الاصلاح البحريني فسحة ضوء ساطع في الليل الخليجي

يعقوب جناحي

الحوار المتمدن-العدد: 480 - 2003 / 5 / 7 - 04:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

يحتفل عمال البحرين ومعهم شعبنا بيوم التضامن العالمي للعمال هذا العام بمشاعر مزدوجة يختلط فيها الفرح بالحزن العميق بسبب ما تمر به منطقتنا العربية وخاصة منطقة الخليج من اوضاع سياسية خطيرة ناجمة عن الحرب الدموية التدميرية الامريكية البريطانية ضد العراق. هذا العدوان الذي أدي الي سقوط نظام صدام حسين غير المأسوف عليه ولكنه ادي كذلك الي احتلال العراق والقضاء علي سيادته كدولة مستقلة وزيادة الهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية الامريكية علي المنطقة واحتمال اندلاع حرب عدوانية اخري بسبب التهديدات الامريكية لكل من سوريا وايران.
ومما يفاقم هذه الاوضاع سوءا تغييب رأي الشعوب في ما تعصف بالمنطقة من احداث وتطورات خطيرة، وذلك بسبب انعدام الحريات الديمقراطية في معظم بلدان الخليج.
هذا علي الصعيد الخليجي، اما علي الصعيد الداخلي فعمالنا وشعبنا تمتلكهم الغبطة والفرح كونهم يحتفلون بعيد العمال العالمي وقد أصبح الاول من مايو هذا العام وللمرة الاولي عطلة رسمية في المملكة بعد ان استجاب جلالة الملك حمد بن عيسي آل خليفة لمطلب عمالي وشعبي دام سنين عديدة وتقديرا من لدن جلالته والدولة لدور العمال والشغيلة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لوطننا البحرين.
ان هذا المكسب العمالي الهام أتي تتويجا للمكاسب العمالية العديدة، التي تحققت منذ ان أقر شعبنا المشروع الاصلاحي لجلالة الملك - ميثاق العمل الوطني في العام 2001، ومنها حق تشكيل النقابات العمالية، الذي شمله قانون النقابات. هذا القانون الذي يعد عصريا اذ جاء مستجيبا في مجمله للمبادئ والحقوق والحريات النقابية العربية والدولية.
ان ميثاق العمل الوطني غّير الوضع السياسي والقانوني في البحرين خلال العامين الماضيين تغييرا كبيرا، حيث انه وضع أسساً قانونية ليس لعودة الحياة البرلمانية وحسب، بل وايضا لتشكيل وتقنين مختلف مؤسسات المجتمع المدني، التي لم تكن موجودة في فترة الحياة البرلمانية اعوام 1973 - .1975
فبالاضافة الي الدستور فقد أصدرت مجموعة من القوانين الهامة وتم تعديل اخري سارية، والتي اضفت الشرعية وقننت عمل المؤسسات المدنية الرسمية والاهلية.
فعلي مستوي الدولة تم تشكيل العديد من المؤسسات أهمها:
- المجلس الوطني بمجلسيه.
- المحكمة الدستورية.
- مجالس البلديات.
- النيابة العامة.
- ديوان الرقابة المالية.
- المجلس الأعلي للمرأة.
اما علي مستوي المؤسسات الأهلية فقد تشكلت كشخصيات اعتبارية وتساهم في عملية الاصلاح، المؤسسات التالية:
- الجمعيات المعنية بحقوق الانسان.
- جمعيات المرأة بمختلف تلاوينها.
- النقابات العمالية.
- النقابات المهنية.
- الجمعيات السياسية، التي تأتي في مقدمة تلك المؤسسات من حيث الأهمية، لانها في الواقع العملي احزاب سياسية تعبر عن مختلف التيارات السياسية والفكرية في مجتمعنا.
إلا انه وبالرغم من كل تلك المكتسبات فانه من الضروري التأكيد علي ان هناك قصوراً وملاحظات عديدة وتحفظات علي بعض القوانين (مثل قانون النقابات)، او بالاحري علي بعض نصوصها وبعضها جوهرية وأهمها علي الدستور نفسه. وان هذه الملاحظات والتحفظات مثار خلاف وأخذ ورد بين المؤسسات الأهلية والسلطة التنفيذية. ولذلك نسعي جميعا وعبر الآليات الديمقراطية والحريات العامة المتاحة تصحيح الامور نحو الأفضل.
كما ان هناك الكثير من المشاكل المتراكمة عبر العقود الماضية لم تحل بعد، وفي المقدمة مشكلة البطالة التي يعاني منها آلاف الشباب ويتطلب من الدولة ومن المؤسسات الأهلية بذل المزيد من الجهود للاسراع في حل هذه الافة الخطيرة.
ولكنه وبالرغم من وجود هذا القصور والمشاكل فانها لا تقلل من أهمية وحجم تلك المتغيرات النوعية التي حصلت في المجتمع ودور وفاعلية المؤسسات الاهلية المذكورة في الحياة السياسية والاجتماعية الجديدة. هذه المؤسسات التي لا مثيل لها في بقية دول الخليج حتي الآن علي الاقل.
ولذا يحق لنا ان نقول ان المشروع الاصلاحي في مملكتنا يشكل فسحة ضوء هامة في الليل العربي الذي نتمني سرعة انجلائه لتتسع تلك الفسحة وتشمل كل البلاد العربية.
فتحية وتهنئة من القلب لعمالنا وكل شغيلة مملكتنا بعيد العمال العالمي مع تمنياتنا بالمزيد من المكتسبات لتحقيق حياة كريمة لهم ولشعبنا وبناء بحرين ديمقراطية متطورة ومزدهرة.
 

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل