أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد فُتوح - تحطيم الفاصل التعسفي المضلل بين -الخاص- و -العام-















المزيد.....

تحطيم الفاصل التعسفي المضلل بين -الخاص- و -العام-


محمد فُتوح

الحوار المتمدن-العدد: 6947 - 2021 / 7 / 3 - 09:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من "الأورام"، "الخبيثة"، التي يعاني منها، العقل العربي الطبقي، الذكوري، هو إقامة حد فاصل تعسفي، بين "الخاص" ، و"العام"، كل الثقافات المتسلطة طبقياً وذكورياً، مثل الثقافة العربية، لا تستطيع التواجد ، والإستمرار في البقاء، إلا بخلق "ثنائيات" ، مصطنعة، والترويج، إنها ثنائيات متضادة بالفطرة، لكل منها معاييرة، ومرجعيته، وطبيعته، وعالمه، وأن هذه "الثنائيات" بالضرورة في صراع دائم، وأن محاولة توحيدها ، أو التوفيق بينها، أو إخضاعها إلى مقياس أخلاقي واحد، هي محاولة ضد الطبيعة، وضد قوانين الوجود، وتنم عن الجهل، أو سوء النية، ونهايتها الفشل.
نذكر التقسيم المتعسف بين الجسد والروح ... العاطفة والعقل .. المرأة والرجل ... العبد والسيد ... المحكوم والحاكم ... الخيال والواقع ... الله والانسان ... الخاص والعام ، الذى هو موضوع هذا المقال .
إن "التفرقة" التعسفية ، بين "الخاص" و "العام" ، وتطبيق مقياس أخلاقي معين على "التجربة الخاصة"، ومقياس أخلاقي آخر، على "التجربة العامة" ، و"تهميش" الحياة "الخاصة" التي يعيشها، الإنسان بدمه ، ولحمه، وأعصابه، ومشاعره، مقابل إعلاء وتمجيد الحياة "العامة"، هو وباء موروث متوطن فى العقل العربي .
لقد انتشر الورم الخبيث في جميع الخلايا الثقافية، وتمكن من السيطرة، وشًل حركة أعضائنا ، بطريقة صحية ، سليمة . اما أبقتنا كما نحن ، فى مكان ثابت ، أو تذهب بنا الى المكان الخطأ .
الفصل بين "الخاص" ، و "العام"، نلاحظها مثلا ، لو أراد رجل ما، أن يحكى عن الفراغ العاطفي، والحرمان الجنسي الذي يعاني منه ، يردون قائلين " تجربتك الخاصة، أو الشخصية متهمناش ، إحنا عايزين نناقش مشاكل "عامة" و "خطيرة" زي عجز العرب عن التوحد، أو إنقاذ شعب فلسطين ، أو أو تفاقم البطالة، أو مكافحة الفساد، أو فضح تجارة الدين ".
ولو أرادت امرأة ما، أن تشكو من تحكم أبيها، أو وصاية أخيها الصغير، أو تسلط زوجها ، يردون عليها قائلين: "دايماً كدة أنانية ، متفكريش غير في حياتك ومعاناتك الشخصية ... يا شيخة إكبري بقى ... وانسي ذاتك ... وفكري في حياة وطنك ومعاناته .. أبوكى وأخوكى وجوزك ، ايه الحاجات التافهة دى ، والوطن بيغرق ".
ثم تكون النصيحة الأزلية الأبدية : " لو كل واحدة وكل واحد ، أنكر ذاته، ونسى نفسه وحياته الخاصة وتجاربه الشخصية ومشاكله الصغيرة التافهة ، وفكر في معاناة البلد كان زماناً بقينا أحسن ناس ".
هذا هو الرد التقليدي المكرر ، المستهلك ، والفهم السائد ، لما هو "خاص" ، أو "شخصي" ، في الثقافة العربية ، أشياء تافهة ، على الهامش ،
مناقشتها تضيع الوقت ، والجهد ، والطاقة ، التى لابد أن تذهب للقضايا " الأهم " ، " الأعمق " .
بالطبع أنا أرفض هذا المنطق، قصير النظر ، والساذج، انا لا أفرق ، بين "الخاص" ، و"العام" . لا أضع حداً تعسفياً، فاصلاً، بين "المواطن" أو "المواطنة"، وبين "الوطن" ... لا أميز بين "الحياة الخاصة" ، و"الحياة العامة" ، بالنسبة لي ، "الخاص" هو "العام" ... و "المواطن" و "المواطنة" ، هما "الوطن" ... والحياة "الخاصة"، هي الحياة "العامة".
مثلاً ، أنا على قناعة ، بأن الأسباب التي تفرز لنا، الفراغ العاطفي، والحرمان الجنسي، ووصاية الذكور على النساء، هي نفسها الأسباب، التي تعطل العرب عن التوحد، وتجعلهم عاجزين عن مواجهة أعدائهم، وعن حل مشكلات البطالة والفساد، والواسطة ، والمحسوبية، والتعصب الديني، أو فعل شئ إيجابي ، لإنقاذ الشعب الفلسطيني، أو أى شعب آخر .
وأنا على قناعة أيضاً، بأننا إذا أردنا فهم ، وتحليل المجتمع العربي ، فما علينا إلا، تأمل قصة حب فاشلة، أو دراسة تعاسة واكتئاب زوجين تحت سقف واحد ، أو دوافع الخيانات الزوجية، أو قضايا إنكار النسب، أو اغتصاب فتاة ، أو أزمة نفسية يمر بها مراهق أو شاب ، أدت الى انتحاره ، أو الارهاب الذى تتعرض له ، إمرأة "عانس" أو "مطلقة".
لا يمكن فهم ما هو "عام" ، إلا بفهم ما هو "خاص". إن التجربة الشخصية، أو الحياة الخاصة، هي التجلي، لما نقول عنه "عام"، وما هو "عام" ، يلون كل تجاربنا الشخصية ، وعلاقاتنا العاطفية ، ويدخل الى غرف
نومنا ، وأحلامنا أثناء النوم .
"الخاص" و "العام" ، هما وجهان لعملة واحدة ، اسمها "الإنسان" ، أو "الحياة". منْ يمارسون الفصل بين " الخاص " ، و" العام " ، عن جهل ، يحتاجون الى أن يفهموا ، ويتأملوا ، ويقرأوا . أما منْ يمارسون هذا الفصل ، عن عمد ، يهدفون الى استمرار الإزدواجية الأخلاقية والازدواجية الثقافية ، وتضليل الناس ، واصابتهم بالبلبلة والتشوش ، وابقاء أوجه الفساد كما هى عليه . فهذه هى بضاعتهم التى يتكسبون منها ، المال ، والنفوذ ، والسلطة ،والسيطرة على الآخرين . ولذلك يحتاجون الى منْ يفضح أساليبهم ، وترسيخهم للمزيد من عدم الفهم ، واللبس والتضليل ، وتجزئة حياتنا كما
يروق لهم .
إن مأساة، أو أحد المآسي الرئيسية للمجتمعات العربية الإسلامية ، الطبقية، الذكورية، هي تهميش "الخاص" ... وتضخيم "العام" ... وإقامة جسور أسمنتية عتيدة متينة بينهما ، وتطبيق تكيل بمكيالين ، على التجربة الإنسانية ، التي تشمل الخاص ، والعام ، في توليفة متشابكة متداخلة ، يستحيل فصلها.
ان النضج الفكرى والثقافى والانسانى والعاطفى ، فى جزء كبير منه ،هو القدرة المستمرة على " الربط " بين الظواهر ، والعلاقات ، والأحداث ، والمشاكل ، التى تبدو لأول وهلة ، غير مترابطة .
وهذه القدرة على الربط ، فى كل مجال ، هى التى تؤدى الى الفهم ، والاكتشاف ، والترقى ، والتحليل المبدع ، والدخول الى أماكن معتمة ، أو أماكن محظورة .
وأصحاب هذا الربط ، هم المغتالون ثقافيا ، ومعنويا ، وفى أحيان ليست قليلة ، يصفون جسديا . فالربط بين الظواهر والعلاقات ، هو خطر ما يصل له العقل البشرى المتأمل .
ليس خطرا مثلا ، أو صعبا ، القول بخطورة القهر الجنسى .
الخطر أن نربط بين القهر الجنسى ، والقهر السياسى .
وليس خطرا ، أو صعبا ، القول بانتشار الأغنيات الهابطة . الخطر هو فى الربط بين هبوط الأغنيات ، وصعود التيارات الدينية الجهادية .
-------------------------------------------------------------
من كتاب أمركة العالم .. أسلمة العالم منْ الضحية ؟؟ 2007



#محمد_فُتوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية دون تطبيع إسرائيلي؟ مسؤول ...
- قد يحضره 1.5 مليون شخص.. حفل مجاني لماداونا يحظى باهتمام واس ...
- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد فُتوح - تحطيم الفاصل التعسفي المضلل بين -الخاص- و -العام-