أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشا الفوال - دلالات الخوف ومفردات الشك في ديوان-لابس مزيكا- للشاعر/ جمال فتحي، قراءة أدبية من منظور نفسي















المزيد.....

دلالات الخوف ومفردات الشك في ديوان-لابس مزيكا- للشاعر/ جمال فتحي، قراءة أدبية من منظور نفسي


رشا الفوال
كاتبة

(Rasha El Fawal)


الحوار المتمدن-العدد: 6834 - 2021 / 3 / 7 - 23:40
المحور: الادب والفن
    


معرفة الإنسان لنفسه تعترضها عقبات عديدة، من هذة العقبات الوقوع في(دائرة الخوف) التي قد يعتقد البعض أنه لاسبيل للخروج منها، إلا أن هذة المعرفة تربط بين تصورات الشاعر الراهنة التي تشير إلى(الذاكرة) وبين تصوراته الأخرى التي كانت راهنة في الماضي والتي تشير إلى(الهوية)، نحاول في القراءة الحالية لديوان: لابس مزيكا، للشاعر/ جمال فتحي، فهم دلالات(الشك) الذي يصيب الإنسان الخائف بدوار فكري يجره تدريجيًا إلى(النظرة الدونية للذات)، من خلال المحاور التالية:

أولًا: الذات الواقعية من الإستدعاء إلى الإعتراف
يقول الشاعر"خايف يفوت الوقت ومالحقش اعترف/ خايف أقول ع الحقيقة تسخروا/ خايف اعترف أتنفي م الأرض" على افتراض أن(الخوف) بمعناه النفسي يعتبر"رد فعل وقتي إزاء خطر يقوم على أساس تقدير الإنسان لقوته تقديرًا منخفضًا"(1) ففي هذة الحالة تخضع أدوات(التفكير/اللغة) ورموزهما للتهديد؛ فتكون(التكرارات الرتيبة) التي تتنافى مع بعث(الأمل) بفعل الكتابة، والذي نعول عليه في مواجهة تلك التهديدات؛ فيقول الشاعر"بادخل على الأحلام بصدري لا أهاب/ لكن أخاف م النزيف واعمله ألف حساب" ، هذا لا يمنع أن يكون(الخائف) انبساطيًا أو نشيطًا عندما يقول"وتحت باطي غنوتي وبيراقبني الخوف" وقد يتطور الأمر بفعل الكتابة(للخوف من التعبير عن الخوف نفسه) ومحاولة الدخول معه في هدنة، عندما يقول"الوجع غنيته أغنية/ والخوف ماخوفتوش وصاحبته"، ذلك(الخوف) الذي إذا تناسب مع الموقف المخيف يعكس(تكيفًا سويًا) فيقول الشاعر"أنا والخوف أعز اصحاب، وعشرة عمر"، ولأننا أمام إنسان بفعل(الخوف) يحاول تجنب المواقف المثيرة له، يصبح الخوف هنا(عقلانيًا) يستند إلى وعى الشاعر بالتهديد الذي يعلو عن قدراته فيقول"راضي بحالي، وساعة مابتتوجع روحي، باعمل روحي واحد تاني، واعمل نفسي مش واخد بالي، وباقول وانا مالي"، ويصبح(غير عقلانيًا) عندما يستند إلى تضخيم المهدد فيقول"باطارد خوفي من بكرة، وبتطاردني محكمة وقضبان"، أو عندما يقلل من شأن(ذاته الخائفه) فيقول"مااعرفش ازاى انا كده؟!، شايف، ومش متشاف/ وساعات عنترة، وسنين خواف" ونحن إذ نبحر في الإنفعالات البارزة في الديوان بفعل الكتابة نجد أن(الخوف من النبذ الإجتماعي) من المخاوف الحسية التي تفرض نفسها على المتلقي، وكأن (الخوف) هُنا نتاج حضاري، و(المخاوف) ترجع إلى مدى تأثير المجتمع على شخصية الكاتب وقدرته على التفاعل مع الآخرين، فيقول"ماشي وشايل ناس فى جوفي، وفوق ضهري شايل ناس، فوق كتفي ناس، وف عينيا ناس"؛ فيكون إحساسه بعدم الإرتياح، عندما يقول"خايف يفوت الوقت، ومالحقش اعترفم خايف اعترف، أتنفي م الأرض/ مش قادر اقعد زيكم وارتاح"، ويكون(الخوف) سببًا لــــ(شعوره بالذنب) عندما يقول"خايف أخبي، أنكتب في العالمين خاين، ومافيش نبى بيخون"، مع ملاحظة أن(شعوره بالذنب) دفعه إلى(توجيه اللوم) إلى نفسه فيقول"مااقدرش اقول إني برىء/ سيبوني أواجهني بذنبي، داانا ذنبي هو وجيعتي/ صليت صلاة استخارة، وخاصمت ذنبي، أعلنت توبتي عن الخجل والخوف/ لكنى جايز، جايز، ماصدقتش النيه"، ويكون أحيانًا(الخوف) سببًا في ضعف(تقديره لذاته) وضعف قدرته على استحسان نفسه؛ فيكون الحل الأمثل لتهيئة حالة من(التوازن النفسي) هو الإفراط في(التعويض عن النقص) وكأنه لايحب الآخرين ولا يحب نفسه، فيقول"أنا مش شبهكم، لأ، مش زيكم/ وان كنت عايش وسطكم فعلًا، فصدقوني، كأني مش موجود/ لا حبكم عايز، ولا صدقكم، ولا يلزم دعاكم، ولو من قلبكم"، ولأن(الأنا) لايمكن أن تظهر عند فرد منعزل لأنها دائمًا موجهه الى الآخرين؛ نجد تكرار التأكيد على(الذاتية) كآلية لمقاومة الذوبان في بوتقة(الجماعة السيكولوجية)، فتظهر(الذات المثاليةIdeal_Self )التي تعبر عن الصورة التي يود أن يكون عليها فيقول" انا فى اتجاهي تمام/انا قطر ماشي ينهش القضبان/ أنا حد أنتيكا/ أنا مش شبهكم"، وتظهر(الذات الواقعية) التي تتضمن الخبرات والإتجاهات كآلية(انسحاب) يواجه بها (الخوف) إذا استطاع أن يألف مصادر التهديد فيقول"انا زيكم ياخلق/انا مش خطر/ /انا زيكم/ / أنا والخوف/ أنا بحر فقير، أنا سر ف بير/ أنا ليل بلا عشاق، أنا وطن فاضي، أنا ليل مالوش آخر، أنا شمس متحرم عليها الشروق" وتظهر ايضًا(الذات المدركة) القائمة على(الوصف) عندما يقول" أنا طير/ / أنا الأبيض، وانا الأسود، أنا الواحد مالوش تاني" وتظهر(الذات الإجتماعية) التي يعتقد أن الآخرين يرونه عليها فيقول"أنا ابن الحنين/ انا الحاضر، أنا حاضر من الاول/ أنا على قيد الأمل ساكن، أنا موجود/ أنا المؤلف والبطل الحقيقي/ أنا كنت طير ماتهدنيش سماوات/ وانا متسلسل الجناحات/انا مش باخرف/ انا محموم/انا شفت روحى/ انا مااستاهلش/ انا باعترف/انا المذنب وانا العاصي"؛ ولأن(الذات) هُنا تُعد نتاجًا اجتماعيًا، فهناك ارتباط بين(اضطراب مفهوم الذات) و(المخاوف)؛ إلا أن تلك المخاوف تختفي عندما يدرك الشاعر قوته أحيانًا، وعندما يدرك حقيقة ما يخيفه أحيان أخرى

ثانيًا: آليات تجنب الخوف والتسكين الانفعالي
انطلاقًا من كون التحليل النفسي يُرجع(الخوف) الى تنافر المعاني التي يقيمها الفرد لذاته في أوقات التهديد الخارجي؛ فـــ(التجنبAvoidance response) يعتبر استجابة سلوكية تحدث عند مواجهة الشاعر للمواقف الإجتماعية الصادمة؛ لذلك نرى أن ذلك(الخوف) قد يتم تحويله الى موضوعات خارجية بهدف(إنكاره) فيقول"أنا والخوف أعز اصحاب/ بادخل على الأحلام بصدري لا أهاب"، أو(إسقاطه) على موضوعات أخرى بديله، فيقول"ممدودة إيدكم باالسلام وعينيكوا ليه بتقول كلام تانى/ ليا وطن مايخصكوش صنعته فى منامي/ وليا قلب ساعات مابيدقش/ وروح مدانه"، أو(إسقاطه) على الآخرين باعتبارهم عناصر معرقلة لمسيرته في تحقيق أهدافه، فيقول"والله عابر سبيل، ليه بتجروا من قدامي والذعر فى عينيكم، وبتهربوا مني كأني قتيل"صــ67، وقد يحاول الشاعر(كبت الصراع) الناجم عن الخوف فيلجأ الى(الترميز) عندما يقول"مسيح، وماشي وسطكم حافي/شبعان اضغاث احلام/شبعان هزايم آه، بس الهزايم طعمتني بالجساره/بالضبط زى عمود كهربا عميان، واقف اعد الساعات في نفس المكان"؛ فـــ(التجنب) استراتيجية مواجهة تأخذ أنماطًا متنوعة، منها(التجنب الموقفيSituational avoidance) الذي يعد طريقة للخلاص، عندما يقول"ليا وطن مايخصكوش، صنعته فى منامي"صـــ63، و(التجنب المعرفيCognitive avoidance) للذكريات المحزنة عن طريق الحذر ورسم العديد من السيناريوهات التي تجعل الذهن يقظًا، عن طريق ترديد العبارات والتأكيدات الإيجابية فيقول"أنا حاضر من الأول، مين فيكم كتبني غياب؟!/ وده صوت بكايا اللى مش طالع/ ماكانش ده اسمي، وماكنش ده لونى، اسمى ولونى شبهونى، خلونى دايما متهم بالزيف/ أفسدتوا حتى حلاوة وحدة، وسكنتوا فى الذكرى، اطلعوا مني"، و(التجنب الوقائيProtective avoidance) القائم على المبالغة في تأمين الذات عن طريق(الكماليةPerfectionism)، فيقول: "شايل غنايا سلاح في زمان الحرب، ورايتى بيضا وانا مش أسير/ مانيش كومبارس ولا سنيد"وعن طريق (التسويفProcrastination) عندما يقول"زرعت مواعيدي فى ارض كدابه/ وفضلت أجري ف مكانى/ ياما نادانى الصبح واستنانى ماصحيتلوش"
و(التجنب الجسديSomatic avoidance) الذي عبر عنه من خلال(الإنقباض/ الضيق)، كتعبيرات إنفعالية عن الأسى والغضب، فيتجاهل بالتبعية الأحاسيس السارة، عندما يقول"الحلم ياما اتنبح حسه يناديني، وماسمعتوش، ولما قابلني الحب فى طريقى وكلمنى أنكرته، وماعرفتوش/قمر مخنوق، انا شمس متحرم عليها الشروق/برىء منكم ومن مشاعركم الصادقة ليوم الدين"
و(التجنب الإستبداليSubstituation avoidance ) الذي يتم فيه استبدال شعور بشعور فينشغل الانسان عن الموقف الصادم أو المهدد بالإفراط في (التخييل) كطريقة لإلهاء الذات، فيقول"مش قادر اقعد زيكم وارتاح، بانام واقف، وباصحى مالتقيش لونى، فى حد بيعدي يحفر اسمه على وشى، وحد تانى بيعدى يلزق على جتتى اعلان"، مع ملاحظة أن التعامل بمنطق المراقب الخارجي للإنفعالات يعتبر(عزلًا مؤقتًا للذات(Stepping out(2)

ثالثًا:آليات الهروب والكف عن الحرية
على اعتبار أن النجاح في(استئصال المعاناة) لايعني محو(الصراع الصامت) لأن الشاعر كما نرى يقع في فخ معاناة جديدة، المعاناة هنا هى الثمن الذي يدفع من أجل الحصول على(السكينة الوهمية)، وفي ذلك يرى"آدلر" أن(الرغبة في القوة) تعتبر رد فعل لحماية الفرد من الوقوع فى(فخ الدونية)؛ فنراه يلجأ الى(الكف عن الحرية) ليجعل الحياة ممكنة؛ كآلية لـــ(الهروب) الذي يتسم(بالطابع الإرغامي)، فيقول"سلمت أملي لاحتمال وارد/ سلمت كل مااملك/مشيت وعملت مش ماشي/ والحلم لما هرب سبته/ ومن جميع الناس اكتفيت بي"، ونراه يميل الى(التقليل من نفسه) عن طريق(توجيه اللوم) لها، فيقول" اكتفيت بالندم/ لو كان بإيدي كنت عاشرتكم كالطيف/لو كان بإيدي كنت اعتزلت الرحلة والترحال/لو كان بإيدي كان زماني حد غيري مش أنا، كان زماني مش هنا" أو تعذيبها بـــ(الأفكار القهرية /المازوخية اللاعقلانية) باعتبارها الخلاص كحيلة للتخلص من(الفردانية)،فيقول" وحيد، وبتونس بأنفاسي/محتاج منكم عطف واحسان، ارحموا حالي لجل النبي، وادوني فرصة كمان/يامؤمنين بالحب والخير والحياة، محتاج صديق، محتاج طريق" وفي ذلك يرى"وليم رايك" أن(المازوخي) يبحث عن(اللذة) وأن(الألم) الذي يعانيه نتاج ثانوي وليس هدفًا في ذاته، فيقول الشاعر"آن الأوان عشان أجرحني، آن الأوان ياخلق عشان أكشفني وافضحني/ والذنب بعد التوبة المخلصه عملته تاني"، ويمعن أحيانًا في الإتجاه إلى(السادية) التي تمكنه من جعل الآخرين(يعانون ذهنيًا) معه، فيقول"لفيت على روحي حزام ناسف/ لفيت على بيوت الأحبه وسبت لهم وصية/يا اهل الكرم والمروءة، مين فيكم يتكفل بألمي، ويقول بدالي الآه"، مع ملاحظة أن الرغبات(المازوخية والسادية) هنا تساعد الفرد على الهروب من شعوره ب(العجز) فلابد من(التعويض) عن ذلك(بوصف الذات) التي تتسم بالسمو والكمال، فيقول"مانيش عادى، مانيش كومبارس/مانيش ضايع، ولا تايه، ولا مفقود/انا واحد مالوش تاني/مدمن مواجهة، أستاذ صراع"، (تقدير الذاتSelf_Esteem ) هنا يعني الإعتدال في حب الشاعر لنفسه والتركيز على الإيجابيات التي يتمتع بها، إلا أنه يلجأ مضطرًا في نهاية الديوان إلى(تأكيد ذاته) التي تظهر في تفاعله مع الآخرين دون اللجوء للإنسحاب، عبر اتباع آلية(التطابق الآلي) حيث يتنازل عن(فردانيته) ويصبح آلة متطابقة مع الآخرين فتصبح(الأنا) شعورًا مزيفًا بالذات ينجم عنه(إرادة زائفة)؛ فيقول"خلصت رصيدي من المواعيد، ووصلتلكم فلسان/عاجز تمني،فاقد أمل، حنوا على/عصفور كسيح وقعت فى ايديكم، ابوس ايديكم ماتحطونيش فى القفص"؛ فكل(كبت) يدفع الإنسان إلى اعتناق رغبات الآخرين أو اعتبار نفسه انعكاسًا لتوقعاتهم يقترن دائمًا بالشعور بالخزي من الذات و(توهم) التهديد النفسي والإعتقاد بانعدام القيمة الذي يتساوى مع التعطش إلى الرغبة في السيطرة عندما يقول"والحلم زى العلم، زى الانتظار، زى المواجهة, زى الفرار"، إلا أنه لم يقطع الحبل السري الذي يربطه بالناس والذي يتضمن(نقصًا لفردانيته)؛ لذلك عندما يتحرر من تلك الروابط الأولية يواجه ويقاوم فيقول"زرعت حبة أمل/ زرعت عين/ زرعت خطوة/ زرعت صورتي/بنص روح باحلم، وبنص حلم باعيش/اخلص لأملي وللأصحاب/مشيت لحد ماطرحت خطوتي فدادين/والوجع غنيته أغنية/أنا الفقير فى عينيه بير ميه، خانى الطريق، مديت لكم إيدي، فى جيبي عمله قديمة مابتمشيش، بيقولوا عليها الحب"، نلاحظ هنا كيف كان(التنبؤ بالخوف)، و(الحيرة والتوتر) ردود أفعال تم استخدامها لتخدم استعداد الشاعر للمواجهة

خاتمة:
في ديوان"لابس مزيكا" يظهر(تفكك) العلاقات القائمة بين الوظائف النفسية؛ فنجد أن(الكف عن الحرية) أدى إلى تحطيم الإنسجام بين الفكر والوجدان واللغة التي تغلب عليها الآلية، والسير على وتيرة واحدة، كما نجد أن(الإنفصال عن الواقع) يدفعه نحو الماضي(نكوصًا) من أجل الفرار، ورغبة في خلق عالمه الذاتي؛ فإشكالية(الإعتراف) مع الذاكرة تمثل تراجعًا نحو الماضي، فيقول"نفسي أقول واعترف، سيبوني اواجهنى بذنبي/ نفسي اعترف واقر، نفسي اكشف المستور، ونفسي اعريني/ سيبوني اقول ع اللى فيا واللى جوايا" واشكاليتها مع الوعود تتمثل في الترقب والتنبوء بالمستقبل، فيقول"ان كان لابد من اعتراف، انا باعترف/ انا شفت روحي في المنام باعترف، خفت انكشف/ انا باعترف طواعية وبإرادتي" في هذة الحالة نلاحظ (تضخم الذات)، والإسهاب في(التأمل) كآلية دفاعية لتعويض الشعور بالنقص، وإن كان(تأمل الذات) هنا أقرب الى(البلاده العاطفية) التي تتضح في النشاط القائم على التكرارات اللغوية، وكأن"ثقافة الإعتراف تمثل يقظة متأخرة، إنطلاقًا من أن الإعتراف بنية فكرية للذات من شأنها قلب تكوين الذات نفسه فتجعل من تقدير الذات لذاتها صورة من صور الإعتراف بالآخر، باعتباره الخارج الذي يقيم داخل ثنايا الأنا وباعتبار الأنا هى التي تشكل جغرافية الأخر"(3)، ونجد(السلبية) التي اتضحت في الشعور بــ(العجز) عن تجاوز الخبرات الحياتية المؤلمة، ونجد(الإجترار الفكري)؛ فيعيش الكاتب في عالم(المتخيل) فريسة لــ(الهذيان) الذي يظهر في(التناقض)؛ فنجده يؤكد المعاني وينفيها في آن واحد من خلال السعي الى أن يكون له رفيق؛ لأن(الحاجة الى الإنتماء) ضاغطة أيضًا، وإدراك الشاعر لنفسه كذات(متفرده) يتعارض مع إدراكه(لضآلته في مواجهة الناس)؛ لذلك كان تعظيمه لذاته كان من أجل الحفاظ على المجاهدات التي اتخذت اشكالًا من(الخضوع) أو(الإنسحاب) أحيانًا، والإنتقال من(الشك اللاعقلاني) النابع من إحساسه بالعجز إلى(اليقين) الذي يعبر عن الحاجة إلى تجنب(الوحدة)، و(المازوخية) التي تصل إلى(التدميرية) كنتاج للحياة غير المُعاشه، (النشاط الفرداني) هنا آلية لاشباع الحاجات، يتم دون الوصول الى أى إشباع لأنه يكون دائمًا محاطًا بالخوف، ووهم(الرفض الإجتماعي)، كما أن الديوان كان مزدحما بفينومينولوجيا الذاكرة التي تدور حول دلالات الأسئلة، فيقول "طول الطريق بسأل منين وازاى؟/ وخطايا اللي ماشي بارصها ع الارض حقيقة ولا خيال، ومودياني لفين؟/ولا كنت هسأل ليه أنا بالذات، أو ليه مش أنا؟/ودى خطوة ع الأسفلت، ودى خطوة ع الميه، ودى ايه كمان؟/ودول نجوم مطفيه ولا دول اصحاب؟/إيه اللى فيا غريب ومش مفهوم؟/ولا انتوا بنى آدمين؟، ولا انتوا مين؟هو انا كده ليه؟/مين فيكم كتبني غياب؟/إيه بس خلاكم تلزقوا صورى على الجدران، وتندهوا بأوصافي في ميكرفونات الجوامع؟/ليه اسمي وصورتي مش موجودين ع الأفيش؟/ مشواري صعب، وازاى ياخلق الله اواصل مسير؟/وعينيكوا شايفين ياترى ايديا الممدودين؟/يابكرة بانده عليك فينك؟، مخبى شمسك ليه وعامللي مش سامع؟/ عابر مااعرفش جى منين ورايح فين؟"؛ فبين القدرة على(التذكر) التي تتجه نحو الماضي عبر(الإستدعاء)، والقدرة على تنفيذ الوعود التي تتنبأ بالمستقبل عبر(الإستباق) تتضح قدرة الشاعر على(الإعتراف) من أجل(تحقيق الهوية)

الهوامش:
1_ علا عبد الباقي ابراهيم(2010)، "الخوف والقلق: التعرف على أوجه التشابه والإختلاف بينهما وعلاجهما وإجراءات الوقاية منهما"، ط1، عالم الكتب، القاهرة
2_ Dore,J.(2018). The Five Types of Avoidance, Published on PsychCentral.com
3_ جنات بلخني(2014)، "الإعتراف والذاكرة: تعرف الماضي واستشراف المستقبل"، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، ع3



#رشا_الفوال (هاشتاغ)       Rasha_El_Fawal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فُصام النَص وعلاقته بالذاكرة العاملة في مجموعة الرابع عشر من ...
- تأويل الحُلم عبر الذاكرة في رواية كيميا


المزيد.....




- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشا الفوال - دلالات الخوف ومفردات الشك في ديوان-لابس مزيكا- للشاعر/ جمال فتحي، قراءة أدبية من منظور نفسي