أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جدعان الشايب - قراءة انطباعية في قصيدة ما الجدوى؟ لحمزة رستناوي















المزيد.....

قراءة انطباعية في قصيدة ما الجدوى؟ لحمزة رستناوي


أحمد جدعان الشايب

الحوار المتمدن-العدد: 6737 - 2020 / 11 / 19 - 18:13
المحور: الادب والفن
    


قصيدة ( ما الجدوى؟ ) هي القصيدة الأولى في مجموعة ( مطر سيطرق باب نومي) للشاعر السوري حمزة رستناوي.
قرطاس الزمن المفقود يداعب أفكاري/ ودواة الحبر الباسق تزهو/ أتفيا تحت بكارتها
وأمارس قلقلة التاريخ / لأعلن شاهدة الروح على المنبر/ خذ نسلك والتمس العسكر
لا أحد يذكرها / كانت أوبار صنوبر.
منحنيا يتجول فيه العمر / يطأطئ رأس عجيزته / ويبادر أن يسأل/ آن ترجل عمرك
يبقونك أياما وليالي/ جيفة وحش ينغل فيك الدود/ أبصار رفاقك تنكر/ تستسلم/ دربك وجه الموءودة / قبرك مفقود !
كل سريرك يفنى/ يتبقى بعضك/ يا هذا أحكمت الروح إلى الجدران / رثاؤك ظل جنونك
ورباط فتونك عالج هذا الفعل بلا جدوى.
منحنيا يتجول فيك العمر/ سيسأل مقصلة الموت ويمضي/ يتخيل في ذرات اللحظة
كيف يسير إليها/ ماضيها كان جميلا/ درب حكايتها عرفان/ بسمتها فيض وغنوص
بسمتها تطغى.
حبك في جب شردني/ أوشك أن أسأل / ما الجدوى.. ما الجدوى/ أن تعشق في الجيفة ضدين؟.
...................
كما تعودت دائما حين أتناول قصيدة او ديوانا كقارئ، أذكر بأني لست ناقدا أكاديميا متخصصا، ولكني أقدم رؤية انطباعية وحسب. يقول قدامة بن جعفر: ( الشعر كلام موزون مقفى يدل على معنى.. وإن الوزن والقافية وحدهما لا يصنعان شعرا ). ويؤكد هذا الرأي التراثي.. رأي حداثي أيضا للإدغار ألان بو.. يقول: ( لا يجب أن يكتب الكاتب كلمة واحدة لا تخدم نصه او فكرته ككاتب). لكن هنا وفي اماكن ونصوص كثيرة، قد نجد كلاما كثيرا غير موظف للمعنى الذي نتوقع الحصول عليه أو الوصول إليه. مع أنه من وجهة نظر الكاتب صاحب النص قد جاء في مكانه وموقعه الصحيح والمناسب ..وينطبق علينا قول أبي تمام( لماذا لا تفهمون ما أقول؟).
وكلما توجهنا نحو الحداثة يزداد غموض النصوص والمعاني التي يصعب الوصول إليها، وقد يكون السبب فينا نحن كما قال ابو تمام، لأننا نستسهل التسطيح والمسطح، والجاهز لالتهامها دون شبع.
وفي رأيي لا فرق أبدا بين قصيدة طويلة أو قصيرة، كل ما فيها معروف ومكرر ومتداول عبر قرون ولم تضف شيئا.. وبين قصيدة حداثية ذهنية مغرقة حتى شعر شعرها بالإبهام والغموض والدهاليز المعتمة. مع أن من حق الشاعر أن ينحو نحو الغرائبية، التي تؤدي إلى الإدهاش، فيها الجديد، وتنبئ عن إبداع حقيقي، وتتفرد في طريقة طرح فكرتها وموضوعها، لتكون منتسبة للأدب باعتزاز وباعتداد.
يقول الناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو: ( كلما اتجهت نحو الغرائبية كانت كتاباتك أدبية بحتة). بمعنى ان نفرق بين مقال صحفي خبري أو ريبورتاج في صحيفة.. وبين نص أدبي .
كان بودي أن أقدم رؤيتي النقدية حول كامل الديوان ..وسأفعل ..ولكن الوقت مهلك للرغبات.. بالتدريج قصيدة فقصيدة أو كل عدد منها معا ، حتى انتهي من الاطلاع على كامل قصائد هذا المؤلف الابداعي الشيق.
لم أكتشف بعد، لماذا كلما قرأت هذه القصيدة وانتهيت منها، اغلقها لأبتعد عنها إلى شأن آخر، أجد نفسي أردد بعض أبياتها أو جملها أو مقاطعها، وسرعان ما أعود إليها لأفتحها وأعيد قراءتها. تشدني إليها، ولكن في نفس اللحظة أشعر بانهدام جدار المقطع فجأة، إذ لا أندمج اندماجا فكريا كليا، ولا فنيا في توالي او تتالي بناء القصيدة، وكما قال اسماعيل فهد اسماعيل ( القراءة هي معايشة نسبية للنص). حقا هذا القول ينطبق تماما علي، لأني لم اتعايش كليا مع الانقطاع احيانا، أو مع كثرة الإحالات التي توهمك أنك عثرت على الرمز أو المعنى المهم، لتجد كفا تمتد في عتمة تتلألأ فيها بقع ضوء بعيدة ، لتسحبك باتجاهها، فرحا، متوهما أنك قبضت على كنزك المبعثر. لم أتوقع تفكك أفكاري، أو فقداني كقارئ مهتم بفكر وأدب شعر حمزة رستناوي. لكني مع ذلك أستمتع بمحاولات الغوص في لحظات ومعاني الشاعر اثناء اللذة التي كان يتعذب بها وقت تدفق الوحي الشعري، رحماني كان او شيطاني، حسب رأي هنريك إبسن اذ يقول:( ان كتابة قصيدة أشبه باقامة جلسات تعذيب للروح). ولقد قال سقراط للشاعر يوما( إن هناك شيطانا يحركك.. انك لست بالصنعة الفنية تشدو أيها الشاعر.. بل بقوة شيطان الشعر).
في المقطع الأول نقرأ: قرطاس الزمن المفقود يداعب أفكاري / ودواة الحبر الباسق تزهو
أتفيا تحت بكارتها/ وأمارس قلقلة التاريخ/ لأعلن شاهدة الروح على المنبر.
................
حتى هنا يسحرك البناء الشعري المُعبِّر، وموسيقاه الداخلية المتدفقة من عاطفة نبيلة.
ولكن سرعان ما أتخلخل حين أقرأ بعده شطرة. ( خذ نسلك والتمس العسكر). لمن هذا الأمر؟ هل للتاريخ هل للدواة؟ أم لقرطاس الزمن المفقود؟.. أم للمنبر؟.
ثم يقول بعد هذا الأمر ( لا أحد يذكرها كانت أوبار صنوبرْ).
......................
اتساءل هنا ومن حقي كقارئ أن أعرف بالحس وليس بالمعنى المباشر ، من أو ماهي التي لا يذكرها أحد.. وقد كانت أوبار صنوبر؟. فهل هي دواة الحبر الباسق مثلا؟.
- قصيدة جميلة ، حين تعود إليها لتقرأها، لتجد عبارة ما تستدرجك إليها لتكون مفتاحا أنيقا يكشف لك ما تحتويه المساحة الضيقة المبهمة. ربّما كان افضل لو حدد نوع العنصر المقصول، فيقول مثلا( مقصلة الجيد.. أو مقصلة الأعناق ). لأنها تقصل ليحدث الموت ، لكنها لا تقصل الموت لأنه نتيجة. ( سيسأل مقصلة الموت ويمضي).
ثم يصف العمر المتجول فيه، أو في الزمن ! يصف المقصلة وأفعالها وصفا جيدا وماضيها الجميل.. ودرب حكايتها عرفان، ما يعني أنها تبحث عن المعرفة التي تهتم بفهم الاشياء المقدسة للحصول على كيفية الخلاص الروحي. كما أنه يصف بسمتها بفيض من الرضى الذي توصل إليه فلاسفة الغنوصية اصحاب النزعة الدينية الصوفية، التي تهتم بتحصيل المعرفة حتى الوصول الى الغاية، وهي معرفة الله.
القصيدة بسيطة التراكيب، عميقة المعاني في كليتها ، وفي مقاطعها، وفي جزئياتها. لقد اتكأ الشاعر على الاسطورة في ازمنة وامكنة متغايرة ، لكنها عالمية وانسانية. يقول: ( دربك وجه الموءودة). حيث يسقط التعبير القرآني للطفلة الموءودة ..على الدرب الذي عليك ان تسير فيه للوصول الى العرفانية والغنوصية وراحة النفس والروح، لتجده متجهما مكفهرا ومندثرا.
ويقول أيضا ( حبك في جبك شردني). أيضا هو اسقاط قرآني ..أو اتكاء على اسطورة يوسف وأخوته الذين أضاعوه وشرّدوه حين رموه في جب.. دون ان يدافع عنه ربه لينقذه فورا. وبقي تائها ضائعا زمنا كاد فيه يفنى.
في نهاية القصيدة ، يطرح تساؤلا ذكيا، أو يوشك أن يطرح سؤالا ( أوشك أن أسأل / ما الجدوى.. ما الجدوى/ أن تعشق في الجيفة ضدين؟) ما الجدوى أن نؤمن في ذات اللحظة بالخير والشر؟ بمعنى أن علاقة الله بمخلوقاته تتجلى فقط بسيادة الخير وانعدام الشر.........وإني اتفق معه تماما، إذ المطلوب منا أن نسعى للتخلص من أي شر او اي نوع من أنواع الموجودات المؤدية الى حدوث أي شر ، حتى لو ازيلت من الوجود جميع المخلوقات الشريرة بطبيعتها. لأنها تنتج فعل الشر..وبغير هذا لن يسود الخير.
-
*مطر سيطرق باب نومي- شعر- حمزة رستناوي- دار موزاييك 2019- استانبول – تركيا.



#أحمد_جدعان_الشايب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جدعان الشايب - قراءة انطباعية في قصيدة ما الجدوى؟ لحمزة رستناوي