أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد النهير - عبودية العصر وأخلاق المتحضرين















المزيد.....

عبودية العصر وأخلاق المتحضرين


أحمد محمد النهير

الحوار المتمدن-العدد: 1622 - 2006 / 7 / 25 - 04:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تزال قوى الهيمنة والبغي . كسيف داموكليس /2/رمزاً مرعباً لجبروت القوة وطغيانها ووحشيتها .فعلى مدى آلاف السنين ،مارس الإنسان سلوك القتل ضد بني جنسه ،ولا يزال يمارس هذا السلوك البغيض ،ففي البدء كان هابيل وقابيل ،ثم تكرس سلوك القتل ،وأصبح صفة ملازمة للجنس البشري ، فالبشر وحدهم من بين مخلوقات الله جميعها يمارسونه بوحشية فيما بينهم ،ولم تعرف علاقات الكائنات الحية على اختلاف فصائلها وأجناسها وسلالاتها .وحشية كوحشية البشر ، رغم ارتقاء القيم وتطورها . وازدهار الإنسان وتحضره ،ففي الحروب تُفنى الكثير من الأرواح ، ويستباح الضعيف بلا رحمة ، سواء قامت هذه الحروب لأسباب جوهرية ،أو بدون أسباب فالقوي المنتصر ربما ذهب إلى درجة إبادة الضعيف المنهزم والأمثلة كثيرة 000 الإنسان وحده تحركه الضغائن والأحقاد والمصالح والأطماع وحب السيطرة . فان كانت السطوة لفئة من البشر على فئة أخرى ، استعبدتها شر استعباد ، استنـزفت طاقاتها وامتصت خيراتها وقيدت إرادتها وحرمتها من جميع حقوقها الإنسانية ،ومنذ أن سكن الإنسان الحضر وبنى حضارة مزدهرة وقطع شوطاً كبير في التقدم والرقي ،وأرخ تاريخ حضارته المتصاعدة والمتطورة ، قديماً حضارات ما بين النهرين / ووادي النيل ، والحضارة الإغريقية والرومانية ثم الحضارة العربية الإسلامية ،وحديثاً الحضارة الأوربية الغربية وامتداداتها وهي الحضارة المتماشجة مع الحضارة العربية الإسلامية والإغريقية في أصولها ومصادرها ومعطياتها ،بدءاً من عصر الأنوار إلى تاريخنا الحاضر ، وإسهامات رموزها العلمية والفكرية ، أمثال : سان سيمون ، وأدوار جيبون ، وجان جاك روسو ، وفولتير ، وجون لووك ، وداروين ،وانشتاين 000 وغيرهم : الذين دفعوا عجلة التقدم والتطور إلى الأمام وساهموا في بناء المجتمع الحديث والمعاصر وما تميز به من رقي وتقدم وازدهار . ولم يكن التقدم العلمي فقط ممن أعطى الحضارة زخمها وتطورها ، وإنما كان للدين أيضا إسهامات كبرى في تهذيب النفوس والارتقاء بالقيم الأخلاقية والإنسانية منذ الأزل ، فالحق والعدل التسامح والسلام مفاهيم قوية ارتكز عليها الفكر الديني لنشر تعاليمه وقيمه ، ولبناء الوعي العام على صعيد الأفراد والجماعات والشعوب والأمم . كما لعبت الطقوس الدينية دوراً مهماً في ضبط وتنظيم سلوك البشر ، والتحكم به وتوجيهه . لكنها لم تحد من الحروب بين البشر وربما كان عاملاً مهماً وسبباً جوهرياً في الصراعات البشرية ففي القرن العاشر الميلادي غرقت أوربا في الدماء ، ثم تجمعت لإعلان حرب عالمية شاملة على المسلمين من جبال البرت المعروفة بالبرانس إلى شمال العراق وبيت المقدس /2/ .
وما كان حبر كتابات عصر الأنوار يجف حتى بدأت حروب نابليون وهي من أعقم ما عرف التاريخ من حروب لأنها قامت لإشباع رغبة رجل واحد هو نابليون الذي أشعلها ناراً حارقة من خليج المانش إلى موسكو ، وضحى في سبيل مطامعه بالملايين من الأبرياء 000 /3/ .
وعندما عقدت معاهدات الصلح في فرساي وسيفر بين 1918-1923 كانت الفئة المسيطرة على المنتصرين ، هي فكرة الانتقام والإذلال وقد ساد أوربا انحطاط أخلاقي بشع نتيجة الركود الثقافي وانعدام التوازن بين التقدم المادي الشاسع المدى وبين التقدم الإنساني والأخلاقي /4/ . الأمر الذي أبقى على الوحش راقداً تحت جلد الإنسان المتحضر فانتهكت الأعراض دون مبالاة ،وفقد أهل المدن والنواحي كل إحساس بالحق والشرف والكرامة وأهينت معتقدات الناس وأديانهم ،وسيطرت على أجزاء كبيرة من أوربا ،حكومات استبدادية غاشمة أنكرت الحريات ،واستهانت بكرامة الإنسان وفتحت سجون ومعسكرات اعتقال وتعذيب اشرف على عملياتها البشعة أناس متعلمون ومتحضرون وتقدميون أيضا . وسادت أوربا موجة من الكذب والادعاء والتضليل ، وبرهنت على عدم وجود ما يسمى بالضمير الإنساني عند أولئك الذين مارسوا هذه الأعمال . فكانت هذه هي القاع التي نمت عليها أفكار مثل الصهيونية والماسونية والفاشية ، والنازية والشيوعية والإمبريالية التي أرهقت الإنسانية . ووضعتها في متاهة لا تنتهي من الويلات والمشاكل والحروب المدمرة . ففي الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال دمر سلاح الطيران البريطاني مدينة كاملة سكانها مائتا ألف نسمة – هي مدينة درسدن – في ليلة واحدة وانتهت الحرب باستخدام الولايات المتحدة الأمريكية القنبلة الذرية ضد اليابان ،فقتلت في هيروشيما في ليلة واحدة مئة ألف إنسان ، وأصابت العاهات عشرات ألوف أخرى . وتلتها قنبلة أخرى على نكازاكي وخلفت هذه الحرب أكثر من مئة مليون بين قتيل وجريح فتصور مدى هول الكارثة التي حلت بالإنسانية 000 !
وفي العصر الحديث مع ازدهار الحضارة ة وتسارع معطياتها كانت حركة الاستعمار في جوهرها ، تقوم على سرقة أوطان الشعوب ، التي لم تكن تملك سلاح البارود ، وبسلاح البارود تجاوزت سرقة الأوطان إلى إبادة السكان الأصليين إبادة شبه تامة ،كما فعل الانجلوساكسون والأسبان ،في أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية في إبادة الهنود الحمر والأنكا والمايا والأزتيك الذين عانوا فظائع لا توصف فقد تم تحطيم حضارتهم واستخدامهم عبيداً له في المزارع والمصانع والموانئ والمدن /5/ . وعاملوا العزل معاملة الرقيق كما حدث في أفريقيا وآسيا واقترف البرتغاليون والبلجيكيون جرائم لا تصدق في حق شعوب البلاد التي استعمروها ،وتحول الأسطول البرتغالي إلى أسطول قرصنة وتدمير ينشر الرعب على السواحل الأفريقية وجزيرة العرب وبحار آسيا ، وأصبحت تجارة الرقيق تجارة رسمية وظيفتها صيد الرجال وشحنهم وبيعهم /6/ . وقد زاد في هول معاناتهم أيضا . استبداد الأنظمة الفاسدة ووحشيتها في البطش بأفراد شعوبها وترويعهم وقد صور بعض الكتاب مرارة العبودية بأسلوب ساخر ،وما كابده الناس من آلام وويلات :
فوق الجميزة سنجاب والأرنب يمرح في الحقل وأنا صياد وثاب لكن الصيد على مثلي
محضور ، إذ أني عبد
والديك الأبيض في القن يختال كيوسف في الحسن
وأنا أتمنى لو أني اصطاد الديك ولكني
لا اقدر إذ أني عبد /7/
وكتب مارك توين عن حكم الملك ليوبولد ووحشيته في الكونغو : " أن دم الضحايا الأبرياء الذي أراقه هذا الملك لو صُبت في دلاء ثم صُفت الدلاء لأمتدّ الصف ألف ميل ، ولو قدر للهياكل العظمية للملايين العشرة الذين قتلوا أو ماتوا جوعاً أن تنهض وتمشي في خط واحد ،لاستغرق مرورها من نقطة واحدة سبعة اشهر وأربعة أيام " /8/ .
وفي 30/يونيو حزيران 1960 قال باتريس لوموبا رئيس وزراء الكونغو في خطابه بمناسبة استقلال بلاده : " من سينسى المشانق والحرائق الشاملة التي أُبيد بها العديد من أخوتنا أو الزنزانات المخيفة التي القي فيها بوحشية هؤلاء الذين نجوا من طلقات الجنود ؟ هؤلاء الجنود الذين جعل الاستعمار منهم زبانيته : /9/
هكذا عاش الزنوج تحت نير القهر والعبودية ،وحياة مليئة بالبؤس والمحن والاضطهاد والإذلال ولم يتح لهم البيض فرصة التحرر الكامل من الرق ،على الرغم مما ارقوا من دمائهم في ساحات الحروب وما نالوا من أمجاد في ساحات الرياضة وكانوا في المجالين من أعلام الانتصارات الأمريكية فقد ظلوا مطوقين باسم التمييز العنصري ،وبكثير من ظواهره المهينة التي يخجل منها الضمير الإنساني . وعلى الجانب الآخر ،محاذاة أفريقيا ، تقوم العنصرية الإسرائيلية على حجة واهية لاغتصاب ارض ـ فلسطين – شعب أضحى مستضعفاً تدعها في ذلك دول كبرى لتحقيق أهداف استعمارية ،فاليهود يعتبرون أنفسهم شعباً واحداً متميزاً عن بقية الشعوب بخصائص ألوهية لذلك وجب اعتزال " الجويم" لأنهم وثنين لا يخضعون لقوانينهم ولا يتزوجون منهم ولا يزوجوهم ومن حقهم أن يسلبوا أموالهم بكل وسيلة وعليهم أن يلقوا الفتنة في الشعب الذي أسكنهم وآواهم وان يوقدوا بين أفراده نار العداوة والبغضاء ولا ريب أن تأثرهم بثقافة الأوربيين وحضارتهم وإمساكهم بخزائن المال ، وسيطرتهم البارزة في مجال السياسة والاقتصاد والأعلام ، قد منحهم القدرة على أحكام خططهم والقدرة على تنفيذها /10/ . وبذلك بلغوا أعلى درجات العنصرية والتطرف والإرهاب . في سلوكهم اليومي مع الشعب العربي الفلسطيني أن التمييز العنصري في سياسة إسرائيل هو جزء عضوي من الإطار القانوني للدولة الصهيونية ففي القانون المنظم للجنسية الإسرائيلية يميز بين اليهودي وغير اليهودي في اكتساب الجنسية كما أنها حققت أطماعها التوسعية واستولت على الأراضي العربية إما بقانون الطوارئ أو بقانون استغلال الأراضي المهجورة 000 ! أو بقانون الملكية الغائبة أو بقانون الاستيلاء على الأراضي وكل هذه لا شرعية ولا تستند إلى قانون بالمعنى الفعلي لهذه الكلمة . كما أنها تخالف القانون الدولي في تصرفاتها في فلسطين والشرعية الدولية ، وأي قانون موضوعي آخر معمول به في كل دول العالم . ولم تحدد حدودها الجغرافية إلى الآن ولم تكتف بما اغتصبته من الأراضي العربية على مشهد من جميع الدول العربية المجاورة ، التي فتتها اتفاق سايكس – بيكو من قبل وذلك عن طريق إثارة الفتن الداخلية وتغذية النـزاعات الانفصالية عند الأقليات ، أو بتحريض دول أخرى على احتلالها وتمزيقها كما هي حالة العراق في الوقت الراهن . وأفغانستان والسودان ودول غيرها ، والهدف هو أضعافها ومن ثم ابتلاعها من اجل تحقيق نبوءة إسرائيل الكبرى التي تمتد من الفرات إلى النيل .
/11/ وليست لإسرائيل حينما زرعت أية مشروعية تاريخية أو قانونية ، فهي دولة عنصرية إرهابية وتوسعية ومغتصبة ، شبيهة بالدول التي ترتبط معها برباط وثيق كالولايات المتحدة الأمريكية /12/ ؛ التي أخذت عنها أسوأ ما كان الأمريكيون يرتكبون بحق الهنود الحمر والزنوج ، وتقتدي أيضا بأسوأ تصرفاتهم الإجرامية واللاإنسانية في فيتنام .، وتلوح مثلها بالديمقراطية الوهمية المقرونة بالديكتاتورية الدموية ، كما أنها أخذت عن جنوب أفريقيا ممارسة التمييز العنصري القبيح ، والنهج الاستعماري القديم ، هذه الدولة –إسرائيل- قامت على أيديولوجية خادعة وعلى سلسلة من أعمال العنف والإرهاب ولم تنشأ إلاّ بموجب قرار غير شرعي من هيئة الأمم المتحدة المحكومة يومئذ بقوى غربية استعمارية ، وصادر بفعل ضغوط ورشاوى ، وهي لم تعش لعملها الذاتي وبقوتها النابعة منها ، بل عاشت واستمرت في الحياة ، بواسطة تدفق المال والسلاح من الدول الغربية ومن الولايات المتحدة الأمريكية ، وبالدعم غير المشروط واللامحدود منها /13/ ، وهي الآن تمارس أبشع الجرائم في حق الإنسانية ،قتلت وشردت ملايين الفلسطيين ، وأفرغت الأراضي من سكانها ، ودمرت المزارع والحقول وهدمت آلاف البيوت واغتالت الكثيرين ، واختطفت ما يقارب نصف أعضاء الحكومة الفلسطينية المنتخبة وعدد آخر من أعضاء المجلس التشريعي ، ولا تزال سجونها تضم عشرة آلاف أسـير، وحولت حياة الشعب العربي الفلسطيني إلى جحيم لا يطاق ، وبنت أبشع جدار عنصري في التاريخ ، مستغلة الوضع الدولي الخاضع للهيمنة الأمريكية ، والوضع العربي المهين والناجم عن احتلال العراق وتداعيات هذا الاحتلال أبشع استغلال ، فالحرب على ا لعراق بدأت قبل إعلانها يوم 9/4/2003 بكثير وان عملية احتلال الكويت ومن ثم تحريرها لم تكن سوى فصلاً دراماتيكياً من فصولها المأساوية وكانت سيناريوهات الحرب قد أعدت مسبقاً أو منذ زمن بعيد وتوفرت له ذرائع كافية سواء أكان احتلال الكويت أو تهديد دول الجوار ، أو ممارسات النظام الديكتاتوري ضد شعبه أو امتلاكه أسلحة تدمير شامل أو رعايته للإرهاب . وغيرها من الذرائع الكثيرة التي تراها الولايات المتحدة الأمريكية مبررة لشن الحرب واحتلال العراق ، هذا الاحتلال الذي نجمت عنه تداعيات كبرى وآثار بعيدة المدى ، محلياً وإقليميا وعالمياً . ففي الداخل تمثلت التداعيات بسقوط النظام وتدمير العراق كدولة ، ونهبه في أبشع عملية نهب في التاريخ ، طالت ثرواته وتراثه الحضاري والثقافي ، وحطمت كيان الدولة وأمنها وبنيتها التحتيّة ، تحطيماً كاملاً ، وتكبد الشعب من جراء ذلك ويلات ومآسي كارثية ستستمر تأثيراتها السلبية على المدى الطويل ، كما أنها – الحرب على العراق – كانت كارثة مضاعفة مرة بحق العراق دولة وشعب ، ومرة بحق الأمة العربية وعلى أمنها القومي برمته وفقاً لنصوص ميثاق جامعة الدول العربية ، ومما يدعو للأسى وللأسف الشديدين أن أطرافا عربية شاركت في هذه الحرب بطريقة أو بأخرى سعياً منها أما للتخلص من النظام القائم في العراق ، أو استجابة ، أو انصياعاً لرغبة الولايات المتحدة الأمريكية ، وتشارك الآن في إعادة أعمار العراق . والمشاركة في الحرب عليه والمشاركة في عملية أعماره، كمن يعمد إلى بتر أحد أطرافه الفاعلة ومن ثم يسعى إلى تركيب طرف اصطناعي عوضاً عنه . والشيء المؤكد أن هذا الأخير سيعجز عن أداء وظائفه بشكل طبيعي ، فلولا هذه المشاركة لما كانت هذه الحرب كما شاهدناها ظالمة وبربرية ، شنتها أعظم دول العالم و أكثرها تقدماً وتحضراً ، على بلد آمن وعضو في هيئة الأمم المتحدة ، وقد أدركت الأطراف العربية التي شاركت فيها – بعد فوات الأوان – هول الكارثة وتداعياتها ، فلم تسلم هي منها على المستويين الرسمي والشعبي ، في وقت لاحق أدركت جسامة الخطأ الذي وقعت فيه ، ولاذت في الصمت بعدما انقلبت الولايات المتحدة الأمريكية على تلك الأطراف العربية ، فتغيرت العلاقة القائمة على التعاون والمشاركة الحقيقية إبان الحرب ، إلى علاقة قائمة على الشك والاتهام ، وأخطر هذه التهم و أكثرها استفزازاً تهمة الإرهاب وتمويله ،هذا /البعبع / الذي أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب عليه وعلى الدول الراعية له 000 ! وأي إرهاب هو ؟ هو الإرهاب الذي تحدد مواصفاته ، الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والقوى المتحالفة معهما ، وبالتأكيد هو وفق المعيار الإسرائيلي ، لأن الحرب على العراق كانت في حقيقتها ودوافعها من اجل النفط ، ومن اجل إسرائيل ، فاحتلال العراق يوفر السيطرة على 70 % من مخزون النفط في العالم ، واحتلال العراق يعني أيضا البدء في رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط وللمنطقة العربية تحديداً ، فالإحداثيات التي تم رسمها في اتفاقية سايكس –بيكو لم تعد صالحة الآن ، تلك الاتفاقية التي أتاحت للبريطانيين تنفيذ وعدهم المشؤوم في قيام المشروع الاستيطاني الصهيوني بإنشاء دولة إسرائيل على ارض فلسطين العربية ، وبعد مضي أكثر من خمسين عاماً على قيام هذا الكيان الدخيل ،لم تستطع إسرائيل توفير الأمن اللازم لها ،بالرغم من الحروب التي شنتها ـ ولا تزال تشنها ـ على الدول العربية المجاورة ، واحتلال أراضيها ، فهي في قتال دائم مع الشعب العربي الفلسطيني والدول العربية المجاورة منذ قيامها حتى هذا اليوم ، وتجد إسرائيل صعوبات بالغة في العيش والاستمرار بسلام /14/ ناهيك عن وجود دول عربية قوية اقتصادياً وسكانياً تشكل تهديداً دائماُ لها ، فمن الأجدى إذاً تفتيت هذه الدول وإضعافها ، وهي بالفعل مرسومة على لائحة الأهداف الأمريكية – الإسرائيلية ، استعداداً لضربها في أية لحظة مناسبة ، إنها مسألة وقت لا أكثر ،وليست خافية على أحد، وربما كان التوحل الأمريكي باحتلال العراق من أهم الأسباب في أرجاء تنفيذ هذه الخطط فالقوات الأمريكية المحتلة ومنذ لحظة بدء الهجوم الساحق على العراق ، تعمل كفرامة اللحم في الشعب العراقي دون جدوى ؛ فالمقاومة تزداد ضراوة وتصميماً على طردها ، ولم تسعفها كل صنوف الأسلحة الفتاكة ، ووحشية استخدامها وعشوائية القتل والتدمير كاستراتيجية ثابتة في القهر والإذلال ، متطابقة في ذلك مع استراتيجية الكيان الصهيوني في تعامله مع الانتفاضة العربية يومياً .في فلسطين المحتلة ، وفي هذا الهجوم البربري الكاسح، الذي تشنه على القطر اللبناني ، مستخدمة فيه كل أنواع الأسلحة الفتاكة ، في عدوان سافر وحاقد ، دمر كل ما بناه هذا الشعب على مدى ربع قرن ، عدوان مروع بمباركة أمريكا و حلفاؤها من دول الغرب المتحضر، فبدلاً من أن تعمل هذه الدول على وقف الهجوم الإسرائيلي المدمر على لبنان ، تعلن صراحة ، ومن دون خجل ، أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ، ووفق هذا المعيار يصبح المعتدي معتدى عليه ، والمعتدى عليه إرهابيا يجب سحقه وتدميره ، مفارقة مؤلمة تعكس حقيقة أخلاق المتحضرين وقيمهم المنهارة . هذا الصراع المحموم بين العدوان والمقاومة على الساحة العربية ، ولد موقفاً شعبياً رافضاً ومقاوماً لكل ممارسات الهيمنة والغطرسة ، التي يواجهها مع قوى الظلام ،الإمبريالية والصهيونية العالمية وربما سيولد وضعاً جديداً في تاريخ العرب .
* العنوان : سوريا – القامشلي – ص. ب 349 بريد الكتروني : [email protected]
الهوامش والمراجع
1-ماركس انجلز المختارات – ترجمة الياس شاهين دار التقدم ص 110
- تقول أسطورة يونانية قديمة أن داموكليس كان من بطانة ديونيسيوس (ق 4 ق.م ) من سيرانوس دعاه ديموتيسيوس يوماً إلى وليمة ورغبة في إقناع داموكليس الذي كان يحسد يونيسيوس بوهن الازدهار البشري ، أجلسه على عرشه وعلق بشعره فوق رأسه سيفاً وأصبح تعبير : (سيف داموكليس ) رمزاً للخطر الرهيب الدائم (ص342).
2-د : حسين فونس . الحضارة : دراسة في أصول وعوامل قيامها وتطورها –ط2 عالم المعرفة العدد 237 الكويت 1998 ص 343
3- المرجع السابق ص 345
4- المرجع السابق ص367
5- المرجع السابق ص382
6- المرجع السابق ص345
7- د: عبد السلام الترمانيني- الرق عالم المعرفة الكويت ص 250
8- المرجع السابق ص 252
9- المرجع السابق ص 270
10- المرجع السابق ص 272
11- المرجع السابق ص279
12- د: عبد الملك التميمي – الاستيطان الأجنبي في الوطن العربي – عالم المعرفة العدد 71 الكويت 1982 ص 179
13- د: عبد السلام الترمانيني - الرق . المرجع السابق ص 281
14 – د: رشاد عبد الله الشامي – الشخصية اليهودية الإسرائيلية والروح العدوانية -عالم المعرفة العدد 102 الكويت ص 218



#أحمد_محمد_النهير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد النهير - عبودية العصر وأخلاق المتحضرين