أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد محمد الزنتاني - ليبيا .. ماذا بعد!















المزيد.....

ليبيا .. ماذا بعد!


خالد محمد الزنتاني
كاتب

(Khaled M. Zentani)


الحوار المتمدن-العدد: 7001 - 2021 / 8 / 27 - 01:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يجانب الصواب كل من يعتقد أن تأسيس ليبيا الحديثة (المملكة ومابعدها) بكامل دستورها ومؤسساتها السيادية ومرافقها وإداراتها من الألف إلى الياء كان إنجازا خالصا أو فكرة أو رغبة لطبقة من الخبراء الوطنيين أو نتيجة لإرادة شعبية فاعلة، وهذا ليس تجني على التاريخ بقدر ما هو قراءة موضوعية للأحداث وللسياق التاريخي.
فناهيك أن أغلب الدول العربية ومن بينها ليبيا كانت تعاني من بُنى إجتماعية وسياسية متهالكة وترزح تحت حالة من الجهل والفقر لا تسمح لها بتأسيس أي كيان ناهيك عن إقامة دولة بكل ما في الكلمة من معنى إضافة إلى أن الدول المنتصرة في الحرب العالمية قد اتفقت على تقسيم مناطق النفوذ فيما بينها وبدأت بالتفكير فعليا في الرجوع إليها تحت ذرائع جديدة غير أن وقوع حكوماتها تحت ضغط الإحتجاجات الشعبية على تردي الأوضاع المعيشية في فترة مابعد الحرب العظمى أجبرها على البحث عن مصادر دخل وأسواق جديدة لمنتجاتها للتخفيف من وطئة الظروف الإقتصادية التي تعانيها، وبعد نقاشات حادة ومعارك طاحنة جرت بين القوى السياسية المختلفة في البرلمان البريطاني حول جدوى إرتفاع النفقات العسكرية وضرورة توجيهها نحو التنمية والبناء إنتصر الجناح المؤيد لخفض الإنفاق العسكري ونتج عنه قرار إغلاق القواعد العسكرية حول العالم وتقليص عدد الجيوش وهو ما بدأ تنفيذه منتصف الستينيات وفق خطة زمنية محددة بدأت مع دول شرق آسيا (ماليزيا – سنغافورة) ثم مالبثت أن انتقلت الخطة فيما بعد إلى بلداننا العربية حيث استفادت منها فيما بعد النظم الإستبدادية الناشئة في الدعاية السياسية وتجييرها لصالحها على أنها إنتصارات بطولية لمعارك الإستقلال التي خاضتها مع قوى الإستعمار وتسويقها للرأي العام المحلي على أنها "عمليات إجلاء رغم أنف المحتل البغيض!" فرقصت عليها جماهيرنا العزيزة أربعة عقود بالتمام والكمال مع أنها كانت نتاج قرارات صادرة عن تغيير في الإستراتيجية وجدالات سياسية محضة خاضتها القوى الفاعلة في الكواليس الأوروبية لمدة تزيد عن عشرسنوات إستبدلت فيها الوسائل المُكلفة بوسائل أكثر فائدة وأقل خسائر، ولولا تشويش الدعاية اليومية الموجهة إلى ذهن المواطن العربي ووقوعه تحت تأثير عمليات غسيل المخ الممنهجة لسنوات طوال، لسأل المواطن نفسه في لحظة هدوء وصفاء : كيف لمحتل قوي يمتلك كل هذه الإختراعات وهذه الأسلحة الفتاكة والقنابل النووية والبوارج والطائرات والأساطيل البحرية المتطورة كيف له أن يوافق على الخروج ذليلا منكسرا كما تقول الرواية العربية "صاغرا يجر أذيال الخيبة والهزيمة" بفعل أوامر مجموعات إنقلابية صغيرة "لم تكن تحسن حتى وضع جدول أعمال لإجتماعاتها!" كما جاء في شهادة فتحي الديب مبعوث جمال عبدالناصر إلى ليبيا وهو يصف إجتماعات مجلس قيادة الثورة في أول أيامه في كتابه "حكايتي مع ثورة ليبيا"؟!
ومع هذه التحولات الدولية المتلاحقة أصبح لا مفر أمام دول الإستعمار القديم من تغيير سياساتها للعودة إلى مصادر الثروات والإحتفاظ بوجود إقتصادي بدل الوجود العسكري ونشر الشركات متعددة الجنسية بدل الجيوش، والهيمنة بالدخول إلى هذه البلدان من باب الإقتصاد وهنا بدأ البحث عن تشكيل سلطات سياسية في هذه الدول ومساعدتها كلُ حسب أوضاعها ومراعاة ظروفها التاريخية والإجتماعية والجغرافية مثل (السعودية - مصر – العراق – سوريا – الأردن – السودان – الجزائر - لبنان) وبناء سلطات وكيانات لدول من الصفر مثل (ليبيا – الكويت - الإمارات – قطر – البحرين – عمان - اليمن – موريتانيا) والإستمرار في تهيئة الظروف لوضع تلك البلدان فيما بعد في حالة تبعية كاملة.
إن من يتحدثون عن الإعتماد على الخبرات الوطنية في بناء الدولة الوطنية في هذه المرحلة التي تسيطر فيها الفوضى والإنفلات الأمني على كل شيء هم أشبه بمن يسلم جسده إلى مبضع جراح حديث التخرج ولا يملك أي خبرة ويعتمد فقط على الصدفة ويتمسك بنسبة نجاح لا تتجاوز 1% ويتجاهل 99% من الفشل المؤكد.
إن الواقع أمامنا يفرض علينا من منطلق المسؤولية التاريخية وعدم التفريط في مقدرات الأجيال القادمة إختيار الرأي القاضي بالإعتماد الكلي غير المشروط على الخبرات الدولية في الفترة الحالية لإستعادة إصلاح ما إقترفته الأيادي الوطنية بقواعد النظام والقانون الذي وضعت أساساته إدارات الإحتلال الأجنبي خلال فترة الوصايا، وحتى نأمن عبث هذه العقليات بما تبقى من مؤسسات متهالكة كان يجب تأجيل مشاركة العنصر الوطني في أي قرار لعمليات بناء أو تحديث إلى حين ظهور ملامح الدولة المرتقبة وأستقرارها.
حين أتكلم عن بلدي المتفسخ ليبيا فأنا أتحدث عن بلد خرج عن النسق العام للنظم الإدارية والإقتصادية المعروفة في الدول منذ أكثر من نصف قرن وخلال هذه المدة تعرض العقل الليبي إلى عمليات تجريف قاسية ومتعددة أطلق عليها زورا عمليات "تغيير ثوري" طالت كل الأدوات الفكرية والاخلاقية وقلبت فيها المفاهيم وتم فيها التضحية بالنظام والقانون ومصير أجيال كاملة من أجل بقاء السلطة في يد نخبة صغيرة من الطامحين الغر أجلوا المفيد الساهل واستبدلوه بالمستحيل الحالم فكانت النتيجة فشل مشاريع التنمية وتفجر حروب أهلية وصراعات وتركوا ورائهم شعوب منهكة خائرة لاتملك خطة خروج وليس لها أي مستقبل سرعان ما سقطت سقوط مدوي وحولت البلاد إلى بؤر إجرامية ومقرات لعصابات تهريب البشر والوقود في أول مواجهة حيقيقية مع الواقع.
لقد قاسى الضمير الليبي أبشع أنواع القهر والتعذيب النفسي حين أُجبر على العيش مع الأكاذيب والإفتراءات والعبث بالتاريخ لمجرد إرضاء حفنة من لصوص السلطة ومحترفي النصب والفشلة.
40 عام من الوعي الزائف أصابت العقل الجمعي الليبي في مقتل لحقتها 10 سنوات من الإجرام والتمرد والنهب والبلطجة خلفت أجيال مشوهة كانت من الممكن أن تصبح رافد حقيقي للنهوض في مثل هذه الظروف العصيبة الراهنة لو تمت عنايتها ورعايتها وإستثمارها بالشكل المطلوب.
إن حالة التصحر المعرفي التي تستبد بالواجهة السياسية الليبية لا تكاد تخفى على أحد ويراها المراقب الخارجي بوضوح تام، ولو قُيض لمن حملوا الملف الليبي من موظفي البعثات الدولية في العشر سنوات الأخيرة وصفها، بعيدا عن المجاملة والدبلوماسية، لسمعنا جملا تمتليء بعبارات السخرية والإستهزاء عن حالة الطفولة السياسية والغباء والمراهقة وضيق الأفق والفساد التي تغرق فيها الطبقة السياسية الحالية وسينتابك شعور من الإحباط كالذي عبر عنه المبعوث الإسباني ليون ذات مرة حين قال : كلما إلتقيت بسياسي ليبي وتناقشنا حول الأزمة الليبية .. كان لا يهتم إلا أين يكون موقعه في أي سلطة قادمة؟!". على أن حالة الإنسداد الحادة التي تمر بها ليبيا بسبب هذا الأنهيار لا يمكن تجاوزها إلا إذا وصلنا إلى مرحلة إعتراف بملأ الإرادة بالقصور والإفتقار إلى النضوج تعقبها عملية إعتذار كاملة لأبناء الشعب عن الأخطاء الفادحة التي تم إرتكابها عمدا بحقه وبحق أبنائهم وثم البحث عن خوض غمار تجربة إنسانية جديدة تحت رعاية دولية كما فعل من نسميهم "الأباء المؤسسين" ولو شئنا الدقة في حقيقة الأمر لتواضعنا أكثر وسميناهم "أباء مُشرفين" كانوا أمناء وأوصياء ابتعدوا عن الأنانية وأشرفوا على بناء دولة وليدة من القاع.



#خالد_محمد_الزنتاني (هاشتاغ)       Khaled_M._Zentani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كابول - كليك ثاني لقطة
- عودة الطالبان بعد 20 عام هل هي عودة إلى المربع الاول


المزيد.....




- -لم أستطع حمايتها-: أب يبكي طفلته التي ماتت خلال المحاولة ال ...
- على وقع قمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين بالجامعات.. النواب ال ...
- الصين تتيح للمستخدمين إمكانية للوصول السحابي إلى كمبيوتر كمي ...
- -الخامس من نوعه-.. التلسكوب الفضائي الروسي يكمل مسحا آخر للس ...
- الجيش الروسي يستخدم منظومات جديدة تحسّن عمل الدرونات
- Honor تعلن عن هاتف مميز لهواة التصوير
- الأمن الروسي يعتقل أحد سكان بريموريه بعد الاشتباه بضلوعه بال ...
- ??مباشر: الولايات المتحدة تكمل 50 في المائة من بناء الرصيف ا ...
- عشرات النواب الديمقراطيين يضغطون على بايدن لمنع إسرائيل من ا ...
- أوامر بفض اعتصام جامعة كاليفورنيا المؤيد لفلسطين ورقعة الحرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد محمد الزنتاني - ليبيا .. ماذا بعد!