أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عطا أبورزق - نظرة إلى المستقبل















المزيد.....

نظرة إلى المستقبل


عطا أبورزق

الحوار المتمدن-العدد: 6712 - 2020 / 10 / 23 - 14:36
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


"ألفين توفلر" المفكر الأمريكي وعالم الاجتماع المتميز الذي ولد في 4/12/1928م وتوفي في 27/6/2016م، أحد مؤسسي "علم المستقبل"، أبهر وأذهل صناع القرارات السياسية والاقتصادية وراسمين الخطط الاستراتيجية لدول العالم المتقدم، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية بتنبؤاته المستقبلية ، حيث أوقعت أثراً كبيراً في مجمل قراراتهم ورسم خططهم المستقبلية.
عمل "ألفين توفلر" محاضراً في جامعات أمريكا وقد درس العديد من رؤساء العالم من ضمنهم ميخائيل غورباتشوف أخر رؤساء الاتحاد السوفيتي، والرئيس الهندي "أبو بكر زين العابدين" ورئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد. وصفته مؤسسة أكسنتور للاستشارات الإدارية بأنه ثالث أهم شخص بين رواد الإدارة في أمريكا بعد بيل غيتس وبيتر دراكر. كذلك أطلق عليه في الجريدة البريطانية فاينانشال تايمز بانه "أشهر عالم دراسات مستقبل في العالم". كما صنفته صحيفة الشعب اليومية الصينية بين خمسين أجنبي الذين ساهموا في صياغة الصين الحديثة. وجاء في الصحيفة الصينية بالنص: "على مر تاريخ الصين الطويل، فان العصر الذي بدأ من عام 1840 تميز بأكبر وأسرع وأشرس وأعقد تغيير في تاريخ الصين. وقد كان هناك الكثير من الأجانب الذي كان يمكن أن يؤثروا في تلك الفترة بالذات. لكن بشكل عام فهناك خمسون منهم بلا شك قد قدموا أفضل وأكبر تأثير برهن على الميزات التاريخية التي تصادمت بها الصين مع العالم".
لقد تنبأ "الفين توفلر" في كتابه "حضارة الموجه الثالثة" الذي تم نشر الطبعة الأولى منه في العام 1990م بدخول العالم في الثورة التقنية الهائلة، التي تجسدت، أكثر ما تجسدت، في ثورة الاتصالات والإنترنت والثورة الرقمية، وتنبأ بتأثيراتها الاجتماعية التي بدأت في الظهور في المجتمع الأمريكي والغربي عموماً منذ وقت مبكر، من ضمنها العزلة الاجتماعية، وانهيار دور الأسرة البيولوجية، وتغيير القيم الاجتماعية والأخلاقية السائدة. وبدأت نتائج هذه التأثيرات تبرز بشكل أكثر وضوحاً وجلاء في مجتمعاتنا العربية مؤخراً مع اجتياح جائحة كورونا (كوفيد 19)، إذ الزمت عمليات الحجر المنزلي، والتباعد الاجتماعي العديد من المؤسسات الخدماتية والتعليمية وشركات الإنتاج الصناعي على العمل عن بعد باستخدام التقنية العالية لشبكات الاتصالات والانترنت.
لم يبني "توفلر" تنبؤاته بطريقة المنجمين وقارئي الكف والطالع الذين نشاهدهم في نهاية كل عام على شاشات الفضائيات يوزعون عل العالم تنبئاتهم ، بل بناها حسب رؤيا تحليله علميه للواقع المعاش في زمنه، وإلى مجمل التطورات التي حدثت في المجالات الحياتية بمختلف جوانبها العلمية والتقنية والاقتصادية والسياسية ودراسة اثرها الاجتماعي على المجتمع في الحقب السابقة. وقد أورد في كتابه المذكور وفي الفصل السادس عشر وتحت عنوان جانبي "الكوخ الالكتروني" جانب من رؤيته التحليلة يقول فيها:
"قبل ثلاثمائة عام عندما كانت جماهير الفلاحين تمارس الزراعة، لم يتوقع أحد أن يأتي وقت وتهجر فيه الحقول من أصحابها الذين زحفوا إلى مصانع المدينة لكسب العيش. واليوم يحتاج المرء أن يستجمع شجاعته ليقول: "ستصبح أكبر مصانعنا وشركاتنا نصف فارغة في السنوات القادمة، ولن تصلح إلا مستودعات شجية أو تتحول إلى أماكن إقامة. هذا هو منظور نظام الإنتاج الجديد الذي يجعل عودة الإنتاج في الكوخ أو المنزل ممكنة، ولكنها ستكون مقامة على أسس وقواعد الكترونية متقدمة. وبالتالي فهناك تأكيد جديد على أن البيت هو مركز المجتمع، إلا أن الإيحاء بأن معظم الناس سيمضون سحابة وقتهم في بيوتهم بدلاً من الذهاب للمصنع أو المكتب يثير عاصفة من الإعتراضات. فهناك العديد من الأسباب المنطقية التي تثير ارتياب المرتابين: إن الناس لا يرغبون بالعمل في بيوتهم حتى لو استطاعوا لذلك سبيلا ... ويضرب "توفلر" مثل عن نضال النساء للخروج إلى العمل فيقول: "أنظر إلى المرأة كيف تكافح "لتخرج من البيت إلى الوظيفة!" كيف ستؤدي عملاً والأطفال يلهون من حولك. ويضيف: "لن يكون عند الناس حافزاً للعمل مالم يشعروا بوجود رئيس عمل يشرف عليهم". والناس يحتاجون إلى احتكاك مباشر مع بعضهم لتطوير الثقة والثقة بالنفس الضروريين للعمل الجماعي. "إن الهندسة المعمارية للبيت ليست مناسبة لذلك". ولكن ماذا تعني بالعمل في المنزل – وهو الموقد الإنفجاري في كل أساس؟". ستقتل النقابات هذه الفكرة. " ماذا عن جابي الضرائب؟" وتبقى العقبة الرئيسية للجميع ماذا؟ أتريدني أن الزم البيت طوال اليوم مع زوجتي؟!" حتى كارل ماركس كان ليكشر معترضاً. إذ قال: إن العمل في البيت كان شكلاً رجعياً من أشكال الإنتاج لأن ((التكتل)) في مُحترف واحد كان "شرطاً ضرورياً لتقسيم العمل في المجتمع". وباختصار، كانت هناك، وماتزال، الكثير من الأسباب (والمبررات الزائفة) التي تعتبر أن الفكرة جملة وتفصيلاً سخيفة وغير معقولة.
إن ما ذكر يفيد بأن الأيام القادمة حبلى بالمتغيرات الدراماتيكية، التي علينا الاستعداد لها، وأن ما كان يصلح قبل عام لم يعد يصلح الأن ولن يكون صالحاً بالمطلق غداً، لذا يتوجب علينا التفكير في حاضرنا ومستقبلنا بطريقة مختلفة عن الطريقة التي نفكر بها، أخذين بعين الاعتبار أنه ليس هناك ثبات للاشياء، وأن كل شيء متحرك ومتغير. فإذا المصنع التقليدي لم يعد له وجود كما ذكر "توفلر"، وأصحاب الياقات الزرقاء صاروا من أصحاب الياقات البيضاء، وأن مجمل الأعمال ستدار من البيت أو كما سماه من الكوخ الالكتروني، وإذا ما العلاقات الاجتماعية التي بنيت على زمن المصنع القديم تحطمت وانتهت ولم تعد قائمة؟ وإذا ما كان الجنود الذين سيواجهون المحتجين على قضية ما والذين يخوضون الحروب هم من الربوتات التي تم تصنيعها وبرمجتها والتحكم بها عن بعد، وتفتقد إلى المشاعر الإنسانية، كيف ستكون مواجهتها ؟ وإذا ما شكل الأسرة النووية (اسرة الموجة الثانية من الحضارة) اخذت في التحول إلى أنماط أخرى وفقدت خصائصها التي تميزت بها؟ أمام كل هذا وأكثر من ذلك ألا يجدر بنا التساؤل كيف سنبني مستقبلنا؟ ومتى سنلحق بركب هذا العالم الذي يقفز قفزات هائلة في مجالات التكنولوجيا وعالم الاتصالات؟ وكيف ستواجه شعوبنا التي مازالت تعيش في عقلية وأسلوب وأدوات الموجة الأولى التي عرفها "توفلر" على انها حقبة الزراعة بما تشمله من علاقات وقيم ومفاهيم اجتماعية صدمة المتغيرات الهائلة في كافة المجالات، والتي تحدث عنها بإسهاب "الفين توفلر" في كتابه السابق لهذا الكتاب والذي تم نشرة في بداية سبعينيات القرن الماضي باسم "صدمة المستقبل"؟
شعبنا الفلسطيني على مدى اكثر من قرن وهو يقاوم الاستعمار البريطاني أولاً ومن ثم الاحتلال الصهيوني، ومازال يرواح في نفس المكان إن لم يكن يتراجع في كل مرحلة عن المرحلة التي سبقتها. رغم تبدل اشكال وانماط قيادة الثورة والمقاومة الفلسطينية في مختلف مراحلها، منذ ثورة البراق 1929م- 1932م مروراً بثورة 1935-1939 بقيادة عز الدين القسام، ومن ثم الهيئة العربية العليا بقيادة الحاج أمين الحسيني، وصولاً إلى الثورة الفلسطينية المعاصرة وبروز فصائل العمل الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية حتى يومنا الحاضر. كان واضحاً لكل باحث ومتابع بأن الأخطاء التي أُرتكبت في الماضي هي ذات الأخطاء التي توالت عبر كل المراحل وحتى يومنا الخاضر. ورغم معرفة وإدراك غالبية قياداته ومفكريه ذلك إلا أنهم لم يجرؤوا حتى اللحظة على الاقدام بكل جرأة لتغير نمط تفكيرهم تجاه وسائلهم وادواتهم التي يستخدموها منذ بدء الصراع مع الغزاة والمحتلين لأرضنا والتي لم تحدث أي تغير إيجابي يمكن البناء عليه والتمسك به وخلق المبررات له. وأمام حالة النفور التي بدأت تظهر على قطاعات واسعة من شعبنا وخصوصاً في أوساط الشباب تجاه واقعها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وانسداد كل افق مستقبلي أمامها، والإحباط وخيبة الأمل لديها من صناع القرار، من المؤكد بأنه سيبرز من بين هؤلاء الشباب من يكون قادراً على الإمساك بدفة القرار، وإحداث تغيرات تلبي حاجاتهم وحاجات شعبهم وطموحاتهم التي عجزت عن تلبيتها قيادتهم السابقة. لكن يبقى السؤال متى؟ وكيف؟ قائماً.



#عطا_أبورزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف يولد العنف ويرتد على صانعيه
- عرض وقراءة في كتاب - الاغتيال الاقتصادي للأمم -، اعترافات قر ...
- عرض وقراءة في كتاب - الاغتيال الاقتصادي للأمم -، اعترافات قر ...
- عرض وقراءة في كتاب - الاغتيال الاقتصادي للأمم -، اعترافات قر ...
- عرض وقراءة في كتاب - الاغتيال الاقتصادي للأمم -، اعترافات قر ...
- عرض وقراءة في كتاب - الاغتيال الاقتصادي للأمم -، اعترافات قر ...
- عرض وقراءة في كتاب - الاغتيال الاقتصادي للأمم -، اعترافات قر ...
- عرض وقراءة في كتاب - الاغتيال السياسي للأمم -، اعترافات قرصا ...


المزيد.....




- وزير الخارجية المصري يدعو إسرائيل وحماس إلى قبول -الاقتراح ا ...
- -حزب الله- استهدفنا مبان يتموضع بها ‏جنود الجيش الإسرائيلي ف ...
- تحليل: -جيل محروم- .. الشباب العربي بعيون باحثين ألمان
- -حزب الله- يشن -هجوما ناريا مركزا- ‏على قاعدة إسرائيلية ومرا ...
- أمير الكويت يزور مصر لأول مرة بعد توليه مقاليد السلطة
- أنقرة تدعم الهولندي مارك روته ليصبح الأمين العام المقبل للنا ...
- -بيلد-: الصعوبات البيروقراطية تحول دون تحديث ترسانة الجيش ال ...
- حكومة غزة: قنابل وقذائف ألقتها إسرائيل على القطاع تقدر بأكثر ...
- الشرطة الفرنسية تفض مخيما طلابيا بالقوة في باحة جامعة السورب ...
- بوريل يكشف الموعد المحتمل لاعتراف عدة دول في الاتحاد بالدولة ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - عطا أبورزق - نظرة إلى المستقبل