أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد الصادق - فقه التطبيع















المزيد.....

فقه التطبيع


محمد الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 6751 - 2020 / 12 / 3 - 23:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


رَهَن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه ليهودي،
ولم يقل له احد: ان الحرة تجوع ولا تاكل بثدييها!!
ورهْن الدرع لليهودي جاء في حديث لأم المؤمنين عائشة:
(توفي رسول الله (ص) ودرعه مرهونة عند يهودي..
بثلاثين صاعاً من شعير).
أخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه
وأحمد وابن حبان وغيرهم، وقد صححه الألباني.

الحديث اثار تساؤلات اهل الفقه،
الرسول يرهن درعه مقابل الطعام؟؟!!
لقد رأوا في ذلك اثبات لحاجة الرسول (ص) إلى اليهودي،
مع ان الرسول كان حاكم المسلمين،
وكانت البلاد في يسر،
قالوا مستغربين: الدرع سلاحه واليهودي عدوه !!!
وقالوا: اذا كان قائد الدولة محتاجاً، فكيف بالرعية؟
وقالوا: كيف يكون في المدينة يهود وقت وفاته (ص)
مع أمره(ص) بإخراجهم من جزيرة العرب؟
وكيف يتعامل معهم وقد أمر بإخراجهم؟؟!!!

الفقهاء استنبطوا من الحديث أحكاماً عدة، منها:
جواز التعامل مع غير المسلمين، ولا سيما أهل الكتاب.
وجواز التعامل مع من يشوب ماله بعض الحرام كاليهود.
وقالوا ان في الحديث دليل على وجود بعض اليهود في المدينة.
وقال البعض ان الرسول لم يكن محتاجا،
وانما فعل ذلك لبيان جواز التعامل مع اليهود،
وقال اخرون انه لم يرد ان ياخذ من المسلمين ،
لانهم سيرفضون ان يسدد لهم.
ولم يجد البعض بدا من ان يستدل بالحديث علي سماحة ومرونة الاسلام،
في تعامله مع المسلمين وغير المسلمين.

نعم الاسلام دين سماحة ورسوله نبي الرحمة،
ومن ذلك تعلم صحابته،
فالفاروق الذي عرف عنه الحزم والشدة عطل احكام الشريعة،
وذلك عندما افتقر الناس،
فلم تصدر الفتاوي بانه قد خان الله ورسوله.

الدول تتعاون مع بعضها من اجل تحسين اقتصادياتها،
واسرائيل و امريكا من اكبر الدول المتميزة اقتصاديا،
والاقتصاد اصبح اليوم يعتمد اساسا علي العلاقات بين الدول،
ولا يمكن لدولة ان تعيش بمعزل عن الدول الاخري.
كل الشعوب العربية تعاني اليوم من ضوائق اقتصادية،
ان المضطر يركب الصعب،
والاضطرار -فقهيا- له احكام مختلفة،
فعند الاضطرار يحل للمرء كل ما كان محرما،
فيحل أكل الميتة والدم ولحم الخنزير:
(فمن اضطُر غير باغ ولا عاد
فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم).

القاعدة العامة ان تكون العلاقات طبيعية،
والاستثناء ان تكون العلاقات غير طبيعية،
والرسول كانت علاقاته طبيعية مع اليهود،
بدليل معاملة الرهن.
كنا نظن ان مقاطعة اسرائيل تخدم القضية الفلسطينية،
ولكن مع مرور الزمن تعقدت القضية،
الفلسطينيين انفسهم ليسوا علي قلب رجل واحد،
والعرب تفرقوا ايدي سبأ.

السياسة تتغير،
وكل شي يتغير،
ما كان يضرني بالامس ربما يصلحني اليوم،
الرافضون للتطبيع لا يجنحون الي العقل،
مجرد عواطف واتباع لدين الآباء،
انهم يرددون آيات قرآنية بلا فهم،
وهم يخرجون هذه الآيات من سياقها،
هذه الايات ذُكرت لها اسباب نزول معينة،
فاية الممتحَنة مثلا: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}
نزلت في كفار قريش وهذا ظاهر من الاية:
"قاتلوكم" "واخرجوكم" جاءت بصيغة الماضي،
واية المائدة: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود}
قال المفسرون انها نزلت في قوم من أهل الحبشة
أسلموا حين قدم عليهم مهاجرة المسلمين.

يقولون ان يهود اليوم ليسوا كمن تعامل معهم الرسول (ص)،
وهذا صحيح،
ولكن هذا يدحض حجتهم نفسها،
فالاسرائيليون اليوم ابعد نسبا من احفاد قتلة الانبياء،
اولئك الذين تعامل معهم الرسول،
والاسرائيليون اليوم فيهم مسيحيون ومسلمون ودروز،
وسامريون وبهائيون ولا دينيون،
وحتي الغالبية اليهودية اغلبهم ليس له علاقة فعلية بالدين،
والدولة تظهر علي انها تحترم الاقليات،
نعم هناك نخبة قليلة مهووسة باوهام واساطير ..
مثل يهودية الدولة والنقاء العرقي والشعب المختار،
وهي افكار لا تكاد تقنع الاسرائليين انفسهم،
والعالم اليوم يستهجن تلك الدعاوي العنصرية،
والناس يعيشون فيما يشبه قرية صغيرة..
وربما تختفي خلال عدة عقود الحدود السياسية،
ويصبح من حق الجميع الاقامة والعمل والتنقل في اية بقعة من بقاع الارض.

ان استمرار مقاطعة اسرائيل يصب في مصلحة العنصريين المتطرفين،
وللاسف هناك متطرفون في كلا الجانبين،
وهم من ذوي "الاتجاه الواحد" والفكر المتحجّر،
وهؤلاء واولئك يتشابهون في افكارهم،
يعتقد متطرفونا ان الاسلام دين للعرب وحدهم!!
ويعتقدون الا سبيل سوي الرجوع للوراء..
وحمل السيف وركوب الاحصنة وغزو العالم!!
حتي يصبح للاسلام رقعة كبيرة من الارض!!
هذا الفهم هو الذي جعل المسلمين يتخلّون عن وظيفتهم الرئيسية،
و التي هي الدعوة الي الله،
مما جعل الغالبية العظمي من سكان الارض لا يعرفون ربهم
بعد خمسة عشر قرنا من نزول القرآن،
فنتيجة لتصرفات بعض المسلمين..
تكونت للمسلم وللاسلام صورة مشوهة،
ويكفي ما نراه اليوم من تناحر بين المسلمين انفسهم،
فيي ليبيا والصومال والعراق وسوريا واليمن وافغانستان والسودان،
والآن بعض الجماعات المنتسبة للاسلام..
يوجّهون صواريخهم وطائراتهم المسيرة تجاه قبلتهم التي يصلون اليها.

عندما ووجه الاسلام في بداياته من كفار قريش..
طلب الرسول (ص) من الصحابة الهجرة الي الحبشة..
ثم كانت هجرته الي المدينة بعيدا عن مكة،
احب البقاع اليه والتي بها الكعبة المشرفة،
ولكن بعد فتح مكة لم يمكث بها،
وانما رجع الي المدينة،
واقام بها حتي انتقل الي الرفيق الاعليي،
فالاسلام لم يخض حربا من اجل الأرض،
بل حارب في نطاق ضيق من اجل الحرية والسلام والعدالة،
وكانت تلك الحروب بأذن الهي وباشراف رباني.
انتهت بان عرف كل اهل الارض بالاسلام،
ثم اخذ المسلمون بعد ذلك يهاجرون الي كل انحاء العالم،
فرادي وجماعات،
يبشرون بتعاليم الأسلام،
العدل والحرية والانسانية،
ومعظم الصحابة وتابعيهم ماتوا بعيدا عن ديارهم،
يقول تعالي:
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ
قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ
قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ
فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)

الاسلام دين يمتاز بالمرونة،
ويواكب تغيرات الحياة وتطوراتها،
والتخفيف منهج لا يخفي علي احد.
في البدء كان علي عشرين من المسلمين ان يغلبوا مائتين،
ثم كان التخفيف الي نسبة مائة الي مائتين،
ولذلك كانت اعظم معركة هي انسحاب جيش المسلمين في مؤتة،
والرسول (ص) منع زيارة القبور ثم اباحها،
ومنع تابير النخل،
ثم عاد وقال: (انتم اعلم بامور دنياكم)،
وتدرج حكم الزنا من الرجم الي الحبس ثم الجلد،
ويوم اكمل الله الدين اباح اشياء كانت محرمة..
حتي ينفتح المسلمون علي الناس كافة في كل العالم:
{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ
وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}.

فاباح لنا طعام الذين اوتوا الكتاب،
واباح لنا محصناتهم،
واباح لهم طعامنا،
واباح لهم محصناتنا.
فتقدير الكلام:
و(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ) "حل لهم،
(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) "حل لكم"،
هذا في القرآن،
ولكن دين آبائنا مختلف بالطبع!!



#محمد_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمر الله بالاحسان الي ذوي القربي.. قراءة جديدة
- كشف الايهام في الاستدلال علي بقاء الرجم في الاسلام
- السعودية: حول إمكانية صعود حركة فاشية


المزيد.....




- فيديو لمطاردة جنونية بين الشرطة الأمريكية وشاحنة مسرعة على ط ...
- دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض ...
- أول تعليق من حماس على قرار تركيا بوقف التجارة مع إسرائيل.. و ...
- صحيفة أمريكية: خطط الصين لإنشاء محطات كهروذرية عائمة تثير قل ...
- بوتين ورحمون يبحثان تعاون روسيا وطاجيكستان في مكافحة الإرهاب ...
- جونسون يقع في حفرة حفرها بيديه
- نيويورك تايمز: هذه شروط التطبيع السعودي الإسرائيلي والعائق ا ...
- في -سابقة عالمية-.. رصد -إنسان الغاب- وهو يعالج نفسه من إصاب ...
- إسرائيل تترقب بحذر صفقة عسكرية فريدة من نوعها بين تركيا ومصر ...
- سحب دخان سام في سماء برلين والسلطات تصدر تنبيهات تحمل علامة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد الصادق - فقه التطبيع