أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد صالح جالو - إسرائيل نحو غزو العالم!













المزيد.....

إسرائيل نحو غزو العالم!


محمد صالح جالو

الحوار المتمدن-العدد: 6684 - 2020 / 9 / 22 - 20:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لما كنتُ صغيرا، كنت أسمع أبي -رحمه الله تعالى- في رمضان يبكي -بحرارة- وهو يدعو في القنوت" اللهم انصر إخواننا المجاهدين في فلسطين ، اللهم عليك باليهود ، أبناء القردة والخنازير" أحيانا يزيد: اللهم دمر إسرائيل وامريكا وحلفائهم" . لقد حفظت هذا الدعاء عن ظهر القلب كما يحفظه الآلاف في شتى بقاع الأرض. لا أخفيكم سرا بأنني كنت أردد هذا الدعاء بشغف دون أن أعي فحواه ، مقلدا أبي- رحمه الله- ولا غرو ف" كل فتاة بأبيها معجبة" . فلما كبرت ، بدأت أسأل عن سر هذا العداء الكبير، والضغينة المحرقة لإسرائيل، فكان الجواب المتفق عليه لدى كل من كنت أثق به وقتئذ" إن إسرائيل دولة كافرة احتلت دولة إسلامية تدعى "فلسطين. اشتعلتُ حقدا وبغضا لإسرائيل، واجتهدت في الدعاء عليها أكثر فأكثر، وخاصة حين سمعت إمامي المفضل -عبد الرحمن سديس- يدعوا عليها ويبكي، عندها زال الشك باليقين ، وآمنت بأن حرب إسرا-فلسطيني حرب عقائدية ، بين الإسلام واليهودية ، فليس لي إلا الدعاء ، فهذا أضعف الإيمان ..
الحق ، أن أبي ، وإمامي المفضل ، وبعض الخطب النارية نجحت في غرس كراهية إسرائيل في نفسي. وأصبح حب فلسطين والدفاع عنها بالنسبة إلي ركنا من أركان الإيمان .
بعد عشرين سنة ، وجدتني مضطرا لطرح السؤال ذاته، إذ لم أعد مقتنعا بالجواب القديم : لماذا كل هذا العداء لإسرائيل؟ وهل حرب إسرا-فلسطيني حرب عقدية حقا؟ إذا كان أهل غزة على الحق ، فلماذا لم ينصرهم الله كل هذه السنين كما نصر أهل بدر؟ وهل محور هذه الحرب -أصلا- من أجل المسجد الأقصى ؟ فإذا كان الجواب نعم ، لماذا لا يتبع الشعب الفلسطيني منهج جدهم عبدالمطلب حينما هم أبرهام – صاحب الفيل- هدم الكعبة قال : إن للبيت ربا سيحميه؟ .. ثم هل إسرائيل أشر من امريكا التي أبادت شعبا بأكمله؟ ألم تحتل أمريكا هي الأخرى العراق؟ وماذا عن فرنسا التي استعبدت القارة السمراء ؟ أو ليست افريقيا السمراء دولة غالبية المسلمة ؟ فلماذا تؤمنون بأمريكا وتكفرون بإسرائيل؟ … بدأت هذه التساؤلات تتصارع في ذهني ، ثقل رأسي ؛ ولم أجد من يعينني على حملها ، إذ أصبح ذكر إسرائيل بخير علامة من علامات الردة لدى الكثيرين ، والتعاطف مع أهل غزة – ولو نفاقا- دليل على الصدق ، وعمق الإيمان. فأنا أتفهم هذه العقلية ، لقد كنت كذلك من قبل " فمن الله عليهم فتبينوا"…
عندما نرجع إلى التاريخ نجد أن الصراع العربي اليهودي صراع قديم جدا ، ولعل السبب – بكل بساطة - أن العرب كانت أمة أمية ، فكانت تلجأ إلى اليهود التي كانت أمة مثقفة حضارية . فلما جاء الإسلام وقويَ عوده ، بدأت حرب فكرية بين الأمتين. فإذا قرأنا كتب التاريخ الاسلامي نجد نصوصا كثيرة جدا ضد اليهود، ومن أغربها تفسير قوله تعالى : المغضوب عليهم " باليهود ، مع إخراج الآية عن سياقها التاريخي ، وحملها على العموم لتشمل كل جنس اليهود . فإذا دققنا النظر في كتب التاريخ نجد أن علاقة النبي صلى الله عليه باليهود لم تكن علاقة ممتازة إلا لفترة قصيرة جدا ، ولم يسلم من اليهود إلا قلة قليلة ، وحتى هذه القلة لم تسلم من بعض الأقلام المتعصبة . فبعد رحيل النبي صلى الله عليه وسلم بدأت تصفية اليهود من جزيرة العرب، فقيل بأن النبي هو من أمر بإجلاء اليهود ، وهذا ما قام به عمر بن الخطاب .
فهذه اللمحة التاريخية تدل على سوء العلاقة العربية اليهودية ، والواقع؛ أن العرب حاولوا -حين فشلوا- عن مواجهة اليهود بأسلمت الصراع ، إلا أنهم – العرب- اشتغلوا بما ملكت أيمانهم ، في حين كانت اليهود تفكر وتخطط، وتضرب الرمال، لفهم طلاسم المستقبل. اعتمدت على الاقتصاد الذي هو العماد الفقري للحياة ، ثم على القوة العسكرية ، بينما العرب نائمة تحت خيمتها ، تشرب اللبن ، وتتنافس في قرض الأشعار، وحكاية البطولات الخيالية ، ولم تهب من صحوتها إلا بعد فوات الآن ، وقد أحاطت بهم إسرائيل من كل جانب ، وصارت مثل الهواء والماء.
إن ما كان يعرف بالأمس القريب بالقضية الفلسطينية ، لم تكن في يوم من الأيام سوى رسم على الماء ، وكان حكام العرب يذرون الرمال في عيون الشعب ، ويضحكون عليهم بأذقانهم . لولا الدعم العربي الخفي ، لما احتلت فلسطين "من مأمنها يأتى الحذر".
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن أكبر خطأ سياسي وقعت فيها الدولة الفلسطينية:
أنها جعلت قضيتها قضية دينية وقومية ، ما جعلتها تعتمد وتنتظر دعما خارجا من المسلمين والعرب ، وتصدق الأدعية المرددة في أكبر المساجد . أستبعد أن الجالية الفلسطينية في الغرب وامريكا تستعجل مرقدها في الجنة . لقد سمعنا سنين من بعض الدعاة يدعون إلى الجهاد من أجل تحرير مسجد الأقصى ، والغريب أن هؤلاء الدعاة لم يرسلوا أحدا من أبنائهم بل حتى أبعد أقاربهم من أجل الظفر بحور العين في الجنة . لقد أشعلوا الحماسة بخطب نارية في نفوس الشعب الفلسطيني المسكين، وزرعوا في نفوسهم الآمال الكاذبة ، فظل الشعب البريء يحارب إسرائيل بالأحلام والآمال ، والآمال لا تصنع نصرا .
إن التطبيع الذي وقعت عليه الإمارات والبحرين مع إسرائيل ، لا شك أن إسرائيل خططت لهذا المشروع منذ سنوات . ومما لا ريب فيه أن دولا كثيرة ستسلك خطوة الدولتين . والسؤال المشروع عقلا وشرعا : ما لضير في التطبيع مع إسرائيل ؟ أين الخيانة في هذه الخطوة الإنسانية النبيلة ؟. ما أومن به ؛ ألا خيانة في السياسة؟ ولا عدو أو صديق مطلق، فالمصلحة هي سيدة الموقف. وهل إسرائيل أشد إجراما من الولايات المتحدة ؟ لا توجد دولة قوية اليوم إلا وهي في الأصل قائمة على الدم ، فقانون القوة هو الحكم الفصل. وما قامت به الدولتان – الامارات والبحرين- هي ما يجب على الشعب الفلسطيني المبادرة إليه ، مع ضرورة التنازل عن كل الشروط ، لأنها في موطن الضعف ، والقوي يفرض شروطه كما هو معلوم في علم السياسة . الذكاء السياسي ، مع تغيير الخطط الاستراتيجية من أجل التعايش السلمي مع إسرائيل هو الخيار المر للشعب الفلسطيني . فالحجارة لا تغني غناء دبابة . وليس من السياسة في شيء الاستمرار في محاربة إسرائيل ، والدعاء عليها في المساجد – فالله للجميع- ، أو تربية الشباب على كراهيتها . ما يصنع الشعب أمام اتفاق وقعت عليه الحكومة! . إذا كان الشعب ريحا، فالحكومة بكل صدق إعصار. التطبيع مع إسرائيل ليس من باب الضرورة، بل سياسة ناجحة ، وخطوة مباركة ، وهذا ما يجعلني أدعو وبقوة جميع الدول في القارة السمراء إلى ضرورة ربط العلاقات الدبلوماسية بل والاقتصادية مع إسرائيل، فليست أمريكا بأخير منها . فالقضية الفلسطينية قصية سياسية وتاريخية معقدة ، لا تمت بالدين أدنى صلة . فالشارع الحكيم لم يدعنا إلى الحرب من أجل تحرير مسجد ، مهما بلغت قدسية ذلك المسجد . فكم من مسجد حول إلى كنيسة ، والعكس صحيح . فلزوال الدنيا أهون على الله من قتل نفس . فلماذا نزج بالشباب في حرب لا طائل منها من أجل وهم تحرير الأقصى ؟.. إن للمسجد الأقصى ربا سيحميه ، فعلينا نحن أن ندعو إلى الحوار الهادئ ، والسلام المقدس. أما حلم استعادة مسجد الأقصى ، فالحلم يبقى حلما ، ولا ينبغي إشعال حرب من أجل حلم ، لأن الحلم مجرد حلم . فلننتظر مجيء المسيح من أجل تحقيق حلم تحرير الأقصى . أراهن بأن إسرائيل تغذ نحو قيادة العالم ، بدأ من ضرب جذورها في الشرق الأوسط ، وانتهاء إلى أدغال افريقيا ؛ كما فعلت أختها الكبرى – امريكا. ونحن ما زلنا نعيش في موج من الأحلام. دعونا نفكر في أطفال غزة ، ونسائها، وشيوخها ، فالصلح مع إسرائيل من أجل الحفاظ على حياة هؤلاء أهم بكثير من المسجد الأقصى . ". ليكن شعارنا"" يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة".



#محمد_صالح_جالو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الإسبال محرم شرعا- نقد معرفي-
- مقولة- تلقتهما الأمة بالقبول- البخاري ومسلم- رؤية نقدية
- الحراطين وأسئلة الانتماء العرقي
- تكوين أئمة الأفارقة بالمغرب -رؤية نقدية-
- تساؤلات حرجة إلى علماء شنقيط؟ ؟


المزيد.....




- الجيش الأمريكي يكشف عن عدة هجمات للحوثيين في البحر الأحمر وت ...
- المفوضية الأوروبية قد تحظر TikTok
- -القيادة المركزية الأمريكية-: الحوثيون أطلقوا 6 صواريخ ومسير ...
- خبير: الجيش الروسي قد يبيد قوات كييف حتى قبل اجتياحه الشامل ...
- مصرع 25 شخصاً وإصابة 17 آخرين بحادث سقوط حافلة في البيرو
- -رفح يمكنها الانتظار، الرهائن لا يمكنهم-.. متظاهرون يغلقون ا ...
- شاي المتة .. مشروب -سحري- لفقدان الوزن وإذابة دهون البطن
- الحكم بالسجن 22 عاما على أمريكي -حاول بيع معلومات حساسة لروس ...
- أعضاء في الكونغرس يحذرون -العدل الدولية- من ملاحقة المسؤولين ...
- عالم فيزياء يخرج بنظرية تفسر عدم اتصال الحضارات الكونية مع ك ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد صالح جالو - إسرائيل نحو غزو العالم!