أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الجمعية المغربية لحقوق الانسان - التقرير الموازي للتقرير الدوري الثالث للحكومة المغربية المقدم بموجب المادتين 16 و من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية17















المزيد.....



التقرير الموازي للتقرير الدوري الثالث للحكومة المغربية المقدم بموجب المادتين 16 و من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية17


الجمعية المغربية لحقوق الانسان

الحوار المتمدن-العدد: 1622 - 2006 / 7 / 25 - 12:00
المحور: حقوق الانسان
    


التقرير الموازي
من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

فبراير 2006

التقرير الموازي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان
حول العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
معطيات عامة:

تؤكد المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية أن المغرب يجتاز وضعية اقتصادية صعبة تنعكس على كل مناحي حياة المواطنين، خاصة على المستوى الاجتماعي حيث أن ضعف الإنتاج الزراعي، والصناعي، وتراجع الصادرات، وزيادة العجز التجاري، كلها عوامل لها أثر بالغ على اقتصاد البلاد. هذا، في الوقت الذي تواجه البلاد تحديات تزيد الوضعية تعقيدا، وفي مقدمة هذه التحديات البطالة، الفقر، الأمية وهشاشة الخدمات الصحية

يعتبر البنك الدولي أن التحديات الكبرى أمام المغرب تتمثل في معدل نمو اقتصادي ضعيف، وضعف المؤشرات الاجتماعية وارتفاع البطالة واستنزاف الموارد الطبيعية وخصوصا منها المياه.

ولا تبدو المؤشرات الاجتماعية جيدة، وفي هذا الإطار يفيد التقرير العالمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لسنة 2005، حول التنمية البشرية أن المغرب يحتل المرتبة 124 في قائمة تضم 177 بلدا والمرتبة ما قبل الأخيرة من بين الدول المغاربية الخمس.

عجز الميزان التجاري :

تشير آخر بيانات مكتب الصرف، وهي مؤسسة حكومية، إلى أن الميزان التجاري سجل عجزا قدره 4.9 مليار دولار في النصف الأول من عام 2005، بارتفاع بلغ 27.8 % بالمقارنة مع ما كان عليه في نفس الفترة من عام 2004، ونتيجة لذلك وصلت نسبة تغطية الصادرات للواردات إلى 48.8 % في شهر يونيو الماضي.

وأكد نفس التقرير أن صادرات البلاد تراجعت بنسبة 5.5 % لتصل قيمتها إلى 4.6 مليار دولار في النصف الأول لعام 2005، وسجل تراجع صادرات الملابس، خلال النصف الأول من العام الحالي، النصيب الأكبر من إجمالي تراجع الصادرات المغربية الإجمالية بنسبة بلغت 82.7 %، علما أن هذا القطاع يُشغل نسبة مهمة من النساء.

كما ارتفعت الواردات خلال الفترة نفسها بنسبة 9.1 %، لتصل قيمتها إلى 9.5 مليار دولار، ومثلت الزيادة في الواردات البترولية، 66.4 % من حجم الواردات الإجمالية.

القطاع الزراعي :

كانت للتغيرات المناخية التي عرفها المغرب خلال عامي 2004 و 2005 أثار سلبية على هذا القطاع، حيث ألحقت أضرارا بليغة بالإنتاج الزراعي وكان من نتائجها المباشرة فقدان 50 ألف منصب شغل بالبادية في الفترة ما بين يونيو 2004 ويونيو 2005، دون أن تقدم الحكومة برامج وحلول لمواجهة الآثار السيئة لهذه التغيرات على السكان وعلى ظروف عيشهم؛ خاصة وأن القطاع الزراعي يُعد من أكبر قطاعات الاقتصاد المغربي ويمثل حوالي 15 % من الناتج الداخلي الإجمالي.

وإذا كانت الزراعة لم تعد تمثل سوى حصة صغيرة في الناتج الداخلي الإجمالي ( 15,3 % سنة 2004) فإنها ما تزال تلقي بثقلها على الاقتصاد كما تبين ذلك مختلف الدراسات.

يستهلك تامين الغذاء 43 % من مدخول الأسر في المغرب، وتعمل في مجال إنتاج الغذاء قرابة 40 % من اليد العاملة كما تمثل الصناعات الغذائية قرابة 36 % من الناتج الداخلي الإجمالي الصناعي.
وفي سنوات الجفاف، كما هي الحال هذه السنة، فقد يخسر المغرب نقطتين من معدل النمو الذي من المتوقع أن لا يتجاوز 3 % في سنة 2005.

الديون :

حسب المصادر الرسمية، بلغت ديون المغرب نسبة 75 % من الناتج الداخلي الإجمالي، ويُقدر حجم الدين العام الخارجي بـ 14 مليار دولار في نهاية عام 2004. وإذا كان هذا الأخير قد سجل بعض التراجع، أي أنه يتجه نحو الانخفاض، فإن العكس تماما هو ما يحدث بالنسبة للمديونية الداخلية التي تسير في اتجاه تصاعدي حيث بلغت سنة 2003 حوالي 26 مليار درهم.

هذا فضلا عن كون مشكل المديونية، بالإضافة إلى ارتباطه بسوء التسيير والتدبير وضعف الشفافية، فإنه مرتبط أيضا أشد الارتباط بطرق استعماله وفقا لوجهته الأصلية، علما بأن قروض ضخمة توظف في مشاريع ليست لها أية مردودية بل وتتطلب أيضا مصاريف إضافية للصيانة والتجهيز.

البطالة :

تأتي البطالة في صدارة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المغرب والتي تتفاقم عاما بعد عام، وتترتب عنها آثار اجتماعية سلبية وحسب تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط، بلغ معدل البطالة في المغرب في يونيو 2005 نسبة 11.3 % بزيادة قدرها 1.6 % بالمقارنة مع مستواه قبل عام، كما أن مجموع العاطلين عن العمل بلغ 000 1.239 شخص.

وخلال الثلاثة أشهر الأولى من عام 2005 تراجع التوظيف في قطاعي الصناعة والزراعة، حيث فقد قطاع الزراعة نحو 33 ألف فرصة عمل؛ بسبب الجفاف، بينما سجل قطاع الصناعة انخفاضا بأكثر من 9 % من موارده من الأيدي العاملة، بسبب فقدان قطاع النسيج والملابس لـ 95 ألف فرصة عمل.

ويبدو أن أزمة البطالة مرشحة للتفاقم بحدة في السنوات القادمة، خاصة على إثر المشاكل التي يواجهها قطاع النسيج في المغرب والذي يستقطب 95 ألف منصب شغل، حيث تجبره المنافسة على التخلي عن أعداد غفيرة من العمال.

نهب المال العام أو الوجه الآخر للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان :

استقالة اختيارية لأجهزة المراقبة عن القيام بمهامها؛
تفويت العقارات ؛
الرشوة والمحسوبية في عمليات التحصيل؛
استعمال حسابات خارج القوانين؛
إتلاف وثائق بدعوى الحرائق، أو تعرضها للفيضانات، أو عدم العثور عليها؛
توظيفات خارج الإطار القانوني؛
القرصنة لإقحام معلومات مزيفة؛
إبراز صفقات بدون مبرر معقول؛
تعليق المصادقة على الحسابات الختامية منذ 1981؛
جمود المجلس الإداري ما بين سنة 1992 و 2000.


تلك هي بعض عناوين الإجرام، المتوفر على عناصر سبق الإصرار والترصد، الواردة في تقرير لجنة تقصي الحقائق النيابية لمجلس المستشارين في قضية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي مازال يراوح مكانه لدى قاضي التحقيق باستئنافية الدار البيضاء، بعد فضيحة تقرير لجنة التقصي لمجلس النواب في ملف القرض العقاري والسياحي .

لا اشك في أن هذا النوع من الإجرام تنطبق عليه أغلب فصول القانون الجنائي، وهو حالة ليست معزولة؛ أولا باعتبار ارتفاع وتيرة الاختلاسات ونهب الدراهم التي تُعد، بالملايين، ثم الملايير، المحالة على القضاء، وثانيا بالنظر إلى مظاهر استنزاف المال العام المسكوت عنها لحد الآن، وثالثا لكون عدد من المؤسسات العمومية يتم ضخ صناديقها بأموال الشعب نتيجة سوء التدبير والتسيير، لينسل المسؤولون منها كالشعرة من العجين، سالمين غانمين؛ ورابعا لأن يحتمون بعض المحظوظين المطالبين بإرجاع ما اختلسوه بالظل ،في انتظار مرور السحاب الكثيف، وخامسا لأن أغلب مؤسساتنا العمومية وشبه العمومية تعيش نفس المصير الذي آلت إليه فضيحتا القرض العقاري والسياحي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

إن المال العام تعرض ويتعرض للتبذير، ولا يمكن أن يخرج عن سياق السياسات المتبعة؛ ومما يزيد في تعقيد هذه الوضعية هو عدم اتخاذ إجراءات ملموسة بشأن القضايا والمشاكل التي نطرح بعضها ضمن هذا الملف؛ خاصة وأن هذه التدابير لا تكلف خزينة الدولة فلسا واحد، وهي من قبيل سن نص قانوني يتعلق بمبدأ من أين لك هذا؟ واسترجاع الأموال المنهوبة، وتحصيل المصاريف القضائية المحكوم بها لفائدة الدولة. وإقرار مساءلة أجهزة المراقبة عن الاختلاس، وإعادة النظر في مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة/محامي الدولة، والشُّعب القضائية بالإدارات بالإضافة إلى المقترحات الواردة في تقرير "50 سنة من التنمية البشرية وآفاق سنة 2005".

ضرورة إيجاد مخرج لتعثر ملفات المال العام المعروضة على القضاء.
ما هو مصير الملفات المعلقة؟
هل يتم تبليغ جميع قضايا الاختلاس إلى مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة ؟




بطء تخليق الحياة العامة يعرقل النمو الاقتصادي والاجتماعي للمغرب :

تؤكد عدة تقارير على استفحال الرشوة وعدم فعاليات النفقات العمومية بالمغرب. فقد أشار البنك الدولي، الذي يُعتبر من بين المسؤولين عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا وبرغم كون المغرب يعد من بين تلامذته البالغين في تقرير له أن المغرب، خلال الخمس وعشرين سنة الأخيرة، انتقل من نظام دولتي جدا إلى نظام ليبرالي. إلا أن هذا التحول لا يعني أن قضايا التسيير بلغت مستوى كبيرا من الشفافية. ذلك أن مواضيع ومجالات كثيرة وحيوية ما تزال محل نقاش وجدال، وتظل في قلب هذه القضايا المسألة الديموقراطية، التي لا تعني فقط الحرية في صناديق الاقتراع واختيار الممثلين على صعيد البرلمان بغرفتيه والمجالس البلدية والقروية إنها تعني مسألة توزيع الثروات. فموضوع اختلاس المال العام وسبل استرجاعه ومحاربة ظاهرة الرشوة وتعزيز أسس الحياة العامة كلها قضايا تُشكل صلب النقاش الاجتماعي والسياسي.

ورغم أن الدولة قد حركت في السنوات الأخيرة، مجموعة من الملفات المتعلقة بنهب أموال عدة مؤسسات عمومية منها القرض العقاري والسياحي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للقرض الفلاحي وشركة كوماناف أو غيرها من المؤسسات العمومية، فإن عدم البت في هذه الملفات يشكل فرصة للإفلات من العقاب. إن طول المساطر، وعدم التركيز بشكل أساسي على مبدأ استرجاع الدولة للأموال المنهوبة موضوع ساخن نظرا لارتباطه بقضايا اجتماعية تتعلق أساسا بالعجز المالي الذي تعاني منه عدة مرافق عمومية حيوية مما يؤدي إلى تدني خدماتها وفي مقدمة هذه المرافق الصحة والتعليم والتشغيل. كما أن فئات اجتماعية واسعة وهيئات حقوقية وسياسية تربط ربطا وثيقا هذه القضايا بمسألة نهب المال العام وانعكاساته السلبية على حياة المواطنين.

وفي هذا الإطار فإن حجم الأموال غير المسترجعة، والتي أصدرت محكمة العدل الخاصة بالرباط حكما بشأنها طيلة 39 سنة من عمرها، قد بلغ إلى 136 مليار سنتيم، أما الأموال التي صدرت بخصوصها أحكام غير منفذة صادرة عن القضاء العادي فتجاوزت مليار سنتيم حسب تقرير نشر في سنة 1998 .

هذا فضلا عن ذلك، لا بد من الإشارة إلى الامتيازات ونهب الثروات الوطنية واحتكار فئة اجتماعية معينة لحق الاستفادة منها، ويتعلق الأمر برخص مقالع الرمال ورخص الصيد في أعالي البحار وأيضا التهرب الضريبي. الذي يمثل حسب أخصائيين اقتصاديين ثلثي المداخيل الضريبية. دون الحديث عن القضايا التي تخسرها الدولة أمام القضاء نتيجة أخطاء موظفيها؛ وهو ما يؤدي إلى استنزاف أموال العامة، ويثقل كاهل القضاء بملفات خاسرة. وبهذا الخصوص يشار أيضا إلى مسألة استشراء الرشوة، التي أصبحت قاعدة عامة، في العلاقات الاقتصادية والاستثمار وعلاقة المواطنين بالمؤسسات العمومية بشكل عام؛ إذ يحتل المغرب في هذا المجال المرتبة 77 وقد بيّن تقرير منظمة ترانسبرانسي الدولية أن المغرب شهد تراجعا في ترتيب مؤشر الرشوة حيث انتقل من الرتبة 70 سنة 2003 إلى الرتبة 77 سنة 2004 بينما كان يحتل الرتبة 45 قبل خمس سنوات فقط؛ وهو ما يُكشف أن الجهود الرسمية لتخليق الحياة العامة لم تفلح في القضاء على هذه الآفة. وذلك أن المسألة لا تتوقف عند اتخاذ قرار حكومي، بل تحتاج إلى سياسة صارمة لمحاربة الإفلات من العقاب في قضايا نهب المال العام وعدم استرجاعه، وتُشكل امتيازات استغلال الثروات أسوأ مثال يقتدى به للإمعان في نهج هذا السلوك الاجتماعي. وتعتبر هذه الآفة من المعيقات الأساسية لتقدم الاستثمار المحلي والأجنبي وازدهار المقاولات وإن نسبة كبيرة من تفويت الصفقات العمومية تبلغ حوالي 60 ? يصاحبها منح رشاوي قد تصل إلى 10 في المائة من قيمة الصفقة.



- المادة 1 : حق الشعوب في تقرير مصيره
عدم تمكن الشعب المغربي من حقه في تقرير مصيره السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي، بسبب استمرار العمل بدستور يتناقض مع منظومة حقوق الإنسان. إذ لا يوفر فصلا حقيقيا للسلط و استقلالا للقضاء، و لا يعترف بإمكانية مراقبة المحكومين للحاكمين، كما أوضحت الإنتخابات التشريعية و الجماعية بما سادها من ضعف المشاركة السياسية، و ما شابتها من عمليات استعمال وسائل غير مشروعة، أبرزها توظيف المال لاستمالة الناخبين كما أن المؤسسات التمثيلية المنبثقة عنها لا تعكس الإرادة الشعبية الحرة للمواطنين والمواطنات.
استمرار استنزاف الاقتصاد الوطني المتمثل في النهب و الفساد و الرشوة. و استغلال النفوذ و تبذير واختلاس المال العام، والإفلات من العقاب مما يحول دون سن سياسة تنموية، توقف التدهور الفظيع للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، وتؤسس لدولة تناهض الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية كما في الجرائم السياسية.

المادة 3: مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
رغم التقدم الجزئي الذي جاءت به التعديلات الأخيرة لمدونة الأسرة إلا أنه تبقى هشة باعتبارها لم تنصف المرأة ولم تقر بمبدأ المساواة بين الجنسين كمبدأ من مبادئ حقوق الإنسان، خاصة المادة الثالثة من العهد.
حيث أن مدونة الأسرة وكذا المساطر الخاصة المرتبطة بها لم تقدم إجابات ملموسة حول:

تعزيز المكانة القانونية للمرأة وتوفير فرص متساوية لها مع الرجل في تقلد المناصب العليا والوصول إلى مناصب القرار والترقي في الوظائف.
ضمان واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة على قدم المساواة مع الرجل والحق في المشاركة في التنمية والاستفادة منها.
اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز مكانة المرأة للمساهمة في القرار الاقتصادي والاجتماعي من خلال مشاركة النساء في صنع القرارات المتعلقة بإدارة الموارد و وضع السياسات و البرامج المتعلقة بالتنمية و محاربة الفقر .
ضمان حق الشغل للنساء على قدم المساواة مع الرجل ، و الحماية من البطالة ، و القضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل.
حماية المرأة الحامل و ضمان الحق في الأمومة .
احترام الحقوق النقابية للنساء.
احترام حقوق العاملات عبر المصادقة على اتفاقيات منظمة العمل الدولية الخاصة بالمرأة و ملاءمة القوانين المنظمة للشغل بما فيها مدونة الشغل المغربية إضافة والمراسيم التطبيقية مع مقتضياتها .
إدماج المهن غير المقننة في قانون الشغل و على رأسها خادمات البيوت عبر إصدار القانون المنظم لهذه المهنة .
اعتبار مجالات التعليم و الصحة و السكن و القضاء على الأمية من المسؤوليات الأساسية للدولة ، و ضمان استفادة النساء منها ،و رفع الميزانيات المخصصة لها .
تعميم التعليم و ضمان مجانيته و إجبار يته ، و ضمان تعليم الفتيات لا سيما في الوسط القروي ، و محاربة الأمية في أوساط النساء ،و إعادة هيكلة التربية غير النظامية من أجل القضاء نهائيا على الأمية عند النساء.
توفير العلاج و الخدمات الصحية و الاهتمام بالصحة الإنجابية للمرأة و تعميم الوقاية الصحية ، وضمان التغطية الصحية بالمجان للنساء و الرجال .
مكافحة الاتجار المنظم بالنساء و الأطفال بما في ذلك الاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي و إنتاج المواد الإباحية و البغاء و السياحة الجنسية و غيرها من أشكال الاتجار الجنسي و القضاء عليها ، و تقديم الخدمات القانونية و الاجتماعية لضحاياها و محاكمة و معاقبة المسؤولين عن الاستغلال المنظم للنساء و الأطفال .
وضع تدابير للنهوض بأوضاع المرأة القروية في مجال الشغل و الصحة و التعليم .
وضع حد للهجرة السرية من النساء و الرجال، عبر القضاء على الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة خاصة توفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للقضاء على الظاهرة.
تسهيل و توفير الخدمات و الأجهزة الملائمة للنساء المعاقات ذوات الحاجيات الخاصة و العمل على تزويد عائلاتهن بالخدمات الضرورية عند الاقتضاء .
وضع آلية وطنية مكلفة بأوضاع النساء و إدماج البعد النوعي في كل الاستراتيجيات و المخططات التي تقوم بها الدولة و إشراك التنظيمات النسائية و الحركة الديمقراطية الحقوقية في بلورتها.
المادة 6 : الحق في الشغل و حقوق الشغلية :

لا بد من الإشارة منذ البداية، إلى أن مدونة الشغل دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 18/06/2004 وليس سنة 2003 كما جاء في التقرير الحكومي.

لقد أشار التقرير الحكومي إلى الإجراءات المتخذة لتعزيز التشغيل وإلى تدابير اعتبرها استراتيجية في مجال تعزيز الشغل، في حين أن تلك المعطيات المضمنة بالتقرير هي مجرد آليات تنظم المقتضيات القانونية لعملية التشغيل التي يستفيد منها طالب الشغل ولا تُشكل في حد ذاتها تطبيقا للحق في الشغل لكل مواطن كما هو منصوص عليه في المادة الثالثة من الدستور.



قدم التقرير العديد من الأرقام، وهذه الطريقة التي اعتمدها التقرير في عرض المجهود الذي تبذله الدولة في إعمال المادة الثالثة من الدستور والمواد 6 – 7 – 8 من العهد التي تلزم بموجبه الدولة بضمان الحق في العمل لا تعكس دور الدولة في ضمان الحق في الشغل بقدر ما تخفي غياب هذا الدور، لأن ضمان الحق في الشغل يتطلب من الدولة تقديم المعطيات التالية:

عدد العاطلين في المغرب؛
عدد الخريجين من المدارس والمعاهد والجامعات؛
عدد مناصب الشغل التي توفرها الدولة في ميزانياتها المالية السنوية؛
عدد الموقوفين والمطرودين من العمل لأسباب الإغلاق أو الإفلاس أو الطرد؛
النسب التي يوفرها القطاع الخاص في التشغيل؛
أولويات السياسة الحكومية في مجال التشغيل؛
التدابير المتخذة في مجال تكوين الموارد المالية لتوفير الشغل ومدى تناسب ذلك مع طلبات الشغل؛
إبراز العجز الذي تعاني منه الدولة وأسبابه في التغلب على إعمال وضمان حق الشغل وذكر الإكراهات التي تتعلل بها والسياسة التي تنهجها لمعالجة المشكل؛
أسباب عدم تلبية مطالب حاملي الشهادات العليا.
يتجلى مما سبق أن التقرير الحكومي، في غياب هذه المنهجية وعدم تقديم إحصائيات دقيقة في الموضوع لتكوين صورة واضحة عن واقع الشغل، هو مجرد نص سردي مفصول عن الواقع يعتمد على ما ينص عليه التشريع والقانون بدلا من الاستناد إلى النتائج العملية لإعمال هذه القوانين.

تعقيبا على ما تضمنه التقرير الحكومي وإضافة إلى الديباجة أعلاه، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تبدي الملاحظات والانتقادات التالية:

* التشغيل:

إلغاء مكاتب تشغيل العمال المنظمة بظهير 27 – 09 – 1921 والتي كانت مكاتب عمومية؛
عدم المساواة في التشغيل سواء في أسلاك الدولة و حتى في القطاع الخاص؛
عدم تعويض المتقاعدين عن الخدمة سواء عند بلوغ سن التقاعد القانوني أو عبر ما سُمي بالمغرب بـ"المغادرة الطوعية"؛
قلة المناصب المحدثة بموجب القانون المالي السنوي ضعيفة وانخفاضها المستمر.
* ضرب استقرار الشغل :

سكوت الدولة على إعلان مؤسسات الإنتاج عن التسريحات الجماعية للعمال وعدم تفعيل المقتضيات القانونية المضمنة في مدونة الشغل؛
هزالة الغرامات 10.000 درهم الى 20.000 درهم المفروضة في حالة إغلاق المعمل أو تسريح العمال بدون ترخيص؛
إلغاء المرسوم الملكي المؤرخ في 14 غشت 1967 الذي كان ينص على عقوبة حبسية في حالة الإغلاق بدون ترخيص؛
اللجوء إلى العقود محددة المدة في الأشغال التي تعتبر بطبيعتها دائمة؛
توسيع مجال تطبيق عقود الشغل محددة المدة؛
تحويل الشغل إلى سلعة وذلك من خلال إضفاء الشرعية القانونية على وكالات المتاجرة في اليد العاملة من خلال : وكالات التشغيل الخصوصية ومقاولات التشغيل المؤقت وغياب ممارسة رقابة فعلية على هذه المؤسسات.


* حول المجلس الأعلى والمجالس الجهوية والإقليمية :

يبقى دورها استشاري فقط؛
لم يتم تكوينها بعد، وبالــتالي فإنها لم تجتمع منذ دخول مدونة الشغل حيز التطبيق بتاريخ 0
8/06/2004.


* التدريب من أجل الإدماج والتدريب التأهيلي :

فشل هذا البرنامج الذي تحول إلى وسيلة لحصول بعض المقاولات على تعويضات غير مبررة؛
كما أن العديد من المستفيدين من هذه البرامج يلحقون بصفوف المعطلين؛


* الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات :

سقط الآلاف من الشباب ضحية تحايل عدة شركات وهمية عبر هذه الوكالة؛
مجموعة أخرى من الشباب تعاقدوا مع شركات أجنبية عبر هذه الوكالة وانتقلوا إلى إسبانيا... لكن هذه الشركات رفضت تشغيلهم.
* تشغيل الأطفال :

التغاضي عن استغلال الأطفال في مؤسسات الإنتاج الخاصة عبر عقود التدريب المهني.
التغاضي عن تشغيل الأطفال دون السن القانونية في الصناعة التقليدية والزراعة.
عدم تقنين عمل خدم وخادمات البيوت وأغلبهم أطفال رغم أن مدونة الشغل أشارت إلى ذلك.
عدم إصدار قانون خاص بالعمل في المهن ذات الطابع التقليدي الصرف.


المادة 7: الحق في التمتع بظروف عمل صالحة وعادلة ومواتية:

على نفس المنهجية المشار إليها سابقا والمعتمدة من طرف التقرير نجد أنه ذكر بالنصوص القانونية والتي تم إدخالها في المنظومة التشريعية باعتباره مجهودا للدولة في ضمان التمتع بظروف عمل مواتية، كما أشار إلى الجزاءات التي رتبها القانون في حالة عدم التقيد بها.

وبهذه الطريقة فإن التقرير جاء خاليا من المعطيات الإحصائية التي تبرز:

مدى إعمال هذه النصوص في حيز التطبيق وإعمال الحد الأدنى للأجور وتوفير شروط السلامة والصحة في فضاءات الشغل؛
إعطاء نسبة المؤسسات التي هيكلت بنياتها وفق النصوص القانونية والعدد الذي ظل يشتغل خارج ضوابط أداء أجراء في ضوابط السلامة والصحة الخ...؛
عدد المخالفات التي سجلت ضد المؤسسات التي لا تحترم القوانين ونوع الجزاءات المحكوم بها ضدها ومدى فعالياتها في ضمان ظروف عمل مواتية للشغل؛
سلطات الأجهزة التفتيشية نفي التدخل لمراقبة شروط العمل والدور المنوط بها ومدى فعاليته لإلزام إعمال القانون في هذا المجال؛
المسطرة التي ينص عليها القانون للتأكد من عدم وجود تمييز بين الجنسين يتعلق بالأجر عن العمل المتساوي في النتيجة (مثال هيئة الإنصاف والمصالحة مع مستخدميها ومستخدماتها)؛
إعطاء مؤشر معيشي وتقييمي بناء على معايير مضبوطة يتفق على أنها تمثل الحد الأدنى لعيش مواطن مغربي في مستوى يؤمن عيش كافي وكرامة له ولأسرته، أما القول بأن الحد الأدنى الحالي يوفر عيشا كاف وكريم فهو بعيد عن الواقع وغير صحيح خاصة أمام غلاء والمعيشة وتوالي ارتفاع الأسعار؛
إحصائيات عن عدد حوادث الشغل وأسبابها في ارتباط مع ظروف العمل.


هذه أمثلة عن المعطيات التي كان على التقرير الحكومي إعطاءها لإعطاء صورة تمكننا من معرفة مدى إعمال هذا الحق ونسبة تطبيقه.

* الأجـــر :

- الحد القانوني للأجر :

لا يكفي لتأمين العيش الكريم للعامل ولأسرته؛
لا يواكب تطور غلاء المعيشة
استمرار التمييز القانوني بين العمال فيما يخص الأجور في قطاع الصناعة والخدمات وفي قطاع الزراعة.
تطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاع الزراعي على عمال المقاولات الصناعية المتواجدة خارج المدن (إنتاج الدجاج، التلفيف...) رغم أنهم لا يستفيدون من أية امتيازات عينية.
تكريس التمييز في الحد الأدنى للأجور داخل نفس القطاع الصناعي والخدماتي، بمقتضى المرسوم الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 07 يونيه 2004 وقرار وزير التشغيل الصادر بتاريخ 09 غشت 2004.
الغرامات المطبقة ضد المشغل الذي لا يحترم الحد الأدنى للأجور لا تتعدى 300 إلى 500 درهم عن كل مخالفة دون أن تتجاوز سقف 20.000 مهما كان عدد العمال ضحايا هذا الخرق القانوني.
عدم تطبيق المادة 184 من مدونة الشغل التي تنص على ما يلي:"لا يترتب أي تخفيض من الأجر عند تقليص مدة الشغل في القطاعات غير الفلاحية من 2496 إلى 2288 ساعة وفي القطاع الفلاحي من 2700 إلى 2496 ساعة في السنة.
وبالتالي السماح بتخفيض الأجور بعد تخفيض مدة العمل العادية من 48 إلى 44 ساعة في الأسبوع.

السماح بتخفيض ألأجر الشهري إلى النصف عند تطبيق المادة 185 من مدونة الشغل التي تنص على ما يلي:"يؤدي الأجر عن مدة الشغل الفعلية على ألا يقل في جميع الحالات عن 50% من الأجر العادي ما لم تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة للأجراء.
استمرار الفوارق الخيالية في الأجور.


* الصحة والسلامة :

إن شروط الصحة والسلامة والنظافة أصبحت مفتقدة حتى في المرافق العمومية من إدارات ومستشفيات عمومية فبالأحرى بقطاعات أخرى كالمعامل الخاصة والمناجم والضيعة.
استمرار استعمال مواد خطيرة دون مراقبة في قطاع الكيماويات وقطاع الجلد وفي الاستغلاليات الفلاحية (البيوت البلاستيكية كمثال...) وفي المقالع.
غياب إجراءات السلامة بالنسبة للعاملين في البناء وفي الأشغال على علو مرتفع.
بشكل عام نجد أنه لم تحدث المصالح الطبية المستقلة في المؤسسات التي تشغل 50 أجيرا على الأقل أو التي يتعرض إجراؤها إلى مخاطر الأمراض المهنية وذلك ضدا على المادة 304 من مدونة الشغل.
كما أنه لم يتم احترام المادة 309 من مدونة الشغل التي تنص على ما يلي:" أطباء الشغل" ويجب عليهم أن يباشروا مهامهم بأنفسهم وذلك بعدم تعيين طبيب وأطباء الشغل متخصصين، ونلاحظ أن التقرير الحكومي لم يتحدث عن هذه النقطة.
ربما فهل هذا تمهيد لتعديلها في مدونة الشغل نظرا لضغوط أرباب العمل كما هو رائج في الأوساط الصناعية المغربية؟
عدم تلقين الأجراء في الأوراش الخطيرة تقنيات وأساليب الإسعاف الأولى المستعجلة.
وهكذا فإنه في غياب طبيب الشغل ومصلحة طبية في أغلب مؤسسات القطاع الخاص نجد:
استحالة الوقاية من حوادث الشغل ومن الأمراض المهنية أو مراقبة ملائمة للحالة الصحية للأجير.
استحالة مراقبة تركيبة المواد الكيماوية المستعملة والتأكد من آثارها على صحة العمال والمستهلكين. وبالتالي يتم خرق وعدم احترام مقتضيات المادة 323 من مدونة الشغل.
لا يتم إجراء الفحص الطبي الدوري للعمال كما تنص على ذلك مقتضيات المادة 327 من مدونة الشغل.
أما الغرامات المفروضة على المشغلين الذين لا يحترمون شروط الصحة والسلامة فهي ضعيفة أي من 2000 إلى 5000.

* مجلس طب الشغل :

رغم طبيعته الاستشارية فإنه لم يجتمع بعد.

* لجان السلامة وحفظ الصحة :

لم يتم أحداث لجان السلامة وحفظ الصحة في أغلب المؤسسات الإنتاجية الخاصة والعمومية وذلك بسبب:

عدم رغبة المشغلين في وجود مراقبة داخلية.
عدم توفر مناديب العمال في أغلب المؤسسات.
عدم توفر طبيب الشغل في أغلبية المؤسسات الانتاجية مما يعني غياب مراقبة داخلية على:
صيانة أجهزة الوقاية من المخاطر إن وجدت
الحفاظ على البيئة داخل المقاولة
اختيار المعدات والأدوات.
إعادة تأهيل المعاقين
سير مصلحة طب الشغل
متابعة حوادث الشغل والأمراض المهنية.
رفع تقارير إلى مفتشي الشغل حول حوادث الشغل والأمراض المهنية.
هزالة الغرامات من 2000 إلى 5000 درهم.
* مدة العمل والساعات الإضافية:

تحايل المشغلين لتشغيل العمال أكثر من المدة العادية القانونية للعمل (44 ساعة في الأسبوع في قطاع الصناعة والتجارة والخدمات و 48 ساعة في الزراعة) وذلك باشتراط إنتاج مبالغ فيه بالنسبة لكل عامل مهما طالت مدة العمل أو بدعوى إعادة إصلاح المنتوج (retouches ) دون التعويض عن ذلك.
عدم احتساب الساعات الإضافية أو عدم التعويض عنها بالزيادة المنصوص عليه قانونيا.
أصبحت مدة الشغل العادية 10 ساعات في اليوم و 12 في بعض الحالات الاستثنائية التي يتم تعميمها في الواقع في غياب رقابة فعلية من طرف الأجهزة الموكول لها ذلك قانونيا.
عدم تقيد المشغلين بأي حد أقصى للعمل اليومي وخصوصا في قطاعات البناء والزراعة والنسيج والصناعة التقليدية.
عدم توفير شروط العمل الليلي وخصوصا للنساء.
تشغيل الأطفال ليلا.


المادة 8: حق إنشاء النقابات والانضمام إليها

يجب تسجيل التقدم النسبي الذي جاءت به المدونة بل مدونة الشغل بالمقارنة مع الظهير السابق المنظم للنقابات والمؤرخ في 16 يوليوز 1957 فيما يتعلق بتحديد مهام النقابة كما هو محدد في المادة 396 من مدونة الشغل ومنع المس بالحرية النقابية ومنع التمييز بسبب الانتماء النقابي (المادة 09 وشروط وضع الملف القانوني للنقابة حسب المادتين 414 و 415 من مدونة الشغل.
إلا أن الغرامة المفروضة على المشغلين في حالة خرق هذه المواد لا يمكن أن تشكل رادعا (30.000 درهم كحد أقصى)


بالمقارنة مع العقوبة المفروضة على العامل في حالة خرق مقتضيات نفس المادة 09 من المادة والتي تصل إلى السجن لمدة ثلاثة أشهر فضلا عما عليه الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي والذي تصل العقوبة الحبسية إلى سنتين حبسا نافذا أو غرامة إلى خمسة ألاف درهم.

عدم مصادقة المغرب على الاتفاقية رقم 87 الصادرة عن منظمة العمل الدلية واستمرار حرمان بعض فئات المأجورين من ممارسة الحق النقابي (الجمارك، القضاء، حراس الغابات...).
منع متصرفي وزارة الداخلية من تحمل المسؤولية النقابية.
التمييز ضد الأجانب في:
الترشح لمهمة مندوب الأجراء.
الترشح لمهمة مسؤول نقابي
استمرار العمل بمجموعة من القوانين التي تحد من ممارسة الحرية النقابية:
ظهير 1913
ظهير 1958 حول الوظيفة العمومية
لفصل 288 من القانون الجنائي الذي يعاقب الحمل على التوقف الجماعي عن العمل أو الاستمرارية فيه بالعقوبة المشار إليها أعلاه.
* التمييز في العمل ضد النقابيين :

استمرار الطرد من العمل بسبب الانتماء النقابي.
وضع لوائح من طرف المشغلين وتداولها فيما بينهم لمنع تشغيل النقابيين المطرودين واشتراط تنازلهم عن انتماءاتهم النقابية قبل إعادة تشغليهم.
استمرار المتابعات والإعتقالات ضد العمال لأسباب نقابية محضة رغم تغليفها بأسباب مصطنعة.
اقتصار الحماية على الممثلين النقابيين في المقاولات التي يزيد عدد عمالها عن 100 أجير فقط بل جميع أعضاء المكتب النقابي.
امتناع السلطات المحلية التابعة لوزارة الداخلية عن تسليم وصولات الإيداع عند وضع الملف القانوني للنقابة لديها سواء عند التأسيس أو تجديد المكاتب النقابية.
رغم أن المادة 396 من مدونة الشغل تنص على أن النقابات تساهم في التحضير للسياسة الوطنية في الميدانين الاقتصادي والاجتماعي فإنه لا يتم إشراكها نهائيا من طرف الحكومة ولا تستشار حتى:
عدم تقيد السلطات المحلية بمضمون مدونة الشغل وعدم احترام الأجال المنصوص عليها في مسطرة تسوية النزاعات.
خرق المادتين 92 و 96 من مدونة الشغل وذلك بعدم عقد المفاوضات الجماعية على صعيد المقاولة وعلى الصعيد الوطني بشكل دوري.




* حول الحق في الإضراب :

من خلال مشروع قانون الإضراب الذي يهيأ من طرف الحكومة فإننا نسجل على ضوئه ما يلي:

التراجع عن الفصل 14 من الدستور.
إعطاء الوزير الأول حق منع الإضراب عند حدوث أزمة وطنية حادة دون تحديد أو ضبط لمضمون ذلك.
وضع مسطرة طويلة وتعجيزية قبل خوض الإضراب.
اللجوء إلى استعمال قوانين زجرية كعرقلة ممارسة حق الإضراب الفصل 288 من القانون الجنائي.
اللجوء إلى ظهير 1913 والمادة 05 من قانون 1958 المنظم للوظيفة العمومية.
* التقاعد :

هزالة المعاشات التي تصرف المتقاعدين.
تهرب العديد من المشغلين في القطاع الخاص من التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
عدم التصريح بجميع أيام العمل للعمال وبالتالي إلى ضياع جزء من معاشهم عند التقاعد.
غياب الشفافية والديموقراطية في تدبير صناديق التقاعد.
عدم استرجاع الأموال العامة المنهوبة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
لجوء الدولة إلى تحويل جزء مهم من أموال العمال المودعة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
عدم تسوية ديون الدولة المستحقة لفائدة بعض صناديق التقاعد رغم وضعيتها المالية.
استمرار تصرف الدولة في أموال صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس.
* جهاز تفتيش الشغل :

إن جهاز تفتيش الشغل يوجد في حالة عجز عن مراقبة مدى تطبيق قانون الشغل بالمقاولات وذلك بسبب ما يلي:

قلة عدد مفتشي الشغل ورغم ذلك غادر العديد منهم الوظيفة العمومية في إطار ما يسمى بالمغادرة الطوعية في الوقت الذي تضاعفت فيه مهاهمه بمقتضى مدونة الشغل.
ضعف أو انعدام وسائل العمل من تجهيزات ووسائل النقل.
غياب قانون أساسي لمفتش الشغل.
سوء الوضعية المادية لمفتشي الشغل.
انعدام أية حماية قانونية وفعلية لمفتشي الشغل أثناء قيامهم بمهامهم مما يشجع على الضغط عليهم لمنعهم من القيام بمراقبة المقاولات وذلك من خلال استعمال العنف ضدهم أو إصدار أحكام سجنية ضدهم بلغت في حالة أحدهم (السيد زين العابدين قاشة عشر سنوات بسبب تحرير محضر مخالفة لمقتضيات قانون الشغل ضد أحد المشغلين).
عدم مراقبة مفتشي الشغل أثناء قيامهم بمهامهم وعدم اتخاذ إجراءات زجرية ضد الذين يتواطؤون مع المشغلين في خرقهم لمدونة الشغل..




* القضاء :

غياب قضاء اجتماعي مختص
غياب المستشارين الاجتماعيين عن جلسات نزاعات الشغل رغم نص القانون على ذلك.
غياب فضاء نزيه ومستقل
ضعف كبير في مواكبة التشريع الاجتماعي على الصعيدين المحلي والدولي.
غياب وضوح وضعية العمال في المقاولات التي توجد في إطار صعوبة المقاولة وفق الكتاب الخامس من مدونة التجارة خاصة أثناء مسطرة التسوية القضائية بالنسبة للعمال الذين لم يعودوا يشتغلون ولم يقوموا بالتصريح بأجورهم.
البطء في إصدار الأحكام لفائدة العمال.
غياب أي دور للقضاء في التدخل الإيجابي في إعمال القانون في مجال شروط الشغل المواتية.
غياب أي نص قانوني يعطي للأجراء وممثليهم النقابيين حق اللجوء مباشرة إلى القضاء لمقاضاة كل من لا يوفر شروط عمل مواتية في حدها الأدنى كما ينص على ذلك القانون وإمكانية استصدار أحكام بالتعويض لفائدتهم تقضي بمبالغ تكون منصفة للطرف المتضرر ورادعة للطرف المخل بالقانون.
* البطالة في صفوف حاملي الشهادات الجامعية العليا (المعطيات الواردة أسفله من خلال التقارير المنجزة من قبل الجمعية وكذا التقارير الواردة عليها من مختلف هذه المجموعات والتي أنجزت حولها الجمعية العديد من المساطر، والمراسلات دون أن تتلقى أدنى أجوبة ...)
لقد تتبعنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان العديد من الملفات وأنجزنا حولها العديد من المساطر للمسؤولين بقيت في جملها دون رد أو تعقيب. وذلك من خلال معاينتنا للمنحى الخطير الذي بدأت تأخذه حركة المعطلين الشباب .

فقبل أسابيع حاول مجموعة من المعطلين إحراق أنفسهم بعد صب البنزين وإضرام النار مما تسبب لأحدهم في حروق خطيرة بينما نجا الآخرون بعد تدخل السلطة هذا في الوقت الذي ارتأت فيه مجموعة أخرى الدخول في إضراب عن الطعام لعدة أسابيع مما تسبب لأفرادها في حالات إغماء ومضاعفات كالإسهال والقيء والإضطراب في الجهاز الهضمي، وقد وجدت هذه الشريحة نفسها أمام اختيارات صعبة بعد استنفاد كل طرق الحوار بل وتوقيع اتفاقات مع مسؤولين ما لبثوا أن تراجعوا عن وعودهم واتفاقاتهم.

وهكذا، وفي 02 مارس 2006، قام أفراد المجموعة الوطنية المتبقية من المجازين خريجو البرنامج الوطني للتكوين التأهيلي الفوج الأول 1999/2000 ، بتجرع مواد سامة وصب البنزين عليهم قصد إشعال النار في أنفسهم، تنفيذا لمضامين البلاغ الذي أصدره أفراد المجموعة الذين يبلغون 15 فردا في 9 فبراير 2006 وقاموا بتعميمه على وسائل الإعلام والهيئات غير الحكومية والجهات الرسمية .

وجاء هذا القرار إثر عدم الاستجابة لمطلب الإدماج في سوق الشغل كما ينص على ذلك محضر الاجتماع الذي تم بين المجموعة ومسؤولين في الوزارة الأولى ووزارة التشغيل ووزارة الداخلية في يناير 2003 والذي يؤكد بادئ ذي بدء إرادة الوزير الأول في الحل النهائي والشامل لملف هذه الفئة من الخريجين، ويورد أربع نقط أولها الالتزام بإدماج جزء من المجموعة التي كان عددها يتجاوز 200،وذلك في المؤسسات والمقاولات العمومية، ثم إدماج ما تبقى في أسلاك الوظيفة العمومية في 28 فبراير 2003 كأقصى أجل، وتخويل رخصة استثنائية من طرف الوزير الأول بالنسبة للذين تجاوزوا السن القانونية للتوظيف.

ونفس الشيء بالنسبة لحاملي الشهادات العليا، فقد كان من نتائج قمع تظاهراتهم الشبه اليومية خلال السنوات الأخيرة، أزيد من 14 إجهاض إضافة إلى العشرات من حالات الكسور في مختلف أنحاء الجسم، ناهيك عن كل أنواع التنكيل والسب والقذف والإمعان في إهانة المتظاهرين والحط من كرامتهم.

* معطلون لعشر سنوات :

عرفت السنوات الأخيرة تصاعدا في موجة الاحتجاج لدى فئات كبيرة من المعطلين، حيث اتخذت جلها من شارع محمد الخامس مسرحا لها قبالة البرلمان، وكانت تعرف تدخل الأمن بحجية احتلال الفضاء العمومي والإخلال بالأمن العام، وهكذا وكما صرح وزير الداخلية، كانت تسجل يوميا وقفتان إلى ثلاث وقفات كمعدل، أي ما يقرب من 700 وقفة احتجاجية في السنة لشرائح مختلفة، وقد نبهنا ما من مرة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المسؤولين إلى ضرورة التعاطي الجدي مع هذه الوضعيات في احترام تام للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

لكن منذ مدة سجلنا تغييرا في خطاب الحركات الاحتجاجية كردة فعل على اللامبالاة والصمت وعلى آلة القمع والتنكيل، فصارت تلوح بتدمير الذات جماعيا إما عبر إضرام النار أو تناول مواد سامة أو الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام ونبهنا في حينه إلى خطورة الوضع ودعونا المسؤولين إلى فتح الحوار مع المعنيين لتجنب وقوع مآسي في صفوف المعنيين

وعودة إلى ملف المجموعة الوطنية المتبقية من خريجي البرنامج الوطني للتكوين التأهيلي، وكما أفاد أحد أفرادها، فإن قرار تنفيذ استشهاد جماعي وبشكل اضطراري كما ورد في البلاغ الصادر عن المجموعة جاء بعد طول أمل وبعدما استبد اليأس بمعظم أفراد المجموعة الخمسة عشر. فمن بينهم من قضى عشر سنوات في غياهب البطالة المقنعة، سبع سنوات بعد الإجازة، وثلاث سنوات بعد التخرج من البرنامج الوطني للتكوين التأهيلي، هذا البرنامج الذي جاء كبصيص ضوء في نهاية النفق، أعاد إلى المعطلين دفئا وتشبثا بخيط رفيع من الأمل. وبعد سنة من التكوينات والتداريب ومناقشتها، انتظر الخريجون حلول اليوم الموعود والالتحاق بالعمل بعدما أوقفوا كل الاحتجاجات بناء على مضامين اللقاء الذي تم مع المسؤولين في 9 يناير 2003، وبدأت سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين لتسوية الملف إلى أن أغلقت كل فرص الحوار في وجههم حسب تعبير عضو في المجموعة وذلك في دجنبر 2004، لتبدأ الحروق النفسية ويبدأ الموت البطيء والاستسلام لليأس والحسرة كما أفاد عضو آخر .

* التسول بصندوق أبيض :

تتكون المجموعة من خمسة عشر فردا، أربع من الإناث، اثنتان متزوجتان ولكل منهما ابنة، وإحداهن مقبلة على الزواج، وفي صفوف الذكور، هناك شخصان متزوجان لأحدهما ثلاثة أطفال. يتراوح عمر أفراد المجموعة بين 33 و 41 سنة ما يعني أن عددا منهم لم تعد تفصله سوى مسافة أربع سنوات عن السن القانونية المسموح بها في التوظيف كسقف. ويتقاسم الذكور بيتين مجاورين في منزل متواضع في حي شعبي بالمدينة العتيقة، كل بيت يكلف 500 درهم شهريا، طعامهم اليومي الخبز والشاي. أما الإناث فيقمن لدى أقربائهن .

سألنا أفراد المجموعة الذين فضلوا عدم نشر أسمائهم كيف تعولون أنفسكم؟ قام أحدهم وتوجه إلى ركن البيت وحمل صندوقا أبيض "كارتونة" كتب عليها "ساندونا في محنتنا" وفي واجهة أخرى "مأساتنا مستمرة منذ فاتح ماي 2001". مثل هذه الحالة تعرفها مجموعة المعطلين من المكفوفين الذين يستجدون عطف المارة بصندوق خشبي أو من الورق المقوى .

* ليلة القبض على المعطلين :

وعلى إثر البلاغ الشهير "الإنصاف أو الموت" والذي بموجبه قرر أعضاء المجموعة الوطنية المتبقية من خريجي البرنامج الوطني للتكوين التأهيلي وضع حد لحياتهم في 2 مارس الجاري، أخذت عناصر من الأمن تترصدهم.
ورغم ذلك فقد تمكن البعض منهم من تنفيذ مخططهم حيث تجرعوا مواد سامة وصبوا البنزين على أنفسهم تهيئا لإحراق ذواتهم، لكن عناصر الأمن التي كانت تترقبهم تمكنت من إحباط هذه المحاولات، فنقلوا إلى مستشفى ابن سينا لتلقي العلاجات في قسم الإنعاش حيث أكدت مصالح المستشفى للعلم الأسبوعي أن سبعة أشخاص خضعوا للعلاج بقسم الإنعاش الجراحي بالمستعجلات تحت بينما لم تكن حالة الآخرين تستدعي القلق .
وقد تابعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وضعية هؤلاء المعطلين، حيث وجهت رسائل استعجالية إلى كل الدوائر المسؤولة، كما آزرت الجمعية من خلال محاميها المعنيين أمام المحكمة الابتدائية بالرباط بعدما أمضوا يوما رهن الاعتقال لدى مصالح الأمن. .
هذا في الوقت الذي أكد أفراد المجموعة أنهم أمام حالة الإرهاق والتذمر النفسي قدمت لهم المحاضر فوقعوا عليها دون أن يتعرفوا على فحواها .
إذا كان قرار تدمير الذات من لدن بعض المعطلين يتم مركزيا، فهو يتم أيضا محليا، ففي شتنبر 2004 أقدم الفرع المحلي للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، بأولاد عياد غرب مدينة بني ملال على تناول مواد سامة أمام بلدية أولاد عياد، ونقلوا على إثر ذلك إلى المستشفى، وذلك احتجاجا على عدم التزام رئيس البلدية بوعوده لهم أمام السلطة المحلية ومضيه في مباشرة توظيفات قيل عنها أنها مشبوهة .
وفي سنة 2001 بدأت بوادر تصفية الذات جماعيا تظهر حيث اعتزم المعطلون بفروع التنسيق الإقليمي ببني ملال تنفيذ عملية إحراق جماعي في مكان عمومي، وكانوا على وشك تنفيذ ذلك حين تلقوا دعوة من والي الجهة للحوار .
وفي 15 دجنبر 2005، أقدم أربعة من حاملي الرسائل الملكية على إشعال النار في أجسادهم مما تسبب لهم في حروق متفاوتة الخطورة، ونقلوا إثر ذلك إلى المستشفى، احتجاجا على توظيف أفراد من نفس المجموعة وإقصاء الآخرين، علما أن أعضاء هذه المجموعة وعددهم 20 قاموا بمحاولتين سابقتين الأولى في الثاني من يونيو 2004 عبر محاولة تدبير عملية شنق جماعي وتم ثنيهم عن ذلك، والثانية في 17 مارس 2005 عن طريق الإحراق، وتم ثنيهم عن ذلك أيضا .
وكانت مصادر طبية من مستشفى ابن سينا قالت إن اثنين من هؤلاء يوجدان في حالة خطيرة ومن المحتمل أن تتعرض بعض أعضائهما للشلل، حيث كانت عظام أحدهما بارزة على مستوى اليدين .
المادتين 10 و 11: حماية الأسرة وضمان مستوى معيشي لكل شخص وأسرته.
* أزيد من 6 ملايين فقير، وشرائح واسعة مهددة لنفس المصير :
قال وزير التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن:" إن محاربة الفقر والفوارق والتهميش وكذا تعزيز الرأسمال الاجتماعي تعتبر عوامل أساسية لكل استراتيجية تنموية . وأوضح الهروشي، في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال ندوة بإفران السبت الماضي حول موضوع من أجل تنمية اجتماعية مندمجة ، أن 3ر49 في المائة من ميزانية الدولة خصصت للقطاعات الاجتماعية سنة 2003 . وأضاف أنه بالرغم من التدابير المتخذة والتي مكنت من تحسين بعض المؤشرات السوسيو- اقتصادية فإن العجز الاجتماعي مازال كبيرا باعتبار أن نسبة الفقر تتجاوز 20 في المائة في نصف الجماعات القروية ال 1200 كما أن نسبة الفقر تتجاوز 20 في المائة في 16 في المائة من 249 جماعة حضرية .
وأضاف وزير التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن أن 25 في المائة من السكان يعانون من صعوبات اقتصادية فيما تناهز نسبة الأمية 48 في المائة. ولاحظ أنه أمام العدد الكبير من المتدخلين الحكوميين وغير الحكوميين كان لابد من تسجيل نقص في ما يخص التنسيق والانسجام موءكدا أنه لهذه الغاية أضحى من الضروري إعادة التفكير في السياسة الاجتماعية للحكومة. واستعرض ، من جهة أخرى، مهام وأهداف الوزارة التي تتمثل أولوياتها في تقليص ظاهرة الفقر في المناطق التي تتجاوز فيها نسبة 20 في المائة وإعادة التأهيل الاجتماعي في الأحياء المحيطة بالمناطق الحضرية من خلال مبادرات يتم التشاور بشأنها بين المتدخلين"
لا شك أن الفقر يعد من أكبر الانتهاكات الخطيرة التي تمس فئات واسعة من المواطنات والمواطنين، فارتفاع معدلات الفقر بين المواطنين، ووصولها إلى نسب عالية أصبح يمثل انتهاكا جسيما للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لشرائح واسعة من السكان تعيش ظروفا أقل ما يقال عنها أنها لا إنسانية وحاطة من كرامة الإنسان.
ورغم التحفظ الذي يمكن أن نبديه اتجاه الأرقام الرسمية بهذا الخصوص، فإنها بدورها تبقى مرتفعة وتبعث على القلق فحسب تقرير التنمية البشرية العربية لسنة 2004، فإن عدد المغاربة الذين يعيشون تحت خط الفقر بلغ 6 ملايين شخص، يمثلون نحو 19% من إجمالي السكان البالغ عددهم 32.7 مليون نسمة، وهو رقم رغم فظاعته وجسامته فإنه قوبل بتحفظ من لدن العديد من المهتمين والفاعلين الذين يرون أنها تصل إلى أعلى من ذلك بكثير على أرض الواقع.
ووضع التقرير المغرب في المرتبة الـ 15 بين الدول العربية، فيما يخص التنمية البشرية، كما صنفته في المرتبة 125 من بين 173 دولة على مستوى العالم وهي رتب تعكس المستوى المتدني لعيش المواطنين وحرمانهم من ظروف عيش تصون كرامتهم وإنسانيتهم.
ويشير تقرير للمندوبية السامية للتخطيط في المغرب نُشر في بداية 2005، إلى أن الحد الأدنى للأجور هو 150 دولارا في الشهر، في حين تابعنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حالات عديدة وكثيرة لمواطنات ومواطنين يعملون بقطاعات واسعة يتقاضون أقل من هذا المبلغ شهريا. في حين تؤكد الاستطلاعات أن النفقات الشهرية للأسرة المغربية التي يصل متوسط أفرادها 6 أفراد يتجاوز 400 دولار شهريا، وهو ما يعني وجود فجوة كبيرة بين الدخول وتكاليف المعيشة، الأمر الذي يدفع الآلاف من الأسر إلى اتخاذ اختيارات صعبة كوقف تمدرس الأطفال ودفعهم لسوق الشغل في ظروف صعبة ولا إنسانية، أو الإيواء بدور للصفيح تفتقد فيها كل الخدمات الأساسية، بل وأحيانا حتى متابعة الوضع الصحي لأفراد العائلة بسبب ارتفاع تكاليف العلاج !
وفي هذا الصدد يقول أحد الاقتصاديين المغرابة، وهو السيد مصطفى المؤدن: "المواطن يعيش بذخا في حرية التعبير وغيرها من الحريات السياسية مقارنة مع بقية دول المنطقة، ولكنه لا يجد الماء الصالح للشرب، كما هو حال آلاف المواطنين في مناطق جبلية وصحراوية مهمشة، ولا يجد رغيف الخبز، ولا يجد مدرسة بالقرب منه في عدة حالات ليرسل إليها أطفاله، ولا يجد مستشفى يضمن حياة زوجته عندما يأتيها المخاض ولا تجد سيارة إسعاف تنقلها لأقرب مركز صحي قد لا تجد فيه الطبيب المختص".
ويضيف السيد المؤدن أنه: " من العيب أن نسمع عن "مسيرات العطش" التي قادها قبل أسابيع مئات من العطشى من قلب جبال الأطلس لمطالبة المسئولين بتوفير الماء الصالح للشرب لهم ولحيواناتهم بعد أن جفت آبارهم المتواضعة بسبب الجفاف، ويتساءل: "في بلد لا يزال الماء الصالح للشرب امتيازا لا ينعم به الجميع كيف نتحدث عن تعميم التعليم وإرسال كل أطفاله إلى المدارس؟".
وقد أدى ارتفاع مستوى الفقر في المغرب إلى حالة من الاستياء العام من قبل قطاعات اجتماعية ومنظمات حقوقية ومدنية ، وتزايد الغضب بين الطبقات الفقيرة التي تشكل نسبة كبيرة من الشعب المغربي، كما شهدت بعض المدن المغربية مسيرات تطالب بحل هذه المشكلة، إلا أن تعامل الدولة كان هو العنف والاستعمال المفرط للقوة اتجاه المواطنين وإحالة أعداد منهم على المحاكم عوض معالجة ظروفهم الصعبة.
بدورها فالصحة تثقل كاهل المعيشة، فالميزانية المرصودة للصحة لا تتجاوز 1.24% من الناتج المحلي الإجمالي، وحسب تقارير وزارة الصحة فإن المواطنين يدفعون ثمن العلاج، ويمولون القطاع الصحي بنسبة 34%، ولا تتحمل الدولة سوى 24% من مصاريف العلاج، ويتكفل التأمين ومصادر أخرى بالباقي.
وما يعكس ما آلت إليه الأوضاع الصحية المغربية أن المستشفيات العمومية بدأت تسير في اتجاه إلغاء المجانية، وأصبح المواطن المتوجه إلى أقسام المستعجلات بمدينة الرباط، مطالبا بتوفير مبلغ 6 دولارات لتقديمها في مدخل المستشفى العمومي مهما كانت درجة خطورة حالته قبل أن يصل إلى الطبيب مما يثير استياء واسعا، ويضرب حقا من حقوق الإنسان هو السلامة البدنية وأحيانا الحق في الحياة الذي يصبح مهددا.
وتشير بعض التقارير إلى أن المستفيد الحقيقي من خدمات الصحة العمومية هم الطبقات الميسورة لا الطبقات الفقيرة التي إن استطاعت توفير تكاليف الاستشارة الطبية قلن تتمكن من توفير مصاريف الدواء، خصوصا أن أسعار الأدوية في المغرب هي الأعلى بين دول المنطقة.

أيضا فإن الأحياء العشوائية أو الصفيح أضحت تمثل علامة من علامات الفقر في المغرب، فتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 230 ألف أسرة تضم مئات الآلاف من الأفراد يعيشون في هذه الأحياء التي تمتد من شمال المغرب إلى جنوبه.
إن اختلال الفوارق الاجتماعية تزداد مع مرور الوقت؛ حيث إن وزارة المالية والخصخصة اعترفت من خلال مذكرة أصدرتها عام 2003 بأن أعلى أجر في الوظيفة العمومية في المغرب يمثل 73 ضعفا لأصغر أجر !!، في حين أنه لا يتجاوز في دول مماثلة 10 أضعاف لأصغر أجر.

وللإشارة فقد وافق النواب المغاربة على مشروع القانون المتعلق بمعاشات البرلمانيين والذي يتم بموجبه زيادة رواتبهم الشهرية إلى 6 آلاف درهم (حوالي 600 دولار)، وهو الأمر الذي خلف استياء لدى شرائح واسعة من المواطنين وجمعيات المجتمع المدني، حيث اعتبرنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن هذه الزيادة تندرج في تبذير المال العام في الوقت الذي تطالب فيه عدد من القطاعات الاجتماعية بالزيادة في رواتبها دون أن يتحقق لها ذلك بنفس السهولة.

* تشغيل الأطفال :

تدفع ظروف العيش القاسية العديد من الأطفال والشباب إلى سوق الشغل حيث يشتغلون بمهن كالصناعات التقليدية داخل أسوار المدن العتيقة وببعض الأوراش الحرفية الصغيرة، غير أن الزراعة تمثل القطاع الأهم الذي يقبل عليه أبناء المدارس خاصة في البادية المغربية.

وللإشارة فقد نشرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في بداية سنة2004، دراسة لها أشارت فيها إلى أن 51% من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة في الجنوب المغربي يعملون في الزراعة، كما أنهم يعملون ما بين 4 و8 ساعات يوميا، وأن أغلبهم ينحدر من أوساط تعيش ظروفا صعبة لا سيما أن نسبة الفقر في المغرب تصل إلى 19% من إجمالي السكان الذين يتجاوزون الثلاثين مليون نسمة وفقا لتقارير رسمية.

وهو ما يحرم الآلاف من الأطفال والمراهقين من حقهم في الاستمتاع بالعطل والترفيه، الشيء الذي يكون له الانعكاس الوخيم على نموه العقلي والجسدي.

* الحق في السكن :

إن منطلقنا ومرجعيتنا لمقاربة الحق في السكن في المغرب هو الفقرة الأولى من المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هذا الحق الذي تم توضيح معناه في التعليق العام رقم 4 للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، حيث تتبنى تعريفا للسكن الملائم مفاده "التمتع بالدرجة الملائمة من الخصوصية والمساحة الكافية، والأمان الكافي، والإنارة والتهوية الكافيتين، والهيكل الأساسي الملائم، والموقع الملائم بالنسبة إلى أمكنة العمل والمرافق الأساسية وكل ذلك بتكاليف معقولة". وسنعتمد في هذه المقاربة الحقوقية دراسات وإحصائيات أغلبها رسمي، و لهذا الغرض سنقسم هذا الجزء إلى ثلاثة أقسام:

1- ملاحظات عامة حول التقرير الحكومي
2- وضعية السكن في المغرب

1- ملاحظات عامة حول التقرير الحكومي :

بقراءتنا للتقرير الحكومي في شقه المتعلق بالسكن نصطدم بحقيقة كونه لا يوفر المعطيات التي تعكس الوضع الحالي للسكن كحق من حقوق الإنسان من جهة و الوسائل التي اعتمدتها الدولة و الحصيلة المحققة احتراما لالتزاماتها في إطار العهد، بالمعنى الذي وضحته اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في التعليقين العامين رقم 4 و رقم 7 الخاصين بالحق في السكن.

إذا كنا سنكشف في القسم الثاني، وضعية السكن في المغرب المخالفة لما أتى به التقرير الحكومي، فإن قصور هذا الأخير على مستوى الشكل، يتمثل في ما يلي:

قلة الإحصائيات و الاكتفاء في كثير من الأحيان على صيغ إنشائية غير مدعمة للدفاع عن مجهودات الدولة.

كل الأرقام المتوفرة تهم الفترة ما بين 1995 و 2001 في حين أن التقرير الثاني الذي قدمته الحكومة المغربية درس و نوقش في نونبر 2000. لذلك فهي لا تجيب عن مدى التقدم في إعمال الحق في السكن، من تلك الدورة إلى الآن.

غياب إحصائيات بخصوص غير المتوفرين على مسكن (sans-abri) و حالات إخلاء المساكن بالإكراه (expulsions forcées) كما أكدت على ذلك اللجنة في الفقرة 51 ضمن توصياتها الختامية في 30 نونبر 2000.

يحصر التقرير السكن غير اللائق في مدن الصفيح و الأحياء غير المنظمة أو غير المهيكلة (non réglementaires) ، دون أشكال أخرى كالمساكن الآيلة للسقوط خاصة في المدن العتيقة (anciens médinas) و التي تهدد يوميا حياة مئات الآلاف من المواطنات و المواطنين، و قد تزايد في السنوات الأخيرة انهيار المنازل في عدة مدن مغربية.

لتضخيم الأرقام يعمد التقرير في كثير من الأحيان إلى الحديث عن المساكن المرخصة بدل المساكن المنجزة وهي الأكثر واقعية.

لا يعطي التقرير أية فكرة إن كان هناك تقدم في هذا المجال بين الدورتين و بالمقارنة بين الاحتياجات و الإنجازات. فينتفي المبتغى من عملية الرصد المطلوبة في تقارير الدول كما يبينه التعليق العام رقم 1 للجنة. فتبقى عدة أسئلة معلقة، من نوع:

كم عدد الأسر التي لا تتوفر على سكن بما في ذلك الأسر التي تعيش مع أسرة أخرى في نفس المسكن في إطار التضامن العائلي.
كم عدد الأسر التي تعيش في سكن غير لائق
كيف تتدخل الدولة لتبديد التفاوت الكبير بين العرض و الطلب
كم عدد المساكن الآيلة للسقوط و خاصة في المدن العتيقة anciennes médinas) ( وماذا تقوم به الدولة لتجاوز هذا الخطر.
كم عدد الأسر التي لا تتوفر على أية إمكانية لتمويل السكن في المشاريع التي تدخل في إطار السكن الاقتصادي، و ما هو الحل المقترح لذلك.


2- وضعية السكن في المغرب :

2-1- توفر السكن :

إذا كنا نؤكد على التمييز بين السكن كجدران وسقف وبين السكن الملائم فإن الوضع في المغرب يسجل عجزا خطيرا في بناء المساكن على علاتها، حيث وصل هذا العجز إلى 1.240.000 سكن سنة 2002
والذي يؤزم الوضع بشكل متزايد ويعمق العجز هو عدم تغطية المساكن الجديدة (بين 80 و 90 ألف وحدة سكنية سنويا) للحاجيات السنوية التي تفوق 120 ألف مسكن.

فبلغة الأرقام نجد أن عدد الأسر في المغرب انتقل في العشر سنوات الأخيرة من 4.444.271 سنة 1994 إلى 5.665.264 سنة 2004، أي بإضافة سنوية تتجاوز 122 ألف أسرة جديدة في حاجة إلى مسكن.

ولذلك فبدل القضاء على العجز أو التقليص التدريجي منه، يتعمق هذا العجز أكثر بإضافة خصاص سنوي يفوق 35 ألف مسكن، ويتضخم هذا العجز أكثر إذا أخذنا بعين الاعتبار المساكن التي لم تعد صالحة للسكن بفعل ألأقدمية وخاصة في المدن العتيقة. وهو ما نشهده من انهيار عدة منازل في عدة مدن سيما بعد تساقط الأمطار.

وفي هذا الصدد وحسب الإحصاء الرسمي لسنة 2004 نسجل أن 54.5% من المساكن يتجاوز عمرها 20 سنة منها 19.1% تتجاوز 50 سنة.

وتتم "تغطية" هذا العجز، اجتماعيا، بالسكن غير المنظم حيث تسكن 520 ألف أسرة (سنة 2001) مع إنتاج 20 ألف وحدة سكنية سنويا في هذا النوع، وبمدن الصفيح التي تضم 260 ألف أسرة (2001).

2-2- الضمان القانوني لشغل المسكن:

من المعروف أن أغلب المساكن في المجال القروي غير مهيكلة لارتباطها بمجال عمل السكان (الفلاحة) وهي لذلك لا تتوفر على الحماية القانونية المطلوبة. أما في المجال الحضري، فإن أكثر من 20% من السكان يعيشون في مدن الصفيح أو في الأحياء غير المنظمة (non réglementaire ) وهي بطبيعتها لا توفر أي ضمانة قانونية وبالتالي فهم يعيشون مهددين ومضايقين بشكل دائم، وخاصة بالإخلاء والإكراه.
نفس الوضع تعيشه الأسر التي تشغل المساكن بالإيجار بدون عقود وبدون وصولات طبعا مقابل دفع الإيجاز، وهي صيغة يفرضها عدد كبير من مالكي المنازل والشقق للتهرب من الضرائب وللتحكم في مدة الإيجار وإخلاء المستأجر في أي وقت.

بالإضافة إلى ذلك علينا أن ننتبه إلى فئة لا تتحدث عنها الدولة وهي فئة المشردين. وإذا كان القانون المغربي يعتبر هذه الفئة خارقة للقانون باعتبار التوفر على مسكن وعلى عنوان واجب، فإنها - أي الفئة- تتعرض لأفظع الانتهاكات لا على مستوى الحق في السكن في حدوده الدنيا ولا على مستوى كل الحقوق الأخرى، من الحق في بيئة سليمة إلى الحق في الحياة مرورا بالحق في الصحة وفي السلامة البدنية وفي الأمان الشخصي...

2-3- توفير الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية :

يفيدنا الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004 إلى كون الأسر المغربية لا تتوفر على الماء الصالح للشرب إلا بنسبة 57.5% و 71.6% في ما يخص الكهرباء. أما شبكة صرف المياه فهي لا تهم إلا 48.6% من الأسر.

في جانب آخر يفيد نفس الإحصاء أن 60.1% من الأسر لا تتوفر على حمام في مساكنها وأن المطبخ والمرحاض لا يتوفران إلا بنسب 15.7% و 18.5% على التوالي.
إنها إحصائيات رسمية تؤكد أن الملايين من المواطنات والمواطنين المغاربة لا يتوفرون على التجهيزات الضرورية للسكن الملائم الذي يحفظ الكرامة ويوفر مستوى معيشي كاف وبالتمتع بالدرجة الكافية من الخصوصية.

-4- القدرة على تحمل الكلفة :

إن كلفة السكن تتفاوت بشكل كبير حسب الجهات والموقع والمساحة والأقدمية وثمن الأرض ونوعية المسكن (فيلا، شقة، مسكن تقليدي...). وهي عموما مرتفعة وخاصة في المدن الكبرى، سواء اتخذ شكل الإيجار أو الملكية، حيث تضيق على تلبية باقي الاحتياجات الأساسية الأخرى. ومرد هذا الإرتفاع في الكلفة هو اختلال التوازن بين العرض والطلب الذي سبق وأن اشرنا إليه مما يفتح المجال واسعا للمضاربات.

وما يزيد في تأزيم الوضع هو أن واقع التعاقدات العقارية يفرض على المشتري تأدية مبلغ بعشرات الآلاف من الدراهم غير مصرح به في العقد مما لا يسمح بتغطيته بتمويل بنكي ولا يدخل في القيمة التعاقدية للمسكن مع كل تبعاته الجبائية التي يتحملها المشتري.

إن كلفة السكن تبقى مرتفعة بالنظر إلى القدرة الشرائية للمواطنين التي لا تمكنهم من التوفير حتى تتمكن من طلب قرض للسكن، والتي تبقى ضعيفة كشكل لتمويل السكن.

والملاحظ أن السكن الاقتصادي وإن كان يستهدف الأسر ذوي الدخل الذي يقل عن 3600 درهم، فإن عددا كبيرا من الأسر الميسورة تستفيد من هذا السكن من دون أن تحتاج إلى الامتيازات في القرض، كما أن ذوي الدخل الذي يقل عن 2000 درهم لا يستفيدون من هذا السكن إلا بنسبة 17% لأنهم لا يستطيعون تأدية القسط المفروض.

أما خارج برامج السكن الاقتصادي، فإذا كان ذوو الدخل الذي يتجاوز 5000 درهم يمكنهم نسبيا تحمل الأقساط الشهرية للقروض البنكية فإن الفئات الواسعة الأخرى تجد نفسها أمام ضرورة توفير مبلغ « noir » (الذي لا يسلم منه المشتري حتى في السكن الاقتصادي) يصل إلى 20% من قيمة البيع وتمويل ذاتي لا يقل عن 15% بالإضافة إلى تحمل أقساط شهرية تتعدى ثلث الدخل.

فارتفاع كلفة السكن هي التي تجعل فئات واسعة مبعدة عن أية إمكانية للسكن خارج دور الصفيح أو الأحياء العشوائية. فباعتراف الوزارة المعنية بالسكن فهناك دائما بين 10% و 15% من الفئات المستهدفة من السكن الاجتماعي لا تقدر على الشروط المالية المفروضة في هذه البرامج، وذلك راجع لكون السلطات لا تشرك السكان المعنيين في وضع البرامج السكنية ولا تقو بدراسات سوسيو اقتصادية قبل البدء في هذه المشاريع.

2-5- الصلاحية للسكن :

دون عناء كبير في البحث، يثار الانتباه إلى مدن الصفيح والسكن غير المنظم، وهي مساكن بطبيعتها غير صحية وبالتالي غير صالحة للسكن، وهي تأوي بإحصائيات رسمية 4 ملايين من المواطنات والمواطنين كما أن 20% من الأسر في المجال الحضري تعيش في هذا النوع من المساكن حيث لا تتوفر الشروط التجهيزية الأولية والضرورية للسكن اللائق (الماء الصالح للشرب، شبكة صرف المياه، الكهرباء...) ولا الظروف البيئية السليمة ولو في حدودها الدنيا.

من جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أن مساحات المساكن تبقى صغيرة بالنظر إلى معدل عدد افراد الأسر (5.2 سنة 2004)، فالمساكن التي تتراوح مساحتها بين 40 و 70 متر مربع تمثل 30% ونفس النسبة تمثلها المساكن ذات المساحة المتراوحة بين 70 و 100 متر مربع. وهناك المساكن التي تقل مساحتها عن 40 متر مربع، فتصبح ثلاثة أرباع الأسر المغربية تقريبا تسكن في مساكن مساحتها أقل من 100 متر مربع.

2-6- الموقع:

يسجل في هذا الصدد أنه نتيجة تضاؤل مساحات الأراضي التابعة للدولة وخاصة في المجال الحضري حيث لم تعد تتجاوز 355 ألف هكتار، بعدما تم تفويت ملايين الهكتارات في العقود السابقة وخاصة في السبعينات والثمانينات مع كل ما يشوب هذه التفويتات، أصبحت أغلب المشاريع السكنية وخاصة منها تلك التي تدخل في إطار السكن الاجتماعي، تقام في ضواحي المدن الكبرى مما يخلق مشاكل عدة لسكان هذه المناطق. والإشكال ليس فقط بسبب وجود هذه الأحياء في ضواحي المدن ولكن كذلك وأساسا لأن هذه البرامج السكنية لا تندرج ضمن منظور شامل ومندمج لبرنامج اقتصادي واجتماعي تنموي، يفعل كل القطاعات العمومية. لذلك نجد أن أهم المشاكل التي يعانيها سكان هذه المناطق هي كالتالي:

لبعد عن أماكن العمل
عدم ربط هذه الأحياء بشكل كاف بشبكة النقل الحضري
نقص كبير للمؤسسات التعليمية
غياب شبه تام للمراكز الصحية.


هذه مجموعة من الملاحظات، مدعمة بأرقام إحصائية، تساعد على كشف وضعية للسكن في المغرب كحق من حقوق الإنسان.

3- أسئلة للحكومة و مقترح توصيات :

3-1- أسئلة من المفيد طرحها على الحكومة:

كيف تتعامل الدولة مع الأسر التي لا تتوفر على أية إمكانية لتمويل المساكن الاقتصادية؟
كيف تم تدبير الرصيد العقاري من لدن الدولة و خاصة منه ما يتعلق بتفويت الأملاك المخزنية؟
كيف يتم إشراك المواطنات و المواطنين في المشاريع السكنية التي تهمهم؟
ما هو عدد المرافق التربوية والصحية و الثقافية التي أنشأتها الدولة في الأحياء المحدثة في إطار السكن الاقتصادي؟

كيف تم تدبير ملف السكن بعد الزلزال الذي عرفه إقليم الحسيمة، علما أن هذا التدبير عرف احتجاجات كبيرة من طرف السكان المتضررين؟
ما هي الإحصائيات المتوفرة حول المساكن الآيلة للسقوط و الأحياء غير المنظمة و كيف تتدخل الدولة؟

3-2- التوصيات المقترحة:

ضرورة حل المشكل العقاري قانونيا و إداريا و سياسيا للاستجابة لحاجيات السكان.
التأكيد على المواكبة الاجتماعية في مقاربة تصب في إستراتيجية تنموية اقتصادية و اجتماعية و ثقافية لتجاوز المقاربة الأمنية و التقنية.

إشراك المواطنات و المواطنين في البرامج و المشاريع السكنية و القيام بدراسات علمية لبحث احتياجات المعنيين و إمكانياتهم المادية.

ضرورة تدخل الدولة قانونيا و إداريا و تنظيميا و إنتاجيا لخلق التوازن بين العرض و الطلب و منع المضاربات العقارية.

ظروف سكن الأسر بالمغرب حسب وسط الإقامة


السكان والأسر


السكان
الأسر
الحجم المتوسط

حضري
561 339 16
809 439 3
4,8

قروي
508 340 13
455 225 2
6,0

المجموع
069 680 19
264 665 5
5,2


نوع السكنى ( % )


فيلا
شقة
منزل مغربي
سكن بسيط
سكن من نوع
حضري
آخر

حضري
3,3
12,4
70,6
8,2
1,1
1,1

قروي
0,3
0,1
18,4
5,6
72,2
2,8

المجموع
2,2
7,6
50,1
7,2
29
3,7


الوضع القانوني للاستغلال ( % )


آخر مكتري
ملاك


14,1
29,2
56,8
حضري

12,1
1,6
85,8
قروي

13,3
18,3
68,2
المجموع


أقدمية السكن ( % )


أقل من 10 سنوات
ما بين 10 و19 سنة
ما بين 20 و 49 سنة
50 سنة وما فوق

حضري
22,5
27,6
36,7
13,2

قروي
18,6
19,7
33,5
28,2

المجموع
21
24,5
35,4
19,1


التجهيزات الأساسية للسكن ( % )


مطبخ
مرحاض
حمام
ماء صالح للشرب
كهرباء

حضري
87,2
96
44,2
83
89,9

قروي
79,9
59
32,1
18,1
28,2

المجموع
84,3
81,5
39,4
57,5
71,6




طريقة صرف المياه المستعملة (%)


شبكة عمومية
جيئات
آخر

حضري
79
11
7,6

قروي
1,7
36,4
57.9

المجموع
48,6
21
27,4


تجهيزات أخرى ( % )


التلفزة
البارابول
الهاتف الثابت
الهاتف النقال

حضري
88,5
46,6
22,3
72,4

قروي
57,6
14
2,1
42,3

المجموع
76,4
33,8
14,4
60,6


المصدر : المندوبية السامية للتخطيط الإحصاء العام للسكان والسكنى 2004

المادة 12 الحق في الصحة :
حق كل شخص في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية و العقلية يمكن بلوغه

إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تود من خلال هذا التقرير أيضا، أن تعمم المساءلة و الحق في الإطلاع على المعلومات و الوثائق والمشاركة في صنع القرار على كل الفرقاء و الفاعلين داخل الوطن و أن لا يستمر تجاهل هيئات الأطباء و الممرضين و الصيادلة و التدخل في شؤونهم التنظيمية.
وإذ تعبر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن تعبئتها الدائمة للحوار الصريح والبناء واستعدادها للرد على أي أسئلة فإنها تأسف لأن النظام الإعلامي الصحي لا يقدم جل المعلومات الإحصائية الضرورية بشأن قضايا تتعلق بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية كما يغلب عليها الطابع الكمي و الوصفي.

270- 274 - تطرق التقرير الحكومي بعجالة للسياسة الصحية مما جعلنا لا نتوفر على فكرة متكاملة أو نظرة كافية للتقييم كما لم يسندها بالأرقام والمؤشرات الدالة ثم كثيرا ما يقدم مجرد تصريحا هي أقرب إلى الأماني منها إلى الإجراءات الفعلية ثم يخلص إلى تقديم برامج معينة ضمن الإستراتيجية المتبعة في مجال صحة الأم والطفل كالبرنامج الوطني للتمنيع والبرنامج الوطني لمحاربة السيدا. ويجذر التذكير هنا بالعهد الدولي الذي يؤكد على ارتباط الحق في الصحة ارتباطًا وثيقاً بإعمال حقوق الإنسان الأخرى، كالحق في المأكل، والمسكن، والعمل، والتعليم، والكرامة الإنسانية، والحياة، وعدم التمييز، والمساواة، والخصوصية، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعيات، والتجمع، والتنقل. فهذر هذه الحقوق والحريات التي أشرنا إليها في أبواب أخرى من تقريرنا الموازي يتصدى لمكونات لا تتجزأ من الحق في الصحة. كما يجذر التذكير بضعف تدخلات الدولة لحماية هذه الحقوق من انتهاكات المحددات الأساسية للصحة كحماية البيئة أو الحظر الفعلي للتعذيب، أو الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين أو محاربة المخدرات هذه الآفة التي لا تزداد إلا انتشارا بسبب رعايتها و هيمنة الرشوة وسياسة اللاعقاب.

و مما يعقد أي عملية للتقويم وتأسف له الجمعية، كون المعطيات المقدمة من طرف الدولة اعتمدت على المقارنة بين الحالة في منتصف الألفية السابقة أي غداة الاستقلال ( 1960) و بعض سنوات الألفية الحالية و هو ما لا يتيح نظرة موضوعية لمجهودات الدولة منذ التقرير الماضي. كما أن ذلك لا يسمح بمساءلة الجهاز التنفيذي من حيث مسؤولياته الطبيعية أو مسؤولياته في تتبع التوصيات المنبثقة عن مناقشة التقرير السابق.

275-282 - تلاحظ اللجنة أن الدولة واعية بضرورة إزالة أوجه التفاوت من حيث التغطية الصحية وعزم سياستها على معالجة ذلك في وضع الخريطة الصحية، و في تعزيز و توسيع البنى التحتية الخاصة بشبكة خدمات الصحة الأساسية. غير أنها تأسف لخلو التقرير من أي إشارات أو إحصائيات تثبت ذلك خصوصا و أن المعطيات المتوفرة تشير إلى عكس هذا التصريح.

وتسجل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كذلك، أن النظام الصحي في المغرب، و كما في كل بلدان العالم، عرف تطورات ايجابية لا يمكن إنكارها، لكنه لا يزال يشكو من عدة مشاكل ومن العجز الذي يطبع فعاليته و مردود يته و من تقصيره في إعمال الحق في الصحة كما سنورده في ما بعد. و بصفة إجمالية لا زالت جل المؤشرات المعمول بها في تقييم أداء السياسة الصحية و الخدمات الصحية الأساسية متدنية بالنسبة لعدد السكان و مقارنة مع دول من نفس المستوى.

و تعبر الجمعية عن قلقها العميق لاستمرار النظر إلى الخدمات الصحية والعلاج كصدقات أو منح حكومية تقدمها المصالح الإدارية و الاجتماعية وعدم الحرص على فرض النظر إليها كحقوق للمواطنين. كما تعبر عن تأسفها الشديد لاستمرار سلبيات السياسة الصحية و الممارسات غير الشفافة في المستشفيات و المراكز الصحية و تجاهل أراء العاملين في القطاع و مواقف تنظيماتهم و تدني الحوار الاجتماعي مع النقابات الشيء الذي ساهم من جانبه في إعاقة قدرات و نفقات الدولة المتدنية أصلا مما فاقم من أخطار انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمستعملي المرفق الصحي العمومي ومن الصعوبات التي تواجهها الدولة في الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالعهد الدولي.

توفـيــر الـعـلاج :

استنادا إلى مضمون الحق في الصحة كما جاء في الملاحظة العامة 14 من ميثاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية، فان كل دولة عضو، تلتزم بموجب العهد الدولي، بأن توفر عددا كافيا من المؤسسات و المواد و الخدمات العامة الصحية و كذلك مراكز للعلاج و برامج. و سنقوم بتحليل المعطيات المتوفرة اعتمادا على المعايير الدولية الأربعة:



توفر الخدمات الصحية « la disponibilité»
الولوج إلى الخدمات «l’accessibilité»
القبول و الملائمة «l’acceptabilité et l’adéquation »
جودة الخدمات «la qualité»
توفير الخدمات الصحية « la disponibilité»
أ- ضعف طاقة الاستقبال :

تشكو الصحة العمومية من خصاص كبير في البنيات التحتية الصحية سواء الوقائية أو الاستشفائية.



2004 2003
2002
2001
2000
توفير العلاج مؤشرات البنية التحتية

2.511
2.458
2.405
2.347
2.267
عدد مراكز الرعاية الصحية

11.904
12.240
12.320
12.430
12.700
عدد السكان لكل مركز رعاية صحي

125
127
122
120
112
عدد المستشفيات

26.136
26.257



عدد الأسرة


يفيد تحليل المؤشرات أن السياسة المتبعة في مجال الاستثمارات الصحية حاولت الاهتمام بالبنيات التحتية القريبة من المواطنين، حيث أن عدد المؤسسات العلاجية للصحة الأساس ارتفعت بنسبة ?2،2 إلى 3,5? سنويا ما بين 2000 و2004 للوصول إلى 2.511 مركز رعاية صحي وهو ما جعل عدد السكان بالنسبة لهذه المؤسسات ينتقل من 12700 إلى 11.904 شخص على الصعيد الوطني إلا أن هذا الرقم يخفي اختلالا كبيرا بين الوسطين الحضري والقروي، حيث أن عدد السكان بالنسبة لهذه المؤسسات يصل إلى 7041 في الوسط القروي مقابل27199 في الوسط الحضري الذي كان مؤشره يعطي 26998 نسمة سنة 2001.

وعلى الصعيد المحلي يشير فحص المعطيات إلى ضعف أشد لطاقات الاستقبال في الكثير من المراكز والمستشفيات خاصة عندما نوزعها تبعا للاختصاصات فعدد سكان إقليم خريبكة مثلا، يتجاوز نصف مليون نسمة بها :

مستشفى إقليمي واحد يتوفر على 265 سرير (أي 1900 مواطن لكل سرير)، منها (34) للولادة فقط و(20) لأمراض القلب.

و يزاول به 38 طبيبا و200 ممرض، أي طبيب لكل 13 آلاف مواطن !!! و هو ما يتجاوز كل المؤشرات المتوسطة لكل السنوات الخمس الماضية.

ومن ناحية أخرى فإذا كان عدد السكان بالنسبة لكل طبيب قد انخفض وطنيا من 2316 سنة 2000 إلى 1961 سنة 2004 فان هذا العدد السلبي يضم القطاعين العام و الخاص من جهة و هو مطبوع بالإختلالات المجالية التي تبدو واضحة، حيث إن هذا المؤشر يتراوح ما بين:

1737 طبيبا (أقل من 800 شخص لكل طبيب) بالنسبة لجهة الرباط سلا ـ زمور ـ زعير
و 350 طبيبا ( أكثر من 4400 شخص لكل طبيب) بالنسبة لجهة تازة الحسيمة ـ تاونات



وإذا أخذنا بعين الاعتبار معطيات تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية لسنة 2002 يتضح أن عدد الأطباء بالنسبة لكل 100 ألف نسمة يصل إلى:

312 في البرتغال و219 في ايرلندا

مقابل 46 فقط بالنسبة للمغرب الذي يصنف في الرتبة السابعة ضمن عينة من البلدان الناشئة ذات الاقتصاد المماثل، التي تضم الشيلي وكوريا واندونيسيا وايرلندا وماليزيا والمكسيك وبولونيا والبرتغال وتونس وتركيا. و تشير أخر إحصائية الى 50.9 طبيبا لكل 100.000 من السكان (2004).

2004
2003
2002
2001
2000
الأطباء

8.070
7.723
7.094
6.160
5.812
عدد أطباء الصحة العمومية (كل الاختصاصات)

3.224
3.259
3.144
2.753
2.568
منهم أطباء مراكز الرعاية الصحية

7.172
7.039
6.861
6.795
6.620
عدد أطباء القطاع الخاص (كل الاختصاصات)

158
129
114
84
39
عدد الصيادلة بوزارة الصحة

6.765
6.394
6.141
5.736
5.197
عدد صيادلة القطاع الخاص

286
247
238
174
162
عدد أطباء الأسنان بوزارة الصحة

2.859
2.697
2.578
2.453
2.299
عدد أطباء الأسنان القطاع الخاص

1.961
2.038
2.123
2.252
2.316
عدد السكان لكل طبيب (القطاعين)

6
5
4
4
3
نسبة التأطير الطبي

غير متوفر




الممرضون (القطاعين العام و الخاص)

26.802
26.277
26.569
26.389
26.174
عدد الممرضين بوزارة الصحة العمومية

1.115
1.145
1.115
1.105
1.100
عدد السكان لكل ممرض


وتؤكد الدراسات أن التكوين الخاص بالموارد البشرية مازال يتطلب القيام بمجهودات كبيرة من اجل تحسين التأطير الطبي.

أما بالنسبة لعدد الممرضين فيأتي المغرب في الصف الخامس ضمن الدول التالية ب 94 ممرضاً لكل 100 ألف نسمة مقابل 304 ممرض في البرتغال و283 في تونس و67 في اندونيسيا و42 في الشيلي. ومع الأسف فقد تدنت النسبة في سنة 2004 إلى 89 ممرضا لكل 100.000 نسمة.

و قد ارتكبت أخطاء جسيمة في ميدان تكوين الممرضين بالمغرب. ففي الوقت الذي أشارت وتشير فيه الإحصائيات إلى الخصاص الكبير تم إغلاق معاهد تكوين الممرضين حتى قدر العجز سنة 2003 ب 9000 ممرضا حيث أعيد فتح المعاهد هذه السنة لاستقبال 808 من الطلبة الممرضين. لكن المفاجأة التي تدل على تخبط لسياسة التكوين و التخطيط و انعدام الرؤيا و التتبع سرعان ما تجلت عندما لم يتمكن إلا أقل من النصف من هؤلاء الممرضين من التوظيف وتم التخلي عن الآخرين ليتركوا أساسا للهجرة أو البطالة نظرا لضعف التوظيف في القطاع الخاص ولجوئه لتشغيل الممرضين الموظفين أوقات "فراغهم".

أما بالنسبة لأطباء الأسنان، فان وضعية ولوج الخدمات جد سيئة فإحصائيات سنة 2004 تبين توفر 3.145 طبيبا للأسنان من بينهم 2.859 في القطاع الخاص أي ما يشكل 90.4 % مما يعطي مؤشرا يصل إلى حوالي 10.000 فردا لكل طبيب أسنان وهو مؤشر متدني جدا ليس في حد ذاته و حسب وإنما إذا ما عرفنا حالة العطالة أو شبه الإفلاس الذي يعانون منه من قلة الإقبال نظرا لضعف القدرة الشرائية للمواطنين. ثم هناك السلبيات المرتبطة بسوء التوزيع المجالي حيث نتوفر على طبيب للأسنان لكل 4.769 فردا في الرباط و طبيب لكل 3.870 فردا في البيضاء بينما لا نجد إلا طبيبا واحدا لما بين 27.000 إلى 30.000 فردا في جهة الشاوية ورديغا أو جهة دكالة عبدة أومراكش تنسيفت الحوز. و تشير إحصائيات 2004 إلى تدني النسبة إلى 5045 فردا لكل طبيب أسنان في الرباط و إلى 4.184 فردا لكل طبيب أسنان في البيضاء.

ب- المحددات الأساسية:

المحددات الأساسية: الماء الشروب، البرامج والخدمات الصحية والتجهيزات الملائمة، تكوين الأطباء و الممرضين، جودة الوقاية الصحية...و نكتفي هنا بالإشارة إلى الإحصائيات التالية:

20 في المائة من المغاربة لا يتوفرون على الماء الشروب.
32 في المائة من المغاربة لا يتوفرون على الصرف الصحي.
الولوج إلى الخدمات «l’accessibilité»


يهدف هذا المعيار بالأساس إلى الوقوف على مدى الالتزام بعدم الميز بين مستعملي المرفق العمومي الصحي. ويجب الإشارة إلى أن معيار عدم الميز للولوج إلى الخدمات الصحية ينطوي على معنيين:

الولوج حقا و فعلا للمؤسسات، والحصول على المواد والخدمات الصحية للفئات الأكثر تعرضا للأخطار الصحية و المهمشين من السكان دون أي ميز،
ضمان الولوج للسكان أو لفئات معينة ( المساجين، المشردون..مرضى السيدا...) أو بكل بساطة ضمان المساواة للفقراء و الذين يسكنون بعيدا.
بالنسبة للتوزيع المجالي فالمستشفيات تعرف توزيعا غير عادل بين الجهات، حيث أن
جهتي الدار البيضاء الكبرى والرباط سلا زمور زعير تستقطب 23? من المستشفيات و28? من الطاقة الاستيعابية الإجمالية على الصعيد الوطني،
في حين لا تتوفر جهتي أزيلال و دكالة عبدة إلا على 6 ? من المستشفيات و8? من الطاقة الاستيعابية الإجمالية على الصعيد الوطني،
وفي الرباط حيث تتمركز كثير من الاختصاصات بالنسبة لمجموع السكان، فان السكان البعيدين عن العاصمة يلاقون صعوبات جمة في الولوج إلى العلاج أو يضطرون إلى السكن في المدينة القصديرية المجاورة للمستشفيات كما هو الحال خاصة بالنسبة لمرضى السرطان الذين يداومون العلاج الكيميائي.
كما تشير الأرقام إلى أن عدد المراكز الصحية بقي منخفضا بالمقارنة مع النمو الديمغرافي، حيث أن عدد السكان بالنسبة لكل سرير ارتفع من 974 شخص الى 1150 ثم الى 1146شخص ما بين سنوات 1993- 2001 و2003 و هو مؤشر سلبي على كل حال.


و باللجوء إلى دائرة التدخل ( rayon d’action ) التي تعد مؤشرا عمليا على الولوج إلى الخدمات الصحية خصوصا الأساسية، فان البعد يصل إلى 10 كيلومترات بالنسبة ل28? من السكان. و قد تم إنشاء صيغة للعمل المتحرك عن طريق ممرضين متنقلين لكنها بقيت دون نتيجة تذكر لعدة أسباب منها : تناقص عدد الممرضين المتنقلين، ضعف وسائل النقل، ظروف العمل، اختلالات التنظيم و تجدر الإشارة كذلك إلى افتقاد المراكز الأصل إلى الأدوية والإسعافات الضرورية بل كثيرا إلى البنايات و التجهيزات و النظافة الملائمين.

أما جراء البرد القارس، فتتفاقم حالات الوفيات خلال فصل الشتاء بمدن عديدة نسوق منها أمثلة عن مدن أزرو و يفران. ففي هذا الصدد تِؤكد المصادر الطبية أن عدد الوفيات يتضاعف أربع مرات خلال أشهر نونبر- دجنبر- و يناير وغالبا ما يكون الضحايا من المرضى الذين لم يتلقوا علاجا. وهذا ما أدى في هذه الأقاليم إلى عدة احتجاجات للمرضى والسكان كانت أقواها في الأسبوع الأخير من دجنبر 2005.

أما المحدد الاقتصادي للولوج ( Accessibilité économique )، فيعني الولوج للمؤسسات الصحية والحصول على خدماتها للجميع. لهذا يجب أن يخضع الأداء عن الخدمات الصحية وعن الخدمات المرتبطة بالعوامل الأساسية المحددة للصحة، للإنصاف و المساواة حتى يتم ضمان ولوج الجميع بما فيهم الفئات المحرومة اجتماعيا لهذه الخدمات سواء أكانت عمومية أم خاصة.و لقد اهتز الرأي العام لحالة الفقير الذي بقي مرابطا أمام باب مستشفى مدينة الجديدة لمدة أسبوعية مستعطفا عتقه من المرض الى أن توفي دون علاج لعدم قدرته على السداد أو على تغطية صحية.

لقد كونت المنظمات غير الحكومية بما فيها الهيئات النقابية للشغيلة الصحية والمهنية عدة لجان محلية للدفاع عن الخدمات الصحية ضد إقصاء المواطنين الفقراء و المعوزين عن طريق أسعار التطبيب المرتفعة التي بوشر في تطبيقها في المرافق العمومية و المستشفيات خاصة. ومع الأسف فكثيرا ما تجاهلت الحكومة هذه المطالب المشروعة وجابهت الاحتجاجات بالقمع الشرس و التنكيل من طرف القوات العمومية كما حصل في أسفي و كلميم و تالسينت و غيرها من المدن الصغيرة و النائية .

ولتوخي الدقة وتدعيم القراءة الصحيحة للمعطيات العامة نقوم بتحليل المعطيات المحلية لمستشفى خريبكة لسنة 2004 التي تفيد أن عدد المرضى الذين خضعوا للفحص بالراديو وصل إلى 28829 والذين قاموا بالتحاليل في المختبر وصل إلى 125.000 فيما بلغت العمليات الجراحية 4029 لكن المداخيل بعيدة جدا عن ترجمة هذه المجهودات مما يشكل تبذيرا للمال العام و ضربا بفعالية الانتاج الطبي اذ لم تتعد حوالي 840 مليون سنويا !!! أي أنها تبقى دون عدد الخدمات المؤداة · والتفسير الأساسي يكمن في مضاعفات غلاء التطبيب العمومي بالموازاة مع ضعف الشفافية والحكامة الرشيدة حيث تتفشى الرشوة و المحسوبية مما يؤدي إلى استفادة الأغنياء أكثر من الفقراء .

والمؤسف أن الدولة لا تضع الأصبع حول أصل الداء من رشوة و تبذير للمال العام بسبب سياسة اللاعقاب التي يتمركز حولها أسلوب ونظام الحكامة المطبوعين بالتعيينات الفوقية قبليا واللامساءلة وانعدام تقاليد تقديم الحساب من طرف المسؤولين بل تدفع عوض ذلك في اتجاه حلول تكرس المزيد من الإقصاء. فقد باشرت مصالح عمومية وهي طبيعيا المسؤول الأول عن نواقص التدبير في الصحة العمومية إلى الإشهار والدعاية لحل الإشكالية عن طريق إلصاق التهمة بالشكل العمومي للتدبير و تمجيد الخوصصة والتدبير الخارجي( externalisation ) الشيء الذي يسعى له بالأساس الكثير من أولئك الذين يسيؤون التدبير ويتمتعون بعدم المساءلة و بغطاء اللاعقاب المفروض كسياسة ثابتة لا تتوخى المراقبة والعقاب فيما يخص نهب المال العام. و بعكس ذلك نجد بعض الدول مثل السلفادور التي لجأت رغم صغرها و فقرها إلى التنصيص دستوريا على أن "الدولة تقدم مجانا المساعدة و العون إلى المرضى الذين لا يتوفرون على موارد " . و لا يمكننا إلا تذكير مروجي هذا الحل إلى ببعض الحقائق المرة حول عدم إعمال الحق في الصحة المفضي إلى الوفاة كمرض الكلي حيث تشير إحصائيات مرضى الكلي في المغرب إلى أن:

ما يقارب ثلاثة آلاف من مرضى القصور الكلوي يموتون سنويا لعدم قدرتهم على الحصول على العلاج لتكلفته الغالية التي تقدر بحوالي 12 ألف درهم شهريا، وهو الرقم الذي تؤكده الجمعية المغربية لأمراض الكلي التي تؤكد أن حوالي 3000 حالة جديدة تسجل في المغرب.

أبانت دراسة جمعية محاربة أمراض الكلي أن 40% من الأشخاص الذين يخضعون للدياليز يعانون من البطالة، و60% الباقين يعملون بمردودية تقل بالنصف عن مردودية الأشخاص الطبيعيين ·

وأمام الوضعية الصعبة للفئات الفقيرة وذات الدخل الضعيف كالتي جسدها المثال السابق، كان من اللازم لإعمال الحق في الصحة من تمكين هذه الفئات من التعبير عن مواقفها و الدفاع عن مصالحها عند مناقشة الميزانية والعمل على جعل هذه الأخيرة مفتوحة وشفافة لإعطاء الأولوية للصالح العام. غير أن الميزانية تبقى حبيسة بناية برلمان لا يستطيع هو نفسه مناقشة عدة أبواب في الميزانية فضلا عن آليات تحكم الجهاز التنفيذي التي تقيد مبادراته. و على أي فالتحليل السريع للموارد المالية العمومية يظهر تخلفا للمغرب في باب رصد موارد المالية العامة لإعمال الحق في الصحة.

2004
2003
2002
2001
2000
الموارد المالية (بملايين الدراهم)

4.480
4.223
4.325
4.011
1.786*
ميزانية التسيير

3.445
3.289
3.404
3.128
1.382*
الموظفون

1.034
934
921
883
404
العتاد

1.015
965
858
943
516
ميزانية التجهيز

5495
5.188
5.183
4.954
2.303
الميزانية العامة للصحة

5.44
5.27
5.66
5.05
4.87
نسبة مصاريف الصحة من ميزانية الدولة ب %

184
172
185
170
* 80
مصاريف ميزانية الصحة للفرد بالدرهم

16.123
15.003
14.416
14.224
12.937
الدخل القومي الخام للفرد بالدرهم

1.791
1.667
1.413
1.337
1.216
الدخل القومي الخام للفرد بالدولار الأمريكي

1.24
1.24
1.30
1.29
0.67
مصاريف ميزانية الصحة من الناتج الداخلي
الخام ب %


* عن نصف سنة 2000

وحسب الجدول المبين أعلاه فقد:

انتقلت الميزانية الإجمالية لوزارة الصحة من 2,3 مليار درهم إلى 5,50 مليار درهم ما بين سنة 2000 وسنة 2004،

كما أن حصة هذا القطاع من الناتج الداخلي الإجمالي انتقلت من 0.67? إلى 1,2? ولكن رغم ذلك بقيت أقل بكثير مما هو عليه الحال في بعض الدول ذات الدخل المماثل،

ففي نفس السنة (2003) مثلت نفقات هذا القطاع نسبة من الناتج الداخلي الإجمالي تصل:
في تونس إلى 5,8?
و في سوريا إلى 5,8?
وفي الأردن إلى 9,3?
وفي البرتغال 9,3?

أما بالنسبة لنفقات الاستثمار الخاصة بالقطاع الصحي، فقد ارتفعت بنسبة 12,5? في المتوسط السنوي خلال الفترة المذكورة وانتقلت حصته ضمن ميزانية الاستثمار للدولة من 2,8? إلى 4,7? وقد ساهم هذا الارتفاع في توسع البنيات التحتية الصحية إلا أن ذلك لم ينعكس بشكل كبير على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين باعتبار أن مجموعة من المراكز الصحية بقيت معطلة .

أما بالنسبة لنفقات التسيير فقد بلغت ميزانية الصحة العمومية أكثر من 4 ملايير درهم في سنة 2001 أي ما يعادل 5,4? من ميزانية التسيير للدولة، لكنها موجهة بحوالي 78 ? للأجور وهو ما يجعل المبالغ الخاصة بشراء المعدات والمستلزمات الصحية محدودة جدا.

وإذا كانت ميزانية سنة 2004 قد رصدت 6.2 مليار درهما أي ما يشكل 207 درهما للفرد فان هذا المبلغ يوازي بالكاد ثمن وصفة طبية لأبسط إصابة كالزكام حيث يبلغ ثمن المضاد الحيوي (زيتروماكس) لوحده 147 درهما في حين لا يتعدى الحد الأدنى للأجور (الذي لا يحترم في غالب الأحوال) 9.66 درهما للساعة في القطاع الصناعي و الخدماتي.
وحسب تقرير للبنك العالمي تمثل النفقات الإجمالية للصحة33? ضمن نفقات الميزانية للمغرب ويؤمن نظام التغطية الطبية 19? من الخدمات في حين أن 48? تتحملها الأسر مباشرة. وفي تصريح لوزير الصحة جاء أنه على كل 120 درهما تتحملها الدولة في الاستشفاء يؤدي المواطن 335 درهما .

وتتراوح نفقات الأسر في هذا القطاع مابين 2? من النفقات الإجمالية بالنسبة للأسر الفقيرة و6? بالنسبة للأسر الميسورة ومثلت النفقات المتوسطة لكل شخص 511 درهم في الوسط الحضري مقابل 189 درهم في الوسط القروي سنة 1998 ولم تتجاوز ميزانية الدولة 131 درهم لكل مواطن.

ولاستفيد من الأدوية والتلقيحات الأساسية سوى 66? من الساكنة المغربية و في المقابل نجد استفادة شبه كلية للساكنة في أربعة بلدان ككوريا وايرلندا والبرتغال وتركيا، ونسبة 92? في المكسيك و88? في الشيلي وبولونيا .

ورغم المجانية المزعومة للعلاجات بالنسبة للأشخاص المعوزين

فإن 45? من المرضى الفقراء فقط يستفيدون من نظام الصحة العمومية
مقابل 77? من المرضى الميسورين
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن العلاجات المقدمة بسخاء في المستشفيات العمومية يستفيد منها الأغنياء أكثر من الفقراء وهو ما توضحه الأرقام 32.3? من الأغنياء مقابل 9? فقط من الفقراء .

ولا نجد أي وجه للمقارنة مع ميزانيات وزارات أخرى كالدفاع أو الداخلية التي تضاعف لمرات عديدة ميزانية الصحة. كما أن المبالغ المنهوبة من المؤسسات العمومية و منها علة وجه الخصوص التي تم اختلاسها أو تبذيرها من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و التي لم تسترد لحد الساعة و لا تمت مساءلة المسؤولين عتها رغم انتهاء لجنة التحقيق البرلمانية من عملها منذ ما يفوق ثلاث سنوات.

القبول و الملائمة «l’acceptabilité et l’adéquation »

بالنظر إلى هذا المعيار، يجب أن تخضع كل المؤسسات و الخدمات و المواد، لأخلاقيات مهنة الطب كما هو متعارف عليها دوليا و أن تكون ملائمة للخاصيات الثقافية أي محترمة لثقافة الأشخاص والأقليات و الشعوب و الجاليات. و يجب كذلك أن تولي اهتماما و إحساسا للظروف والخصوصيات المرتبطة بالجنس و دورة الحياة و أن تكون في تصورها و تقديمها محترمة للحميمية و للأسرار الجسدية الشخصية و هادفة لتحسين الحالة الصحية للأشخاص المعنيين.

و إذا كان الأطباء في تكوينهم و لدى تخرجهم وعند ممارستهم يجدون إطارات لأخلاقيات المهنة فان باقي الوظائف لا سيما ما تعلق بالتمريض لا تتوفر على ميثاق أخلاقيات. و في هذا الصدد يجب الإشارة إلى آفة شديدة الوطأة على الحق في العلاج المتمثلة في انتشار الرشوة سواء النقدية أو العينية بشكل واسع مما يؤدي بالعديد من الفقراء إلى العزوف عن اللجوء إلى المرافق الصحية العمومية أو علاج أبنائهم و زوجاتهم. وكذلك انعدام الشفافية المرتبطين بهيمنة العقلية المخزنية والسلطوية في الإدارة أو فتح منفذ لوزارة الداخلية و إفرادها بإعطاء شهادات الاحتياج ( التي تعتبرها وزارة الصحة نفسها أنها تفتقد إلى الدقة في المعايير) أو سياسة اللاعقاب المنتهجة إزاء المسؤولين الكبار عن بتبذير الأموال العامة أو التدخل السافر في انتخابات الهيئات المهنية لفرض قيادات موالية للمخزن مما يشيع الإحباط و الإعراض عن الاندماج و المشاركة في تحديد و مناقشة السياسة الصحية.

جودة الخدمات «la qualité

تعج الدراسات والتقارير العلمية والدراسية للمهنيين والطلبة والباحثين بحالات نقص الجودة بسبب التجهيزات المتقادمة أو الاختلالات التنظيمية أو قلة الموارد المالية أو كثرة الوافدين بالنسبة لعدد الموظفين و ساعات العمل. لكننا سنشدد فقط على تلك التي يعيشها المرضى ولا تظهرها المقاربات الرسمية لا في الإحصائيات و لا في التقارير التقنية، وهي أدق تعبيرا مع عدم إغفال بعض المؤشرات و المعايير العامة.

يتجلى انعدام الجودة عند مدخل العديد من المستشفيات حيث الازدحام و غياب بنيات الإرشاد و الاستقبال، ورؤية المرضى والجرحى لوحدهم يئنون في الممرات و عند أبواب المستعجلات، بل ويلاحظ تعود طاقم الأطباء والممرضين على اللامبالاة وعدم الإحساس بالخطورة نظرا لعوامل الإحباط الكثيرة حيث هناك من يلفظ أنفاسه بسبب طول الانتظار. وتلاحظ هذه الحالات حتى في أكبر المستشفيات الجامعية كمستشفى موريس كود بالبيضاء. و قد يلجأ الطاقم إلى حمل الشارات لضرب ناقوس الخطر والمطالبة بدمقرطة التسيير وتوفير ظروف و وسائل العمل الملائمة لكن لا يجدون أذنا صاغية و تبقى مبادراتهم دون جدوى حتى يصل الأمر إلى الاحتجاج عبر الإضرابات والمسيرات التي تواجه بدورها بالرفض أحيانا وبالقمع أخرى و تتفاقم وضعية المرضى والمرافق العمومية لطول الإضرابات و تعنت السلطات وعدم اكتراثها بحق من الحقوق الأساسية للإنسان.

وإذا كانت هذه حال المستشفيات الجامعية في الميتروبول فما بالك بمستشفيات المناطق النائية؟ مع الأسف ففي غياب الاعتماد على تقارير المنظمات الأهلية التي تعمل في القرب وعدم إدماجها في الدراسات الميدانية فان المقاربات البيروقراطية و التقنوقراطية التي غالبا ما تتم في أبراج عاجية لا يمكنها أن تكون معبرة عن واقع الأمر. لهذا فإننا بالعكس ندعم مقارباتنا و قراءاتنا بإضافة دراسات توثيقية مستشهدين هنا باستطلاع صحفي لمستشفى تافراوت حيث تفرض الحالة المزرية على السكان الاحتجاج و التعرض للعقاب من طرف السلطات المحلية. فرغم أن هذا المستشفى ليس من فئة مصالح الدولة ذات التدبير المستقل ( SEGMA ) فان كل شيء فيه بالأداء و على المرضى أن يأتوا بالماء و بالغاز لتسخينه زيادة على أداء الرشاوى.

أما توفير الأجر المناسب للعاملين بالقطاع حتى يقوموا بعملهم في أحسن الظروف فان الرفض المطلق للسلطات تجاوز الحدود حيث استمرت الإضرابات و الاحتجاجات من جهة وعدم فتح حوار جدي من جهة الدولة لما يفوق ثلاث سنوات.

كذلك لم تقدم الدولة معطيات حول معيار الجودة لإعمال الحق في الصحة في الوقت الذي تعج فيه المعطيات الصحفية و شكايات السكان و احتجاجاتهم على تدني الجودة و تقادم البنيات والتجهيزات حيث يقضي المرضى فترة طويلة جدا لانتظار دورهم أو انتظار إصلاح التجهيزات المعطلة للحصول على موعد للفحص بل إن المرضى الفقراء الذين يفدون إلى أهم مستشفى بالبلد و هو مستشفى السرطان بالرباط يضطرون إلى السكن في مدينة للصفيح أقامها "تجار جدد للصحة" بجوار المستشفى نظرا لقلة الأسرة بشكل يثير كثيرا من الاستغراب .

نلاحظ هذا النقص في الوقت الذي يصرح فيه وزير الصحة أن عدد الحالات الجديدة للإصابة بداء السرطان في المغرب تتراوح سنويا ما بين30 و54 ألف حالة وأن معدل الإصابة بهذا الداء يتراوح ما بين 150 و180 حالة لكل 100 ألف نسمة وان سرطان الثدي وعنق الرحم يمثلان معا نصف السرطانات التي تصيب النساء.

الوضعية الكارثية للصحة النفسية والعقلية :

بصفة عامة كثيرا ما لا تتوافق الوقائع مع التصريحات الرسمية و الإرادة المعلنة عند إنشاء مؤسسات جديدة مثل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أو ديوان المظالم أو إعادة هيكلة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وهي لا يمكنها أن تبرر أو تشهد لصالح احترام الحريات الفردية الضرورية لتحسين الحالة الصحية العقلية والنفسية. و إننا نقدم عدة معطيات مدعمة برأي خبراء و بدراسات قامت بها منظمة اليونسكو فيما يخص وضعية الأطفال :

يؤكد الفصل 12 أنه لم يبق بالمغرب معتقلون سياسيون لكن الرأي المخالف سياسيا أو دينيا لا زال يعتبر جنحة تغذي القلق الفردي و الجماعي و الخوف من الاعتقال،
الأطفال لا زالوا عرضة للعنف العائلي و المدرسي زيادة على أنهم لا يربون على التصرف المسالم و الكياسة والتسامح أو على التبادل و الاختلاف كما أن المدرسة لا تعلم قيم المواطنة (انظر تحقيق اليونيسيف لسنة 2005 الذي قامت به المدرسة العليا لعلم النفس)،
التصاريح المتعلقة بإدماج المعوزين و المعوقين و إنعاش المرأة القروية تبقى في الحقيقة مجرد أماني بعيدة عن أي إجراءات تطبيقية،
جاءت التعديلات الجديدة المتعلقة بالتغطية الصحية بسلبيات وتراجعات خطيرة بالنسبة للصحة العقلية ومنافية لمقتضيات العهد الدولي لما أقصت استرجاع نفقات العلاج النفسي ( psychothérapies ) واقتصرت العلاج على الأدوية وحدها و كذلك الشأن بالنسبة للانهيار العصبي. ولا تسترد نفقات الخدمات النفسية إلا إذا كانت مقدمة من طرف طبيب في الوقت الذي يتوسع فيه التكوين و المهن المتعلقة بالأمراض النفسية و العقلية،
كذلك لا يستفيد الأطفال من استرداد النفقات بعد سن 18 سنة أو 21 سنة في حين أن المرض المعوق يكون على مدى الحياة،
منع الإجهاض تضطر معه النساء إلى تحمل تبعات حمل غير مرغوب فيه،
لا زال الحمل بدون مخاطر والتغطية خلال الحمل أشياء غائبة في العالم القروي،
لا توجد مقاولات أو بنوك ( وهي التي تشغل 35 % من النساء) تتوفر على فضاءات لاستقبال الأطفال رغم أن هذا العامل يساعد على تقليص التغيبات،
لا زال الإسهال هو السبب الأول لوفيات الأطفال قبل سن 5 أعوام و هدا مرتبط بقلة الماء الشروب و النظافة و التوازن الغذائي،
لا زال المغرب لا يتوفر على قوانين تعاقب الآباء والمشغلين للأطفال كحرفيين وللطفلات كخادمات عوض توجيههم إلى المدارس للتعلم. كما لا يتوفر الضحايا على طرق للطعن أو اللجوء إلى الشرطة أو القضاء رغم أن الاشتغال قبل السن الملائم يضر بتطورهم العقلي و البدني و رغم أن انسلاخهم عن أسرهم يضر بتوازنهم النفسي و له عواقب وخيمة على المستوى النفساني،
يشكل نفاذ الأنسولين المتكرر من الصيدليات و المستوصفات الجماعية أخطارا كبيرة على المرضى،
هناك فراغ مخيف على مستوى النصوص المتعلقة بالأمراض العقلية و كذا على المستويين الاجتماعي و المؤسسي، بل هناك ملاجئ للآلام الكبرى مثل تيط مليل قرب الدار البيضاء أو دار الخير حيث يتم حشر المرضى والتخلي عنهم بدون علاج ليتركوا عرضة للممارسات السادية و الشاذة،
لا يوفر المغرب إلا على 2000 سرير للأمراض العقلية بالنسبة لساكنة يفوق تعدادها 30 مليون نسمة أي بنسبة سرير واحد ل 15000 نسمة،
أما المؤسسات الخاصة بالأطفال فهي عرضة لفقر علائقي ممنهج و بدون تأطير طبي أو نفسي. و منها الخيريات حيث يتألم الأطفال من وضعيتهم كأطفال محرومين من أسرهم و من المعاملات المطبوعة بالعنف الصادرة عن موظفين غير مؤهلين،
فاقمت الدولة من الوضعية السيئة للتأ طير الطبي والشبه طبي لما أقدمت على دفع الموظفين إلى التقاعد المبكر زيادة على انعدام التأطير النفساني. و بذلك فاقمت من العجز عوض تقليصه و ضخمته بالخصوص في أجنحة طب الأطفال ولم تقم بتقدير المناصب المالية و الوظائف المتوقعة وتحديد ميزانيتها ،
هناك أمراض للأطفال لم توفر الدولة لها أي مؤسسات عمومية (هناك مؤسسات ناذرة دون موظفين مؤهلين وولوجهم محدود نظرا لطابعها الخصوصي)، و نسوق أمثلة الصمم والعمى والإعاقة البدنية و/أو العقلية: كالأطفال الذهانيين(trisomique, psychotique )،
و بالنسبة للإذمان فالأطفال الضحايا لا يجدون مراكز النهار المتخصصة بإعانة الشبان الراغبين في إزالة الإنسمام بل يحشرون في مصالح الطب النفسي غير المؤطرة حيث لا يساعدهم ذلك على العلاج

- دراسات وزارة الصحة أو مديرية الدراسات و الأبحاث لوزارة المالية و الخوصصة.

2 – نظام العلالجات الصحية بالمغرب، بعض عناصر تحليل نقط قوته ومكامن ضعفه.
عبد الكريم بنيس، الرئيس الشرفي للجمعية المغربية للعلوم الطبية "إن بعد المسافة بين السكان والبنيات العلاجية الصحية الأساسية مُهم بالوسط القروي حيث أن 31 % من الساكنة يقطنون على بعد أزيد من 10 كلم من ] أية [ تشكيلة صحية و 28 % فقط على بعد أقل من 3 كلم (معطيات سنة 1996 غير محيّنة لحد الآن)، لقد تم إحداث نظام عمل متنقل يقوم به ممرضون متجولون لمحاولة استكمال تغطية ]البادية [ بالهياكل القارة .لكن نتائج هذا النظام على مستوى التغطية ]الصحية [ والمساهمة في عرض العلاجات تبقى مع ذلك ضعيفة، ويعود ذلك أساسا إلى الانخفاض التدريجي لعدد الممرضين المتجولين ولكون وسائل النقل غير كافية ولظروف العمل وللاختلالات التنظيمية".

انظر بيان الجمعية بهذا الصدد و صحف الأسبوع الأول من أبريل 2006

المستشفى الإقليمي بخريبكة .. الأداء في الخدمات والابتزاز في المعاملات
الخصاص في التجهيزات والتهافت على العيادات إنجاز : ادريس سالك جريدة الاتحاد الاشتراكي 13-12-2005

- الفصل 66 من دستور السلفادور

تصريح وزير الصحة لجريدة الحياة الاقتصادية بتاريخ 4 فبراير 2005.

حسب دراسة لمديرية السياسة الاقتصادية العامة حول «السياسات الاجتماعية في المغرب حالة الأمكنة» نشرت مقتطفات منها بجريدة العلم بتاريخ 25 فبراير 2003.

حسب تصريح السيد رحو الهيلع رئيس لجنة التحقيق البرلمانية لصحيفة المغرب اليوم بتاريخ 15 يوليوز 2005 فان المبالغ المختلسة ما بين 1972 و 2002 بلغت 115 مليارا أي ضعف ميزانيات الصحة للسنوات 13 الماضية ( 1992-2004)
"يُقدر مجموع المبالغ التي تم اختلاسها خلال ثلاثين سنة، أي من 1972 إلى 2002، بحوالي 115 مليار درهم. أما الخسائر فتُقدر بقرابة 49 مليار درهم. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن مبلغ الاشتراكات التي لم يتم استخلاصها قد يتجاوز 20 مليار درهم. كما أن النفقات غير المبررة كانت ضخمة. وبلغ الدعم المقدم للعيادات متعددة الاختصاصات 400 مليون درهم، وهو ما يُساوي 6 ملايير درهم ليس لها أي مبرر للوجود. وينبغي الإشارة إلى أن مبالغ الاختلاسات التي حددتها المفتشية العامة الضرائب أعلى من المبالغ التي أشارت إليها لجنتنا في تقريرها".

انظر تقرير منظمة الشفافية الدولية. الفصل المتعلق بالرشوة في قطاع الصحة بالمغرب.

في استطلاع لجمعية الشفافية صرح 80 بالمائة من المستجوبين أن الرشوة جار بها العمل الى جار بها العمل كثيرا. نفس التقرير أعلاه.

نفس التصريح لوزير الصحة.

انظر مثلا تحقيق صحيفة الاقتصادي عن مستشفى موريس كود بالبيضاء. عدد 4 يناير 2006.

أخر أسبوع من دجنبر 2005 اضطر الطبيب المعالج و مرضاه و النقابات المهنية إلى القيام بمسيرة احتجاج على حرمان مرضى "مرض بهجة" من العلاج و جوبه الجميع بالمنع و القمع. انظر جريدة الصباح بتاريخ 29 دجنبر 2005.

. إن الخدمات الطبية التي يقدمها مستشفى مدينة تافراوت تثير غضب جميع سكان هذه المنطقة "صاحبت أمي إلى المركز الصحي لتلقي علاج للألم الذي تعاني منه في أذنيها. لم يكن هناك أي شيء. طُلب منا أن نُحضّر الماء وقنينة غاز لتغليته وكذا الأدوات التي يجب استعمالها للعلاج. وفي الأخير طلب مني العون المعالج أداء 30 درهم. وبعد إجراء مفاوضات كان علي أن أدفع له 20 درهم"، هذا ما روته بمرارة فتاة من دوار تازولت. وكأن مستشفى تافراوت يخضع لنظام سيكما (وهو نظام يتم فيه تدبير مصالح الدولة بكيفية مستقلة)، في حين أن الأمر ليس كذلك. فمبدأ المجانية هو مبدأ أساسي بالنسبة لأي خدمات عمومية. ومع ذلك، فإن الناس يؤدون ]الثمن. [

توضح أخر إحصائيات الوزارة لسنة 2004 أن ?15 من المستشفيات عتيقة جدا فمن بين ل 125 مستشفى، 7 مستشفيات يرجع تاريخ بدء اشتغالها إلى ما بين 1918 و 1938 و يرجع تاريخ 11 مستشفى الى ما بين 1952 و 1956.

تصريح وزير الصحة نقلته جريدة القدس بتاريخ 31 دجنبر 2005.

للمزيد من التفاصيل انظر دراسة اليونسكو و المدرسة العليا للسيكولوجيا المنجزة في سنة 2005

النتائج :

لا يمكن و الوضعية على ما هي إلا أن نلمس تأثيرات سلبية على مستوى مؤشرات نتائج النظام الصحي و لو بالاقتصار على المعايير الكمية و لتبدأ بما يقدمه التقرير الحكومي كانجاز.

انه لمن المفرح أن يقدم التقرير الحكومي أجمل تقدم حصل في الإستراتيجية المتبعة في مجال صحة الأم و الطفل إلا أنه من غير اللائق و من باب التخفي والمغالطات أن تستقدم أرقام ليست لها معنى و لا صلة لها بالفترة ( 200-2004) قيد الدرس أولا، وأن يتم إخفاء الأرقام التي تليها مباشرة و التي تبين تراجعا لا يقبل به العهد الدولي لأنه يشكل انتهاكا لمبدأ الحفاظ على المكتسبات و العمل التدريجي في اتجاه الإعمال الكامل و ليس التقهقر و التراجع إلى الوراء.
فبعد التقدم الذي تحدث عنه التقرير الحكومي والحاصل ما بين سنة 1992 و1997 نجد تراجعا مؤسفا. ففي ظرف سبع سنوات بعد إحصائيات الحكومة نجد أن وفيات الأطفال انتقلت من 36.6 لكل ألف سنة 1997 إلى 40 في الألف سنة 2004 وفي نفس السياق نجد أن وفيات الأطفال ما دون الخامسة من العمر كانت 46 سنة 1997 و لا زالت 46 حتى سنة 2004.

لهذا فإذا كان الإعمال التدريجي للحقوق يسلم بالضغوط الناشئة عن محدودية الموارد المتاحة، فالعهد الدولي يفرض على الدول الأطراف الالتزام باتخاذ خطوات (المادة 2-1) نحو الإعمال الكامل للمادة 12. ويجب أن تكون هذه الخطوات مدروسة وملموسة وهادفة إلى الإعمال الكامل للحق في الصحة . بل إن العهد الدولي يرتكز على " افتراض قوي بأنه من غير المسموح به اتخاذ تدابير تراجعية فيما يتعلق بالحق في الصحة. وإذا اتخذت أي تدابير تراجعية عمداً، يقع على كاهل الدولة الطرف عبء إثبات أن هذه التدابير استحدثت بعد النظر بعناية قصوى في جميع البدائل، وأن هناك ما يبررها حقا بالرجوع إلى جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد في سياق الاستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة للدولة الطرف."

وباختصار يمكننا أن نقدم الجدول التالي الذي يقتصر على بعض المعايير الأساسية الجاري بها العمل و المقارنة مع دول ذات نفس الدخل و بالأساس من منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا .

نفقات الصحة بالنسبة للناتج الداخلي الخام
نفقات الصحة للفرد
وفيات
الأطفال للألف
متوقع الحياة بصحة جيدة عند الولادة (ذ- ا)
متوقع الحياة عند الولادة (ذ- ا)
الناتج الداخلي الخام بالدولار
السكان بالمليون


4.6
186
40 - 38
59.5- 60.9
69 - 73
4.085
30.6
المغرب

4.3
182
45- 36
59.7- 61.6
69-72
4.284
31.8
الجزائر(2002)

4.2
192
39-40
57.8-60.2
65-69
3.891
72
مصر

5.8
415
27-21
63.6-61.3
70-74
7.112
9.8
تونس

5.1
109
20-15
60.4-63.1
69 – 74
2.149
17.8
سوريا

9.3
418
29-27
59.7-62.3
69-73
4.487
5.5
الأردن

7.6
1.640
5-4
69.9-75.3
76-83
21.593
41
اسبانيا

9.3
1.702
7-5
66.7-71.7
74-81
18.376
10
البرتغال

4.3
1.105
3-3
68.8-71.3
78-82
25.588
4.3
سنغفورة


يعتبر معدل وفيات الولادات مرتفعا بالمغرب بالمقارنة مع المعدلات المسجلة في بلدان العينة المذكورة، فإذا كان هذا المعدل انفخض من 332 حالة الى 228 بالنسبة لكل 100 ألف ولادة مابين 1992 و1998 فان هذا المؤشر يبقى اقل من 10 حالات في ايرلندا والبرتغال وبولونيا واقل من 100 حالة في كوريا والشيلي والمكسيك وماليزيا وتونس.

الخلاصة :

يمكن اعتبار النظام الصحي المغربي نظاما متجزئا، يضم عدة أنظمة متجاوزة تنتمي لسلطات مختلفة وأهمها هو نظام الصحة العمومية. و من خصائصه غياب سياسة شاملة للتدبير الإداري وغياب استراتيجيات صحية مشتركة. و إذا ما تم تقديم مخطط من مثل إستراتيجية 2005-2007 فانه لا يعدو أن يكون تركيبا إداريا مبنيا على متمنيات أو تصريحات أو توجيهات عامة للملك عوض المخطط المبني عن توافق مجتمعي يتبناه و يناقشه الجميع. كما أنه لم يتم الإفصاح لحد الآن عن الإجراءات التي ستتخذها الدولة من أجل تفعيل الحق في الصحة، و قياس و تتبع الأهداف و الوسائل و إنما اعتماد جامد لتوجهات عامة تقابلها في عمود مواز أهداف عامة تعيد صياغة التصريحات و النوايا. لهذا فالحديث عن إعمال للحق في الصحة يبقى بدوره مجرد نوايا و متمنيات على الأقل في المرحلة الراهنة و حتى 2007. وأبسط الأمثلة على ذلك

هو القول بضرورة تعبئة رجال الصحة العمومية و بدورهم المركزي في الإستراتيجية في حين نرى عكس ذلك من خلال إضراباتهم الطويلة المتتالية و الإقبال على المغادرة الطوعية التي زادت من تدني مؤشرات التأطير الطبي.

و كذلك حديث وثيقة إستراتيجية 2005-2007 عن الرفع من ميزانية الصحة العمومية ب10 % وعن الافتحاص في حين أن المفتشيات العامة للوزارات مشلولة وتطالب بالإصلاح و نظام الرقابة العمومية متجاوز بل إن مخطط الحكومة لبناء رقابة فعالة و محاربة الرشوة يراوح مكانه منذ سنوات.

والمثال الثالث هو انعدام أي مساحة للمواطن طالب العلاج، مما أدى إلى تنامي الاحتجاجات ضد السياسة الصحية، و أداء المستشفيات و صعوبة الولوج الى الخدمات في جل المدن المغربية.

و على المستوى الكمي فقد قامت الدولة بمجهودات تجلت في التحسن النسبي للمؤشرات الصحية ما بين سنوات إعادة التقويم الهيكلي وأواخر التسعينات غير أنه منذ ذلك الوقت لم يسجل تحسن ملموس خصوصا في الجانب النوعي و جودة الخدمات التي عرفت تدهورا كبيرا. بل يمكن الحديث عن تأخر بين بالنظر إلى :

مستويات دول ذات نفس الدخل
خصائص النظام الصحي (سوء توزيع مرافقه وموارده البشرية على المستوى المجالي و بين الوقاية و العلاج)
مرد ودية و فعالية الوسائل المادية و المعنوية
التفاوتات المجالية و بين الشرائح الاجتماعية.
زيادة على ذلك أنه بالرغم النقص الذي يعانيه قطاع الصحة العمومية فإن:

الأغنياء يستفيدون أكثر من خدماته بالمقارنة مع الفقراء،
و كذلك الحضر بالنسبة للبدو و الرجال بالمقارنة مع النساء والأطفال
الإطار القانوني لا يحمي الحق في الصحة :

لكي يمكن الحديث عن حق للإنسان المغربي في الصحة وعن حظ في التدرج للإعمال الكامل لهذا الحق، يجب أن يحظى خطاب الدولة حول التزامها بالشرعية الدولية بالمصداقية و بالتالي بالاحترام من لدن جميع المواطنين سواء كان الفرد مستعملا للمرفق العمومي الصحي أو عاملا صحيا أو مستثمرا. ولن يتأتى ذلك إلا بالسهر والمواظبة الحكومية على:

الاعتراف للمواطنين بالحق في الترافع و المحاججة و المطالبة بهذا الحق و حمايته من الانتهاكات المتعمدة أو الناتجة عن الخطأ أو الاستبداد أو البيروقراطية، و الكف عن التعامل بالعنف مع المجتمع المدني الناشط في ميدان الترافع أو الخدمات الصحية،
تحديد التزامات صحية ومقتضيات مضبوطة للوصول إلى الأهداف وسن آليات تتبع وطنية ذات تمثيلية واسعة لرصد المخالفات في احترام الحق في الصحة أو التهاون في حمايته و في إعماله،
تحديد جهة قضائية أو إدارية مستقلة تكون بمثابة حكم، تشتغل وفق مساطر وطنية عادلة و متوافق عليها لتقييم النتائج و تحديد المسؤوليات و فتح المتابعات القضائية،
و على المستوى الدستوري، فإن دولا في طريق النمو ضمنت دساتيرها هذا الحق. و هكذا نجد دولا مغاربية مثل الجزائر وتونس قد كرست سمو الحق في الصحة في حين أن الدستور المغربي لا يشير إلى الحق في الصحة. و على سبيل الاستئناس نجد دولا نامية و صغيرة مثل السلفادور تقر في دستورها بمسؤوليات هامة للدولة في مجال الحق في الصحة. فالمادة 65 تؤكد: " تشكل صحة سكان الجمهورية ملكا عاما. تلزم الدولة والأفراد بالسهر على صيانته و استرجاعه. و تحدد الدولة السياسة الوطنية الصحية و تراقب و تؤطر تنفيذها." و تدقق المادة 66 هذا الإقرار بتنصيصها على "أن الدولة تقدم المساعدة المجانية للمرضى الذين ليست لهم موارد و للسكان بصفة عامة كلما شكل العلاج وسيلة لمنع انتشار الأمراض المتنقلة".

إنه من الطبيعي ربط المسؤوليات بالمساءلة وتقديم الحساب عبر آليات قانونية للتقييم والإفتحاص، لأن المضي في سياسة اللاعقاب اتجاه الرشوة واختلاس أو سوء صرف الأموال العمومية والتهاون في القيام بالواجبات يدخل في صلب الاختيارات اللاديمقراطية والأساليب الاستبدادية. و من شأن حكامة مثل هذه أن تقوض نتائج المجهودات و النفقات العمومية. هكذا نجد أن اختلاسات المال العام التي عرفها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا زالت لم تفض إلى متابعة المسؤولين عنها و لا إلى مطالبة الشركات التي لم تؤد واجباتها إلى القيام بذلك رغم أن بعضا منها تهرب بإعلان الإفلاس أو غير ذلك من الطرق المعروفة.

كما أن الرشوة في القطاع الصحي متفشية حسب جل التحقيقات واستطلاعات الرأي التي تمت في هذا المضمار.

كما أن العاملين في ميدان الصحة والذين يشكلون الأداة الأساسية لتطبيق أي سياسة صحية و الذين يتوقف الحق في الصحة على استقلاليتهم و نزاهتهم يقصون من المشاركة في وضع السياسات والقوانين ويقمعون عند معارضتهم لإقرار سياسات وقوانين طبخت في غيبة الأطراف المعنية لتفرض بشكل سلطوي لا ديمقراطي. ولا تعتبر إرادتهم في أبسط الحقوق كانتخاب حر لممثليهم أو تقوية اختصاص مجلس الهيئة في المراقبة والمحاسبة وفرض احترام أخلاقيات مهنة الطب. فمنذ الاستقلال يعين رئيس هيئة الأطباء رغم معارضة قوية من طرف كل التنظيمات المهنية الطبية على اختلاف أشكالها . كما يضرب عرض الحائط بمقترحاتهم واعتراضهم على قوانين أقصوا من المشاركة فيها مثل قانون الصيدلة . و هذا مناقض تماما لأهداف الألفية التي جعلت الحق في الصحة شديد الارتباط باستقلالية و نزاهة العاملين في ميدان الصحة.

وعلى مستوى الموارد نجد أن قانون المالية كثيرا ما يتم إقراره باللجوء إلى قوانين تهربه من الفيصل البرلماني أو يعتمد بأغلبية متدنية جدا في إطار عادة ممنهجة مطبوعة بحضور ضعيف للبرلمانيين و غياب متعمد للوزراء المعنيين.

إن التجاهل القانوني واستبعاد الديمقراطية الصحية لا يجعلان من الصحة حقا أو شأنا عاما. كما أن ضعف الجهاز التنفيذي في بنية السلطة لا يتيح ميزان قوى يسمح بطرح هذا الحق كأولوية قبلا و بالمقابل فهو ليس ملزما بتقديم الحساب عند تقييم الانجازات بل و حتى عندما تنفجر فضائح مثل فضيحة تبذير الموارد العامة أو اختلاسها كما حصل بالضمان الاجتماعي فان الملف لا يعرف معالجة جدية مما يعكس تهاونا في تتبع السياسة الصحية وتحديد الممارسات الجيدة في تطبيق و إعمال الحق في الصحة . و من المسلم به أن الالتزام بالمواثيق الدولية في مجال الصحة يتجسد في اعتماد ثلاث أهداف:

توضيح البعد القانوني للحق في الصحة من خلال إقرار دستوري بضمان الحق في الصحة
واعتماد ديمقراطية تشاركية تدمج الأطراف المعنية من مهنيي الصحة و مواطنين.
تنمية و ترقية هذا الحق الذي يعتبر جزءا من ترسانة القوانين والمواثيق الدولية بتوفير الموارد المادية و البشرية وتتبع الانجازات والمسؤوليات لإعمال ذلك.

المادة 13 : الحق في التعليم :

ـ يعتبر التعليم قاطرة التنمية ودعامة أساسية لمسيرة النماء الإقتصادي والإجتماعي ،مما جعله يحظى باهتمام كبير في جميع أقطار العالم ومن طرف جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة .وقد خصت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان حيزا هاما للحق في التعليم ،خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية في مادتيه 13و14 .

ـ في الدستورالمغربي (1996) إشارة بسيطة ووحيدة للحق في التعليم واردة في مادته 13 تشير إلى أن "التربية والشغل حق للمواطنين على السواء " عبارة تم نقلها من دستور إلى آخر منذ الإستقلال إلى اليوم دون تطبيق فعلي لهذا الحق .
ـ عرف التعليم في المغرب عدة إصلاحات يطبعها الإرتجال والإرتباك وتحضر في غياب مشاركة فعلية للفاعلين الأساسيين (المربون، التلاميذ، الآباء...) لا تستجيب لطموحات ومطالب الشعب المغربي وقواه الحية والديمقراطية ، ولا تجيب على حاجيات تربوية للمجتمع بقدر ما تستورد من تجارب أجنبية وتخضع لتوصيات المؤسسات المالية الدولية .

ـ الإصلاحات التي عرفها الحقل التعليمي في المغرب لم تعمل على إدماج مبادئ وقيم حقوق الإنسان في البرامج والمناهج التعليمية (الحق في الإختلاف،احترام الرأي الآخر،حق المشاركة،المساواة،قيم السلم والتسامح،الحق في تكافؤالفرص...) .

ـ آخر إصلاح والذي اصطلح عليه :" الميثاق الوطني للتربية والتكوين" تم تبنيه على أنقاض إصلاح 1985 والذي كان قد أقر نظام التعليم الأساسي، دون تقييم فعلي لهذا الأخير.

لقد تم الإشتغال على هذا الميثاق من طرف لجنة « وطنية « في غياب مجموعة من الفعاليات الديمقراطية في البلاد(سياسية،حقوقية،جمعوية...) وفي غياب وجهة نظر المعنيين المباشرين (المربون والتلاميذ) .
على المستوى النظري رغم ما يمكن توجيهه من انتقادات للميثاق الوطني للتربية والتكوين، لابد من الإقرارأنه يتضمن مجموعة من الإيجابيات :

التركيز على تعميم التمدرس.
تحسين نسب التدفق .
مراجعة نظام الإمتحانات .
مراجعة البرامج والمناهج .
ربط التعليم بسوق الشغل .
إحداث الوكالة الوطنية للتوجيه .
تحفيز الموارد البشرية .


ملاحظات حول الميثاق الوطني للتربية والتكوين :

1 ـ الميثاق جاء نتيجة توافقات سياسية حول " إصلاح " قطاع حيوي وحساس ، هو من اختصاص الوزارات المكلفة بهذا القطاع ومختصيها وتقنييها مع إشراك المعنيين بالأمر ( أطر تربوية ، إدارية ، طلبة ، تلاميذ ، آباء ، نقابات ، جمعيات ...) لعرضه بعد ذلك على الحكومة ثم على البرلمان من أجل المناقشة والتعديل والمصادقة ثم التتبع والمراقبة ومحاسبة الحكومة أثناء مراحل التنفيذ.

2 ـ الميثاق يضرب عبر مختلف مجالاته أهم حق من الحقوق التعليمية هو الحق في تكافؤ الفرص
(الفوارق بين الوسطين، الفوارق بين التعليمين العمومي والخصوصي، الفوارق الناتجة عن لغات التدريس..).

3 ـ يركز الميثاق على المعطيات والأهداف الكمية على حساب الجودة التي لم يعطيها الأهمية المطلوبة ، والهدف هنا واضح هو محاولة تحسين رتبة المغرب ضمن التصنيف العالمي في مجال التنمية البشرية بأية طريقة ومنها الرفع من الأرقام المتعلقة بتعميم التمدرس على أطفال الفئة العمرية 6 ـ 15 سنة .

4 ـ إبقاء الميثاق على مشكل التعريب كما هو حاليا أي « تعريب « المواد العلمية بالتعليم الابتدائي الاعدادي والثانوي ، مع عدم تعريب هذه المواد بالتعليم العالي ، مما يشكل عائقا أمام الطلبة لتتبع دراساتهم العليا وكرس عدم تكافؤ الفرص بين الطلبة القادمين من التعليم العمومي والقادمين من التعليم الخصوصي والبعثات الخاضعين لتكوين عال في اللغات .

5 ـ الميثاق ضرب الحقوق اللغوية لأبناء الشعب المغربي ، فيما يتعلق بلغتيه العربية والأمازيغية حيث يوصي فقط بتحسين تدريس اللغة العربية والتفتح على الأمازيغية ولايعتبرها لغة في حين يحث على إتقان اللغات الأجنبية رغم تأكيد مجموعة من أعضاء اللجنة التي أعدت الميثاق في تصريحاتهم أنهم زاروا 12 بلدا كلها تدرس بلغتها الأصلية وحتى الجهوية في البلدان ذات التعدد اللغوي .

6 ـ لم يعط الميثاق لمسألة التربية على حقوق الإنسان الأهمية اللازمة ، حيث اكتفى بإشارة محتشمة وفضفاضة إلى هذا الموضوع، دون التنصيص على إجراءات واضحة وصريحة وعملية لإدماج التربية على حقوق الإنسان في البرامج والمناهج التي ستخضع للتغيير،أو إقرارها كمادة مستقلة تدرس عبر الأسلاك التعليمية .

7 ـ أجهز الميثاق على أهم مكسب وحق في التعليم هو المجانية وخاصة في التعليم الثانوي والعالي مما سيزيد من تكريس اللامساواة وعدم تكافؤ الفرص، لأن عبارة الأسر الميسورة المشار إليها في الميثاق عامة ،دون الأخذ بعين الإعتبار الواقع الإقتصادي والإجتماعي للأغلبية الساحقة للمجتمع المغربي ،علما أن أكثر المستفيدين هم الأغنياء وخصوصا وأنهم يتقنون طرق التحايل على القانون بتواطؤ من الإدارة ، ومثال ما يجري حاليا في كيفية توزيع منح التعليم العالي خير دليل على ذلك .

* تعتبر الدولة المغربية الميثاق الوطني للتربية والتكوين الإطار المرجعي للسياسة التربوية ،حيث نص على جعل العشرية الممتدة بين 2000 و2009 عقد التربية والتكوين وحدد أهداف وغايات من خلال ستة مجالات للتفعيل واردة في التقرير الحكومي (ص 51 ).
لكن ونحن في السنة السادسة من الشروع في أجرأة بنود الميثاق بنواقصه نلاحظ أن هناك هوة شاسعة بين ما ورد في الميثاق وما تحقق على أرض الواقع .

ـ على مستوى النصوص التشريعية والتنظيمية الإجرائية :

1- قانون إلزامية التعليم (المشار إليه في المادتين 321 و322 من التقرير الحكومي) بقي حبرا على ورق ،للإشارة فهو قد كان موجودا منذ 1963 ،لأن الحكومة لم تستطع إلى حد الآن توفير البنيات التحتية والقريبة من سكنى الأطفال، ولأن دائرة الفقر أصبحت أكثر إتساعا خاصة بالوسط القروي وفي هوامش المدن، مما جعل تطبيق هذا القانون أمرا مستحيلا.

2- القول بأن أحكام القانون 04 ـ 00 يلزم الدولة بضمان مجانية التعليم ويلزم الآباء بضمان استمرار الأطفال في المدرسة إلى سن الخامسة عشرة مجرد خطاب للإستهلاك ،وذلك نظرا لبعد الوحدات المدرسية بالوسط القروي عن سكنى الأطفال ،وعدم اكتمال البنية التربوية في العديد منها وعدم توفر أغلبها على المرافق الضرورية :ماء، كهرباء،سياج،مرافق صحية وهذه الأخيرة لها تأثير كبير على تمدرس الفتاة ،هذا بالإضافة إلى الوضع الإقتصادي والإجتماعي لسكان البوادي والهوامش على الأخص ،والذين لا يستطيعون آداء واجبات التسجيل التي تتراوح ما بين 40 درهما و 70 درهما للتلميذ الواحد بالتعليم الإبتدائي وما بين 60 درهم و100 درهم بالتعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي ،وأثمان اللوازم المدرسية المتعددة والغالية (أغلب العائلات القروية لديها 3 أطفال فأكثر )،هذا دون نسيان ضعف وأحيانا انعدام الدعم الإجتماعي (توزيع الأدوات،الإطعام المدرسي،المنح الدراسية ...)،كل هذه العوامل وغيرها جعلت مسألة المجانية والإلزامية مجرد شعار وبالتالي أصبح هدف تعميم التمدرس على أطفال الفئة العمرية 6 ـ11 سنة بعيد المنال .والغياب شبه تام للمؤسسات الإعدادية في المناطق القروية البعيدة عن المجال الحضري وشبه الحضري وضعف نسبة المستفيدين من المنح بجميع أنواعها ( 5.10% من مجموع تلاميذ السلك الإعدادي) أديا إلى انقطاع أعداد كبيرة من المنتقلين للإعدادي وخاصة الفتيات .
(نسبة تمدرس الفئة 12 ـ14 سنة بالوسط القروي لا تتعدى 47 % نسبة تمدرس الإناث من نفس الفئة ونفس الوسط 39% فقط سنة 2002/2003 حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة التربية الواردة في تقرير الدخول المدرسي 2002/2003 الصادر في مارس 2003 ).

3 - أما القانون رقم 05 ـ 00 الخاص بالتعليم ما قبل المدرسي ،شيء جميل ولكن إلى حد الآن لم يتم تفعيل مقتضياته ،بل هناك تراجع في هذا المجال نظرا للإرتباك الحاصل ،إذا كان التعليم الأولي جزءا من التعليم الإبتدائي فالأمر يتطلب إدماجه في هذا الأخير تنظيميا ، إداريا ،تربويا ،ماديا، وبشريا ، وإلا ترك أمر تدبيره للقطاع الخاص وفي هذه الحالة نسبة كبيرة من الأطفال المنحدرين من الأسر ذوي الدخل المحدود وسكان الأرياف لن يلجوا هذا النوع من التعليم ، كما هو الشأن في الوقت الراهن،حيث مازال التعليم الأولي التقليدي هو المسيطر ورغم ما لهذا الأخير من إنعكاسات بيداغوجية ونفسية سلبية على الأطفال فإنه لم يستطع استقطاب إلا نسبة ضئيلة من أطفال 4 ـ 5 سنوات في الوقت الذي تستفيد، قلة قليلة من الأطفال المحظوظين في المدن الكبرى والمنحدرين من أسر ميسورة، من تعليم أولي عصري بجميع المقاييس ،الأمر الذي يفرز فوارق كبرى بين التلاميذ في نفس المؤسسة وأحيانا في نفس القسم وهذا ضرب لحق تكافؤ الفرص وبالتالي بقيت مسألة تعميم التعليم الأولي في أفق سنة 2004 الواردة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين مجرد حلم بعيد المنال وصعب التحقيق .

4 - نص الميثاق الوطني للتربية والتكوين على ضرورة خفض معدل الأمية إلى 20% بحلول 2010 والقضاء شبه التام عليها في عام 2015 ،وتعليم القراءة والكتابة بنحو 100% من الأطفال ما بين سن 8 و16 سنة في إطار التربية غير النظامية بحلول سنة 2009 ، صحيح أن هناك مجهودات لابأس بها تبذل في هذا الإتجاه وتم إحداث كتابة للدولة مهتمة بهذا الشأن ،وتم الرفع من الإعتمادات المالية المرصودة لهذا المجال ( باستثناء سنة 2004 التي عرفت تراجعا في الميزانية )، إلا أن هذه المجهودات لم تعط نتائج مرضية بحيث ظل عدد المستفيدين جد محدود خاصة في التربية غير النظامية ونسبة الهدر من المسجلين في بداية كل موسم تبقى مرتفعة (أحيانا أكثر من 50% في بعض المناطق) كما حد من المردودية ضعف في الجودة وفي تدبير وتسيير هذا الملف وكثرة المتدخلين دون تنسيق محكم (وزارة التشغيل،وزارة الأوقاف،وزارة التربية الوطنية،الجماعات المحلية،جمعيات المجتمع المدني، كتابة الدولة في الشباب...) ،أضف إلى ذلك أن الدولة إلى حد الآن تتحدث عن أعداد المستفيدين وليس عن الأعداد الحقيقية للذين لم يعودوا أميين بعد تلقيهم للتكوين، الأمر الذي جعل الأوساط الرسمسة تتحدث في سنة 2005 عن نسبة للأمية تتجاوز 43% من أصل 12 مليون من الساكنة التي هي في سن 10 سنوات فأكثر.

5 - الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة :الإهتمام بهذه الفئة جد ضعيف، بالوسط القروي وشبه الحضري حيث تتمركز أكثر من نصف الساكنة لا يمكن الحديث عن أي شيء في هذا المجال إلا من باب الخيال هناك بعض المحاولات في المدن الكبرى وهي جد محدودة ، إما بمبادرة من الدولة أو مؤسسات شبه رسمية أو من جمعيات المجتمع المدني ، حيث تم خلق مراكز أو مؤسسات خاصة بهم (إما خاصة بالصم البكم،إما بالمكفوفين ،إما بالمعاقين ذهنيا ...) أما مسألة الإدماج فلا يمكن الحديث عنها، فحتى الأطفال الأسوياء ذهنيا ،والذين يعانون فقط من إعاقة عضوية كالذين يستعملون الكراسي المتحركة فيعانون الإقصاء والتهميش، فالمؤسسات التعليمية لا تتوفر على الولوجيات الكثير منها لا تتوفر على ممرات داخلية ،وأغلبها يتكون من طابقين (مشكل الأدراج) وينعدم المساعدون الإجتماعيون والنفساويون بالمؤسسات التعليمية إذا كيف يمكن الحديث عن إدماج والإعتناء لذوي الإحتياجات الخاصة .



ـ الإنجازات في مجال التربية والتكوين :

*لإبراز الإنجازات لابد من الرجوع إلى المؤشرات لأنها أكثر تعبيرا ووضوحا ،عوض اللجوء إلى الأعداد الإجمالية في غياب معطيات ديموغرافية وإجراء مقارنة بين سنة 2002 /2003 والسنوات السابقة حيث من الطبيعي والضروري أن يكون هناك تقدم وإلا فإن الأمر سيكون أخطر.فالـتقرير الحكومي ركز على الأعداد الإجمالية وأغفل بشكل مقصود مجموعة من المؤشرات سنحاول إبرازها اعتمادا على المعطيات الإحصائية الرسمية الواردة في تقرير الدخول المدرسي للموسم الدراسي 2002/2003 الصادر عن وزارة التربية الوطنية في مارس 2003 :

* ملاحظة عامة تهم جميع الأعداد والنسب المقدمة في التقرير الحكومي أو التي سندلي بها والواردة في التقرير المشار إليه أعلاه ،هي أرقام يتم استخلاصها من الإحصاء الرسمي الذي تجريه وزارة التربية الوطنية في شهر اكتوبرمن كل سنة أي خلال المراحل الأولى من السنة الدراسية دون الأخذ بعين الإعتبار المتغيرات التي تحصل خلال السنة خاصة مسألة الهدر المدرسي التي تتجاوز أحيانا 10% من مجموع المسجلين في بداية السنة الدراسية .

مؤشرات التمدرس بالابتدائي:


ـ نسبة تمدرس أطفال ست (6 ) سنوات خلال سنة 2003/2002 هي 90,7% وهي نفس النسبة المسجلة سنة 2002/2001 أي أنه لم يحصل أي تقدم يذكر،في حين عرفت نسبة تمدرس الفتاة تراجعا نسبيا حيث كانت نسبة 2002/2001 : 89,1% لتتراجع إلى 88,8% سنة 2003/2002 وإذا أخذنا الوسط القروي لوحده نجد أن هذه النسبة لا تتعدى 85%من مجموعة أطفال 6 سنوات بهذا الوسط أما وسط الفتيات القرويات فلم تصل سنة 2003/2002 إلا إلى 82% ،هذا بالإضافة إلى تراجع أعداد المسجلين الجدد بالسنة الأولى ابتدائي وأحيانا استقرارها ابتداء من الموسم الدراسي 1999/2000 ، دون أن تعرف نسبة التمدرس حسب التقرير الحكومي تراجعا ،وهذا تناقض واضح مما يعني لجوءها إلى خفض التوقعات الديموغرافية أو إلى أساليب أخرى لإظهار تطور نسبة التمدرس من سنة إلى أخرى والجداول التالية المنشورة في وثيقة رسمية لوزارة التربية الوطنية (الإحصائيات المدرسية : حصيلة الدخول المدرسي 2002/2003)

خير دليل على هذا التراجع والتناقض :

تطور عدد المسجلين الجُدد في السنة الأولى من التعليم الابتدائي العمومي

2002/03
2001/02
2000/01
1999/00
1998.99
1997.98


592.060
673.406
683.694
684.694
694.622
579.333
عدد المسجلين وطنيا

- 81.346
- 9.851
- 1.467
9.928
115.289
47.774
النمو بالأرقام

- 12.08 %
- 1.44 %
- 0.21 %
4.1 - %
9.19 %
9 %
% النمو








الفتيات المسجلات حديثا في السنة الأولى من التعليم الابتدائي العمومي

2002/03
2001/02
2000/01
1999/00
1998.99
1997.98


284.757
325.269
329.768
327.104
330.278
266.150
عدد المسجلين وطنيا

- 40.521
- 4.499
2.664
- 3.174
64.128
28.103
النمو بالأرقام

- 12.45 %
- -1.36 %
- 0.8 %
0.96 - %
24.1%
11.8 %
% النمو


المسجلين الجُدد في السنة الأولى من التعليم الابتدائي العمومي بالوسط القروي

2002/03
2001/02
2000/01
1999/00
1998.99
1997.98


338.937
386.964
378.221
378.197
3982.096
302.057
الوسط القروي

48.027 -
8.746
24
- 13.899
90.039
36.122
النمو بالأرقام

- 12.41 %
2.3 %
0.01 %
3.5 - %
29.8 %
13.6 %
% النمو


الفتيات المسجلات حديثا في السنة الأولى من التعليم الابتدائي العمومي بالوسط القروي

2002/03
2001/02
2000/01
1999/00
1998.99
1997.98


160.443
183.836
179.978
167.491
182.426
130.911
الوسط القروي

- 23.393
3.858
3.487
- 5.935
51.515
21.778
النمو بالأرقام

- 12.72 %
2.14 %
2 %
- 3.25 %
39.3 %
19.9 %
% النمو


وهذا ما يوضح جليا التناقض بين تطور الأعداد وتطور نسب التمدرس، يوضح أيضا الفوارق بين الوسطين وبين الجنسين، ون أن تتخذ الحكومة إجراءات ملموسة للحد من هذه الفوارق،مع التذكير بأن مسألة تعميم التمدرس على جميع أطفال 6 سنوات في سنة 2002 يبقى شعارا بعيد المنال وبالتالي فالحكومة لم تف بالتزامها في هذا الشأن .

ـ الفئة العمرية 6 ـ 11 بلغت نسبة تمدرسها وطنيا 92% سنة 2003/2002 ،ونسبة تمدرس الفتيات 89% ، أما بالوسط القروي فلم تصل هذه النسبة إلا إلى 87% وعند الفتيات من نفس الوسط وفي نفس السنة لم تتعد 82% ، مرة أخرى نسجل الفوارق الحاصلة بين الوسطين الحضري والقروي والحيف الذي لحق فتيات هذه الفئة العمرية خاصة القرويات.

هناك ملاحظة أساسية حول العلاقة بين نسبة تمدرس أطفال6 سنوات ونسبة تمدرس أطفال 6ـ 11 سنة ،فهاتين النسبتين عرفتا تطورا مهما من سنة 98 /1997 إلى سنة 2003/2002 حيث انتقلت الأولى من 37,20%إلى 90,7% ولم تتعد هذا الرقم في أي سنة من السنوات في حين حسب الإحصائيات الرسمية كانت الثانية (أي نسبة تمدرس أطفال 6 ـ11 سنة ) قد وصلت إلى 68,6% سنة 98/1997 لتصل 92% سنة 2003/2002 ،إذا بما أن نسبة تمدرس أطفال 6 سنوات لم تتعد سنة 98/97 : 37,2% فلا يمكن أن تكون نسبة تمدرس أطفال 6 ـ11 هي 68,6% لأن الأطفال الذين يتسجلون كل سنة من سنة1 إلى سنة 6 طبيعيا هم في تناقص مستمر نظرا للهدر المدرسي خلال الست سنوات الخاصة بالتعليم الإبتدائي إذا فكيف يمكن أن تكون نسبة تمدرس أطفال 6 ـ11 سنة أكثر من تمدرس أطفال 6 سنوات هذا غير ممكن إنها مغالطة كبيرة أو خطأ في التقديرات الديمغرافية أو مبالغة لتلميع الصورة .
الخلاصة هو أنه حتى إذا أخذنا هذه المؤشرات الرسمية واعتبرناها صحيحة (رغم أنها ليست كذلك) فإننا نسجل استمرار الفوارق وعدم تكافؤ الفرص بين أطفال الوسطين (الحضري والقروي) وبين الذكور والإناث ،وأننا ما زلنا بعيدين عن شعار تعميم التعليم على هذه الفئة من الأطفال، بل أكثر من ذلك أصبحت نسبة تمدرسهم مستقرة خلال الأربع سنوات الأخيرة . وهذا إخلال من طرف الحكومة بالتزاماتها.

2ـ مؤشرات التمدرس بالثانوي الإعدادي:

ـ بالنسبة للتعليم الإعدادي العمومي فقد أشير إليه في الفقرة 339 من التقرير الحكومي في سطرين فقط ،دون تقديم أي معلومة واضحة ،واكتفي بالقول ان عدد التلاميذ بالسلك الإعدادي قد ارتفع خاصة بالوسط القروي .صحيح أن الاعداد الإجمالية قد ارتفعت وعرفت تطورا من سنة إلى أخرى خلال السنوات الأخيرة، خاصة بالوسط القروي الذي يعرف نقصا ملحوظا في التمدرس بالسلك الإعدادي وبالأخص وسط الإناث، وهذا التطور النسبي راجع بالأساس إلى بناء العديد من الإعداديات القروية في بعض المناطق الريفية ،وأيضا نظرا لارتفاع أعداد التلاميذ بالتعليم الإبتدائي . إلا أن هذه الأعداد الإجمالية لا

تعطينا نظرة حقيقية عن الواقع،بل تخفي مجموعة من المعطيات الأساسية سنحاول إبراز البعض منها اعتمادا على مؤشرات رسمية معلنة:

ـ نسبة تمدرس الفئة العمرية 12 ـ 14 سنة ،وهي الفئة المعنية بالتعليم الإعدادي،لم تتعد 66% وطنيا سنة 2003/2002 ونسبة 59,8% بالنسبة للإناث، في حين لم تصل هذه النسبة بالوسط القروي في نفس السنة إلا إلى 47% ، ووسط الإناث القرويات في نفس الفئة إلا إلى 39% أي أنه حتى بتصديقنا لهذه الأرقام الرسمية فإن 53% من أبناء الوسط القروي من الفئة العمرية 12 ـ14 سنة إما لم يسبق لهم أن ولجوا المدرسة وإما لم يستطيعوا استكمال تعليمهم الأساسي إلى حدود 15 سنة على الأقل، وأن الفارق أكبر بالنسبة للإناث وحدهن من نفس الوسط ونفس الفئة أي 61% منهن يوجدن خارج المدرسة سنة 2003/2002 .

وهذا ما يعمق الفوارق وعدم تكافؤ الفرص بين أبناء الوسطين الحضري والقروي وبين الجنسين، ويكرس حرمان شريحة واسعة من الأطفال دون سن 15 سنة من الحق في التمدرس .

ـ فبالإضافة إلى كون نسبة تمدرس الفئة العمرية 12 ـ14 جد متدنية من المفروض أن المستوى الدراسي للمتدرسين من هذه الفئة إلا أنه

أكثر من نصف التلاميذ من الفئة العمرية 12 – 14 سنة متمدرسون في التعليم الابتدائي، وهو ما يشكل في حد ذاته مؤشرا عن النقص الناتج عن التكرار وعن ولوج التعليم في سن تفوق 6 سنوات.
مما يجعل أغلبهم يغادرون الدراسة دون استكمال ]التعليم [ الأساسي نظرا لعامل السن .

3ـ مؤشرات التمدرس بالثانوي التأهيلي :

ـ التعليم الثانوي التأهيلي لم يوليه التقرير الحكومي أي اهتمام ،ربما بدعوى عدم إلزاميته وأن الحكومة غير مجبرة بتوفيره لأوسع أبناء الشعب المغربي .في حين تنص الفقرة 2 ـ ب من المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ،على تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه ،بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني ،وجعله متاحا للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولاسيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم .

فالمجهودات المبذولة في هذا الإتجاه لا ترقى إلى المستوى المطلوب ،وفي تقدير الجمعية هذا ما جعل الحكومة تحجم عن الإشارة في تقريرها التعليم الثانوي التأهيلي ،حيث نجد أن نسبة تمدرس الفئة العمرية 15 ـ17 سنة جد متدنية خاصة بالوسط القروي وذلك راجع لانعدام الثانويات بهذا الوسط،قلة المنح ، وضعف الشبكة الطرقية ووسائل النقل، والوضع الإقتصادي والإجتماعي المتردي لأغلب ساكنة الأرياف

ـ نسبة تمدرس الفئة العمرية 15 ـ 17 سنة وطنيا لم تصل سنة 2003/2002 إلا إلى 41% و 36% بالنسبة للإناث، فإذا كانت نسبة تمدرس هذه الفئة بالوسط الحضري لابأس بها إذ تتعدى 66% ،فإنها كارتية بالوسط القروي إذ وصلت إلى 14% سنة 2003/2002 ،و 9% فقط وسط الإناث في نفس السنة ،مما يعني أن 86% من أبناء هذا الوسط من الفئة العمرية ،و 91% من الإناث،إما لم يلجوا المدرسة أو لم يستطيعوا مواصلة دراستهم نظرا للظروف المشار إليها سابقا وأن الحكومة لم تعمل من أجل الحد من هذا الخرق لحق التعليم الممارس ضد شريحة عريضة من أبناء الشعب المغربي،حيث أن هذه النسبة لم تعرف تحسنا ملحوظة إلى حد الآن ونحن في الموسم الدراسي 2006/2005 ،فالفوارق واضحة وعدم تكافؤ الفرص جلي للعيان بين الوسطين الحضري والقروي وبين الجنسين .

ـ الأمر المؤسف هو أنه حتى هذه النسبة الضعيفة المتمدرسة من الفئة العمرية 15 ـ17 لا تتابع دراستها بالثانوي التأهيلي إلا في حدود 33,5% منها ،أما الغالبية فمازالت بالإعدادي وجزء منها مازال يدرس بالإبتدائي .
إن أكثر من 61,5 % من التلاميذ من الفئة العمرية 15 – 17 سنة متمدرسون في التعليم الإعدادي و5 " في التعليم الابتدائي، وهو مؤشر نقص ناتج عن نسب التكرار والولوج المتأخر للتمدرس مما يشكل ضياعا مهما للوقت والوسائل ...


حسب آخر بحث حول السكان والصحة العائلية (PapFam ) 2003 – 2004، الذي أنجزته وزارة الصحة بدعم من هيئات دولية.
- انظر التعليق العام رقم 13، الفقرة 43.

انظر التعليق العام رقم 3، الفقرة 9؛ والتعليق العام رقم 13، الفقرات 44 و 45.

تم الاعتداء على عدة أعضاء من النسيج الجمعوي المطالب بالحق في العلاج و منهم رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لقيامهم بوقفة احتجاج على عدم فتح حوار مع المهتمين بشأن الصحة حول إبرام الدولة لاتفاقية التبادل الحر مع أمريكا.

- انظر استطلاعات ترانسبرانسي المغرب حول الرشوة- مؤشر ادراك الرشوة لترانسبرانسي الدولية- استطلاع جريدة الاتحاد الاشتراكي حول مستشفى خريبكة المشور يوم 13 دجنبر 2005.

- جاء في جريدة الاتحاد الاشتراكي لبوم 2-7-2005 حول عقد ندوة صحفية "نظمتها سبع نقابات لأطباء القطاع الجامعي، وأطباء القطاعين العام والخاص، أوضحوا خلالها تشبثهم بمطلبهم المشروع والحداثي، المتعلق

بوجوب تقنين عملية انتخاب رئيس هيئة الأطباء من طرف كافة الأطباء بغض النظر عن القطاع - خاص او عام، او جامعي او عسكري –
وتقوية اختصاص مجلس الهيئة في المراقبة والمحاسبة وفرض احترام أخلاقيات مهنة الطب ·
واعتبر ممثلو النقابات السبع إن دمقرطة مؤسستهم الوطنية هي المدخل الوحيد ليس فقط إلى إصلاح قطاع الصحة من بعض الشوائب التي جعلت سمعته تتساقط يوما عن يوم لدى الرأي العام، بفعل أخطاء البعض، ولكن كذلك وهذا هو الأهم، حماية حق المواطن في العلاج عن طريق محاربة كل الممارسات الشاذة والمشينة التي من شأن استمرارها ان يمس صحة المواطنين سواء منهم المستفيدون من التغطية الصحية أو غيرهم."

- أعلن المجلس الوطني لهيأة الصيادلة، في ندوة بالرباط،بتاريخ 12 نونبر2005 رفضه التعديلات التي أدخلتها وزارة الصحة من بينها:

التراجع عن إشراك هيأة الصيادلة في اقتراح أوقات العمل بالصيدليات، ومنحها لعامل الإقليم،
وتخفيف العقوبات في حق مزاولي المهنة بصفة غير قانونية.




4 ـ الدعم الإجتماعي :

تحدث التقرير الحكومي عن الدعم الإجتماعي في الفقرات 336 ،337 و338 ،بشكل عام وجد مختزل ، أن مجهودها ،إذا عزلناه عن مساهمات أطراف أخرى خارجها( جماعات محلية، جمعيات، محسنون ) يبقى ضعيفا :

ـ توزيع اللوازم والكتب المدرسية وبعض المساعدات الأخرى غالبا ما يتم من جهات خارج الحكومة وهو غير منظم ويخضع أحيانا لحسابات ضيقة وانتخابوية وكثيرا ما يتم بشكل متأخر بعد أن يكون التلاميذ قد أجبروا من طرف مدرسيهم على اقتناء لوازمهم (Double fonction ) ،وهذه الملاحظة لا تنفي دور المجتمع المدني ولو كان بسيطا.

ـ أما الإطعام المدرسي فهو لا يحمل من الإطعام إلا الإسم ،عبارة عن وجبات هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع تقدم في وجبة الغذاء لقلة من التلميذات والتلاميذ وتحضر في ظروف صحية غير سليمة من طرف أناس لا يخضعون لأية مراقبة طبية وفي أواني تفتقر لأبسط شروط النظافة ،وأمام قلة البناءات المخصصة للإطعام المدرسي فكثيرا ما يتناول التلاميذ المستفيدون تلك الوجبات الهزيلة إما في حجرة دراسية أو تحت السقيفة أوفي الهواء الطلق وفي أغلب الأحيان في غياب الماء حتى لتنظيف أياديهم قبل وبعد الأكل مما يعرض صحتهم للخطر، وهذه الوجبات لا تقدم إلا 3 أو4 مرات في الأسبوع وليس على مدار السنة الدراسية بل و خلال عدد معين من الأسابيع في كل دورة ،وحسب التقرير الحكومي لا يستفيد من الإطعام على علته إلا مليون تليمذ أي 25% من تلاميذ التعليم الإبتدائي الذي يتجاوز عددهم أربعة ملايين تلميذ ،وهذا حيف كبير في حق 75% من هذه الفئة .

لم يتحدث التقرير عن منح التعليم الإعدادي،الذي كان من المفروض أن تكون شبه معممة على تلاميذ الوسط القروي الملتحقين بالإعدادي وذلك للحد من إنقطاع التلاميذ خاصة الإناث نظرا لقلة الإعداديات وبعدها بهذا الوسط ونظرا للوضع الإقتصادي والإجتماعي للأسر، إلا أن عدد المستفيدين من الدعم الإجتماعي (إطعام،منح كاملة ،نصف منحة ...) من تلاميذ التعليم الإعدادي لا يتجاوز 54756 مستفيدا أي 5.10% من مجموع تلاميذ هذا السلك (2003/2002 ) ،مما حرم ويحرم عددا كبيرا من التلاميذ والتلميذات من متابعة دراستهم .

ـ على مستوى البرامج والمناهج والكتاب المدرسي :

لقد تغافل التقرير الحكومي هذا الجانب الأساسي والمهم ،لابد من تسجيل أن ميثاق التربية والتكوين أتى بالعديد من التغييرات الإيجابية في هذا المجال شملت كل الأسلاك التعليمية ، حيث تم التقويم النسبي لبعض الإختلالات ،إلا أن العديد منها زاد تعميقها وظهرت أخرى مع الإصلاحات الجديدة، يمكن التركيز على البعض منها نظرا لمسها جوهر حقوق المتمدرسين :

ـ في برامج مستويات التعليم الإبتدائي خصص حيز وافر للمواد المرتبطة بالتربية الإسلامية (العبادات،العقائد، القرآن الكريم،التربية الإسلامية :حديث وسيرة ...) وهي مواد مرهقة للأطفال وتعمل على شحنهم دون التمكن من فهم محتوياتها .

ـ تم إدراج مادة اللغة الفرنسية في المستوى الثاني ابتدائي دون توفير الأساتذة مزدوجي اللغة الكافين لذلك، مما فرض اللجوء إلى حلول ترقيعية ،كإسناد المستوى الثاني للأساتذة المعربين الحاصلين على الباكالوريا المزدوجة (الآداب العصري أو العلوم )،وحلول أخرى تربك السير العادي للعملية التربوية داخل المؤسسة ،وتضرب في العمق حق تكافؤالفرص والحق في الإستفادة من نفس مستوى التكوين.

ـ تخصيص حصص زمنية لتدريس الأمازيغية بالتعليم الإبتدائي ابتداء من السنة الأولى،لكن دون منهاج واضح ،دون تكوين مسبق للأساتذة المكلفين بتدريس هذه المادة ،ودون تعميم هذه المادة على جميع المؤسسات الإبتدائية وأحيانا غير معممة حتى على جميع تلاميذ نفس المؤسسة، حيث لا يتعدى عدد المؤسسات التي تدرس بها الأمازيغية ولو بالشكل الإرتجالي الحالي 12 مؤسسة بكل إقليم على أكبر تقدير،وباقي المؤسسات تعوض فيها حصص الامازيغية بما يسمى الدعم أو أنشطة مختلفة وهذا يعتبر نوعا من التمييز وضربا لمبدأ تكافؤ الفرص وللحق في نفس فرص التكوين ...

ـ عدم الشروع إلى حد الآن في تلقين أبجاديات اللغة الإنجليزية بالتعليم الإبتدائي كما هو منصوص عليه في ميثاق التربية والتكوين .

ـ الإستمرار في اعتماد مدرس واحد للعديد من المواد غير المتجانسة أحيانا ،فمثلا نجد الاستاذ المعرب بالتعليم الإبتدائي مكلف بتدريس الرياضيات ، القراءة ، الكتابة ،العبادات،التربية الإسلامية الإجتماعيات، التفتح الفني ،التعبير اللغوي، الرياضة ،النشاط العلمي ،فكيف لمدرس حاصل على باكالوريا آداب عصرية أن يدرس مواد علمية ...

ـ مجموعة من المواد بالتعليم الإعدادي غير معممة على جميع مؤسسات هذا السلك عبر التراب الوطني خاصة تلك المتواجدة بالوسط القروي وشبه الحضري ،وأحيانا غير معممة على تلاميذ نفس المؤسسة ،ويتعلق الأمر بالمواد التالية : اللغة الإنجليزية ،اللغة الألمانية،التكنولوجيا ،التربية التشكيلية ،التربية الأسرية ،التربية الموسيقية ،وفي التعليم الثانوي التأهيلي يصبح جميع التلاميذ مجبرين على دراسة بعض هذه المواد مختلطين بغض النظر على من درسها بالإعدادي ومن لم يدرسها كدراسة اللغة الأنجليزية،وهذا ما يخلق فوارق شاسعة بين تلاميذ نفس القسم ،ويجعل المتضررين من هذا الحيف غير قادرين على المسايرة مما يعتبر خرقا سافرا لحق تكافؤ الفرص .

ـ تعميق الفوارق بين الذكور والإناث في مؤسسات التعليم الإعدادي ، وذلك بتدريس التكنولوجيا للذكور والتربية الأسرية للإناث ،وهذا تكريس للعقلية السائدة بأن كل ما يدخل ضمن الاشغال المنزلية والتربية الأسرية من إختصاص المرأة ،والرجل هو المؤهل للتعامل مع التكنولوجيا ...أي ضرب الحق في المساواة بين الجنسين .

* فيما يخص الكتاب المدرسي تم إقرار مبدأ تعدد الكتب في المادة الواحدة عوض اعتماد الكتاب الواحد الذي كان في السابق ،وكذا إقرار تشجيع روح المبادرة والمنافسة في التأليف وفق المقتضيات المعدة من قبل السلطات الساهرة على الحقل التعليمي في البلاد ،وهذه مسألة إيجابية ،إلاا أنها بدأت تتجه نحو الفوضوية بحيث أصبح كل من هب ودب يدلي بدلوه في هذا الجانب .كما أنه تمت مراجعة وإعادة النظر في مضامين الكتب المدرسية وهذا أمر إيجابي أيضا لابد من تسجيله ،غير أنه لم يتم القطع مع بعض التعابير والمفاهيم والنصوص التي تعاكس وتناهض التربية على قيم السلم والتسامح ونبذ الكراهية وقبول الآخر واحترام الرأي المخالف .وهذه بعض النماذج فقط التي مازالت الكتب الجديدة تتضمنها :

- "المسلمون إخوة لا يسيء بعضهم إلى بعض بالوشاية" كتاب واحة التربية الإسلامية ،صفحة 68 مستوى الرابع ابتدائي.
- "المسلم الحقيقي هو الذي لا يسيء إلى المسلمين " نفس الكتاب ص 68 .
- "المسلم أخ المسلم " نفس الكتاب ص 69 .
- " تتحقق الأخوة بين المسلمين بالمحبة والتضامن والتعاون" نفس الكتاب ص 70 .
- " حق المسلم على المسلم " كتاب : في رحاب التربية الإسلامية ،ص 81 مستوى الأولى إعدادي.
- " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما " نفس الكتاب ص 81 .

كأن كل سكان الكون مسلمون ، أو أن المسلمين يعيشون في جزيرة معزولة عليهم أن لا يتعاملوا مع الآخرين، إنها تعابير خطيرة تربي على عدم الاعتراف بغير المسلمين،وتجاهلهم وعدم التضامن معهم...
وهذا مخالف للالتزامات المغرب في هذا الباب ولروح المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .

" إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البريئة "
كتاب :رحاب التربية الإسلامية ،ص 10 السنة الثانية ابتدائي .
- "كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ،إن عليهم موصدة " نفس الكتاب ص 13 .

إن اختيار آيات قرآنية تركز على الكفر والعذاب والبطش والنار وجهنم ...لأطفال في بداية نموهم تكون لها انعكاسات ومضاعفات سلبية سيكولوجيا ،فتعزيز الدين وتلقينه لمتلق لا يتجاوز عمره 10 سنوات ينبغي أن يتم من خلال النصوص التي تكرس المحبة والخير والتضامن والجمال ...

--اختزال توحيد الهندام في الحجاب من خلال النموذج التي تقدمه الصورة كدعامة بيداغوجية أساسية . وهو ما يعكس تغييب وإقصاء التنوع الموجود داخل نفس المجتمع ويتجلى ذلك من خلال صور النساء والفتيات المقدمة في العديد من الكتب أغلبهن محجبات (مثال كتاب :في رحاب التربية الإسلامية للسنة الثانية ابتدائي) .

- أما في كتاب :المفيد في اللغة العربية، فكثيرا ما يبتعد عن الأدب واللغة ليعود إلى مادة التربية الإسلامية، ففي ص18 للسنة أولى إعدادي نجد عبارة :" إن الأمة الإسلامية نالت شرف الأفضلية على باقي الأمم " ،إن جرد نموذج من هذه الأمثلة يكشف أنه من الصعب التأسيس لثقافة التسامح بموازاة تأصيل مبدأ الأفضلية .

وفي ما يخص مبدأ المساواة بين الجنسين فالكتب المدرسية حافلة بالصور والمتن والنصوص والأسئلة والمضامين المكرسة والمحرضة على عدم المساواة وعلى دونية المرأة والأمثلة كثيرة منها:


"يلعب يوسف الكرة "
عبارات في كتاب المفيد في اللغة العربية السنة أولى ابتدائي

" يحب جواد أن يكون جنديا "

" حليمة تحلب وحليم يحتسي حليبا "
} صور في كتاب في رحاب اللغة العربية

"مريم تتدرب على تربية أخيها "

"الأب يشتري اللوازم والأم تقوم بإعداد الحلوى"
السنة الثانية ابتدائي.

"...إمرأتي طالق ثلاثا إن لم تكن أنت من أهل الجنة "

"..وكان الرجال في معامل السردين..أشغال تتسم بنوع من الأهمية تجعلهم ينظرون إلى النساء بنوع من الإستعلاء " .
كتاب المفيد في اللغة العربية السنة أولى إعدادي

"كانت للمهدي فكرة حسنة وقام ببناء خيمة، وجاءت نادية لمساعدته".
كتاب اللغة الفرنسية : مدرسة الكلمات، السنة الرابعة من الابتدائي، ص 7.




هذه أمثلة فقط وقليلة جدا لأن المجال لا يسع لبسط كل ما جاء في الكتب المدرسية ،والتقرير الأولي الذي أعدته المنظمة المغربية لحقوق الإنسان على عينة من الكتب المدرسية والذي استقينا منه هذه النماذج ، يؤكد ما تتضمنه هذه الكتب من تكريس وتثبيت لثقافة الكراهية والعنف والإستعلاء وعدم التسامح وعدم المساواة ودونية المرأة...

ـ أما فيما يتعلق بالتوجيه فإننا نسجل أنه إلى يومنا هذا لم يتم حتى التفكير الأولي في إحداث الوكالة الوطنية للتوجيه والتقويم المنصوص عليها في ميثاق التربية والتكوين رغم مرور حوالي 6 سنوات على صدوره، فالتوجيه بشكله الحالي تشوبه خروقات وتعسفات متعددة كثيرا ما تعصف بالمستقبل الدراسي بالعديد من التلاميذ ،فالتحديد التقريبي القبلي للأعداد المفروض توجيهها لكل شعبة من الشعب يحرم عددا لا يستهان به من التلاميذ من الشعب التي اختاروها ،مما يضطر معه الآباء في بداية كل سنة دراسية الدخول في دوامة من الإجراءات والذهاب والإياب بين المؤسسات والنيابة الإقليمية للمطالبة بتغيير التوجيه ،المطلب الذي يلبى للبعض دون البعض الآخر،مما يفتح المجال أمام العلاقات والمحسوبية والزبونية ،ويضرب في العمق الحق في المساواة وتكافؤ الفرص .
ـ أمر آخر مرتبط بالتوجيه يخص تدريس اللغة الأجنبية الثانية، فاللغة الأجنبية في المغرب هي الفرنسية ،أما اللغة الأجنبية الثانية فهي إما الإنجليزية وهي الغالبة وإما الإسبانية،أو الإيطالية ، أو الألمانية ، في التعليم الثانوي التأهيلي ،وأغلب تلامذة هذا السلك يرغبون في دراسة اللغة الإنجليزية وكذا الإسبانية بالنسبة للمناطق الشمالية من المغرب ،إلا أن التحديد القبلي من قبل الخريطة المدرسية لعدد الأقسام المفروض دراستها لكل لغة من اللغات يحتم على العديد من التلاميذ التوجه لدراسة لغة ثانية لا رغبة لهم فيها ،حيث أن الأغلبية يرغبون في متابعة دراسة اللغة التي تكونوا على أسسها الأولية في التعليم الإعدادي وبالأخص الإنجليزية بالنسبة للإعداديات التي تتوفر فيها هذه المادة ،وهذا أيضا يخلق متاعب للتلاميذ وآبائهم في المطالبة بتغيير اللغة وأحيانا يضطرون لتغيير المؤسسة لهذا الغرض ولو كانت بعيدة عن مقر سكناهم ويبقى المنحدرون من الأوساط الفقيرة والتي تستفحل فيها الأمية والجاهلون لدور هذا الجانب على المستقبل الدراسي لأبنائهم هم الذين يقبلون بالأمر الواقع ،وهذا حيف في حق هذه الفئة من التلاميذ وإجهاز على الحق في المساواة وتكافؤ الفرص والحق في اختيار نوع التعليم ...

ـ أشار التقرير الحكومي في مادته 364 بأن ليس ثمة ما يعوق حرية الآباء في اختيار المدارس التي يريدونها لأبنائهم ،هذا الأمر إلى حد ما صحيح لكن لا ينطبق على الجميع إذ من خلال التسجيل والتوجيه وتحديد قطاع الروافد يتم تعيين المؤسسة المستقبلة ،وتتخذ إجراءات للحد من حركية التلاميذ داخل نفس المدينة او المنطقة، مما يفتح الباب أمام الزبونية والمحسوبية للحصول على مقعد في مؤسسة ما ،أما مؤسسات التعليم الخصوصي التي أصبحت مفضلة عند الآباء الذين بدأوا يفقدون الثقة في المدرسة العمومية فليس من حق الجميع الإلتحاق بها نظرا لغلاء تكاليفها وللوضعية الإقتصادية والإجتماعية لأغلب الأسر المغربية مما يجعلها في متناول ثلة من المحظوظين ،وهذه ضربة قوية لحق تكافؤ الفرص وتلقي نفس التكوين .

ـ تنص الفقرة 2ـ ج من المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية و الإجتماعية والثقافية على جعل التعليم العالي متاحا للجميع على قدم المساواة ...والتقرير الحكومي في مادته 362 أشار إلى تنفيد الإصلاح وإلى إنشاء مجموعة من المعاهد والكليات والمراكز الجديدة لتوسيع الطاقة الإستيعابية ،شيء إيجابي خاصة بالمناطق التي لم تكن تتوفر على أي مؤسسة للتعليم العالي غيرأنه لابد من تسجيل بعض وليس كل السلبيات التي تناقض ما ورد في العهد الدولي في الفقرة المشار إليها ، منها :

1ـ عدم السماح لجميع الحاصلين على الباكالوريا في التسجيل بمؤسسات التعليم العالي التي يختارونها بمحض إرادتهم، بل يتم القبول لاجتياز مباراة الدخول بناء على المعدل المحصل عليه وفق السيرورة التالية :الإنتقاء الأولي ،المباراة الكتابية ،ثم الشفاهية ،وهذا ما يفتح الباب أمام استعمال الأساليب غير المشروعة للحصول على مقعد في مؤسسة ما. بالإضافة إلى الحيف وعدم تكافؤ الفرص حيث أن الامتحانات ليست موحدة و المعدلات المتوسطة تختلف من ثانوية الى أخرى و من أكاديمية الى أخرى و ما بين التعليم الحكومي و الخاص و تعليم البعثات الأجنبية.

2ـ تدريس المواد العلمية في التعليم العالي يتم باللغة الفرنسية وقد تنضاف إليها اللغة الإنجليزية ، في حين أن هذه المواد تلقن للتلاميذ خلال حياتهم الدراسية من السنة الأولى ابتدائي إلى الباكالوريا باللغة العربية ،مما يعد عائقا كبيرا في وجه أغلبيتهم لمتابعة دراستهم الجامعية ،ليفتح المجال أمام المحظوظين الذين لهم الإمكانيات المادية لدراسة اللغات في مؤسسات خاصة لسنوات طوال أو الذين يدرسون في البعثات الأجنبية خاصة البعثة الفرنسية (La mission ) للحصول على نتائج مرضية على حساب أبناء الأسر المعوزة ...، فالكل يطالب إما تعريب هذه المواد في التعليم العالي أو الإبقاء عليها بالفرنسية في التعليم الأساسي والثانوي ،فهل نحن فعلا أمام حق التعليم للجميع والمساواة في هذا الحق بين جميع أبناء الشعب المغربي ؟
3 ـ عائق آخر يحول دون متابعة العديد من أبناء الأوساط الفقيرة وذات الدخل المحدود ،والمنحدرين من الوسط القروي ، قلنا دون متابعة دراستهم العليا لعدم حصولهم على المنحة ،حيث كان في السابق يتم تعميم المنحة على جميع الطلبة الجامعيين أما الآن فقد أصبح الأمر يخضع لشروط محددة أهمها مستوى دخل الأسرة ،شيء جميل ،إلا أن الواقع المغربي لا يسمح بذلك ، إذ أن الذين يحصلون على وثائق إدارية تثبت هزالة دخلهم هم الميسورون حيث يستعملون أساليب ملتوية ولهم دراية في ذلك ولهم علاقات تساعدهم في الحصول على الوثائق التي يرغبون فيها وهي نفس الأساليب التي يلجأون إليها للتهرب من الضرائب ، بالإضافة إلى أن عدد المنح أصبح يخضع لمبدأ الكوطا في الوقت الذي يرتفع فيه عدد الطلبة من سنة إلى أخرى .

آخر إشارة تتعلق بجودة التعليم التي بقيت كشعار دون تجسيد على أرض الواقع نظرا لعدة عوامل منها تركيز الحكومة على الجانب الكمي متغافلة الجودة ،وعواقب تحول دون ذلك،منها الإكتظاظ بالأقسام (أحيانا يتعدى 50 تلميذا بالقسم )،عدم تأهيل المؤسسات ،عدم تحفيز الأطر التعليمية خاصة العاملة بالوسط القروي، غياب التكوين والتكوين المستمر للمدرسين لمسايرة المستجدات .

كل هذه القضايا وغيرها تتطلب إعادة النظر في النظام التربوي في المغرب وذلك بتكثيف الجهود لوضع حد لكل هذه السلبيات .

المادة 15 : حق كل فرد في المشاركة في الحياة الثقافية :

تشكل الحقوق الثقافية حقوقا أساسية حظيت باهتمام كبير من طرف المنتظم الدولي، إلا أنها لا زالت تتعرض للإهمال والتجاهل. إن دراسة الواقع تبين أنه ليست هناك إرادة حقيقية وخطوات فعلية لتحقيق كلي لهذا الحق .

قلة البنيات السوسيو ثقافية وتدهور حالتها وسوء توزيعها وضعف تجهيزاتها:

لا زال المغرب يعاني من قلة البنيات التحتية السوسيو ثقافية من دور للثقافة ومسارح وخزانات و مكتبات عمومية ودور للشباب ومعاهد للفنون ...كما يعاني من سوء توزيعها الجغرافي وانعدامها أحيانا، فغالبية المدن و القرى تفتقر لهذه البنيات.

وتبين المعطيات التالية الحالة التي وصلت إليها الوضعية:

- المسارح:

لا يتوفر المغرب إلا على مسرح وطني واحد بالرباط، ولا يتعدى عدد قاعات المسرح 30 قاعة أي بمعدل قاعة لكل مليون مواطن ، جلها متواجدة بالمركبات الثقافية ودور الثقافة وقاعات البلديات أو بقاعات تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة وأغلبها متمركزة في المدن الكبرى، حيت تنفرد الدار البيضاء وحدها ب 13 قاعة. وقد عرفت جل هذه القاعات تراجعا على مستوى التجهيزات من وسائل تقنية وتدهور حالة المرافق المرتبطة بها و المقاعد، حيث أصبحت بعضها غير صالحة لاستقبال الجمهور وتم إغلاق بعضها.

- دور الثقافة :

إلى حدود 2002 لا تتجاوز حظيرة دور الثقافة بالمغرب 39 دارا، 20 منها تم إنجازها من طرف وزارة الثقافة و الأخرى (20) بشراكة مع الجماعات المحلية.



- دور الشباب:

يشكل الشباب شريحة مهمة من المجتمع ) 70 % من سكان المغرب لا يتجاوز سنهم 35 سنة ( ،وتحتاج إلى فضاءات لتأطيرها إلا أن عدد دور الشباب لا يتجاوز 302 دارا بمعدل دار الشباب لكل 38400 شاب، مع تركز أغلبها في محور الدار البيضاء – الرباط - القنيطرة .

- أما المكتبات وقاعات المطالعة فلا تتعدى نسبة تغطيتها 3,2% في الوسط الحضري و 3,6% في الوسط القروي

- ضعف الاهتمام بالتراث والمآثر التاريخية:

يتوفر المغرب على الآلاف من المآثر التاريخية التي تحتاج إلى جردها وحفظها وترميمها، ومن شأن عدم الاهتمام الكافي بها أن يعرضها للإتلاف والضياع. فمن بين 33 مدينة عتيقة بالمغرب لم تسجل منها إلا 6 مدن في التراث العالمي للإنسانية من طرف منظمة اليونسكو، كما أن عدد المتاحف لا يصل إلى 20 متحفا.

نقص في الموارد البشرية:

يعاني المغرب من خصاص كبير في مجال الموارد البشرية المتخصصة في مجال التنشيط الثقافي وتدبير التراث وتسيير المؤسسات الثقافية وفي مجال الفنون، حيث لا يتوفر إلا على 3 معاهد وطنية ) المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي والمعهد الوطني للآثار وعلوم التراث بالرباط والمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان ( ، كما أن غالبية المؤسسات الثقافية يسيرها موظفون ينتمون للجماعات المحلية أو رؤساء اللجان الثقافية بالعمالات أو موظفون ينتمون للقطاعات الوصية على هذه المؤسسات ولا علاقة لها لا بتسيير المؤسسات الثقافية ولا بالتنشيط الثقافي.

ضعف الاعتمادات المخصصة لقطاع الثقافة:

يشكل ضعف الميزانية المرصودة لقطاع الثقافة عاملا من ضمن العوامل الرئيسية التي تساعد في استمرار الواقع كما هو عليه حيث لم تتجاوز الاعتمادات المخصصة لهذا القطاع 239,09 مليون درهما أي 0,17% من ميزانية الدولة خلال سنة 2003 وعرفت تراجعا ملحوظا مقارنة مع سنة 2002 .كما أن ميزانية التسيير تنفرد بحصة الأسد (73,55%) ، مما يعوق أية إمكانية للاستثمار في المشاريع الكبرى من مؤسسات لحماية الثرات والمآثر التاريخية ويضع المغرب بعيدا عن الطموحات المعلن عنها سابقا من طرف المسؤولين والمتمثلة في:

مجموع الميزانية
(2003) %
تطور 2002
-2003 (%)
2003
تطور 2001-
2002 (%)
2002
2001


52,68
-0,36
125,95
8,83
126,4
116,14
الموظفون

20,87
-4,55
49,91
-6,63
52,29
56
العتاد

73,55
-1,58
175,86
3,81
178,69
172,14
مجموع التسيير

26,45
-5,00
63,23
8,32
66,56
61,45
الاستثمار

100,00
-2,51
239,09
4,99
245,25
233,59
المجموع




مركب ثقافي لكل عمالة أو إقليم يشمل قاعة للمسرح ويحتضن المسرحيين والمسرحيات،
فرقتان مسرحيتان بكل جهة تتحمل تكاليفها الجماعات المحلية وتمدها الوسائل المناسبة.
منع أنشطة الجمعيات الثقافية الجادة أو وضع عرقيل أمامها:

غالبا ما يتم منع أنشطة الجمعيات الجادة بدون مبررات وبدون الاحتكام إلى القانون، وهكذا فقد تم منع الدكتور المهدي المنجري من إلقاء المحاضرات 6 مرات بكل من مدن فاس، مكناس،عين اللوح، الرباط، الدارالبيضاء وفي الأخير بتطوان، حيث كان يعتزم إلقاء محاضرة بقاعة دار الثقافة تحت عنوان: الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمغرب .

وغالبا ما يتم وضع عراقيل أمام الجمعيات الثقافية عبر فرض رسوم وجبايات لتنظيم أنشطتها واستغلال القاعات العمومية. ففي مدينة الدار البيضاء التي يتواجد فيها العدد الأكبر من المركبات الثقافية بدأ مجلس المدينة في فرض رسم على استغلال القاعات حددته بعض المجالس في ما بين 1000 و 3000 درهم، مما خلف استياء وسط الفنانين والجمعيات الثقافية، والتي تحتاج إلى الدعم المالي لتغطية أنشطتها. وغالبا ما يخضع هذا الإجراء لرغبات رؤساء الجماعات المحلية ومن مجلس لآخر، حيث يتم إعفاء جمعيات دون أخرى من هذه الرسوم.

الحقوق اللغوية:

على الرغم من الخطوات الإيجابية التي تم القيام بها في مجال الاهتمام بالحقوق اللغوية المتمثلة في:

إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،
البدء في تدريس الأمازيغية في 301 مؤسسة ابتدائية مند 3 سنوات،
تحسين النشرات الإخبارية في القناتين وإعداد برامج تلفزية تهتم باللغة والثقافة الأمازيغية،


إلا أنه يمكن تسجيل العديد من الخروقات التي تشكل عائقا أمام إقرار هذه الحقوق:

عدم الاعتراف الدستوري والقانوني باللغة الأمازيغية كلغة وطنية رسمية إلى جانب اللغة العربية
فرض حصار على الجمعيات المهتمة بالأمازيغية عبر:
رفض تسليم وصولات الإيداع القانونية لتأسيسها وتجديد ها وكمثال على ذلك:
رفض تسليم وصل الإيداع القانوني لتأسيس الشبكة الأمازيغية من أجل لمواطنة سنة 2004 من طرف ولاية الرباط
رفض تسليم وصل الإيداع القانوني لتأسيس وتجديد فروع الشبكة الأمازيغية من أجل لمواطنة بكا من الرباط، الخميسات، الدار البيضاء، ولماس، بويزاكارن، أكادير...
الاستمرار في رفض تسليم وصل الإيداع القانوني لتأسيس جمعية أنداز أمازيغ
رفض تسليم وصل الإيداع القانوني لتأسيس جمعية إيمال للعمل والتنمية من طرف السلطات المحلية بماست إقليم الحاجب
عدم استفادة غالبيتها من الدعم المقدم للجمعيات الثقافية رغم هزالته
الاستمرار في منع تسمية بعض الأسماء الأمازيغية من طرف ضباط الحالة المدنية كاسم ايدر بالدار البيضاء، ونوميديا بالحسيمة والدار البيضاء وأخميس وسيمان بأكادير وبباريس من طرف القنصلية المغربية هناك وفازاز بإقليم خنيفرة...
الاستمرار في حرمان المواطنات والمواطنين الذين لا يفهمون سوى الأمازيغية من الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم بلغتهم الأصلية، مع ما يستتبع ذلك من أحكام قد تجانب الصواب نتيجة عدم التواصل بلغة مفهومة من لدن جميع الأطراف.
منع المواطنين والمواطنات التكلم بلغتهم الأم أثناء الاجتماعات حيث سبق أن تم منع مستشار جماعي بجماعة آيت يوسف وعلى بإقليم الحسيمة من الحديث بالأمازيغية من طرف رئيس المجلس القروي للجماعة
عدم الاهتمام بالمآثر التاريخية الأمازيغية وصيانتها بل هناك إرادة لمسحها حيث تم استبدال أسماء أماكن أمازيغية بأخرى عربية أو تغييرها بالكامل كما هو الشأن بالنسبة لمدينة اشتوكن التي أصبحت شتوكة وإمي أكادير التي أصبحت فم الحصن.












































المــــــــلاحـــــــــــق































الملحق 1 :

مذكرة المجتمع المدني ضد القيود المفروضة على الولوج إلى الأدوية المستنسخة بموجب اتفاقية التبادل الحر المبرمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب.

تدعو الجمعية المغربية لمحاربة داء فقدان المناعة المكتسبة السيدا (ALCS ) جميع مكونات المجتمع المدني بالمغرب إلى التعبئة وتوقيع مذكرة موجهة إلى الحكومة من أجل إبقاء الاستفادة من الأدوية المستنسخة والتي تتعرض اليوم لتهديد حقيقي بموجب اتفاقية التبادل الحر التي يتفاوض المغرب بشأنها مع الولايات المتحدة الأمريكية.

مذكرة :

في الوقت الذي بدأت فيه الإنسانية تستفيد، منذ التسعينات، من المزايا التي توفرها الأدوية المستنسخة؛ شرعت الشركات متعددة الجنسيات الصيدلية، المنتجة للأدوية ذات العالمة، في مسلسل يستهدف الحد من انتشار هذه الأدوية المستنسخة، بل وحتى القضاء عليها بكل بساطة خاصة بالنسبة إلى البلدان السائرة في طريق النمو.

لقد استعملت الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر من أي بلد آخر من بلدان الشمال، كافة الوسائل للضغط على بلدان الجنوب ولاسيما منها الأكثر فقرا التي يمكنها أن تمارس عليها بسهولة بعض الضغط الاقتصادي. وهكذا، فإن الاتفاقية حول حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة (ADPIC )، وهي إحدى الاتفاقيات متعددة الأطراف التي تم التفاوض بشأنها في إطار دورة الأوروغواي (1986 – 1994)؛ كانت نتيجة حملة طويلة – قامت بها أساسا المختبرات الصيدلية الكبرى الأمريكية وصناعة المعلوميات الأمريكية – من أجل فرض نظام البراءات على البلدان النامية. في نفس الوقت انشغلت الحكومة الأمريكية بالتفاوض بشأن اتفاقيات ثنائية بل وحتى إقليمية تُعزز حماية الملكية الفكرية في بلدان الجنوب. وتحت ذريعة الحرص على حماية الملكية الفكرية من لدن الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية ومن طرف البلدان التي أبرمت معها اتفاقيات تجارية ثنائية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية غالبا ما طالبت بمستوى من الحماية أعلى من الذي تقتضيه الاتفاقية حول حماية الحقوق الفكرية.

وعلى الخصوص فإن الإدارة الأمريكية قد كلفت المفوض المسؤول عن التجارة الدولية بالتفاوض، في العالم بأسره، بشأن اتفاقيات التبادل الحر تتضمن مقتضيات أكثر تقييدا من مقتضيات الاتفاقية حول حماية الحقوق الفكرية. ومنذ ذلك الحين، تفاوضت الولايات المتحدة الأمريكية بشأن اتفاقية مع سنغافورة وشرعت في مباحثات مع الدول الخمس للمجموعة الاقتصادية لأمريكا الوسطى والدول الخمس للاتحاد الجمركي لجنوب إفريقيا والمغرب واستراليا. وفي نفس الوقت اجتهدت الحكومة الأمريكية، بطريقة أكثر تسترا، لإدخال مقتضيات "ّالاتفاقية حول حقوق الملكية الفكرية –زائد" (ADPIC - plus ) خلسة في تشريعات بعض البلدان الإفريقية. وتحت غطاء المساعدة التقنية، فإن الحكومة الأمريكية والوكالة الدولية المكلفة بتقديم الاستشارة لبلدان الجنوب في مجال التشريع المتعلق بالملكية الفكرية (OMPI ) غالبا ما تدفع إلى صياغة قوانين تحرم بلدان الجنوب من الحق في استعمال الأدوية المستنسخة.

وتكمن المفارقة في أنه بإيعاز من شركات التأمين والولايات بوجه خاص، يتم اتخاذ عدة مبادرات من لدن الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التخفيض من كلفة الأدوية الأصلية (Princeps) ، غير أنها تسعى أيضا إلى الزيادة في مبيعات الأدوية المستنسخة فوق ترابها الخاص. وهكذا فإن مشروع نص ]قانوني [ ينص على الحد من العراقيل التي تعترض سبيل عرض المنتوجات المستنسخة في السوق. وتسجل هذه المنتوجات اليوم، مع ذلك، مبيعات هامة من حيث الحجم (42 % من السوق) حتى وإن كانت ضعيفة من حيث القيمة (أقل من 10 % ). ومع إمكانية استفادة هذه الأدوية المستنسخة من نهاية احتكار ]السوق [ من لدن عدد من الجزئيات (molécules ) الذائعة الصيت في السنوات القادمة، فقد ينبغي أن تتطور من خلال كسب حصص جديدة من السوق من جهة، وجلب زبناء جدد من جهة أخرى، إذا ما صوت البرلمانيون على التغطية بالأدوية في إطار نظام ميديكار Medicare ، الذي عليه، بكيفية منطقية أن يشجع الأدوية المستنسخة.

وينطبق نفس الشيء أيضا على البلدان الأوروبية، إذ تشجع أغلب بلدان الاتحاد الأوروبي، تنمية سوق الأدوية المستنسخة. ويتوخى مقترح التوجيه الأوروبي الرامي إلى تعديل التشريع المتعلق بالمنتوجات الصيدلية ( 2001/83/EC ) الوصول، في إطار شديد الحساسية، إلى تسوية تُوفق بين مصالح منتجي الأدوية المستنسخة ومصالح الشركات المخترعة.

تمثل النفقات المخصصة للأدوية في المغرب حصة مهمة من نفقات الصحة، أي 37 % كما هي الحال في أغلب البلدان النامية مع تميّزها بالسمة التالية : تقوم الأسر بتغطية حصة مهمة جدا من النفقات الخاصة بالأدوية (بالصيدليات) في حين لا تُغطي التأمينات على المرض إلا حصة ضعيفة إلى حد ما : 88,6 % من لدن الأسر و 11,6 % من لدن التأمينات على المرض. وقد سجل مجموع النفقات المخصصة للأدوية نموا متواضعا إلى غاية سنة 1997، وبقيت مستقرة منذ ذلك الحين (بالنسبة للفرد الواحد وبأثمان قارة). وخلال السنوات العشر الأخيرة، بلغ النمو ربما، 2 إلى 3 % في السنة وهو رقم ينبغي مقارنته مع نمو وصل حوالي 10 % في السنة في البلدان المتطورة. يمكن تفسير ضعف نمو النفقات ]المخصصة للأدوية [ بضعف نمو الناتج الداخلي الخام وضعف نسبة السكان (15 % ) المستفيدين من تأمين لتسديد النفقات المخصصة للأدوية. ذلك أن مبلغ النفقات المخصصة للأدوية بالمغرب هو أدنى بالضعف مما هو عليه في بلدان يمكن مقارنتها بالمغرب، في حين أن الأسعار ليست أدنى بالضعف. في القطاع العام، فإن 61 إقليم وعمالة بمجموع 13 مليون من السكان القرويين وميزانية مخصصة للأدوية تبلغ 25 مليون درهم، أي حوالي 1،92 درهم/فرد/سنة (0،17 دولار/فرد/سنة)، في حين أن منظمة الصحة العالمية تعتبر أن مبلغ 1،50 - 2،00 دولار /فرد/سنة ضروري لتوفير الأدوية والمنتوجات الاستهلاكية الأساسية التي تتضمنها الخدمات الصحية الأساسية. (من أجل تقليص اللامساواة فيما يخص الاستفادة من الخدمات الصحية الأساسية بالنسبة للساكنة القروية، لا بد من رصد ميزانية للأدوية تتراوح بين 216 و288 مليون درهم سنويا. أما ضعف الميزانيات المخصصة للمستشفيات فيما يتعلق بالأدوية فقد غدت معروفة. وخلال السنوات الأربع الأخيرة. رفعت الدولة مجموع الميزانية من 55 إلى 88 مليون درهم، وهو ما يعني أن ميزانية الأدوية تمثل 20 إلى 25 % من ميزانية مجموع المستشفيات، دون أن يكون ذلك كافيا لحد الآن. وتبقى استفادة السكان من الأدوية غير متساوية للغاية حسب الوسط الحضري والقروي وحسب مستوى الدخل. وفي 1997 – 1998 بلغت مشتريات الأدوية في المتوسط، 209 درهم للفرد الواحد مقابل 168 درهم في 1990 –1999. وينفق الحضريون حوالي مرتين ونصف أكثر مما ينفقه القرويون. ولقد تعمق هذا الفرق خلال التسعينات، ويعود في نفس الوقت إلى تمايزات على مستوى الولوجية (القرب من الصيدلية) والاختلافات في الدخل. أما الاختلافات في النفقات حسب الفرد الواحد وحسب الدخل فهي مهمة للغاية : في 98 –1997 أنفقت 20 % من السكان الأكثر غنى 541 درهم للفرد الواحد، أي 13,6 مرة أكثر من 20 % من السكان الأكثر فقرا (40 درهم). في التسعينات تعمق هذا الاختلاف حيث لم يكن يبلغ سوى 5,7 مرة في 91 –1990، ويعود ذلك إلى كون نفقات ال 20 % الأكثر غنى قد تزايدت بحوالي الثلثين في حين أن نفقات السكان الأكثر فقرا انخفضت بأكثر من الثلث بالمدينة والوسط القروي على حد سواء.

لقد سمح غياب تشريع حول البراءات، إلى غاية سنة 2000، للمغرب بإدخال أنواع جديدة من الأدوية كان سعرها في متناول السكان بشكل أكبر، وساهمت بدون شك في تحسين نسبي للمؤشرات. ولئن كان استهلاك الخواص للمنتوجات المستنسخة قد بقي متواضعا، في غياب تدابير تشجيعية، فإن القطاع العام قد استفاد من عرض منتوجات مستنسخة في السوق وذلك من خلال زيادة مهمة في حجم مشتريات الأدوية بميزانية قارة. وعلى العموم، يُقدر الاقتصاد الذي تم حوالي 266 مليون درهم في 1999 بفضل اللجوء إلى المنتوجات ]المستنسخة [ أي 5 % من مجموع النفقات المخصصة للأدوية.

فضلا عن ذلك، يتوفر المغرب على مختبر من المستوى العالي لمراقبة الجودة يجعله في منأى عن كل انزلاق. فالمختبر الوطني لمراقبة الأدوية وسع باستمرار أنشطته خلال السنوات الست الأخيرة. وقد أعطى انطلاقة مسلسل ليصبح في مستوى معايير المنظمة العالمية للمعايير (ISO ). والمختبر مرجع بالنسبة للجامعة العربية وعضو في شبكة التعليم التابع للمجلس الأوروبي وعضو ملاحظ في اللجنة الأوروبية لدستور الأدوية.

يتوفر المغرب، من جهة أخرى، بالمقارنة مع تونس والجزائر، على صناعة صيدلية مهمة وبعضها يُنتج أدوية مستنسخة ويبؤها المرتبة الثانية على الصعيد الإفريقي مباشرة وراء إفريقيا الجنوبية. يبلغ مجموع رقم معاملات الصناعة الصيدلية المغربية أزيد من 4 ملايير درهم في حين أن الاستثمارات المنتظمة قد تجاوزت 1،2 مليار درهم بين 1995 و2000. مع ذلك، يبدو أن الصناعة منشغلة اليوم بمستواها العالي من الاستثمارات بالمقارنة مع ركود نمو السوق والقدرة الشرائية وفي سياق غامض نتيجة المفاوضات الجارية على الخصوص مع الولايات المتحدة الأمريكية. تبلغ نسبة تغطية الحاجيات الوطنية من حيث الأدوية، التي تذكر عادة، حوالي 80 % وهي نسبة عالية جدا؛ لكن هذه الحصة لم تبلغ سوى 72,2 % في سنة 2000.

المغرب الذي يواجه رهانات التنمية ويوجد على مشارف إصلاحات تستهدف التأهيل القطاعي الكفيل بإعطاء انطلاقة لمسلسل تضطلع فيه الصحة بدور مُحفز للإنتاجية؛ مدعو لملاءمة تشريعه - الذي يوصف بكونه متجاوز - ويُعترف بكونه كذلك- مع هذه الرهانات.

والمغرب، الذي يتوفر على شركات وطنية تنتج وتسوق أدوية مستنسخة يُمكنها أن تعرض أسعارا أقل من سعر الأدوية الأصلية بحوالي 10 إلى 80 % ومجموعة من البراءات المهمة التي ستصبح في الملك العام خلال الشهور القادمة؛ يملك مزايا مهمة ومكتسبات أكيدة من أجل بلورة سياسة الأدوية يُمكنها أن تشجع استفادة السكان من الأدوية.

من البديهي أن تمرينا من هذا القبيل لا يمكنه أن يتجاهل الالتزامات الدولية للمغرب، وخاصة منها تلك التي التزم بها في إطار منظمة التجارة العالمية. وبما أن من المتفق عليه أن "تُمنح حماية مدتها 20 سنة لجميع الاختراعات سواء تعلقت بمنتوج ما أو بطريقة الإنتاج، وفي جميع المجالات التكنولوجية تقريباّ" ، فإن اتفاقية حماية الحقوق الفكرية تنص مع ذلك على أنه يمكن لبلد ما أن يحصل على رخصة إلزامية، أي بدون ترخيص، من الحائز على البراءة، من أجل التصنيع من لدن صناعي لمادة يحتاجها في حالتين اثنتين : إما فشل المفاوضات مع الحائز على البراءة وإما في حالة استعجال وطنية أو أية حالة طوارئ أخرى. ولقد ذهب المؤتمر الوزاري الرابع المنعقد بالدوحة إلى أبعد من ذلك من خلال التأكيد على أن "اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية يمكن، بل ويجب، أن تُفسر وأن تطبق بطريقة ملائمة لحق الدول الأعضاء في حماية الصحة العمومية وأن تشجع على الخصوص استفادة الجميع من الأدوية". وهو ما يعني أن بلدا مثل المغرب يتوفر على هامش للمناورة حتى لا يلحق ضررا بالسياسة الوطنية في مجال الأدوية ومن أجل الاستفادة من الثغرات التي تمنحها له الاتفاقية المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية.

اعتبارا لما سبق ذكره وعلى ضوء المعطيات التي تم عرضُها، فإن الجمعيات الموقعة أسفله تُهيب بالحكومة التعبير على الاهتمام الذي توليه لقطاع الصحة ولرفاهية المغاربة بصفة عامة وذلك بوقوفها ضد أية محاولة قد تستهدف إدخال مقتضيات قانونية وتنظيمية من شأنها التقليص من قدرات الصناعة الصيدلية الوطنية على إنتاج الأدوية المستنسخة. وبالتالي الحيلولة دون استفادة المغاربة من الأدوية.

إن الجمعيات الموقعة أسفله تغتنم هذه المناسبة للتعبير عن رفضها الباث لاتفاقية المرحلة التي قد يكون المفاوضون المغاربة قد توصلوا إليها مع نظرائهم الأمريكيين خلال الدورة الأخيرة من المفاوضات في إطار اتفاقية منطقة التبادل الحر ويعتبرون أن هذه الاتفاقية مُضرّة بالمصالح الوطنية.

إن الجمعيات الموقعة أسفله تدعو الحكومة إلى إشراك المتدخلين في مجال الصحة وممثلي المرضى ورجال الصناعة الوطنية في هذه المفاوضات من أجل التوفر على كافة الضمانات الضرورية لصون المصالح الوطنية في هذا المجال.

كما تدعو الجمعيات الموقعة أسفله الحكومة، بصفة عامة، إلى تنظيم نقاش وطني حول مشاكل الصحة بالمغرب باعتبارها شرطا مسبقا لتحديد سياسة وطنية للصحة تكون في مستوى طموحات البلاد.

قائمة الموقعين على المذكرة
نهاية يناير 2004

جمعية آفاق، مواطنة وتنمية
الائتلاف الوطني للصحة في القطاع الخاص
جمعية "سند ابن رشد"
جمعية محاربة الأمراض المعدية
جمعية مساندة مرضى الدم
جمعية مساندة الأشخاص المصابين بأمراض الجلد
جمعية النقاد السينمائيين
جمعية أساتذة المركز الجامعي الاستشفائي ابن رشد
جمعية المهندسين في القطاع الفلاحي بالمغرب الشرقي
الجمعية المغربية لمحاربة السيدا )
الجمعية المغربية للوقاية والتربية الصحية
الجمعية المغربية للتضامن والتنمية )
الجمعية المغربية للفنون التشكيلية
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
الجمعية المغربية لمهنيي الإذاعة والتلفزة
الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية
الجمعية المغربية من أجل التنمية المحلية
الجمعية المغربية من أجل حياة أفضل
جمعية حركة التويزة
الجمعية الوطنية لمنتجي الإذاعة والتلفزة
جمعية المحافظة على التراث المعماري للدار البيضاء (ذاكرة الدار البيضاء)
جمعية التضامن وتنمية المغرب
أطاك المغرب
الطفولة الشعبية
المركز الوطني لتحاقن الدم
الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام
نادي الصحافة
مجموعة الديموقراطية والحداثة
الفضاء الجمعوي
جمعية زاكورة
منتدى المواطنة
العصبة البيضاوية للصحة العقلية
المنظمة المغربية لحقوق الإنسان
البرنامج التشاركي للمغرب
الشبكة الأمازيغية للمواطنة
الشبكة الجمعوية لتنمية المغرب الشرقي
الجمعية المغربية للأرجيات والمناعيات السريرية
الجمعية المغربية للبنج والإنعاش
الجمعية المغربية HTA
الجمعية المغربية لأمراض العيون
الجمعية المغربية لأمراض القلب
الجمعية المغربية
الجمعية المغربية لأمراض جلد الأطفال
الجمعية المغربية للعلوم الطبية
لإغاثة مرض السل
نقابة الصحة الفيدرالية الديموقراطية للشغل
نقابة الصحة الاتحاد العام للشغالين
النقابة المستقلة للموسيقيين المغاربة
النقابة الوطنية للصحافة
النقابة الوطنية للصحافة المغربية فرع الدار البيضاء
النقابة الوطنية للصحة العمومية الكنفدرالية الديموقراطية للشغل
النقابة الوطنية للفنون التشكيلية
النقابة الوطنية لأطباء القطاع الخاص
النقابة الوطنية لمهنيي المسرح
انقابة للقطاع الفلاحي التابعة للاتحاد المغربي للشغل
اتحاد كتاب المغرب


الملحق 2 :

محاكمة رمزية لخمسين سنة من نهب وإهدار للمال العام
الرباط في 25/03/2006

صــــــك الاتـــــــــــهام :

إن الهيئة الوطنية لحماية المال العام باعتبارها أداة للدفاع عن حماية المال العام والثروات الوطنية و اعتبارا لما عانته بلادنا منذ 50 سنة بعد الاستقلال من نهب ممنهج للثروات الوطنية واقتراف جرائم اقتصادية أدت إلى استنزاف المال العام لصالح أقليات أفرادا ومجموعات تعتمد على استغلال النفوذ و المحسوبية والرشوة، وقد نسجت هذه الأقلية المتحكمة في صنع القرار شبكة عريضة تهدف إلى وضع أكبر عدد ممكن من العراقيل في وجه السير العادي للعدالة وأجهزة الرقابة، الشئ الذي أدى إلى إحالة الإفلات من اللاعقاب، وتشجيع المختلسين والراشين والمرتشين على المضي قدما في نهب المال العام وتبذيره علما -ن بأنهم لن يقدموا أي حساب ولن تتم مساءلتهم على تدبيرهم عند نهاية مهامهم .

وانطلاقا مما يشكله نهب المال العام من ضرب للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في المواثيق و العهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان و خصوصا العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية والتي تؤكد جميعها على حقوق المواطنين في ثروات بلدانهم وخيراتها بالمساواة وحقهم في الإعلام والخبر والوصول إلى مصادره والمشاركة في الشأن العام و مراقبته و تدبيره و حقهم في مساءلة كل من يخل بالمسؤولية .

واعتبارا للترابط الوثيق الغير قابل للتجزؤ مابين الحقوق السياسية والمدنية من جهة والحقوق الاقتصادية من جهة أخرى والذي يعتبر على أساسه السطو على المال العام وتهريبه أو نهبه سطو و انتهاك خطير لحقوق الإنسان لما ينتج عنه من أخطار الفقر والبؤس الاجتماعي ومن إمكانيات التلاعب بأصوات المواطنين واختياراتهم ودورهم في المشاركة في الحياة العامة الوطنية .

وتأسيسا على ما سلف تؤكد الهيئة الوطنية لحماية المال العام على أن تبذير و نهب المال العام يعتبر من صلب الجرائم الاقتصادية التي تخل بتوازنات المجتمع وحيويته والتي أدت، بالإضافة إلى حرمان المغرب من استغلال ثرواته، إلى الفقر المدقع لفئة واسعة من أبنائه والى ارتفاع نسبة الأمية و انخفاض مستوى الدخل، والى ارتفاع نسبة البطالة وخاصة بالنسبة لحاملي الشهادات، هذه الانعكاسات تكون الضحية الأولى لها الفئات المحرومة من الشعب، ونذكر من أثار وانعكاسات هذه الجرائم التي جاءت في عدة تقارير صادرة عن المؤسسات الرسمية والدولية مثل :

تقارير المندوبية السامية للتخطيط .
تقارير البنك الدولي
تقارير برنامج الأمم المتحدة للتنمية
تقارير ترانسبارانسي الدولية
النشرات الإحصائية لوزارة المالية

وحسب أخر الإحصائيات الرسمية :
- تراجع وتيرة ارتفاع الإنتاج الداخلي من 5.6 % من المعدل المتوسط خلال السبعينات، إلى % 2.4 خلال نهاية التسعينات وبداية الألفية الثالثة .
- انتقل المغرب من المرتبة 128 حسب الدخل الوطني الخام إلى المرتبة 132 من مجموع 208 دولة المصنفة في المراتب الدنيا على مستوى الدخل في العالم .
- احتل المغرب المرتبة 124 ضمن لائحة 173 دولة حسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية، فهو حسب نفس التقرير مرتب في الثلث الأخير الذي يضم الدول الأكثر فقرا في العالم .
- كما أن تقرير المنتدى الاقتصادي الذي يهتم بمستوى التقدم أو التراجع في مستوى القدرة التنافسية، صنف المغرب في مؤخرة الترتيب برتبة 61 ضمن لائحة 102 دولة .
- و يصنف المغرب في المرتبة 78من بين 133 دولة في مجال الرشوة حسب منظمة ترانسبارانسي
- 51.5% من السكان البالغين يعانون من الأمية .
- عدد الأطباء لكل 100 ألف نسمة لايتعدى 46 طبيبا
- الولادات التي تتم برعاية طبية لاتتعدى 40%
- التغطية الصحية لاتتعدى 15% من السكان .
- محاربة السكن الغير اللائق تقتضي إنشاء مليون وحدة سكنية .
- أكثر من ربع المغاربة يعيشون تحت عتبة الفقر المدقع، "يتمثل في إنفاق أقل من دولار واحد في اليوم الواحد" .
- بعض رؤساء المؤسسات العمومية تصل أجورهم إلى 800 مرة راتب عون بسيط، كمدير لكوما نف الذي حدد مبلغ 785 ألف درهم كأجر له، أي ما يوازي 978 مرة الأجر الأدنى للأجور .
أما بالنسبة للبطالة فهي تطال حوالي 30% من حاملي الشواهد العليا .
- وكدليل على خطورة ظاهرة الجرائم الاقتصادية فإن ترجمة المبلغ الإجمالي للاختلاس والتبذير من صندوق الضمان الاجتماعي والمتمثل في 115 مليار درهم، وهو مبلغ يمثل لوحده :
- 14 مرة الاحتياطي المغربي من العملة لسنة 2001 .
- و 34% من الناتج الداخلي الخام لسنة 2001 .

وحسب الدراسة التي أنجزتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام سنة 2003 بواسطة مختصين فإن المبلغ المذكور سيكفي لوحده ل :

- توفير 4 مليون منصب شغل .
- أو بناء 22 ألف و 400 مدرسة نموذجية .
- أو بناء مليون و 67 ألف وحدة سكنية اقتصادية .
- أو حوالي 25 ألف مستشفى متوسط .

إن الهيئة الوطنية لحماية المال العام لم تدخر جهدا في العمل على رصد وفضح بعض أشكال عمليات النهب والتبذير والاختلاس وسوء التدبير والقيام بتحليل ودراسة المحيط الذي وقعت فيه ومن المستفيدين منها والمتسترين عنها سواء لدى السلطات والمؤسسات الرسمية أو الشبه رسمية، وهكذا فقد رصدت الهيئة الوطنية لحماية المال العام النهب الذي طال بعض القطاعات وبعض الأنشطة ذات التأثير في المجالات الاقتصادية والاجتماعية مثل قطاع الفلاحة، الغابات، ومياه الأنهار، و الثروات البحرية، ومقالع الرمال،وباطن الأرض و المعادن والصفقات العمومية، والإدارات والمؤسسات العمومية، والشبه العمومية، والجماعات المحلية والتي نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر :

1- القــــطاع الــــــمالي العمومي :
إن الدولة المغربية تقر بأن الاختلاسات طالت :
القرض العقاري والسياحي : ب 8 مليار درهم
القرض الفلاحي : ب 846 مليون درهم
البنك الشعبي : ب 30 مليون درهم
بالإضافة إلى المبالغ الضخمة التي نهبت من مؤسسات مالية ومصرفية أخرى كالبنك الوطني للإنماء الاقتصادي .
لقد تجلت الأوضاع السيئة لدى هذه المؤسسات في فتح اعتمادات بدون ضمان ومنح قروض وأحيانا تبرعات خارج القانون، والتشطيب على سلفات وديون من دون وجه حق، والتنازل عن الفوائد ومم يدخل في حكمها لفائدة بعض أصحاب الجاه والنفوذ من مختلف الألوان السياسية وغيرها .

2المؤسسات العمومية

إن المؤسسات العمومية باعتبارها أداة لتحقيق التنمية البشرية قد تعرضت طوال السنين التي ثلث استقلال المغرب لكل أشكال الإختلالات المالية والإدارية مما أدى إلى إفلاس بعضها والى عجز البعض الأخر عن أداء الأدوار التي أسس من أجلها، ويمكن أن نسجل ملاحظات في هذا الصدد من خلال استعراض النماذج التالية التي تعترف الدولة رسميا بالنهب الذي تعرضت له وهو كالتالي :

- الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي : ب 115 مليار درهم
- المكتب الشريف للفوسفاط : 10 مليار درهم
- كوما نف : 400 مليون درهم
- المكتب الوطني للنقل : 20 مليون درهم
- الخطوط الجوية الملكية : قضية مدير عام سابق للخطوط الجوية الذي اختلس مليار سنيتم، إضافة إلى تبذير مبالغ مهمة على صيانة الطائرات بالخارج .
- المكتب الوطني للصيد البحري : صرح وزير سابق للقطاع بأن 70% من الإنتاج الوطني للثروة السمكية يباع بطرق غير قانونية .
- مكتب التكوين المهني فقد تم الاحتيال على مبلغ 7 ملايير سنيتم في إطار برنامج العقود الخاصة للتكوين .
- وكالة المغرب العربي للأنباء : 1.76 مليون درهم .
- أما قناة الدوزيم التي كانت قناة خصوصية فقد تم تحويلها لقناة عمومية بمجرد إفلاسها وتم ضخ أموال ضخمة من المال العام لإنقاذها من الإفلاس .
إضافة إلى النهب وسوء التسيير الذي عرفته مؤسسات عمومية وشبه عمومية أخرى .

3- الجمـــاعات المحلية

إن الخلفيات التي أسست عليها صياغة ما سمي بالديمقراطية المحلية، في إطار هيكلة وإعداد التراب الوطني قد جعل من الهيئات المنتخبة المحلية والجهوية مجالا خصبا لجميع أشكال الإختلالات والانحرافات منذ انطلاق هذه التجربة والى الآن، والمتمثلة في تشجيع الزبونية، المحسوبية، الرشوة، تزوير الانتخابات، انعدام الشفافية، غياب المراقبة، كان من أخطر أثارها السطو على الممتلكات و الأموال العمومية لعدد من الجماعات المحلية .

ونقدم هنا بعض الأمثلة التي حدثت في :
- جماعة أيتزر إقليم خنيفرة
- جماعة سلا مشروع الوقت الأخضر
- جماعة بركين دائرة جرسيف إقليم تارة
- جماعة تيداس .
- جماعة الريصاني .
- وغيرها من الجماعات المحلية في جهات أخرى .
4- الصــــفقات المشبوهة

كانت الإدارات العمومية وما في حكمها، تعتبر أن الصفقات العمومية مجال للتستر على مساطر تفويت عدد من الخدمات والأوراش وتخصيص ميزانياتها في إطار الباب المتعلق بالتجهيز في غياب المرجعية التشريعية الدقيقة وآليات المراقبة،و رغم صدور مرسوم للوزير الأول قبل سنوات،فقد شهد مجال الصفقات تسيبا فتح المجال لنهب وسرقة المال العام،وكمثال على هذه الصور المخيفة نريد ملف .

مجازر الدار البيضاء الجديدة : ففيما يتعلق ببناء مجازر الدار البيضاء الجديدة من طرف شركة أسبانية فقد رصد لها مبلغ 67 مليار سنيتم، فيما أكدت دراسة لولاية الدار البيضاء أن القيمة الحقيقية التي أنجز بها المشروع لم تتعدى 18 مليار سنيتم أي بفارق 58 مليار سنيتم . وحسب بعض المصادر ستصل نسبة الفائدة إلى 64 مليار سنيتم لمدة 25 سنة .

مشروع الحسن الثاني المرتبط برئيس مجموعة حضرية سابق وعامل سابق، الذي طالبت النيابة العامة بمحكمة الدار البيضاء بشأنه حسب بعض الصحف، باسترجاع حوالي 100 مليار سنتيم .

5 - الأراضــــي الفلاحية

على عكس الأهداف التي أسست من أجلها مكاتب وشركات التسيير وإدارة ألاف الهكتارات من ممتلكات الدولة، تم تفويت أجود الأراضي الفلاحية وأصبحت مرتعا ومنتزها لعدد من المحظوظين والنافذين والمقربين من مراكز السلطة والجاه .

وكمثال على دلك فإن شركتي صوديا و صوجيطا اللتين كلفتا بتسيير واستغلال جزء من الضيعات المسترجعة من المعمرين، كانت لهما في البداية 305 ألف هكتار، ولم يعد لهما سوى 124 ألف هكتار من المساحة الأصلية، يتم استغلال منها 99 ألف هكتار منها فقط، في حين تم تفويت الباقي ، إما في إطار ما سمي بعملية الإصلاح الزراعي ،بحيث تم كرائها بأثمنة رمزية لمدة 99 سنة ،وهناك أراضي أخرى تم الاستيلاء عليها من طرف بعض النافذين وأخرى تم منحها لبعض المستفيدين ،وتم الشروع في تفويت كل الأراضي التي كانت تسيرها شركة صوديا للخواص بهدف التستر على ما طال القطاع الفلاحي من هدر وسطو على مدا خيل أخصب الضيعات ولعدد من السنين .

6- الخوصصـــــة

كان القطاع العام، على مرسنوات مجالا لامتصاص خيرات الدولة والخزينة العامة . كانت المؤسسات العمومية تدبر بشكل إقطاعي بدون حسيب ولا رقيب مما أدى إلى ظهور اختلالات مالية وإدارية أدت بالعديد منها إلى الإفلاس، فجاءت الخوصصة كحل مفروض من المؤسسات الدولية مما دفع السلطات العمومية إلى عرض عدد كبير ومهم من هذه المؤسسات إلى سوق المزايدة في إطار ماسمي بالخوصصة بدل محاسبة ومتابعة المسؤولين عن إفلاسها .

مما جعل الخوصصة بدورها قد تمت بطرق أثارت الجدل والكثير من الشكوك في محتويات ملفتها وقيمتها وطرق سمسرتها ومدى استحقاقها من قبل من ساهم في شرائها،حيث أثارت أثمنة ومبالغ بيع العديد منها تساؤلات كبرى . ونورد كأمثلة على ذلك :

عملية خوصصة فندق حياة ريجينسي ب 18 مليار درهم في الوقت الذي كانت تساوي قيمته الحقيقية 27 مليار درهم أي بفارق 9 مليار درهم .

وتم تفويت معمل ايكوز بدرهم رمزي في الوقت الذي كان قد كلف ميزانية الدولة 40 مليار درهم علاوة على أنه عند تفويته كان به مخزون يقدر ب 9 مليار سنتيم .

وتمت خوصصة لاسامير بتفويتها لشركة سعودية كورال بتروليوم ب 300 مليون دولار فقط في الوقت الذي قدرت قيمتها ب 2 مليار دولار، وقد كان مستثمرون كنديون عرضوا ألف مليار سنتيم مقابلها وتعهدوا باستثمار 700 مليار سنتيم على امتداد خمس سنوات .وللإشارة فقد أصبح وزير الخوصصة سابقا آنذاك مديرا عاما للشركة نفسها .

كما عرفت اتصالات المغرب نفس الأمر فبعد الاستثمارات الضخمة من المال العام التي ابتلعها القطاع من أجل تطويره وتحديثه والمتمثلة كما يلي :

- من سنة 1984 إلى 1988: 2733 مليون درهم
- من سنة 1989 إلى 1992: مخطط المسار 12.263 مليون درهم
- من سنة 1993 إلى 1997: في إطار عقدة برنامج 24.233 مليون درهم

وبمجرد ما تم تأهيله وأصبح قطاعا مربحا تم تقديمه على طبق من ذهب لشركة فيفاندي في صفقة مشبوهة، لم تحترم أبسط الشروط القانونية وفي مقدمتها شرط التنافسية الذي كان غائبا، حيث تم تفويت 35 % من رأسمال الشركة بمبلغ 2.3مليار دولار فقط، في حين أن دراسات وزارة الخوصصة قدرتها آنذاك من 4 إلى 5مليار دولار، وقدرت بعض الشركات الدولية قيمتها بحوالي 10 مليار دولار وهو ما صرح به مدير الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات آنذاك .

وبالفعل فإنه بإجراء العملية الحسابية التالية يتبين الأمر :

- رخصة الهاتف النقال لوحدها لن تقل عن 1.1 مليار دولار الذي دفعته ميدتيل .
- إضافة إلى قيمة التجهيزات التكنولوجية للهاتف النقال لن تقل عن 2 مليار دولار .
- كما أن قيمة الهاتف القار رخصة وتجهيزات لا تقل عن 4 ملايير دولار .

دون احتساب قيمة العقارات والتجهيزات الإدارية والمعلوماتية التي تقدر بالملايير، وفي إطار نفس الصفقة وبشكل ضمني تم الاتفاق على أن تكون فيفاندي هي المستفيد من 16% من رأسمال الشركة لتتمكن من احتكار أغلبية الأسهم ، وبالتالي التحكم في سياساتها و إستراتيجيتها وهو ما تم بالفعل، وبالرغم من الجدل الذي صاحب عملية التفويت هاته فإن السلطات المغربية لم تقم بالتقصي والتحريات اللازمة .

هذا مع العلم أن عائدات الخوصصة بصفة عامة بدل أن تصرف في الاستثمار المنتج ، يتم صرفها إما في سد عجز ميزانيات التسيير للحكومات المتعاقبة، أو وضعها في بعض المؤسسات والصناديق التي لاتخضع لأية مراقبة .

7- قطـــــاع التعلـــــيم
المطاعم المدرسية : 85 مليون درهم





8- الثروات البحرية والرمال
وفي إطار ارشاء النخب وعلى قاعدة تكريس التمييز والامتيازات تم توزيع ومنح رخص الصيد في أعالي البحار لبعض النافذين في مراكز القرار السياسي والاقتصادي ، ومن بعض المستفيدين من هذه الرخص الموزعة في إطار المحسوبية واستغلال النفوذ نجد :

اسم الشركة
عدد الرخص
عدد البواخر
الصفة

كوبيسكا
COPESCA
7
-
سفير سابق بالأمم المتحدة

آونا
ONA
30
35
مؤسسة اقتصادية خاصة

KABEN
8
4
جنرالان

الزبدي
19
-
جنرال

أمنيزيا
-
8
مقيم أجنبي

PHASUD
14
14
رئيس المجموعة الحضرية السابق لمدينة الدار البيضاء


وعرفت رمال الشواطئ وأحجار المقالع نهبا لا يمكن وصفه إلا بالكارثة والجريمة المنظمة ساهمت الدولة بمنح الرخص ذات اليمين والشمال استفاد منها ذو النفوذ وقد ضاعت على المغرب الملايير

9- الجمعيات والتعاونيات :

وكنموذج : جمعية مطاحن المغرب : أكد إفتحاص 1995 اختلاس مليار و 900 مليون سنتيم .

وكذالك نموذج : سوسيال أكري ( (socialagri التي عرفت اختلالات مالية مهولة التي كشف عنها مكتب الخبرة (AMCS) ، في حسابات هذه المؤسسة والتي كاتبت الهيئة بشأنها الجهات الرسمية المعنية بدون جدوى .

وكذلك الأمر بالنسبة للإتحاد الوطني للتعاونيات الفلاحية المغربية، الذي أكدت بخصوصه المفتشية العامة للمالية وجود اختلالات خطيرة في تقرير الإفتحاص رقم IGF/3342 والذي أنجز بطلب من وزارة الفلاحة في ماي 2002.

وبما أن الهيئة لم تلمس أية رغبة للدولة في وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب بالنسبة لناهبي المال العام ، بالرغم من الضغط عليها للمصادقة على الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة لمكافحة الفساد ، والتي تنص على محاربة الفساد والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه وكذا تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال الجرمية وفقا لهذه الاتفاقية ،مع اتخاذ التدابير من أجل تعزيز مشاركة المجتمع وتجسيد سيادة القانون وإرساء نظم ومعايير سلوكية تستهدف منع الفساد .

كما لم تضع الدولة والأجهزة الحكومية إستراتيجية محددة في مستوى المخاطر المالية والاقتصادية تروم سن شروط واليات لحكامة رشيدة، وتوسيع لمجالات المراقبة وخلق وتطوير مناهجها، ودعم الطاقات البشرية للنهوض بسياسة حماية المال العام على مستويات التشريع الضريبي والتهرب من الالتزامات الجبائية لفائدة الخزينة العمومية، وعلى مستوى مراقبة شروط رواج العملة الصعبة في إطار العقود التجارية الدولية، كما لم تتخذ الإجراءات الضرورية والمستعجلة إلى الآن لسن قوانين تتعلق بمكافحة تبيض الأموال وترويج رساميل من طرف عصابات دولية .

وبرغم جميع نضالات هيئتنا وكل القوى الديمقراطية فان الحكومة المغربية لم تبرهن على إرادة جدية وفاعلة لتطبيق القانون على الجهات المتورطة في هذه الجرائم المالية والاقتصادية المذكور بعضها أعلاه، رغم أن الإجراءات المطلوب اتخاذها لن تكلف الدولة أية ميزانية .

فمن هم المتهمون الافتراضيون؟

هذا سؤال اللحظة والمستقبل

لقد استفادت أقلية منذ الاستقلال والى الآن دون حسيب ولا رقيب، من عدة امتيازات تمثلت في توزيع أجود الأراضي الفلاحية ،ورخص الصيد في أعالي البحار والمقالع بكافة أصنافها ، وكذا النهب الذي طال العديد من المرافق العمومية ،وذلك بإشراف و توجيه وتشجيع الدولة بسبب سوء التطبيق والتقصير في تفعيل القوانين ذات الصلة بالموضوع، كقانون المحاسبة العمومية المنظم لأجهزة الرقابة و اللجنة الوطنية للحسابات والمفشية العامة للمالية والمراقبة المالية على المؤسسات العمومية ومراقبة الإلزام بالنفقات وقانون 61/99 المتعلق بتحديد مسؤولية الأمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين وقانون 62/99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية والقانون المنظم للمجلس الأعلى للحسابات الصادر سنة 1979.
ولذلك فان المتهم المفترض أي أجهزة الدولة المغربية المعنية عبر ذاتها الحكومية ومؤسستها العمومية وإدارتها الترابية، وكذا المساهمين والمشاركين سواء في مراكز المسؤوليات الإدارية والأمنية والاقتصادية والمالية .

وتعتبر الهيئة الوطنية لحماية المال العام أن المسؤولية السياسية والإدارية للدولة المغربية بكل مؤسساتها، تبرز من خلال السلطات التي تتمتع بها، والقوى المادية والمعنوية التي تستعملها في تدبير الشأن العام والنفوذ الذي تتمتع به إزاء الأفراد والمؤسسات والقطاعات المختلفة، وكل ذلك سواء كانت مرجعيته دستورية أو تشريعية يعطينا صورة أساسية أن الاتهام يوجه بالأساس : إلى أجهزة الدولة الرسمية وفي صدارتها الحكومات المتعاقبة .

أجل إن الحكومة من خلال دورها في التنسيق بين مختلف أجهزتها ووزاراتها ومن خلال تحكمها في الاختيارات الأساسية في المجالات كلها، كجهاز تنفيذي وبصفة خاصة في المجالات الحيوية التالية :

1 - في المجال التشريعي :
وضع النصوص والمرجعيات القانونية والإدراية والتطبيقية والدوريات التفسيرية، التي تضع عليها مسؤولية حماية مصالحها بواسطة القانون .

2 - مجال القضاء :
والذي يعتبر كذلك مجالا من اختصاص الحكومة نظرا لكون عدالة نزيهة ومستقلة وكفأة من شأنها أن تشكل أداة لحماية الثروة وأموال الدولة .

3- مجال الإدارة :
وهو ما يعني أن الحكومة مسؤولة عن سوء تدبير وخلل الحاكمة وترشيد الثروة البشرية في القطاع الإداري باعتباره الوسيلة للتنفيذ والتتبع والتحقيق

4 - مجال العلاقات الدولية :
والمقصود هنا مسؤولية الحكومة في الانخراط في فضاء الدول الديمقراطية التي تتعامل مع الاتفاقيات الثنائية والمعاهدات، التي لها دور في التبادل التجاري والمالي، مما يفرض انضمامها وتعاملها على أسس الشفافية وحماية الثروة الوطنية في إطار تضمنها عدد من العهود والمواثيق الدولية .

إن الهيئة وهي تعلن أنها مما للحكومة وأجهزة الدولة في التأكيد على حساسية وخطورة مواقف بعض القطاعات الحيوية التي تعكس تخوف الموطن ومن بينها :

5- وزراء العــــــدل :

باعتبار ما لهم من مسؤوليات مباشرة في عدم تقديم ناهبي المال العام إلى القضاء منذ تأسيس محكمة العدل الخاصة الملغاة، حسب الفصل 8 ، وباعتبارهم رؤساء النيابة العامة المسؤولة عن تحريك الدعوى العمومية وباعتبارهم كذلك مؤولين عن عدم استقلالية القضاء وتسهيل الإفلات من العقاب للعديد من الحالات وكمثال على ذلك :

- رئيس جمعية أرباب المطاحن بالمغرب والذي حوكم غيابيا بـ 15 سنة سجنا نافذة من أجل التبذير والاختلاس والغدر والاحتجاز بدون حق .

- وكذلك ملف القرض العقاري والسياحي الذي تورط , فيه عشرات الأسماء الوازنة منهم من يوجد في هرم السلطة ووزراء وسفراء ، - ومنهم من لايزال يمارس مهامه العمومية ، - بل هناك أحد المتابعين في حالة سراح في هذا الملف تم تعيينه مديرا عاما لتنمية الأقاليم الجنوبية .

6- وزراء المــــالــــــية :

باعتبارهم المسؤولين عن أجهزة الرقابة المالية بكل المرافق والمؤسسات و الإدارات العمومية المكلفة بمراقبة استخلاص وصرف المال العام .

7- وزراء الداخلــــــية :

باعتبارهم كذلك المسؤولين عن أجهزة الرقابة لمتابعة المختلسين بالجماعات المحلية والمجالس الإقليمية ومجالس العمالات والجهات .

وأخيرا الحكومة بشكل جماعي باعتبارها تمثل السلطة التنفيذية، المسؤولة عن هذا النهب والتبذير للمال العام ،الذي ساد خلا ل 50 سنة من استقلال المغرب .

الملتمســــــــــات :

وبناءا عليه فإن الهيئة الوطنية لحماية المال العام تطالب ب :





1 - على المستوى السياسي :

- إقرار دستور ديمقراطي والقيام بإصلاحات سياسية تكرس الفصل الحقيقي للسلط وتمكين السلطة القضائية من القيام بدورها بكل ما يلزم من نزاهة واستقلالية وإحداث مؤسسات للمراقبة المالية قوية و قادرة على المراقبة الفعالة القبلية والبعدية للمال العام .
-متابعة المتورطين في نهب وتبذير المال العام والمخططين والموجهين والمشاركين والمنفذين و إرجاع الأموال المنهوبة ومصادرة ممتلكات وأموال المدانين، على قاعدة عدم الإفلات من العقاب .
- إلغاء نظام الامتيازات و تفكيك شبكة اللوبيات المستفيدة من اقتصاد الريع وخلق نظام وطني للتقييم والافتحاص .
-إحداث هيئة مستقلة للحقيقة وإرجاع الأموال المنهوبة
-تفعيل لجن تقصي الحقائق الدستورية والبرلمانية وتوسيع اختصاصاتها .

2 - على المستوى التشريعي والقضائي :

- اعتبارهذا النوع من الجرائم الاقتصادية جرائم خطرة، وجرائم دولة، نظرا لأثارها الخطيرة على فئات واسعة من المجتمع المغربي وعرقلتها للتنمية، وبالتالي نرى أن تقر المحكمة عدم تقادمها،و بعدم استفادة مقترفي هذه الجرائم من أي عفو .
-العمل الفوري على وقف نهب المال العام واستنزاف الثروات الوطنية .
- حذف ما يعرف بالامتياز القضائي الذي يتمتع به الوزراء وسامي الموظفين الذي يسهل الإفلات من العقاب في هذه الجرائم .
- تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في ملفات نهب وتبذير المال العام .
- التعجيل بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد وخلق الآليات اللازمة لتفعيل مقتضياتها وترجمة مضامينها نصا وروحا على أرض الواقع .
- سن قانون جديد للتصريح بالممتلكات قبل تحمل المسؤولية العمومية و عند انتهاء المسؤولية يتضمن إبراء الذمة وتعميم نشرها عبر وسائل الإعلام العمومي .
- تفعيل دور وتوسيع اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات وتمكين قضاته من الاستقلالية اللازمة من للقيام بمهامهم القضائية، وتمكين المفتشية العامة للمالية، والمفتشيات العامة للوزارات من اختصاصات واسعة وعدم التدخل في سير أعمالها .
- سن قانون لحماية كاشفي جرائم الرشوة ونهب المال العام من أية متابعة قضائية ومن كل أشكال التعسف والانتقام .
- إلزام الدولة بحرمان ناهبي المال العام من الحقوق الوطنية والسياسية ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم .
- اعتبار أي استغلال للنفوذ والسلطة جريمة ماسة بأحد مبادئ الحقوق الإنسانية الأساسية ألا وهو مبدأ المساواة .
- تأسيس أقسام خاصة بالحسابات العامة وبالمحاكم للتحري والتتبع في حالة الضرورة .

3 - على المستوى المالي والاقتصادي :

-القيام بافتحاص شامل ودقيق لكل الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية من طرف أجهزة الافتحاص تتمتع بالاستقلالية والصلاحيات اللازمة للكشف عن الاختلالات المتعلقة بالانحرافات المالية باعتبارها ظاهرة بنيوية تعم جميع المرافق العمومية .



4 - على المستوى العلاقات الإقتصادية الدولية :

-التعامل بانتباه ورؤية وطنية لحماية المصالح الاقتصادية والمالية، -اتجاه المؤسسات الدولية .
-الانضمام إلى كل المعاهدات والاتفاقيات التي تدفع في اتجاه الحكامة الرشيدة، ومراقبة المسؤولين ومحاسبتهم .

5 - على المستوى الإعلامي والتواصل :

- إشراك المواطن والمجتمع المدني في الحصول على المعلومة، ودعم صحافة التحقيقات ووضع سياسية إعلامية تصل إلى كل مواطن عبر وسائل الإعلام وتقنيات التواصل الحديثة .

كما تطالب الهيئة بالعمل على نشر الحكم الذي ستصدره، وذلك قصد إثارة الاهتمام لدى كل المواطنين بمصير ثروات ومالية البلاد، وأهمية النضال من أجل الحفاظ على المال العام .



#الجمعية_المغربية_لحقوق_الانسان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان - المضايقات التي يتعرض لها النشطاء الحقوقيون
- بيان
- بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخصوص جلسات الاستماع الى ...


المزيد.....




- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الجمعية المغربية لحقوق الانسان - التقرير الموازي للتقرير الدوري الثالث للحكومة المغربية المقدم بموجب المادتين 16 و من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية17