أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عائشة اليمني - التحليل التأويلي لظاهرة التباس -كل- في اللغة العربية















المزيد.....



التحليل التأويلي لظاهرة التباس -كل- في اللغة العربية


عائشة اليمني

الحوار المتمدن-العدد: 1640 - 2006 / 8 / 12 - 01:05
المحور: الادب والفن
    


يعد مشكل التباس الأسوار الكلية من القضايا الجوهرية التي تطرحها ظاهرة التسوير بشكل عام. وفي هذا الإطار، ومن أجل تسليط الضوء على هذا الإشكال، افترضت بعض الأعمال اللسانية كورماك وكمبسن(1981)، أن التباس المتواليات ذات الأسوار المتعددة قد يفرز عدة قراءات تأويلية وذلك في ضوء المنطق الرياضي وموازاة مع ذلك، ذهبت بعض الأعمال الأخرى إلى القول بعدم التباس مثل هذه الجمل باعتبارها تأخذ فقط التأويل الدلالي الضعيف انطلاقا من التأويلين الأساسيين وفـــي نفس الاتجاه نفى فركيل (1996Verkuyl(، التباس المركبات الاسمية بين سمتي الموازعة والمجامعة . وفي ضوء هذا الاختلاف تعددت الروائز المميزة بين سمتي الموازعة(distributivity) والمجامعة collectivity))، فهناك من اتجه إلى المستوى الصرافي دافييد جيل David Gil (1995-1996)حيث ميز بين سور موازع موسوم وسور مجامع غير موسوم؛ في حين اتجه بعض اللسانين إلى المستوى المعجمي وينتر وعون (2001Winter(,Aone(1991).[1]ومقابل ذلك استند الفاسي الفهري(1999)، إلى المستوى التركيبي كمستوى كفيل بالتمييز بين التأويلين . ولمعالجة هذا الإشكال سأحاول تسليط الضوء على بعض الجهود المبذولة في هذا الصدد. والمرتكزة على مفهوم التفريـد كخاصية للتعريف مع النظر بدقة في علاقة السور بخصائص التعدد الدلالي(plurality)، وذلك من خلال تفاعلهما مع التعريف.



وفي مسار الكشف عن تباين التأويلين، ومن أجل تعزيز هذا التصور سنعمد إلى السياق التركيبي لتسوير اسم الكتلة، وذلك من خلال سياق مخصص بحد أو غير مخصص كرائز تمييزي لسمتي الموازعة والمجامعة. ما هي اذن أهم الخصائص المميزة لتباين التأويلين معا، وكذا الآليات التي يستند عليها لرصد هذا الاختلاف ؟



1 . التباس السور الكلي بين القراءة المجامعة والموازعة



1. 1 . التأويل الموازع : المكون السوري في تفاعله مع العدد



سعيا إلى فهم الإشكال المشار إليه أعلاه، كان لابد أن ننطلق، في مستهل تحليلنا من أحد المبادئ الكلية لـجيل ( Gil (1995 التي تقتضي توفر لغة ما على سور موازع اصلي( every)وكذا سور كلي بسيط ((all. فاللغة الإنجليزية مثلا توظف السور (all) للتعبير عن التأويل المجامع، والسور الأصلي (every) للتعبير عن التأويل الموازع، بينما تعبر اللغة الفرنسية عن المجامعة ب ( tout- tous)، وعن الموازعة ب chaque)). ونفس الشيء يصح بالنسبة للغة الإسبانية التي توظف todo)) في تأويل المجامعة، و"cada" في تأويل الموازعة، إلى غير ذلك من اللغات التي تتميز بنفس الخاصية كالجر مانية والتركية. ومقابل ذلك، نجد أن اللغة العربية تفتقد إلى خاصية التمييز المعجمي بين سمتي المجامعة والموازعة، باعتبار أن الخصائص الملازمة أو المعجمية للمكون السوري"كل" لا تحمل في جوهرها هذه السمات. لذلك سنفترض، استنادا إلى الفاسي الفهري (1999)، أن البنية التركيبية ل" كل" مختلفة وذلك بالنظر لدخول "كل " على مركب حدي مخصص أو غير مخصص. وكنتيجة لذلك، تتحد طبيعة القراءة وهي ما يصطلح عليه المناطقة "القراءة المخصوصة بالتسوير" . فتباين التأويلين الموازع والمجامع مرده إلى كيفية إحالة المركب السوري وذلك انطلاقا من السياق التركيبي، أي خصائص تحقق سمة التعريف التي يقترن بها المكون السوري أو عدم تحققها2.وقد مثل لذلك جحفة (1998)، بناء على ما جاء في موفينيي(1984) بالشكل التالي:

1) يسمى رأس (م س ) الكيان (س)، أما الحد (ح) فيراقب عدد (م س)3



واستنادا إلى ذلك، يحدد (م ح) إحالته باعتباره مركبا اسميا لا باعتباره اسما، وذلك في ضوء مكوناته الصرفية ( الجنس، الحد، العدد ) وهذا ما يظهر من خلال الأمثلة التالية للفاسي الفهري (1999):

2) أ ) أكل كل الرجال دجاجة

ب) أكل كل رجل دجاجة


يبدو من خلال هذه الأمثلة أن ا الاختلاف التأويلي القائم بين المثالين (2 أ- ب) مرده إلى طبيعة ما تسوره"كل" ويمكن تحديد هذا الالتباس في ضوء حيز التسوير (the scope of quantification )، فالمثال ( 2 أ ) ملتبس بين قراءة مجامعة تقتضي اشتراك (كل الرجال) في أكل دجاجة واحدة، إذ المقصود دجاجة واحدة فقط، باعتبار أن المركب السوري"كل الرجال" واقع في حيز السور الوجودي (دجاجة). وقراءة موازعة، تقتضي موقعة دجاجة في حيز المركب السوري (كل الرجال) لتفيد بذلك المعنى الوزعي أي أكل كل رجل من الرجال دجاجة. وهو نفسه تأويل المثال (2 ب) لكونه يسلط الضوء على علاقة أحادية غير متراكبة بين مكوناته، وهذا ما يجعله غير ملتبس.



يمكن أن نفترض من خلال ما سبق تبعا لـجيل (GIL (1995 أن السور (all) يتموقع بين بنيتين صرف – تركيبيتين مختلفتين (morphosyntactic). فقد يقترن برأس إسمي معدود ذي سمة حد مخصصة، أو برأس اسمي مفرد ذي وسم غير مخصص. فالمعنى الأول يفيد القراءة الجمعية التي يفرزها هذا السور، في حين تفيد البنية الصرف – التركيبية الثانية ما يسمى بالمكون الموازع الإضافي للموازعة بتعبير كيل: (The additional denotational of compnnent ofdistributivity) وهي بمثابة اثر للقراءة المجامعة وهو ما يصطلح عليه الفاسي الفهري (1999) الموازعة الغير الاستنتاجية أو الموازعة الجزئية. لنأخذ التمثيل التالي بالنسبة للغة الإنجليزية:



3 ) كل] جمع – تع [ plu- def ] [ all

كل ] مفرد - نـك [ ] every [ sng - ind

في مقابل الموازعة الاستنتاجية القوية، والتي تقترن بالسور الأصلي (every) حينما يرتبط بالنكرة المفردة نحو:

4 ) كل رجل: every man

إلا أن هذا الافتراض سنتجاوزه من منطلق أن المركب السوري النكرة لا يمكن أن يكون مفردا، تبعا لتصور الفاسي الفهري (1999). لنتأمل المعطى اللغوي التالي :

5 ) كل طفل في هذه البلدة سافر مرتين.

ويمكننا التعبير عن هذا الفكرة بالتمثيل التالي بالنسبة للغة العربية:

6 )

قراءة مجامعة

كـل } جمع - تع {

قراءة موازعة جزئية





جمـع – نك

كـل } { قراءة موازعة قوية

مفرد - نك ( + نوع )





جمع دلالي



يفترض في هذا النمط من التحليل أن المركب السوري(كل طفل ) يعبر عن عدد من الأطفال. فالمفرد يتحول إلى جمع ليخلق القراءة الموازعة، ذلك أن المفرد النكرة يتحول إلى جمع حينما يكون مقيدا بالسور. أما في حال التجرد من هذا المكون، فإننا لا نحصـــل على قراءة موازعة إذ لا يتحول المفرد في العربية إلى جمــع نقول مثــــلا ( جاء رجل ) لا تعني مجيء أكثر من رجل، وإنما تعني مجيء رجل واحد فقط، بخلاف ( كل رجل( التي تحمل في دلالتها سمة الجمع بمعنى أن هناك جماعة من الرجال. نقول في نفس السياق:

7) أ) كل جنود سمعوا بهذا سيستغربون

ب) كل جندي سمع بهذا سيستغرب4

ج ) ( قد علم كل أناس مشربهم , كلوا واشربوا من رزق الله5)
يتضح من خلال هذه الأمثلة، عدم وجود فرق بين( كل جندي) و(كل جنود), فرغم غرابة سمة الجمع إلا أنها مقبولة في حال وصفها. فالمثال ( 7 أ ) يأخذ نفس خصائص التباس النكرة (كل جنود) من منطلق تصور الفاسي الفهري (1999) أن الاسم بدون حد يدل على النوع (kind) وهذه الطبيعة النوعية تجعله جمعا دلاليا بخلاف المبدأ العام الذي دافع عنه جيل (1995) والمشار إليه في بداية التحليل الذي يستلزم اختلاف صرفية العدد باختلاف طبيعة السور؛ فالسور الكلي الأصلي (every) يرتبط بصرفية المفرد، ويرتبط السور الكلي غير التوزيعي all)) بصرفية الجمع، ومن ثمة، يتضح لنا تبعا للفاسي الفهري (1999)، انعدام الفرق بين المفرد والجمع في حال النكرة المقترنة بالمكون السوري. وهذه المسألة نجدها في الروسية، فالسور الكلي في هذه اللغة والذي يقابل(all)، في الإنجليزية يقترن باسم مفرد ذي دلالة جمعية (all day ). ونفس الخاصية تسري على اللغة الفرنسية ذلك أن الاسم يأتي في بعض الحالات عاريا بدون حد مع السور البسيط المفرد(tout) فيفرز لنا قراءة موازعة كما هو الشـأن بالنسبة للسور الكلي الموازع (chaque) نقول مثلا:

Tout livre qui se serait trouv_ l_ aurait 閠_ vendu ( 8



في حين يقابل السور الأصلي الموازع في الروسية السور الكلي(every )في الإنجليزية إذ يقترن باسم جمعي في حال ارتباطه بالعدد، حيث يشغل البنى ذات السمة الصرفية الجمعية نحو:

9 ) كل ثلاثة أيام every three days

وبذلك يكون السور الكلي للمفتاح الموازع اسما جمعا، وهذا ما يصطلح عليه بالموازعة القوية والتي يمكن أن نجدها مع التعريف والعدد الرقمي في الفرنسية:

Toutes les trois semaines ( 10



وتأويلها يقتضي توزيع الموضوعات المتعددة على حمول متعددة يتم عبرها تسوير العدد فتفرز هذه القراءة حملا غير محوري من منطلق أن الاسم يكون جزئيا في التصور المنطقي إذا تعذر حمله على أكثر من موضوع واحد. وبذلك يتماشى تأويلها والاستعمال الاستغراقي الذي يقتضي مجموعة مكونة من وحدات متفاوتة وهذا ما ينطبق على المثال(11 ب) الذي ندرجه، تبعا للفاسي الفهري (1999)، ضمن الحالات الموازعة التي تنطبق على المجامعات collections:

11 ) أ) تلقى الطالب كل العلوم المعرفية

ب)أتيناه آياتنا كلها.

يظهر من خلال هذا المعطى أن عملية تلقي العلوم لم تكن في وقت واحد وفي مكان واحد ومن لدن نفس الملقنين. فالعلوم المعرفية كموضوعات متعددة هي بمثابة مجموعة من العلوم تتفرع إلى وحدات معرفية مختلفة لا تشبع دورا محوريا بالنسبة لحمل فرد وهكذا تسقط في خرق مقياس المجامعة الذي يفيد، حسب الفاسي الفهري(1999)، أن المركب الاسمي يسند إليه دورمحوري، ومن ثمة فهي تستلزم تعددا في الحمل يتم بمقتضاها توزيع الموضوعات المتعددة على هذه الحمول حيث تقتضي هذه القراءة توزيع تعدد العلوم تبعا لتنوع عملية التلقي. وبذلك فالعلوم كموضوعات تحول معناها من التأويل الجمعي أي مجموع العلوم المتفرعة إلى تأويل زمري ( group). وهذا التأويل يقتضيه أيضا المثال(11 ب)، فالمعنى المراد من هذه الآية كما تناوله عباس حسن يقتضي أن الله لم يطلع رسوله على جميع آياته بشكل كلي، ومن ثمة فالمراد منها الكل المجامع الذي يشمل العناصر الذرية.6
والمقصود به هنا معنى موازعا إذ يحيل على كل آية بشكل فردي، ويعتبر عباس
حسن أن هذا التأويل هو المعنى الحقيقي لهذه الآية ومن ثمة فهي تأخذ قراءة موازعة

تكون بمثابة اثر للقراءة المجامعة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، قد تفيد الكل

المجموعي، أو ما يصطلح عليه في التحاليل اللسانية بالتأويل المجامع؛ أي معنى جمعيا

يحيل على مجموع الآيات في كليتها، ويحسن بنا أن نحتفظ بالتأويل الأول باعتباره

تأويلا زمريا يتولد انطلاقا من التأويل الجمعي عبر عملية تحويلية. وفي ضـوء هذا التحويل نصل إلى قراءة موازعة للمجامعات الواردة في المثال (11 أ).



12) تلقى الطالب ) علم النفس ) (تلقى علم الاجتماع ( تلقى

علم النفس ) علم الاجتماع



1. 2 التأويل المجامع



1.2.1 السور في تفاعله مع التعريف



يتبين، مما سبق، أن سمة العدد خاصية ملازمة للقراءة الموازعة، مما يجعل اللغة ا العربية لا تخضع لمبدأ جيـل (1995) الذي يهم اللغة الإنجليزية . فالتوافق العددي حسب الفاسي الفهري(1999)، يرتبط بالنكرة وكذلك المعرفة سواء في حال المفرد أو المثنى أو الجمع، وفي هذا الإطار ننتقد التصورات التي تقول بكون ) (all تدخل على الجمع و every) ( تدخل على المفرد ونقترح في نفس الآن تجاوز هذا التصور، وذلك في ضوء مسالة الجمع الدلالي المشار إليه أعلاه، ومن ثمة، نثبت وجود جمع دلالي في الحالتين ينبغي، أن تؤول على إثره المركبات السورية على الجمع وذلك في ظل الرائزين الموازع والمجامع. وفي هذا السياق، وموازاة مع ذلك، افترض وينتر (1998 –1999–2001) winter أن التمييز بين الوحدات الذرية والوحدات الجمعية لا ينبغي أن يكون نمطا وزعيا أو جمعيا تقليديا للمحمولات. لذلك اقترح رائزا تجريبيا جديدا في منظوره للتصنيف الذري و المجموعي:

1- السمة تعر )+ مفرد( تشير إلى الوظيفة التي تحول المحمول ett إلى النمط et عبر توحيد الافراد ضمن توسعاتها .

2- السمة تعر )+ جمع( تشير إلى وظيفة للمحمول ett.

ولم أعتمد على هذا الرائز، باعتباره يستند إلى أسس منطقية دلالية أكثر منها تركيبية من جهة، ومن جهة أخرى، نظرا لطبيعته التقليدية التي لا تعتمد على عنصر التجريبية لكونه يعود بنا إلى بنيت (bnnett (1974، الذي عالج الأفراد كمعادلة للنمط "e" ذلك أن الأنماط التي حددها هذا الأخير للجمع (plural) تقوم على التمييز بين وحدات ذرية ذات النمطe" "و بين مجموعات للوحدات الذرية مميزة بواسطة المعادلة "et". و قد اعتمد وينتر ((1999، على هذا التمييز و أدرجه ضمن النمط المعجمي لمحمولات اللغات الطبيعية التي تتوزع في تصوره عبر طبقتين:

1- المحمولات الذرية للنمط المعجمي et مثل الاسم المفرد: طالب، والفعل المفرد نام.

2-محمولات المجامعة للنمط المجموعي ذو السمة المعجمية" ett" نحو طلبة، ناموا و يتم اشتقاق هذه الأنماط باستعمال الرموز التالية :

(+ جمع ) و (+ مفرد).

ولرصد ما قيل لنتأمل المثال( 13) حيث يمكن للمحمول المجامع أن يأخذ معنى النمط "et" لطبيعته الفردية:

13- التقت كل اللجن All the committes meet

فهده الجملة ملتبسة بين قراءتين، قراءة تقتضي لقاءا مشتركا لكل مجموعة من اللجن ؛ وقراءة ثانية تفيد أن كل مجموعة لها لقاء أو جلسة خاصة بها . فالقراءة الأولى نحصل عليها عبر العامل المناسب (dift operator)، و يتم توجيهه بواسطة النمط" ett" للاسم الجمعي اللجن ( comittes (. وهذا النمط من الاسم الجمعي يتم توجيهه بدوره عبر دلالة سمة الجمعية (+جمع)، في حين نحصل على القراءة الثانية بافتراضنا أن سمة حد ( +تع) ملتبسة بين المعنى المفترض أعلاه وكذا المعنى الفردي وتوجهه السمة (+مفرد). وخلافا لذلك لا يمكن افتراض تحكم السمات العددية في القراءة الموازعة على أساس أن التوزيع مفرد والجمع جمع. فالاسم المعرف مثلا يؤول على المجامعة سواء كان مفردا أو جمعا كما يؤول على تأويل الموازعة الضعيفة في حالات أخرى ، لنتأمل دخول (كل) على المعرف المفرد :

14) أ) كل الطلاب حملوا الطاولة

ب( كل الطالب حمل الطاولة
يقتضي المثال (14أ) قراءة موازعة غير استنتاجية على اعتبار أن الطاولة تخضع لعملية النقل من مكان إلى مكان أبعد منه من جهة. و إذا كان الطلبة يتناوبون على حمل الطاولة بحيث يحملها أحد الطلبة ثم يعطيها لطالب آخر من جهة أخرى، بمعنى أن هناك تعددية على مستوى الحمول بحيث يقوم كل فرد بحمل الطاولة الشيء الذي يفرز لنا محدودية للحدث أي قيام كل طالب بإنهاء حدث نقل الطاولة. فضلا عن ذلك تفيد قراءة جمعية تقتضي مشاركة كل الطلاب في حمل الطاولة وبذلك تتميز هذه القراءة بتعدد موضوعاتها إلا أن هذا التعدد يشبع بحمل واحد فقط، فيكون بذلك الحمل محوريا بخلاف طريقة الإشباع مع الموازعة. واعتمادا على أحياز الأسوار نرى أن السور الوجودي أعلى من السور الكلـي ومن ثم، يتوافق تمثيلها مع التأويل المنطقي ( حمل طاولة واحدة من طرف كل الطلاب ). و مقابل ذلك تفيد (14ب) قراءة جمعية تقتضي قيام كل جسم الطالب بحمل الطاولة.

نستنتج، في ضوء هذا التحليل، أن سمتي الموازعة و المجامعة يتم تحديدهما وفق السياق التركيبي أي حسب تحقق الأداة أو عدم تحققها، لنتأمل التمثيل التالي:

جمع

15- { م س: نك قراءة موازعة
مفرد(+نوع)


قراءة مجامعة

{ م س: تع (جمع)

قراءةموازعة ضعيفة

و في هذا الصدد نتساءل عن مصدر التباس القراءتين؟وما هو دور المكون السوري إذا علمنا أن تأويلي المجامعة و الموازعة يحددان في علاقتهما بالمركب الاسمي المعرف أو النكرة نقول مثلا:

16 ) أ) جاء الرجال القصار
ب) جاء رجال قصار
ج) جاء رجل قصير
د) جاء كل الرجال القصار
ه) جاء كل رجال قصار

و) جاء كل رجل قصير
يقود التأمل في هذه المعطيات إلى القول بأن السياق التركيبي للمركبات الاسمية المسورة وغير المسورة كفيل بتمييز سمتي المجامعة والموازعة. و لا نعني بما نقوله غياب دور المكون السوري في تحقيق هذا التمييز التأويلي، و ما يسند هذه الفكرة هو التصور المدافع عنه بصدد الجمع الدلالي للمفرد النكرة المسور فهذا الأخير لا يخلق نفس القراءة مقارنة مع المفرد النكرة المجرد من التسوير كما سبق أن شرحنا ذلك من خلال المثال(5) و كذا التمثيلين (6 و 15 ). و من ثمة، نثبت هنا تفاعل المكون السوري مع طبيعة السياق التركيبي المخصص أو غير المخصص بغرض تحقيق القراءة المخصوصة بالتسوير بحيث يضيف العنصر السوري عناصر دلالية لهذه القراءة التي يفرزها السياق وتتمثل في خاصية الشمولية والكلية. إلا أن هذه الكلية قد تتخللها قراءة موازعة إذا اقترنت بنكرة أو قراءة مجامعة إذا اقترنت بالتعريف وهذا ما تشرحه الأمثلة الواردة في(16).

وبذلك، ندعم الافتراض الذي يفيد أن خاصية محدودية الحدث إذا كانت تعود إلى الحد، فان خاصية تجزيء الحدث تعود إلى العدد. فالخاصيتان معا تساهمان في خلق القراءة المخصوصة بالتسوير، و ذلك في ضوء وظيفة السور الذي يعمل على حصر و تقييد المركب الاسمي سواء كان فاعلا أو مفعولا.

و في سياق تبنينا للسياق التركيبي كمستوى كفيل بالتمييز بين القراءة المجامعة و الموازعة، و تعزيز ا لما سبق، يجرنا هذا التصور المدافع عنه إلى معالجة مشكل تعدد القراءات التأويلية وفق هذه الاقتراحات وفي ضوء سمتي العدد و الحد كتصور فاصل وذلك انطلاقا من علاقات التباس المكون السوري باسمي الكتلة والعد.



2. تسوير اسم الكتلة في علاقته بالموازعة و المجامعة



2 .1. السياق البنيوي للتأويل التوزيعي



إذا عدنا إلى الأدبيات التي رصدت العلاقة بين اسم الكتلة و اسم العد نجدها تفترض عدم التميز بينهما تركيبيا باعتبار أن اسم الكتلة قد يظهر في بعض الحالات عاريا من الناحية الدلالية من أداة التعريف و التنكير فيسقط بذلك في الالتباس بين القراءة العدية الوزعية من جهة، والقراءة الكتلية من جهة أخرى. فإذا قلنا في العربية (كل ماء ) كاسم مفرد تتسم بالالتباس موازاة مع ذلك نقول:

(كل مياه) التي ترد على صورة الجمع فتبدو غير ملتبسة إذ تقتضي شرب عدد من المياه ومن ثمة، نميز بين القراءة التأويلية ( شربت ماءا – شربت مياها). و في هذا السياق نقترح توظيف كل اسم كتلي كاسم معدود انطلاقا من السياق الذي يرد فيه .وذلك بناء على ما جاء فيLoanning 1987 :

17 ) ماء أزرق

إلا أن هذه المقاربة تفتقد للدقة في تصور(1987)Loanning لافتقار اسم الكتلة لعنصر منطقي يقيد دلالته. و عليه، فهذه البنية لا تكون ذات دلالة معينة في تصوره إلا في حال اقترانها بأحد الأسوار المنطقية، لنعتبر المتوالية التالية:7

All water is wet (18
فضلا عن ذلك يلعب المكون السوري دورا مهما في القراءات التأويلية باعتباره يضيف عنصر التخصيص إلى المركب السوري النكرة.
19 ( أ ) اشتريت زيتا

ب( اشتريت كل زيت صحي.
فالمتوالية (19- ب) ملتبسة بين قراءة عدية موازعة ضعيفة مخصصة، تقتضي شراء شموليا لأنواع مختلفة من الزيوت الصحية. وقراءة كتلية قوية تفيد زيتا كمادة بحيث تقتضي قراءة غير مخصصة تفيد معنى كتليا. وفي نفس السياق يمكن أن نفترض، تبعا للفاسي الفهري (1999 )، أن كل لا تدخل إلا على الاسم المعدود نقول:
20) أ)كل ماء
ب) كل الماء
تستلزم صيغة الماء، تبعا لهذا الافتراض معنى الكتلة إذا تجردت من التسوير. أما في حال دخول السور الكلي كل على الاسم المنكر، فانه يستلزم العد أي تعداد أنواع المياه وهذا الافتراض يدعمه اسم الكتلة حينما يتموقع ضمن سياق العد، وذلك من منطلق تشابه الخصائص السورية والعدية، إذ يمكننا أن نقول إن اسم الكتلة يأخدقراءة تصنيفية أي قراءة محيلة على نوع أو صنف من طبيعته نحو: (two read wine are produced). ومن ثمة، فالمركب الاسمي التصنيفي ينظر إليه كشكل من أشكال الإحالة على الفصائل و تأويل النوع فضلا عن ذلك إذا أدخلنا الأسوار ذات الطبيعة المفردة على اسم الكتلة، فإننا نحصل على أسماء معدودة، كما هو الشأن في اللغة الفرنسية.

21( أ( كل زيت Chaque huile

ب( كل الزيتToute huile 8

إن النظر في هده المعطيات، قد يوحي لنا بان سمة العدد سمة أساسية في تعيين سمة الموازعة باعتبارها تمنح قراءة عدية للمركب الاسمي المفرد إلا أن هذا التصور لا يجد سنده في بعض اللغات كالروسية أو الفرنسية وكذا لغتنا العربية، من منطلق أن التعدد سمة ملازمة للاسم النكرة في حال المثنى والجمع، وكدا المفرد لدلالته على النوع.

ولو سلمنا بأن العدد هو المحدد للتأويل الموازع، لقلنا إن الاسم المفرد المعرف يستلزم قراءة عدية. وهذا ما يستبعده المركب السوري( كل الزيت ) الذي يفرز قراءة التفريد فيفيد بذلك زيتا بعينه.أي أن هناك نوعا واحدا من الزيت. وفي سياق تعزيزنا لدور السياق التركيبي في حل هذا الإشكال، سنفترض تبعا للفاسي الفهري (1999)، أن كل تدخل على بنيتين مختلفتين، فقد تقترن بمركب حدي أو تدخل على مركب اسمي بدون حد:

22) أ) كل الكتب All the books

ب) كل كتب Every book
وتجدر الإشارة هنا إلى أن عملية إخضاع اسم الكتلة للتسوير في ضوء السياق البنيوي للتأويل التوزيعي يجعل اسم الكتلة حينما يكون مجردا من التعريف يقتضي قراءة موازعة عدية. أما في حال اقترانه بالاسم المعرف، فإنه يقتضي تأويلا مجامعا لنتأمل الأمثلة التالية:

23( أ( شرب زيد كل حليب

ب( شرب زيد كل الحليب

يستفاد من المتوالية أعلاه، أن اسم الكتلة يفيد النوع أي تعداد نوع من

أنواع الحليب في سياق التأويل الموازع كما في( 23أ)، وموازاة مع ذلك تفيد

(23 ب)، التأويل المجامع حيث اسم الكتلة يقتضي التفريد.

من خلال ما سبق نستنتج أن سمة الحد، سواء كانت ) + تعريف( أو )- تعريف (تلعب دورا أساسيا في عدة لغات على مستوى التفريق بين اسمي الكتلة والعد في حال التجرد من المكون السوري حيث تدخل أداة التعريف على اسم الكتلة وفي حال عدم الاقتران بها فإنه يصير اسما عديا.







خلاصة



حاولنا في هذه الورقة البحث في بعض المشاكل المرتبطة بظاهرة التباس السور، مركزين الاهتمام على علاقته بقرائتي المجامعة والموازعة. وعبر ذلك حاولنا فحص بعض الروائز التمييزية للوقوف عند أهم التمايزات الموجودة بين القرائتين، معتمدين في ذلك تقنية حيز السور كآلية لكشف تباين التأويلين. وفي ضوء هذا التحليل تبين لنا أن التباس الجمل السورية لايرتبط بحالة التعريف أو التنكير كما ورد عند ابن هشام, ولا علاقة له بالعدد كما جاء في جيل(1995 –1996) وينتر (1999- 2001) مما يؤكد ضعف السمات الصرفية ) العدد، الجنس...( عن كشف طبيعة تباين قراءتي المجامعة والموازعة، ذلك أن طبيعة التأويلين تتحدد وفق السياق التركيبي أي دخول السور على بنية مخصصة بحد أو غير مخصصة، وذلك استنادا إلى الفاسي الفهري(1999).


































المـراجـع


ابن هشام، جمال الدين، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، حققه وعلق عليه مازن المبارك، ومحمد علي حمد الله، وسعيد الأفغاني، دار الفكر، بيروت، ط.5، 1979.

جحفة، عبد المجيد: 1998، عن التباس كل في اللغة العربية، أبحاث لسانية3. 1.2-29 منشورات معهد الدراسات و الأبحاث و التعريب، الرباط.

حسن، عباس: 1976، النحو الوافي دار المعارف مصر.

الفاسي الفهري، عبد القادر: 1999 – 2002، محاضرات تكوين طلبة الدكتوراة.

الفاسي الفهري، عبد القادر : 1999، عن التوارث في الحدود و بعض خصائص التسوير الكلي، أبحاث لسانية ، معهد الدراسات و الأبحاث للتعريب، الرباط.

Aone, C: 1991 , resolution of collective – distributive ambiguity using model based reasoning . the university of texas atAustin.

Gil, D : 1995, universal quantifiers and distributivity in bach E jelinek , A Kratzer and BH, Partee ( eds) quantification in natural languages Kluwer academic publishers, Printed in the Netherlands 321-36.

Gil, D: 1996 , universal quantification in Hebrew and Arabic, in second conference on Affroasiatic grammar, Holland academic.

Kempson and Cormack : 1981 ,ambiguity and quantification linguistic and philosophy 4(259 – 309) Dordrecht, Holland.

Loaning, J T : 1987, mass terms and count quantification,linguistic and philosophy , 10 ( 1-52)

May, R : 1985 , logical form, the Mit Press Cambrige, London England .

Van der does , Jet HJ, Verkuyl : 1996, the semantics of plural noun phrase, university of Amsterdam.

Winter , y :1999 ,plural type quantification, proceeding of the Amsterdam Colloquium .

Winter ,y : 2001, Monotonicity and collective quantification, institute of technology, Haifa .







--------------------------------------------------------------------------------

[1] هناك من استند إلى النماذج الرياضية العددية، باعتبارها تساهم في اشتقاق المعنى الموازع (1991) Aone.إلا أن تغييبه لدور السياق التركيبي جعلها تعجز عن رصد القراءة المجامعة، ومن ثمة فإن القدرة على الاستدلال داخل هذا النموذج ينبغي أن توسع لتشمل مختلف المعارف،سيما إذا علمنا أن هناك عدة أشياء لا تخضع للعد أو التجزيء.
يمكن ربظ هذا التصور بما ورد عند ابن هشام الذي أرجع تباين التأويلين الى تعريف أو تنكير الاسم المسور. انظر "مغني اللبيب".2

انظر جحفة (1998).3

4 الأمثلة مأخوذة عن محاضرات الفاسي الفهري (1999)

سورة البقرة الآية 59 5

6 يميز عباس حسن بين الكل الجميعي الذي يحيل على كل آية بشكل فردي وبين الكل المجموعي الدي يحيل على مجموع الآيات في كليتها ،ويقابل بين المفهومين على الشكل التالي:الكل الجميعي :التأويل الموازع ،الكل المجموعي :التأويل المجامع

7 للمزيد من التفاصيل انظر loanning( 1987)

8 هذه الأمثلة مأخوذة عن الفاسي الفهري(1999 ).


*****************
عائشة اليمني
كلية الآداب_الرباط
معهد الدراسات والأبحاث للتعريب جمعية اللسانيات بالمغرب

الندوة الوطنية الخامسة
في موضوع:
الأسوار أحيازها





#عائشة_اليمني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عائشة اليمني - التحليل التأويلي لظاهرة التباس -كل- في اللغة العربية