أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي قرة - قصة لا تغضب يا كنغور والتميّز














المزيد.....

قصة لا تغضب يا كنغور والتميّز


سامي قرة

الحوار المتمدن-العدد: 7013 - 2021 / 9 / 8 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


الأطفال عرضة للخوف من الآخرين ولغضب الأخرين ولكراهية الآخرين وللاستهزاء من الآخرين، تمامًا كما يحدث لكنغور الصغير في قصة "لا تغضب يا كنغور" للكاتبة سامية شاهين. وهذا يولّد فيهم الإحباط والانطواء. لكن من أجل التغلب على هذه المشاعر والتعامل معها يلجأ الأطفال إلى عالم الخيال، إلى عالم افتراضي يجدون فيه حلولًا للمواقف التي تؤثر عليهم سلبًا وتزعجهم عاطفيًا. وفي هذا تكمن أهمية أدب الأطفال، لأنه يساعدهم في تنمية ذكائهم العاطفي وتطوير حسهم الأخلاقي. لا يعرف كنغور كيف يتعامل مع الأسد أو الذئب، فهو يغضب ويريد أن ينتقم ويصرخ ويشعر بالألم والاكتئاب ويركل ويكسر ويرتعب، ولكن في النهاية نراه يسيطر على غضبه وانفعالاته عن طريق الإصغاء إلى نصيحة أمه، ويتضح ذلك في تجربته مع الزرافة التي أساءت معاملته. فأثر الأم على طفلها مرادف لأثر الأدب على الأطفال.
سأتحدث فيما يلي عن بعض السمات الأدبية التي تتميز بها هذه القصة منها الأسلوب السردي والموسيقى في اللغة، والرمزية، الراوي، وغيرها.
هناك عدة أساليب للبدء في سرد قصة للأطفال منها مثلا: بدء القصة بحوار بين الشخصيات، أو إعطاء وصف لمسرح أحداث القصة، أو البدء بسؤال يثير اهتمام القارئ الطفل، أو تقديم الشخصية الرئيسية في القصة وغيرها من الأساليب. في قصة "لا تغضب يا كنغور" نرى أن الراوي يبدأ بتقديم الشخصية الرئيسية كنغور، وهذه بداية شيقة وقوية؛ لأنه منذ اللحظة الأولى ينشأ بين الطفل وكنغور علاقة ترابطية يتفاعل فيها الطفل من خلالها مع كنغور ويتعاطف معه. فكنغور مثل أي طفل "لطيف الشكل، يحب اللعب مع رفاقه". فيرى الطفل نفسه في شخصية كنغور – وتجدر الإشارة إلى أننا إذا تجاوزنا المعنى الحرفي للقصة لاكتشاف مضامينها نرى أن التجارب التي يمر بها كنغور قد يمر بها أي طفل في واقع حياته. فبداية القصة تشكل مرآة يرى الطفل نفسه فيها.
ومما يميز الأسلوب السردي في القصة أن الراوي يستخدم جملا فعلية قصيرة كأن يقول مثلا "تناول الطابة من كنغور"، و"أراد أن ينتقم"، و"وصل إلى أمه وكسر الأغصان" وغيرها كثير. وتكمن أهمية مثل هذه الجمل أنها تساعد الطفل القارئ على التركيز على ما يحدث، ولا تشتت انتباهه، كما تساعده على تصوّر ما يحدث بوضوح كأن كل ما يقرأ عنه يشاهده يحدث أمام عينيه. وإذا تمعنا في طبيعة الأفعال المستخدمة نجد بعضها تحمل بعدًا حركيًا وبعضها الآخر تحمل بعدًا عاطفيًا. فلننظر إلى هاتين الجملتين مثلًا: "كسر الأغصان التي أمامه" و"غضب كنغور المسكين". من الواضح أن الفعل "كسر" في الجملة الأولى تدل على حركة والفعل "غضب" في الجملة الثانية تدل على عاطفة. والقصة مليئة بجمل مشابهة.
أمّا موسيقى الكلام في اللغة المستخدمة في القصة فلها شأن هام. يستخدم الراوي الجناس والقافية والتكرار بكثرة. فموسيقى الكلام مثل الموسيقى التي نسمعها تؤثر على الطفل عاطفيًا وتساعده على تذكر ما يحدث في القصة ،وتعلم الكلمات وتطور نموه اللغوي. فلننظر إلى هذه الجملة مثلا: "مشى ومشى، وسرعان ما شعر بالتعب والعناء، جلس تحت الشجرة ليرتاح". نرى في هذه الجملة أن صوت الحرف "ش" يتكرر أربع مرات، وصوت الحرف "س" مرتين، وصوت حرف "ع" ثلاث مرات. والقصة تزخر بأمثلة شبيهة. فالموسيقى في لغة قصص الأطفال تزيد من اهتمامهم وقدرتهم على تعلم اللغة، كما أنها توفر لهم طريقة تعلم تتسم بالترفيه.
تجري الأحداث في معظمها في الغابة. والغابة في الأدب لها رموز عدة منها مثلا البدائية والبعد عن الحضارة والتمدن والعزلة والغريزة الجامحة وغيرها من الرموز. فلا عجب إذن أن يؤذي الذئب كنغور أو يعتدي الأسد عليه يحاول افتراسه. فالغابة ليست مكانا آمنا. من ناحية أخرى، يمكن أن ترمز الغابة في القصة إلى أماكن مختلفة مثل المدرسة التي قد يتعرض فيها الطفل للتنمر، كما يتعرض كنغور للتنمر من قبل الأسد والذئب والزرافة، ويمكن للغابة أيضًا أن ترمز إلى البيت الذي يتعرض فيه الطفل للأذى من قبل أفراد عائلته، الذين يمثلون الأسد والذئب والزرافة، وإذا أردنا أن نتعمق أكثر يمكننا القول أن الغابة ترمز إلى النظام الرأسمالي الذي يأكل فيه الغني الفقير، وغيرها من الرموز التي قد تضفي على القصة معان مختلفة.
عادة لا يظهر الروائي مباشرة في القصة (إلا إذا كان يتحدث عن نفسه) لكنه يفوّض شخصًا آخر كي يروي ما يحدث، وقد يكون الراوي أحد شخصيات القصة أو الرواية، ويقدّم لنا الأحداث من وجهة نظره. لا نعلم شخصية الراوي في قصة "لا تغضب يا غنغور" لكن من الواضح أنه راوٍ عليم، يعلم بكل ما يحدث، ويعرف الشخصيات جيدًا، ويعلم متى تبدأ القصة ومتى تنتهي! لكن السؤال من يروي آخر فقرة في القصة؟ هل هي فقرة يقولها كنغور لنفسه؟ أم أن الراوي يتكلم مع كنغور مباشرة؟ وهل هي نصيحة مباشرة يقدمها الراوي؟
وأخيرًا السؤال الذي ينبغي أن نطرحه هو ما موقف كنغور من كل ما يحدث؟ هو طفل ضعيف يتخذ موقفا سلبيا مما يحدث ويفتقد إلى الشجاعة وقوة الشخصية للمجابهة. وما موقف أمه؟ وكذلك الأم ضعيفة سلبية تفضل الانسحاب على المجابهة، وتفشل في تهيئة ولدها كنغور للعيش في عالم صعب غير مثالي، يسود فيه مبدأ البقاء للأقوى ومن يعرف الدفاع عن نفسه.



#سامي_قرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورونا والحياة
- ليس بالقوة يحيا الإنسان
- الأدب في الكتاب المقدس
- الفلسطينيون والهوية
- كرنفال المدينة رواية ضاعت فيها الحبكة
- سفر مريم والعودة إلى المستقبل
- الدجاجة المذعورة وأدب الطفال
- سامي قرّة يحاضر في اليوم السابع حول نظرية الأدب
- الولد المشاغب والأم الجاهلة والأب الغول
- العلاج بالقراءة
- ولادة الرواية البوليسية في الأدب الفلسطيني
- رواية شبابيك زينب والوطن المفقود
- قضية امرأة خلف القضبان
- من سأكون؟ من سأكون؟
- أشواك البراري-رحلة مع الذات
- أشواك البراري:رحلة مع الذات
- علي رجل المبادئ والنضال
- نسيم الشوق: أحبها لكنها من دين مختلف
- البحث عن فدوى
- ماذا نتعلم من طلال بن أديبة؟


المزيد.....




- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...
- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي قرة - قصة لا تغضب يا كنغور والتميّز