مصالح عابرة - شهوانية المنصب

مصطفى كامل الحاجي مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 1635 - 2006 / 8 / 7 - 05:38
المحور: المجتمع المدني
    

يأسرني و يرعبني محاولة المقارنة بين الطبقة السياسية الحاكمة على الضفة الأخرى من العالم و الطبقة السياسية الحاكمة على ضفتنا بشكل عام و في سوريا بشكل خاص .
أقر أن مقاربة هذا الموضوع لن يتسع لها صدر هذه السطور اليتيمة , ولكنني سوف أحاول أخذَ مثال واحد عن تصرفات كلٍّ من الطبقات السياسية المعنية بسطوري هذه , و أبدو جازماً إن الفكرة الأساسية التي يتمترس خلفها كلٌّ من الفكرين هي إن فكر الضفة الأخرى حول المنصب كمثال بأنه طريقة و وسيلة تتعدد و تتنوع الوسائل غيرها لبناء و إيجاد شخصية الفرد مادياً و معنوياً , و قد تتضاءل هذه الوسيلة في سلم طرق بناء الشخصية لديه لتكون في مراحل متأخرة , و إن تعدد طرق و وسائل بناء الشخصية بالطبع يعطي هامش اختيار بين هذه الوسائل , و أما فكر ضفتنا حول المنصب يتلخص ببساطة شديدة بأن المنصب هو وسيلته الوحيدة و الفريدة و الأساسية لبناء شخصية المستعلي // لأن شاغل المنصب ليس فرداً عادياً بل هو مستعلي على باقي فئات الشعب // مادياً و معنوياً , والتي يختفي معها سلم طرق بناء الشخصية لنستوضح هنا الصورة الجلية و الواضحة حول فرد الضفة الأخرى التي يتخلى عن منصبه لأسباب تعد تافه و بديهية في نظر مستعلينا الذي يقاتل بضراوة مستميتاً مدافعاً عن منصبه متحولاً إلى معارضة فيما لو أقصي عن منصبه .
فيما يلي نحاول تلمس بعض المواقف التي تعبر عن فكر كل من الضفتين :
أولاً – ممثلو فكر الضفة الأخرى و كيف يعبرون عن قيمهم :
1) وزير إيطالي يستقيل لأنه قاد سيارته بدون رخصة قيادة السيارة .
2) وزير فرنسي يستقيل لأنه استغل منصبه لأغراضٍ شخصية .
3) وزير الدفاع الفرنسي الأسبق جان بيير شوفنمان الذي استقال من منصبه احتجاجاً على عدم نزاهة الحرب على بلد غير بلده هي العراق .
ثانياً – ممثلو فكر ضفتنا و كيف هم متمسكون بالمنصب أيّاً كان رأي منتقديهم :
1) الدكتور محمد الحسين نائب رئيس مجلس الوزراء السوري عام /2001م / و بعد الإعلان عن زيادة للأجور و الرواتب كان في مؤتمر صحفي يطمئن الشعب أن لا زيادة على المحروقات , في حين يبث التلفزيون السوري كلامه كانت الزيادة معمولاً بها في محطات الوقود , ولم يعتذر من الشعب الذي سمعه بإصغاء , و ما زال يتلذذ بضرائبه اللذيذة.
2) الدكتور عمرو سالم وزير الاتصالات و التقانة السوري صرح في /24/4/2006م إن هناك مليون حاسب شخصي ستوزع كقروض بلا فوائد على المواطنين , و إن هناك تعرفه جديدة للاتصالات الدولية و الانترنيت و الخليوي , و ختم حديثه // إذا لم ننفذ ذلك .... فحاسبونا و في الأسابيع المقبلة // , و اليوم لم تخفض الاتصالات الدولية و لم يتغير وضع الانترنيت و تم التحايل و خداع مشتركي الخليوي و أقناعهم بأن هناك تخفيض على الخليوي و الحقيقة أنه لم يتغير شيء يذكر , و أنا أتوقع أن السيد الوزير لا يهتم كثيراً لأمر اللغة العربية عندما قال الأسابيع المقبلة و لم يقل الأشهر المقبلة أو السنين المقبلة ليكون دقيقاً .
3) الامتحانات العامة و التي ينتظرها الطلاب و أولياء أمورهم منذ نعومة أظافرهم لأنها حلم حياتهم في التفوق . بدد الحلم هذا العام الدكتور علي سعد وزير التربية السوري عندما غادر في زيارة رسمية إلى الأردن أثناء الامتحانات العامة , التي كانت فاشلة بكل المقاييس لوجود أخطاء في صياغة الأسئلة لمادة اللغة الإنكليزية ومسائل مستحيلة الحل و مطلوب حلها في مادة الرياضيات , و بذلك يكون السيد الوزير قضى على حلم عائلات كثيرة بتفوق أبنائها , و لم يجد من داعي لأن يعتذر من الشعب , أو أن يعترف بخطئه على أقل تقدير , لماذا يعتذر , لمن يعتذر ؟ .
4) السيد المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء السوري و في زيارته إلى محافظة الرقة في / 11 / 6 / 2006م أعطى أهل الرقة محاضرة في القيم و الأخلاق و المبادئ لأنهم لا يعرفونها , وقد يكونون حسب تصوره رعاع همج , و إلا ما معنى مقاطعته رئيس اتحاد الفلاحين بالرقة الذي حمل مطالب فلاحي الرقة و ردّه قائلاً // يا حبيبي أنا ابن حلب و أعرف أموال الرقة وين بتروح ...... ؟ // قاصداً أن أبناء الرقة لا يحرثون و لا يبذرون و لا يزرعون إلا ليجنوا المحصول و يبيعوه و يمارسوا الدعارة في فنادق حلب أو بيوت الدعارة التي لا نعرفها نحن أبناء الفلاحين بالرقة و لا أذكر أي فلاح أنه قصد حلب إلا لشراء أو إصلاح محرك أو إلى الطبيب , و أنا أسال من يمارس الدعارة في بيوت الدعارة المنتشرة في هذا البلد أو في البلدان الأخرى غير الذين لا يتعبون في الحصول على أموالهم , و كذلك فإن السيد محمد ناجي عطري لم يعتذر أو يعتبرها زلة لسان , لماذا يعتذر , لمن يعتذر ؟.

إن مقاربتنا المبسطة لمفهوم المنصب في طرفي الضفتين من العالم تجعلنا نخلص إلى أن شاغل المنصب في الضفة الأخرى يعتبر المجتمع و الوطن أقدس من ذاته التي يؤلهها شاغل المنصب في ضفتنا و يعتبرها أقدس من المجتمع و الوطن الذي لا يعيره أي اهتمام يذكر .
اللهم ارزقنا الصبر و السلوان جنبنا شر التندر بالمصالح العابرة , و أمنحنا الثقة بالنفس لمقاومة الهجمة الامبريالية و الصهيونية , و القوة و الثبات لتحقيق مصالحنا الإستراتيجية . اللهم إني لا ( أرى . أسمع . أتكلم )

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل