ضعفا كل صباح، ليكسب أهل الضلال أرضا جديدة في الفضاء السحابي الشاسع. وهكذا، ظلت المساحات في غرفة العالم المكتظة بالناس من كل فج تضيق بالأديان حتى نحتها، أو كادت، عن المشهد المعاصر. فهل يعلن العلماء المسلمون إفلاسهم الحضاري قريبا، وهل يتنحون طواعية عن المشهد ليتركوا الساحة للمشركين والرويبضة ليضلوا الناس بغير علم تمهيدا لغربة منتظرة للإسلام وأهله؟ أم يحاولون لملمة ما تبقى لهم من حشود استعدادا لنفرة أخيرة نصرة للحق وأهله؟
كل الشواهد تشير إلى تراجع دور الدين في حياة الناس ومعاملاتهم. ويكفيك ان تلقي نظرة على حجم الجرائم الأخلاقية وتنوعها هذه الأيام. ويكفيك ان تنزل من برج الكلمات إلى ساحة المعاملات، لتعرف أن البقية الباقية في قلوب الناس من دين لم تعد تغني ولا تسمن من نفاق. ويكفيك أن تشاهد تبجح المبطلين والفسقة والمرتدين وتسمع إلى حججهم المتهافتة في وسائل الإعلام كل مساء لتعلم إلى أي حمأة وصلنا وأي درك فكري بلغنا. فهل نلوم علماء الدين على ما وصلت إليه البشرية من انحلال؟ وهل تبشر قراءات الواقع المهين بأي تغيير للأفضل؟
لا شك أن انسحاب العلماء من الساحة، وترك الميدان لمن يهرفون بما لا يعرفون من علماء الشاشات الفضية قد أثر سلبا في نفوس الذين في نفوسهم زيغ، والذين في قلوبهم مرض. فقد استغل المرجفون خروج العلماء من المشهد ليتصدروا المشاهد بعمائم تكاد تميل برؤوسهم الخاوية يمنة ويسرة، فيفتون بجهل في أمور العامة، فيضلون ويضلون. فيراهم العامة من الناس يخبطون في الدين خبط عشواء، ويشاهدونهم يتصايحون ويتسابون، ويرفعون أصابعهم وعقائرهم وأحذيتهم في وجوه بعضهم البعض، فتسقط هيبة العلماء، ومن ورائها هيبة الدين، في نفوسهم. فيضحك الخبثاء ملء أفواههم، ويمنون أنفسهم بقرب النهاية، وعلو راية الفساد.
وفي وقت ينشغل فيه علماء الدين بقراءات لا تفيد دينا، ولا تزيد يقينا، ترى أهل الباطل يدخلون في كل يوم سلاحا أشد فتكا من سابقيه، ليأتوا على ما تبقى من حياء وخلق ودين في قلوب النشء، بل وفي نفوس الكبار. وفي وقت تنشغل فيه الجامعات الإسلامية بمناقشة رسائل علمية لا تقدم ساقا ولا ترفع راية، ترى الإعلام المضل يكسب كل يوم مساحات خالية في قلوب الشباب وعقولهم ليضلهم عن سبيل الله وعن جادة الخلق والقيم والدين. فلا عجب أن ترى اليوم طوفانا من الإلحاد والزندقة - بين ظهرانينا - غير مسبوق! ولا داع لمصمصة الشفاة وأنت ترى العري والانحلال ينشر أسواقه فوق قارعات طرقنا دون حياء ودون خشية!
يضاف إلى عجز العلماء وقلة حيلتهم وهوانهم على الناس، رواج سوق الفساد داخل المجتمعات، وضعف الوازع الديني والأخلاقي في نفوس العامة، حتى ترى الواحد منهم، فلا تكاد تعرف إن كان لادينيا أو يهوديا أو نصرانيا أو مسلما حتى ترى بطاقة هويته. فقد نجح الإعلام المعاصر ووسائل التغريب الاجتماعي في تفكيك عرى الأسر ورواج الانحلال الذي لا يكاد ينجو منه أحد إلا من عصمه الله.
يبقى تخلي قادة الدول الإسلامية عن دورهم في حماية عقائد الناس والحفاظ على هوياتهم العرقية والوطنية والدينية واكتفائهم بالدفاع عن الحدود المادية والأسلاك الصدئة عند الحدود حتى تآكلت الروابط الإثنية والدينية، وقلت الحمية وانهارت أواصر المواطنة وتوارت الوطنية، وتلاشت قيمة التراب الوطني وبهتت الوان الأعلام في عيون الشباب، وصار الكل يشبه الكل في هجمة تغريب متعمدة لا يخطؤها متابع.
لا أريد هنا أن أدعو إلى التشاؤم أو أن أزرع بذور اليأس في نفوس القلة المتدينة، التي أصرت على القبض على جمر الدين في زمن الإنحلال الكوني الممنهج. كما لا أريد أن ألقي باللائمة على علماء الدين وحدهم - يعلم الله أننا جميعا مقصرون. لكنني فقط أريد أن أدق ناقوس خطر صار يتهددنا من المحيط إلى المحيط، وأمسى يضربنا في عمق أصولنا دون أن نمتلك أسلحة واعية ندافع بها عن أنفسنا وأهلينا وأوطاننا، فالهجمة شرسة، والمهاجم بصير.



#عبد_الرازق_أحمد_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهروب إلى السجن
- لا عاصم
- ضمير بين فردتي حذاء
- عزيزي القارئ، هل أنت عنصري؟
- سلام دي جانيرو
- وداعا بتول .. قصة لم تكتمل
- أطفال الرب
- صفارات الإنذار


المزيد.....




- شاهد.. محتجون إسرائيليون يخربون شاحنات مساعدات متجهة إلى غزة ...
- في الشأن الإسرائيلي الفلسطيني.. نص ما ورد في -إعلان البحرين- ...
- سقوط مزيد من القتلى والجرحى مع تواصل القصف الإسرائيلي على غز ...
- قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مخيم جباليا
- الرئيس الصيني شي يستقبل نظيره الروسي بوتين في بكين
- صحيفة: درونات مجهولة تصور بشكل خفي أكبر سفينة حربية يابانية ...
- بوتين: تحالف روسيا والصين في قطاع الطاقة سيتعزز
- وزراء خارجية 13 دولة يحذرون إسرائيل من الهجوم على رفح
- كندا تفرض عقوبات على أربعة مستوطنين
- الدفاع الروسية: تدمير أكثر من 100 طائرة و6 زوارق مسيرة أوكرا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الرازق أحمد الشاعر - تهافت علماء الدين