أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان المعموري - البورتريت الأخير لنيلسون مانديلا














المزيد.....

البورتريت الأخير لنيلسون مانديلا


قحطان المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 6761 - 2020 / 12 / 15 - 02:55
المحور: الادب والفن
    


إلتُقِطِتْ هذه الصورة عام 2011 ، كجزء من سلسلةِ صورٍ استثنائية عن جنوبِ إفريقيا ، إبتداءاً من ديزموند توتو( كبير الأساقفة) وإنتهاءاً بـأف دبليو دي كليرك ( آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا). لقد كانَ مانديلا هو الملهِم لهذا المشروع الذي أسْمّيتَهُ ( 21 رمزًا) لكنه لم يوافق على المشاركةِ فيهِ حتى بعدَ تنفيذه. لازلت أتذكّر اليوم الذي تلقّيت فيهِ مكالمةً هاتفية. كنتُ حِينها أقودُ السيارةَ عائداً إلى المنزلِ من جبلِ تيبل في كيب تاون ، بعد أن اصطحبت كلابي للجري. كان مانديلا قد شاهدَ صُورَ دي كليرك وتوتو ، حينها أبدى رغبتهَ بالتصويرِأيضاً. اتَصَلتْ بيَّ زوجتهُ السابقة ويني مانديلا ، نيابةٍ عنهُ. اعتَقدتُ في بادىء الأمرِ انَّ المكالمةَ كانتْ مِنْ صديقةٍ ما تَودُ المزاحَ معي حيث بدا لي الموضوع وكأنهُ أشبه بسرياليةٍ جميلةٍ .
لم يتمَ تصوير مانديلا و لسنواتٍ عديدةٍ. بَدأتُ بتوثيقِ ما قدْ يكون سنواته الأخيرة ، حيث صَوّرت حياةَ افراد الأسرة ومناسبات أعياد ميلادهم . كنتُ قريباً لهم وبشكلٍ لا يُصدّقْ. بالنسبةِ للصورةِ النهائية ، التي كانتْ ضِمنَ مشروع ( 21 رمزاً) ، كنت أعرف بالضبطِ الطريقةَ التي سألتقط فيها صورةً له. في هذه الطريقة ، كُنتُ أرغب بإستخدامِ المرآة ، مذ كنت أحلم بالمشروع في مطبخي المنزلي عام 2009. كان مانديلا في التسعينِ من عمرهِ ، وكان جسده هزيلاً. إنتظرنا لمدةِ عشرة أيامٍ ، في منزلهِ في (إيسترن كيب) لكي يكون بوضعٍ صحيٍ جيدٍ يمكّنهُ من الجلوسِ لغرضِ التصويرِ. لم يكن مريضا جداً، لكن ملامح الضعف والهزال كانت واضحة عليه ،عندها قررت الاستعانة بالمرآة لتصويره.
كنت متوتراً جداً. لم تكن بالنسبةِ لي صورة مُعقّدة ، لكنّ الإعداد لها كانَ كثير التعقيد . كان مانديلا يطلقُ النكاتَ بينَ الحينِ والآخر مع الفريق ومعي شخصياً بحيث جعلَ جميع منْ في الغرفةِ يشعرُ بالراحةِ والأطمئنانِ . تلك كانت هديتهُ. كانَ بإمكانهِ دائماً نشر الإبتسامة على وجوهِ الناس ، وأن يجعلك تشعر بأنك كنت الشخص المميّزفي المكان وبين المدعوين . كان مجرّد رجل مُسن وبسيط لكنه في ذات الوقت جميل ، و في الواقع كان قائدا و أباً لشعبٍ كبيرٍ، وثوري من الطراز الرفيع ، وحائزعلى جائزة نوبل للسلام.
انتهى الأمر بهذه الصورة إلى أن تكون آخر ما تم التقاطه لمانديلا. لقد تم نشرها في ستين ألف صحيفة في أنحاء العالم ، وتم مشاركتها مع ما يقرب من مليار شخص، كما حطّمت الرقم القياسي لأكثر الصور مبيعاً في جنوب إفريقيا وذهبت عوائدها الى الأعمال الخيرية ، إضافة الى أنها ساهمت في شهرة مشروع (21 رمزاً ) وتألقه عالمياً.
لازلتُ أتذكّر عندما شاهدته مع حفيدهِ وهو يشاركه حفلة عيد ميلاده . كانَ الطفلُ الصغيرَ ذو الجسد الممتلئ ، يجلس على ركبتيه وهو يسحبُ الكعكةَ من فمِ مانديلا. في ذلك الوقت ،كان مانديلا يبلغ من العمر خمسة وتسعين عامًا وحينها كانَ يرفض مكالمات هاتفية من توني بلير وشخصيات سياسية وحكومية أخرى من مختلف المستويات . لقد ركّز بالكامل على هذا الطفل الصغير البالغ من العمر أربع سنوات .
لا يوجد بلد آخر في العالم يسمح لك الناس فيه بدخولك إلى وطنهم بالطريقة التي قام بها مانديلا . هل يمكنك تخّيل محاولة القيام بذلك في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة ؟ لكن مانديلا كان رجلاً ذا شخصية وواثقاً من نفسه. لقد قال لي : " لقد وقفت على أكتاف العمالقة " ، مضيفاً "معاً نكون أفضل " . بالنسبة لي وأنا الذي ولدت في أستراليا، فأن أكثر الكلمات التي تعلمتّها بعد إثني عشرعاماً من العيش في أفريقيا هي (الجماعية ) ، ليس لدينا شيء بدون الروح الجماعية في المجتمع . يمكنك أن تضعَ اليوم على الإنترنيت ما تريد من الهاشتاكات ، لكن ذلك لا يخلق مجتمعاً حقيقياً تسودهُ الروح الجماعية . إن المجتمع الحقيقي يأتي من العملِ الجماعي الذي يعزّز روح المواطنة الحقيقية و يخلق قيّم التعايش المشترك . لم يَكُنْ لدى مانديلا حساباً على الفيسبوك وانستغرام أو غيرها من وسائل التواصل الإجتماعي كما هو الحال لدى رؤساء العالم اليوم ، لكنه إستطاع أن يبني بلداً وشعباً جديداً ومختلفاً

الموضوع مترجم إلكترونياً



#قحطان_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد مائة عام على جريمة قتلها .... المانيا تستذكر روزا لوكسمب ...
- الثقافة ليست ترفاً ! تجربة -البرولِتْكَلْتْ- في روسيا الثوري ...
- جذور اليوم العالمي للمرأة
- ثورة إكتوبر والرياضة
- ما الذي يقصده ماركس بعبارة -الدين أفيون الشعب- ؟
- ثورة إكتوبر والأممية - جون فوست
- مائة عام على ثورة إكتوبر ... هل من صلة بعالمنا اليوم؟ توم كر ...
- دور النساء في الثورة الروسية 1917 - ماري ديفيز
- هل أفرزت ثورات الربيع العربي قيادات نسوية فاعلة ؟؟ - بقلم: ن ...
- جورج أورويل حياة في رسائل
- نحوتأسيس قناة تلفزيونيه يساريه عراقيه
- ألا يستحق المثقفون العراقيون ( العرب) من الأكراد منحهم حقيبة ...
- إنتخبوا ( الطبيب الجوال ) .... إنه القول والفعل
- عندما تصادر المحاصصة الحزبية إرادة الأغلبيه
- قائمة ( مدنيون ) وأخواتها........قائمة التغيير والبناء
- هل يفلح مجلس النواب في الخروج من عنق زجاجة المحاصصه ؟؟؟
- هل من رؤيه عراقيه حقيقيه للأتفاقيه الأمريكيه العراقيه بعيداً ...
- صرخة بنت الرافدين المدويه...... لاتنسوا من نحن !!!
- التوافق المنقوص
- أيها ( الشيوعي ) الأخير ..... إنه ليس وقت الشماته


المزيد.....




- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- الغاوون.قصيدة مهداة الى الشعب الفلسطينى بعنوان (مصاصين الدم) ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
- “شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا ...
- تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان المعموري - البورتريت الأخير لنيلسون مانديلا