أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محسن أبو رمضان - المجتمع الفلسطيني بين انتفاضتين















المزيد.....

المجتمع الفلسطيني بين انتفاضتين


محسن أبو رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 1644 - 2006 / 8 / 16 - 07:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


شكلت الانتفاضة الشعبية الكبرى 88 – 93 تحولاً نوعياً في مجرى مسيرة النضال الفلسطيني من حيث المشاركة الواسعة لكافة الفئات الاجتماعية والقوى السياسية ، ومن حيث بعدها الديمقراطي الذي عكس إرادة الشعب الفلسطيني بالحرية والتخلص من الاحتلال ، ومن حيث الالتفاف حول قيادة سياسية موحدة ضمت كافة القوى والفاعليات ببرنامجها السياسي المستند إلى برنامج منظمة التحرير الفلسطينية والذي ترسخ في إعلان وثيقة الاستقلال عام 88 ، والتي عبرت عن أهداف الشعب الفلسطيني واستطاعت اختراق الحصار الدولي وبالمقابل فرضته ضد الاحتلال الذي برز بوصفه قامع لحرية شعبنا الأعزل يمارس الاستعمار العسكري المباشر أمام شعب يرفضه ويرنو إلى الحرية وتحقيق حقه في تقرير المصير .
ورغم بداية بروز حركة حماس كحركة سياسية كفاحية ضد الاحتلال إلا أن التنسيق كان قائماً بين كل من قوى منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس ، تعزز في مسيرة النضال المشترك وخاصة بالمعتقلات التي ضمت مئات النشطاء وفرضت بالتالي ضرورة التكاتف والتلاحم في مواجهة الخصم الاحتلالي .
لقد كانت الانتفاضة الكبرى إفرازا طبيعياً لتراكم الفعل الشعبي النضالي في الأراضي المحتلة من خلال دور الأطر الشبابية والطلابية والعمال والتجار والمثقفين والنساء والتي عكست نفسها بالعديد من الهبات والتحركات الشعبية التي عكست رفضاً للاحتلال وممارساته وخاصة مخطط الإدارة المدنية وروابط القرى وبالمقابل عكست تمسكاً بالهوية الوطنية الفلسطينية وبمنظمة التحرير الفلسطينية ،كمعبرة عن حقوق شعبنا بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كما عززته وثيقة الاستقلال .
وعليه واستناداً إلى الإرادة الجماهيرية الجماعية الواسعة الرامية لرفض الأوامر والإجراءات الاحتلالية شرعت القوى السياسية في حينه بتشكيل لجان الأحياء ولجان التضامن والتآزر بهدف تعزيز الصمود الوطني للفئات الاجتماعية الفقيرة وللحالات التي تعرضت إلى بطش إجراءات الاحتلال سواء عبر استشهاد أفرادها ومعيلها أو اعتقالهم أو جرحهم أو إبعاد بعض منهم .
وسادت في حينه قيم التضامن والتآزر والتكافل وضعفت روح الفئوية الفصائلية والحزبية لصالح العمل الوطني المشترك ، وظهر المجتمع الفلسطيني كلوحة منسجمة ومتناغمة من الفعل القائم على الصمود في إطار وحدة نسيج المجتمع وتراص بنيانه وفي مواجهة إجراءات وممارسات الاحتلال التي كانت ترمي إلى كسر إرادة الصمود الوطني في حينه .
ورغم استقالة الشرطة إلا أن معدل الجريمة والاعتداء على الحق العام بقى محدوداً وكاد يكون معدوماً إلى حد كبير حيث استطاعت القوى السياسية والاجتماعية من ابتداع الآليات والوسائل القادرة على ملئ الفراغ القانوني عن طريق لجان الحراسة الليلية إضافة إلى لجان التصالح الوطني وكذلك عبر آليات التعليم الشعبي في مواجهة سياسة إغلاق الجامعات والمؤسسات التعليمية ، كما برزت اللجان التي كانت تقوم بتوزيع المواد الطبية والغذائية في مواجهة سياسة الإفقار الممنهجة الممارسة بحق أبناء شعبنا وخاصة الذين يتعرضون معيليهم للاعتقال او الاستشهاد .
ورغم الثغرات والسلبيات التي ظهرت في منتصف ونهاية الانتفاضة الكبرى إلا ان طابعها العام بقى إيجابياً عكس فعلاً شعبياً مقاوماً قائماً على المشاركة و محدد الأهداف الوطنية ضمن رؤية سياسة مشتركة وواضحة تضم معظم القوى الفاعلة والمؤثرة ، إلا أن الحالة لم تكن كذلك بالانتفاضة الثانية التي اندلعت في 28/9/2000 على أثر زيارة شارون للحرم القدسي الشريف وعلى اثر القرار الإسرائيلي بعقاب الشعب والقيادة الفلسطينية بسبب رفض المقترحات الإسرائيلية في كامب ديفيد .
حيث جاءت الانتفاضة الثانية ومجتمعنا ليس في أحسن أحواله من حيث ضعف الوحدة الوطنية وبهتان دور المؤسسة السياسية والإدارية الفلسطينية من حيث بروز ظاهرة الفساد وهدر المال العام وتهميش القضاء وضعف سلطة سيادة القانون ،واختلاف الأجندات والرؤى السياسية لدى الفصائل وخاصة بين حركتي فتح وحماس إضافة إلى ضعف قوى التيار الديمقراطي الذي بقى مفتتاً ومشرذماً وضعيف التأثير ، وغياب قيادة وطنية موحدة توحد الرؤيا والأهداف والأدوات بفعل موحد قادر على مقاومة ممارسات الاحتلال وخاصة السياسية منها والانتقال للفعل المبادر القادر على تحقيق الأهداف الوطنية .
كما جاءت الانتفاضة الثانية في ظل التنافس على السلطة خاصة بعد أن ضعفت إداريا ومؤسسياً خاصة بعد وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات ، الذي أضعفته التدخلات الدولية مرة تحت شعار الإصلاح واستحداث منصب بصلاحيات لرئيس الوزراء ومرة أخرى بأنه غير ذي صلة ومرة ثالثة باتهامه برعاية الإرهاب ....إلخ ، هذا الضعف تزامن مع زيادة نفوذ وشعبية حركة حماس بفعل التضحيات التي قدمتها وكذلك شبكة علاقاتها الواسعة التي بنتها بين أوساط الناس وخاصة الفقراء والمتضررين حيث استطاع هؤلاء الناس من مكافئة الحركة بالانتخابات التشريعية التي تمت في 25/1/2006 والتي حصلت بموجبها حركة حماس على الأغلبية البرلمانية ، وبالمقابل معاقبة الحزب السياسي الذي كان سائداً كما لم تبرز نتائج الانتخابات أية نتيجة ايجابية للقوى والقوائم الانتخابية الأخرى.
إن التنافس على السلطة ( الحكم ) وبروز الروح الفصائلية وغياب القيادة الوطنية الموحدة وتعدد الأجندات السياسية وخاصة بين حركتي فتح وحماس تزامن مع ضعف بنيان السلطة الوزاري والمؤسساتي والقانوني وقد أدى ذلك إلى إفراز ظواهر أبعدت مجتمعنا عن أهدافه في بناء المجتمع المدني الديمقراطي ، حيث تعززت القبلية والعشائرية وآليات أخذ القانون باليد وثقافة القوة وازدادت معدلات الاعتداء على الحق العام والتطاول على القانون وغابت آليات التضامن والتكافل والوحدة في ظل الزبائنية والفئوية وثقافة الاغاثة والكبونة والتي تعززت ضمن علاقات الاستثمار السياسي لهذه القوة او تلك وليس على قاعدة أحقية المواطن بالاستفادة بوصفه متضرراً أساساً رغم الدور الايجابي الذي قامت به لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية وخاصة في مجال الحد من حالة الاحتكاك الفصائلي ومنع انفجار الساحة الفلسطينية بين القوى السياسية إلا أنه لم ترتق أي لجنة المتابعة إلى صيغة قادرة على استنهاض الحالة وذلك عبر الاتفاق على برنامج وطني مشترك بينهما ينهى تعددية الأجندات السياسية ويشكل عنواناً موحداً لمسيرة الكفاح الوطني وبصورة مشتركة ، هذا رغم المحاولات الجادة التي بذلت بهذا الخصوص وعلى وجه التحديد ما تم من محاولات وحدوية عبر عنها بوثيقتي آذار 2003 في غزة وآب 2004 في رام الله .
وعليه فقد ضعفت مفاهيم المواطنة المتساوية والمتكافئة على قاعدة أن الجميع أمام القانون سواء كما ضعفت قيم التضامن والتكافل كما ترسخت الروح الفئوية وتقلصت درجة التسامح بين الأفراد والمواطنين على قاعدة الاسناد إلى توازنات القوة وليس إلى الحكمة ولغة العقل أو إلى ضرورة ضمان وحدة نسيج المجتمع وتلاحمه الوطني والاجتماعي ، خاصة أننا بحاجة إلى هذا التلاحم في مواجهة سياسة الاحتلال التي ترمي في أحد أبعادها إلى تقويض هذه الوحدة وترابطها وزج شعبنا وقواه السياسية في أتون صراعات داخلية لاستنزافه وإضعافه.
إن الاحتكاكات سواءً العائلية أو بين القوى وإعمال الاعتداء على الحق العام مثل أراض الدولة وغيرها وتعزيز ثقافة القوة والاستزلام وضعف قيم المواطنة ومنطق التسامح كان من الطبيعي ان يكون نتيجة طبيعية لضعف وحدة القوى والفاعليات الوطنية والإسلامية عبر غياب القيادة الوطنية الموحدة أو الرؤية والبرنامج السياسي الجامع ، وكان نتيجة طبيعية أيضاً بسبب بهتان وضعف بنية السلطة وخاصة البنية القانونية والقضائية بها إضافة إلى انتشار روح الزبائنية والفئوية على حساب مصلحة المواطن وحقوقه رغم أن الأخير اي المواطن يجب أن يكون محور الاهتمام بوصفه مركز التنمية والبناء والصمود الرئيسي في الوطن حيث أن الإنسان أغلى ما نملك وبه تستطيع أن نحقق الصمود وآليات البناء وكذلك استكمال أهداف شعبنا بالتحرر الوطني والبناء الاجتماعي .
إن ما تقدم لا يلغى الايجابيات العديدة التي تحققت أثناء الانتفاضة الثانية وأهمها رفض شعبنا للإملاءات وللحلول المنقوصة التي تقوض أهدافه الوطنية وكذلك استعداده العالي للتضحية وبقاؤه صامداً بالوطن رغم آلة القمع والبطش التي لم تنجح في كسر إرادة صموده وبقاءه واستمراريته بالمطالبة بتحقيق أهدافه الوطنية وخاصة أهدافه بالحرية والاستقلال .
إلا ان الملاحظات التقيمية النقدية التي عرضت عبر استعراض بعض المظاهر والتي تمت مقارنتها بغياب أو بضعف هذه المظاهر بالانتفاضة الكبرى الأولى ، يشير إلى ضرورة القيام بمراجعة تقيمية ونقدية بهدف وقف حالة الاستنزاف الداخلي ولعل الشروع في تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدتها وإحياء منظمة التحرير الفلسطينية بصيغة قائمة على المشاركة والديمقراطية لعل تلك الخطوات تعتبر ضرورية وهامة باتجاه استعادة العمل السياسي والاجتماعي المبادر الذي يعيد لحمة ونسيج المجتمع على أسس مشتركة وضمن رسالة وأهداف ورؤية جامعة وعلى قاعدة السعي لبناء مجتمع مدني ديمقراطي يحترم التعددية ويصون كرامة المواطن .



#محسن_أبو_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن التنمية وضرورات العودة إلى الجذور


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محسن أبو رمضان - المجتمع الفلسطيني بين انتفاضتين