|
(1) تأريض الإسلام
زاغروس آمدي
(Zagros Amedie)
الحوار المتمدن-العدد: 1624 - 2006 / 7 / 27 - 00:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مدخــل إن مجرد الرغبة والنظر إلى الأشياء كما نريد لايغير من حقيقتها وجوهرها شيئاً.
من المعروف علمياً أنَّه كلما تناول الشخص نفس الدواء لفترة طويلة، قلَّتْ منفعته وزادت مضرَّته، لزيادة الآثار الجانبية لهذا الدواء من جهة، والضعف الذي يصيب الجهاز المناعي للمريض من جهة أخرى، ولذلك ينصح الأطباء بعدم تناول نفس الدواء لفترة طويلة، ويحاول الصيادلة دائماً صنع أدوية جديدة، إما بإكتشاف مواد طبية جديدة أو إعادة خلطات الأدوية السابقة بكميات ونسب مختلفة، لتأمين حياة صحية للمرضى. كما أنّه من المعروف علمياً إنَّ ترك الأرض دون تقليب تربتها وتهويتها وخلطها من جديد بين فترة وأخرى، ودون إنتزاع الأعشاب الضارة التي تظهر فيها باستمرار، يقلل من محصولها وقد تتوقف الأرض كلياً عن الإنتاج إذا اهملت تماماً، كما أن ضرورة تقليم أغصان وفروع الشجر أحياناً لزيادة ثمارها أمر معروف بالتجربة وبالعلم.
ما يسري على الدواء والأرض والشجر هنا يسري تماماً على الأديان، إلا أن الأديان هنا تضطر أن تمنع منعاً باتاً من إعادة خلطات مبادئها وأفكارها وتشريعاتها أو تلقيحها بأفكار جديدة لإعادة إنتاجها وتجديدها بحيث تتلاءم مع المستجدات والحياة المتجددة بإستمرار،بحكم أن المقدس مطلق وهو بغنى عن تدخل البشر فيه، بمعنى أن تاريخ صلاحياتها لا ينتهي أبداً وانها لاتخضع لسنن الطبيعة مثل غيرها من الظواهر الأخرى، لكن التاريخ والحياة العملية المعاشة والتجربة تثبت لنا أن الأديان هي كغيرها من الظواهر الأخرى بحاجة إلى تجديد وتغيير بشكل مستمر،بدليل أن الدين بعد مولده بفترة تطول أو تقصر، يتحول إلى علة للتخلف والركود والإنحطاط العقلي والفكري ينتج عنه بالضرورة إضطهاد فكري وديني وعرقي ،بفعل التحجر أو التكلس الذي يصيب نصوص هذه الأديان بفعل الجمود والسكون لإمتناعها عن التجديد والتبديل والتغيير والنسخ بمجرد وفاة النبي أو الرسول الذي تتجدد في عهده النصوص المقدسة بإستمرار وتتغير بل وقد تلغى نهائياً أو تبقى دون أن يكون لها قيمة أو مفعول، وهنا يكمن السر في إنحطاط الشعوب بعد إعتناقها لأي دين بفترة تطول أوتقصر كما ذكرت، لكنها لامحالة من إصابتها بالتخلف. لأنها تفقد ديناميكيتها فلا تجد من يقوم بتعديل نصوصها أو تغييرها أو حتى إلغائها بعد فقدها للنبي ،وماالخمول والإنحطاط الذي يصيب العقل الديني نتيجة وصفات النصوص الدينية المتكررة دون إعادة النظر فيها بشكل جدي،سوى الضعف الذي يصيب الجهاز المناعي عند تكرار تناول المريض لنفس الدواء. ومع أن المذاهب الدينية التي تظهر بين فترة وأخرى، تشكل أحياناً محاولات جادة وجريئة لتخليص العقل الديني من حالة السبات، والتقليل ما أمكن من الآثار الجانبية الضارة للدين،بإدخال نوع من التغيير في الأديان، إلا أنها لاتلبث أن تحتاج هي نفسها إلى التغيير والتجديد، وكنتيجة طبيعية لثبات النصوص الدينية فإنها تنقل عدوى ثباتها إلى العقل الديني ليناله الجمود ثم لايلبث أن يتحول إلى عقل محنط وفي أحسن الأحوال إلى كمبيوتر آلي يقوم بتلقي البرامج المقدمة له وإكتنازها دون أدنى إعتراض، ومن ثم الإشتغال وتقديم النتائج وفق تلك المعطيات. العقل الديني إذن هو في أفضل حالاته آلية ذكية تقوم بترجمة النصوص الدينية أفعالاً وأعمالاً وحركات وفق إملاءات وتفاسير تلك النصوص ذاتها.
ومن هنا نجد أن التجديد والتبديل والتغيير أو أي عملية إجرائية أخرى في النصوص الدينية تعتبر ضرورة لابد منها وتفرض نفسها بكل قوة كلما إشتدت الآثار السلبية لهذه النصوص حدةً.إلا أن أي إجراء عملي تجديدي لهذه النصوص لايلبث أن يتحطم ويتفتت عند إصطدامها بهذه النصوص الصلبة والصلدة. والنصوص الدينية مثلها "كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا".
في تاريخ لأديان نجد أن ظواهر التجديد فرضت نفسها على النصوص المقدسة، حفاظاً على حيوية وفاعلية هذه النصوص ذاتها من الجمود والأنكماش والإنحسار، من خلال ظهور مذاهب وتيارات دينية، ففي أوروبا حدثت حركات دينية إصلاحية استطاعت بها تمديد فاعلية تلك النصوص بإدخال بعض التجديد والتعديل عليها، أبرزها طروحات مارتن لوثر (1483-1546)، الذي ظهر في أشد مراحل الكنيسة سوءاً وأعلن بأن النص الوارد في الإنجيل هو فوق الكنيسة، وتجاوز ثوابت الكنيسة بترجمته للكتاب المقدس إلى اللغة الألمانية، وبذلك كسر احتكار الكنيسة للإيمان ولحق التفسير الديني، ودشن لحركة دينية إصلاحية، مهدت لإحدات إنقلابات جذرية في الدين والفكر ، إلا أن الدين في النهاية وجد نفسه يتراجع لأن تلك العمليات الإصلاحية الدينية لم تتعد الفضاء الديني وعجزت عن السبر في عمق النص المقدس لإدخال تغيير حقيقي وجذري يوافق متطلبات التطور الطبيعي، وأبقت العقل كأداة طيعة في خدمة اللاهوت المسيحي، بالإضافة إلى معاناة الأوروبيين الشديدة تحت وطأة الحروب الدينية التي كانت لهذه الإصلاحات دور هام فيها، في هذا الجو المضطرب وبعد مخاض عسير، بدأ العقل بالبروز من تحت ركام الكنيسة، وظهرت حركة التنوير الأوروبية، ومعه بدأ فك أسر العقل من قيود الدين، ليتحول العقل بعد فترة من إنعتاقه من سطوة الدين إلى سيد حر يمتلك زمام أموره ويقررها بنفسه، وينجح في النهاية في إقصاء الدين نهائياً عن الحياة العامة وحصره في الكنائس والكاتدرائيات، بعد أن كان أسيراً وخادماً أميناً له.
بالنسبة إلى الدين الإسلامي تعددت عمليات التهذيب والإصلاح من خلال الفرق والمذاهب الدينية والفلسفية قبل أن يكمل الإسلام الأربعين سنة الأولى من ميلاده، والتي بدأت مع إحتدام النزاع "القبلي ـ الديني ـ السياسي" بين الخليفة علي بن أبي طالب[1] ومعاوية بن أبي سفيان وهو أخو حبيبة إحى زوجات الرسول، أسلم مكرهاً كأبيه بعد فتح مكة، أجزل صهره لأبيه ولأبنائه العطايا والهبات من الفيء الإسلامي[2] ليؤلف قلبه ويستميله إلى الإسلام لمكانتة الكبيرة في مكة. ولكن مالبث أن اشتبك هذا النزاع القبلي والسياسي مع الدين، وما لبث أن تحول هذا النزاع إلى صراع مسلح، أزهقت فيه أكثر من سبعين ألف نفس، وبالرغم من توقف الصراع المسلح مؤقتاً فإن الصراع الديني المذهبي لم يتوقف، ومالبث أن ظهرت مدارس ومذاهب وفرق إسلامية امتدت خلال القرون الخمسةالتالية، كان من بينها من تعرضت لقضايا هامة تمس صميم الدين، كالطبيعة الإلهية وصفات الله ، ومفاهيم دينية حساسة كمفهوم النبوة والوحي والقضاء والقدر.
يعتبر "معبد الجهني" الذي مات مقتولاً تحت التعذيب سنة 80 هجرية أول من حاول تهذيب الدين الإسلامي بالتعرض لمفهومي القضاء والقدر، وتبعه في ذلك "عمرو المقصوص" الذي طمر ودفن حياً في دمشق من قبل بني أمية سنة 64 هجرية،ثم تبعهما في ذلك "غيلان الدمشقي" الذي مات مصلوباً مقطَّع اليدين والرجلين واللسان سنة 105 هجرية. هؤلاء الثلاثة هم أول الذين حاولوا تهذيب وتأريض المفاهيم الإسلامية وإصلاحها ونشر الفكر الإنساني التنويري وذلك من خلال تخليص عقل الإنسان وإرادته من تحكم الأرادة الإلهية وسطوتها وذلك بتحرير الإرادة الذاتية للإنسان من تبعيتها لإرادة الله كما قررها "الوحي المحمَّدي"، وأن الإنسان هو من يتحمل نتيحة أفعاله، لأنه يفعلها بإرادته الذاتية وليس بإرادة إلهية.
وتواصلت محاولات تعديل وتهذيب الإسلام الإصلاحية خاصة بعد سقوط الدولة الأموية التي لم تكن فقط تعارض حرية الإرادة الإنسانية لأسباب تتعلق بالخلافة،وإنما كانت بطبيعتها القبلية الجاهلية تشكل عائقاً أمام ظهور أي تطور أو تغيير، ورغم توفر المكتبات الكبيرة في كل من الإسكندرية ودمشق والرّها، وكذلك توفر أموال طائلة نتيجة الغزوات الكبيرة، فقد خلى العهد الأموى بالكامل من ظهور إي كتاب ذات قيمة،واقتصرعلى بعض الكتب المعدودة التي تناولت خصوصاً موضوع السيمياء بدافع الحصول على الذهب من المعادن الخسيسة. وظهرت تيارات عدة أبرزها التيار المعتزلي الذي عرف أصحابه بأهل العدل والتوحيد، وعنوا بالعدل قياس أحكام القرآن الني هي أحكام إلهية على ما يقتضيه العقل والحكمة، وعن التوحيد قالوا: "بأن الله تعالى قديم، والقدم أخصَُ وصف ذاته، ونفوا الصفات القديمة أصلاً، فقالوا: هو عالم بذاته قادر بذاته حي بذاته لا بعلم وقدرة وحياة. هي صفات قديمة ومعان قائمة به لأنه لو شاركته الصفات في القدم الذي هو أخص الوصف لشاركته في الإلهية. واتفقوا على نفي رؤية الله تعالى بالأبصار في دار القرار ونفى التشبيه عنه من كل وجه: جهة ومكانا وصورة وجسماً وتحيزاً وانتقالاً وزوالاً وتغيراً وتأثراً وأوجبوا تأويل الآيات المتشابهة فيه.واتفقوا على أن العبد قادر خالق لأفعاله، خيرها وشرها ،مستحق على ما يفعله ثواباً وعقاباً في الدار الآخرة. والرب تعالى منزه أن يضاف إليه شر وظلم، وفعل هو كفر ومعصية ،لأنه لو خلق الظلم كان ظالماً كما لو خلق العدل كان عادلاً. واتفقوا على أنه الله تعالى لا يفعل إلا الصلاح والخير ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد."[3] ولاشك فإن هذا التيار الذي اسسه واصل بن عطاء (توفي سنة 131هـ) يعتبر أول حركة إصلاحية تنويرية في الإسلام، وقد تناولت تعديل قضايا إسلامية جوهرية تشكل صلب العقيدة الإسلامية، وأعلنت بكل وضوح وجوب إستقلال العقل، وأن الحياة لاتستقيم بإله عادل وظالم معاً، لذلك فضلوا تحييد الله في أعمال البشر،سواءً في الخير أو في الشر، وانتقدوا بشدة فكرة أن الله يخلق الشرَّ ويقدِّره على عباده وفوق ذلك يعاقبهم عليه. وقد توسع هذا التيار وتفرع بحكم إقراره بحرية الأعمال والأفعال أي حرية العقل في مجال حياته الخاصة. وتسبب هذا التيار في تنشيط الحركة الفكرية في الإسلام وإنتعاشها وإنتشارها ، وأدى إلى ظهور مذاهب دينية وفلسفية مختلفة. فقد ظهر المذهب العقلاني الذي طرح بعض الرؤى الفكرية والفلسفية بقوة مع كتابات الكندي:(175 ـ 260هـ) وأبو بكر الرازي:(250 ـ 320هـ) والفارابي:(260 ـ 339هـ) وابن سينا:(370 ـ 427هـ) التي حاولت التقريب أو التوفيق بين الدين والفلسفة وطرح مبدأ إمكانية التزاوج الإختياري بينهما، ومقابل ذلك نشأت مدارس إسلامية أصولية محضة تصدَّت بعنف مادي ومعنوي شديدين لفكرة هذا "التزاوج بين المقدَّس والمدنَّس" الغير متكافؤ حسب إجتهادهم، واستمر هذا التصدي الديني الإسلامي العنيف للتيار العقلاني الإسلامي إلى أن نُسِفَتْ تلك المحاولات الفلسفية من أساسها.
ومع أن الفلاسفة المسلمين لم يتمردوا على الدين، بل ولم يفكرو حتى بذلك لأنهم كانوا هم أنفسهم رجال دين خرجوا من رحم الحلقات أو المدارس الدينية الإسلامية وظلّوا على إرتباط وثيق بها ولم ينقطع حبلهم السري يوما بها، إلا أن المدارس الإسلامية توجَّست خيفة من أفكارهم ورؤاهم المختلفة، بالرغم من أنها تركزت حول التوفيق بين العقل والنقل. فلم ينكروا النبوة أو الوحي المحمَّدي مثلاً، بل جاهدوا على ترسيخ مفهومي النبوة والوحي لحاجة الناس الماسة إليها في ذلك الوقت وربما في كل وقت. لكنهم طرحوا تفسيراتهم ورؤاهم الجديدة حول النبوة والوحي،بشكل عقلاني أقرب للعقل والمنطق وأكثرمعقولية حسب نظرتهم، فقالوا بأن الوحي إنما نزل على النبي فيضاً من "العقل الفعال" معاني مجردة عن الألفاظ، فصاغها هو ألفاظاً من تأليفه، وأن القرآن كتاب مواعظة وحكمة وإرشاد، وأن النبي اضطر إلى الإستعانة بالخيال والأمثال لتقريب المعانى الإيحائية للعوام، فصور لهم أن الله على صورة الإنسان يسمع ويبصر ويريد ويتكلم ويأتي ويروح وغير ذلك من الصفات والأفعال من أجل توصيل الرسالة. إلا أنها لم تلبث أن فشلت فشلاً ذريعاً في زحزحة النصوص القرآنية الثابتة والقوية من مكانها قيد أنملة، لرسوخ النص القرآني في العقل المسلم بصورة قوية ببيانه الساحر ، وقابليته للتلاوة بألحان وموسيقى رطبة ندية، وعزفه بإتقان على أوتار القلب، وعدم تركه شأناً من شؤون الحياة الهامة دون الإشارة إليه عبر شمولية فريدة من نوعها، جعلت كل الدروب إلى عقول المسلمين سالكة لإخضاعه له وليس لتحريره منه، وفرض عبودية مطلقة عليه، وكذلك وقوف طابور طويل من الفقهاء والمتكلمين المسلمين الذين إعتبروا الفلسفة كفراً وإلحاداً وزندقة، خلف هذه المحاولات التي أجهضت تلك الرؤى الفلسفية العقلانية قبل أن تنضج وتكبر ويصبح لديها يدان وقدمان تمشيان عليهما.
لاشك بأن هؤلاء الفقهاء والمتكلمين المسلمين لم يردّوا من فراغ، بل كانوا يستندون على قاعدة قوية لمواجهة التيار العقلاني الإسلامي، لها ركائز قوية في النص القرآني والسنة المحمدية،ثم أنهم كانوا يدركون خطورة إنتشار العقلانية وتسرب تأثيرها على النصوص القرآنية والسنة المحمدية، إن هي نجحت في تغيير أو تعديل مفهومي النبوة والوحي ، فسيكون ذلك بمثابة سقوط حجرة الدومينو الأولى والتي تتبعها سائر الأحجار بالسقوط. ولذلك فضل التيار الديني قاعدة أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم على هذا التيار العقلاني وأصحابه ووئده في مهده. ولاشك أنهم نجحوا في ذلك نجاحاً مطلقاً، فبعد إقصاء الفكر الفلسفي تماماً من الفضاء الديني الإسلامي، لم يلمع نجم فلسفي في الفضاء الإسلامي الواسع الممتد من المغرب على ضفاف الأطلسي إلى الجزر الأندنوسية السابحة في المحيط الهندي، منذ تسعة قرون بعد مقتل السهروردي جوعاً في سجنه، وموت ابن رشد محاصراً في منزله.
والسؤال الهام الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا أندحر العقل أمام النقل وفشلت كل محاولات الوفاق بينهما؟.مع أن الفقهاء المسلمين أفاضوا في بيان تعارض الفلسفة مع الدين، أو تعارض العقل من النقل، مستندين في ذلك كما ذكرت على نصوص القرآن بالدرجة الأولى. لكن هذا لوحده لم يكن سبباً كافياً في دحر العقل، فثمة أسباب أخرى هامة ساعدت في ذلك، أول هذه الأسباب وأهمها هو عدم إمكانية إنتشار الأفكار العقلانية بين جموع المسلمين لعدم توفر الوسائط لذلك، وانحصرت هذه الأفكار على أفراد قلائل جداً بالمقارنة مع الدين الذي توفرت له إلى جانب الجوامع والمنابر الموجودة في كل مدينة وقرية مدارس دينية إسلامية تمتعت بدعم ورعاية رسميين، حرمت منها الفلسفة، ويمكن أن يعزى نجاح الفكر العقلاني في أوروبا وفشله في العالم الإسلامي بشكل كبير إلى إختراع المطبعة في أوروبا وتوفر إمكانية إنتشار الأفكار بسرعة وبشكل أكبر إلى جانب عوامل أخرى. ولو توفرت هذه الإمكانية آنذاك للفكر العقلاني الإسلامي لنال حظه من النجاح مثل ما ناله الفكر الأوروبي. والسبب الثاني في إندحار الفلسفة الإسلامية أمام الدين هو اللجوء إلى عمليات التصفية الجسدية لأصحاب التيار العقلاني في الإسلام، طيلة القرون الستة الأولى في الإسلام. وكان هذا إيذاناً بإندثار الحضارة الإسلامية مع تضخم وتفرد الفكر الإسلامي الخالص بالسيادة على الأجواء الفكرية، وكان لفتاوي الفقهاء المسلمين التكفيرية الدور الحاسم في ملاحقة المفكرين المسلمين، حتى إنَّ بعضهم أشرف بنفسه على تصفيتهم والتمثيل بهم.حتى تم القضاء نهائياًعلى حرية الدين والفكر، التي سادت في بعض فترات ذلك التاريخ.
ومن المفكرين والمصلحين المسلمين الذين تم تصفيتهم جسدياً، "الجعد ابن درهم" أول من قال بخلق القرآن والذي ذبحه والي الكوفة في العهد الأموي الأمير خالد بن عبد الله القسري ذبح النعاج في صبيحة عيد الأضحى، حين قال في خطبة العيد وهو يؤم الناس: "أيها الناس ارجعوا فضحوا تقبل الله منا ومنكم، فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله تبارك وتعالى لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، سبحانه وتعالى عما يقوله الجعد بن درهم علواً كبيراً؛ وقال له: يا جعد ارجع عن مقالتك فقال الجعد: والله لا أرجع عنها أبداً، ثم نزل فذبحه، وكان ذلك في سنة 124ﻫ.".كما يروى أنه أتى خالد بن عبد الله القسري برجل قد عارض[4] القرآن، فقال: قال الله في كتابه: "إنا أعطيناك الكوثر. فصلِّ لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر"، وقلت أنا: "إنّا أعطينَاكَ الجماهِرْ، فصلِّ لربِّكَ وجاهِرْ، ولا تُطعْ كلَّ سافهٍ وَكافِرْ."، فضرب خالد عنقه، وصلبه، فمرَّ به خلف بن خليفة وهو مصلوب، فضرب بيده على خشبته فقال: "إنا أعطيناك العمود، فصل لربك على عود، فأنا ضامن لك ألا تعود."
وفي سنة 128ﻫ. قتل بنو أمية العلامة والمفكر "جهم بن صفـوان" الذي وافق المعتزلة في بعض أفكارهم إلا أنه خالفهم في القدر, وطرح فلسفته الجريئة حين أعلن أن "الإيـمان هو المعرفة بالله تعالى فقط ،والكفر هو الجهل به فقط".وانتشرت أفكاره إنتشاراً واسعاً في خراسان.
وفي سنة 147هجرية أمرالخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (136 ـ 158) بقتل الأديب والمفكر "ابن المقفع" (106 ـ 147هـ) بتهمة الزندقة، مع أنه كان قد أعلن إسلامه، فقطِّع جسده وهو حي، قطعاً قطعاً وهي ترمي بالنار أمام ناظره.
بعد تولي أبو عبدالله محمد بن المنصور الخلافة (158 ـ 169هـ) والذي عرف بالمهدي، اشتدت وتيرة الإضطهاد الديني والفكري وقام المهدي بتشكيل فرق خاصة لتصفية المعارضين له بالدين أو الفكر وكلف المتشدد المعروف بالكلواذي بقيادتهم، حتى تم تصفيتهم وإبادتهم وقتلهم على الشبهة،حسب ماذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء: "وفيها وفيما بعدها جدَّ المهدي في تتبع الزنادقة، وإبادتهم،والبحث عنهم في الآفاق والقتل على التهمة". وممن تم تصفيتهم آنذاك الشاعر بشار بن برد الذي تم تصفيته جسدياً في البصرة سنة 167هـ. ويروي الذهبي في ترجمة المهدي أنه: " كان جواداً، ممداحاً، معطاءً، محبباً إلى الرعية، قصاباً في الزنادقة، باحثاً عنهم." ويروي عنه القرطبي أنه كان جواداً ممدَّحاً،محبباً إلى الرعية،حسن الإعتقاد، تتبع الزنادقة، وأفنى منهم خلقاً كثيراً." ويذكر المؤرخون أنه أوصى ابنه في حال موته أن يكمل عنه إبادة الزنادقة، وقد أخلص ابنه الخليفة الهادي (169 ـ 170هـ) لوصية والده واشتهر بقوله عن إبادة إتباع الديانة المانوية الذين عرفوا بالزنادقة: " أما واللّه لئن عشت لاقتلنَّ هذه الفرقة كلها، لا أترك منها عيناً تطرف". فجد في أمرهم وقتل منهم خلقاً كثيراً، على ماذكر السيوطي في كتابه "تاريخ الخلفاء" ويذكر السيوطي عن الذهبي أن الهادي كان يتناول المسكر، ويلعب، ويركب حماراً فارهاً، ومع ذلك كان فصيحاً أديباً،له سطوة وشهامة، وأنه بعث إلى أمه بطعام مسموم،فأطعمت منه كلباً،فانتثر،فعملت على قتله.
وفي سنة 309هـ.سيق العبقري والفيلسوف الصوفي: أبو المغيث الحسين بن منصور الملقَّب بالحلاج (858 ـ 922م) إلى ساحة بغداد،وصلب هناك، بفتوى جماعية لفقهاء بغداد، فقطعت يداه ورجلاه، وحزَّ رأسه، وأحرقت جثته، وألقي رمادها في دجلة، ونصب الرأس يومين ببغداد على الجسر، ثم حمل إلى خراسان، وطيف به في تلك النواحي. وقيل إن الحلاج كان يتجول في أسواق بغداد ويقول: "أيها الناس، اعلموا أنَّ الله قد أباح لكم دمى فاقتلونى ، اقتلونى تُؤجروا واسترح ، اقتلونى تكتبوا عند الله مجاهدين ، وأُكتب أنا شهيد." كل يفكر حسب إعتقاده، ولكن شتان بين إعتقاد أعمى وإعتقاد بصير. ومما كتبه في "الطواسين": "أفهامُ الخلائقِ لاتتعلَّق بالحقيقة ، والحقيقة لاتتعلَّق بالخليقة . الخواطرُ علائقُ ، وعلائقُ الخلائقِ لاتصل إلى الحقائق . والإدراك إلى علم الحقيقة صعبٌ ، فكيف إلى حَقِّ الحقيقة."
وكذلك أفتى قضاة بغداد على المفكر الصوفي ابن أبي الفراقيد بالكفر، وكان على نحو مذهب الحلاج ،وأحرقت جثته مع جثة مفكر صوفي آخر هو:ابن أبي عون صاحب "كتاب التنبيه" سنة 322هـ.
وفي سنة 587 هجرية أستجاب صلاح الدين لفتوى فقهاء حلب بقتل السهروردي (549 ـ 587هـ) الصوفي والفيلسوف الذي قال: "لا أموت حتى يقال لي قم فأنذر" وقد حيّر فقهاء حلب، فيما إذا كان يستحيل على الله أن يبعث نبياً بعد محمد أم لا. وقد عرضوا عليه عدة طرق لقتله وخيروه فيها، ويقال إنه اختار الموت جوعاً وهو في السجن.
وفي سنة 595 هجرية أمر الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور تحت ضغط الفقهاء بنفي الفيلسوف والطبيب أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد الأندلسي القرطبي(520 ـ 595هـ)، وحرق كتبه الفلسفية وحبسه في منزله إلى أن مات.
وقد طالت فتاوى التكفير كلاً من الفيلسوفين ابن سينا والفارابي وغيرهما، وعلى العموم أصدر كبار الفقهاء والأئمة المسلمين على الدوام فتاويهم ضد الفلسفة والمنطق مع بدء تسرب الفكر الفلسفي، حتى جاء ابن الصلاح الشهرزوري المتوفي سنة 643هـ. ومن بعده ابن تيمية(661 ـ 728هـ) وكثيرون غيرهما وأصدروا فتاوي عامة بتكفير المنطق والفلسفة والفلاسفة بالجملة،لم تستثني فيلسوفاً أو مفكراً أو مصلحاً دينياً، شكلت حرب إبادة فكرية رسَّخت الإضطهاد الديني والإرهاب الفكري الإسلاميين وضربت بجذورهما عميقاً في الإسلام.وشاعت مقولة "مَنْ تَمَنْطَقَ تَزَنْدَقَ" منذ ذلك الوقت والتي يسري مفعولها عند المسلمين إلى وقتنا الحاضر.
ويلاحظ أن الفترات التي كان يشتد فيها وطأة الإضطهاد الديني، كان يتميز بخليفة تقي وورع، عالم بالقرآن والسنة، كالمهدي الذي كان ضالعاً في أمور الدين ومتحمساً للسنة المحمدية وهو الذي أمر بإعادة المنابر كما كانت في عهد النبوة، كما لايمكن أن نغفل أنه وقف خلف هذا العسف الديني والفكري جيش غفير من الأئمة والفقهاء المسلمين،الذين أشرف بعضاً منهم شخصياً على عمليات القتل والتنكيل التي كانت تتم باسم الدين وتحت رايته. والسؤال هنا من أي مصدر كان يستمد هؤلاء الفقهاء والأئمة فتاويهم التكفيرية هذه؟
من المؤكد عند المؤرخين المسلمين والذي لاخلاف حوله بينهم، أنهم كانوا يستمدون ذلك من القرآن والسيرة المحمدية بالدرجة الأولى، مع أن أغلب رجال الدين والفكر الإسلامي المعاصر،ينفون عن القرآن والسنة المحمدية أن تكونا مصدراً لفتاوي التكفير والقتل، ويوعزون تلك الفتاوى إلى أهواء اولئك الأئمة والفقهاء وتأثير الواقع السياسي، ومع عدم نفي لتأثير كل هذه الدوافع، إلا أنه لايمكننا أن نلغي عشرات الآيات ومئات الأحاديث المحمدية الني تحرض على القتل والتكفير، رغم رغبتنا في أن يكون ديننا دين محبة وإخوة وسلام فقط. كما لايمكننا أن نلغي من التاريخ أن محمداً قد حمل السيف وقاد بضعاً وعشرين غزوة بنفسه، ومن غير المعلوم كم من الأرواح الإنسانية ـ المشركة ـ قد أزهقت بسيف محمد نفسه الذي أختفى من التاريخ لسبب غير معروف.
ومن العسير بل من غير الممكن حذف بعض الأحداث والوقائع الدامية التي حدثت في عهد الرسول الأعظم محمد، أو أن تجاهلها وعدم ذكرها ينفيها من التاريخ، رغبة منا في إظهار الإسلام وكأنه نشأ في جو من المحبة والوئام وفرض بالحكمة والموعظة الحسنة، ليمكننا القول أن روح الإسلام وجوهره هو السلام والأخوة والمحبة. إن هذا إلا خداع للنفس وتجن على حقوق العقل في معرفة الحقيقة وإستهانة كبيرة له. إن نحن أن أردنا فعلاً معالجة الأزمة الإسلامية علينا أن نضع جميع الأوراق فوق الطاولة، الرابحة منها والخاسرة، وإعادة النظر فيها بكل واقعية وموضوعية.وعدم ترك المسائل الحرجة والغير مستحبة جانباً وإهمالها.فثمة حوادث وعمليات إغتيال وقتل كلَّف بها النبي محمد أصحابه لتنفيذها، وثمة معارك دامية ومذابح جماعية قام بها المسلمون في عهد النبوة وما بعدها، لن تختفي من التاريخ بمجرد عدم رغبتنا في التطرق إليها أو تجاهلها، لأنها ليست هامشاً على صفحة التاريخ الإسلامي، بل إنها القاعدة والأساس الذي نشأ وقام فيه الإسلام، وحين نذكر بعضاً من هذه الأعمال تتضح لنا الخلفية الدينية والتاريخية التي أدت إلى حدوث هذا الإضطهاد الديني والفكري بهذه الحدة، بعد موت "النبي الأمي" محمد.
فلايمكن أن نلغي من التاريخ أن النبي العربي محمد بن عبدالله أرسل سالم بن عمير العمري إلى أبي عفك اليهودي الذي كان شيخا كبيرا قد بلغ عشرين ومائة سنة، ليقوم بقتله، لأنه كان يدحض نبوته. فوضع رسوله هذا سيفه على كبد أبي عفك ثم اعتمد عليه حتى خش في الفراش، فيبارك محمد صاحبه ويحجز له مكاناً لائقاً في الجنة.
وكانت هذه أول عملية إغتيال في التاريخ الإسلامي حدثت في شوال سنة (2هـ)، وثاني عملية إغتيال حدثت في نفس السنة، حين أرسل نبي الإسلام من يغتال الشاعراليهودي كعب بن الأشرف، والذي كان أيضاً بدوره يفنِّد نبوة محمد بأشعاره، ولما أتمَّ رجاله عمليتهم بنجاح وتوفيق ، عادوا إلى نبيهم فرحين. "فقال لهم نبي الملحمة: أفلحت الوجوه، قالوا ووجهك يا رسول الله ورموا برأسه بين يديه، فحمد الله على قتله، فلما أصبح قال من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه فخافت اليهود فلم يطلع منهم أحد ولم ينطقوا وخافوا أن يبيتوا كما بيت بن الأشرف " .
"وماينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى". أليس غريباً بعض الشيء بل لربما هي الغرابة بذاتها أن يأمر الله بإغتيال كعب بن الأشرف هذا وغيره والتمثيل به وقطع رأسه وإمعائه، وكل ذنبه أنه يبدي رأيه معارضاً آراء محمد بلسانه وليس بسيفه؟،لماذا لم يكتف محمد بتكليف شاعره حسان بن ثابت بالرد على هذا الشاعر،بل كيف عجز الوحي ذاته في دحض أشعار هذا اليهودي حتى يلجأ محمد إلى السيف للتخلص منه؟ يعلل الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي ذلك بقوله: "والمحاربة باللسان في باب الدين ، قد تكون أنكى من المحاربة باليد ، ولذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يقتل من كان يحاربه باللسان."[5]
وقد تتالت تلك العمليات الأغتيالية لأنها كانت تؤتي أوكلها على مابدا للرسول الأعظم، ففي ليلة الاثنين في السحر لأربع خلون من ذي الحجة على رأس ستة وأربعين شهراً، سنة (4هـ)، أرسل "يتيم قريش" محمد بن عبدالله سرية عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع سلام بن أبي الحقيق النضري، فقاموا بإغتياله وهو نائم في بيته بين أولاده.
وفي يوم الاثنين لخمس خلون من المحرم على رأس أربعة وخمسين شهرا من هجرة محمد، أي سنة (5هـ) ارسل "خاتم الأنبياء والرسل" صاحبه عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بن نبيح ليقوم بإغتياله لأنه كان يعد جيشاً لحربه، وعندماعاد صاحبه، قال له محمد: "أفلح الوجه" فرد صاحبه: "أفلح وجهك يا رسول الله" ووضع رأس بن نبيح بين يدي "نبي الرحمة". فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس ، فبعثه سرية وحده إليه ليقتله، وقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم:انتسب إلى خزاعة . فقال عبد الله بن أنيس: يا رسول الله ما أعرفه فصفه لي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك إذا رأيته هبته وفرقت منه وذكرت الشيطان. وكنت لا أهاب الرجال فقلت : يا رسول الله ما فرقت من شيء قط . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، آية بينك وبينه أن تجد له قشعريرة إذا رأيته. المغازي للواقدي..
لم يقتصر "نبي الملحمة" محمد بن عبدالله على تصفية خصومه من الرجال فقط، فقد طالت تصفياته النساء أيضاً، حين أرسل صاحبه الأعمى عمير بن عدي، الذي قام في جوف ليلة من ليالي رمضان سنة (2هـ) وتسلل إلى بيت الشاعرة عصماء بنت مروان، ،فتحسس الطفل الرضيع وأزاحه برفق من على صدر أمه، ثم غرز سيفه في صدر الأم المرضعة عصماء بنت مروان وسط أطفالها وهي غارقة في نومها حتى أنفذه من ظهرها، بعد أن احتمل عليه. ولما جاءه عمير بخبر ذبحها، قال محمد: "لاينتطح فيها عنزان" وأضاف: "إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجلٍ نصر الله ورسوله بالغيب، فانظروا إلى هذا الأعمى الذي تشدد في طاعة الله." وكانت عصماء هذه فصيحة اللسان تشجع الناس على عدم ترك دينهم، وأن لايصدقوا محمدا ، وكانت تعيب الإسلام، كما كان محمد يعيب آلهة العرب ويسفهها أثناء دعوته في مكة.
هذه بعض عمليات الإغتيال والقتل التي أيدها الوحي المحمدي، والتي تشكل دوافع دينية قوية لعمليات إرهابية إسلامية وتضفي عليها صفة الشرعية.
وعندما نهب ثمانية رجال مسلمون لقاح ونخل "النبي الأعظم"، أرسل خلفهم وتم أسرهم، وبدلاً من أن يعفي "نبي الرحمة" عنهم "أمر بهم فَقُطِّعَتْ أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم، فصلبوا هناك، وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أوتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف."
وفي سنة (5هـ) جرت أول عملية من عمليات الإبادة الجماعية الإسلامية، وقد أشرف عليها "النبي الأعظم" محمد بن عبدالله بنفسه،ذبح فيها كل ذكر نبت عليه شعر من يهود بني قريظة،وحسب الروايات فقد تراوح عددهم (700ـ900) ،تم إلقاء جثثهم مفصولة الرأس في أخدود حفر في سوق المدينة وسط يثرب.وتم توزيع نساءهم وأطفالهم وأملاكهم على أصحابه.
إن الأئمة والفقهاء المسلمين كانوا ومازالوا يعتبرون هذه العمليات التي تمت في عصر النبوة جهاداً دينياً تأسس عليه الإسلام، ومن الطبيعي أن تكون لهم مثالاً وأسوة في تعاملهم سواءً مع الآخر أو مع بعضهم. "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ". وفتاوى القتل والتكفير التي صدرت عن هؤلاء، إنما كانت تعتمد على نصوص القرآن والسنة المؤكدة.ولذلك كانوا يصدرونها ويُنفِّذونها وهم في غاية الرضى ومنتهى الإرتياح، بل أنهم إعتبروها جهاداً في سبيل الله، يستحقون عليها مقاعداً في الصفوف الأمامية من الجنة التي وعدهم بها القرآن.
من الحقائق الثابتة التي لايمكن إسقاطها من التاريخ، أن أكثر من ثلثي القرآن تأسس في يثرب بعد لجوء "يتيم قريش" إليها،في خضم الحرب والقتل وضرب الرقاب في جو يسوده العداء والحقد والكراهية بين المسلمين من جهة والمشركين واليهود وغيرهم من جهة أخرى. ومن الطبيعي أن ينعكس تأثير هذا كله في النص القرآني الذي تأسس معظمه في يثرب.وهذا يؤكد أن جوهر الإسلام الذي تشكل بالحراب والرماح والكره لايمكن أن يكون سلاماً. والفتاوي السابقة والحاضرة واللاحقة لأئمة المسلمين وفقهائهم في تكفير الناس وقتلهم، مستوحاة من صميم الدين الإسلامي والتأسي بالرسول محمد وسيرته العطرة. فالإضطهاد الديني والإرهاب الفكري وإنكار الآخر لم يأتي إلى الإسلام من الخارج، بل هو مستقر في صميم العقيدة الإسلامية، وجزءٌ أساسي منها، بدأ به محمد ضد خصومه وواصل أصحابه تلك السنة في حروب الردة والفتوحات الخارجية، وأورثوها لخلفهم وهكذا استمرت حتى اليوم.
ومن الحقائق المعروفة لكل باحث في التاريخ الإسلامي أن الإسلام قام وتأسس على القتل وسلب الغنائم المسمى بالجهاد في سبيل الله، وأنه لايمكن أن يحيا ويقوى من جديد إلا بالجهاد، كما تنادي بذلك الحركات الإسلامية الأصولية، ومن يطلع على الإسلام يدرك بسهولة أن الإسلام قام على القتل وتوسع وانتشر بالقتل، وقد تكررت كلمة القتل ومشتقاتها مثل: قاتلوا، اقتلوا، في "القرآن العربي" حوالي 171 مرة. ولما توقف الإسلام عن الغزو والقتل ضعف واستكان.
إن في القتل قوة للمسلمين وفي السلم ضعف وإنهيار وإضمحلال. بدليل أنه بمجرد توقف المد الإسلامي الإستعماري التوسعي، وإنزال رايه الجهاد،بدأت الإنكسارات تتوالى في الإسلام،وبدأ التشتت والتفكك ينال منه حتى أوقعه في التخلف والإنحطاط. ومع أن الإسلام عاد وتوسع بالقتل في عهد العثمانيين الأتراك، إلا أنه ظل في حالة تقهقروإنحدار فكري مطبق انتشر حيث إنتشر الإسلام مع العثمانيين،حتى إنهم رفضوا قبول دخول المطبعة ديار الإسلام أكثر من قرنين من الزمان. ولذلك لايتردد المخلصون لهذا الدين كالمنتسبون للمنظمات الإسلامية المنضوية في حركة القاعدة التي يترأسها الملياردير السعودي المهندس اسامة بن لادن، والذي يلقى تأييداً من معظم رجال الدين المسلمين الغير رسميين، في وجوب إعلان الجهاد الإسلامي ضد الكفار، وأن الإسلام لايمكن أن يقوى وينتشر ويسود العالم ويقوده، ليحقق العدالة الإلهية في الأرض بدون الجهاد في سبيل الله.
من المهم الإشارة هنا إلى مسألة الاساءة الى الإسلام أو الإساءة إلى مشاعر المسلمين التي تثار بين حين وآخر، والتي من المؤكد أن أتهم بها كغيري ممن يجهرون بآرائهم وإنتقاداتهم حول الدين، ومع أني بعيد كل البعد عن هذا القصد، ومع هذا فلنفرض جدلاً أن هذا يسبب إساءة لمشاعر المسلمين، فماذا إذن عن اساءة الإسلام وضرره على المسلمين وغير المسلمين؟ ماذا عن تحقير الدين الإسلامي للعقل وتحجيمه له؟ ماذا عن اساءة الإسلام للمراة وتحقيره لها وجعلها لاتساوي أكثر من ضلع واحد للرجل لاأكثر؟ وماذا عن شرعنة ضربها وإهانتها وحرمانها من نصف ميراثها؟ وماذا عن سجنها في البيت بالأقفال الغليظة والأقسام المُغلَّظة، وسجنها خارج بيتها بالثياب السميكة والداكنة؟ وماذا عن حرق مشاعرها بالزواج عليها مثنى وثلاث ورباع وما ملكت إيمانهم؟ وماذا عن طمس جمالها وتشويه أنوثنتها ونفسيتها وخنق إبداعاتها ومواهبها وهي ماتزال طفلة صغيرة؟ وماذا عن إساءة الإسلام للمرأة المسلمة وإعتبارها مجرد قطعة للتمتع بها وجعلها مجرد دجاجة لتفريخ الصيصان؟ وماذا عن قتل الإسلام لمن يرتد عنه؟ اليست هذه كلها إساءات بالغة من الإسلام تجاه الانسان؟ ثم ماذا عن اساءة الدين الى اهل الاديان الاخرى؟ ماذا عن إساءة الملايين من المصلين المسلمين لليهود والمسيحيين بوصفهم في اليوم الواحد بضع عشرة مرة على الأقل بالضلال والكفر وفوزهم بغضب من الله ورسوله والمؤمنين كما نص على ذلك "القرآن العظيم"؟[6] وماذا عن إساءة الإسلام للأطفال الصغار في عمر الخامسة والسادسة والسابعة وفرض حفظ القرآن والصلاة والحجاب وأحياناً الصيام قهراً عليهم؟. وماذا عن إساءة الإسلام للكرامة الإنسانية في رجم الفتيات القاصرات والبالغات في عمر الزهور لأن مسلماً أفاكاً استغل ضعفها فاغتصبها وأفتض بكارتها وألقاها في حفرة حقيرة لينهال عليها المسلمون بالحجارة واللعنات حتى يقضوا على آخر أنفاسها؟وماذا عن ترهييب الأنفس البريئة البسيطة بعذاب القبر الفظيع والثعبان الأقرع ,وعذاب جهنم الشديد وشجرة الزقوم؟ وأخيراً وليس آخراً ماذا عن قطع الرقاب وحز الرؤس وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف؟ ألا يسيء كل هذا للمشاعر الإنسانية؟ ألا يسيء كل هذا للكرامة الإنسانية؟ ألا يسيء كل هذا ومثله الكثير للحكمة والعقل؟ وعندما يحاول أحدهم الإعتراض على هذه الإساءات تقوم الدنيا ولاتقعد بفعل تعصب الأصوليين وإستغلالهم منابر المساجد وشاشات الفضائيات لتعبئة عامة المسلمين بشحناتهم المقيتة، ثم سوقهم إلى الشوارع كما تساق الإبل والأغنام للقيام بأعمال همجية طائشة.
لايخفى على المبصرين من الباحثين في الإسلام أنّ أكثر من يعادي حقوق الإنسان والديمقراطية هو الإسلام وأصحابه الخلّص الأصوليين، وأجد من البديهي جداً أنه من حق الإنسان الدفاع عن حقوقه وكرامته التي يهدرها ويخرقها الدين، وإذا كان الأصوليون المسلمون يجدون أن في ذلك إساءة للدين وإساءة لمشاعرهم ،فإن ذلك لايعني بداهةً السكوت عن خرق حقوقنا وتحقير كرامتنا وإذلال إنفسنا، والإحجام عن التصدي والرد على هذا الخرق وهذه الإهانة بحجة عدم الإساءة إلى الدين، الدين الذي وجد أصلاً ليكون في خدمة الناس وخلق حياة أفضل لهم. وليس لإخضاعهم وفرض نمط ثابت من العيش إلى الأبد ،وإكراههم على مالايرغبونه، كما فعل ويفعل الأصوليون في أماكن عدة كأفغانستان وإيران والسودان والسعودية وغيرها، فحينما يعجز الدين عن تحقيق حياة أفضل وفوق ذلك يريد أن يفرض نفسه على الناس، فإنّ هذا يشكل منتهى الإساءة الحقيقية، حيث يذهب ضحية هذا الفرض مجتمعات بأكملها حين تخضع لشريعة بدائية تعود بالمجتمعات الإسلامية آلافاً من السنين إلى الوراء.
من حق أي إنسان مسلم أن يسأل نفسه وغيره إذا كان الإسلام دين الحق والعدالة والسماحة والرحمة والمحبة والسلام والتعاون والتآخي وسائر القيم والفضائل الإنسانية الخالدة، حتى يذهب الكثير من المسلمين إلى إعتبار الإسلام دين الوسطية والديمقراطية وحرية التعبير والاعتقاد، فلماذا إذن الواقع الإسلامي مختلف تماماً؟ هل يعقل أن نتنعم نحن المسلمون بكل هذه القيم والفضائل السامية والرفيعة،ونعيش واقعاً أقل مايقال عنه إنه واقع تخلف وإنحطاط وفساد؟
أشعر أنَّ الله لن يرميني في جحيميه الأبدي إذا سألته مثلاً: لماذا حرَّمْتَ على الخمر وحللته لغيري؟ ولماذا حللت لي كمسلم أن أتزوج أربع نساء وأعتلي ماأشاء من الجواري والإمات، وشرعت لغيري بزوجة واحدة فقط.؟ ومن حقي أن أسأل كيف اشهد في اليوم الواحد ستين مرة على الأقل أن لا إله الله وأن محمداً رسول الله، وأنا لم اشاهد أحداً منهما مرة واحدة؟ ومن حق كل مسلم أن يبحث عن الكلمات المحركة للعقل والتي سقطت أو أُسقطت عمداً عن سابق قصد وتصميم من العقل المسلم مثل: لماذا وكيف وهل ومتى وأين..إلخ والبحث في أسباب سقوطها أو إسقاطها وإعادة تفعيلها. ومن حقه أن يتخطى الدوائر التي وضع ضمنها، وليس من حق غيره أن يمنعه عن ذلك، بحجة أن ذلك قد يسيء لمشاعر زيد وعبيد من المسلمين، وإذا كانت المسألة هي مسألة إساءة للمشاعر الدينية ،فعلينا أن لاننسى أن النبي الأعظم أيضاً كان يسيء للمشاعر الدينية للناس، عندما كان يمشي في أزقة مكة وساحاتها ويقف في أسواقها يشتم آلهة العرب ويهينها ويعيبها؟ ثم أني لاأشتم ولاأعيب ولاأهين إلهاً أو رسولاً، إني أتحدث فقط عن وقائع وآيات وابدي رأياً فيها وأنتقد بعضها، لأنها ليست شعراً في كتاب أو كتاباً في متحف،أو هو مجرد دعاءٍ يردده أصوليٌ مسلمٌ بينه وبين نفسه أو مع إلهه "المنتقم الجبَّار"، وإنما هو تشريع وإجراءات وممارسات وأحكام تقوم بإخضاع وإجبار الناس على التقيد والإلتزام بها، ومن حقي هنا أن أبدي إعتراضي أو رأي بها على الأقل.وإذا كان الأصوليون يريدون أن يعيشوا في دينهم إيجاباً وسلباً دون المساس بالآخرين فهذا من شأنهم الخاص، ولاحق لي في التعرض لآرائهم وإجتهاداتهم وكتبهم ، أما إذا كانوا يؤمنون أنه من حقهم وواجبهم الديني فرض طريقة عيشهم في الدين هذا على الآخرين وتكفير أو عقوبة من لايشاركهم ذلك وأنه يجب قتلهم بضرب رقابهم وتقطيع أرجلهم وأيديهم من خلاف، فمن الطبيعي والأولى أن يكون من حق الآخرين أن يرفضوا وأن لايسمحوا لهؤلاء الأصوليون أن يجبروهم على العيش بطريقتهم البدائية هذه.
قد يعتقد البعض أني أسعى إلى تشويه الإسلام بتناولي لبعض المسكوت عنه في النصوص الدينية والسيرة النبوية، والمرغوب في تجاوزه أو نسيانه وعدم التعرض له إسلامياً، لكنِّي أطمئن هؤلاء وأقول لهم إنَّ الإسلام ليس بحاجة إلى التشويه لأنه مشوه بالأساس، ومحاولتي هنا لاتتعدى سوى إزاحة النقاب عن هذا التشويه ليس أكثر، وذلك بالكشف عن سلبياته وتعرية أخطائه ، وأستطيع أن أقول أكثر من ذلك بأن هؤلاء هم أنفسهم من يشوهون الإسلام حين ينسبون إليه مالا يطيقه وينزعون منه مالا يرغبون به فيه، كأن يزعموا أن الإسلام لايتعارض مع الديمقراطية وحقوق الإنسان وأن حقوق المرأة مصانة في الإسلام وأن روح الإسلام هو المحبة والتسامح والتعاون ونشر السلام. جميل أن ينظر المسلم وخاصة إلى القرآن هذه النظرة الإنسانية الرائعة، لكن للأسف فإن مجرد الرغبة والنظر إلى الأشياء كما نريد لايغير من حقيقتها وجوهرها شيئاً.ويجب أن نعي إلى حقيقة أن نميز بين ماهو الدين في حقيقته كما هو وبين الدين كما نريده نحن. لكن يبدو أن هذا غير ممكن عند المسلمين على الأقل، لأنه على الرغم من تعدد المذاهب والطرق والتيارات الإسلامية بصورة صار من الصعب حصرها بدقة، نجد أن صاحب كل مذهب يدعي ودون أدنى حرج بأنَّ مذهبه هو الإسلام الحقيقي والصحيح والكامل، هذا رغم الإختلافات والخلافات الكبيرة والكثيرة بين هذه المذاهب، ولهذا السبب وهذا السبب فقط نستطيع أن نقول أن "ليس مثل الإسلام دين ظلمه أصحابه والمنتسبون إليه".ففي حين أن الديمقراطية لاصلة لها بالإسلام بل وتتعارض معه كلياً،ولذلك يعتبر الفقهاء الأصوليون الديمقراطية دين كفر، نجد بالمقابل أن بعض المسلمين من رجال دين ومفكرين لايرون أن الديمقراطية تتعارض مع الإسلام حتى إن بعضهم يصر بشدة على أنها فكرة إسلامية ونظام إسلامي سرقه الغرب من "القرآن العربي" في غفلة عن المسلمين، وليست هذه المفارقة الكبيرة سوى علامة واحدة من علامات تشويه الإسلام من قبل المسلمين أنفسهم.
ومع الإقرار بإن نشوء المذاهب أمر طبيعي تفرضه الضرورة المتولدة من صيرورة الحياة بما تحمله من متغيرات ومستجدات بشكل دائم ومستمر ـ حتى إني لاأستبعد أنه لو ظهر "النبي العربي" محمد بن عبدالله في هذا العصر لأتحفنا بدينٍ جديدٍ وبقرآنٍ جديد وأحاديث جديدة ـ إلا أننا لايمكن أن نستوعب تشويه الآيات القرآنية بتأويلها وتفسيرها في غير مقاصدها ومعانيها المبينة ، فبالإضافة إلى أن هذا التشويه يشكل تعد على حقوق هذه الآيات، فإنه يعتبر أيضاً تعد واضح على عقولنا بإستغبائها وتلقينها هذه المغالطات الكبرى، وعندما أقول أنه لايمكننا أن نوفق بين الإسلام أي "القرآن والسنة" كما هو وبين الإسلام كما نريده، أريد بذلك وقف إنتشار هذه التشوهات والمغالطات التي لن تزيد المسلمين إلا تخلفاً وإنعزالاً. ثم أن النص القرآني من النصوص الواضحة التي لايمكن أن تلبسه هذه التشوهات فالقرآن العربي قرآن مبين وواضح بقي كما هو دائماً ويستطيع أي عربي قراءته وفهمه ولايمكن لأي مؤّول حرفه عن مساره دون المساس بأساسياته، ومن الأسباب الأخرى لعدم إمكانية الفصل بين الإسلام كما هو وبين الإسلام الذي نريده، أنه لايمكننا الحكم على الإسلام من حديث أو آية لأن الإسلام ليس مجرد قطعة قماش أذا تفحصنا جزء منها حكمنا على كلها، كما أنه من السذاجة أن نحكم على النمر من لونه الجميل فقط، وماأكثر السذج من المسلمين وحتى غير المسلمين أيضاً يختصرون الإسلام كله في آية أو آيتين فقط، كأن يذكروا على سبيل المثال وليس الحصر هاتين الآيتين التي تتردد كثيراً على ألسن المسلمين هذه الأيام عندما يريدون إظهار حرية الإعتقاد في الإسلام: "لا إكراه في الدين" أو "لكم دينكم ولي دين" ويتغافلون عن عشرات الآيات التي تناقض هاتين الآيتين،علماً بأن الآيتين قد نُسختا وبطل العمل بهما منذ أن نزلت آيات الجهاد على "نبي الملحمة" الذي حمل راية الجهاد تحت شعار "يَامَنْصُور أَمِتْ" أو "أَمِتْ أَمِتْ"،مثل الآية المعروفة بآية السيف: "قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ." هذه الآية والعشرات من أخواتها ألغت ونسخت جميع آيات الموادعة والتسامح كالآيتين السابقتي الذكر كما قال بذلك جهابذة الفقه والتفسير والتأويل[7]، ثم أن الآية الأولى "لاإكراه في الدين" قد نزلت حصراً في أبناء الأوس والخزرج الذين تهودوا من صغرهم ولم يرغبوا في إعتناق الإسلام أثناء إجلاء اليهود من يثرب، وفضلوا الرحيل معهم، وقد نزلت الآية المذكورة في خضم قتال محمد وأتباعه مع اليهود والمشركين العرب، خوفاً من إرتداد الأنصار الذين لم يثبت الإيمان بعد في قلوبهم،فيما إذا أمر محمد بضرب رقاب أبنائهم المتهودين. ثم أن الجهاد الذي كان يمارسه "نبي الملحمة" مع أتباعه ضد اليهود والمشركين العرب بعد نزول الآية المذكورة دليل دامغ على بطلان مفعولها على عمومها كما ذكر الفطاحل من المفسرين الأوائل.
ومن علامات التشويه الكبرى في الإسلام هو أن "القرآن المبين" يحوي من المبادئ والأفكار مايناسب جميع الغرائز الإنسانية بخيرها وشرها، ففيه من الدعة والليونة والموداعة والتسامح والسلام، مثل مافيه من الشدة والصلابة والغضب والقهر والتسلط والحرب، وفيه من الرحمة والرأفة مثل مافيه من الظلم والغلظة، وفيه من الخير مثل مافيه من الشر، وفيه من الثواب مثل مافيه من العقاب، وفيه من الحب والمودة مثل مافيه من الكره والحقد والمكر. وفيه أن الله " رؤف، رحيم، كريم،لطيف،ودود،غفور، معز،نافع ..." تماماً مثل مافيه أن الله "قهار،مهيمن،متكبر، جبار، منتقم،مقيت، ماكر،مذل، مضر..." وكلٌ يأخذ منه مايريده وما يناسب مصالحه وأهواءه ومزاجه، مما يؤدي إلى عدم التجانس الفكري عند المسلمين، مع أن جميعهم يستقون أفكارهم من القرآن والسنة وجميعهم يعتقدون أنهم على حق ويمثلون الإسلام الصحيح ويُكفِّرون بعضهم البعض، وأحياناً يقتلون بعضهم البعض بأشد القتل... في النهاية نصل إلى أن الإسلام أضعف من أن يقدر على إلزام المسلمين جميعاً بإسلام واحد متجانس، وفي النهاية يجد المسلم نفسه مدفوعاً إلى إعتناق الإسلام الشائع في بيئته، وأحياناً قليلة ما يتماشى وينسجم مع فكره ورؤيته الخاصة.
فمهوم الإسلام مختلف ومتنوع جداً،فثمة إسلام تحت الركبة وإسلام عند الركبة وإسلام فوق الركبة وغيره كثير، ففي بعض الأماكن ولاسيما البعيدة عن المركز، يقتصر مفهوم الإسلام على نطاق واسع ،فقط على تحريم تناول لحم الخنزير على المستوى الشعبي، كما هو الحال في العديد من الدول الإسلامية كقسم كبير من تركيا والبوسنة وتونس وأندنوسيا وتركمانستان واوزبكستان ومسلمو الهند وغيرها ليتدرج في بعض الأماكن الأخرى حتى يصل إلى فرض عقوبات جزائية على من كل يُشاهد خارج دور العبادة أثناء أوقات الصلاة، أو يخالف اللباس الشرعي الإسلامي، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية قلب المركز الإسلامي، وجمهورية إيران الإسلامية. وقد يصل عند بعض المسلمين إلى وجوب فرض إعلان الجهاد الإسلامي المقدس بكل السبل بما فيها التضحية بالنفس في عمليات إنتحارية يقضي بها على نفسه وعلى غيره من الناس، وعدم التردد في أستخدام كافة أنواع الأسلحة بما فيها أسلحة الدمار الشامل.والمفارقة المضحكة في التنوع الإسلامي أنك تجد في بعض الدول الإسلامية كتركيا وتونس أن المرأة المسلمة تُعاقب وتحرم من الوظيفة والدراسة إذا ماظهرت وهي مرتدية الحجاب.بينما تغرم وربما تسجن وتجلد إذا ماظهرت بدون حجاب في بعض الدول الإسلامية الأخرى.
إن هذا التغاير والتفاوت في مفهوم معنى الإسلام بهذه المفارقات الكبيرة، ليس إختلاقاً بقدر ما هو في حقيقته إنعكاس لتناقضات النص الديني المقدس بالدرجة الأولى، يدل على تململ واضح ورغبة ملحة في تغيير المفاهيم الإسلامية الجامدة من قبل شرائح كبيرة من المسلمين، لكن العقبة الكبرى التي تواجه أي محاولة تجديد أو تغيير تظهر من داخل هذا النص ذاته، الذي يتصدى بقوة وببيانه الواضح لأية محاولة تجديدية وتعتبر ذلك خروقات أو إنتهاكات له،مما يبدو أن أي تغيير حقيقي لايمكن أن يتم إلا تم إلغاء وحذف الكثير من الفقرات من هذا النص، كأن يصار إلى إختصار القرآن في كتاب يسمى "مختصر القرآن" مثلاً كما حدث مع الأحاديث المحمدية وظهرت كتب سميت "مختصر البخاري" أو "مختصر مسلم" وهذا طبعاً غير ممكن في أي نص مقدس، ولاسيما في "الوحي المحمَّدي" الذي يزعم بأنه كلام الله ،وكلام"الواحد القهَّار" غير قابل أن يتبدل ويتغير أو يحذف ويلغى. هنا لايبقى أمامنا إن إردنا فعلاً تغييراً إسلامياً حقيقيا،ً سوى محاولة تأريض وتذهيب النص الديني من جديد، بالطعن الصريح والمبين في قداسته وبتجريده منها، وذلك بالأدلة الدامغة والإثباتات المنطقية والموضوعية، بأن "النبأ العظيم" ليس كلام "العظيم الجبار"، أو أنه أوامر إلهيه نزل به جبريل من "القوي القيُّوم" المتربع على عرشه في سدرة المنتهى،وإنما هو كلام بشري محض، نشأ نتيجة الحاجة الماسة إلى إحداث تغيير في المجتمع العربي البدوي الذي كان يعيش على هامش العالم حضارياً ليواكب تطور الحضارة الإنسانية، إذ بدون تجريد هذا النص من قداسته،فإن أية محاولة إصلاحية جدية محكوم عليها بالإعدام مسبقاً، لأنها ستؤدي في النهاية ـ إن كتب لها النجاح ـ إلى نسف الأسس والثوابت التي يقوم عليها الإسلام. أما المحاولات الإصلاحية التجديدية التجميلية الراهنة في الإسلام التي تحاول الإلتفاف على النص الديني فهي ليست سوى عمليات إستغفال وتشويه لايمكن أن تنطلي على النص الديني. كأن يدعي مسلم إصلاحي على سبل المثال أن المرأة في الإسلام تساوي الرجل، فيقرأ ابنه في القرآن فيجد أن المرأة بنصف شهادة ونصف ميراث وأن الطلاق من حق الرجل فقط ومن حقه أن يتزوج أربعة نساء ومن حقه أن يهجرها ويضربها إن تطلب الأمر، وعندما يحاول هذا الإصلاحي أن يرد على إستفسارات إبنه، يبدأ بإطلاق محاضرة طويلة لاتغير من قناعات ابنه شيئاً، وقد يتهم والده ضمناً بالكذب عليه، لأن النص القرآني هو من الوضوح والصلابة بحيث لايمكن الإلتفاف عليه وتأويله غير مقصده ومعناه المبين.
من المعلوم أن هذا النص الديني جاء منجماً إي أنه لم يأتي دفعة واحدة وإنما على مراحل وحسب المستجدات والوقائع، واستغرق ثلاث وعشرين سنة، واستمر حتى موت محمد. خلال هذه الفترة الطويلة جرت أحداث ووقائع جمة تتالت فيها النصوص القرآنية التي عالجت هذ الحوداث والوقائع المتغيرة، وبالتالي كان لابد من تغيير هذه النصوص أيضاً تبعاً لتغير الأحداث، وهذا ماأدخل تناقضات كثيرة في النص القرآني، لم تظهر تجلياتها في حياة محمد، لأن النص الجديد الذي كان يتناقض مع النص القديم،كان "يُنْسَخ" بالتعبير القرآني أي يلغي مفعوله ويتقوقف العمل به، مع بقائه منتمياً إلى النص القرآني، لعدم جواز حذفه من "الكتاب المسطور" كونه كلام الله.
من المغالطات الكبرى التي يقع فيها كثير من أهل الفكر والتاريخ والدين والسياسة، إعتقادهم بأن محمداً جاء بدين واحد فقط، ويبدون دهشتهم وأحياناً إعتراضاتهم لظهور عشرات بل مئات المذاهب والطوائف والتيارات الإسلامية. ويعود ذلك: إما إلى جهلهم المطبق بالقرآن من حيث تسلسل وأسباب نشأته وصدوره، وتواصل تجديده بنسخه لقديمه، وإما لإصابتهم بالعمى العقلي نتيجة إنبهارهم بالتنزيل. وعدم قدرتهم على التبصر والتحليل في التنزيل فمن المعروف جداً عن محمد أنه كلما كان يأتى بآية أو تنزل عليه آية جديدة، كانت تلغي وتنسخ ماقبلها من آيات إن تعارضت معها، وهذا ما كان يحدث غالباً، وخاصة عندما بدأ بتأسيس الدولة الإسلامية في يثرب قبل وفاته بعشرة أعوام تقريباً، وقد كانت هذه الأعوام العشرة مفعمة بالتغييرات والمستجدات والتطوارات في كافة مناحي الحياة، وكان على "الذكر الحكيم" أن ينسجم ويتوافق مع هذه التطورات والمتغيرات، وكان هذا يؤدي إلى إلغاء العمل بالكثير من الآيات دون أدنى إعتراض. ولم يفت هذا طبعاً أهل الذكر من المسلمين القدماء، فقاموا بتأليف عشرات الكتب حول هذا الموضوع الذي عُرف بـ"الناسخ والمنسوخ". ولما لم يحسم هذا الموضوع "الناسخ والمنسوخ" ـ وهو من أحد أهم المواضيع المسكوت عنها في الإسلام ـ من قبل علماء الأمة الإسلامية بعد رحيل الرسول الأخير وإنقطاع التنزيل، بسبب الإختلافات الكثيرة بينهم من جهة ولتعقيد وصعوبة وحساسية هذا الموضوع. صار كل إمام أوعالم دين يأخذ من القرآن ما يناسب ويتوافق وينسجم مع رؤيتة الخاصة دون أخذ موضوع "الناسخ والمنسوخ" بالحسبان. وبذلك أختلط الناسخ بالمنسوخ، والحابل بالنابل، وتعددت الرؤى والإجتهادات والمذاهب والطوائف الإسلامية. فبدلاً من وجود قرآن واحد ودين واحد كما كان في عهد "أبا القاسم" صار ثمة قرآن واحد وأديان إسلامية متعددة.
إلى جانب وجود الكثير من الآيات المتناقضات في النص القرآني، هناك العديد من الظواهر والإشكالات في هذا النص، تؤكد لنا استحالة أن ينسب هذا النص إلى إله يتمتع بصفات مطلقة يجعله منزهاً عن الأخطاء والوقوع في تناقضات وإشكالات كالتي يذخر بها النص القرآني وتشير بقوة إلى بشرية النص القرآني. من هذه الإشكالات والظواهر: وجود الأخطاء النحوية والمفردات الأجنبية واستخدام مصطلحات تجارية في الكناية والتشبيه تدل على تأثر النص بحرفة كاتبه،بالإضافة إلى ظواهر اسطورية وخرافية تؤكد على تطبع هذا النص بطبيعة البيئة التي نشأ فيها.
في القرون الوسطى كانت الكنيسة تحتكر حق تفسير الكتاب المقدس لوحدها، لتخاطب الناس باسم الله وتفرض سياستها عليهم باسمه، ويبدو أن رجال الدين المسلمون إلى الآن يفعلون نفس الشيء حين يقولون: "ليس من حق غير رجل الدين تفسير القرآن واصدار الفتاوي، وهذا يعني من حق رجل الدين فقط التكلم باسم الله، وهذا يعني أن الحالة الإسلامية أسوأ بكثير من حالة الكنيسة، لأن الكنسية عندها قديس واحد فقط يتحدث باسم الله وهو "البابا" أما في الحالة الإسلامية فكل رجل دين لوحده هو "بابا". فتصور عدد البابوات عندنا نحن المسلمين؟ بل الأنكى من ذلك أن كل رجل دين مسلم لايرضى أن يعتبر نفسه بأقل من بابوين أو ثلاثة او أكثر، بل أن أكثرهم أصلاً لايرضى مقارنته بـ "البابا" بإعتباره من الضَّالين والمغضوب عليهم.
إن كل من درس الشريعة والعقيدة الإسلامية ونال شهادة، يعتبر هذه الشهادة وكالة ممنوحة له من "المنتقم المقيت" أو"خَيْرِ الْمَاكِرِينَ " فيتحدث باسم السماء ويبدأ ببث مقته ومكره بين الناس. وهكذا يصدر في العالم الإسلامي كل يوم عدد لايمكن إحصاءه من الفتاوى، وكل يمكر في فتواه بخلاف غيره بقدر ضئيل او كبير. وإذا كانت الكنسية تبيع صكوك الغفران مختومة بختم "البابا". فإن رجال الدين المسلمون يبيعون فتاويهم بأشكال وطرق عديدة،وأصبحت عمليات بيع الفتاوى تجارة رائجة جداً هذه الأيام،ويتم تداولها عبر القنوات الفضائية والمحلية وعبر شبكة الأنترنيت،حتى إن عمليات الدعاية للفتاوى صارت رائجة هي الأخرى لما تدر هذه التجارة من أرباح على مايبدو. هذا بالإضافة طبعاً إلى الفتاوى التي تباع وتشترى في المساجد والجوامع وفي الدور الخاصة التي انتشرت بكثرة مع إنتشار الأصولية الإسلامية والجهاد الإسلامي الذي صار يهدد أمن وإستقرار العالم.
في كنيسة روما كان من حق "البابا" فقط إصدار فتاوي التكفير، أما عند المسلمين فمن حق كل رجل دين تكفير من يشاء بكل سهولة ويسر ودون كبير عناء ومشقة، لأن أسباب التكفير صارت لاتحصى، وسأذكر بعضها علي سبيل المثال فقط وليس الحصر طبعاً:فمن لم يقم الصلاة أو كان يقيمها فتركها صار كافراً وحل دمه بإجماع جمهور الأئمة ،ومن منع نفسه أو غيره من أداء الزكاة صار من المرتدين وجب قتله أو حرقه كما فعل خليفة الرسول الأعظم وصدِّيقه "العتيق عبدالكعبة بن أبي قحافة"[8] حين أمر بقتل وحرق الآلاف من العرب المسلمين الذين إمتنعوا عن دفع الزكاة لقريش،وكافر كل من أنكر شيئاً من القرآن، كمن يرفض الإيمان بقصصه ويعتبرها من أساطير الأولين،كأن لايؤمن مثلاً بوجود ممالك الجن والشياطين والعفاريت والمردة يصير كافراً ومرتداً يحل دمه، أو لايؤمن بأن بإمكان النمل أن يتنبأ بقدوم عسكر النبي سليمان ويستنفر ويختبئ في تجاويف الأرض كيلا يموت تحت سنابك الخيول فهو كافر وجاحد ، أو من لايصدق أن عفريتاً نقل الملكة سبأ مع عرشها من اليمن إلى أورشليم بطرفة عين فهو كافر.... ومن لايؤمن بأن مانفعله من خير أو شر من الله فهو كافر،ومن يشتغل بالفلسفة وينتقد الوحي فهو كافر، ومن ينكر وجود الحسد وعذاب القبر وقدوم يأجوج وماجوج ومجيء المهدي المنتظر وظهور الأعور الدجال فهو من الكافرين، ومن يرفض بعد موته أن يستجوبه كلٌ من "ناكر ونكير" أو "مبشر وبشير" ملكا الموت فهو كافر، وكذلك من لايصدق أن الإنسان لايمكن أن يعمر تسعمائة وخمسين سنة فهو كافر. ومن لايصلي على الرسول العربي ولايؤمن بأن الله مع ملائكته يصلون عليه فهو كافر. ومن لايؤمن بإسراء الرسول العربي ومعراجه إلى مابعد السماء الأخيرة حيث يتربع الله على عرشه في سدرة المنتهى عند حافة الكون والتي يبلغ بعدها خمسة مليارات سنة ضوئية عن الأرض ومبازرته المشهورة مع الله في تخفيض عدد الصلوات من خمسين صلاة في اليوم إلى خمس صلوات فقط، بعد توجيهات ونصائح زميله موسى الخبير السابق بقومه بني إسرائيل، هذا بالإضافة إلى صلاته وإمامته للرسل والأنبياء جميعاً في بيت المقدس، ثم لقائه بهم كل على إنفراد في معراجه، وعودته إلى مأواه في مكة وكل ذلك في بضع من الليل، كان كافراً...وهكذا يمكن أن يعدد المسلم هذه الحالات التكفيرية إلى ما يصعب حصره وتحديده.
وإذا كانت الكنيسة في العصور الوسطى كفرَّت معاريضها وقتلتهم حرقاً وتعذيباً، فهاهم الإسلاميون يذبحون الناس بالسكاكين والسواطير على الطريقة الإسلامية[9] ويقتلون الناس بالجملة في الشوارع والساحات العامة والأنفاق والأبراج والمطارات ومحطات المترو والقطارات.
إن حالة المسلمين اليوم هي أسوأ بكثير من وضع الكنيسة في العصور الوسطى، ويمكن أن يسوء أكثر فيما إذا نجح الاصوليون الإسلاميون في تسلم مقاليد الأمور، وما تسلم حركة طالبان الحكم في أفغانستان (1996 ـ 2001) سوى خير مثال على ذلك. ومن الحقائق التي من الغباء تجاهلها وإنكارها أن ماتقوم به الحركات الإسلامية الأصولية من أعمال همجية وبربرية في كافة أنحاء العالم تلقى صدىً إيجابياً عند غالبية المجتمعات الإسلامية[10] لأسباب مختلفة، أهمها لأنها من ناحية تنسجم مع تكويناتها النفسية والعقلية وتضاعف من فاعلية الأنزيم الديني الذي يحقن به تلك المجتمعات بشكل متواصل، في تبديد مؤقت للشعور بالإحباط، وتسكين الألم الناتج عن الإخفاق في إعادة التاريخ إلى الوراء، ومن ناحية أخرى لأنها تعبر عن روح الدين الإسلامي ومنهجه الأساسي في فرض وجوده. لذلك نجد أن نسبة المستنكرين والمنددين من رجال الدين بهذه الجرائم لاتتعدى حتى واحد بالمائة منهم، والنسبة الباقية إما مؤيدة جهراً، أو راضية بسكوتها عن هذه الأعمال. حتى رجال الدين الإسلاميين المقيمين في أوروبا وأمريكا سكتوا في أغلبيتهم عن هذه الفظائع الإسلامية، ولم يستنكرها بعضهم إلا تقية وإضطراراً ونفاقاً ، وإرضاءً للسلطات المحلية وخوفاً من قطع الإمدادات المادية عنهم، أوتعرض مصالحم ومناصبهم للخطر، أو خوفهم من ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، متخذين من التقية الدينية مطهراً لأكاذيبهم وإدعاءاتهم الخلوية.
والظاهرة الغريبة في عصرنا الحاضر وبالرغم من أن كليات الفلسفة والعلوم الإنسانية والإجتماعية وغيرها في العالم الإسلامي تفرخ الآلاف سنوياً، لكن مع ذلك لا يظهر فيلسوف أو مصلح إجتماعي واحد، مما يدل على كارثة فظيعة ألمت بالعقل المسلم والعالم الإسلامي الغارق حتى أذنيه في مستنقع التخلف بكل أشكاله.
إذا طرحنا السؤال التالي: لماذا نجح العقل في أوروبا في إقصاء الدين عن الحياة العامة وحصره في دور العبادة؟ ولماذا نجح الدين في العالم الإسلامي في إقصاء العقل عن الحياة العامة؟ فإن أبسط إجابة وأقصر إجابة هي أن الإنجيل قد حدد وفصل بين مالله وبين ما لقيصر، بينما نجد أن "القرآن العربي" خلط بعشوائية مستحكمة بين ما لله وما للخليفة، بحيث أصبحت إمكانية الفصل بين ما لله وبين ما للخليفة ضرباً من الخيال والعبث.
لاشكّ أنَّ إختصار المسالة كلها في إشكالية النص الديني قد تبدو للكثيرين مسألة مبالغ فيهالدرجة كبيرة. لكن إذا عُلِمَ أن الإسلام ليس فقط عقيدة، وإنما أيضاً شريعة تنظم وتطال أدق شؤون الإنسان المسلم ولاغنى له عنها، لأن إسلامه ينتفى بالإستغناء عنها، يدرك تماماً السر خلف التعشق المتماسك والحصين بين حياة المسلم ودينه، فعملية فصل الدين عن السياسة أو الدولة في الإسلام تشبه كثيراً فصل أعضاء الجسد الواحد، ويعني في نهاية الأمر ـ إن تحقق ذلك ـ تفتت الإسلام وإندثاره، أو تحجيمه في أحسن الأحوال بحذف أو إلغاء الشريعة من الدين.
ومع إعتقادي الشبه الكامل بجمود العقلية الإسلامية، وعدم قدرتها عن التخلي بسهولة ونهائياً عن الإسلام الأصولي عقيدة وشريعة، إلا أن هذا لايمنعني من القول وبتفاؤل معقول، أن تغيير الإسلام وتحجميه وتحويله إلى دين تسامح وتعايش سلمي بين البشر أمر ممكن الحدوث، بل حتمي الحدوث، بفعل سيادة العولمة وإنتشار مبادئ حقوق الإنسان وحرية المرأة والديمقراطية والثورة التكنولوجية الحديثة وما أنتجتها من أدوات وآليات لإحداث تبادل وتمازج فكري بين البشر في عالمنا المعاصر، فكما أن العرب المسلمون قديماً كانوا يزعمون بأنهم يقودون الناس إلى طريق الجنة السماوية كرهاً بالسلاسل الحديدية[11] أثناء فتوحاتهم، فإن الحضارة الحديثة تقود الناس بمن فيهم المسلمين إلى جنة أرضية لكن على الأقل من دون سلاسل ودون إكراه، وإنما بالإختيار الحر وبوسائل مدنية وطريقة حضارية وإن كانت لها إغراءاتها المادية المحسوسة والمدركة ولها جاذبيتها وفاعليتها كما كان للتصورات القرآنية الفردوسية،إلا أنها تحترم إرادة الإنسان في تقبلها أو رفضها، ومع أن العالم المعاصر أصبح شبيهاً بالأواني المستطرقة، ولابد في النهاية من إمتزاج الثقافات والحضارات الإنسانية،ومن البديهي هنا هو بروز الحضارة الأقوى فكرياً، والأكثر إنسجاماً مع حقوق الإنسان، التي تحافظ على كرامته الإنسانية وتحقق له العدالة الإجتماعية في جو من الحرية والسلام،ومع أنَّ الحضارة المعاصرة لا تتيح للجميع التمتع بمكاسبها ومنجزاتها بشكل عادل ومتساو، إلا أنها الأكثر إحتراماً والأكبر تسامحاً على الأقل إلى الآن، حيث توفر للإنسان حرية إختيار الطريقة التي يحب أن يعيشها أو يفكر بها.
وكما أن إختراع المطبعة والإكتشافات العلمية والفلكية ساهمت في زوال هيبة وقدسية الكتاب المقدس، ومهدت لعصر التنوير الأوروبي، فكذلك فإن الثورة التكولوجية الحديثة بما توفره من وسائل إتصال وتبادل ونشر المعلومات كالبث الفضائي العابر للقارات وشبكة الأنترنيت المنتشرة في جميع أصقاع العالم،ستساهم من جملة عملياتها التطويرية المتنوعة بإعادة تفعيل عمليات التأريض الديني الإصلاحية، وبصورة خاصة في الدين الإسلامي، وستمهد وبتسارع أكبر لعصر تنوير عالمي جديد، يكون الشرق الأوسط الكبير من أكثر مناطق العالم تأثراً به، لأنه أكثرها ظلاماً وتأخراً.
يحتوي كتابي هذا على ستة فصول، حاولت في الفصل الأول عرض وشرح مفهوم التأريض الديني، وقي الفصل الثاني تحدثت عن موضوع الإرتداد المستتر للمسلمين عن دينهم، وفي الفصل الثالث تعرضت لبعض المواضيع المسكوت عنها في القرآن، والتي تنفي أن يكون هذا "القرآن العظيم" كلاماً إلهياً، كالمتناقضات في القرآن، والأخطاء النحوية فيه وعدم خلوه من الكلمات الأعجمية، وإستعماله الكثير من المصطلحات التجارية، وقد أسهبت قليلاّ في إيراد بعض المتناقضات القرآنية،وبينت كذلك ـ ولأول مرة ـ العلاقة بين المصطلحات التجارية التي ذكرها القرآن وبين ممارسة النبي الأعظم للتجارة. كما تناولت في هذا الفصل قصة الغرانيق العلى وعلاقتها بما عرفت بالآيات الشيطانية، فتناولت موضوع الشيطان تاريخيا وإسلامياً ثم تحدثت بإيجاز عن آلهة العرب وتقدسيهم لطير الغرنوق، لفهم العلاقة بين الغرانيق العلى ومانزغه الشيطان في نفس محمد ما كان يتمنى، ثم تعرضت بشيءٍ من التوسع لموضوع الآيات الشيطانية التي وسوس بها الشيطان على محمد فرددها في صلاته مع المشركين ثم عاد عنها بعد ذلك. وفي الفصل الرابع وهو بعنوان ثقافة القتل في الإسلام، تحدثت عن الإسلام السلمي المنسوخ الذي بشر به "المبشر" في مكة، وعن الإسلام الجهادى "الناسخ لما قبله" الذي مارسه "نبي الملحمة" بعد نزوحه من مكة إلى المدينة. وفي الفصل الخامس تناولت موضوع الغزو العربي الإسلامي الخارجي بعد وفاة نبي الملحمة، الذي جاء كنتيجة حتمية للبحث عن مجال حيوي لعرب الصحراء بعد تأسيسهم لدولتهم الفتية.وإعتناقهم للإسلام الذي شرَّع لهم صرعنة البشرية حين فرض عليهم أسلمة العالم،ليؤسسوا أكبر أمبرطورية عربية في تاريخهم. وفي الفصل السادس والأخير تناولت موضوع كيفية تفاعل الشعوب الأعجمية ـ الكرد حصراً ـ مع السيد الجديد القادم من الصحراء.
وأحب أن أنوه أنه لما كان الهدف من الكتاب هو الكشف عن جذور القرآن الأرضية، لذلك كان تركيزي فقط على الجوانب السلبية في القرآن والسنة، وهذا لايعني إطلاقاً إستهانتي بالقرآن والسنة، بل على العكس فإني أعتبر القرآن بالنسبة لزمانه ومكانه من أعظم الكتب التي أنتجه الدماغ البشري من حيث المضمون والشكل رغم مافيه من إشكالات. ولكنه بالطبع لايرقى إلى أن نعتبره كتاباً إلهياً أو سماوياً، ولو فشل محمد في فرض قرآنه بالإكراه والجهاد على العرب، لما سمع أحد بهذا القرآن خارج شبه جزيرة العرب، عدا حفنة من الباحثين هنا وهناك. كما أن الأحاديث المحمّدية رغم مافيها من مغالطات وخرافات فأنها تبقى الانتاج الأفضل للصحراء العربية. ويبدو أن بعض علماء الأمة المحمدية ومفكريها قرروا إلغاء هذه الأحاديث المحمدية من الإسلام وإنكار نسبها إلى النبي العربي، ممن يُعرفون الآن بالقرآنيين، لإعتمادهم فقط على القرآن.كما أشرت إلى ذلك سابقاً. ويعتبر هؤلاء حسب إجتهاد الكثير من الفقهاء المسلمين ضالّين عن الدين.
ومن المهم التنويه أني استعملت في كثير من الأحيان في كتابي هذا أسماء أخرى للقرآن والله ومحمد والجنة والنار كسراً للتكرار الممل، ويذكر أن للقرآن أسماء كثيرة منها: الكتاب المسطور، الكتاب المبين، الحكم العربي، القرآن العربي، أحسن الحديث ، القول الثقيل... ومن أسماء الله المعروفة: المنتقم ، الجبار ،القهار، خير الماكرين، المذل، المضر...ومن أسماء محمد: نبي الرحمة،نبي الملحمة، الضّحوك والقتَّال،الماحي ، المقفى...إلخ.
*كاتب أوروبي من أصل كردي.
المراجع:
ـ الملل والنحل (جزءان): أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني. (479 ـ 548هـ). (1086 - 1153م). تحقيق أمير علي مهنا وعلي حسن فاعور. الطبعة الثامنة: 2001 م. عن دار المعرفة ـ بيروت.
ـ الفهرست: ابن النديم, أبو الفرج محمد بن إسحاق.توفي عام 385هـ. 995 م.الطبعة الثانية: 1997 م. عن دار المعرفة بيروت.تعيلق وإعتناء الشيخ إبراهيم رمضان: دار الفتوى ـ بيروت.
ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر (أربعة أجزاء): تصنيف الرحالة الكبير والمؤرخ الجليل أبي الحسن بن علي المسعودي المتوفي 346 من الهجرة.إعتنى بها الدكتور يوسف البقاعي.الطبعة الأولى 2002 م. عن دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
ـ تاريخ الخلفاء: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (809 ـ 911 هـ).إعتنى به وعلق عليه محمود رياض الحلبي.الطبعة الثالثة:1997 م.عن دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت.
ـ تاريخ الكرد وكردستان: الأستاذ محمد أمين زكي (1297 ـ 1367هـ).(1880 ـ 1948 م). ترجمة الأستاذ محمد علي عوني. الطبعة الثانية: بغداد 1961 م.
ـ المستضعفون الكرد واخوانهم المسلمون: جمال نبز.من منشورات كوردنامه ـ لندن. الطبعة الأولى 1997.
ـ فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة: الدكتور سعيد رمضان البوطي. ولد عام 1929 في قرية جيلكا التابعة لجزيرة بوطان (ابن عمر) في كردستان ـ جنوب شرق تركيا حالياً.الطبعة العاشرة: 1991 م.عن دار الفكر المعاصر ـ بيروت.
ـ التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية: دراسات لكبار المستشرقين ألف بينها وترجمها عن الألمانية والإيطالية عبدالرحمن بدوي. عن وكالة المطبوعات للنشر ـ الكويت.الطبعة الرابعة 1980.
ـ تكوين العقل العربي (1): الدكتور محمد عابد الجابري.الطبعة السابعة عن مركز دراسات الوحدة العربية ـ بيروت.
ـ القاموس المحيط: الإمام اللغوي الشهير الفيروزآبادي أبو طاهر مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيرازي.(729 ـ 817هـ).
مراجع على شبكة الأنترنيت:
موقع الوراق: http://www.alwaraq.net
ـ السيرة النبويَّة: لأبو بكر محمد بن اسحاق بن يسار المطلبي مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف ، وكان جده يسار من سبي عين التمر ، سباه خالد بن الوليد. توفي سنة 150هـ.768 م.
ـ الأصنام:للعلامة الأخباري النسابة الأوحد أبو المنذر هشام بن الأخباري الباهر محمد بن السائب بن بشر الكلبي الكوفي. توفي سنة 205 هـ. 819 م.
ـ المغازي. فتوح الشام: لأبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي مولى الأسلميين من سهم بن أسلم (130 ـ 207 هـ) ـ (748 ـ 823 م) من مؤلفاته " المغازي" و" فتح إفريقية" و" فتح العجم " و" فتح مصر والأسكندرية " و " فتوح الشام".
ـ الطبقات الكبرى: لأبو عبد الله محمد بن سعد.(168 ـ 230هـ).(784 ـ 854 م).
ـ تاريخ الرسل والملوك. جامع البيان عن تأويل آي القرآن المعروف بتفسير الطبري: لأبو جعفر محمد بن جرير وعرف بالطبري نسبة لمكان مولده طبرستان بفارس.(224 ـ 310 هـ).(839 ـ 923 م).
ـ أسباب نزول القرآن:للإمام أبو الحسن علي الواحدي النيسابوري المتوفي سنة 458هـ. ولد في ساوة بنيسابور في خراسان. من مؤلفاته شرح الأسماء الحسنى ، شرح ديوان المتنبي ، ثلاثة تفاسير للقرآن الكريم وغير ذلك.
الكامل في التاريخ. النهاية في غريب الحديث والأثر: لابن الأثير عز الدين (555 ـ 630هـ). (1160 ـ 1233م). وعرف بالجزري نسبة إلى موطنه جزيرة "ابن عمر" الواقعة حالياً في كردستان تركيا. له أيضاً أسد الغابة في معرفة الصحابة.
ـ فتوح البلدان: لأحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري المؤرخ توفي سنة 279 هـ.892 م.
ـ أخبار الزمان: أبي الحسن بن علي المسعودي.
ـ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: لأبو الفرج ابن الجوزي أبو الفرج ابن الجوزي.مواليد 509 هـ.
ـ مختصر تاريخ دمشق: للعلامة جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور. (630 ـ 711 هـ)
ـ معجم البلدان: لياقوت الحموي(1179 ـ 1229م)، اشتغل بالتاريخ والجغرافية.رومي الأصل إشتراه تاجر من مدينة حماة السورية يدعى عسكر بن أبي نصر بن إبراهيم.ثم اعتق. له بالإضافة إلى معجم البلدان، معجم الأدباء و إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب أيضاً.
ـ المعارف: لابن قتيبة الدينوري.
ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري .الإصابة في تميز الصحابة .لسان الميزان: للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (1372 - 1449م.) ولد بالقاهرة وتوفي فيها، وعرف بالعسقلاني نسبة لموطنه الأصلي عسقلان في فلسطين.
ـ الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم: لهبة الله بن سلامة البغدادي المتوفي سنة 410هـ.1019 م.
ـ سيرة ابن هشام: لعبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري.توفي سنة 212 هـ.
ـ تهذيب سيرة ابن هشام: لعبدالسلام هارون.
ـ الإكليل في استنباط التنزيل. الدر المنثور في التفسير بالمأثور: للإمام جلال الدين السيوطي.
ـ شرح نهج البلاغة: لعزّ الدّين أبو حامد عبدالحميد بن هبة الله بن محمّد بن محمّد بن حسين بن أبي الحديد المدائنيّ.ولد بالمدائن سنة 586 هـ. 1190 م.
ـ المستطرف من كل فن مستظرف: لبهاء الدين أبو الفتح محمد بن احمد بن منصور المصري الشافعي المعروف بالخطيب الأبشيهي المتوفى سنة 850 هـ.
ـ البدء والتاريخ: لمطهر بن طاهر المقدسي. عاش في مدينة بست بسجستان. وضع كتابه هذا في سنة 355هـ.
ـ العقد الفريد: لأحمد بن محمد بن عبد ربه المتوفي سنة 328هـ.
ـ حياة الحيوان الكبرى: لكمال الدين الدميري. (750 ـ 808 هـ).
موقع الإسلام: http://quran.al-islam.com/arb
ـ القرآن الكريم: وحي إلهي، نزل به جبريل على قلب محمد بن عبدالله على حد زعمه.
ـ تفسير الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري.
ـ تفسير ابن كثير: عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري الدمشقي (705 ـ 774 هـ) .(1302 - 1373م).
ـ تفسير القرطبي:أبو عبدالله محمد بن أبو بكر الأندلسي القرطبي. توفي 671 هـ. 1273 م.
ـ تفسير الجلالين: جلال الدين بن أحمد المحلي وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (809 ـ 911 هـ).
ـ الفتاوي الكبرى: لابن تَيْمية (661 - 728 هـ). (1263 - 1328 م) . هو: "أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن ابي القاسم الخضر النميري الحراني الدمشقي الحنبلي. ولد في حران وتحول به ابوه الى دمشق فنبغ واشتهر. وطلب الى مصر فسجن فيها مدة، ثم اطلق فسافر الى دمشق سنة 712 هـ، واعتقل بها سنة 720 واطلق، ثم اعيد، ومات معتقلاً بقلعة دمشق، فخرجت دمشق كلها في جنازته. كان كثير البحث في فنون الحكمة، داعية اصلاح في الدين. آية في التفسير والاصول، فصيح اللسان، قلمه ولسانه متقاربان. وفي الدرر الكامنة انه ناظر العلماء واستدل وبرع في العلم والتفسير وافتى ودرس وهو دون العشرين." من كتاب الأعلام للزركلي . وقد حرف بعضهم نسبته من الحراني إلى الحوراني لتغيير أصله الكردي إلى نسب عربي، وحران بلدة تقع في كردستان ، جنوب شرق تركيا الآن.
ـ الروض الأنف: لعبد الرحمن بن عبد الله بن عمر الخثعمي السهيلي المالقي أبو القاسم. ولد في قرية سهيل قرب مالقة بالأندلس وإليها نسبته. توفي سنة 581هـ.
ـ صحيح البخاري. صحيح مسلم. سنن الترمذي. سنن النسائي. سنن أبي داوود.سنن ابن ماجه. مسند أحمد. موطأ مالك. سنن الدارمي.
ـ زاد المعاد: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ابن جرير الزرعي الإمام شمس الدين أبو عبد الله الدمشقي المعروف بابن قيم لجوزية الحنبلي ولد سنة 691 وتوفي سنة 751 إحدى وخمسين وسبعمائة هجرية.
ـ مختصر السيرة: محمد بن عبدالوهاب(1115 ـ1206هـ).(1703 ـ 1792 م). داعية إسلاميّ، من زعماء الإصلاح في العصر الحديث. وُلِدَ الشيخ محمد بن عبدالوهاب بقرية العُيَيْنة بنجد بالمملكة العربية السعودية حيث تعلّم على يد والده القرآن والحديث ثم سافر في رحلاته العلمية إلى كل من العراق والمدينة ومكة، ألمّ خلالها بكثير من العلوم الشرعية واستطاع لقاء كثير من الفقهاء، ومناقشتهم ومناظرتهم. عاد إلى مسقط رأسه إلا أنه لم يستطع التأثير في بيئته مما دفعه إلى الانتقال إلى قرية الدرعيّة المجاورة. قام الشيخ محمد بن عبدالوهاب بدعوة أمير الدرعيّة محمد بن سعود، وتحالف معه منذ عام 1157هـ، 1744م. نادى الشيخ محمد بن عبدالوهاب بإقامة السنّة الصحيحة وتعاليم الإسلام في صفاتها الأولى، وناهض كل ما وجده مخالفًا للسنة، وأعلن من أجل تطبيق المبادئ التي ينادي بها جهادًا دينيًا لحمل مخالفيه على اتباع تعاليم الدين الصحيح. قضى الشيخ حياته مجاهدًا في نصرة الدين الإسلامي حتى توفي. ارتكزت تعاليم الشيخ محمد بن عبدالوهاب على الفهم العميق لأفكار ابن تيمية، وقد أثرت تعاليم محمد بن عبدالوهاب على المستوى السياسي والاجتماعي منذ قيامها حتى اليوم، بل تُعَدّ حركة محمد بن عبدالوهاب التي تعرف باسم الدعوة السلفية من أعمق الحركات الإصلاحية الإسلامية وأقواها تأثيرًا، حيث طال تأثيرها الهند والمغرب العربيّ، ولا تزال تعاليم الشيخ ذات تأثير ومحل جدل ونقاش على امتداد العالم العربيّ والإسلاميّ ومحل دراسة من قبل المفكرين. من الموسوعة العربية العالمية.
مواقع أخرى:
ـ في الشعر الجاهلي: طه حسين.
http://www.lamalef.net/zman/02/taha1.htm
ـ من هدي القرآن آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي
http://www.almodarresi.com
ـ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية.
ـ فتح البارىفى شرح صحيح البخارى لابن حجر العسقلانى.
ـ في ظلال القرآن. معالم في الطريق. في التاريخ فكرة ومنهاج. خصائص التصور الإسلامي ومقوماته. العدالة الاجتماعية في الإسلام: سيد قطب (1906 ـ 1966).
ـ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: لشهاب الدين الألوسي.توفي 1270 هـ.
http://www.almeshkat.com
http://www.tawhed.ws/
ـ كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: للمتقي الهندي.
http://www.al-eman.com
ـ السيرة المحمّدية" للشيخ جعفر السبحاني، تعريب الدكتور جعفر سعادة والشيخ جعفر الهادي. http://www.imamsadeq.org
ـ العقل السياسي العربي" محمد عابد الجابري.
http://membres.lycos.fr/abedjabri
ـ الأَمْثَـلُ في تفسير كتابِ اللهِ المُنزَل تَأليف العلاّمة الفقيه المفسّر آية اللّه العظمى الشَّيخ نَاصِر مَكارم الشيرازي.
www.alhikmeh.com/.
وهو من إعداد مركز المصطفى للدراسات الإسلامية برعاية المرجع الديني الاعلى السيد السيستاني.
ـ نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق:للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
http://www.alalbany.net
ـ لسان العرب: جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور.
ـ المحيط: تأليف أديب اللجمـي ـ شحادة الخوري ـ البشير بن سلامة ـ عبد اللطيف عب ـ نبيلة الرزاز.
ـ محيط المحيط: بطرس البستاني (1819 ـ 1883).
ـ الوسيط: مجمع اللغة العربية بجمهورية مصر العربية.
ـ الغني: الدكتور عبد الغني أبو العزم أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني.
http://qamoos.sakhr.com
النص المؤسس ومجتمعه: لخليل عبد الكريم.
http://www.islameyat.com/arabic/islameyat/alnas_almo2ases/alnas_almo2ases.htm
ـ ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده: الدكتور يوسف القرضاوي.
http://www.qaradawi.net
ـ صحيفة الشرق الأوسط السعودية الصادرة في لندن.
http://www.asharqalawsat.com
بحار الأنوار: للعلامة المجلسي.
http://www.alkadhum.org/mktba/hadith.htm
ملاحظة: يرجى من أي دار نشر أو أية جهة على إستعداد لنشر هذا الكتاب ، الإتصال بالمؤلف.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين (35 ـ 40هـ) وهو ابن عم الرسول وصهره وأخوه بالمؤاخاة، وهو ثاني من أسلم بعد محمد.
[2] الفيء: الأسلاب التي كان يغنموها المسلمون في غزواتهم.
[3] الملل والنحل للشهرستاني.
عارضه: باراه وأتى بمثل ما أتى به. [4]
[5] في كتابه "ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده" في سياق الفقرة "المجتمع المسلم ومواجهة الردة".
[6] المقصودين بالمغضوب عليهم والضالين المذكورين في نهاية سورة الفاتحة،والتي على المسلم تلاوتها في مقدمة كل ركعة من الركعات،هم اليهود والنصارى حسب ماذكر المفسرون.
[7] كما ذكر العديد من فقهاء المسلمين خصوصاً الذين اشتغلوا بموضوع "الناسخ والمنسوخ" من القرآن كابن حزم الأندلسي وابن سلامة وأبو القاسم المقري وابن الجوزي وأبو جعفر النحاس وغيرهم.
[8] "ابن أبي قحافة المشار إليه، هو أبو بكر، واسمه القديم عبد الكعبة، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله. واختلفوا في عتيق، فقيل: كان اسمه في الجاهلية، وقيل: بل سماه به رسول الله صلى الله عليه وسلم." شرح نهج البلاغة ص: 35. لابن أبي الحديد.
[9] حول الإخوان المسلمين وهي فرقة معتدلة مساجد مدينة حماة في سورية أثناء إنتفاضتهم ضد السلطة(1981ـ 1982) إلى مسالخ بشرية، عندما قاموا بذبح الآلاف من الناس فيها بالسكاكين والسواطير، ليس لعدم توفر الرصاص وإنما اسوة بطريقة نبيهم "الصادق الأمين" في القتل، وكذلك فعل الإسلاميون بضحاياهم في العراق أثناء الإحتلال الأمريكي.
[10] تظهر أغلب التصويتات التي تقوم بها أجهزة الإعلام المختلفة تعاطفا كبيراً مع العمليات الإرهابية التي تقوم بها الحركات الإسلامية الأصولية ولاسيما حركة القاعدة ، ففي تصويت لقناة الجزيرة الواسعة الإنتشار في العالم العربي والإسلامي وردا على سؤال "هل تعتبر أسامة بن لادن مجاهدا أم إرهابيا؟ أجاب 83.4 بالمئة بأنه مجاهد. وأظهر تصويت آخر على نفس القناة أن 85.9 بالمئة يؤكدون بأن هناك صراع بين الغرب والإسلام.
[11] "عن أبي هريرة رضي الله عنه: "كنتم خير أمة أخرجت للناس". قال: خير الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم، حتى يدخلوا في الإسلام." صحيح البخاري.وجاء في مسند أحمد: " ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا ما يضحكك يا رسول الله قال عجبت من قوم يقادون في السلاسل إلى الجنة."
#زاغروس_آمدي (هاشتاغ)
Zagros__Amedie#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(2) تأريض الإسلام
المزيد.....
-
“ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القمر الصنا
...
-
الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان يعلن تنفيذ 25 عمل
...
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|