أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالجبار الرفاعي - محمد رضا حكيمي وإعادة إنتاج الأخبارية














المزيد.....

محمد رضا حكيمي وإعادة إنتاج الأخبارية


عبدالجبار الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6998 - 2021 / 8 / 24 - 21:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رحل يوم الاثنين 23-8-2021 عن عالمنا إلى الدار الآخرة صديقنا الشيخ محمد رضا حكيمي صاحب كتاب الحياة. عاش حكيمي ناسكًا متبتلًا أخلاقيًا عفيفًا مهذبًا، زاهدًا بكلّ ما لكلمة الزهد من معنى، لم يمتلك دارًا، ولا سيارةً، ولا هاتفًا شخصيًا، عاش كما يعيش الفقراء، فأصبح أسوةً لمريدين من صفوة الناس.كان يستغني بحياة الكفاف، لم يكترث بمال، على الرغم من أنه غزير التأليف، وكان بوسعه أن يستثمر حقوق مؤلفاته للعيش بطريقة مترفة.
عُرِف حكيمي بأمانته وصدقه ونزاهته، وترفّعه عن العناوين والألقاب، وشجاعته في قول كلمة الحق بصراحة، وذلك ما شجّع المرحوم د. علي شريعتي أن يضع ثقته فيه، ويستأمنه وصيًا فكريًا، خصّه شريعتي بوصيته بعد وفاته، لفرط ثقته بعلمه وبصيرته ومصداقيته،كتب له في الوصية أن يدقّق أعماله من الهفوات والأخطاء. يفكران معا في الاشتراكية ويدعوان لإلغاء الطبقات. تتناغم أعمال شريعتي وكتابات محمد رضا حكيمي في ذلك، وتشترك آثارهما في شحّة الحديث عن الحرية والديمقراطية والتعددية.
نشر الصديق الأستاذ محمد اسفندياري وصية شريعتي لحكيمي. اسفندياري معروف بصلته الحميمة بالمرحوم حكيمي، فأعطاه الوصية لينشرها بعد نحو عقدين تقريبًا على وفاة المرحوم شريعتي.
أمضى حكيمي سنوات طويلة في حوزة مشهد، وحضر البحث الخارج كما بلغني مدة لا تقلّ عن 10 سنوات. تميّز حكيمي بإبداعه الأدبي، ولغته المكتنزة، فكان ممن أغنوا النثر الفارسي الحديث.
‏حكيمي رحمه الله ينتمي إلى #المدرسة_الأخبارية_الشيعية، لكنه اعطاها اسمًا جديدًا هو "المدرسة التفكيكية"، هذه التسمية ملتبسة، فهي تسمية جديدة بمضمون قديم. حاول إعادة إنتاج الأخبارية عند الشيعة بهذه التسمية البديلة الغائمة. صار موقف حكيمي أقرب إلى التلفيق، لأنه يعلن عن كل أسس ورؤية الأخبارية المناهضة للعقل وللإجتهاد في كتابته وودعوده، إلا انه يعود في مواضع أخرى عندما يتعرض للنقد، فيشدد على أنه يتمسك بالعقل ولا يستبعده. لم تكتسب محاولته الوضوح النظري لمؤسس الأخبارية محمد أمين الأسترآبادي (ت 1023 هـ) صاحب الفوائد المدنية، الذي رسم خارطة واضحة للاعتماد على الأخبار دون سواها، اتخذت موقفًا صارمًا من العقل الأصولي.
الأخبارية الحديثة ظهرت في حوزة خراسان بمشهد في القرن الرابع عشر الهجري، وكانت تدعو للفصل الجذري أو "التفكيك" حسب مصطلح حكيمي، بين معارف الوحي والمعارف والعلوم البشرية، وكان في طليعة هذه الجماعة موسى زرآبادي قزويني (1294 – 1353 هـ)، وميرزا مهدي أصفهاني ( 1303 – 1365 هـ )، ومجتبى قزويني (1318 – 1386 هـ). محمد رضا حكيمي حاول أن يصوغ الركائز الأساسية لهذه الرؤية ويرسم خارطة أفكارها ومفاهيمها في كتابه "المدرسة التفكيكية".
"التفكيك" دعوة نظرية لم أجدها تنعكس بوضوح في كتابات حكيمي، لأن القطع الجذري الذي يبشّر به لم يتمكن هو من تحقيقه ولا غيره. حكيمي ومن قبله أساتذة يفترضون عملية التفكير عملية حسابية ميكانيكية كمية، يستطيع الإنسان فيها أن يتخذ قرارًا يفرضه على عقله لحجب المنطق الأرسطي والفلسفة وعلم الكلام وأصول الفقه وكلّ معارف التراث التي تشبع وعيه ولاوعيه فيها في دراسته الحوزوية، ويصغي عقله لحديث أهل البيت "ع" بلا أية مؤثرات من تربيته وتكوينه التعليمي وبيئته وثقافته ومختلف الظروف والمتغيرات المتنوعة في مجتمعه الذي يعيش فيه. التفكير عملية ديناميكية لا ميكانيكية، تتوالد من عناصر واعية تشمل مختلف العناصر المشار إليها وغيرها، بموازاة عناصر لاواعية تنبع من البنى اللاشعورية الراسخة في أعماقه.
هناك تقارب بين رؤية حكيمي و "إسلامية المعرفة" لدى المعهد العالمي للفكر الإسلامي وأمثالها،كلاهما أراد أن يُصادر العقل ومكاسب العلوم والمعارف والخبرة البشرية.كلاهما خذلهما الواقع الذي يستبعد كلَّ رؤية لاواقعية عن الحضور فيه.كلاهما استبعدهما التاريخ من أن يكونا عاملًا فاعلًا في حركته، وتحولات الوعي والفكر والمجتمع في صيرورته.
لبثت دعوة #محمد_رضا_حكيمي أُمنية أخفقت حتى كتاباته في تمثّلها. عندما نقرأ هذه الكتابات نراها لم تتخلص من تأثره اللافت بالاشتراكية، وتغلغل الفهم والتفسير الطبقي للمجتمع المعروف في الكتابات الماركسية في آثاره، كما في أعمال شريعتي.كان حكيمي انتقائيًا في تعامله مع معارف الوحي، ينتقي ما يدعم موقفه منها ويدع غيره. لم يتردّد حكيمي في توظيف المنطق الأرسطي اليوناني وميراث المعقول في التدليل على موقفه وتبريره من حيث لا يشعر. أراد أن يغادر التراث اليوناني فغرق فيه،وكان يريد أن يصغي للأخبار والأحاديث الشريفة بمعزل عن كلّ خلفية لديه سابقة، لكن فهمه عقله خذله عندما اعتمد على أسس التفسير الطبقي، وظلّت أحلامه الرومانسية بمجتع لا طبقي يتنكر لها الواقع. لم يمنع الاختلاف مركز دراسات فلسفة الدين من ترجمة كتابه "المدرسة التفكيكية"، ونشره للمرة الأولى للقارئ العربي سنة 2000، وكتابة مقدمة للطبعة العربية شرحتُ فيها رؤيته ما أمكنني بحياد، ثم ألحقتُه بنشر كتابين له.
‏مهما اختلفت فكريًا مع حكيمي، إلا انه يفرض احترامه عليك، لا يمكن لأيّ إنسان أخلاقي إلا أن يحتفي بنسك ونزاهة وطهارة وشجاعة محمد رضا حكيمي في قول الحق، وزهده الذي يبهر أي إنسان لم يمت في داخله الإنسان. كان مهذبًا يتسم بذوق رفيع، لم يُفسِد الاختلاف في الرؤية صداقتنا،كان يتكرّم رحمه الله بزيارتي إلى بيتي، على الرغم من أنه قليل التنقل والأسفار.
رحم الله مُعلِّم الأخلاق الشيخ محمد رضا حكيمي، وأسعده الله في الآخرة كما أسعده بسكينة الروح وطمأنية القلب في الدنيا. "إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ"، ق، 37.



#عبدالجبار_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هناك حاجة للكراهية؟!
- كتاب الدين والكرامة الإنسانية
- الفردانية المطلقة وسوء فهم مفهوم الفرد
- المصيرُ المشترك يفرض قيمًا واحدة
- الإنسانُ كائنٌ غريبٌ في العالَم
- علم كلام جديد أو علم كلام معاصر
- في معاشرةِ الناسِ نحتاجُ القلبَ أكثر من العقل
- الحُبُّ بوصفه عطاءً
- الدينُ كائنٌ حيٌّ يطلبُ ما يمدُّه بالحياة
- القلب هو الطريق
- الجهلُ بالطبيعة الإنسانية و#أخطاءُ_التربية
- الإيمانُ يتكلّمُ لغةً واحدة
- الطبيعةُ الإنسانيةُ ملتقى الأضدادِ
- مقدمة في علم الكلام الجديد
- الدكتور عبد الجبار الرفاعي يفوز بجائزة البطريركية الكلدانية ...
- أثر رؤية المفسِّر للعالَم في التفسير
- #علي_شريعتي وعلي الوردي
- #عليُ_الوردي مثقّفٌ نقدي
- #علي_الوردي_ناقدًا_لأفكاره
- سلطة الفصاحة والنحو: إضافات وتوضيحات على المقالة السابقة


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالجبار الرفاعي - محمد رضا حكيمي وإعادة إنتاج الأخبارية