أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - مثنى صلاح الدين محمود - المانيا تتحمل أيضا المسؤولية عن الفرار والإرهاب /باتريك ديكمان















المزيد.....

المانيا تتحمل أيضا المسؤولية عن الفرار والإرهاب /باتريك ديكمان


مثنى صلاح الدين محمود

الحوار المتمدن-العدد: 6786 - 2021 / 1 / 12 - 13:30
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


باتريك ديكمان*
ترجمة عن الالمانية: مثنى صلاح الدين محمود
يهرب الناس في جميع أنحاء العالم من الحرب والقنابل والإرهاب – المانيا تتحمل قسطاً من المسؤولية عن ذلك. لذا يجب علينا الالتزام بدعم اللاجئين.
ان أوروبا عبارة عن زجاجة كبيرة بسدادة صغيرة جدًا. اذ نحاول إغلاق طرق الهروب منذ سنوات، وما التعامل مع تركيا وانظمة مشبوهة في شمال إفريقيا وتعزيز الأمن الحدودي أو منع الإنقاذ البحري في البحر الأبيض المتوسط الا بعض الأمثلة المعبرة عن عجز السياسة الأوروبية
يعالج الاتحاد الأوروبي الأعراض بدلاً من البحث عن الحلول. البنادق والأسوار لا يمكن لها أن تمنع الهروب. حتى الآن لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من تحديد أسباب الفرار بوضوح والتعامل مع المسؤولية التاريخية عنها. لأن الحقيقة لا تتوافق مع رغبة الناخبين: لا يمكن مكافحة الهروب إلا من خلال التنمية الاقتصادية والسلام، اذ يجب توزيع الثروة بشكل أكثر إنصافاً في العالم، لأن ثروتنا مبنية على الفقر في أجزاء أخرى من العالم.
لا توجد استراتيجية لمكافحة أسباب الهروب
يجب ألا يتكرر عام 2015. هذه العبارة تطارد السياسة منذ سنوات. قبل كل شيء، يخشى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي من المطالب المفرطة والمرهقة للمجتمع وما قد ينجم عنها من نتائج سيئة في الانتخابات. بهذا أرادت الحكومة الفيدرالية مكافحة أسباب الهروب، لكنها قامت في المقام الأول بعدم فسح المجال للاجئين بالقدوم إلى ألمانيا. فانخفض عدد اللاجئين، على سبيل المثال، نتيجة الاتفاق مع تركيا، لكنه لم يعالج أسباب الفرار. ومع ذلك، فإن السياسيين الألمان يبيعون الاستراتيجية الكامنة وراء الاتفاقية المبرمة مع أردوغان كنموذج للنجاح - والاتحاد الأوروبي يسير بالمثل في شمال إفريقيا. الشعار: "أدخلوا اللاجئين إلى المخيمات في بلدانكم وسندفع لكم الثمن“.
هذه الإستراتيجية ليست حكيمة ولا تتوافق مع القيم الأوروبية الأساسية. لا تزال الظروف الإنسانية للاجئين في جزيرة ليسفوس اليونانية كارثية - بالذات بعد حريق مخيم موريا في أيلول/ سبتمبر. إن الوضع في اليونان مرئي لكثير من الناس في أوروبا، لكنه يختلف عنه في شمال إفريقيا: يتعاون الاتحاد الأوروبي مع دول فاشلة مثل ليبيا ليجعل من الصعب على اللاجئين عبور البحر الأبيض المتوسط. ويصف مراقبو الأمم المتحدة الظروف المعيشية في المخيمات في شمال افريقيا بانها جحيم على الارض.
بشر في مسالك الهروب
الوضع على الصعيد العالمي حسب المناطق
أفريقيا 31,4%

أوروبا 30,7%
آسيا 21,2%
الشرق الأوسط 13,6%
أمريكا الشمالية والجنوبية 3,2%
في عام 1917 هاجر شخص كل ثانية اي ما يعادل 31 شخصا كل دقيقة 44400 شخصا كل يوم *
يتواجد حاليا 68.5,ملين مهاجر *
ووو3,1 مليون لاجيْ، نصفهم في البلدان النامية *
حوالي85% من المهاجرين موجودين تحت رعاية منظمة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في البلدان النامية، حوالي 16.9 مليون *
المصدر: المنظمة الالمانية لمعونة الجوع في العالم
يُخَلف الناس وراءهم في حالة وصولهم إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط طريقا مليئا بالمعاناة من الحرب والموت. ولا تنتهي هذه المعاناة، لكنها تكون في أحسن الأحوال بعيدة عن أعين الرأي العام في أوروبا. أما محاربة أسباب الهروب فتبقى عبارة سياسية معسولة، فالاتحاد الأوروبي مشلول ومنقسم على نفسه ازاء هذه القضية منذ سنوات.
إن الاتحاد الأوروبي- وإلى حد كبير ألمانيا أيضاً- مسؤول عن الهروب والإرهاب في العالم. لذا فإن توعية السكان الأوروبيين ضرورية لخلق انعطاف في السياسة الدولية. يمكن تفسير مسؤوليتنا التاريخية وأسباب فشل سياسة اللاجئين الألمانية بخمس ظواهر:
اولا: استعمار واستغلال أفريقيا
بمجرد انتهاء الحرب في سوريا قيل سوف لن يأتي المزيد من اللاجئين إلى أوروبا. هذا المفهوم الخاطئ الشائع يستبعد الواقع في العديد من البلدان في أفريقيا والشرق الأوسط. السؤال المركزي هو فيما إذا كانت الدول الغربية الصناعية مستعدة لتقاسم ثروتها. لا تزال الدول الأوروبية تستغل القارة الأفريقية حتى يومنا هذا.
يتناسى المرء في هذا البلد أن الاستعمار وجشعه في الحصول على المواد الخام في الماضي أدى إلى مشاكل اليوم المرتبطة بالفرار والنزوح. في عام 1884 قسّم الغرب قارة إفريقيا بأكملها بمسطرة وجرة قلم. تم ربط تكوينات عرقية متباينة في هياكل دولة تفتقد الشعور بالترابط الاثني فيما بينها - وهو أساس بؤر الاضطرابات المستمرة حتى وقتنا الحاضر

البلدان المضيِفة
حسب عدد المهاجرين
3580000 تركيا
1400000 الباكستان
1300000 اوغندا
987000 لبنان
979400 ايران
970000 المانيا
932000 بنغلادش
906600 السودان
791600 اثيوبيا
:المصدر: المنظمة الالمانية لمعونة الجوع في العالم
على الرغم من المساعدات التنموية والزيارات التي يقوم بها السياسيون الألمان في بعض البلدان الأفريقية ما زلنا نقوم بالقليل للغاية. منذ سنوات مضت، كانت ألمانيا تفسر التشجيع الاقتصادي للدول المستقرة سياسيًا في إفريقيا بانها فنار للمشاريع التي ينبغي على الدول المجاورة الاهتداء بها لتحقيق التنمية الاقتصادية والازدهار لاحقا.
النجاح هنا محدود جدا، اذ تنفق ألمانيا المليارات على مساعدات التنمية، بدون ان تكون فعالة للغاية ولا تنسجم مع معايير الحاجة المطلوبة، ولكنها منسجمة مع المصالح الجيوستراتيجية للسياسة الخارجية الألمانية. بالإضافة إلى ذلك يستفيد الاقتصاد الألماني بشكل خاص من مساعدات التنمية. على سبيل المثال، وكما جاء في دراسة أعدها “المعهد الامريكي ايبرو للدراسات الاقتصادية” في جامعة غوتينغن تزداد الصادرات الألمانية بمقدار 0,83 دولار مقابل كل دولار أمريكي إضافي يتم تحويله من ألمانيا لغرض التنمية. لذلك ترتبط المساعدة الإنمائية الألمانية ببعض الأنانية.
كانت الفكرة جيدة، لكن لم يحدث الكثير حتى الآن. حتى يومنا هذا، ينظر اقتصادنا إلى إفريقيا بشكل أساسي على أنها مصدر للمواد الخام والصيد أيضاً في البحار، وهي مصادر رزق البلدان النامية – وهذا هو أحد مسببات الجوع والهروب.
(“Made in Germany“) “ثانيا: "الجهاد صناعة ألمانية
الوضع قاتم بالمثل في الشرق الأوسط. كانت المنطقة في القرون الماضية ساحة تتلاعب بها المصالح الدولية وأرضاً متنازع عليها من اجل النفط. هنا أيضاً، تتحمل ألمانيا عبئاً تاريخياً خلفته الإمبراطورية الألمانية: في الحرب العالمية الأولى، تحالف القيصر فيلهلم الثاني مع الإمبراطورية العثمانية ودفع السلطان محمد الخامس للدعوة للجهاد ضد فرنسا وبريطانيا العظمى.
بالتوجيه عن بُعد من "مكتب الجهاد" في برلين جرت دعوة ملايين المسلمين إلى "الجهاد المقدس" ضد حكامهم المستعمرين. لهذا الغرض تم تعديل القوانين الشرعية الإسلامية من قبل السلطان، بحيث أصبحت ممارسة الإرهاب ضد السكان المدنيين، لأول مرة، جزءاً من "الجهاد المقدس“.
في الوقت نفسه، تمكنت بريطانيا العظمى من كسب العرب في عهد حسين بن علي لمحاربة الإمبراطوريتين العثمانية والألمانية. ولكنه لم يتم الوفاء بالوعد الذي قدمته بالسماح للعرب بمملكة موحدة لهم بعد نهاية الحرب.
قسمت فرنسا وبريطانيا العظمى الإمبراطورية العثمانية بأسلوب السياسة الاستعمارية، واحتلت آبار النفط، وبالتالي قسّمت المنطقة على شكل دول في سوريا والعراق ولبنان. ومرة أخرى لم تؤخذ مصالح المجموعات والطوائف العرقية المختلفة بنظر الاعتبار في عملية التقسيم هذه.
ثالثا: النوع الجديد من الحرب
أدت المصالح الخارجية والتدخلات المرتبطة بها في الشؤون الداخلية لبلدان الشرق الأدنى والأوسط مراراً وتكراراً حتى يومنا هذا إلى صراعات ونزاعات مختلفة. وكلما كانت الأمور موجهة ضد الاتحاد السوفيتي، موّل الغرب أيضاً الإسلاموية الراديكالية خلال الحرب الباردة والتي تمكنت عِبر معاناة السكان الذين مزقتهم الحرب من ترسيخ جذور أيديولوجيتها في المجتمعات المعنية.
لم تعد الحدود وحدها تقسم العالم، بل جرى التقسيم أيضاً وفقا لمناطق نفوذ القوى العظمى، اذ تحمي الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا بشكل خاص هذه الدول وأنظمتها وفق مصالح كل منها لتكون الحروب بالوكالة هي النتيجة.
لذا فقد تغيرت طبيعة الحرب على مدى العقود القليلة الماضية. غالباً ما تكون هناك حروب أهلية تشارك فيها مجموعات معينة مجهزة عسكرياً ومدعومة مالياً من دول أخرى. يحدث الكثير من ذلك في السر، فقط عِبر الأشخاص الذين يضطرون إلى مغادرة ديارهم بسبب النزاعات المسلحة تظهر للعيان وبشكل ملموس حقيقة وجود حروب في جميع أنحاء العالم.
رابعا: الأسلحة مع غياب الآفاق
تغذي المانيا هذا التطور ايضاً من خلال تصديرها للأسلحة. لن تكون بعض الدول والعديد من الأنظمة حالياً في وضع يسمح لها بشن الحروب ما لم يأتِها السلاح الضروري من أوروبا. تُعد الولايات المتحدة إلى حد بعيد أكبر تاجر أسلحة في العالم، لكن ألمانيا تحتل المرتبة الرابعة، متقدمة على الصين. وفقًا لذلك فإننا نكسب المال من الحروب والثغرات القانونية في قانون مراقبة أسلحة الحرب الألماني كبيرة جدًا لدرجة أن الأسلحة الألمانية تستمر في الظهور في مناطق الحرب. هناك أساليب للتحايل والالتفاتات كافية لذلك: إما أن يتم التسليم عبر دول ثالثة مسموح لها بالتجارة بهذه الاسلحة. أو يتم تجريد السلع العسكرية من السلاح أو تفكيكها لتتناسب مع قانون التجارة الخارجية، ليتم تجميعها ثانية لتكون صالحة للاستخدام العسكري.
في ضوء تحركات اللاجئين العالمية، تُلحِق ألمانيا الضرر بنفسها من خلال سياسة التسلح هذه. فالناس في مناطق الأزمات يحتاجون إلى آفاق وليس المزيد من الأسلحة. على العكس من ذلك: في أجزاء كثيرة من العالم لا يمكن للأنظمة الاستبدادية البقاء في السلطة إلا من خلال تزويدها بالأسلحة من الخارج.
حتى في مكافحة الإرهاب لا يكون التزويد بالأسلحة فعالا إذا كان الأداة الوحيدة في هذه العملية. على سبيل المثال، هُزمت ميليشيات داعش الإرهابية عسكريًا في سوريا والعراق. لكن المظاهر خادعة. لقد تم دفع الإسلاميين الراديكاليين إلى العمل السري. وكان بالأحرى إزالة الأرضية التي يتغذى منها الإرهاب، مما يتطلب فتح الآفاق لكل فرد. ويُعد الاندماج والمشاركة في الحياة السياسية في البلاد أمراً ضرورياً، اذ يجب تعزيز ذلك مع الضغط على بشار الأسد والحوار مع روسيا وإيران وتركيا.
مثال آخر هو العراق: انضم العديد من السنّة في العراق إلى حركات متطرفة بسبب الافتقار إلى الآفاق والبدائل وبسبب التمييز والإقصاء السياسيين. كما تقوم المنظمات الإرهابية بتجنيد أتباعها من خلال الحرب والدمار، وينضم إليهم الناس لأنهم يَعِدون أنفسهم، على سبيل المثال بالحماية أو الانتقام لموت أقاربهم.
خامسا: الانعطاف في سياسة اللاجئين الألمانية
على الرغم من هذه المسؤولية التاريخية والحالية، فإن أطرافاً في السياسة والمجتمع في أوروبا وألمانيا تُشّبه اللاجئين بالعفريت الذي يهدد "الوطن" والثقافة المحلية. لكن الحديث عن تحول إلى اليمين في المجتمع بعد أحداث 2015 يعتبر تشويهاً للصورة العامة، اذ كانت هناك دائما قطاعات من السكان في المجتمعات الأوروبية تنظر إلى الهجرة بعين الشك. فبعد الحرب العالمية الثانية وجد الكثيرون موطنهم السياسي في الأحزاب المحافظة. ولكنه انتقل العديد من الأحزاب المحافظة سياسيا بشكل متزايد من اليمين إلى الوسط حال مشاركتهم في الحكومة. وأصبح بعض مؤيديهم اليمينيين بلا مأوى سياسيًا. لهذا السبب اكتسبت الأحزاب الشعبوية اليمينية شعبية.

تكمن المشكلة الحقيقية في أن العديد من الدول الأوروبية سمحت ولا تزال تسمح لتسيير نفسها من قبل الشعبويين اليمينيين. هناك نقاشات حول الحدود القصوى لقبول اللاجئين والتشديد في حماية الحدود وعمليات الترحيل السريعة. ومع ذلك، فإن هذا لا يعالج أسباب الهروب، بل محاولة للحد من تأثير الشعبويين اليمينيين. الاتفاق الوحيد القائم في الاتحاد الأوروبي هو عدم وجود اتفاق بشأن قضايا اللاجئين. في المستقبل ستنقسم أوروبا على نفسها إلى قسمين: من ناحية، هناك دول تستقبل اللاجئين. وستوفر الدول الأخرى التمويل فقط لمعالجة الأسباب في بلدانهم الأصلية. مرت أكثر من خمس سنوات ليعترف الاتحاد الأوروبي بعدها بهذا الواقع، تاركاً اليونان أو إيطاليا وحدها مع المشكلة.

أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا مرتعا لناقدي الهجرة، بالإضافة إلى الأفكار اليمينية المتطرفة لهذا الحزب، فقدت سياسة الحكومة الفيدرالية ازاء اللاجئين مصداقيتها بين السكان لأنها كانت مدفوعة بالخوف من الشعبويين اليمينيين.

انعكس ذلك في انعطاف حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في سياسته إزاء اللاجئين متناسيا ثقافة الترحيب في الأيام الماضية. مع وجود حزب البديل من أجل ألمانيا والناخبين المحافظين في قفاهم ودائماً الانتخابات القادمة أمامهم ترسخت لديهم سياسة اللجوء والأمن بفاعلية ضعيفة. مراراً وتكراراً تم الإصرار على حل أوروبي، وانتظار ذلك، رغم إدراكهم الكامل بأن لن يكون هناك حلاً أوروبياً. ومع ذلك، فقد تم تهميش
الموضوع في السنوات الأخيرة رغم أن معاناة الناس في الجزر اليونانية شاخصةً أمامهم دائما

قام هورست زيهوفر من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي بمفرده كوزير للداخلية بانعطاف سياسي كامل. أراد حزبه محاربة حزب البديل من أجل ألمانيا من اليمين، لكنه فشل في مسعاه هذا الذي استمر طيلة عام 2018، وذلك بقيامه بحملة مكثفة من أجل الحد من عدد اللاجئين ومراكز اللجوء والترحيل السريع. ولكنه حالما أدرك زيهوفر وحزبه انه لا جدوى من تناول المواضيع والشعارات التي يتبناها حزب البديل من أجل ألمانيا، قام بحملة من أجل اللاجئين على مدار العامين الماضيين. ولكن هذا النهج المتعرج بكل التفافاته لم يؤد إلى فقدان المصداقية فحسب بل والثقة أيضا.

ما العمل؟
تعني تعقيدات وترابطات هذه المشاكل انه لا توجد حلول سهلة. إن المصالح في مناطق النفوذ والمصالح السياسية-الاقتصادية تجعل من الصعب للغاية مكافحة أسباب الهروب بشكل فعال. ويؤدي اشتداد الجفاف والكوارث الطبيعية نتيجة تغير المناخ إلى تحركات إضافية للاجئين.

لهذا السبب فاننا بحاجة ماسة إلى اتخاذ الخطوات الأولى في الاتجاه الصحيح: يجب أن تتوقف تجارة الأسلحة؛ نسبيا لا تشكل صناعة الأسلحة سوى 0.26 في المائة فقط من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي (عام 2015)، وبالتالي فإن اهميته الاقتصادية الفعلية قليلة في جمهورية ألمانيا الاتحادية. حتى إذا أخذنا بنظر الاعتبار اماكن العمل البالغ عددها 130 ألف وظيفة في صناعة الاسلحة، يمكن لألمانيا أن تتحمل تكاليف وقف التجارة بالسلاح على المدى المتوسط. "إذا لم نفعل ذلك، فسيقوم شخص آخر ببيع الأسلحة". انها جملة لا ينبغي لها أن تكون ذريعة ومبررا للتقاعس عن العمل من اجل هذا الهدف.

لمكافحة أسباب الهروب يجب أن يفقد الدفاع عن مناطق النفوذ الذاتية أهميته أيضاً. ويكون هذا امر واقعي فقط إذا ما جاء خطوة فخطوة وفي إطار حوار دولي وثيق. إن وجود بنية أمنية عالمية بمشاركة روسيا والصين أمر ضروري لجعل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قادراً على التصرف مرة أخرى كمؤسسة مهمة للسلام العالمي.

تحتاج الدول التي يسودها الحرب كسوريا إلى سلام مستديم وخطط لإعادة الإعمار ممولة دولياً. هنا يتعين على أوروبا أن تتعلم من الأخطاء التي ارتكبت في حرب كوسوفو، حيث لا يزال الاتحاد الأوروبي على الرغم من الوعود التي اعطاها لا يفعل ما يكفي لتعزيز التنمية الاقتصادية في المنطقة. والنتيجة هي أن العديد من اللاجئين من البلقان يتوجهون إلى أوروبا.

اوقفوا المعايير المزدوجة
في نهاية المطاف، من الأفضل للسياسة الغربية التخلي عن المعايير المزدوجة المستمرة. لا يمكن أن نحارب الدكتاتوريات من ناحية إذا كان ذلك مفيداً من جانب جيوستراتيجي، ومن جانب آخر نمول الأنظمة الاستبدادية ونسلحها عسكرياً إذا ثبت أنهم شركاء مهمون اقتصاديًا أو يعيقون تدفق اللاجئين.

اذا ما استمرت فجوة الازدهار اتساعا في العالم، سيجد المزيد والمزيد من الناس طريقهم إلى أوروبا. لم ينمو هذا الازدهار حصرا من التقدم التقني والعمل الشاق، بل كان جزءاً منه نتيجة استغلال شعوب الدول النامية والناشئة. نحن نصطاد سبل عيش الناس في قارات أخرى، ونبيع لهم المنتجات الزراعية المعدلة جينيا ونعيق بشكل كبير تطوير أنظمة اقتصادية فاعلة في البلدان النامية. لماذا نتساءل عن عدد اللاجئين في حين أن ازدهارنا هو سبب رئيسي للهروب؟ لا يستطيع هنا سوى السياسيين اتخاذ الإجراءات اللازمة من خلال حماية اقتصاديات البلدان النامية بشكل قانوني من شركاتهم الخاصة.

أدى التقدم التقني إلى جعل الطرق المتاحة للاجئين أقصر. بفضل الإنترنت، يعرف الناس في البلدان النامية الآن كيف نعيش في أوروبا. وشعار "استمروا في ذلك" غير صالح هنا، فنحن بحاجة إلى توزيع أفضل للموارد والثروة العالمية. وإلا فإننا سنعيش وراء الأسوار في اوروبا. لكن هذه الأسوار أيضاً لن تدوم إلى أبد الآبدين!


* يعمل باتريك ديكمان صحفيا في الشؤون السياسية لدى تي اونلاين، احدى اوسع الصفحات الاخبارية الالكترونية في المانيا انتشارا. تشمل كتاباته شؤون السياسة الخارجية والنزاعات الدولية ويعمل مراسلا في كثير من البلدان. درس العلوم السياسية والاجتماع والعلاقات الدولية في غوتنغن وبرلين واسطنبول. يمكن التواصل معه عِبر تويتر.



#مثنى_صلاح_الدين_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللجوء والمانيا ... فردوس اللاجئين!


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - مثنى صلاح الدين محمود - المانيا تتحمل أيضا المسؤولية عن الفرار والإرهاب /باتريك ديكمان