أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد دالاتي - عرض سكون جرأة المسرح الإيمائي الراقص















المزيد.....

عرض سكون جرأة المسرح الإيمائي الراقص


محمد دالاتي

الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 10:01
المحور: الادب والفن
    



الحركة لون ورائحة وعمق إيحاء ، وطاقة ٌ تولد المعنى الخفي ، طاقة تعبيرية حين تبتكر المخيلة احتمالات ما يمكن أن تحمله من رؤى وتصورات في روح الكائن .
كوريو كرافيا تدرك سر المعنى في الحركة واللغة بأدواتها المتعددة .
وللضوء على الجسد وظلاله لغة ٌ أخرى بصرية ، ذات دلالة يمكن أن تكون إلى حد ٍ ما تشكيلية ، تتداخل في تكوينات ٍ هارمونية لتخلق اللوحة – الصورة ، والإيماء ، بما هو لغة ، وهو ما سمي في عصر المسرح الروماني والإغريقي ( بالبانتوميم ) تراث ٌ عميق وتجربة عميقة وطويلة ، منذ المحاولا ت الأولى لخلق هذا النمط من المسرح في أعمال اسخيلوس وسوفوكليس و يوريبيدس ، مرورا ً بعروض الباليه التعبيرية في القرن الثامن عشر للمؤلفات الموسيقية الأوبرالية وأعمال تشايكوفسكي ( بحيرة البجع ) حتى أوائل القرن العشرين ، حيث اتخذ شكله الأكثر تكاملا ً مع العروض المسرحية التي تطلبت نصوصها الاقتضاب في الكلمة واللجوء إلى الإيماء كتقنية ، هذا إضافة ًإلى نفور بعض المسرحيين من الحوار المباشر الموجه إلى الجمهور المشاهد .
إذ أنه تبلور أصبح أكثر نضجا ً مع تجارب مسرحية مثل ( الأمبراطور جونز ) ليوجين أونيل وبعض أعمال المسرحي صموئيل بيكيت مثل ( في انتظار عودة غودو ) وغيرها على سبيل المثال لا الحصر .
حيث طرح خطا ً ونسقا ً مسرحيا ً مهما ً له قوانينه وجمالياته المستقلة وأكد نفسه على صعيد التجربة المسرحية الإنسانية .
من هنا تأتي تجربة المسرح الإيمائي بوصفها فنا ً إبداعيا ً بامتياز ، لها أفقها وأدواتها وإمكاناتها المفتوحة والمتجددة ، لإطلاق العنان أمام أفق تصورات المشاهد الذي يمثل جزءا ً هاما ً من العملية الإبداعية ، حيث بمقدار ما للكلمة والتعبير اللغوي من تأثير ، يكون أيضا ً للإيماء التعبيري دور وأثر هام من جانبا ً آخر .
هذا النموذج من المسرح الذي يطلق فانتازيا المشاهد ويحركه لمحاولة تفسير مجازات حركة الجسد كطرح تقني مغاير للحوارات المسرحية اللغوية المباشر .
إن تزاوج السينوغرافيا مع الكوريوغرافيا وكافة ملحقات العرض المسرحي يجعل من مسرح الإيماء نمطا ً أقرب إلى التشكيل التخييلي والأشتغال على طاقات مجازية تجعل منه أقرب إلى مفهوم الصورة التي تختزن مضامين حقول فنية أخرى بما فيها التصوير الضوئي والفن التشكيلي ، فضلا ً عن كونها تتحرك ضمن فضاء حركة وقوانين الأداء المسرحي .
وبما أن حوار اللغة أكثر سهولة ً ومباشرة ً في التوصيل ، يفترض ، بناء ً على ذلك ، أن تكون الطاقة والقدرة التعبيرية الكوريوغرافية أقوى أغنى .
وذلك بترسيم وابتكار حركية مبدعة تمتلك القدرة على التوصيل ، من هنا تكمن صعوبة وخصوصية هذا الفن والتحدي الإبداعي الذي يطرحه على الكوريوغرافي .
في عرض فرقة ( رماد ) الذي قدم في الأسبوع الثقافي للمنتدى الثقافي لذوي اللإحتياجات الخاصة ، ضمن فعاليات حلب عاصمة للثقافة الإسلامية ، والتي يرأسها ويصمم حركاتها بالتعاون مع الفنانة ديمة ناصيف الفنان لاوند هاجو تم تقديم إحدى عشرة لوحة ضمن عرض حمل عنوان ( سكون ) في هذا العمل ، تكاملت اللوحات الإيمائية والإضاءة المدروسة والموسيقية لخلق تشكيل وسينوغرافيا مفارقة ، نسبة ً للعروض الأخرى التي تقدم في المسرح السوري – مع الإشارة إلى أن المسرح الإيمائي في سوريا يكاد يكون ظاهرة نادرة – والفرقة كانت قد قدمت أول عروضها كفرقة مستقلة باسم فرقة رماد بالمسرح الراقص عام 2001 في المركز الثقافي الفرنسي ، وكان العمل الأول بعنوان ( خلق ) تلته أربعة أعمال تحت عنوان ( انعكاسات ) 2003 و( رحلة جسد ) 2003 و( تمرد العقل )2004 و( صمت الحواس ) 2005 ، عرضت جميعها في يوم الرقص العالمي هذا إضافة ً إلى عروض راقصة قدمها الفنان لاوند في اليابان وحاز فيها على الجائزة الأولى .
يحاول الفنان لاوند أن يطرح الجديد ، والنقطة الأهم أن مغامرة التعبير عن فكرة مركزية في العمل ، بوصفها محوره والمركز الذي تتوسع منه كافة اللوحات الراقصة والتشكيلات ، ينطوي على صعوبة وضرورة وجود امكانيات تصورية وابداعية لها القدرة على إيصال المعنى بشكله الأكثر عمقا ً وخلقا ً وتجديدا ً للمشاهد ، ما يعتبر ريادة ً حقيقة للفنان وفرقته مع كل من يساهم فيها تخطيطا ً وفكراً وأداءًَ ، بالنسبة للتجربة المسرحية عموما ً والإيمائية على وجه الخصوص .
إذ أنها تفترض إدراكا ً لتفاصيل ومواطن الجسد وقدراته الحركية التكوينية ذات القدرة على اختزان الدلالة ورسم حدود الفكرة .
في القصيدة ندخل في عوالم الشاعر اللغوية إلى مناخات غير مطروقة وموحية و مفتوحة المدى ، بما للتعبير اللغوي الشعري من قدرات في هذا السياق ، وكذلك الأمر حين ينطق الجسد بلغته الخاصة ، إذ يتشكل المعنى للرائي من خلال انسياب الحركات وانعطافاتها و ارتساماتها في عالم متناغم يتبادل لغته مع الضوء والموسيقة اللذين يردفان المعنى عبر الجسد .
في اللوحات الإحدى عشرة ، كان واضحا ً إن فتيات وشبان الفرقة يمتلكون قدرات جيدة على تطويع الجسد حيث ارتسمت في فضاء الخشبة ، باستثناء ثلاث لوحات أو أربع ، مشاهد اتصفت على حد ٍ عال ٍ بالمرونة والرشاقة .
إلا أنها لم تمتلك إلى حد ٍ ما ، طاقة تعبيرية ذات صلة بموضوع مسرحية ( سكون ) الذي يتمركز حول تيمة هي الحجاب الذي يخفي الحقائق ويزورها ، ويختبىء خلفه المراؤون أو الخائفون من كسر حواجز التقاليد والأعراف ، باستثناء حالات فردية تظهر في سياق طرح الحالة النقيضة المتمردة أو الرافضة للزيف والتي يتطلع إليها جميع المتخفين خلف الحجاب بخوف ٍ ورغبة داخلية لممارسة الحرية المنسابة الصريحة لرجل ٍ أو إمرأة تحاول تعبير عن رغاباتها بحرية غير مبالية بالعرف الطاغي ، إذ ثمة ثنائية تطرحها المسرحية وهي الصدق – الزيف ، الحرية – الكبت ، الحقيقة – الكذب ، إطلاق الروح – قمعها .
إلا أن معظم اللوحات ، أو بتعبير ٍ أدق عددا ً كبير منها لم تؤد الدور التعبيري لطاقتها الحركية في الوقت الذي استطاعت فيه اللوحات الأربعة المذكورة بقدرة الكوريوغرافيا الموهوبة أن توصل لنا الفكرة على نحو خلاق ، وبالـتأكيد ليس هذا إنقاصا من شأن هذه التجربة المتميزة لفرقة ( رماد ) تبقى لها الريادة في محاولة خلق ماهو مبدع وجديد ، خصوصا ً أننا نفتقر إلى حد ٍ بعيد ، باستثناء فرقة ( إنانة ) التي قدمت عروضا ٍ متميزة ، إلى تجارب جريئة على هذا المستوى لما يغني الحركة المسرحية التي تحتاج إلى حد ٍ كبير لمساهمي يمتلكون إمكانيات خلق واجتراح ما هو مغاير لما اعتاده مشاهدو المسرح على مدى عقود ٍ من عروض جاءت في غالبيتها وليس كلها ، عروضا ً تفتقر إلى المستوى الفني والإبداعي المفترض ، هذا ما نمتلكه من طاقات جريئة ومبدعة على الساحة الفنية والثقافية السورية .
ويبقى ثمة تساؤل كبير ، لماذا تقتصر العروض الناجحة أو المختلفة نوعيا ً عما ألف المسرح في سوريا على عروض نخبوية لا تقدم عروضها إلا بدعوة خاصة أو في مراكز فرانكفونية أو غيرها ، ولا تحاول تعميم التجربة لتصل إلى جمهور عريض تقدم له ما هو جدير بالمشاهدة وتساهم في تطوير حساسيته وذائقته الجمالية ؟







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رواية -حارة الصوفي-.. التأريخ بين قبعة الاستعمار وطربوش الهُ ...
- الفنان شامان يمثل روسيا في مسابقة -إنترفيجن- الموسيقية الدول ...
- شاب متعدّد اللغات يحصد الملايين من المعجبين عبر الإنترنت.. م ...
- إطلالات متميّزة لنجمات المملكة العربية السعودية في مهرجان كا ...
- الجالية الفلسطينية في اليونان تنظم أمسية ثقافية في ذكرى النك ...
- الشاعر حسين جلعاد يوقّع كتابه الجديد -شرفة آدم- في معرض الدو ...
- العراق ضيف الشرف.. ما أسباب تراجع المشاركة العربية في معرض ط ...
- العراق حاضر بقوة في مهرجان كان السينمائي
- رئيس الوزراء الإسباني يتهم -يوروفيجن- بـ-ازدواجية المعايير- ...
- بنزرت ترتدي عباءة التاريخ.. الفينيقيون يعودون من البحر


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد دالاتي - عرض سكون جرأة المسرح الإيمائي الراقص