أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جوان آشتي - العراق, إذ تُهدَر هويته وتُفرَض الوصاية على دوره















المزيد.....

العراق, إذ تُهدَر هويته وتُفرَض الوصاية على دوره


جوان آشتي

الحوار المتمدن-العدد: 472 - 2003 / 4 / 29 - 03:33
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

تحدَّث المعتَلون المنابر الإعلامية العرب ـ المحللون الاستراتيجيون ( السياسيون والعسكريون ) وبعض الرسميين وكذلك الهاتفون بخطبهم النارية على أسماع حسناوات الأقنية العربية ـ وللأمانة نقول بأننا في الكثير من الحالات لم نلحظ فوارق في مستوى ( التحليل الاستراتيجي ) بين حسناوات الأقنية والمحللين الضيوف, سوى أنَّ هؤلاء الأخيرين كانوا يحفظون طرز الأسلحة المستخدمة وتشكيلات جيش الحلفاء بشكل أفضل من مستضيفاتهم. نقول لقد تحدَّث هؤلاء, مطولاً, نيابةً عن الشعب العراقي, عن المقاومة التي سيبديها الشعب العراقي في وجه الغزاة فتوقِعهم في مستنقعٍ رهيب, وعن الخطط ( الاستراتيجية ) للقيادة العراقية التي ستفرض على الغزاة المكان الذي ( سينتحرون ) فيه, أمَّا وقد أظهر الشعب العراقي بأن لا الدفاع عن الطاغية قضيته, ولا القتال إلى جانب التحالف موقعه, وتبيَّن بأن خطط النظام العراقي ليس لها وجود إلا في حنجرة صائد الطائرات ( مثل السمكة البسيطة ) ـ أعتقد أنَّكم عرفتموه, إنَّه صاحب قاموس مالئ الفضائيات بالشتائم والبذاءات ـ .
فيتباكى هؤلاء, الآن, على الهوية العربية للعراق, ويرسمون ( استراتيجياً ) الدور العراقي المطلوب ـ دون أن تعني خيبة تحليلاتهم لهم شيئاً طالما أنَّ الأقنية لم تفسخ عقودها معهم, اللهمَّ إلا خيبة أمل بعضهم من سرعة انتهاء الحرب, الأمر الذي يُقصِّر آجال هذه العقود ـ
وفي حين أنَّ التركيز والتشديد على عروبة العراق وشعبه يحتوي على إهدار لهوية هذا البلد الموغل في التنوع والثراء الحضاري, فإن محاولات رسم دوره بالاستناد على هذه الهوية العروبية الصرفة تنطوي على محاولة فرض الوصاية على هذا الدور الذي ينبغي أن يناط بالشعب العراقي.
فالذين لا يرون في العراق إلا وجهه العربي, يتجاهلون ( ونعتقد بأنَّ بعضهم يجهل كذلك ) بأنَّ العراق بمساحته البالغة 434924 كم مربع, يضمُّ ما يقارب 75... كم مربع من كردستان ( إقليم كردستان العراق ), ( ما يقارب 17% من مساحة العراق), وبأنَّه بسكانه البالغين ما يقارب الـ 21 مليون نسمة يضمُّ ما يقارب 64 تكويناً إثنياً ودينياً مثل العرب و الكرد و التركمان و الكلدوـ آشوريين والصابئة والشبك و اليزيديين و الكاكائيين و الصارليين و الباجوران والفرس والأتراك و الشيشان واليهود و الفيلييين ...إلخ . الأمر الذي يمنح العراق في هذه التعددية الثقافية ثراءً حضارياً وريثاً لأكثر من سبعة آلاف سنة, كان جنوب العراق ووسطه عبرها مهد الحضارات السومرية والأكادية والبابلية... وشماله مهد الحضارات السوبارية و الميدية ...  
وهذا التنوع الاثني والثقافي والديني والمذهبي يتراءى في العراق, على المستوى الاجتماعي, في مشهد من التوافق والتآلف والتداخل, على الرغم من التفجير الذي مارسته الأنظمة القوموية الشمولية التي شكَّلت الحقبة البعثية الصدامية ذروة طغيانها, على المستوى السياسي من خلال سياسات التعريب والتبعيث والتطهير العرقي وتجريد حملات الإبادة المنظَّمة ( مجزرة حلبجة والأنفال نموذجاً ), وحظر الطقوس والشعائر لصالح طقوس وفرائض الطاعة للطاغية, حيث ظلَّت العلاقات والروابط التي تضمُّ مكونات النسيج الاجتماعي العراقي أقوى من أن تتمزق أمام هذه الممارسات, ولنا أن نورد هنا نموذج المسألة الكردية حيث عجزت الأنظمة الديكتاتورية عن أن تنجح في جعل الصراع عربياً ـ كردياً.
فلماذا إذاً هذا التحريض على محاولة إضفاء الأحادية الإثنية والدينية على الهوية العراقية ؟ لماذا هذا السعي إلى إلباس العراق ثوباً وحيد اللون, قسراً على  الطريقة الصدامية ؟ كان صدام يوغل في استفزاز سكان أكثر أحياء بغداد مناهضة لسياساته حينما أطلق اسمه على هذا الحي, ولكن ذلك لم يمنع من أن يكون ذلك الحي هو الأول في الانتفاض على نظامه وتغيير اسمه . وكذلك كان الأمر مع أكبر أصنام صدام في مدينة كركوك الكردستانية حينما ألبسه الزي العربي التقليدي في استفزازٍ لمشاعر الكرد و التركمان والكلدو ـ آشوريين الذين يشكلون أغلبية السكان في هذه المدينة, وفي إساءة للعروبة حينما تُستخدم في تجريح مشاعر الآخرين, إلا أنَّ ذلك لم يمنع العرب من الابتهاج بإحراق هذا التمثال. لماذا إذاً تُعتبر الهوية العراقية الضامَّة لكل مكوناتها انتقاصا وعاراً لهذه الهوية ؟
ولنا أن نسأل, هنا, ما مدى مصداقية من يرفض الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة ويسكت على سياسة التعريب في المناطق الكردستانية ؟ ليس مساواة للعروبة بالصهيونية, وإنَّّّّّّّّّّّّما لأنَّ الممارسة واحدة . وما مدى مصداقية التمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين المعذَّبين, والسكوت عن عودة المهجرين قسراً من غير العرب إلى ديارهم التي سُلبت منهم عنوة ؟ 
إنَّ أثْننة الهويات جوراً باتت من مخلفات الماضي البغيض للغلاة, والدولة الإثنية المغلقة سقطت حتى في المهد الذي كبَّرت هذا النموذج, لا بل أنَّ حتى الدولة ـ الأمة التي بزغت وترعرعت في أوروبا وباتت مثلاً يحتذى, تتعرض الآن لإعادة النظر, وتُعاد صياغة الدساتير وتُعدَّل في العديد من بقاع العالم بهدف تليين هذه النواة الصلبة وإعادة اكتشاف أو تعريف الهوية بما يضمن حق مكونات هذه الهوية في التعبير المتكافئ عن ذاتها.
لقد انتقل العراق من حقبة الطغيان والاستبداد إلى أفق جديد يستدعي أن يُترك العراقيون ليقرروا مصيرهم ومستقبلهم وفقاً لهويتهم الحضارية المتنوعة والثرية التي يدركها العراقيون والتي سيعبرون عنها بصيغة دستورية معادلة لها تضمن التمثيل العادل لمكوناتها ليردموا الفجوة التي عمَّقتها الديكتاتورية طويلاً.
إنَّ كل من تجاهل معانات الشعب العراقي وسكت عن مآسيه التي تُعبِّر عنها المقابر الجماعية والسجون السرية التي لم يُكتَشف منها حتى هذه اللحظة إلا القليل, ليس يفتقد المصداقية في تباكيه على الشعب العراقي ومستقبله فحسب بل ولا يحقُّ له ذلك, وإنَّما يحق له التباكي على قصور القائد ( الضرورة ) التي تخلو الآن من حكايات مليون ليلة وليلة !
وفي حين لم يتجرأ العفالقة بكل غلوائهم على إلغاء المادة الخامسة من الدستور العراقي التي تنصُّ على أنَّ العراق بلد قوميتين رئيسيتين ( العربية والكردية ), وأقليات أخرى, يبقى العراق دولة ( عربية ) على ذمَّة كلوفيس مقصود ! وفي حين يرفع المتظاهرون في بغداد ( هذه أول مرة يتظاهر فيها العراقيون منذ عقود ) لافتات كُتبت عليها : مسيح وعرب وأكراد عاصمتنا بس بغداد . يصرخ المعتَلون المنابر بأنَّ العراقيين ( كلُّ العراقيين ) أكثر العرب نقاءً في العرق !
في هذه اللحظة التي تتاح فيها الفرصة للعراق كي يُظهر الوجه البهي لحضارة التنوع في المنطقة لا يحقُّ لأيِّ كان, عربياً كان أو كردياً أو سواهما أن ينزع لوحة الفسيفساء الجميلة هذه ليُعلِّق بدلاً عنها قطعة قماشٍ وحيدة اللون أياً كان هذا اللون.
ومثلما يجهد المهجوسون بنقاء العرق في صبغ الهوية العراقية بنقي عظم أوحدٍ, يكدُّون في مساعي رسم دور العراق بالنيابة عن الشعب العراقي, هذا الدور الذي يُقسم فقهاء التحليل الاستراتيجي القومويين بأن العراق ما كان ليُستهدف, لولا الدور العظيم الذي كان سيلعبه في القضايا ( المصيرية ) للأمَّة !
بالله عليكم تعالوا نتساءل ما هو الدور ( العظيم ) الذي لعبه عراق ( أبي عدي وقصي ) في القضايا المصيرية للأمَّة ؟
ألم يُشغل النظام, بنفسه, العراق عن هذا الدور المفتَرض ؟
إلا إذا كانت الحرب الثُمانية مع إيران والحرب المفتوحة والدموية ضد الشعب الكردي, واحتلال الكويت ولعب دور جيري مع العم سام ( عفواً توم ) طيلة عشر سنوات, وقبل كلِّ هذا سياراته المفخَّخة ( هديةً ) ( لأشقائه) العرب, نقول إلا إذا كان كلُّ هذا دوراً عظيماً في قضايا الأمَّة المصيرية !
لقد أوصل صدام عدد حلقات مسلسله ( حرب الخليج ) إلى ثلاثة, ولو أنَّ الشعب العراقي كان يشاهد الأقنية العربية ( لم تكن هناك صحون لاقطة في العراق حرصاً من القائد المفدى على أخلاق شعبه من الفساد ـ يا حريص يا حنون! ـ) ويسمع تحليلات منظِّري ( المقاومة ) ويأخذ به الحماس فيغدو كل مواطن عراقي قنبلة تفجِّر دبابة, لمُنح القائد ـ المنصور,  نبوخذ نصر العصرـ ( على ذمَّة جوقة المدَّاحين ), فرصة ليترك المخرج السوري نجدت أنزور, بمطولاته, في منتصف الطريق. ولكنْ دائماً في غير اتجاه المعركة المصيرية.
في الواقع أنَّ الدور العراقي في القضية العربية الأهم, لم يرتق في ظلِّ صدام إلى مستوى دولة صغيرة ( بمساحتها وعدد سكانها ) مثل لبنان الذي قاومت عاصمته بيروت الحصار الإسرائيلي أكثر من ثمانين يوماً دون أن تكون هناك دولة بالمعنى الحقيقي للدولة . لا بل لم يرتق هذا الدور إلى مستوى دور حزب من أحزاب هذا البلد هو حزب الله الذي ساهم في توفير معطيات سياسية أفضت إلى انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان .
إنَّ الدور العراقي المقبل يتكفَّله الشعب العراقي المثخن بجراح عقود من الاستبداد والطغيان, وسيحتاج هذا الشعب إلى وقت طويل ليتعافى من جراحه, وهو إذا كان يحتاج إلى المساعدة لتجاوز مآسيه, إلاا أنَّه بغنى عن الأوصياء عليه والناطقين نيابة عنه . ويبقى تساؤل الشاعر العراقي ليس مشروعاً وحسب, بل ومعبِّراً بعمق حينما قال: كم من السنين ستحتاج يا عراق لتكنِّس ما خلَّفه البعثيون في أرضك ؟  

جوان آشتي ـ كاتب كردي سوري



#جوان_آشتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جوان آشتي - العراق, إذ تُهدَر هويته وتُفرَض الوصاية على دوره