أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ستانلي كورتز - الامبريالية الديموقراطية: برنامج عمل - 2















المزيد.....

الامبريالية الديموقراطية: برنامج عمل - 2


ستانلي كورتز

الحوار المتمدن-العدد: 487 - 2003 / 5 / 14 - 04:06
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الامبريالية الديموقراطية: برنامج عمل (2) 
 


ساهم الاستعمار البريطاني للهند في تشكيل ملامح القومية الهندية، أما القومية العربية فقد شكلت قوة لا يستهان بها منذ نهاية الحرب العالمية الاولى، وعندما قام البريطانيون انفسهم باحتلال العراق في الأعوام 19181917 وحاولوا حكمه مباشرة اندلع تمرد قومي عربي 19211920 دفعهم الى الاستعاضة عن الحكم المباشر بتنصيب ملكية صديقة ومرة. وبنفس الطريقة فان اية محاولة اميركية لحكم العراق أو الاشراف على تنشئة نخب بيروقراطية عراقية ملبرلة ستستتبع بالضرورة مقاومة عربية قومية، فحتى وان صحت الدروس المستفادة في تجربة الاستعمار البريطاني للهند من حيث تحفيز الديموقراطية فهل يمكن استخدام هذه الدروس في التطبيق العراقي؟
يبرز احتمالان لاحتواء ردة الفعل القومية العربية:
هناك أولاً المهاجرون العراقيون العائدون وما يمكن ان يسهموا به لجهة تشكيل حكم مختلط. لقد عاش هؤلاء في الغرب وتشربوا ثقافته لسنوات خلت، وهم يشكلون شريحة من المواطنين العصريين والأحرار تستطيع المساعدة في حكم المجتمع العراقي واصلاحه. لسوء الحظ تشير الانقسامات الواضحة بين العائدين الى استمرار نفوذ الانتماءات التقليدية المحلية من اثنية ودينية، الا ان العائدين يمكنهم، في المحصلة العامة، توفير عدد كاف من المتحررين نسبياً لإطلاق عملية تغيير ثقافي.
ثانياً، يطرح السؤال حول ما اذا كانت الولايات المتحدة قادرة بعد فترة اولية من الحكم العسكري على اعتماد وسيلة كفيلة بتوجيه عراق ما بعد الحرب، بحيث يكون هذا التوجيه اقل من حكم امبريالي كلاسيكي مباشر واكثر من مجرد حكم غير مباشر يمارس من خلال النخب التقليدية التي قد تفلح في اقامة عراق مستقر وانما غير ديموقراطي. انها مسألة دقيقة ومعقدة فمن أجل ايجاد نخب بيروقراطية ليبرالية عصرية في بلد لا توجد فيه مثل هذه الشريحة، ستبرز حاجة الى غربيين لادارة المدارس وتقديم نماذج للمدراء والقضاء. وفي حين يستطيع المهاجرون تقديم مساعدة في هذا المجال، فان تدخلاً اميركياً او اوروبياً يبقى اساسياً للادارة وتشغيل العمالة في العراق ابان اعادة الاعمار. ان التدخل هو أمر ضروري اذاً، وبشكل أكيد، بالنسبة لأي تحولات ديموقراطية مرتجاة. ثمة سؤال يطرح نفسه في هذا المجال: هل يمكن لمثل هذا النوع من التدخل الأميركي ان يحصل تحت مظلة حكومة عراقية؟
ما زلنا نواجه واقع ان الديموقراطية الحقيقية تتطلب وقتاً لتنمو، حتى ولو كان في المستطاع انشاء طبقة بيروقراطية عصرية ذات ثقافة غربية في جيل واحد، وحتى لو تحقق ذلك دون اثارة ردة فعل ثقافية مفرطة. ان اجراء انتخابات حرة في بيئة غير ليبرالية قد يؤدي الى نزاع اثني والى انبثاق ديكتاتورية سواء كانت اسلامية أو علمانية، وبالتالي تكرار دوامة الانقلابات العسكرية التي جاءت في نهاية المطاف بصدام حسين الى السلطة، وهذا يعني ان مرحلة شبه امبريالية تقوم على التحكم غير الديموقراطي قد تكون شرطاً لازماً للديموقراطية نفسها، وهذا ما يحيلنا الى درس هام آخر من التجربة البريطانية في الهند، وهو التوافق المتناقض بين الامبريالية والديموقراطية.
إصلاح فاشل
كانت نظرية جيمس ميل حول التغيير الاجتماعي واضحة وصريحة: ان استبدال حرفة الكاهن والاستبداد المحلي بحكومة سليمة هو امر سوف يؤدي وبسرعة الى كنس المعتقدات اللاعقلانية وتثقيف العامة وحماية ممتلكاتهم وحكمهم بشكل جيد وفرض ضرائب وتحويل عاداتهم الاقتصادية لتصير شبيهة بعادات المواطنين البريطانيين.
يتعارض موقف ميل تجاه النخب الهندية المحلية مع موقف الاستشراقيين من جماعة بورك، فحيثما كان المستشرقون يمعنون النظر في النصوص الهندوسية المقدسة ويرون فيها لمحات تشريعية ولمعات ادبية، لم ير ميل وأترابه غير عقوبات بربرية ومحض أساطير. فبالنسبة الى المستشرقين يشكل الكهنة البراهمة طائفة قائدة، وبالتالي يتوجب على الحكام تفهم حيثيتهم من أجل حكم متعقل. أما بالنسبة الى ميل فقد شكلت البراهمة التجسيد الأقصى للكهانة الشريرة التي تستخدم طقوساً غريبة وحكايات مضخمة لابقاء الجماهير في جهل مطبق وجعلها سهلة الانقياد.
خشي الحكام الاستشراقيون من ان تؤدي سياسة جيمس ميل للاصلاح الجذري واستبدال النخب المحلية الى اندلاع الثورة، الا ان ميل كان واثقاً من سقوط أي انحياز مسبق لصالح الحكم الذاتي التقليدي او النخبة المحلية حالما يرى الجمهور المنافع الاقتصادية والاجتماعية لسياسات بريطانيا التحديثية. تعتبر نظرية ميل النفعية العقل صفحة بيضاء فارغة يمكن تشكيلها بسرعة واعادة تشكيلها بيسر من خلال تغيير المؤثرات الخارجية. من وجهة النظر هذه، تعتبر التقاليد الغابرة ذات قوة تأثير ضئيلة.
بمصطلحات عملية، تركزت استراتيجية جيمس ميل التي جرى اعتمادها من قبل جيل كامل من الحكام الليبراليين في الهند على الاصلاح الزراعي. ايقن ميل واتباعه ان مفتاح السر لأي عملية تقدم اجتماعي في الهند انما يكمن في استئصال النخب المحلية الرجعية من طريق منح الأراضي لفلاحين أفراد، فمن شأن ذلك ان يمنح قوى السوق زمام الأمور ويؤمن تقدماً اقتصادياً على نحو تلقائي. تشبه معادلة التحديث هذه تلك التي يجري تسويقها اليوم من قبل الاقتصادي البيروفي هيناندو دوسوتو.
بيد ان الاصلاح الزراعي الليبرالي فشل في الهند وبشكل ذريع، اذ قام على استئصال نظام حكم ذاتي تقليدي قروي وعلى انشاء سوق محدودة، وظلت روح المبادرة البريطانية غائبة عنه، وبدلاً منها ظل الاقتصاد المحلي في حالة ركود، بينما اسفر انهيار النظام السياسي التقليدي القروي عن بروز مطالب جديدة على طاولة الحكام البريطانيين المتعبين.
شكل هذا الفشل حجة للتيار الاستشراقي على الرغم من اساءته تقديره الموقف هو الآخر. ففي المناطق التي كانت خاضعة للحكام ذوي التوجه الاستشراقي أيد هؤلاء سياسة إصلاح محدودة، واذ لم تكن لديهم اية نية في ازالة النخب المحلية فقد قاموا باجراء مسح شامل للأراضي بغية تحديد هوية المشتغلين فيها، اذ ارادوا التأكد من ان زعماء القرى التقليديين لم يقوموا باستغلال جائر للفلاحين او بخداع البريطانيين عندما كانوا يقومون بجباية الضرائب نيابة عن الحكومة. ومع ذلك، ظلت التأثيرات غير المقصودة لعمليات مسح الأراضي التي آجراها الاستشراقيون ذات تأثير مدمر على نظام الملكية التقليدية والسيطرة السياسية شأنه شأن الاصلاحات الراديكالية المنهجية التي تبناها الليبراليون من خط ميل.
أفضى الإصلاح الزراعي الى تقسيم الأراضي بين الأفراد، إلا ان الأشكال الأساسية للملكية عند الطوائف الهندية والروابط العائلية ظلت قوية. بقيت فكرة الملكية الجماعية المشتركة بين ابناء العشيرة فكرة راجحة بصرف النظر عن اختلافات التفاصيل والعناوين الخارجية. وباستمرار هذه الروابط التقليدية العشائرية او الطائفية لا يعود الانتقال التلقائي نحو المشروع الرأسمالي ممكناً.
تتضمن الدروس المستمدة من الإمبريالية اذاً تحذيراً للمتفائلين بالإمكانية التلقائية للديموقراطية. لا تنتظر العادات الاقتصادية والسياسية الغربية من يطلقها من عقالها على نحو تبسيطي. فالحاجز الحقيقي الذي يقف عائقاً بوجه التحديث خارج العالم العربي هو حاجز الحياة اليومية السائدة والمتصلبة، وهو أمر لا يفهمه غير قلة. تمثلت العوائق الرئيسية للتحديث في الهند في نظام العائلة الكبيرة والطائفة التي لها مقابلها في العراق ومن خلال نظام العائلة الأبوي وصلات النسب والعشيرة ومفاهيم الشرف الجماعي.
قد نتمكن أحيانا من ملاءمة ممارسات اجتماعية كهذه مع التحديث، الا ان أي محاولة مباشرة للإطاحة بهذه البنى تبقى صعبة الإنجاز، ومن المقدر لها ان تفشل.
مدارس إدارية متنافسة
يبدو صحيحاً ان بورك والحكام المستشرقين قد عمدوا في الظاهر الى تبني نظام حكم يتوافق مع المبادئ المحلية، بينما أيد الليبراليون من أمثال جيمس ميل مبدأ الديموقراطية للجميع. لكن عند امعان النظر في المسألة، نتبين ان كلا المدرستين الفكريتين تقترحان برنامج إصلاح غربيا، كما ان كل منهما تكنان قدراً من الاحترام للحواجز الثقافية المعترضة للتحديث. سواء في الهند أو في بريطانيا، كان بورك من أنصار الدعوة الى اصلاح تدريجي من ضمن المؤسسات العريقة. عنى ذلك بالنسبة الى بريطانيا السير بخطى حثيثة نحو توسيع حق الاقتراع العام مع دعم مفهوم رعاية المصلحة العامة لدى الاريستوقراطيين الذين يشغلون مناصب في الحكومة. قد يبدو من السهل على أميركي معاصر صرف النظر عن هذه المفاهيم واعتبارها مفاهيم بالية. الا ان التاريخ انصف بورك بقوة.
فقد تطورت بريطانيا ببطء وبشكل سلمي الى ديموقراطية حديثة، بينما أدت الراديكالية الديموقراطية ومعمعان الثورة الفرنسية (التي أدانها بورك كما هو معروف) الى عقود من الاضطرابات والديكتاتورية. وقد فهمت كلتا المدرستين ما يتناساه الأميركيون المعاصرون من ان ديموقراطية متسرعة في ظل غياب شروطها الثقافية قد تكون خطرة.
سعى بورك في ثمانينات القرن الثامن عشر الى اصلاح الامبراطورية الصاعدة لبريطانيا. كانت السنوات الأولى من الحكم البريطاني للهند قد شهدت كثيراً من الاستغلال الاقتصادي ومن تجاهل احتياجات وتطلعات السكان. وقد أثار تصرف شركة الهند الشرقية البريطانية حفيظة بورك الذي رأى في حكم الدخلاء المؤقتين ذوي الذهنية التجارية أشد التناقض مع الادارة الحقة التي ينبغي ان تنبثق من بين الذين يحسنون التعايش ويعون مصالح الشعب الهندي ويفهمون عاداته. يزعم أخصام بورك بأن مقداراً من الاستبداد البريطاني قد يكون ضرورياً ومحقاً نظراً لاعتياد الهنود على الحكم الاستبدادي، أما بورك الذي قدم نفسه كأحد أوائل الخبراء الغربيين في الثقافات اللاغربية، فقد اثبت وبنجاح ان التشريعين الهندوسي والاسلامي يضاهيان التشريع الغربي تعقيداً، كما أكد على اهلية هؤلاء الناس لحكم القانون والعدالة شأن شعب بريطانيا. ان مؤسس النزعة المحافظة الحديثة كان من أشد المنتقدين للتجاوزات الاستعمارية من الداخل.
وقد أشار بورك احياناً الى انه، ومن خلال عملية اصلاح تدريجي غير مفروض قد يتمكن الهنود ذات يوم من استكمال عاداتهم الخاصة بكامل مزايا الحرية البريطانية. ولكن، وكما هو حال ميل لاحقاً، كانت لدى بورك معرفة محدودة بالبنى الفعلية للمعاش الهندي. نظام الطبقات المغلقة ظل عاصياً على فهمهم على سبيل المثال. يميل تلامذة بورك اليوم الى الذهاب بعيداً في النقد، فإن كان يوجد لدى الهنود قانون معقد وكانوا مؤهلين لادارة صحيحة من قبل نخبة محلية فلماذا الامبراطورية اذاً؟ الا انه بإمكان بورك ان يقودنا الى اتجاه آخر، فإن كانت المجتمعات اللاغربية أبعد ما تكون عن نعم الحرية مما توقعه بورك، فلماذا لا نقدم على برنامج اصلاح اكثر جذرية؟ وقد كان ذلك هو السؤال المطروح من قبل جيمس ميل عندما تعارضت سياسته مع البوركيين الاستشراقيين الذين يفضلون نظام حكم تشرف عليه النخب المحلية. أما جون ستيوارت ميل فقد عمل بجهد متواصل لتجاوز الانقسام الحاصل بين خط بورك وخط والده، بين الحكم غير المباشر الذي يؤيده الاستشراقيون، وبين الإصلاحية الجذرية عند الليبراليين.
من المعروف ان جون ستيوارت ميل عانى من تدهور في قواه العقلية بسبب تربية أبيه القاسية له وغير المتزنة، فقد ربى جيمس ميل ابنه في عزلة عن الجميع عدا أفراد قلائل من أسرته، وقد عمد الى تلقينه شخصياً اليونانية وهو في سن الثالثة من العمر، واللاتينية في الثامنة، والى برنامج دراسي مكثف على مستوى جامعي (يتضمن تاريخ الهند) خلال فترة طفولته. كما عمد ميل الأب الى حذف مواد الدين والموسيقى والفن من المنهج الدراسي لجون الصغير. كان الابن حقلاً خصباً للتجارب في مجال تربية الأطفال. بإبعاده عن جميع المؤثرات التقليدية واللاعقلانية أمل جيمس ميل في خلق انسان صالح وعقلاني بالكامل تماماً كما كان أمل في خلق هند صالحة وعقلانية.
ازداد الوضع النفسي لجون ستيوارت ميل تأزماً وهو يشق طريقه في شركة الهند الشرقية البريطانية تحت اشراف والده. وكي يخلص نفسه من الشعور بعدم القدرة على الانفعال الانساني العادي، بدأ جون ستيوارت ميل، سرّاً، بقراءة قصائد الشعراء الرومانطيقيين، وهو ما قاده الى الاتجاه المحافظ لصامويل تايلر كولريدج، مباشرة بعد وفاة والده. وما هو غير معروف كثيراً اهتمام جون ستيوارت ميل المتعاظم في تلك الفترة بالنظريات الإدارية للمستشرقين البوركيين والتي انبنت على تقدير التقليد الذي نجده عند كولريدج. مباشرة قبل وبعد وفاة والده، أخذ ميل يلقي بثقله وراء سياسات المستشرقين في الحكم من خلال النخب المحلية.
وسعى جون ستيوارت ميل الى التأليف بين المذهبين سواء في سياساته الادارية أو في أفكاره. فبعيد تخليه عن مذهب والده الإصلاحي، كان ميل قادراً على التغير حسب ما تقتضيه الظروف. وعاد ثانية الى معسكر الإصلاحيين، مع مجيء مشاريع الاتصالات والمواصلات الكبرى في خمسينيات القرن التاسع عشر. وفي وقت كان يعتقد فيه كثير من الحكام الإصلاحيين، وعلى رأسهم والده، بأن المشاركة الفعلية للهنود في الحكومة تعتبر أمراً غير ضروري للتحديث، خالفهم ميل الابن الرأي ودعا الى مشاركة النخب المحلية في الإدارة الاستعمارية، وكانت وجهة نظره بمثابة التوفيق بين الموقف الإستشراقي (تقدير الدور الذي تلعبه النخب المحلية) وبين إصلاحية والده المتشددة. وفي الوقت الذي كتب فيه <<ملاحظات حول الحكومة التمثيلية>> عام 1861، عمل ميل على إخراج نظام التدرجية الليبرالية في محاولة لتجاوز الاختلاف بين والده وبورك.
عكست تقلبات جون ستيوارت ميل الإدارية إيقاعا من التغير في تاريخ الهند البريطانية، حيث كان التوازن بين النزعة الإصلاحية والنزعة الى الحكم غير المباشر متبدلاً باستمرار، وبنتيجة عقود من الحكم المستقر أصبح الإصلاح الإداري ممكناً في النهاية، وانبثق نظام التعليم باللغة الانكليزية في هذه الفترة، وبعد الفشل الذي مني به الإصلاح الزراعي الليبرالي وما نتج عنه من تمرد عام 1857 عادت الاصلاحات الليبرالية وسلكت درباً واثقاً في ثمانينيات القرن التاسع عشر ومنحت صلاحيات معينة للجمعيات المحلية.
ثمة عبرة يمكن استخلاصها من كل ذلك، اذ ليس هناك طريق واحد صحيح لاحلال الديموقراطية في العراق. واذ يحبذ بعض العناصر في إدارة بوش العمل من خلال النخب العربية التقليدية، تصر عناصر أخرى على إتمام عملية دمقرطة سريعة نسبياً (ولا شك ان كلا من الموقفين يحتاج لمزيد من التدقيق). لقد بدى نواة مدرستين إداريتين متنافستين في التشكل بالنسبة الى احتلال ما بعد الحرب. وحده الزمن كفيل بتقرير الكيفية التي ستؤمن التوفيق بين كلا الاتجاهين.
لنأخذ مشكلة المساحات العشائرية التقليدية في العراق كعينة تظهر حقيقة التحدي الاداري الآتي. يستدعي قيام العراق الديموقراطي والعصري، احتكاراً لحق الاستخدام المشروع للعنف من جانب الدولة، وهذا يعني انه سيتعين تجريد المناطق التي ما تزال خاضعة لسيطرة رجال العشائر من السلاح. بيد ان المرحلة الاولى من الاحتلال تفترض التعامل مع هذه العشائر وليس العمل ضدها، لأن عملية ترسيخ سيطرة الحكومة الجديدة وتعليم وتدريب نخبة ليبرالية عصرية ستستلزم وقتاً. ينبغي في نهاية المطاف ان تزول الرعاية التي تقوم بها العشيرة لصالح بيروقراطية متعلمة وكفوءة. وكي يتأمن ذلك، ينبغي تحمل بعض التأهيل للزعماء المحليين وبعض التكييف للرعاية القائمة على صلات القربى. سنكون حتماً أمام تناقضات في السياسة، الا ان الصيغة الاجمالية لهذه السياسة واتجاهاتها تحتاج لان تحكمها الظروف وليس مجرد مبدأ بسيط. وتبقى ليونة جون ستيوارت ميل وتأليفه بين المذهبين هي النموذج المحتذى.
 عضو باحث في معهد هوفر. قام بدراسات عديدة في مجال الانثروبولوجيا الاجتماعية وعلم الأديان المقارن، خصوصاً في ما يعني الثقافات الشرقية من هندية وإسلامية. أحد المدافعين عن ثقافة الحرب الأميركية.
ترجمة: بديع أبو مهيا
غداً: جزء ثالث وأخير.
نقلاً عن: Policy Review

 

 
©2003 جريدة السفير
 

 



#ستانلي_كورتز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الامبريالية الديموقراطية: برنامج عمل - 1)


المزيد.....




- السعودية.. القبض على مصري لـ-ترويجه حملة حج وهمية-
- -سجال- بين إسرائيل وجنوب إفريقيا بشأن تهمة -الإبادة الجماعية ...
- في ظل العمالة القسرية للإيغور.. واشنطن تحظر الاستيراد من شرك ...
- مستقبل غزة بعد الحرب يسبب انقسامات علنية داخل الحكومة الإسرا ...
- قتيل سادس في صفوف الاحتلال بغزة وكمائن المقاومة تستهدف جنوده ...
- شهيد ومصابان برصاص الاحتلال في الضفة الغربية
- مجلس الأمن يناقش إنهاء مهمة البعثة الأممية في العراق
- سجال عراقي - أممي حول بعثة -يونامي-
- تصويت لحجب الثقة بحق رئيسة جامعة كولومبيا
- الخارجية الروسية: الأحاديث الغربية عن نية روسيا مهاجمة دول - ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ستانلي كورتز - الامبريالية الديموقراطية: برنامج عمل - 2