أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة لمغاري - دواء الكُولُونَا! (1)














المزيد.....

دواء الكُولُونَا! (1)


حمزة لمغاري
كاتب

(Hamza Lamrhari)


الحوار المتمدن-العدد: 6690 - 2020 / 9 / 28 - 18:12
المحور: الادب والفن
    


اِستطاع فيروس كورونا أن يلزم قوما بيوتهم، بأن فرضت الحكومة عليهم إلزامية الحجر الصحي، وشددت بعقوبات حبسية، إلا أن الكورونا والحكومة أيضا لم يفلحا مع حَمَــاقَة، رغم أنه من بني قومه، فحقَّ عليه قول من شاب على شيء مات عليه، فما زال الرجل يحادث نفسه في الزُّقاق، يضحك ويلوم ذاته، بل في بعض الأحيان يُتمتم كلمات غير مفهومة أمام المارَّة غير آبهٍ بها، فسُكان البلدة يعلمون أنه قضى ثلاث سنوات في مصحة للأمراض العقلية، بسبب صدمة تلقاها من جراء فقدانه نقودا، كان قد أخفاها داخل تلفاز في منزله.

بزغ ضوء صباح أول أيام الحجر الصحي، وغادر حَمَــاقَة متكأه في غفلة عن أمره، فٱتجه مباشرة إلى الزريبة كعادته، يتربص بيض الدجاج كالأفعى، فكان له أن وجد بيضة واحدة، فسارع إلى التقاطها، مفعما بنشوة الفرح ثم تمتم ناطقا:"لا مفر لك يا بيضة"، ثم دخل المطبخ، فشرع يعد طقوس الإفطار التي ما فتئ حَمَــاقَة يعطيها حقها من الوقت في كل يوم.

خرج حَمَــاقَة من المنزل صوب السوق، إلا أنه وقف في طريقه إليه  مندهشا، يلمح الأزقة خاوية على عروشها، لا أطفال يلعبون فيها ولا مارَّة تتحرك إلى حال سبيلها، فصار الوضع كعشية يوم العيد، بيد أنه بَصَر دكان الحاج بوشعيب مفتوحا، فعرج إليه بغية سؤاله عن أحوال البلدة، فربط خيوط الاتصال معه سائلا إياه متبسما:

ـ السلام عليكم الحاج بوشعيب، هل عندك الملح؟

ـ نعم يا ٱبني، كم واحدة تريد؟

ـ إذا كان عندك الملح فٱذهب إلى المستشفى لتتداوى(ضاحكا).

ـ فصات الحاج بوشعيب غاضبا: ماذا تريد يا حَمَــاقَة الملعون في هذا الصباح؟

ـ اهدأ، اهدأ، فقط أريد أن أسألك عن سبب خلو الأزقة من الناس.

ـ فأجابه الحاج بوشعيب شارحا له بأن عامة القوم فُرض عليهم الحجر والبقاء في المنزل لطارئ صحي، إلى أجل غير معلوم، ولربما إلى غاية ٱكتشاف الدواء، فشرح له الحاج بوشعيب بما يبلغ الوُسع وفهَّمَهُ، فقاطعه حَمَــاقَة وسط حديثه بأن قال له:"وداعا الحاج بوشعيب ولا تنسى الملح!"

تسارعت خطوات حَمَــاقَة نحو العودة، فلم يعد يُحِسُّ بنصف جسده السفلي، لأن الماء تسرب إلى ركبتيه، وحال دون تحقيق مِشيته العادية، فصار يُلوِّح بالرِّجل اليمنى ثم يُتبعها اليسرى، خطوةً تلو الأخرى، فقد أفزعه خبر الفيروس الذي ٱجتاح البلدان والأبدان، وفتك الأرواح، وقلب الأفراح إلى أتراح، وفي عجلة من أمره يلتفت يسارا ويمينا متحدثا مع نفسه كالعادة، لكن هذه المرة يتمتم بصوت متقطع:"اِاِاِبتعد، اِبتعد يا كولـونا، كولـونا ٱبتعد"، فقد قلب الراء لاما! فما إن وصل إلى منزله فتح بابه بخفة، وبرقة دخل، ثم غلَّق الباب، وٱتكأ عليه يتنفس الصعداء.

دقائق هي مرت، نهض حَمَــاقَة مُتجها صوب البهو، حيث شغَّل التلفاز جالسا أمامه القرفصاء، ينتظر أخبار الظهيرة تُشبِع رغبته الخياشة في معرفة أحوال البلاد، وبينما هو كالجثة الهامدة يحسِب ثواني الانتظار، دخل في مونولوغ عميق، حيث تبادر إلى ذهنه جملة من الأسئلة تصارعت فيما بينها لاحتلال صدارة البحث عن الجواب؛" من أين جاء الكولـونا؟ أيكون حقا من صنع البشر أم الطبيعة؟ أهو فيروس فتاك كما يقولون؟ وكيف ٱنتشر بين البشر؟"، فتوقفت الأسئلة من تلقاء نفسها مع استعادة وعيه ببداية نشرة أخبار الظهيرة، التي كانت جُلُّ عناوينها حول فيروس كورونا، بيد أن حَمَــاقَة يتصبب عرقا من هول حر شمس النشرة الإخبارية، فقد تَسمَّع صوت المذيعة الرقيق، وأبصر ضحايا الفيروس القاتل، وأدرك من محتوى الأخبار أن عليه شراء الكمامة للوقاية من شر البلاء المهول.

قفز حَمَــاقَة من مكانه، وفي قرار نفسه عزم الخروج لاقتناء الكمامة، فٱتجه صوب الباب الذي ما فتئ أن وصل إليه فعاوده شعور الرهبة، وتسارعت دقات قلبه حتى كاد يتوقف من شدة النبض، فهو يعلم أن بالخارج خطرا متربصا على تريث، كائنا صغير الحجم كبير الفعل، ذليل الخَلق لأنه فيروس، عظيم الشأن لأنه عالمي، فخاف حَمَــاقَة مقام الفيروس، وهرول نحو البهو يتفكر ويتدبر حيلةً للكمامة المفقودة.

يتبـــع...



#حمزة_لمغاري (هاشتاغ)       Hamza_Lamrhari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة لمغاري - دواء الكُولُونَا! (1)